تُعتبر ظاهرة الإدمان على المخدّرات من الظّواهر الأساسيّة الّتي استحوذت على اهتمام عدد كبير من المؤسّسات الدوليّة والإقليميّة والمحلّيّة، ما جعلها تنكبّ على دراستها في مختلف النّواحي، كانتشار الموادّ الإدمانيّة زراعةً وتعاطيًا وتجارة، ومدى تأثيرها في الإنسان وكيفيّة الوقاية منها أو معالجتها. ومن هذه المؤسّسات نذكر:
منظّمة الصّحّة العالميّة (World Health Organization)
مكتب الأمم المتّحدة لمكافحة المخدّرات والجريمة (United Nations Office on Drugs and Crime-UNODC)،
وزارة الصّحّة العامّة (MoPH).
ويعود سبب الاهتمام بمشكلة الإدمان إلى أنّها:
1- من أهمّ مشاكل الصّحّة العامّة وتشمل آثارها:
- الأمراض المزمنة (كتشمُّع الكبد المرتبط أيضًا بتعاطي الكحول، وخطر انتقال فيروس نقص المناعة البشريّة من طريق الحقن...)
- الانتكاسات الصّحّيّة الحادّة (كالموت جرّاء جرعة زائدة، الإصابات أو الحوادث النّاجمة عن القيادة في حالة السُّكْرِ، الانتحار...)
- المشاكل الاجتماعيّة (كالجريمة وأعمال العنف، والانقطاع عن العلاقات الاجتماعيّة، وعدم القدرة على إنجاز عملٍ ما، وعدم القيام بالواجبات ضمن الأسرة...).
2- من أخطر المشاكل الّتي تواجه الشّباب اللّبنانيّ من مختلف الفئات العمرّية، ولا يجوز إغفال هذه المشكلة الّتي تتفاقم في مجتمعنا اللّبنانيّ من سنة إلى أخرى، الأمر الّذي يضعنا أمام مسؤوليّة تربويّة كبيرة. وقد تبيّن للمركز التّربويّ للبحوث والإنماء، وهو المؤسّسة المعنية بتطوير التّربية والتّعليم في لبنان، أهمّيّة التّوعية على مخاطر الإدمان على المخدّرات نظرًا لانتشار هذه المشكلة، وتفاقمها بين الشّباب اللّبنانيّ، وتدنّي عمر بدء التّعاطي إلى ما دون 15 سنة، ما يشكّل مؤشّرًا خطرًا لا يمكن تجاهله على الصّعيدين الوطنيّ والتّربويّ لِما له من انعكاسات خطرة على مختلف الصّعد الاجتماعيّة والنّفسيّة والمهنيّة.
من هنا كان مشروع التّوعية على مخاطر الإدمان على المخدّرات، كمشروع أساسٍ يعمل عليه المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، انطلاقًا من الرّؤية التّربويّة الشّاملة، ومن أهمّيّة الدّور المحوريّ للتّربية في مختلف القضايا الإنسانيّة، والاجتماعيّة، والتّربويّة، وإيمانًا منّا بالمسؤوليّة الوطنيّة والاجتماعيّة الّتي نتشارك في تحمّلها كمؤسّسات تربويّة وأهل ومجتمع، وتحقيقًا لأهداف التّنمية البشريّة المستدامة 2030، ولا سيّما الهدف الرّابع منها، وهو "ضمان التّعليم الجيّد المنصف والشّامل للجميع وتعزيز فرص التّعلّم مدى الحياة للجميع".
وسيشمل هذا المشروع العديد من المنتجات التّربويّة (أدلّة تربويّة وتوعويّة، أنشطة صفّيّة ولاصفّيّة، حملات توعية، إنتاجات رقميّة ... ) وغيرها من الموارد الّتي تشكّل أساسًا في توجيه المتعلّمين بمختلف الفئات العمريّة ومواكبتهم بمختلف الحلقات التّعليميّة لتنمية الوعي لديهم وتعزيز المهارات الحياتيّة الّتي تطال الأبعاد النّفسيّة والاجتماعية الّتي تساعدهم في بناء شخصية متماسكة قادرة على مواجهة هذه المشكلة.