العام الدّراسيّ الجديد على الأبواب،
أين نحن من الجهوزيّة؟
ما تقييمنا لما حصل؟
ما هي خططنا؟ وكيف نتحضّر في ظلّ هذه الظّروف؟
ما التّحدّيات المنتظرة؟
ومن سيتحمّل مسؤوليّة خسارة عام دراسيّ جديد؟
في وقت ما زال فيه القطاع التّربويّ يعالج تداعيات أزمة كورونا على نهاية العام الدّراسيّ المنصرم، والامتحانات الرّسميّة، والأقساط المدرسيّة، وأجور المعلّمين، بدأ المركز التّربويّ للبحوث والإنماء يتحضّر للعام الدّراسيّ المقبل من خلال تحليل الواقع، واستشراف مجريات الأمور وتطوّرها، لتقديم الاقتراح الأنسب.
ففي حين يعتبر المركز التّربويّ أنّ المقومّات الأساس لانطلاق عام دراسيّ جديد غير متوافرة في مجريات الوقت الحالي، يتوقّع أنّه يستحيل انطلاق عام دراسيّ جديد، إذا ما عملت الوزارات والمؤسّسات والأجهزة المعنية معًا، كلٌّ بحسب مهامه، على توفير البيئة الحاضنة لذلك، وتخصيص بعض تمويل البرامج والمنظّمات الدّاعمة لهذه الغاية.
وعليه، يصرّ المركز التّربويّ على الجودة في التّعليم، وعلى مبادئ العدالة والمساواة والإتاحة وتكافؤ الفرص، كما يؤكّد على ضرورة الدّخول إلى عام دراسيّ آمن تربويًّا ونفسيًّا وصحّيًّا، ويشير إلى ضرورة تحمّل المسؤوليّة، والتّعاون وتوحيد الجهود، كلٌّ بحسب موقعه، للمصلحة الوطنيّة العليا.
وبالمقابل، لا يمكن أن تكون خطّة الاستجابة للعام الدّراسيّ القادم مشابهة لمبادرة التّعلّم عن بُعد. إذ أنّه من المفترض أنّنا اختبرنا تطبيق التّعلّم عن بعد، وعرفنا المشاكل والتّحدّيات ووضعنا رؤية مستقبليّة، وآليّة واضحة للحلول الممكنة على الأمد القريب والمتوسط والبعيد.
- هل ستفتح المدارس أبوابها في شهر أيلول، أو تشرين، أو كانون؟ أو سنخسر عامًا دراسيًّا جديدًا؟
- هل نحن أمام عودة كاملة إلى المدارس؟ أو سيكون الخيار عودة جزئيّة، أو عودة تدريجيّة؟
- ما مصير أكثر من مليون متعلّم، وأكثر من مليون أم وأب، و100 ألف معلّم، و2860 مدرسة؟
- هل سنشهد نزوح متعلّمين من المدارس الخاصّة إلى المدارس الرّسميّة؟ أم ستضع المدارس الخاصّة سياسة جديدة للحفاظ على طلّابها والحدّ من خسائرها؟
وغيرها وغيرها من الأسئلة الّتي تحتاج إلى خطّة جامعة وشاملة، وآليّة تنفيذ سريعة لتحقيق الأهداف المرجوّة.
وبعد أن تفاوت التّطبيق الفعّال لتجربة التّعلّم عن بُعد بحسب المدارس ومقوّماتها، وبحسب المعلّمين وقدراتهم، والمتعلّمين ومشاركتهم الفاعلة، وبحسب توافر الإنترنت، والكهرباء، والمحتوى الرّقميّ اللّازم، والتّجهيزات الإلكترونيّة وغيرها،
وبعد إعلام فخامة رئيس الجمهوريّة، ومعالي وزير التّربية بالتّوجّهات العامّة للمرحلة المقبلة، وبعد أن تمّ درس الواقع بكلّ أبعاده، وتحت شعار "بالتّربية نبني معًا"، وضع المركز التّربويّ كامل إمكاناته وقدراته لخدمة القضيّة التّربويّة، وبدأ بالتّحضير لهذه الورشة الجامعة، والخطوة الأولى هي طلب مشاركة المعنيّين في القطاع التّربويّ (العام والخاصّ) وفي التّفتيش التّربويّ، في الأسابيع المقبلة لوضع الأسس العامّة، واقتراح المناسب بهذا الشّأن. وكان المركز التّربويّ قد حدّد المجالات، وأشار إلى الأولويّات الّتي بدأ العمل عليها، والّتي ينوي مناقشتها مع المعنيّين في هذه الورشة، أهمّها :
1- المجال التّربويّ:
- الاستفادة ممّا تمّ إنشاؤه من منصّاتٍ إلكترونيّةٍ، وإنتاجه من موارد تربويّةٍ حتّى الآن، بهدف تطويره وتوحيد الجهود والعمل على توزيعٍ عادلٍ ومتكافئ على جميع المعلّمين والمتعلّمين.
- تعزيز منصّة "مبادرة التّعلّم الرقمي" التّابعة للمركز التّربويّ، كونها منصّة رسميّة مجّانيّة تستفيد منها المدارس الرّسميّة والخاصّة، وتؤمّن بيئة إلكترونيّة آمنة للتّعلّم عن بُعد، وتعتبر الحلّ الكامل والمتكامل من خلال خمس وسائل تعليميّة: المكتبة الرّقميّة، الدّروس الإلكترونيّة المسجّلة، الصّفوف الافتراضيّة، إدارة التّعلّم ومتابعة الواجبات، ومنصّة التّعلّم التّشاركيّ والتّعاونيّ ( dl.crdp.org).
- تأمين موارد تربويّة مستمرة (محليّة وعالميّة) ومواءمتها مع المنهج اللّبنانيّ لوضعها على منصّة المركز التّربويّ.
- العمل على إنتاج موارد تربويّة لوضعها على منصّة المركز التّربويّ.
- تعزيز التّعليم المدمج Blended Learning.
- وضع الأسس العامّة للتعلّم عن بُعد بجميع أنواعه.
- وضع الأسس العامّة للصّفّ التّفاعليّ.
- تحديد المواضيع والكفايات الانتقاليّة المستمرّة من السّنة السّابقة، الّتي تشكّل المتطلّبات المسبقةprerequisites) ) في الموادّ التّعليميّة، وبين الصّفوف على التّوالي، وتحضير موارد تربويّة خاصّة بها.
- تدريب المدرّبين على مقاربة التّدريب عن بُعد بجميع مستلزماتها وأسسها العامّة، ليتمكّنوا من تدريب المتعلّمين والمعلّمين والأهل فيما يتعلّق بخصائص التّعلّم عن بُعد ومقارباته.
- إنتاج فيديوهات تدريبيّة قصيرة.
2- المجال الفنّيّ التّقني واللّوجستيّ:
- تأمين عدالة التّوزيع من خلال توفير أجهزة إلكترونيّة (كمبيوتر، Tablets) محمّلة ببرامج مخصّصة وموارد تربويّة مناسبة.
- دعم المدارس الرّسميّة ومدارس القطاع الخاصّ المتعثّرة (اشتراكات الإنترنت، تجهيزات إلكترونيّة للمعلّمين والمتعلّمين وغيرها من المستلزمات) عبر التّمويل الدّوليّ المتوافر.
- تأمين الإنترنت المجّاني للمواقع التّعليميّةWhitelisting) ) من خلال وزارة الاتّصالات على مدار السّنة.
3- المجال البحثيّ:
- إجراء الأبحاث الميدانيّة، عن بُعد وبحسب الحاجة، لفهم الواقع واتّخاذ القرارات المناسبة.
4- المجال النّفسيّ الاجتماعيّ:
- وضع برنامج دعم نفسيّ-اجتماعيّ للمتعلّم والمعلّم والأهل لجميع الحلقات التّعليميّة.
- وضع برامج توعويّة متنوّعة موجّهة للمتعلّم والمعلّم والأهل.
5- المجال التّشريعيّ:
- العمل على إنشاء المدرسة الافتراضيّة الأولى في لبنان "المدرسة الافتراضيّة اللّبنانيّة المركزيّة Central Lebanese Virtual School"، وتشغيلها من خلال هيكليّة المركز التّربويّ للبحوث والإنماء، وستتمّ مأسستها، وسيجري إنشاء مراكز نفاذ لها، وتعميمها في وقتٍ لاحق.
- وضع إطار قانونيّ ومعايير تربويّة محدّدة للتّعلّم عن بُعد، للاعتراف بالنّتائج المدرسيّة المبنيّة على هذه المقاربة، لتتمكّن المدارس من اتّباعها في خلال الأزمات وبعدها، على أن تكون منسجمة مع المناهج التّربويّة.
وأخيرا وليس آخرًا، لتحقيق المصلحة الوطنيّة العليا، لا بدّ من أن يدعم القطاع التّربويّ بكلّ مجالاته وأبعاده ومؤسّساته، لأنّه من خلاله تُنقل الثّقافة الجامعة، وتُسند عليه المقومّات الاقتصاديّة المستقبليّة، وتُبنى في ظلّه الأوطان.
7-6-2020