أوجه الشمول في التربية الكلية (تابع) 4/2

جورج فرج خبير تربوي المدرسة الوطنية الأرثوذكسية- الميناكفايات تكوينية (بنائية  إنمائية) لشخصية الناشئ.

  بعد أن أوضحنا مكونات الشخصية البشرية (في المقال السابق) لا بد من تحديد العوامل المؤثرة في هذه المكونات، والعاملة على: تكوينها وبنائها وانمائها. لكن وقبل ان نشرع في ذلك، نتوقف أمام كلمتين وردتا في العنوان أعلاه: الكلية والكفاية. نبدأ بالكلية منطلقين من دلالة الكلمة لغوياً. جاء في لسان العرب، والوسيط. الكلّ: اسم يجمع الأجزاء. والكلي ما ينسب إلى الكل أو يطلق عليه، والكل ايضاً اسم موضوع لاستغراق أفراد المتعدد أو لعموم أجزاء الواحد على أنه كلّ. كلية الشيء: أجمعه. يقال: أخذه بكليته أي أخذه بأجمعه. والكلية: هي مدرسة تعلم جميع أو مختلف العلوم.

 

من هذا التعريف اللغوي نرى أن تفكير الإنسان تفكير كلي إجمالي، فهو يدرك الأشياء بكليتها ثم يحللها إلى أجزائها، ثم يلاحظ الجزء الواحد، وهذا اسهل عليه من ملاحظة الكل، وبعد الانتهاء من ملاحظة الجزء ينتقل إلى غيره ثم غيره... وأخيراً يجمع هذه الأجزاء في عملية تركيبية، ليؤلف منها كلية أو قاعدة عامة.
وقد قدمنا مثلاً واقعياً تفكير الإنسان الكلي أو الإجمالي في المقال السابق تاركين أمر التفصيل عنه إلى المقال اللاحق. ولكن لا بأس من تقديم مثل آخر في هذه العجالة: إنسان يرى شجرة ، فيلقي نظرة كلية إجمالية عليها فيعرفها بكليتها على أنها شجرة، ثم يبدأ بتأملها وملاحظة أجزائها جزءاً بعد جزء: جذعها، أغصانها الكبيرة المتفرعة عن الجذع، وأغصانها الصغيرة المتفرعة عن الأغصان الكبيرة، وأوراقها، وأثمارها... مع وصف كل جزء وتحديد وظيفة كل جزء، فهذه التجزئة للكل وهذا التفريع لمكوّنات الكلّ، ضروري في التربية الكلية وخصوصاً المعرفية منها. وان كانت مدرسة "الجشتالت"، وهي التي اكتشفت التفكير الكلي، لا تؤمن بهذه التجزئة، لاعتقاد أربابها أن التجزئة تأتي على رونق الكلّ، فمن يسمع أغنية يصدر حكمه عليها على أنها كلّ، فيستحسنها أو يستقبحها أو يستوسطها من دون أن يجزّئها إلى: كلمات، ولحن، وأداء ، وصوت ، واحساس الخ...
أما عن الكفاية فقد تداولها المربون منذ مدة قصيرة، وتحدثوا عنها طويلاً، حتى صارت تطلق عشوائياً من دون تدقيق في مدلولها، فاختلفوا حول أمرين فيها: حول صحة تعريبها عن
الفرنسية (compétence) ثم اختلفوا حول مدلولها، وتساءلنا وسألنا: أهي هدف وغاية نسعى إلى تحقيقهما؟ أم هي نتيجة لاكتساب معلومات معينة بصورة كافية؟ وأخيراً استخلصنا مفهوماً دلالياً للكلمة من مجموعة آراء جمعناها وكوّنا منها تعريفاً، منطلقين من المبادئ التربوية السابقة واللاحقة والتي تدور كلها حول الكل والشمول، لذلك لا بد من أن تكون "الكفاءة" (كما وردت في مجلة الطفولة الكويتية) أو "الكفاية" ذات بعد كلّي شمولي.
هناك إجماع شبه تام على أن "الكفاءة" أو "الكفاية" عبارة عن مجموعة من القدرات والمهارات والأهداف يكتسبها الناشئ، فتؤثر في شخصيته وتسهم في تكوينها وانمائها من جهة، ومن جهة ثانية تمثل مستوى من الوعي ودرجة من الإدراك الفكري يستطيع معها الناشئ توظيف مختلف أنواع القدرات والمهارات المكتسبة، والأهداف المعرفية وخصوصاً اللغوية منها، والرياضية، والتواصلية بتنوع وضعياتها، في مجالات الحياة المتعددة (سيتم التركيز على الأهداف في الكفايات المعرفية اللاحقة) نعود الى التحدث عن الكفايات المسهمة في تكوين شخصية الناشئ وإنمائها.


1- كفاية التواصل العلائقي الإنساني
لهذه الكفاية منزلة رفيعة في مجال التربية الكلية اذ عليها تبنى سائر الكفايات، وتتمثل في الاتصال المباشر الذي يتم بين اثنين أو ثلاثة أو مجموعة من الأشخاص، وعلى مستوى هذه العلاقة القائمة بين المتواصلين، يرتكز نجاح أو فشل هدف التواصل. وللتواصل وضعيات مختلفة ومستويات متغيرة، ولا نغالي اذا قلنا إن التواصل الناجح هو أساس نجاح العملية التربوية برمتها، لأن التواصل الهادف انمائياً يحتاج الى: شفافية في العلاقة، كما يحتاج إلى تعاون، والتعاون الناجح يفرض تبادل المحبة، والمحبة تستدعي التسامح، فبالتواصل التعاوني والمحبة والتسامح نبني إنسانية إنسان، وبها تتوازن شخصيته وتتكامل. وفي هذا النوع من التواصل الإنساني يأتي دور اللغة ثانياً، فالدور الأول فيه يكون للعواطف النبيلة والسلوك المثالي.
وسنذكر بعض مستويات هذا النوع من التواصل:
 - تواصل بين قطبي العملية التربوية: (المعلم والناشئ)، الناشئ باعتباره محور العملية التربوية والمعلم بصفته موجه هذه العملية ومنظمها. وينقسم إلى قسمين:
-  تواصل انساني علائقي وهو ما يهمنا هنا.
وتواصل هادف الى إكساب كفايات واهداف معرفية سنتحدث عنه لاحقاً.
 - تواصل اجتماعي يبدأ بين التلاميذ بعضهم مع بعض، وينتقل إلى تواصل في الأسرة، ثم الى تواصل اجتماعي واسع.
لا يمكننا الفصل بدقة بين التواصل الإنساني والتواصل التعليمي إذ من المفروض تربوياً أن يتكاملا، فالثاني يرتبط نجاحه بنجاح الأول، وليس العكس صحيحاً بالضرورة. ولكن لا بد من التوقف عند المعلم منظم العملية التواصلية مع الناشئين في الصف، لذلك سنصنف ثلاثة مستويات من التواصل، بالنسبة الى المعلم، لأنه هو المبادر الى هذا التواصل.
أ - التواصل الإكراهي
ويمثله ذلك المعلم الذي سدت
في وجهه أبواب الرزق فلم يحصل على وظيفة "تليق به"، فلجأ الى التعليم ليكون جسراً يعبر عليه إلى وظيفة أرقى. فهذا المعلم طارئ على التربية أتى إليها مكرهاً فيؤدي عمله مكرهاً، تحكمه نظرية: "بديك وبلا ديك بدو يطلع الضو"، أي أنه إذا اشتغل أو لم يشتغل سوف يقبض معاشه في آخر الشهر، فهذا التواصل السيئ ينعكس سلباً على التلاميذ ويسبب ضرراً لهم، إذ يكرهون المعلم ويكرهون المادة التي يعلمها، ويكرهون المدرسة وقد يتخلون عنها ويهجرونها.

ب - التواصل الواجب أو الموجب
ويتمثل بالمعلم الذي يقوم بواجبه التعليم
ي، ولكن كأنه آلة تسجيل تخرج الكلمات من بين شفتيه جامدة لا حياة فيها، مكتفياً بالتواصل الوظيفي. وهذا ايضاً لا يعول عليه في تحقيق أهداف التربية الشاملة.

ج - التواصل الشفاف
ويمثله المعلم المربي الذي يعيش الكلمة وهو يتلفظ بها، وتخرج من قلبه نابضة بالاحساسات والمشاعر فتصل إلى آذان التلاميذ وتلامس مشاعرهم. هذا هو المعلم الذي يطلب منه كي يكون مربياً مثالياً، ولا بأس من تعداد ما يجب أن يتصف به:
أن يقر بمبدأ التساوي بينه و بين التلميذ، على الأقل، بالصفة الإنسانية الجامعة بينهما، فيتخلى عن النظرة الفوقية المتعالية، وعن الشعور أنه القائد في الصف وهو الحاكم المسيطر.
هذه النزعة التسلطية لا مكان لها في التربية الشاملة الكلية، فكما يريد المعلم أن يحترمه التلميذ، عليه هو أن يبادر الى هذا الاحترام.
هذا المربي هو الذي يعيش في حالة كيانية تتأجج فيها العواطف النبيلة والمشاعر الإنسانية السامية، فينصهر فيها وتتجلى في:
نبرات صوته، وبريق عينيه، وحماسته واندفاعه، وحركاته المجسدة الصدق والمحبة والإخلاص والتضحية ... تنتقل مفاعيل هذه الأحاسيس في شحنات، كأنها موجات من نور، الى كيانات الأطفال فيتحسسونها ويشعرون بدفئها وحنانها مهما كانوا صغاراً، وتنشأ حالة روحية جديدة عمادها المحبة التي تكتوي بها نفوس الجميع فتطهرهم، ولبنتها الثقة المتبادلة.
عندئذ، وعندئذ فقط يستطيع المربي أن يصوّب خطأً سلوكياً، ويقوّم اعوجاجاً في التصرف ليس بالقصاص والعقاب بل بالكلمة الطيبة المعاتبة حيناً والموبخة أحياناً... وكله مقبول مع الاعتذار والامتنان من التلميذ...
بعد هذا الاندماج الروحي والنفسي بين قطبي العملية التربوية، يستطيع المربي أن يرشد ويوجه وأن يحمل تلاميذه على التقيد بالنظام والانضباط ذاتيّاً، على أن يطبق هو هذه المفاهيم السلوكية أمامهم، فلا يدخل الى الصف متأخراً، بل يكون أول الداخلين اليه وآخر الخارجين منه، ولا يتأخر عن تسليم مسابقات في موعدها، ولا يعظ تلاميذه، وينصح لهم بالابتعاد عن الممنوعات والمحرمات والمنكرات، وهو يمارسها في الخفاء، فينطبق عليه قول الشاعر:
             يا ايها الرجل المعلم غيره                         هلا لنفسك كان ذا التعليم
وإذا لم يتصف المعلم بهذه المواصفات، فعبثاً يحاول أن يربّي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
الكلام يطول في هذا الموضوع، الا أننا نكتفي بالقول: أنه في هذه الكفاية، كفاية التواصل بين المعلم وتلاميذه يكمن سر العملية التربوية، كما تتوخاها التربية الشاملة، فهي اذاً ذهنية قبل أن تكون آلية، وعليها تبنى سائر الكفايات نجاحاً أو فشلاً، ثم أن هذا التواصل الذي نهدف اليه، سينتقل مع التلاميذ الى الحياة الاجتماعية، وبه يتحقق هدف آخر من أهداف التربية وهو "إعداد التلميذ للحياة". نعود الى المربي لنقول له : اذا طبقت ما ذكرنا بإخلاص، تتحول مهنة التعليم على يديك الى "مهنة رسولية" تستحق  عليها كل تقدير واحترام، وتسهم في بناء المجتمع الذي تعيش فيه.
ولكن لا يفهمنّ أحد من كلامنا أننا ندعو إلى هدم الحدود كليّاً بين المعلم والمتعلم، لذلك نلخص كلامنا السابق بقول للخليفة عمر بن الخطاب يصلح شعاراً لكل مسؤول: "شدة من غير عنف ولطف من غير ضعف".


٢ - كفايات تكوينية : (تربوية اجتماعية)
"إعداد الطالب للحياة"، وهو ما تهدف اليه التربية الكلية الشاملة. يقول الأديب الكبير مخائيل نعيمة متحدثاً عن مدرسته: "كان من حسن تدبير القائمين على مدرستنا أنهم خصصوا لنا ساعة في الأسبوع للأشغال اليدوية. لقد كان لنا مشغل مجهز بأحدث أدوات النجارة، والحفر في الخشب وتجليد الكتب" فكم من طالب ما لمست يده المعول أو المنجل ... وكم من طالب يجهل عملياً كيف تنبت حبة القمح أو البصلة، وكم من الذين يعيشون أعمارهم وايديهم وارجلهم لم تلمس التراب. انها لجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هوة سحيقة (هذا الكلام كتب في أوائل القرن العشرين، وها نحن نستشهد به في أوائل القرن الحادي والعشرين).
الطالب إنسان، والإنسان مخلوق اجتماعي، ومن البدهي أن نعده كي يكون فرداً ناشطاً في المجتمع يؤدي واجبه فيه متعاوناً مع غيره، فمن حقه أيضاً أن يرى غيره يبادله هذا التعاون، لذلك فمن أجل الإعداد للتعاون الاجتماعي يتم إجراء:

  •  أنشطة تجرى في المدرسة أو الصف وتعد الطالب للمجتمع: جسدية تعاونية في حصص الرياضة، تمثيليات، فنون، كالرسم خاصة، تدبير المنزل للبنات من خياطة ونسج وتطريز... وهذا ما يمكن أن تحتاج إليه الأم في حياتها المنزلية والاجتماعية.
  •  بعض المهن اليدوية الخفيفة والتي يحتاج إليها الرجل في منزله: كالنجارة، واصلاح ما يمكن أن يتعطل في المنزل من آلات كهربائية أو صحية وغيرها...
  •  تمارين تحقق مبدأ ارتباط الجزء بالكل، من خلال ارتباط الطالب بأسرته وبصفه ومدرسته ورفاقه وبمجتمعه الصغير والكبير إذ لا قيمة تذكر للجزء من دون الكل.


٣- أنشطة تعاونية فريقية
هذه الأنشطة يتمازج فيها هدفان: هدف تكويني إنمائي يتعلق بالتعاون في الصف بين مجموعات أو فرق، وانسحاب هذا التعاون على المجتمع، وهدف ثانٍ معرفي ربما عدنا اليه في الكفايات المعرفية.
تدعو التربية الى تنشئة الأطفال منذ دخولهم صفوف الروضة على روح التعاون والتعاضد فيما بينهم، وبالتالي بث روح المحبة، لأنه لا تعاون بين الأفراد بمعزل عن المحبة، وبهذه الروح نعدهم لحياة اجتماعية سليمة لا تستقيم الحياة في أي مجتمع من دونها، وبها نقضي على آفة "الأنا" المسيطرة على الطفل عموماً وهو القادم من مكان كان يشكل فيه محور العائلة ومحط أنظار أفرادها.
هذه الأنا هي المولّدة للأنانية الآفة القاتلة لكل ما هو مجتمعي وتعاوني والمتفشية في مجتمعاتنا بقوة. والآفة الثالثة المتولدة من الأنانية هي العدوانية، وهي الأكثر عنفاً مع الآخر والأكثر ظلماً له. فلا يجوز أن نفكر بإيجابية التعاون بين الأطفال، قبل إنقاذهم من سلبيات الآفات التي ذكرنا، والمدرسة هي البيئة الأصلح، والأرحب مجالاً للقيام بهذا الدور المزدوج، والمربي الشمولي ذو الذهنية الشمولية هو الأجدر بتنفيذ هذا العمل، ويمكن أن يتم ذلك بأساليب عديدة، حاصرين كلامنا بالهدف الساعي إلى التعاون:

  •  اعتماد الطرائق والأساليب التعليمية الناشطة والداعية إلى المشاركة الجماعية لأفراد الصف جميعهم، وإشعارهم بأن هذا التعاون الجماعي هو الذي أنجز العمل، واستنتج الكلية.
  •  الأبحاث التي تستدعيها الدروس على أن يشترك جميع أفراد الصف في التفتيش عنها وتحضيرها، وهذا ينطبق على تلك الأشياء التي نأتي بها الى الصف لتكون وسائل إيضاح أو لإجراء تجربة أو اختبار أو أكلة...
  •  الاقتراحات التي يتفق تلاميذ الصف على تبنيها والسعي الى تنفيذها، وقد يتم هذا الاتفاق بالإجماع من دون اي تدخل من معلم أو إدارة، أو بالتصويت.
  •  تعويد التلاميذ التنافس الديمقراطي من خلال انتخاب مندوبين عن الصف من دون تدخل أو تأثير.
  •  إلغاء كل ما يستدعي المنافسة والمزاحمة على الرتب وهو ما يسبّب الحسد والحقد والكراهية، اذ يتحول بعض التلاميذ الى "طواويس" ويتحول آخرون الى "خفافيش" بدءاً من: وكيل المعلم على الصف، الى الرتب في نتائج الامتحانات، الى الإعفاء من امتحان آخر السنة، الى أي نوع آخر فيه تفضيل لأحد التلاميذ على غيره، أو أي  
  • هذه الأجواء، اذا ما توافرت في الصف، هي التي تمهد الى حل مسألة حسابية ضمن مجموعات، أو معالجة أي موضوع لغوي يطلب مناقشته وحله في عمل فريقي.

والعمل في مجموعات حاز قسطاً من اهتمام العاملين في المجال التربوي في المركز التربوي للبحوث والإنماء، من اعمال الفنان ميشال بصبوصوعدوه طريقة (méthode) ونحن نراه اسلوباً (procédé) وأولوه اهتماماً معتبرين أنه بالإضافة الى روح التعاون التي نبغي أن يبثها هذا النوع من النشاط بين التلاميذ، فهو يساعد على التعلم التعاوني وقد جاء في إحدى نشرات المركز ما يأتي: "عندما يوجد التلميذ الى جانب رفاقه فإنه يتبادل الرأي معهم بنسبة عالية من التفاعل، فيعيد النظر في معرفته من جهة، كما يتعلم من الذين يتقدمونه في المعرفة. وفي هذه الحال تسهل عملية تقديم معلومات تتناسب مع مستوى نماء عقلي متقارب، قد لا يستطيع المعلم تقديرها بدقة".
لكننا نستدرك لنكرر ما ذكرناه سابقاً: إذا لم تتوافر الأجواء السابقة و التي فصّلنا الكلام فيها، لا ينجح أسلوب التعلم في مجموعات، وإن كنا نميل إلى تأييد تطبيقه بين الحين والآخر، باعتباره اسلوباً من ضمن أساليب أخرى نطبقها من أجل التنويع، وهو عنصر مهم من عناصر إيقاظ الانتباه وجذبه.

من اعمال الفنان ميشال بصبوصمن اعمال الفنان ميشال بصبوص
أنشطة مدرسية اجتماعية تعاونية

من أهم مقومات تنمية الإبداع، والحثّ على الانخراط في المجتمع بنجاح، تأسيس:

  •  جمعيات مدرسية تعنى بالفنون: الرسم، التمثيل...
  •  نادي اللغة العربية الذي يعنى بالإلقاء والكتابة ونظم الشعرحيث ينمي مهارات فن الإصغاء والحوار والخطابة.
  •  نادي الإعلام الذي يعنى بإصدار مجلة أو مجلة الجدار، والاهتمام بالموسيقى وبإحضار فرق موسيقية وغنائية إلى المدرسة وإحضار الآت موسيقية...
  •  هذه الأنشطة تنمي الروح الاجتماعية وتعد للعيش والاختلاط في الحياة الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها.


هامش:
1- علم النفس التربوي : الابراشي  حامد

              
 

أوجه الشمول في التربية الكلية (تابع) 4/2

جورج فرج خبير تربوي المدرسة الوطنية الأرثوذكسية- الميناكفايات تكوينية (بنائية  إنمائية) لشخصية الناشئ.

  بعد أن أوضحنا مكونات الشخصية البشرية (في المقال السابق) لا بد من تحديد العوامل المؤثرة في هذه المكونات، والعاملة على: تكوينها وبنائها وانمائها. لكن وقبل ان نشرع في ذلك، نتوقف أمام كلمتين وردتا في العنوان أعلاه: الكلية والكفاية. نبدأ بالكلية منطلقين من دلالة الكلمة لغوياً. جاء في لسان العرب، والوسيط. الكلّ: اسم يجمع الأجزاء. والكلي ما ينسب إلى الكل أو يطلق عليه، والكل ايضاً اسم موضوع لاستغراق أفراد المتعدد أو لعموم أجزاء الواحد على أنه كلّ. كلية الشيء: أجمعه. يقال: أخذه بكليته أي أخذه بأجمعه. والكلية: هي مدرسة تعلم جميع أو مختلف العلوم.

 

من هذا التعريف اللغوي نرى أن تفكير الإنسان تفكير كلي إجمالي، فهو يدرك الأشياء بكليتها ثم يحللها إلى أجزائها، ثم يلاحظ الجزء الواحد، وهذا اسهل عليه من ملاحظة الكل، وبعد الانتهاء من ملاحظة الجزء ينتقل إلى غيره ثم غيره... وأخيراً يجمع هذه الأجزاء في عملية تركيبية، ليؤلف منها كلية أو قاعدة عامة.
وقد قدمنا مثلاً واقعياً تفكير الإنسان الكلي أو الإجمالي في المقال السابق تاركين أمر التفصيل عنه إلى المقال اللاحق. ولكن لا بأس من تقديم مثل آخر في هذه العجالة: إنسان يرى شجرة ، فيلقي نظرة كلية إجمالية عليها فيعرفها بكليتها على أنها شجرة، ثم يبدأ بتأملها وملاحظة أجزائها جزءاً بعد جزء: جذعها، أغصانها الكبيرة المتفرعة عن الجذع، وأغصانها الصغيرة المتفرعة عن الأغصان الكبيرة، وأوراقها، وأثمارها... مع وصف كل جزء وتحديد وظيفة كل جزء، فهذه التجزئة للكل وهذا التفريع لمكوّنات الكلّ، ضروري في التربية الكلية وخصوصاً المعرفية منها. وان كانت مدرسة "الجشتالت"، وهي التي اكتشفت التفكير الكلي، لا تؤمن بهذه التجزئة، لاعتقاد أربابها أن التجزئة تأتي على رونق الكلّ، فمن يسمع أغنية يصدر حكمه عليها على أنها كلّ، فيستحسنها أو يستقبحها أو يستوسطها من دون أن يجزّئها إلى: كلمات، ولحن، وأداء ، وصوت ، واحساس الخ...
أما عن الكفاية فقد تداولها المربون منذ مدة قصيرة، وتحدثوا عنها طويلاً، حتى صارت تطلق عشوائياً من دون تدقيق في مدلولها، فاختلفوا حول أمرين فيها: حول صحة تعريبها عن
الفرنسية (compétence) ثم اختلفوا حول مدلولها، وتساءلنا وسألنا: أهي هدف وغاية نسعى إلى تحقيقهما؟ أم هي نتيجة لاكتساب معلومات معينة بصورة كافية؟ وأخيراً استخلصنا مفهوماً دلالياً للكلمة من مجموعة آراء جمعناها وكوّنا منها تعريفاً، منطلقين من المبادئ التربوية السابقة واللاحقة والتي تدور كلها حول الكل والشمول، لذلك لا بد من أن تكون "الكفاءة" (كما وردت في مجلة الطفولة الكويتية) أو "الكفاية" ذات بعد كلّي شمولي.
هناك إجماع شبه تام على أن "الكفاءة" أو "الكفاية" عبارة عن مجموعة من القدرات والمهارات والأهداف يكتسبها الناشئ، فتؤثر في شخصيته وتسهم في تكوينها وانمائها من جهة، ومن جهة ثانية تمثل مستوى من الوعي ودرجة من الإدراك الفكري يستطيع معها الناشئ توظيف مختلف أنواع القدرات والمهارات المكتسبة، والأهداف المعرفية وخصوصاً اللغوية منها، والرياضية، والتواصلية بتنوع وضعياتها، في مجالات الحياة المتعددة (سيتم التركيز على الأهداف في الكفايات المعرفية اللاحقة) نعود الى التحدث عن الكفايات المسهمة في تكوين شخصية الناشئ وإنمائها.


1- كفاية التواصل العلائقي الإنساني
لهذه الكفاية منزلة رفيعة في مجال التربية الكلية اذ عليها تبنى سائر الكفايات، وتتمثل في الاتصال المباشر الذي يتم بين اثنين أو ثلاثة أو مجموعة من الأشخاص، وعلى مستوى هذه العلاقة القائمة بين المتواصلين، يرتكز نجاح أو فشل هدف التواصل. وللتواصل وضعيات مختلفة ومستويات متغيرة، ولا نغالي اذا قلنا إن التواصل الناجح هو أساس نجاح العملية التربوية برمتها، لأن التواصل الهادف انمائياً يحتاج الى: شفافية في العلاقة، كما يحتاج إلى تعاون، والتعاون الناجح يفرض تبادل المحبة، والمحبة تستدعي التسامح، فبالتواصل التعاوني والمحبة والتسامح نبني إنسانية إنسان، وبها تتوازن شخصيته وتتكامل. وفي هذا النوع من التواصل الإنساني يأتي دور اللغة ثانياً، فالدور الأول فيه يكون للعواطف النبيلة والسلوك المثالي.
وسنذكر بعض مستويات هذا النوع من التواصل:
 - تواصل بين قطبي العملية التربوية: (المعلم والناشئ)، الناشئ باعتباره محور العملية التربوية والمعلم بصفته موجه هذه العملية ومنظمها. وينقسم إلى قسمين:
-  تواصل انساني علائقي وهو ما يهمنا هنا.
وتواصل هادف الى إكساب كفايات واهداف معرفية سنتحدث عنه لاحقاً.
 - تواصل اجتماعي يبدأ بين التلاميذ بعضهم مع بعض، وينتقل إلى تواصل في الأسرة، ثم الى تواصل اجتماعي واسع.
لا يمكننا الفصل بدقة بين التواصل الإنساني والتواصل التعليمي إذ من المفروض تربوياً أن يتكاملا، فالثاني يرتبط نجاحه بنجاح الأول، وليس العكس صحيحاً بالضرورة. ولكن لا بد من التوقف عند المعلم منظم العملية التواصلية مع الناشئين في الصف، لذلك سنصنف ثلاثة مستويات من التواصل، بالنسبة الى المعلم، لأنه هو المبادر الى هذا التواصل.
أ - التواصل الإكراهي
ويمثله ذلك المعلم الذي سدت
في وجهه أبواب الرزق فلم يحصل على وظيفة "تليق به"، فلجأ الى التعليم ليكون جسراً يعبر عليه إلى وظيفة أرقى. فهذا المعلم طارئ على التربية أتى إليها مكرهاً فيؤدي عمله مكرهاً، تحكمه نظرية: "بديك وبلا ديك بدو يطلع الضو"، أي أنه إذا اشتغل أو لم يشتغل سوف يقبض معاشه في آخر الشهر، فهذا التواصل السيئ ينعكس سلباً على التلاميذ ويسبب ضرراً لهم، إذ يكرهون المعلم ويكرهون المادة التي يعلمها، ويكرهون المدرسة وقد يتخلون عنها ويهجرونها.

ب - التواصل الواجب أو الموجب
ويتمثل بالمعلم الذي يقوم بواجبه التعليم
ي، ولكن كأنه آلة تسجيل تخرج الكلمات من بين شفتيه جامدة لا حياة فيها، مكتفياً بالتواصل الوظيفي. وهذا ايضاً لا يعول عليه في تحقيق أهداف التربية الشاملة.

ج - التواصل الشفاف
ويمثله المعلم المربي الذي يعيش الكلمة وهو يتلفظ بها، وتخرج من قلبه نابضة بالاحساسات والمشاعر فتصل إلى آذان التلاميذ وتلامس مشاعرهم. هذا هو المعلم الذي يطلب منه كي يكون مربياً مثالياً، ولا بأس من تعداد ما يجب أن يتصف به:
أن يقر بمبدأ التساوي بينه و بين التلميذ، على الأقل، بالصفة الإنسانية الجامعة بينهما، فيتخلى عن النظرة الفوقية المتعالية، وعن الشعور أنه القائد في الصف وهو الحاكم المسيطر.
هذه النزعة التسلطية لا مكان لها في التربية الشاملة الكلية، فكما يريد المعلم أن يحترمه التلميذ، عليه هو أن يبادر الى هذا الاحترام.
هذا المربي هو الذي يعيش في حالة كيانية تتأجج فيها العواطف النبيلة والمشاعر الإنسانية السامية، فينصهر فيها وتتجلى في:
نبرات صوته، وبريق عينيه، وحماسته واندفاعه، وحركاته المجسدة الصدق والمحبة والإخلاص والتضحية ... تنتقل مفاعيل هذه الأحاسيس في شحنات، كأنها موجات من نور، الى كيانات الأطفال فيتحسسونها ويشعرون بدفئها وحنانها مهما كانوا صغاراً، وتنشأ حالة روحية جديدة عمادها المحبة التي تكتوي بها نفوس الجميع فتطهرهم، ولبنتها الثقة المتبادلة.
عندئذ، وعندئذ فقط يستطيع المربي أن يصوّب خطأً سلوكياً، ويقوّم اعوجاجاً في التصرف ليس بالقصاص والعقاب بل بالكلمة الطيبة المعاتبة حيناً والموبخة أحياناً... وكله مقبول مع الاعتذار والامتنان من التلميذ...
بعد هذا الاندماج الروحي والنفسي بين قطبي العملية التربوية، يستطيع المربي أن يرشد ويوجه وأن يحمل تلاميذه على التقيد بالنظام والانضباط ذاتيّاً، على أن يطبق هو هذه المفاهيم السلوكية أمامهم، فلا يدخل الى الصف متأخراً، بل يكون أول الداخلين اليه وآخر الخارجين منه، ولا يتأخر عن تسليم مسابقات في موعدها، ولا يعظ تلاميذه، وينصح لهم بالابتعاد عن الممنوعات والمحرمات والمنكرات، وهو يمارسها في الخفاء، فينطبق عليه قول الشاعر:
             يا ايها الرجل المعلم غيره                         هلا لنفسك كان ذا التعليم
وإذا لم يتصف المعلم بهذه المواصفات، فعبثاً يحاول أن يربّي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
الكلام يطول في هذا الموضوع، الا أننا نكتفي بالقول: أنه في هذه الكفاية، كفاية التواصل بين المعلم وتلاميذه يكمن سر العملية التربوية، كما تتوخاها التربية الشاملة، فهي اذاً ذهنية قبل أن تكون آلية، وعليها تبنى سائر الكفايات نجاحاً أو فشلاً، ثم أن هذا التواصل الذي نهدف اليه، سينتقل مع التلاميذ الى الحياة الاجتماعية، وبه يتحقق هدف آخر من أهداف التربية وهو "إعداد التلميذ للحياة". نعود الى المربي لنقول له : اذا طبقت ما ذكرنا بإخلاص، تتحول مهنة التعليم على يديك الى "مهنة رسولية" تستحق  عليها كل تقدير واحترام، وتسهم في بناء المجتمع الذي تعيش فيه.
ولكن لا يفهمنّ أحد من كلامنا أننا ندعو إلى هدم الحدود كليّاً بين المعلم والمتعلم، لذلك نلخص كلامنا السابق بقول للخليفة عمر بن الخطاب يصلح شعاراً لكل مسؤول: "شدة من غير عنف ولطف من غير ضعف".


٢ - كفايات تكوينية : (تربوية اجتماعية)
"إعداد الطالب للحياة"، وهو ما تهدف اليه التربية الكلية الشاملة. يقول الأديب الكبير مخائيل نعيمة متحدثاً عن مدرسته: "كان من حسن تدبير القائمين على مدرستنا أنهم خصصوا لنا ساعة في الأسبوع للأشغال اليدوية. لقد كان لنا مشغل مجهز بأحدث أدوات النجارة، والحفر في الخشب وتجليد الكتب" فكم من طالب ما لمست يده المعول أو المنجل ... وكم من طالب يجهل عملياً كيف تنبت حبة القمح أو البصلة، وكم من الذين يعيشون أعمارهم وايديهم وارجلهم لم تلمس التراب. انها لجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هوة سحيقة (هذا الكلام كتب في أوائل القرن العشرين، وها نحن نستشهد به في أوائل القرن الحادي والعشرين).
الطالب إنسان، والإنسان مخلوق اجتماعي، ومن البدهي أن نعده كي يكون فرداً ناشطاً في المجتمع يؤدي واجبه فيه متعاوناً مع غيره، فمن حقه أيضاً أن يرى غيره يبادله هذا التعاون، لذلك فمن أجل الإعداد للتعاون الاجتماعي يتم إجراء:

  •  أنشطة تجرى في المدرسة أو الصف وتعد الطالب للمجتمع: جسدية تعاونية في حصص الرياضة، تمثيليات، فنون، كالرسم خاصة، تدبير المنزل للبنات من خياطة ونسج وتطريز... وهذا ما يمكن أن تحتاج إليه الأم في حياتها المنزلية والاجتماعية.
  •  بعض المهن اليدوية الخفيفة والتي يحتاج إليها الرجل في منزله: كالنجارة، واصلاح ما يمكن أن يتعطل في المنزل من آلات كهربائية أو صحية وغيرها...
  •  تمارين تحقق مبدأ ارتباط الجزء بالكل، من خلال ارتباط الطالب بأسرته وبصفه ومدرسته ورفاقه وبمجتمعه الصغير والكبير إذ لا قيمة تذكر للجزء من دون الكل.


٣- أنشطة تعاونية فريقية
هذه الأنشطة يتمازج فيها هدفان: هدف تكويني إنمائي يتعلق بالتعاون في الصف بين مجموعات أو فرق، وانسحاب هذا التعاون على المجتمع، وهدف ثانٍ معرفي ربما عدنا اليه في الكفايات المعرفية.
تدعو التربية الى تنشئة الأطفال منذ دخولهم صفوف الروضة على روح التعاون والتعاضد فيما بينهم، وبالتالي بث روح المحبة، لأنه لا تعاون بين الأفراد بمعزل عن المحبة، وبهذه الروح نعدهم لحياة اجتماعية سليمة لا تستقيم الحياة في أي مجتمع من دونها، وبها نقضي على آفة "الأنا" المسيطرة على الطفل عموماً وهو القادم من مكان كان يشكل فيه محور العائلة ومحط أنظار أفرادها.
هذه الأنا هي المولّدة للأنانية الآفة القاتلة لكل ما هو مجتمعي وتعاوني والمتفشية في مجتمعاتنا بقوة. والآفة الثالثة المتولدة من الأنانية هي العدوانية، وهي الأكثر عنفاً مع الآخر والأكثر ظلماً له. فلا يجوز أن نفكر بإيجابية التعاون بين الأطفال، قبل إنقاذهم من سلبيات الآفات التي ذكرنا، والمدرسة هي البيئة الأصلح، والأرحب مجالاً للقيام بهذا الدور المزدوج، والمربي الشمولي ذو الذهنية الشمولية هو الأجدر بتنفيذ هذا العمل، ويمكن أن يتم ذلك بأساليب عديدة، حاصرين كلامنا بالهدف الساعي إلى التعاون:

  •  اعتماد الطرائق والأساليب التعليمية الناشطة والداعية إلى المشاركة الجماعية لأفراد الصف جميعهم، وإشعارهم بأن هذا التعاون الجماعي هو الذي أنجز العمل، واستنتج الكلية.
  •  الأبحاث التي تستدعيها الدروس على أن يشترك جميع أفراد الصف في التفتيش عنها وتحضيرها، وهذا ينطبق على تلك الأشياء التي نأتي بها الى الصف لتكون وسائل إيضاح أو لإجراء تجربة أو اختبار أو أكلة...
  •  الاقتراحات التي يتفق تلاميذ الصف على تبنيها والسعي الى تنفيذها، وقد يتم هذا الاتفاق بالإجماع من دون اي تدخل من معلم أو إدارة، أو بالتصويت.
  •  تعويد التلاميذ التنافس الديمقراطي من خلال انتخاب مندوبين عن الصف من دون تدخل أو تأثير.
  •  إلغاء كل ما يستدعي المنافسة والمزاحمة على الرتب وهو ما يسبّب الحسد والحقد والكراهية، اذ يتحول بعض التلاميذ الى "طواويس" ويتحول آخرون الى "خفافيش" بدءاً من: وكيل المعلم على الصف، الى الرتب في نتائج الامتحانات، الى الإعفاء من امتحان آخر السنة، الى أي نوع آخر فيه تفضيل لأحد التلاميذ على غيره، أو أي  
  • هذه الأجواء، اذا ما توافرت في الصف، هي التي تمهد الى حل مسألة حسابية ضمن مجموعات، أو معالجة أي موضوع لغوي يطلب مناقشته وحله في عمل فريقي.

والعمل في مجموعات حاز قسطاً من اهتمام العاملين في المجال التربوي في المركز التربوي للبحوث والإنماء، من اعمال الفنان ميشال بصبوصوعدوه طريقة (méthode) ونحن نراه اسلوباً (procédé) وأولوه اهتماماً معتبرين أنه بالإضافة الى روح التعاون التي نبغي أن يبثها هذا النوع من النشاط بين التلاميذ، فهو يساعد على التعلم التعاوني وقد جاء في إحدى نشرات المركز ما يأتي: "عندما يوجد التلميذ الى جانب رفاقه فإنه يتبادل الرأي معهم بنسبة عالية من التفاعل، فيعيد النظر في معرفته من جهة، كما يتعلم من الذين يتقدمونه في المعرفة. وفي هذه الحال تسهل عملية تقديم معلومات تتناسب مع مستوى نماء عقلي متقارب، قد لا يستطيع المعلم تقديرها بدقة".
لكننا نستدرك لنكرر ما ذكرناه سابقاً: إذا لم تتوافر الأجواء السابقة و التي فصّلنا الكلام فيها، لا ينجح أسلوب التعلم في مجموعات، وإن كنا نميل إلى تأييد تطبيقه بين الحين والآخر، باعتباره اسلوباً من ضمن أساليب أخرى نطبقها من أجل التنويع، وهو عنصر مهم من عناصر إيقاظ الانتباه وجذبه.

من اعمال الفنان ميشال بصبوصمن اعمال الفنان ميشال بصبوص
أنشطة مدرسية اجتماعية تعاونية

من أهم مقومات تنمية الإبداع، والحثّ على الانخراط في المجتمع بنجاح، تأسيس:

  •  جمعيات مدرسية تعنى بالفنون: الرسم، التمثيل...
  •  نادي اللغة العربية الذي يعنى بالإلقاء والكتابة ونظم الشعرحيث ينمي مهارات فن الإصغاء والحوار والخطابة.
  •  نادي الإعلام الذي يعنى بإصدار مجلة أو مجلة الجدار، والاهتمام بالموسيقى وبإحضار فرق موسيقية وغنائية إلى المدرسة وإحضار الآت موسيقية...
  •  هذه الأنشطة تنمي الروح الاجتماعية وتعد للعيش والاختلاط في الحياة الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها.


هامش:
1- علم النفس التربوي : الابراشي  حامد

              
 

أوجه الشمول في التربية الكلية (تابع) 4/2

جورج فرج خبير تربوي المدرسة الوطنية الأرثوذكسية- الميناكفايات تكوينية (بنائية  إنمائية) لشخصية الناشئ.

  بعد أن أوضحنا مكونات الشخصية البشرية (في المقال السابق) لا بد من تحديد العوامل المؤثرة في هذه المكونات، والعاملة على: تكوينها وبنائها وانمائها. لكن وقبل ان نشرع في ذلك، نتوقف أمام كلمتين وردتا في العنوان أعلاه: الكلية والكفاية. نبدأ بالكلية منطلقين من دلالة الكلمة لغوياً. جاء في لسان العرب، والوسيط. الكلّ: اسم يجمع الأجزاء. والكلي ما ينسب إلى الكل أو يطلق عليه، والكل ايضاً اسم موضوع لاستغراق أفراد المتعدد أو لعموم أجزاء الواحد على أنه كلّ. كلية الشيء: أجمعه. يقال: أخذه بكليته أي أخذه بأجمعه. والكلية: هي مدرسة تعلم جميع أو مختلف العلوم.

 

من هذا التعريف اللغوي نرى أن تفكير الإنسان تفكير كلي إجمالي، فهو يدرك الأشياء بكليتها ثم يحللها إلى أجزائها، ثم يلاحظ الجزء الواحد، وهذا اسهل عليه من ملاحظة الكل، وبعد الانتهاء من ملاحظة الجزء ينتقل إلى غيره ثم غيره... وأخيراً يجمع هذه الأجزاء في عملية تركيبية، ليؤلف منها كلية أو قاعدة عامة.
وقد قدمنا مثلاً واقعياً تفكير الإنسان الكلي أو الإجمالي في المقال السابق تاركين أمر التفصيل عنه إلى المقال اللاحق. ولكن لا بأس من تقديم مثل آخر في هذه العجالة: إنسان يرى شجرة ، فيلقي نظرة كلية إجمالية عليها فيعرفها بكليتها على أنها شجرة، ثم يبدأ بتأملها وملاحظة أجزائها جزءاً بعد جزء: جذعها، أغصانها الكبيرة المتفرعة عن الجذع، وأغصانها الصغيرة المتفرعة عن الأغصان الكبيرة، وأوراقها، وأثمارها... مع وصف كل جزء وتحديد وظيفة كل جزء، فهذه التجزئة للكل وهذا التفريع لمكوّنات الكلّ، ضروري في التربية الكلية وخصوصاً المعرفية منها. وان كانت مدرسة "الجشتالت"، وهي التي اكتشفت التفكير الكلي، لا تؤمن بهذه التجزئة، لاعتقاد أربابها أن التجزئة تأتي على رونق الكلّ، فمن يسمع أغنية يصدر حكمه عليها على أنها كلّ، فيستحسنها أو يستقبحها أو يستوسطها من دون أن يجزّئها إلى: كلمات، ولحن، وأداء ، وصوت ، واحساس الخ...
أما عن الكفاية فقد تداولها المربون منذ مدة قصيرة، وتحدثوا عنها طويلاً، حتى صارت تطلق عشوائياً من دون تدقيق في مدلولها، فاختلفوا حول أمرين فيها: حول صحة تعريبها عن
الفرنسية (compétence) ثم اختلفوا حول مدلولها، وتساءلنا وسألنا: أهي هدف وغاية نسعى إلى تحقيقهما؟ أم هي نتيجة لاكتساب معلومات معينة بصورة كافية؟ وأخيراً استخلصنا مفهوماً دلالياً للكلمة من مجموعة آراء جمعناها وكوّنا منها تعريفاً، منطلقين من المبادئ التربوية السابقة واللاحقة والتي تدور كلها حول الكل والشمول، لذلك لا بد من أن تكون "الكفاءة" (كما وردت في مجلة الطفولة الكويتية) أو "الكفاية" ذات بعد كلّي شمولي.
هناك إجماع شبه تام على أن "الكفاءة" أو "الكفاية" عبارة عن مجموعة من القدرات والمهارات والأهداف يكتسبها الناشئ، فتؤثر في شخصيته وتسهم في تكوينها وانمائها من جهة، ومن جهة ثانية تمثل مستوى من الوعي ودرجة من الإدراك الفكري يستطيع معها الناشئ توظيف مختلف أنواع القدرات والمهارات المكتسبة، والأهداف المعرفية وخصوصاً اللغوية منها، والرياضية، والتواصلية بتنوع وضعياتها، في مجالات الحياة المتعددة (سيتم التركيز على الأهداف في الكفايات المعرفية اللاحقة) نعود الى التحدث عن الكفايات المسهمة في تكوين شخصية الناشئ وإنمائها.


1- كفاية التواصل العلائقي الإنساني
لهذه الكفاية منزلة رفيعة في مجال التربية الكلية اذ عليها تبنى سائر الكفايات، وتتمثل في الاتصال المباشر الذي يتم بين اثنين أو ثلاثة أو مجموعة من الأشخاص، وعلى مستوى هذه العلاقة القائمة بين المتواصلين، يرتكز نجاح أو فشل هدف التواصل. وللتواصل وضعيات مختلفة ومستويات متغيرة، ولا نغالي اذا قلنا إن التواصل الناجح هو أساس نجاح العملية التربوية برمتها، لأن التواصل الهادف انمائياً يحتاج الى: شفافية في العلاقة، كما يحتاج إلى تعاون، والتعاون الناجح يفرض تبادل المحبة، والمحبة تستدعي التسامح، فبالتواصل التعاوني والمحبة والتسامح نبني إنسانية إنسان، وبها تتوازن شخصيته وتتكامل. وفي هذا النوع من التواصل الإنساني يأتي دور اللغة ثانياً، فالدور الأول فيه يكون للعواطف النبيلة والسلوك المثالي.
وسنذكر بعض مستويات هذا النوع من التواصل:
 - تواصل بين قطبي العملية التربوية: (المعلم والناشئ)، الناشئ باعتباره محور العملية التربوية والمعلم بصفته موجه هذه العملية ومنظمها. وينقسم إلى قسمين:
-  تواصل انساني علائقي وهو ما يهمنا هنا.
وتواصل هادف الى إكساب كفايات واهداف معرفية سنتحدث عنه لاحقاً.
 - تواصل اجتماعي يبدأ بين التلاميذ بعضهم مع بعض، وينتقل إلى تواصل في الأسرة، ثم الى تواصل اجتماعي واسع.
لا يمكننا الفصل بدقة بين التواصل الإنساني والتواصل التعليمي إذ من المفروض تربوياً أن يتكاملا، فالثاني يرتبط نجاحه بنجاح الأول، وليس العكس صحيحاً بالضرورة. ولكن لا بد من التوقف عند المعلم منظم العملية التواصلية مع الناشئين في الصف، لذلك سنصنف ثلاثة مستويات من التواصل، بالنسبة الى المعلم، لأنه هو المبادر الى هذا التواصل.
أ - التواصل الإكراهي
ويمثله ذلك المعلم الذي سدت
في وجهه أبواب الرزق فلم يحصل على وظيفة "تليق به"، فلجأ الى التعليم ليكون جسراً يعبر عليه إلى وظيفة أرقى. فهذا المعلم طارئ على التربية أتى إليها مكرهاً فيؤدي عمله مكرهاً، تحكمه نظرية: "بديك وبلا ديك بدو يطلع الضو"، أي أنه إذا اشتغل أو لم يشتغل سوف يقبض معاشه في آخر الشهر، فهذا التواصل السيئ ينعكس سلباً على التلاميذ ويسبب ضرراً لهم، إذ يكرهون المعلم ويكرهون المادة التي يعلمها، ويكرهون المدرسة وقد يتخلون عنها ويهجرونها.

ب - التواصل الواجب أو الموجب
ويتمثل بالمعلم الذي يقوم بواجبه التعليم
ي، ولكن كأنه آلة تسجيل تخرج الكلمات من بين شفتيه جامدة لا حياة فيها، مكتفياً بالتواصل الوظيفي. وهذا ايضاً لا يعول عليه في تحقيق أهداف التربية الشاملة.

ج - التواصل الشفاف
ويمثله المعلم المربي الذي يعيش الكلمة وهو يتلفظ بها، وتخرج من قلبه نابضة بالاحساسات والمشاعر فتصل إلى آذان التلاميذ وتلامس مشاعرهم. هذا هو المعلم الذي يطلب منه كي يكون مربياً مثالياً، ولا بأس من تعداد ما يجب أن يتصف به:
أن يقر بمبدأ التساوي بينه و بين التلميذ، على الأقل، بالصفة الإنسانية الجامعة بينهما، فيتخلى عن النظرة الفوقية المتعالية، وعن الشعور أنه القائد في الصف وهو الحاكم المسيطر.
هذه النزعة التسلطية لا مكان لها في التربية الشاملة الكلية، فكما يريد المعلم أن يحترمه التلميذ، عليه هو أن يبادر الى هذا الاحترام.
هذا المربي هو الذي يعيش في حالة كيانية تتأجج فيها العواطف النبيلة والمشاعر الإنسانية السامية، فينصهر فيها وتتجلى في:
نبرات صوته، وبريق عينيه، وحماسته واندفاعه، وحركاته المجسدة الصدق والمحبة والإخلاص والتضحية ... تنتقل مفاعيل هذه الأحاسيس في شحنات، كأنها موجات من نور، الى كيانات الأطفال فيتحسسونها ويشعرون بدفئها وحنانها مهما كانوا صغاراً، وتنشأ حالة روحية جديدة عمادها المحبة التي تكتوي بها نفوس الجميع فتطهرهم، ولبنتها الثقة المتبادلة.
عندئذ، وعندئذ فقط يستطيع المربي أن يصوّب خطأً سلوكياً، ويقوّم اعوجاجاً في التصرف ليس بالقصاص والعقاب بل بالكلمة الطيبة المعاتبة حيناً والموبخة أحياناً... وكله مقبول مع الاعتذار والامتنان من التلميذ...
بعد هذا الاندماج الروحي والنفسي بين قطبي العملية التربوية، يستطيع المربي أن يرشد ويوجه وأن يحمل تلاميذه على التقيد بالنظام والانضباط ذاتيّاً، على أن يطبق هو هذه المفاهيم السلوكية أمامهم، فلا يدخل الى الصف متأخراً، بل يكون أول الداخلين اليه وآخر الخارجين منه، ولا يتأخر عن تسليم مسابقات في موعدها، ولا يعظ تلاميذه، وينصح لهم بالابتعاد عن الممنوعات والمحرمات والمنكرات، وهو يمارسها في الخفاء، فينطبق عليه قول الشاعر:
             يا ايها الرجل المعلم غيره                         هلا لنفسك كان ذا التعليم
وإذا لم يتصف المعلم بهذه المواصفات، فعبثاً يحاول أن يربّي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
الكلام يطول في هذا الموضوع، الا أننا نكتفي بالقول: أنه في هذه الكفاية، كفاية التواصل بين المعلم وتلاميذه يكمن سر العملية التربوية، كما تتوخاها التربية الشاملة، فهي اذاً ذهنية قبل أن تكون آلية، وعليها تبنى سائر الكفايات نجاحاً أو فشلاً، ثم أن هذا التواصل الذي نهدف اليه، سينتقل مع التلاميذ الى الحياة الاجتماعية، وبه يتحقق هدف آخر من أهداف التربية وهو "إعداد التلميذ للحياة". نعود الى المربي لنقول له : اذا طبقت ما ذكرنا بإخلاص، تتحول مهنة التعليم على يديك الى "مهنة رسولية" تستحق  عليها كل تقدير واحترام، وتسهم في بناء المجتمع الذي تعيش فيه.
ولكن لا يفهمنّ أحد من كلامنا أننا ندعو إلى هدم الحدود كليّاً بين المعلم والمتعلم، لذلك نلخص كلامنا السابق بقول للخليفة عمر بن الخطاب يصلح شعاراً لكل مسؤول: "شدة من غير عنف ولطف من غير ضعف".


٢ - كفايات تكوينية : (تربوية اجتماعية)
"إعداد الطالب للحياة"، وهو ما تهدف اليه التربية الكلية الشاملة. يقول الأديب الكبير مخائيل نعيمة متحدثاً عن مدرسته: "كان من حسن تدبير القائمين على مدرستنا أنهم خصصوا لنا ساعة في الأسبوع للأشغال اليدوية. لقد كان لنا مشغل مجهز بأحدث أدوات النجارة، والحفر في الخشب وتجليد الكتب" فكم من طالب ما لمست يده المعول أو المنجل ... وكم من طالب يجهل عملياً كيف تنبت حبة القمح أو البصلة، وكم من الذين يعيشون أعمارهم وايديهم وارجلهم لم تلمس التراب. انها لجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هوة سحيقة (هذا الكلام كتب في أوائل القرن العشرين، وها نحن نستشهد به في أوائل القرن الحادي والعشرين).
الطالب إنسان، والإنسان مخلوق اجتماعي، ومن البدهي أن نعده كي يكون فرداً ناشطاً في المجتمع يؤدي واجبه فيه متعاوناً مع غيره، فمن حقه أيضاً أن يرى غيره يبادله هذا التعاون، لذلك فمن أجل الإعداد للتعاون الاجتماعي يتم إجراء:

  •  أنشطة تجرى في المدرسة أو الصف وتعد الطالب للمجتمع: جسدية تعاونية في حصص الرياضة، تمثيليات، فنون، كالرسم خاصة، تدبير المنزل للبنات من خياطة ونسج وتطريز... وهذا ما يمكن أن تحتاج إليه الأم في حياتها المنزلية والاجتماعية.
  •  بعض المهن اليدوية الخفيفة والتي يحتاج إليها الرجل في منزله: كالنجارة، واصلاح ما يمكن أن يتعطل في المنزل من آلات كهربائية أو صحية وغيرها...
  •  تمارين تحقق مبدأ ارتباط الجزء بالكل، من خلال ارتباط الطالب بأسرته وبصفه ومدرسته ورفاقه وبمجتمعه الصغير والكبير إذ لا قيمة تذكر للجزء من دون الكل.


٣- أنشطة تعاونية فريقية
هذه الأنشطة يتمازج فيها هدفان: هدف تكويني إنمائي يتعلق بالتعاون في الصف بين مجموعات أو فرق، وانسحاب هذا التعاون على المجتمع، وهدف ثانٍ معرفي ربما عدنا اليه في الكفايات المعرفية.
تدعو التربية الى تنشئة الأطفال منذ دخولهم صفوف الروضة على روح التعاون والتعاضد فيما بينهم، وبالتالي بث روح المحبة، لأنه لا تعاون بين الأفراد بمعزل عن المحبة، وبهذه الروح نعدهم لحياة اجتماعية سليمة لا تستقيم الحياة في أي مجتمع من دونها، وبها نقضي على آفة "الأنا" المسيطرة على الطفل عموماً وهو القادم من مكان كان يشكل فيه محور العائلة ومحط أنظار أفرادها.
هذه الأنا هي المولّدة للأنانية الآفة القاتلة لكل ما هو مجتمعي وتعاوني والمتفشية في مجتمعاتنا بقوة. والآفة الثالثة المتولدة من الأنانية هي العدوانية، وهي الأكثر عنفاً مع الآخر والأكثر ظلماً له. فلا يجوز أن نفكر بإيجابية التعاون بين الأطفال، قبل إنقاذهم من سلبيات الآفات التي ذكرنا، والمدرسة هي البيئة الأصلح، والأرحب مجالاً للقيام بهذا الدور المزدوج، والمربي الشمولي ذو الذهنية الشمولية هو الأجدر بتنفيذ هذا العمل، ويمكن أن يتم ذلك بأساليب عديدة، حاصرين كلامنا بالهدف الساعي إلى التعاون:

  •  اعتماد الطرائق والأساليب التعليمية الناشطة والداعية إلى المشاركة الجماعية لأفراد الصف جميعهم، وإشعارهم بأن هذا التعاون الجماعي هو الذي أنجز العمل، واستنتج الكلية.
  •  الأبحاث التي تستدعيها الدروس على أن يشترك جميع أفراد الصف في التفتيش عنها وتحضيرها، وهذا ينطبق على تلك الأشياء التي نأتي بها الى الصف لتكون وسائل إيضاح أو لإجراء تجربة أو اختبار أو أكلة...
  •  الاقتراحات التي يتفق تلاميذ الصف على تبنيها والسعي الى تنفيذها، وقد يتم هذا الاتفاق بالإجماع من دون اي تدخل من معلم أو إدارة، أو بالتصويت.
  •  تعويد التلاميذ التنافس الديمقراطي من خلال انتخاب مندوبين عن الصف من دون تدخل أو تأثير.
  •  إلغاء كل ما يستدعي المنافسة والمزاحمة على الرتب وهو ما يسبّب الحسد والحقد والكراهية، اذ يتحول بعض التلاميذ الى "طواويس" ويتحول آخرون الى "خفافيش" بدءاً من: وكيل المعلم على الصف، الى الرتب في نتائج الامتحانات، الى الإعفاء من امتحان آخر السنة، الى أي نوع آخر فيه تفضيل لأحد التلاميذ على غيره، أو أي  
  • هذه الأجواء، اذا ما توافرت في الصف، هي التي تمهد الى حل مسألة حسابية ضمن مجموعات، أو معالجة أي موضوع لغوي يطلب مناقشته وحله في عمل فريقي.

والعمل في مجموعات حاز قسطاً من اهتمام العاملين في المجال التربوي في المركز التربوي للبحوث والإنماء، من اعمال الفنان ميشال بصبوصوعدوه طريقة (méthode) ونحن نراه اسلوباً (procédé) وأولوه اهتماماً معتبرين أنه بالإضافة الى روح التعاون التي نبغي أن يبثها هذا النوع من النشاط بين التلاميذ، فهو يساعد على التعلم التعاوني وقد جاء في إحدى نشرات المركز ما يأتي: "عندما يوجد التلميذ الى جانب رفاقه فإنه يتبادل الرأي معهم بنسبة عالية من التفاعل، فيعيد النظر في معرفته من جهة، كما يتعلم من الذين يتقدمونه في المعرفة. وفي هذه الحال تسهل عملية تقديم معلومات تتناسب مع مستوى نماء عقلي متقارب، قد لا يستطيع المعلم تقديرها بدقة".
لكننا نستدرك لنكرر ما ذكرناه سابقاً: إذا لم تتوافر الأجواء السابقة و التي فصّلنا الكلام فيها، لا ينجح أسلوب التعلم في مجموعات، وإن كنا نميل إلى تأييد تطبيقه بين الحين والآخر، باعتباره اسلوباً من ضمن أساليب أخرى نطبقها من أجل التنويع، وهو عنصر مهم من عناصر إيقاظ الانتباه وجذبه.

من اعمال الفنان ميشال بصبوصمن اعمال الفنان ميشال بصبوص
أنشطة مدرسية اجتماعية تعاونية

من أهم مقومات تنمية الإبداع، والحثّ على الانخراط في المجتمع بنجاح، تأسيس:

  •  جمعيات مدرسية تعنى بالفنون: الرسم، التمثيل...
  •  نادي اللغة العربية الذي يعنى بالإلقاء والكتابة ونظم الشعرحيث ينمي مهارات فن الإصغاء والحوار والخطابة.
  •  نادي الإعلام الذي يعنى بإصدار مجلة أو مجلة الجدار، والاهتمام بالموسيقى وبإحضار فرق موسيقية وغنائية إلى المدرسة وإحضار الآت موسيقية...
  •  هذه الأنشطة تنمي الروح الاجتماعية وتعد للعيش والاختلاط في الحياة الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها.


هامش:
1- علم النفس التربوي : الابراشي  حامد