التعريف به وبمراحل تطبيقه - TIMSS 2003 مشروع
أولاً: التعريف بالمشروع
مشروع التيمز TIMSS)1 ) أي "التوجهات العالمية لتعليم الرياضيات والعلوم"، هو من اعداد "الشركة العالمية لتقييم الإنجازات التعلّمية" (IEA)، مركزها امستردام، هولندا، ويدير المشروع مركز الدراسات العالمي في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بالتعاون مع شبكة عالمية من المنظمات والمؤسسات في البلدان المشاركة، وهو بذلك يعتمد على التعاون مع مراكز بحوث وباحثين وتلامذة وأساتذة من جميع أنحاء العالم. وقد أخذت الـ(IEA) على عاتقها وضع وتنفيذ دراسات من هذا النوع منذ ٥٠ سنة تقريباً، ويستمر عدد البلدان التي تشارك فيها بالتزايد.
"التيمز" (TIMSS) هو التقييم الأول في العالم الذي ينفذ بشكل مستمر عبر دورات متتالية تفصل بينها فترة زمنية هي أربع سنوات، ففي دورتها الأولى عرفت الدراسة بـ (1995 TIMSS)، وفي الثانية بـ (1999 TIMSS)، والثالثة التي نعرف عنها اليوم هي ( 2003 TIMSS)، والتقييم التالي هو (2007 TIMSS )، وقد بوشرت التحضيرات من أجله.
اشترك لبنان لأول مرة في دورة (TIMSS 2003) ممثلاً بالمركز التربوي للبحوث والإنماء، والفضل في ذلك يعود إلى الرئيسة الدكتورة ليلى مليحة فياض التي ادركت أهمية المشروع على الصعيد التربوي العالمي، إيمانا منها بجهوزية هذه المؤسسة وقدرتها على تحمل مسؤولية تنفيذه وتطبيقه.
ما هي دراسة الـ( TIMSS 2003)
هي دراسة تقييمية ترتكز على إجراء مسح في بلدان مختلفة، من اجل معرفة مستوى التعلّم على الصعيد العالمي في إطار مواد الرياضيات والعلوم. اشترك فيها ٤٣ بلداً واكثر من 360.000 تلميذاً حتى الآن.
وقد اختارت الدراسة ان تنفّذِ المسح للصفين الرابع و/أو الثامن من مرحلة التعليم الأساسي، واختار لبنان ان يطبق التقييم للصف الثامن.
ما هو هدف المشروع؟ وما هي الفائدة التي يقدمها للبلدان المشاركة؟
تهدف دراسة (TIMSS) إلى تعرُّف إنجازات أو تحصيل التلاميذ في العالم، في إطار مادة الرياضيات ومواد العلوم، في سنوات دراسية معينة.
وتمكّن الدراسة، عبر نتائجها وتقاريرها، البلدان المشاركة من معرفة مستوى تحصيل تلامذتها مقارنة مع تلامذة بلدان أخرى، من ناحية؛ ومن ناحية ثانية، من تحليل تطور إنجازات تلامذتها او تأخرهم بالنسبة الى نتائج بلادهم منذ أربع سنوات و/أو ثماني سنوات، وذلك بالنسبة الى البلدان التي اشتركت في المشروع في دوراته السابقة.
ومن هنا نصل إلى ما يعتبره واضعو المشروع الفكرة الأهم للدراسة وهي أن يبرهنوا أن التعليم، أيضاً، يمكن ان يخضع للمقارنة. فالدراسة هي دراسة مقارنة بين بلدٍ وآخر، خلال فترة زمنية محددة (synchronique). وهي أيضاً دراسة مقارنة بين وضع بلد معين منذ بضع سنوات ووضعه اليوم، وهذه المقارنة هي تطورية (diachronique).
ومن ناحية أخرى، فإن دراسة "التيمز" ( TIMSS) تبيّن وتبرهن أنه بالامكان اقامة مقارنة بين بلدان تختلف عن بعضها حضارياً و اقتصادياً وتختلف أيضاً بمدى تحقيقها لاصلاحات تربوية، ناهيك عن التحصيل التعلمي الذي تسمح الدراسة بالتعرف إليه ومقاربته ومقارنته، فانها تفسح في المجال للبلدان المشاركة لتحليل نتائجها والعناصر المتعلقة بالتدريس وبالمناهج التعليمية ومقارنتها. وهذه المقارنة مفيدة جداً لأنها تسلط الضوء على نقاط القوة ونقاط الضعف وتبين الميادين التي تتطلب التحرك بهدف التطوير.
ومن هنا نصل الى الهدف الأساسي لدراسة (TIMSS) الا وهو تطوير السياسات التربوية والأنظمة التعليمية، كونها تضاعف فهمنا للأنظمة التربوية في بلدنا. وهناك أمثلة كثيرة حيث أن بعض البلدان استعملت معلومات الدراسة من أجل التركيز على محاور و فصول، في مضمون المواد، تحتاج الى اهتمام معين، واتبعتها بلقاءات ونقاشات وطنية تتمحور حول الانجازات المدرسية للتلاميذ، كما أمنت هذه الدراسات امكانية اعادة النظر في السياسات التربوية ودراسة فعاليتها ومدى تطبيقها في ضوء الانجازات العالمية، للتوصل الى تطويرها.
وبالنسبة الى البلدان التي اشتركت في المشروع في دوراته السابقة، أي منذ أربع سنوات و/أو ثماني سنوات، فالدراسة توفر لكل بلد معلومات مهمة وقيّمة حول تطور التحصيل أو تأخره عبر السنوات، ومن ناحية أخرى تمكنه من إجراء دراسة مقارنة شاملة للنظام التربوي وتطوره عبر دراسة وتقييم التغييرات والاصلاحات التي أدخلت عليه في السنوات الماضية.
ثانياً: مراحل التطبيق التي مرّ بها مشروع(TIMSS 2003) في لبنان
تتجسد الخطوة الأولى للتنفيذ بارسال معلومات عن جميع مدارس لبنان الى الادارة العالمية للمشروع، ومنها يتم اختيار مدارس للمشاركة وذلك بطريقة عشوائية أو (randomly)، وتقسم المدارس الى ثلاث فئات: مدارس مختارة، مدارس بديلة كخيار أول، ومدارس بديلة كخيار ثانٍ.
يتم، في مرحلة ثانية، تشكيل فريق معلوماتية يتعرف ويتدرب على البرامج الموضوعة خصيصاً لتلقي المعلومات المختصة بالمشروع وهو يتألف من مهندس معلوماتية، ومبرمج، وعاملات تلقي يتم تدريبهن لادخال المعلومات. يواكب هذا الفريق تنفيذ المشروع في مختلف مراحله.
ننتقل الى مرحلة تحضير وسائل الاختبار: تستعين الدراسة بوسائل تقييم عديدة عمل على وضعها عدد كبير من الخبراء الدوليين من جميع انحاء العالم. وهي مجموعة من الاستمارات والكتيبات:
- استمارة موجهة الى مدير المدرسة
- استمارة موجهة الى معلم مادة الرياضيات
- استمارة موجهة الى معلمي مواد العلوم، لكل مادة استمارة
- استمارة التلميذ وتتطرق لمواضيع عامة
- كتيب التلميذ ويحتوي تمارين في مادة الرياضيات
- كتيب التلميذ ويحتوي تمارين في مواد العلوم
- استمارتان مخصصتان للمنسق الوطني للمشروع في لبنان، وتتمحوران حول منهج الرياضيات ومناهج مواد العلوم.
تقتضي هذه المرحلة دراسة هذه الوسائل،التعرف إليها ومطابقة مضمونها لتتلاءم والمناهج اللبنانية والنظام التعليمي اللبناني. وصفت هذه المرحلة من قبل واضعي الدراسة ومن قبل الخبراء العالميين الذين رافقوا تنفيذ المشروع في جميع بلدان العالم، بأنها الأصعب والأطول بصفتها تتطلب دقة في العمل ووقتاً طويلاً نظراً لكثرة وسائل التقييم.
وفي الاطار نفسه، يختار البلد المشارك لغة الاختبار، وتجدر الاشارة الى أن لبنان هو من بين البلدان القليلة جداً التي اعتمدت لغتين للاختبار : الانكليزية وهي اللغة الاساسية للدراسة، والفرنسية. وقد نالت ترجمتنا الفرنسية استحساناً لدى الادارة العالمية للمشروع. وبعد ذلك، يتم تجميع وطباعة وسائل التقييم بعد وضعها بصيغتها النهائية وتحضير الأعداد الضرورية منها.
نصل الى مرحلة تطبيق الاختبار في المدارس، التي تبدأ بالاتصال بالمدارس وتعريفها بالمشروع لنيل موافقتها على المشاركة. يتم بعدها الاتفاق مع مدير كل مدرسة على اختيار شخصين من
المدرسة للاهتمام بتطبيق الاختبار فيها، الأول يكون منسقاً وهو يشكل صلة الاتصال بين المدرسة والادارة الوطنية للمشروع وهو مسؤول عن متابعة عملية ملء الاستمارات من قبل التلاميذ والمعلمين والمدير، والتنسيق مع ادارة المدرسة لتحديد تاريخ الاختبار واجراء كل الترتيبات اللازمة لذلك، والثاني يكون مراقباً مهمته فقط مراقبة التلاميذ في اثناء الاختبار وفي اثناء ملء الاستمارات.
ومن جهتها، تعين ادارة المشروع مشرفاً لكل مدرسة يكون مسؤولاً عن حسن سير التطبيق فيها. ويخضع هؤلاء الأشخاص الثلاثة للتدريب من قبل ادارة المشروع على كيفية تنفيذ مهماتهم.
وتحضيراً لتنفيذ الاختبار في المدارس، يتم تجهيز وثائق وارسالها الى المدارس لتتم تعبئتها، بحيث تعطي لادارة المشروع معلومات دقيقة جداً عن عدد الصفوف في المدرسة، وعدد التلاميذ في كل صف، وعدد المعلمين الذين يدرسون مواد الاختبار. ومن ثم تدخّل المعلومات في برنامج معلوماتي خاص من قبل فريق المعلوماتية. ويقوم هذا البرنامج بأختيار الصف الذي سوف يخضع للاختبار، وبالتالي يحدد عدد التلامذة في كل مدرسة. ثم يتم ارسال كل وسائل التقييم الواجب تعبئتها الى المدارس وتكون بعهدة المنسق في المدرسة، الذي يكون مسؤولاً عن اعادتها معبأة ومكتملة الى ادارة المشروع.
بعد استلام المعلومات والاستمارات والكتيبات من المدارس، تبدأ عملية وضع العلامات على اجابات التلاميذ في الكتيبات من قبل فريق من المصححين دربوا سابقاً على أسس التصحيح. كما تتم عملية ادخال المعلومات الموجودة في استمارات المدراء والمعلمين والتلاميذ وذلك من قبل فريق المعلوماتية. والجدير بالذكر أن عمليات الادخال تخضع لمراقبة دقيقة ومستمرة من قبل ادارة المشروع للتمكن من ملاحقة أي خطأ وادخال التصحيحات اللازمة ان اقتضى الأمر.
وبذلك نكون قد حصلنا على برامج معلوماتية تحتوي من ناحية، على التحصيل التعلمي لعينة من التلامذة في لبنان في اطار مادة الرياضيات ومواد العلوم. ومن ناحية أخرى، على معلومات عن تفاصيل مضمون مواد الاختبار، وعلى معلومات عن المستوى العلمي للمعلمين الذين يدرسون هذه المواد، وعن الأجواء التي يعيش وسطها التلميذ سواء في بيئته أو في المدرسة، وأخيراً عن المدرسة وادارتها.
وبعد اتمام هذه المراحل، ترسل المعلومات الى الادارة العالمية للمشروع ليصار الى دراستها وتحليلها واصدار النتائج على عدة دفعات للتوصل اليها في صيغتها النهائية.
في الخلاصة، يمكننا أن نوجز بان نتائج الدراسة تتضمن معلومات قيمة حول الأنظمة التعليمية، وحول مضامين تربوية تعليمية لمواد الرياضيات والعلوم، وحول مناهج هذه المواد، والعناصر التي تؤثر على انجازات التلاميذ من صفية ولاصفية، من بيئية ومدرسية. فهذه الدراسة هي انجاز كبير في مجال التقييم، على نطاق واسع، نظراً لعدد البلدان المشاركة والمئات من مديري المدارس والمعلمين، والآلاف من التلاميذ الذين أعطوا الكثير من وقتهم لتحقيق هذا المشروع وإنجاحه.
هامش
- TIMSS: Trends in International Mathematics and Science Study