العلامات المروريّة
إنجـاز المنهـج النهائـي للتربيـة علـى السلامـة المروريـة
2011
في حضور رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ليلى مليحة فياض وفريق عمل نشاطات التربية على السلامة المرورية والروزنامة السنوية وهم ابتهاج صالح رئيسة قسم العلوم (منسقة المشروع ) ميشال بدر رئيس قسم التربية والدكتور الياس الشويري ممثل منظمة السلامة العالمية، أطلق وزير التربية والتعليم العالي السابق الدكتور حسن منيمنة خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة في الأونيسكو يوم الاثنين الموافق فيه 30 أيار 2011 العمل المنجز من قبل فريق المركز التربوي الذي هدف إلى جعل التربية على السلامة المرورية "جزءاً من الحياة اليومية للتلامذة فمحتوى المنهج ينطلق من خصائص الطريق وعبور الشارع واستخدام الأرصفة، وصولاً الى إلتزام قواعد الآداب والأصول في عدم رمي النفايات من السيارات، والصعود والنزول من الباص المدرسي، ومعرفة قواعد المرور واستخدام الإشارات الضوئية والإشارات المساعدة. أما النشاطات فتشمل التحليل ومناقشة قصة مكتوبة أو نص عن إجراءات السلامة لدى قيادة الدراجة النارية وقانون سيرها.
كما يراعي المنهج والأنشطة الفئة العمرية التي يتم استهدافها لتطوير التدرب على فهمها والتعامل معها تطوراً منهجياً تصاعدياً حتى تصبح لغة الطريق مفهومة وراسخة بصورة طبيعية احتراماً للقانون والوطن والحياة وحباً للذات وللآخر.
"السلامة المرورية" وعي... ومسؤولية
شكّلت الحوادث المرورية في السنوات الأخيرة، وما نتج منها من مآسٍ وخسائر بشرية ومادية هاجسًا لدى العديد من الدول ومن بينها لبنان، مشكلة باتت تتطلّب معالجة جذرية تستدعي مشاركة وتعاونَا بين مختلف مكوّنات المجتمع من إدارات ومؤسسات رسمية وجمعيات أهلية للحدّ من هذه الظاهرة السلبية وتداعياتها، وبلورة الأسس والآليات الكفيلة بمعالجتها والحدّ من آثارها.
الشارع مجال مشترك:
إن الشارع، بمختلف مكوّناته، ليس مجالاً سائبًا نتعامل فيه ومعه بعدوانية ولا مبالاة، بل هو مجال عام مشترك ووسيلة اتصال وتواصل تستفيد منه جهات عديدة ومتنوعة، إذ إنه يشكل مجالاً لحركة السيارات والشاحنات والمشاة وللتبادل التجاري من تبضّع وتسوّق، وتجارة...، لذلك بات من الضروري الوعي والتنبّه إلى اهميّة التعاطي الواعي والتصرّف المسؤول مع هذا المجال في مختلف الظروف والحالات لتلافي سلبيات السلوكيا ت المتهوّرة أوغير المسؤولة.
وبما أن كل تعاطي وتواصل مع أي فرد وأية جهة بما فيها الطريق من المفترض أن تحكمهما المعرفة بالقواعد والأصول الناظمة لهذه العلاقة بمختلف مكوناتها وأبعادها، تلافيًا للفوضى والمآسي التي يمكن إعادتهما إلى سببين اثنين هما:
وبفعل هذين السببين، إضافة إلى غيرهما من الأسباب، يتكبّد لبنان سنويّاً خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. وقد دلّت إحصاءات حوادث السير الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بوضوح إلى حجم المشاكل الناجمة عن الحوادث المرورية ، حيث بلغت حوادث السير التي وقعت خلال العام 2010 في لبنان 4583 حادثاً مروريّاً، وقع بنتيجتها 549 قتيلاً و 6517 جريحًا ومصابًا. يدل هذا الواقع على جهل في التعاطي بين مستخدمي الطريق ووسائل النقل، ما يطرح مشكلة واضحة على مستويي الثقافة المرورية والسلوكيات الصحيحة والواعية المتّصلة بهما.
التوعية والتوجيه: موجبات وأهداف:
إن العامل البشري له الدور الأكبر في وقوع الحوادث المرورية ما يستوجب إيلاء التوعية على السلامة المرورية والتمرّس بمهاراتها منذ الصغر، اهتمامًا أكبر من الاهتمام المخصّص لها مع تزايد وسائل النقل والانتقال وتنوّعها . وبما أن مهارة التواصل هي من أعقد المهارات إلا أنه يمكن اكتسابها في المدرسة وما توفّره لنا من فرص للتزود بالمعلومات الكافية لبناء معرفة متكاملة تساعدنا على تعزيز مهاراتنا في حياتنا اليومية والاستعداد للانخراط لاحقًا في المجتمع الأوسع.
وتستلزم عملية التوعية هذه توفّر شرطين اثنين هما:
وعي مستَعمِلي الطريق قواعد السير والمرور وآدابهما.
الاقتناع بأن هذه القواعد والإشارات المرورية تكفل لهم سلامتهم إن هم تعرفوها والتزموا بها.
التربية المدرسيّة والتوعية:
تضمّنت المناهج والكتب المدرسية والأنشطة الصفيّة واللاّصفية المكمّلة لها معارف تعزّز مواقف التلامذة وتنمّي وعيهم وتعزّز مهاراتهم المتصلة بالتوعية المرورية بشكل عملي وهادف، على خلفية دور التربية المدرسية ووظيفتها في مجالي التوعية والتوجيه على تنوعهما بهدف إعداد المواطن الصالح المدرك حقوقه وواجباته كما حقوق الآخرين وواجباتهم على صعد عدة ومنها القضايا المتصلة بالسير والتنقل على الطرقات، فتمّت مقاربة هذا الموضوع بدءًا من الصفوف الأولى وحتى نهاية المرحلة الثانوية، بشكل يراعي الفئة العمرية للتلامذة وما يصادفونه في حياتهم اليومية. إلا أنه لم يتم تخصيص موضوع السلامة المرورية بمناهج أو بكتب أو بمقررات مستقلة، بل جاءت مدمجة في سياق الدروس بما يتلاءم مع طبيعة كل درس وفي أكثر من مادة دراسية ترفدها أنشطة تطبيقية متعددة ومتنوّعة، بهدف تبصير التلامذة بحقوقهم وواجباتهم في هذا المجال كما في غيره من المجالات.
كما تطرّقت الكتب المدرسية بشكل ملفت، متكرّر ومتدرّج إلى المضامين والأهداف الآتية المتصلة بالتوعية على السلامة بشكل عام والسلامة المرورية بشكل خاص وفقاً للسنوات لجهة:
تعريف المتعلِّم بمؤسسات المجتمع المدني وبالمرافق المشتركة والملكيات العامة، وأثرهما في حياته اليومية (الشارع العام، الساحات العامة، الحدائق العامة، قانون السير...) واحترام أنظمتها وقوانينها.
تزويد المتعلّمِ بمفهوم الدولة ومؤسساتها وإداراتها التي تؤمّن الخدمات للمواطنين وتحافظ على أمنهم وسلامتهم (القوى الأمنية المختلفة).
تنمية شعور المتعلّمِ بالانتماء إلى الأسرة، وتقدير دور الأهل في تحمّل أعبائها، كمقدمة للتمرّس باحترام النظام العام في المجتمع الأكبر على خلفية تعريف المتعلِّم بحقوقه وواجباته كمواطن، وتدريبه على المشاركة في الحياة المدنية.
إن ما تقدّم لا ينفي ضرورة المبادرة إلى اعتماد سياسة آنية وعاجلة، تعالج أسباب المشاكل الناجمة عن الحوادث المرورية وما يترتّب عنها و تقوم على:
تعميم ثقافة مرورية بين مختلف فئات المجتمع تسهم فيها مختلف وسائط التربية من أسرة ومدرسة ومجتمع، لأنّ الأمية المرورية أصبحت صفة شبه شاملة في مجتمعنا اللبناني، كما في ما بين أفراده، يرفدها عامل الاستقواءوالمحسوبية "والأنا" بزخم مضاف يتسبّب في تفاقم المشكلة.
تطبيق النظام على الجميع وعلى كل فرد مهما علا شأنه أو كانت وظيفته من دون محاباة أومسايرة أو مواربة لأنه يشكل العاملالأول في تشكيل السلوك المروري الصحيح والآمن.
تعزيز السلوك الواعي والملتزم بقواعد السير وسلامة الإنسان بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني ومكوناته، كونه يشكل رادعًا نفسيّاً ومعنويّاً للمتجاوزين والمخالفين بفعل العامل التأثيري للجماعة، وعلى هذا الأساس تتخذ التوعية الشاملة أهميتها ليصبح السلوك الخارج على الإجماع والالتزام مدانًا، ولكي يصبح كل مواطن خفيرًا.
خاتمة:
إن الالتزام بقواعد المرور وأنظمته يدل على سلوك حضاري. كما أن التوعية على السلامة المرورية وتفعيل الالتزام بها توفّر علينا الكثير من المآسي، لأنّ معرفتنا لغة الطريق وآدابها تبعدنا عن الخطر ولو كان بسيطًا وتجنبنا الكثير من المخاطر وما قد ينتج منها من وفيات وإعاقات وتكلفة مادية ومعاناة نفسية وخسارة عناصر شابة من المجتمع لو قيّض لها البقاء على قيد الحياة سليمة معافاة لقدمت لنفسها ولمجتمعها ووطنها خدمات جلى.
لذلك فإن من المفترض ألا نتهاون مع الشارع وخطورته، لأننا بإهمالنا وباستهتارنا نهدّد سلامتنا وسلامة كائنات بشرية لها الحق في الحياة مثلنا، وليس من حق أي فرد أو جهة حرمانهم إياها تحت أي ظرف. وأملنا ان نتعرّف إلى لغة الطريق وإشاراتها ليأتي سلوكنا المروري مبنيّا على المعرفة بالسير وقواعده، بعيدا عن الاستبداد والتهوّر واللامسؤولية، لينطبق علينا القول المأثور "إن اللبيب من الإشارة يفهم".
"ميشال بدر رئيس قسم أكاديمي مقرر عام التربية الوطنية والتنشئة المدنية المركز التربوي للبحوث والإنماء"
المصادر والمراجع:
- المرسوم رقم 10227 /97 تاريخ 8/5/1997 (مناهج التعليم العام واهدافها)
- التعاميم الصادرة عن وزير التربية رقم: ٣٣ /م/ 97 - 36/م/97 - 36/م/98 - 24/م/99
- كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية/سلسلة الكتاب المدرسي الوطني/المركز التربوي للبحوث والإنماء.
- د. الشويري الياس- دليل السائقين والمشاة.
Education à la Citoyennete/ Sophie Le Callenac/ - Collection Magellan / Hatier/ Paris 2008
التربية على السلامة المرورية
السلامة المرورية هي نهج تربوي يهدف إلى تكوين الوعي المروري لدى النشء من خلال تزويده بالمعارف والقيم والاتجاهات والمهارات التي تنظّمِ سلوكه، وتجعله منضبطاً فيتعود الالتزام بالتشريعات والقوانين والنظم والتقاليد المرورية، بما يسهم في حماية نفسه وحماية الآخرين من أخطار المرور وآثاره.
تشير معظم الإحصاءات المتعلقة بمخالفات السير التي نرتكبها والحوادث المرورية التي نتعرض لها بشكل يومي، إلى أن الجزء الأكبر منها يعود إلى جهلنا حتى لأبسط قواعد المرور التي تستحوذ على "الأمية المرورية" وآدابه وهو ما يطلق عليه نسبة عالية من الأفراد في مجتمعنا، وأساس هذا الجهل عدم الاهتمام الكافي ببناء شخصية مثقفة مروريّاً.
من هنا تأتي أهمية موضوع التربية المرورية لتكون وسيلتها المنهج المدرسي وليكون هدفها تكوين الوعي المروري لدى شرائح المجتمع كافة من خلال تزويد النشء بالمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات التي تنظم سلوكه، وتجعله منضبطّاً فيعتاد الالتزام بالتشريعات والقوانين والنظم والتقاليد المرورية، بما يسهم في حماية نفسه وحماية الآخرين من أخطار المرور وآثاره، ولأن عملية نشر هذه التربية تكون متفاوتة شكلاً ومضمونًا وفقًا للفئة المستهدفة: إن من الناحية العمرية أو من الناحية الثقافية فقد أنجز المركز التربوي للبحوث والإنماء منهجاً للتربية على السلامة المرورية بحيث تدرَّج المحتوى من خلال أنشطة متعددة تشمل موضوعاته تنوُّعًا في المعلومات التي سوف يتم تدريسها بشكل يتناسب مع كل مرحلة عمرية، فعلى سبيل المثال تتضمّن مناهج التربية على السلامة المرورية للحلقة الأولى من التعليم الأساسي مثلاً كيفية عبور التلامذة الشوارع ذهابًا وإيابًا من البيت إلى المدرسة أو السوبرماركت أو إلى الحدائق وإلى غير ذلك من الأماكن العامة، وكيفية استخدامهم للأرصفة وأماكن العبور.
كذلك كيفية ركوبهم وجلوسهم في الباصات (ملحق 1) أو السيارات وربط أحزمة الأمان، وعدم الإطلال من النوافذ أو القيام بحركات قد تلحق بهم الأذى، أما مناهج الحلقة الثانية من التعليم الأساسي فتحتوي فضلاً عن الأنشطة، قصص توعوية توضح كيفية العبور الآمن للطريق وكيفية النزول والصعود من الباصات، كذلك كيفية قيادة الدراجات الهوائية في الحدائق والتعرف إلى الإشارات الضوئية وبعض إشارات المرور.
وتحتوي مناهج الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي على كيفية استخدام وعبور الطريق وآدابه، الإشارات الضوئية وإشارات المرور،حوادث المرور، تنظيم المرور، التعرف إلى أسلوب التعامل الآمن مع الدرَّاجات الهوائية والقيادة الآمنة للدرَّاجات النارية وكذلك كيفية استخدام طفايات الحريق.
أما بالنسبة إلى المرحلة الثانوية فقد حظيت بثقافة مرورية أعمق وأرحب، نظراً للفئة العمرية المدركة والواعية لدى تلامذة هذه المرحلة لذلك تضمن منهجها : الطرق (أنواعها، مواصفاتها واستخدامها)، المركبات (أنواعها، أجزاؤها، صيانتها والترخيص لها)، قيادة المركبات (أهلية السائق وآداب المرور، تعليم قيادة السيارات، رخصة القيادة، حق الطريق وآدابه)، تنظيم المرور (علامات المرور وإشاراته، الإرشادات المرورية، التشريعات والقوانين المرورية) ،المشكلات المرورية وآثارها (المخالفات والحوادث المرورية)، كيفية التعامل مع حرائق السيارات وأخيرًا بث روح ثقافة الإسعافات الأولية لدى الطلاب بإجراء اللازم في حالة وقوع الحوادث المرورية.
ولجعل عملية التعلم مشوقة للتلامذة عمل التلفزيون التربوي في المركز التربوي للبحوث والإنماء على إنتاج قرص مدمج متمم للأنشطة يحتوي على مشاهد مصورة من الحياة اليومية تتعلق بموضوع السلامة المرورية، ففي بداية العرض تعطى تعليمات للتلميذ بحيث يتوقع أن يطرح عليه أسئلة خاصة بمشاهد مصورة وعليه اختيار الإجابة الصحيحة علماً أن السؤال قد يحتمل أكثر من إجابة واحدة صحيحة.
إننا كمركز تربوي للبحوث والإنماء فضلاً عن دورنا في العمل على تضمين المناهج المدرسية برامج توعية مرورية وتدريب الأساتذة، ندرك أن نجاحنا في مسار التوعية على السلامة المرورية يتطلب منا تحقيق التكامل والتعاون والتنسيق بين جهود وزارة التربية وكل من القطاعات الآِتية:
1 - الوزارات :
2- الجهات المسعفة (كالدفاع المدني والصليب الأحمراللبناني).
3 - الجمعيات الأهلية (من خلال علاقتها بمختلف الشرائح الاجتماعية).
وهذه الأدوار يجب أن تكون واضحة وضمن برنامج زمني يسهم عبر خطط وبرامج وإجراءات في تحقيق السلامة المرورية لمجتمعنا، الأمر الذي يتطلب حاجتنا إلى استراتيجية حول السلامة المرورية يشارك في صياغتها ووضعها الجهات كافة ذات العلاقة بالسلامة المرورية وتنطلق من دور كل وزارة وقطاع وهيئة وجهة فيها مع تحديد واضح للإجراءات والخطوات التي ينبغي تبنيها.
الأستاذة ابتهاج صالح