دور الأهل والإعلام في التربية

فيرا زيتوني صليبا أستاذة تعليم ثانوي مديرية الإرشاد والتوجيهعندما يتعلق الأمر بالتربية، تتداخل الأمور وتتعدد النظريات، ولكن يبقى إجماع المفكرين والعلماء على وصفها بأنها عملية إعداد الإنسان للحياة قائماً عبر المؤسسات المعنية:  الأسرة، المجتمع المحلي، المدرسة. ولكي تتحقق الأهداف المرجوة في التربية يجب أن يحصل تعاون وثيق بين تلك المؤسسات في إطار خطة تربوية متكاملة.
فالتربية ليست عبارة عن منهج يتبعه التلميذ، ولا عن معلم يلقن أو يعظ أو ينقل المعلومات إلى تلامذته أو يدير عملية التعلم، بل هي ابعد من ذلك بكثير بحيث يتداخل فيها كيان الإنسان مع كينونة الحياة، بحيث أضحت التربية الأداة الضامنة لتنمية قوى العقل والجسد والروح لدى المتعلم، كون العملية التعليمية ابتعدت حالياً عن مفاهيمها التقليدية السابقة ولم تعد تقتصر على اكتساب المعارف وتخزينها، إنما تجاوزت كل ذلك لتهتم بالإنسان كل إنسان ككائن بشري يختزن في أعماقه كل الإبداع والتوهج وكل الطاقات التي تجعل من الحياة في حالة تطور وتغيير دائمين
.

 

وهنا نطرح تساؤلات عدة:
اولاً: هل يمكن، في ضوء ما تقدم، أن تكون التربية نظامية فقط، ام انها عملية تستمر مع الانسان في كل مراحل حياته أنّى وجد؟
ثانياً: هل تقتصر التربية على المدرسة فقط؟
ثالثاً: هل يجب الإبقاء على الأساليب التقليدية في التعامل مع التلميذ؟

كي تكون الإجابات عن الأسئلة الثلاثة أعلاه موضوعية وعملية، لا بد لنا في البداية من ان نوضح أنماط التربية التي تمارس في كل من الأسرة والمجتمع والمدرسة من حيث درجات الضبط والتوجيه للمتعلم بحيث يمكن اختصار الأنماط بثلاثة من دون ان يكون المقصود في ذلك حصرها او الحد من امتداداتها المتشعبة.
فالنمط الأول هو في التربية التلقائية التي يكتسبها الإنسان من البيئة الأسرية، وهي البيئة الطبيعية التي ينخرط الطفل بعاداتها وتقاليدها ويتأثر بها ويتفاعل معها فيختبر ويتعلم على نحو تلقائي، ما يمكنه من العبور إلى النمط الثاني، أي إلى التربية اللانظامية، بحيث تبدأ في العائلة وفي المؤسسات المجتمعية كالنادي والمعبد والشارع والمصنع والشركة، او تلك التي يتلقاها عبر وسائل الإعلام... هذه المؤثرات الخارجية التي تتحول مع الفرد إلى مسلك ما، أو مهارة ما أو معرفة ما، تتكامل لتسهم في تغيير شخصيته وتنميتها ضمن الحد الأدنى من الضبط والتوجيه الذي تحكمه التقاليد والقيّم والمبادئ التي يقوم عليها أي مجتمع، كما تحدده القوانين والأنظمة النافذة.

اهتمام الاهل ضرورة تربوية.


أما النمط الثالث الذي يسمى بالتربية النظامية فهو اكثر الأنماط تأثيراً، لانه يدور من خلال عملية ضبط وتوجيه شبه كاملة للتربية تكون مبنية على أسس فلسفية واجتماعية وسيكولوجية شاملة من دون تمييز بين المواطنين . وهذه العملية يُفترض ان تتم من خلال خطة تربوية متكاملة ونظام تربوي له حدود وآفاق معروفة سلفاً، الا ان التعليم النظامي يجب ان يتضمن نشاطات ومساحات من الحرية تعطي هذا النظام نكهة خاصة تصله باستمرار بالتعليم اللانظامي. بحيث يكون التعلم مرتبطاً بشكل افضل بالحياة، وتكون المسافة بين المدرسة والأسرة والمجتمع مجرد مسافة وهمية.
في لبنان، تعتبر خطة النهوض التربوي التي صدرت عام ٩٩٤ ، بمبادرة من المركز التربوي للبحوث والإنماء، اساساً لكل أنماط التعليم لأنها وضعَت في ضوء الدستور اللبناني، ووفقاً للمبادئ والمنطلقات والقيم الاجتماعية السائدة، فشكلت
مدخلاً تربوياً جدياً مع بدايات القرن الواحد والعشرين، لان هذه الخطة تبنّت في أهدافها، كما في فلسفتها توجهات حضارية متطورة مواكبة لاتجاهات العصر.
فهي ترمي بأبعادها الوطنية والفكرية والإنسانية والاجتماعية الى تزويد النشئ الجديد بالمعارف والخبرات والمهارات مع التشديد على التنشئة الوطنية والقيّم اللبنانية الأصيلة كالحرية والديموقراطية والتسامح ونبذ العنف، من اجل تكوين مواطن متفاعل مع أبناء وطنه، منفتح على الثقافات العالمية ومواكب للتقدم العلمي والتكنولوجي.
وهنا يجدر طرح السؤال الآتي: هل هذا الفكر التربوي الذي رسمته الخطة التربوية وحددت أهدافه قد بلغ الصف؟ وهل وصل الى الأسرة، والى المجتمع؟ بالطبع هناك علامة استفهام حول هذه الأمور يُفترض التوقف عندها.

النشاطات الفنية - وسيلة تربوية واعلامية في آن.

أين نحن اليوم من هذا الموضوع؟
التنشئة اليوم، في بعض المدارس تقتصر على نشاطات لا صفية قليلة، تتمحور حول مواضيع ثقافية ضرورية إنما غير كافية لتكوين الشخصية المرجوة للمتعلم. وهذا يتوقف على وضع المدرسة التي تعمل ضمن إمكانياتها المادية والبشرية. فهناك الكثير من المدارس (رسمية وخاصة) لا يوجد فيها العدد اللازم من المعلمين المُعدين اعداداً كافياً لمواكبة التطور والتأقلم
مع متطلبات العملية التعليمية . لذلك اتُخذت قرارات قاسية في مجال توقيف تدريس المواد الإجرائية التي أدرجت في المناهج الجديدة، ومنها الكومبيوتر والتكنولوجيا، ومختلف النشاطات الفنية والرياضية. وهذه المواد تُشكل عصب التعلم باتجاه ربط التلميذ بالحياة وبالعصر.
إن دور مجلس الأهل، كصلة وصل بين العائلة والمدرسة، نرى انه يقتصر على المساعدة المادية والمشاركة في المناسبات الاجتماعية فقط، بعيداً عن المشاركة في القرارات التربوية المتعلقة بأولاده.
فالتعاون بين العائلة والمدرسة ليس على المستوى المطلوب لتحقيق الأهداف المرجوّة، فمثلاً في ما يتعلق بالتربية الجسدية والنظافة والرياضة، تظهر اختلافات واضحة بين المدرسة والبيت. هذا التباين بينهما يظهر ايضاً حول التربية العقلية والفكرية، فهناك العديد من الأهل لا يتذكرون مسؤولياتهم تجاه ولدهم، إلا عند الحصول على بطاقة العلامات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التربية الخلقية والاجتماعية والإنسانية حيث نجد أن صورة العائلة المفككة، وما يتبعها من خلافات بين الوالدين، قد تهدم في لحظات ما تبنيه المدرسة في أيام.
من المؤسف القول انه في مجتمعنا اليوم عدد كبير من العائلات المفككة، كما أن موجة الفساد تغزو قيمنا ومثلنا العليا عبر وسائل الإعلام والتطور التكنولوجي والانفتاح الكلي، بالإضافة إلى الضائقة الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية المتردية، ما يؤكد أن الفساد ينطلق اولاً من الأسرة (تصرفات الأهل، غيابهم عن المنزل، مشاهدة الأفلام الخلاعية وغيرها). فأين مسؤولية العائلة في ضبط التربية وتوجيهها نحو القيم الأخلاقية والعادات الحسنة؟
فلنتصارح ولنقلْ إن التربية تبدأ اولاً في العائلة. والواقع اليوم أن العائلة تحتاج هي إلى تربية لكي تصبح شريكاً فعالاً للمدرسة.
لذلك، فنحن نعتقد أن المشكلة ليست في الفكر التربوي، ولا في الفلسفة التربوية المقررة، بل تكمن في تقصير العائلة والمجتمع لجهة المشاركة في العمل التربوي، وأساليبه في المدرسة. وذلك بالإضافة إلى التفاوت في الأداء بين مدرسة وأخرى او بين أسرة وأخرى او بين بيئة وأخرى. فتعدد مصادر الثقافة في المجتمع اللبناني هو ميزة وغنى لهذا المجتمع، إلا أن عدم التنسيق وعدم التعاون بين عناصر العملية التربوية خارج وداخل المدرسة قد يقلل من قيمة هذا التنوع. ففي كثير من الأحيان نجد ان ما تزرعه الأسرة في الولد تنقضه المدرسة، وما تزرعه المدرسة يطيحُه الشارع، وما يزرعه الشارع قد يرفضه النادي، وما يزرعه النادي قد يرفضه، بالمقابل المجتمع، وعادة يكون الولد الضحية.
بناء على ما تقدم، نرى أن العمل التربوي المدرسي يجب ألا ينحصر بالناحية الأكاديمية للمتعلم فقط، وألا يكون هاجس إتمام المنهج قبل نهاية العام المدرسي هو الهاجس الأكبر، وألا تنحصر عملية التقييم بالعلامة النهائية التي تحدد النجاح أو الرسوب فقط. وألا تكون بطاقة العلامات خالية من خانة مخصصة لتدوين ملاحظات حول سلوك التلميذ ونموه السيكولوجي، حتى بتنا نعتقد انه لا شيء يهز المدرسة والأهل إلا الامتحانات الرسمية ونتائجها التي تعتبر مباراة تصنف المدارس بين مدرسة ناجحة وأخرى فاشلة، على أساس النسبة المئوية لعدد الناجحين والمتفوقين فيها.
إزاء هذا الواقع يجب أن نعود إلى سياسة التكامل بين أنماط التربية الثلاثة، بحيث تكون تنشئة المواطن اللبناني في المنزل مكملة لتنشئته داخل المدرسة بحسب الأهداف التربوية المحددة، وتكون العائلة على اتصال دائم وجدي بالمدرسة. وان يتحمل المجتمع واجباته في بناء المواطن الذي هو في النتيجة ثروة لبنان الوحيدة.

وحتى لا تبقى الأمور مجرد نظريات تتحمل المدرسة وحدها المسؤولية عنها كمؤسسة نظامية، ومن اجل تفعيل دور العائلة والمؤسسات والهيئات التي تعمل ضمن إطار التربية غير النظامية، نرى انه من الضروري اعتماد صيغ معينة لتحفيز الجميع من خلال الاقتراحات الآتية:

  • ضرورة اطلاع الأهل على أهداف الخطة التربوية في تربية المواطن، من اجل إشراكهم في العمل التربوي تكاملاً مع دور المدرسة.
  • إقامة مؤتمرات تربوية يشترك في أعمالها المعلمون والأهل والتلاميذ، من اجل تبادل الخبرات وتوضيح الواقع التربوي في إطار ورش عمل ذات أهداف محددة.
    العائلة هي المدرسة الاولى
  • تفعيل دور مجلس الأهل، وذلك بإشراكه بالقرارات التربوية واطلاعه على سير العمل في المدرسة.
  • الاستفادة من الأهل من ذوي الاختصاصات العلمية والتربوية والمهنية من خلال دعوتهم لاقامة ندوات ومحاضرات في المدرسة وإعطاء شهادات حية من الحياة تكون مثلاً صالحاً للتلميذ.
  • تكثيف عدد المرشدين التربويين والمساعدين الاجتماعيين في المدرسة من اجل مساعدة التلميذ على حل مشاكله داخل المدرسة وعبر زيارات إلى العائلة للاطلاع ميدانياً على واقعها.
  • إعداد ملف متكامل لكل تلميذ يضمّ الى جانب ملفه العلمي والأكاديمي معلومات مختلفة عن نواح عدة من شخصيته، تدوّن من تاريخ دخول التلميذ المدرسة الى حين تخرجه منها، فيظهر تطوره عبر السنوات الدراسية، ما يساعد بالتالي الأختصاصيين والمسؤولين على توجيهه نحو المستقبل.
  • تطوير البطاقة المدرسية بحيث تظهر ملاحظات تتعلق بالتطور السيكولوجي والاجتماعي والثقافي للتلميذ.
  • مشاركة الأهل ببعض النشاطات اللاصفية، كالرحلات الثقافية ومشاهدة الأفلام ومناقشتها وإصدار مجلة مشتركة بين المدرسة والعائلة تعكس صورة العائلة اللبنانية بعاداتها وتقاليدها.


واخيراً فلنعلم، ان الفرد لا يمكن ان يكون فوق العائلة، ولا العائلة فوق المجتمع، ولا المجتمع فوق الوطن.
ولنعلم انه مهما بلغت حدود التقدم والتطور والانفتاح تبقى الأولوية الأولى بين الأولويات للعائلة، لانها هي ركيزة المجتمع وحجر الزاوية في بناء الوطن، والتي من أحضانها يولد العمالقة الذين يصنعون التقدم والحضارة.

دور الأهل والإعلام في التربية

فيرا زيتوني صليبا أستاذة تعليم ثانوي مديرية الإرشاد والتوجيهعندما يتعلق الأمر بالتربية، تتداخل الأمور وتتعدد النظريات، ولكن يبقى إجماع المفكرين والعلماء على وصفها بأنها عملية إعداد الإنسان للحياة قائماً عبر المؤسسات المعنية:  الأسرة، المجتمع المحلي، المدرسة. ولكي تتحقق الأهداف المرجوة في التربية يجب أن يحصل تعاون وثيق بين تلك المؤسسات في إطار خطة تربوية متكاملة.
فالتربية ليست عبارة عن منهج يتبعه التلميذ، ولا عن معلم يلقن أو يعظ أو ينقل المعلومات إلى تلامذته أو يدير عملية التعلم، بل هي ابعد من ذلك بكثير بحيث يتداخل فيها كيان الإنسان مع كينونة الحياة، بحيث أضحت التربية الأداة الضامنة لتنمية قوى العقل والجسد والروح لدى المتعلم، كون العملية التعليمية ابتعدت حالياً عن مفاهيمها التقليدية السابقة ولم تعد تقتصر على اكتساب المعارف وتخزينها، إنما تجاوزت كل ذلك لتهتم بالإنسان كل إنسان ككائن بشري يختزن في أعماقه كل الإبداع والتوهج وكل الطاقات التي تجعل من الحياة في حالة تطور وتغيير دائمين
.

 

وهنا نطرح تساؤلات عدة:
اولاً: هل يمكن، في ضوء ما تقدم، أن تكون التربية نظامية فقط، ام انها عملية تستمر مع الانسان في كل مراحل حياته أنّى وجد؟
ثانياً: هل تقتصر التربية على المدرسة فقط؟
ثالثاً: هل يجب الإبقاء على الأساليب التقليدية في التعامل مع التلميذ؟

كي تكون الإجابات عن الأسئلة الثلاثة أعلاه موضوعية وعملية، لا بد لنا في البداية من ان نوضح أنماط التربية التي تمارس في كل من الأسرة والمجتمع والمدرسة من حيث درجات الضبط والتوجيه للمتعلم بحيث يمكن اختصار الأنماط بثلاثة من دون ان يكون المقصود في ذلك حصرها او الحد من امتداداتها المتشعبة.
فالنمط الأول هو في التربية التلقائية التي يكتسبها الإنسان من البيئة الأسرية، وهي البيئة الطبيعية التي ينخرط الطفل بعاداتها وتقاليدها ويتأثر بها ويتفاعل معها فيختبر ويتعلم على نحو تلقائي، ما يمكنه من العبور إلى النمط الثاني، أي إلى التربية اللانظامية، بحيث تبدأ في العائلة وفي المؤسسات المجتمعية كالنادي والمعبد والشارع والمصنع والشركة، او تلك التي يتلقاها عبر وسائل الإعلام... هذه المؤثرات الخارجية التي تتحول مع الفرد إلى مسلك ما، أو مهارة ما أو معرفة ما، تتكامل لتسهم في تغيير شخصيته وتنميتها ضمن الحد الأدنى من الضبط والتوجيه الذي تحكمه التقاليد والقيّم والمبادئ التي يقوم عليها أي مجتمع، كما تحدده القوانين والأنظمة النافذة.

اهتمام الاهل ضرورة تربوية.


أما النمط الثالث الذي يسمى بالتربية النظامية فهو اكثر الأنماط تأثيراً، لانه يدور من خلال عملية ضبط وتوجيه شبه كاملة للتربية تكون مبنية على أسس فلسفية واجتماعية وسيكولوجية شاملة من دون تمييز بين المواطنين . وهذه العملية يُفترض ان تتم من خلال خطة تربوية متكاملة ونظام تربوي له حدود وآفاق معروفة سلفاً، الا ان التعليم النظامي يجب ان يتضمن نشاطات ومساحات من الحرية تعطي هذا النظام نكهة خاصة تصله باستمرار بالتعليم اللانظامي. بحيث يكون التعلم مرتبطاً بشكل افضل بالحياة، وتكون المسافة بين المدرسة والأسرة والمجتمع مجرد مسافة وهمية.
في لبنان، تعتبر خطة النهوض التربوي التي صدرت عام ٩٩٤ ، بمبادرة من المركز التربوي للبحوث والإنماء، اساساً لكل أنماط التعليم لأنها وضعَت في ضوء الدستور اللبناني، ووفقاً للمبادئ والمنطلقات والقيم الاجتماعية السائدة، فشكلت
مدخلاً تربوياً جدياً مع بدايات القرن الواحد والعشرين، لان هذه الخطة تبنّت في أهدافها، كما في فلسفتها توجهات حضارية متطورة مواكبة لاتجاهات العصر.
فهي ترمي بأبعادها الوطنية والفكرية والإنسانية والاجتماعية الى تزويد النشئ الجديد بالمعارف والخبرات والمهارات مع التشديد على التنشئة الوطنية والقيّم اللبنانية الأصيلة كالحرية والديموقراطية والتسامح ونبذ العنف، من اجل تكوين مواطن متفاعل مع أبناء وطنه، منفتح على الثقافات العالمية ومواكب للتقدم العلمي والتكنولوجي.
وهنا يجدر طرح السؤال الآتي: هل هذا الفكر التربوي الذي رسمته الخطة التربوية وحددت أهدافه قد بلغ الصف؟ وهل وصل الى الأسرة، والى المجتمع؟ بالطبع هناك علامة استفهام حول هذه الأمور يُفترض التوقف عندها.

النشاطات الفنية - وسيلة تربوية واعلامية في آن.

أين نحن اليوم من هذا الموضوع؟
التنشئة اليوم، في بعض المدارس تقتصر على نشاطات لا صفية قليلة، تتمحور حول مواضيع ثقافية ضرورية إنما غير كافية لتكوين الشخصية المرجوة للمتعلم. وهذا يتوقف على وضع المدرسة التي تعمل ضمن إمكانياتها المادية والبشرية. فهناك الكثير من المدارس (رسمية وخاصة) لا يوجد فيها العدد اللازم من المعلمين المُعدين اعداداً كافياً لمواكبة التطور والتأقلم
مع متطلبات العملية التعليمية . لذلك اتُخذت قرارات قاسية في مجال توقيف تدريس المواد الإجرائية التي أدرجت في المناهج الجديدة، ومنها الكومبيوتر والتكنولوجيا، ومختلف النشاطات الفنية والرياضية. وهذه المواد تُشكل عصب التعلم باتجاه ربط التلميذ بالحياة وبالعصر.
إن دور مجلس الأهل، كصلة وصل بين العائلة والمدرسة، نرى انه يقتصر على المساعدة المادية والمشاركة في المناسبات الاجتماعية فقط، بعيداً عن المشاركة في القرارات التربوية المتعلقة بأولاده.
فالتعاون بين العائلة والمدرسة ليس على المستوى المطلوب لتحقيق الأهداف المرجوّة، فمثلاً في ما يتعلق بالتربية الجسدية والنظافة والرياضة، تظهر اختلافات واضحة بين المدرسة والبيت. هذا التباين بينهما يظهر ايضاً حول التربية العقلية والفكرية، فهناك العديد من الأهل لا يتذكرون مسؤولياتهم تجاه ولدهم، إلا عند الحصول على بطاقة العلامات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التربية الخلقية والاجتماعية والإنسانية حيث نجد أن صورة العائلة المفككة، وما يتبعها من خلافات بين الوالدين، قد تهدم في لحظات ما تبنيه المدرسة في أيام.
من المؤسف القول انه في مجتمعنا اليوم عدد كبير من العائلات المفككة، كما أن موجة الفساد تغزو قيمنا ومثلنا العليا عبر وسائل الإعلام والتطور التكنولوجي والانفتاح الكلي، بالإضافة إلى الضائقة الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية المتردية، ما يؤكد أن الفساد ينطلق اولاً من الأسرة (تصرفات الأهل، غيابهم عن المنزل، مشاهدة الأفلام الخلاعية وغيرها). فأين مسؤولية العائلة في ضبط التربية وتوجيهها نحو القيم الأخلاقية والعادات الحسنة؟
فلنتصارح ولنقلْ إن التربية تبدأ اولاً في العائلة. والواقع اليوم أن العائلة تحتاج هي إلى تربية لكي تصبح شريكاً فعالاً للمدرسة.
لذلك، فنحن نعتقد أن المشكلة ليست في الفكر التربوي، ولا في الفلسفة التربوية المقررة، بل تكمن في تقصير العائلة والمجتمع لجهة المشاركة في العمل التربوي، وأساليبه في المدرسة. وذلك بالإضافة إلى التفاوت في الأداء بين مدرسة وأخرى او بين أسرة وأخرى او بين بيئة وأخرى. فتعدد مصادر الثقافة في المجتمع اللبناني هو ميزة وغنى لهذا المجتمع، إلا أن عدم التنسيق وعدم التعاون بين عناصر العملية التربوية خارج وداخل المدرسة قد يقلل من قيمة هذا التنوع. ففي كثير من الأحيان نجد ان ما تزرعه الأسرة في الولد تنقضه المدرسة، وما تزرعه المدرسة يطيحُه الشارع، وما يزرعه الشارع قد يرفضه النادي، وما يزرعه النادي قد يرفضه، بالمقابل المجتمع، وعادة يكون الولد الضحية.
بناء على ما تقدم، نرى أن العمل التربوي المدرسي يجب ألا ينحصر بالناحية الأكاديمية للمتعلم فقط، وألا يكون هاجس إتمام المنهج قبل نهاية العام المدرسي هو الهاجس الأكبر، وألا تنحصر عملية التقييم بالعلامة النهائية التي تحدد النجاح أو الرسوب فقط. وألا تكون بطاقة العلامات خالية من خانة مخصصة لتدوين ملاحظات حول سلوك التلميذ ونموه السيكولوجي، حتى بتنا نعتقد انه لا شيء يهز المدرسة والأهل إلا الامتحانات الرسمية ونتائجها التي تعتبر مباراة تصنف المدارس بين مدرسة ناجحة وأخرى فاشلة، على أساس النسبة المئوية لعدد الناجحين والمتفوقين فيها.
إزاء هذا الواقع يجب أن نعود إلى سياسة التكامل بين أنماط التربية الثلاثة، بحيث تكون تنشئة المواطن اللبناني في المنزل مكملة لتنشئته داخل المدرسة بحسب الأهداف التربوية المحددة، وتكون العائلة على اتصال دائم وجدي بالمدرسة. وان يتحمل المجتمع واجباته في بناء المواطن الذي هو في النتيجة ثروة لبنان الوحيدة.

وحتى لا تبقى الأمور مجرد نظريات تتحمل المدرسة وحدها المسؤولية عنها كمؤسسة نظامية، ومن اجل تفعيل دور العائلة والمؤسسات والهيئات التي تعمل ضمن إطار التربية غير النظامية، نرى انه من الضروري اعتماد صيغ معينة لتحفيز الجميع من خلال الاقتراحات الآتية:

  • ضرورة اطلاع الأهل على أهداف الخطة التربوية في تربية المواطن، من اجل إشراكهم في العمل التربوي تكاملاً مع دور المدرسة.
  • إقامة مؤتمرات تربوية يشترك في أعمالها المعلمون والأهل والتلاميذ، من اجل تبادل الخبرات وتوضيح الواقع التربوي في إطار ورش عمل ذات أهداف محددة.
    العائلة هي المدرسة الاولى
  • تفعيل دور مجلس الأهل، وذلك بإشراكه بالقرارات التربوية واطلاعه على سير العمل في المدرسة.
  • الاستفادة من الأهل من ذوي الاختصاصات العلمية والتربوية والمهنية من خلال دعوتهم لاقامة ندوات ومحاضرات في المدرسة وإعطاء شهادات حية من الحياة تكون مثلاً صالحاً للتلميذ.
  • تكثيف عدد المرشدين التربويين والمساعدين الاجتماعيين في المدرسة من اجل مساعدة التلميذ على حل مشاكله داخل المدرسة وعبر زيارات إلى العائلة للاطلاع ميدانياً على واقعها.
  • إعداد ملف متكامل لكل تلميذ يضمّ الى جانب ملفه العلمي والأكاديمي معلومات مختلفة عن نواح عدة من شخصيته، تدوّن من تاريخ دخول التلميذ المدرسة الى حين تخرجه منها، فيظهر تطوره عبر السنوات الدراسية، ما يساعد بالتالي الأختصاصيين والمسؤولين على توجيهه نحو المستقبل.
  • تطوير البطاقة المدرسية بحيث تظهر ملاحظات تتعلق بالتطور السيكولوجي والاجتماعي والثقافي للتلميذ.
  • مشاركة الأهل ببعض النشاطات اللاصفية، كالرحلات الثقافية ومشاهدة الأفلام ومناقشتها وإصدار مجلة مشتركة بين المدرسة والعائلة تعكس صورة العائلة اللبنانية بعاداتها وتقاليدها.


واخيراً فلنعلم، ان الفرد لا يمكن ان يكون فوق العائلة، ولا العائلة فوق المجتمع، ولا المجتمع فوق الوطن.
ولنعلم انه مهما بلغت حدود التقدم والتطور والانفتاح تبقى الأولوية الأولى بين الأولويات للعائلة، لانها هي ركيزة المجتمع وحجر الزاوية في بناء الوطن، والتي من أحضانها يولد العمالقة الذين يصنعون التقدم والحضارة.

دور الأهل والإعلام في التربية

فيرا زيتوني صليبا أستاذة تعليم ثانوي مديرية الإرشاد والتوجيهعندما يتعلق الأمر بالتربية، تتداخل الأمور وتتعدد النظريات، ولكن يبقى إجماع المفكرين والعلماء على وصفها بأنها عملية إعداد الإنسان للحياة قائماً عبر المؤسسات المعنية:  الأسرة، المجتمع المحلي، المدرسة. ولكي تتحقق الأهداف المرجوة في التربية يجب أن يحصل تعاون وثيق بين تلك المؤسسات في إطار خطة تربوية متكاملة.
فالتربية ليست عبارة عن منهج يتبعه التلميذ، ولا عن معلم يلقن أو يعظ أو ينقل المعلومات إلى تلامذته أو يدير عملية التعلم، بل هي ابعد من ذلك بكثير بحيث يتداخل فيها كيان الإنسان مع كينونة الحياة، بحيث أضحت التربية الأداة الضامنة لتنمية قوى العقل والجسد والروح لدى المتعلم، كون العملية التعليمية ابتعدت حالياً عن مفاهيمها التقليدية السابقة ولم تعد تقتصر على اكتساب المعارف وتخزينها، إنما تجاوزت كل ذلك لتهتم بالإنسان كل إنسان ككائن بشري يختزن في أعماقه كل الإبداع والتوهج وكل الطاقات التي تجعل من الحياة في حالة تطور وتغيير دائمين
.

 

وهنا نطرح تساؤلات عدة:
اولاً: هل يمكن، في ضوء ما تقدم، أن تكون التربية نظامية فقط، ام انها عملية تستمر مع الانسان في كل مراحل حياته أنّى وجد؟
ثانياً: هل تقتصر التربية على المدرسة فقط؟
ثالثاً: هل يجب الإبقاء على الأساليب التقليدية في التعامل مع التلميذ؟

كي تكون الإجابات عن الأسئلة الثلاثة أعلاه موضوعية وعملية، لا بد لنا في البداية من ان نوضح أنماط التربية التي تمارس في كل من الأسرة والمجتمع والمدرسة من حيث درجات الضبط والتوجيه للمتعلم بحيث يمكن اختصار الأنماط بثلاثة من دون ان يكون المقصود في ذلك حصرها او الحد من امتداداتها المتشعبة.
فالنمط الأول هو في التربية التلقائية التي يكتسبها الإنسان من البيئة الأسرية، وهي البيئة الطبيعية التي ينخرط الطفل بعاداتها وتقاليدها ويتأثر بها ويتفاعل معها فيختبر ويتعلم على نحو تلقائي، ما يمكنه من العبور إلى النمط الثاني، أي إلى التربية اللانظامية، بحيث تبدأ في العائلة وفي المؤسسات المجتمعية كالنادي والمعبد والشارع والمصنع والشركة، او تلك التي يتلقاها عبر وسائل الإعلام... هذه المؤثرات الخارجية التي تتحول مع الفرد إلى مسلك ما، أو مهارة ما أو معرفة ما، تتكامل لتسهم في تغيير شخصيته وتنميتها ضمن الحد الأدنى من الضبط والتوجيه الذي تحكمه التقاليد والقيّم والمبادئ التي يقوم عليها أي مجتمع، كما تحدده القوانين والأنظمة النافذة.

اهتمام الاهل ضرورة تربوية.


أما النمط الثالث الذي يسمى بالتربية النظامية فهو اكثر الأنماط تأثيراً، لانه يدور من خلال عملية ضبط وتوجيه شبه كاملة للتربية تكون مبنية على أسس فلسفية واجتماعية وسيكولوجية شاملة من دون تمييز بين المواطنين . وهذه العملية يُفترض ان تتم من خلال خطة تربوية متكاملة ونظام تربوي له حدود وآفاق معروفة سلفاً، الا ان التعليم النظامي يجب ان يتضمن نشاطات ومساحات من الحرية تعطي هذا النظام نكهة خاصة تصله باستمرار بالتعليم اللانظامي. بحيث يكون التعلم مرتبطاً بشكل افضل بالحياة، وتكون المسافة بين المدرسة والأسرة والمجتمع مجرد مسافة وهمية.
في لبنان، تعتبر خطة النهوض التربوي التي صدرت عام ٩٩٤ ، بمبادرة من المركز التربوي للبحوث والإنماء، اساساً لكل أنماط التعليم لأنها وضعَت في ضوء الدستور اللبناني، ووفقاً للمبادئ والمنطلقات والقيم الاجتماعية السائدة، فشكلت
مدخلاً تربوياً جدياً مع بدايات القرن الواحد والعشرين، لان هذه الخطة تبنّت في أهدافها، كما في فلسفتها توجهات حضارية متطورة مواكبة لاتجاهات العصر.
فهي ترمي بأبعادها الوطنية والفكرية والإنسانية والاجتماعية الى تزويد النشئ الجديد بالمعارف والخبرات والمهارات مع التشديد على التنشئة الوطنية والقيّم اللبنانية الأصيلة كالحرية والديموقراطية والتسامح ونبذ العنف، من اجل تكوين مواطن متفاعل مع أبناء وطنه، منفتح على الثقافات العالمية ومواكب للتقدم العلمي والتكنولوجي.
وهنا يجدر طرح السؤال الآتي: هل هذا الفكر التربوي الذي رسمته الخطة التربوية وحددت أهدافه قد بلغ الصف؟ وهل وصل الى الأسرة، والى المجتمع؟ بالطبع هناك علامة استفهام حول هذه الأمور يُفترض التوقف عندها.

النشاطات الفنية - وسيلة تربوية واعلامية في آن.

أين نحن اليوم من هذا الموضوع؟
التنشئة اليوم، في بعض المدارس تقتصر على نشاطات لا صفية قليلة، تتمحور حول مواضيع ثقافية ضرورية إنما غير كافية لتكوين الشخصية المرجوة للمتعلم. وهذا يتوقف على وضع المدرسة التي تعمل ضمن إمكانياتها المادية والبشرية. فهناك الكثير من المدارس (رسمية وخاصة) لا يوجد فيها العدد اللازم من المعلمين المُعدين اعداداً كافياً لمواكبة التطور والتأقلم
مع متطلبات العملية التعليمية . لذلك اتُخذت قرارات قاسية في مجال توقيف تدريس المواد الإجرائية التي أدرجت في المناهج الجديدة، ومنها الكومبيوتر والتكنولوجيا، ومختلف النشاطات الفنية والرياضية. وهذه المواد تُشكل عصب التعلم باتجاه ربط التلميذ بالحياة وبالعصر.
إن دور مجلس الأهل، كصلة وصل بين العائلة والمدرسة، نرى انه يقتصر على المساعدة المادية والمشاركة في المناسبات الاجتماعية فقط، بعيداً عن المشاركة في القرارات التربوية المتعلقة بأولاده.
فالتعاون بين العائلة والمدرسة ليس على المستوى المطلوب لتحقيق الأهداف المرجوّة، فمثلاً في ما يتعلق بالتربية الجسدية والنظافة والرياضة، تظهر اختلافات واضحة بين المدرسة والبيت. هذا التباين بينهما يظهر ايضاً حول التربية العقلية والفكرية، فهناك العديد من الأهل لا يتذكرون مسؤولياتهم تجاه ولدهم، إلا عند الحصول على بطاقة العلامات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التربية الخلقية والاجتماعية والإنسانية حيث نجد أن صورة العائلة المفككة، وما يتبعها من خلافات بين الوالدين، قد تهدم في لحظات ما تبنيه المدرسة في أيام.
من المؤسف القول انه في مجتمعنا اليوم عدد كبير من العائلات المفككة، كما أن موجة الفساد تغزو قيمنا ومثلنا العليا عبر وسائل الإعلام والتطور التكنولوجي والانفتاح الكلي، بالإضافة إلى الضائقة الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية المتردية، ما يؤكد أن الفساد ينطلق اولاً من الأسرة (تصرفات الأهل، غيابهم عن المنزل، مشاهدة الأفلام الخلاعية وغيرها). فأين مسؤولية العائلة في ضبط التربية وتوجيهها نحو القيم الأخلاقية والعادات الحسنة؟
فلنتصارح ولنقلْ إن التربية تبدأ اولاً في العائلة. والواقع اليوم أن العائلة تحتاج هي إلى تربية لكي تصبح شريكاً فعالاً للمدرسة.
لذلك، فنحن نعتقد أن المشكلة ليست في الفكر التربوي، ولا في الفلسفة التربوية المقررة، بل تكمن في تقصير العائلة والمجتمع لجهة المشاركة في العمل التربوي، وأساليبه في المدرسة. وذلك بالإضافة إلى التفاوت في الأداء بين مدرسة وأخرى او بين أسرة وأخرى او بين بيئة وأخرى. فتعدد مصادر الثقافة في المجتمع اللبناني هو ميزة وغنى لهذا المجتمع، إلا أن عدم التنسيق وعدم التعاون بين عناصر العملية التربوية خارج وداخل المدرسة قد يقلل من قيمة هذا التنوع. ففي كثير من الأحيان نجد ان ما تزرعه الأسرة في الولد تنقضه المدرسة، وما تزرعه المدرسة يطيحُه الشارع، وما يزرعه الشارع قد يرفضه النادي، وما يزرعه النادي قد يرفضه، بالمقابل المجتمع، وعادة يكون الولد الضحية.
بناء على ما تقدم، نرى أن العمل التربوي المدرسي يجب ألا ينحصر بالناحية الأكاديمية للمتعلم فقط، وألا يكون هاجس إتمام المنهج قبل نهاية العام المدرسي هو الهاجس الأكبر، وألا تنحصر عملية التقييم بالعلامة النهائية التي تحدد النجاح أو الرسوب فقط. وألا تكون بطاقة العلامات خالية من خانة مخصصة لتدوين ملاحظات حول سلوك التلميذ ونموه السيكولوجي، حتى بتنا نعتقد انه لا شيء يهز المدرسة والأهل إلا الامتحانات الرسمية ونتائجها التي تعتبر مباراة تصنف المدارس بين مدرسة ناجحة وأخرى فاشلة، على أساس النسبة المئوية لعدد الناجحين والمتفوقين فيها.
إزاء هذا الواقع يجب أن نعود إلى سياسة التكامل بين أنماط التربية الثلاثة، بحيث تكون تنشئة المواطن اللبناني في المنزل مكملة لتنشئته داخل المدرسة بحسب الأهداف التربوية المحددة، وتكون العائلة على اتصال دائم وجدي بالمدرسة. وان يتحمل المجتمع واجباته في بناء المواطن الذي هو في النتيجة ثروة لبنان الوحيدة.

وحتى لا تبقى الأمور مجرد نظريات تتحمل المدرسة وحدها المسؤولية عنها كمؤسسة نظامية، ومن اجل تفعيل دور العائلة والمؤسسات والهيئات التي تعمل ضمن إطار التربية غير النظامية، نرى انه من الضروري اعتماد صيغ معينة لتحفيز الجميع من خلال الاقتراحات الآتية:

  • ضرورة اطلاع الأهل على أهداف الخطة التربوية في تربية المواطن، من اجل إشراكهم في العمل التربوي تكاملاً مع دور المدرسة.
  • إقامة مؤتمرات تربوية يشترك في أعمالها المعلمون والأهل والتلاميذ، من اجل تبادل الخبرات وتوضيح الواقع التربوي في إطار ورش عمل ذات أهداف محددة.
    العائلة هي المدرسة الاولى
  • تفعيل دور مجلس الأهل، وذلك بإشراكه بالقرارات التربوية واطلاعه على سير العمل في المدرسة.
  • الاستفادة من الأهل من ذوي الاختصاصات العلمية والتربوية والمهنية من خلال دعوتهم لاقامة ندوات ومحاضرات في المدرسة وإعطاء شهادات حية من الحياة تكون مثلاً صالحاً للتلميذ.
  • تكثيف عدد المرشدين التربويين والمساعدين الاجتماعيين في المدرسة من اجل مساعدة التلميذ على حل مشاكله داخل المدرسة وعبر زيارات إلى العائلة للاطلاع ميدانياً على واقعها.
  • إعداد ملف متكامل لكل تلميذ يضمّ الى جانب ملفه العلمي والأكاديمي معلومات مختلفة عن نواح عدة من شخصيته، تدوّن من تاريخ دخول التلميذ المدرسة الى حين تخرجه منها، فيظهر تطوره عبر السنوات الدراسية، ما يساعد بالتالي الأختصاصيين والمسؤولين على توجيهه نحو المستقبل.
  • تطوير البطاقة المدرسية بحيث تظهر ملاحظات تتعلق بالتطور السيكولوجي والاجتماعي والثقافي للتلميذ.
  • مشاركة الأهل ببعض النشاطات اللاصفية، كالرحلات الثقافية ومشاهدة الأفلام ومناقشتها وإصدار مجلة مشتركة بين المدرسة والعائلة تعكس صورة العائلة اللبنانية بعاداتها وتقاليدها.


واخيراً فلنعلم، ان الفرد لا يمكن ان يكون فوق العائلة، ولا العائلة فوق المجتمع، ولا المجتمع فوق الوطن.
ولنعلم انه مهما بلغت حدود التقدم والتطور والانفتاح تبقى الأولوية الأولى بين الأولويات للعائلة، لانها هي ركيزة المجتمع وحجر الزاوية في بناء الوطن، والتي من أحضانها يولد العمالقة الذين يصنعون التقدم والحضارة.