الأمية : أسباب وحلول

د.منى حسن دياب رئيسة وحدة المناهج المركز التربوي للبحوث والإنماء

الأمية: أسباب وحلول

الأمية والتخلف وجهان لعملة واحدة، كما التعليم والتنمية، فلا وجود لعملة من دون مردود ما، من هنا حددت إشكالية التنمية وربطت بالقضاء على الجهل، وطرحت مسألة محو الأمية كقضية عالمية تبنتها الدول كلها (مؤتمر جومتين سنة١٩٩٠) (مؤتمر داكار سنة ٢٠٠٠) (مؤتمر مجلس التعاون الخليجي سنة ١٩٨٩) والتوافق على حل وحيد هو تعميم التعليم الأساسي لسد منابع الأمية وتسهيل الإنطلاق للاستراتيجيات التنموية.

وأهم مثال حي على هذا الطرح هو "اليابان" الذي أطلق امبراطورها ميجي (١٨٧٠) ثورة إيديولوجية بسيطة مفادها كلمة سر واحدة هي "تعلّمَ" امتدت حتى الحرب العالمية الأولى، وفي سنة ١٩١٤ كان معدل انتظام التلاميذ في مدارس ''اليابان" يضاهي ذلك المعدل المرتفع السائد في أوروبا الغربية (١) واستمر هذا النهج حتى قضت ''اليابان" على الأمية وحققت نهضتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية.

 

تعريف الأميّة

لقد عرفت اليونيسكو، في البرنامج التعليمي لتعميم التعليم الابتدائي وتجديده ومحو الأمية في العالم العربي في العام ٢٠٠٠ المنعقد في عمّان (فبراير ١٩٨٩)، الأمية تعريفاً بسيطاً جاء فيه: "يعتبر أميّاً كل شخص لا يجيد القراءة والكتابة''. ومعظم البلدان لا تزال تعتمد هذا التعريف كمعيار في احصاءاتها عن الأمية.  ولفتت بعض الأبحاث بأن الشخص قد يجيد القراءة والكتابة من دون فهم لما يقرأ ويكتب، فغيرت اليونيسكو تعريفها للأمية وأضافت معيار الفهم، فجاء تعريف الأمية كالآتي: "الشخص غير الأمي هو الشخص القادر على قراءة وكتابة وفهم نص بسيط وقصير يدور حول الوقائع ذات العلاقة المباشرة بحياته اليومية".

ثم تبنت اليونيسكو مجدداً سنة ١٩٧١ تعريفاً للأمية جاء فيه: "يعتبر ليس أمياً كل شخص اكتسب المعلومات والقدرات الضرورية لممارسة جميع النشاطات التي تكون فيها الألفبائية (ALPHABETISATION) ضرورية لكي يلعب دوره بفعالية في جماعته، وحقق في تعلم القراءة والكتابة والحساب نتائج تسمح له بمتابعة توظيف هذه القدرات في خدمة نموه الشخصي ونمو الجماعة، كما يسمح له بالمشاركة الناشطة في حياة بلده" (٢).

أسباب الأمية

تعتبر مشكلة الأمية من أهم العقبات التي تواجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي أهم مظهر من مظاهر التخلّف الانساني. وتشكل الزيادة السكانية المستمرة عاملاً مهماً من عوامل تفاقم المشكلة في غياب اتخاذ الاجراءات الحاسمة لمحو الأمية في العالم العربي (بلغ عدد الأميين سنة ٢٠٠٠، ١٥٠ مليون أمي من أصل ٢٦٠ مليون) بحسب إحصاءات ، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وآخر التقارير الصادرة ـ عن الأمم المتحدة (عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ ٢٠١٢ تحت عنوان القرائية حرية. جاء فيه : تبلغ نسبة الأمية في العالم العربي ٦١ ٪ من أصل عدد السكان (٣).

قد لا تتماثل الأسباب في كل الدول النامية خاصةً تلك المصدّرة للبترول (نسبة الأمية ٧,٥ ٪ في الامارات) (٤)، وبين تلك الفقيرة منها (الصومال ٦٥٪) (٥)، إذ تختلف الأسباب باختلاف المعطيات الاقتصادية والاجتماعية، كما تختلف النتائج باختلافها أيضاً.  وبالرغم من الجهود التي بذلتها الدول النامية لمحو الأمية والقضاء عليها، إلاّ ان ملايين الأفراد صغاراً وكباراً ما زالوا لا يتمتعون بمزايا التعليم ويعيشون فضلاً عن ذلك في حالة فقر مدقع، هذا ومع بداية القرن الحادي والعشرين لا يمكن للمجتمع الدولي ان يقبل باستمرار وضعٍ لا يحترم فيه أحد الحقوق الأولية للإنسان وهو ما يشكّل انتهاكاً للقيم الاجتماعية والانسانية.  وفي عرض سريع لأسباب الأمية في العالم العربي يمكن ادراج ما يأتي:

١- السياسة والتخطيط

إن قصور السياسات وعشوائية التخطيط وضعف الجمعيات والهيئات الشعبية، إضافة إلى عدم جدية تشريعات إلزامية التعليم في الدول العربية، كل ذلك ساعد على خلق منابع الأمية ومنها (٦):

أ- ارتفاع معدلات الهدر المالي للتعليم وقلة الأبنية المدرسية وضعف التجهيزات ما أدى الى سقوط مقولة:  مقعد لكل طفل في عمر الدراسة.

ب- ارتفاع ظاهرة الرسوب والتسرب في التعليم الابتدائي نتيجة ضعف التعليم  وعدم تطبيق القرار رقم ٧٠٠ تاريخ ١٩٩٩/٥/٢٥ الذي يحظر عمالة الأحداث ما يؤدي الى التسرب في المرحلة الابتدائية وقبل الصف الرابع، مثال أن يتقن التلميذ المهارات الأساسية للتعليم (القراءة والكتابة). والتسرب هو أهم رافد من الروافد التي تغذي منابع الأمية المنتشرة في العالم العربي عامةً، ففي سنة ٢٠٠٣ بلغ معدل الالتحاق العام في لبنان ٧٥،٦ ٪ من التعداد العام للأولاد في عمر الدراسة (بين ٦-١٤) أي بقي خارج نظام التعليم ٢٤،٤ ٪ )عن تقريرالمجلس الأعلى للطفولة، وزارة الشؤون الاجتماعية، ٢٠٠٣).

ج- عدم عدالة توزيع الخدمات التعليمية بين ريف وحضر إذ بلغت نسبة الأمية سنة ١٩٩٦ على مستوى كل لبنان ١٣،٦ ٪ بمعدل ٩،٢ ٪ عند الذكور مقابل ١٧،٨ ٪ عند الإناث، بينما بلغت نسبة الأمية في الريف ٣٨ ٪ تشكل نسبة الإناث ٢٢،٤ ٪ و ٩،٨ ٪ للذكور (المرأة الريفية وقضايا الصحة الإنجابية، ١٩٩٨).

د-  عدم وظيفية المناهج التعليمية لربط المتعلّم بالتدريب المهني المنتج وربط الأمية بنظام التعليم العام.

٢- الفقر(٧):

إن الأوضاع الاقتصادية في كل دولة تؤثر على الأطفال من حيث مستوى التعليم والرعاية الصحية والخدمات التي يتلقاها هؤلاء.  والتفاوت الحاد في مستوى الدخل بين الدول العربية يلعب دوراً كبيراً في تفاوت الحركة التعليمية.  فحتى الآن لم تتوافر بيانات مؤكدة ترسم خريطة للفقر في العالم العربي، وكل البيانات المتوافرة هي من مصادر ثانوية تقديرية تصدر عن جامعة الدول العربية والأمم المتحدة التي ترتكز بدورها الى ما يرد اليها من تقارير من الدول العربية، فمتوسط دخل الفرد في أغنى دولة عربية (دول النفط) يساوي ٢٠ الف دولار سنوياً وينخفض في المغرب ليصل الى ٢٠٠ دولار سنوياً (٨). (معدل دخل الفرد في لبنان الف دولار سنوياً ''الاونيسكو ٢٠٠٣").

ملصق اعلاني لبرنامج محو الامية

 

 

 

 

٣- عدم الاستقرار السياسي لكثير من البلدان العربية.

٤- العادات والتقاليد: بعض التقاليد الموروثة تحرِم الاناث من التعليم وهذا نتيجة لعدم توافر الوعي الكافي عند الشعوب خاصةً لدى الآباء غير المتعلمين. لذا نرى ان ثلاثة أرباع النساء الريفيات أميات.

ولذلك فإن الوطن العربي بحاجة ماسة الى الاهتمام بالمرأة من طريق تفعيل الإعلام العربي لتنفيذ محاور ''استراتيجية المرأة''  التي تبنتها قمة المرأة العربية برئاسة الملكة رانيا العبدلله الحسين سنة ٢٠٠٣ بشأن تعزيز مكانة المرأة وتغيير صورتها النمطية وتعزيز مساهمتها في مسيرة التنمية بصورها كافة، بعد أن أثبتت جدارتها وأكدّت أنها تمثّل فئة غير منفصلة عن المجتمع، بل يجب دمجها في المجالات كافة لأنها اذا ما بقيت على ما هي عليه فإنها تشكل أكبر رافد من روافد الأمية(٩).

٥- عدم وجود تعريف موحّد للأمية تلتزم به الدول العربية (اذ يتأرجح تعريف الأمية من معرفة القراءة والكتابة حتى الإلمام بالكمبيوتر..).

٦- القصور الإعلامي في التوعية لمحو الأمية، (أخطارها، مساوئها، المستقبل الواعد).

٧- عدم وجود ضوابط لحث المتخلفين عن الالتحاق بالمدارس الابتدائية، وعدم وجود حوافز تشجِّعهم على الالتحاق بصفوف محو الأمية.

٨- عدم توافر الأعداد الكافية من المؤهلين والمدربين في مجال تعليم الكبار وإدارة صفوف محو الأمية(١٠).

كل هذه الأسباب تؤكد أن مشكلة الأمية متجذرة وتطول نسبة كبيرة من السكان تصل حتى ١٢ ٪ من إجمالي عدد سكان لبنان ولا بد من ايجاد حلول وسياسات لمواجهتها. والحلول هي تكملة للأسباب كما سنرى.

 

توصيات وحلول:

يولد الشعور بالمشكلة  -أية مشكلة-  رؤية تمثل الحاجة التي يسعى المجتمع او الفرد الى حلها، ودائماً وأبداً يتطلب البحث عن الحل خطوة أولى. هذه الخطوة هي رسم الخطة لبدء المسيرة في طريق الحل، ومنها نصل الى انهاء المشكلة بعد الخطة الاجرائية العملية، فبعد ان حددنا المشكلة (الأمية) وأسبابها لا بدّ من أن يتولد عندنا رؤية مستقبلية نحدد من خلالها الخطة المؤاتية لها.

الرؤية المستقبلية(١١)

التعليم هو تنمية للثروة البشرية، فكما تفتقر بعض الأماكن الى الموارد الطبيعية، كذلك تفتقر الدول التي تعاني من الأمية الى الثروة البشرية التنموية، فالثورة المعرفية هدف كوني، والتطور يسير بسرعة مطردة حتى أن اكثر الدول غنى ترتكز على تنمية الثروة البشرية لضمان المزيد من التطور والتحديث، فالتعليم يدخل في نطاق التنمية الاقتصادية على كل الأصعدة الأكاديمية والمهنية، وبالتالي يؤدي الى التحرك الاجتماعي وإعادة توزيع الدخل والثروات وزيادة نسبة العاملين في المجتمع وزيادة الإنتاج.

ولا بدّ من الاعتراف بالعلاقة الجدلية بين التعليم والتنمية، وهي علاقة تسير ضمن دائرة حلزونية نحو الأشمل والأفضل، ويبقى أن العلم هو الطريق الأوفى لتقدير الذات. هذا هو حال العلم الأول الذي اهتم بالتربية وهو الآن في خطواته الأخيرة ليس في القضاء على الأمية بل في إحكام التفوق، وما الهدف من هذه الدراسة إلا تحديد رؤيتنا الى مستقبل أوفر حظاً من الحاضر حيث نستطيع تحقيق التزامنا بمقررات المؤتمرات (جوستين، دكار، القمة العربية، جامعة الدول العربية) بأن تكون سنة ٢٠١٥ هي سنة القضاء على الأمية وجيوبها في بلدان العالم العربي.

التخطيط (٢١)

بعد تحديد الرؤية يأتي دور التخطيط الذي يحدد خطوات مسيرة القضاء على الأمية، وإذ نؤكد أهمية التخطيط وضرورته لتعميم التعليم ومحو الأمية، فإنه من المهم الى حد كبير الاستفادة من تقنيات التخطيط التربوي، بحيث يأتي الأسلوب مناسباً لما هو مطلوب. لذلك فمن الضروري الاستعانة بالخريطة المدرسية والخريطة التربوية في التخطيط المركزي سواء على المستوى الوطني أم المناطقي، ومراعاة خصوصية المناطق لما يوجد من تفاوت بيئي وتاريخي في ما بينها وجعلها لا مركزية للمزيد من المشاركة لا سيّما على الصعيد المحلي.

أطفال الشوارع ماذا لو تعلموا...؟

 

 

 

 

فالخريطة المدرسية تصحح مواطن القصور التي قد تظهر في الأسلوب الشامل المتبع في التخطيط وتسهّل عملية المشاركة في التخطيط للتعليم بوجه خاص على الصعيد المحلي من جهة، وعلى الصعيد الوطني والقومي من جهة ثانية.

الخريطة التربوية

الكثير من الأطفال لا يسعفهم الحظ في الالتحاق بالتعليم النظامي فيحصلون عوضاً عنه على تعليم موازٍ غير نظامي، وآخرون ممن هم في سن الدراسة يتركون التعليم النظامي ويلتحقون بسوق العمل من دون تأهيل كافٍ فيحتاجون الى تدريبات علمية وعملية لاتقان اعمالهم، كما يحتاجون الى مستوى فكري وثقافي متجدد يواجهون به التطورات الاجتماعية.  كذلك يحتاج الذين اتموا دراساتهم النظامية الى مواصلة نموهم الثقافي حتى يتمكنوا من ممارسة أعمالهم بطريقة أفضل، والتلاؤم مع تكنولوجيا العصر والتغير الاجتماعي السريع. والنمو السريع للإعلام لعب دور المعلم الأقدر من المدرسة على التربية والتدريب بحكم توافرالتكنولوجيا الإعلامية في كل بيت (١٣).

من هنا بدت التربية مهمة ومستدامة، وأصبح التخطيط التربوي مطلباً ومطالباً بأن يتجاوز حدود التعليم النظامي وبأن يُدخل في حسابه انواع التربية الأخرى غير النظامية التي تحيط بالمدرسة من كل جهاتها. من هنا ظهرت الخريطة التربوية.

الخريطة التربوية هي مجموعة من الخرائط وقد تكون الخرائط المدرسية واحدة منها مهمتها تشخيص الواقع التربوي في أبعاده المختلفة، داخل المدرسة وخارجها للوقوف على نقاط الضعف والقوة وفق معايير  مؤشرات معينة.

وهذا الجزء من التخطيط عبر الخريطة التربوية يطول في زمان ومكان معينين التربية المحكومة بنظام تعليمي معين، والمتوافرة فيه إمكانيات تربوية معينة.

من خلال كل ما تقدم نستطيع رسم خريطة تربوية مستقبلية هادفة (١٤).

 

تصميم المناهج(١٥)

هو ركن أساسي من أركان منظومة العملية التعليمية ويجب ان يراعى فيها:

أ- سياسة التوليد وتقوية المعرفة التكوينية والبعد عن التلقين.

ب- احترام منظومة العمر.

ج- القضاء على العادات والتقاليد المعوّقة للتعلّم وخلق سلوكيات وقيم جديدة.

د- حوافز للمتعلم (ترفيع مهني أو حوافز مادية أو عينية).

هـ- اشراك الهيئات الاجتماعية.

و- جعل مسألة محو الأمية عملاً مشتركاً بين كل الوزارات.

ز- مراعاة وضع المناهج بما يُشبع حاجات الدارسين والتوجه المهني الحديث.

ح- أن تكون هذه المناهج تربة صالحة للأهداف الوطنية وأهمها تنمية الثروة البشرية.

ط- ان تأتي هذه المناهج قريبة من الواقع.

ي- أن تركز المناهج على محو الأمية وخلق الثقافة وأن تكون مفتاحاً لاختزال المعرفة.

ك- تحديث طرائق التعليم بحيث تكون ناشطة وعملية.

ل- مرونة محتوى المناهج لتتأقلم مع كافة مستويات المشاركين وبيئاتهم.

هذه النقاط يجب أن تتلازم مع:

- إدارة قادرة على مسح عوالم الأميين.

- الإشراف المستمر ووضع خطط رديفه.

- البحث عن امدادات وتمويل.

- خلق وحدة انتاج الأدوات.

- تقويم الجهود المبذولة.

تدريب المعلمين

لما كان التعليم مهنة لها أصولها واساليبها وتقنياتها، وتختلف من مستوى تعليمي الى آخر، ومن عمر الى آخر ومن مادة الى اخرى، وهذه الكفايات تكتسب بالإعداد قبل الخدمة وتكتسب بالتدريب اثناء الخدمة، لذا يستدعي الأمر المزيد من الإعداد والتدريب لاكتساب الكفايات التربوية المهنية المطلوبة.

الجهات المساعدة

عند التخطيط لسياسة محو الأمية يجب إيجاد وتهيئة مناخ مساند تتوافر فيه الفرص للجمع بين العديد من الشركاء الفعليين والمتوقعين المعنيين بتأمين حاجات التعلّم الأساسية مثل: الجمعيات، الهيئات الدينية، الاتحادات والجمعيات....الى ما هنالك.

الإعلام

الإعلام هو التكنولوجيا التي تخترق كل الأسر، لذا فبالإمكان استعماله بشكل فاعل لدعم هدف محو الأمية بإظهار الغد المشرق لعالم متعلم عبر الراديو والتلفزيون والصحافة وذلك بالتعاون بين المسؤولين عن التربية ووسائل الاعلام.

أخيراً: ان النظر الى الإنسان كثروة يجب الحفاظ عليها وتنميتها، وهي أولى الخطوات نحو اهداف التنمية الشاملة المتكاملة للوطن العربي، واذا ما احكمنا الربط بين تسرب هذه الفئات المهمة من الطاقات البشرية وبين وقوع اقسام واسعة من هذه الطاقات في ظلام الأمية، واذا ما قدّرنا حاجة التنمية العربية الى هذه القدرات الغائبة كلها، لأدركنا بوضوح أهمية تضافر الجهود في العالم العربي وفي كل بلد عربي على حِدة في تنمية القدرات البشرية والحفاظ عليها.

 

المراجع:

١- استراتيجية لمحو الأمية، المركز الدولي للتعليم الوظيفي، سرس الليان ١٩٧٦ ، ص ١٥٠.

٢- مؤتمر تأمين حاجات التعليم الأساسية ١٩٩٨ ، اليونيسكو، ص ٥٥. الأمية في الوطن العربي، منشورات اليونيسكو ١٩٧١ ص ١٤.

٣- عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ٢٠١٢، ص ٥٥، القرائية حرية، منشورات اليونيسكو ٢٠٠٣.

٤- مقررات الاجتماع الاستشاري السنوي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالتعليم للجميع، بيروت من ٩-١١ك١، ٢٠٠٤ (تقرير الرصد العالمي ، للعام ٢٠٠٤ على المستوى الاقليمي اليونيسكو.

٥- راجع مبادىء وخطوات تصميم مناهج محو الأمية في إطار التعليم المستمرفي دول العالم الثالث، الاجتماع الاستشاري... سمير جرّار، اليونيسكو.

٦- تقرير مجموعة تنسيق الإجتماع الإستشاري... ٢٠٠٣ ، اليونيسكو.

٧- تقرير لجنة مجالات التقدم الأساسية والصعوبات، الاجتماع الاستشاري...

٨- راجع  http://www.arabtopic.com

٩- مقررات قمة المرأة العربية، الأردن ٢٠٠٣ ، المادة الثانية، اليونيسكو.

١٠- د. مصطفى الزعتري، الخريطة التربوية: اسلوب جديد في التخطيط المحلي، مجلة التربية الجديدة، العدد ١٢ سنة ١٩٧٧ ص ٦٢.

١١- م. س. ص ٦٣.

١٢- د. انطوان حبيب رحمه، تخطيط وتدريب معلم المدرسة الابتدائية، مجلة التربية الجديدة، العدد ٣٩ ، سنة ١٩٨٦ ، ص ٨٦.

١٣- تأمين حاجات التعليم.... ص ٧٦.

١٤- المرجع السابق، ص ٧٦.

١٥- تقرير الصندوق العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ١٩٧١ ، ص ١٥٩ اليونيسكو.

 

الأمية : أسباب وحلول

د.منى حسن دياب رئيسة وحدة المناهج المركز التربوي للبحوث والإنماء

الأمية: أسباب وحلول

الأمية والتخلف وجهان لعملة واحدة، كما التعليم والتنمية، فلا وجود لعملة من دون مردود ما، من هنا حددت إشكالية التنمية وربطت بالقضاء على الجهل، وطرحت مسألة محو الأمية كقضية عالمية تبنتها الدول كلها (مؤتمر جومتين سنة١٩٩٠) (مؤتمر داكار سنة ٢٠٠٠) (مؤتمر مجلس التعاون الخليجي سنة ١٩٨٩) والتوافق على حل وحيد هو تعميم التعليم الأساسي لسد منابع الأمية وتسهيل الإنطلاق للاستراتيجيات التنموية.

وأهم مثال حي على هذا الطرح هو "اليابان" الذي أطلق امبراطورها ميجي (١٨٧٠) ثورة إيديولوجية بسيطة مفادها كلمة سر واحدة هي "تعلّمَ" امتدت حتى الحرب العالمية الأولى، وفي سنة ١٩١٤ كان معدل انتظام التلاميذ في مدارس ''اليابان" يضاهي ذلك المعدل المرتفع السائد في أوروبا الغربية (١) واستمر هذا النهج حتى قضت ''اليابان" على الأمية وحققت نهضتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية.

 

تعريف الأميّة

لقد عرفت اليونيسكو، في البرنامج التعليمي لتعميم التعليم الابتدائي وتجديده ومحو الأمية في العالم العربي في العام ٢٠٠٠ المنعقد في عمّان (فبراير ١٩٨٩)، الأمية تعريفاً بسيطاً جاء فيه: "يعتبر أميّاً كل شخص لا يجيد القراءة والكتابة''. ومعظم البلدان لا تزال تعتمد هذا التعريف كمعيار في احصاءاتها عن الأمية.  ولفتت بعض الأبحاث بأن الشخص قد يجيد القراءة والكتابة من دون فهم لما يقرأ ويكتب، فغيرت اليونيسكو تعريفها للأمية وأضافت معيار الفهم، فجاء تعريف الأمية كالآتي: "الشخص غير الأمي هو الشخص القادر على قراءة وكتابة وفهم نص بسيط وقصير يدور حول الوقائع ذات العلاقة المباشرة بحياته اليومية".

ثم تبنت اليونيسكو مجدداً سنة ١٩٧١ تعريفاً للأمية جاء فيه: "يعتبر ليس أمياً كل شخص اكتسب المعلومات والقدرات الضرورية لممارسة جميع النشاطات التي تكون فيها الألفبائية (ALPHABETISATION) ضرورية لكي يلعب دوره بفعالية في جماعته، وحقق في تعلم القراءة والكتابة والحساب نتائج تسمح له بمتابعة توظيف هذه القدرات في خدمة نموه الشخصي ونمو الجماعة، كما يسمح له بالمشاركة الناشطة في حياة بلده" (٢).

أسباب الأمية

تعتبر مشكلة الأمية من أهم العقبات التي تواجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي أهم مظهر من مظاهر التخلّف الانساني. وتشكل الزيادة السكانية المستمرة عاملاً مهماً من عوامل تفاقم المشكلة في غياب اتخاذ الاجراءات الحاسمة لمحو الأمية في العالم العربي (بلغ عدد الأميين سنة ٢٠٠٠، ١٥٠ مليون أمي من أصل ٢٦٠ مليون) بحسب إحصاءات ، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وآخر التقارير الصادرة ـ عن الأمم المتحدة (عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ ٢٠١٢ تحت عنوان القرائية حرية. جاء فيه : تبلغ نسبة الأمية في العالم العربي ٦١ ٪ من أصل عدد السكان (٣).

قد لا تتماثل الأسباب في كل الدول النامية خاصةً تلك المصدّرة للبترول (نسبة الأمية ٧,٥ ٪ في الامارات) (٤)، وبين تلك الفقيرة منها (الصومال ٦٥٪) (٥)، إذ تختلف الأسباب باختلاف المعطيات الاقتصادية والاجتماعية، كما تختلف النتائج باختلافها أيضاً.  وبالرغم من الجهود التي بذلتها الدول النامية لمحو الأمية والقضاء عليها، إلاّ ان ملايين الأفراد صغاراً وكباراً ما زالوا لا يتمتعون بمزايا التعليم ويعيشون فضلاً عن ذلك في حالة فقر مدقع، هذا ومع بداية القرن الحادي والعشرين لا يمكن للمجتمع الدولي ان يقبل باستمرار وضعٍ لا يحترم فيه أحد الحقوق الأولية للإنسان وهو ما يشكّل انتهاكاً للقيم الاجتماعية والانسانية.  وفي عرض سريع لأسباب الأمية في العالم العربي يمكن ادراج ما يأتي:

١- السياسة والتخطيط

إن قصور السياسات وعشوائية التخطيط وضعف الجمعيات والهيئات الشعبية، إضافة إلى عدم جدية تشريعات إلزامية التعليم في الدول العربية، كل ذلك ساعد على خلق منابع الأمية ومنها (٦):

أ- ارتفاع معدلات الهدر المالي للتعليم وقلة الأبنية المدرسية وضعف التجهيزات ما أدى الى سقوط مقولة:  مقعد لكل طفل في عمر الدراسة.

ب- ارتفاع ظاهرة الرسوب والتسرب في التعليم الابتدائي نتيجة ضعف التعليم  وعدم تطبيق القرار رقم ٧٠٠ تاريخ ١٩٩٩/٥/٢٥ الذي يحظر عمالة الأحداث ما يؤدي الى التسرب في المرحلة الابتدائية وقبل الصف الرابع، مثال أن يتقن التلميذ المهارات الأساسية للتعليم (القراءة والكتابة). والتسرب هو أهم رافد من الروافد التي تغذي منابع الأمية المنتشرة في العالم العربي عامةً، ففي سنة ٢٠٠٣ بلغ معدل الالتحاق العام في لبنان ٧٥،٦ ٪ من التعداد العام للأولاد في عمر الدراسة (بين ٦-١٤) أي بقي خارج نظام التعليم ٢٤،٤ ٪ )عن تقريرالمجلس الأعلى للطفولة، وزارة الشؤون الاجتماعية، ٢٠٠٣).

ج- عدم عدالة توزيع الخدمات التعليمية بين ريف وحضر إذ بلغت نسبة الأمية سنة ١٩٩٦ على مستوى كل لبنان ١٣،٦ ٪ بمعدل ٩،٢ ٪ عند الذكور مقابل ١٧،٨ ٪ عند الإناث، بينما بلغت نسبة الأمية في الريف ٣٨ ٪ تشكل نسبة الإناث ٢٢،٤ ٪ و ٩،٨ ٪ للذكور (المرأة الريفية وقضايا الصحة الإنجابية، ١٩٩٨).

د-  عدم وظيفية المناهج التعليمية لربط المتعلّم بالتدريب المهني المنتج وربط الأمية بنظام التعليم العام.

٢- الفقر(٧):

إن الأوضاع الاقتصادية في كل دولة تؤثر على الأطفال من حيث مستوى التعليم والرعاية الصحية والخدمات التي يتلقاها هؤلاء.  والتفاوت الحاد في مستوى الدخل بين الدول العربية يلعب دوراً كبيراً في تفاوت الحركة التعليمية.  فحتى الآن لم تتوافر بيانات مؤكدة ترسم خريطة للفقر في العالم العربي، وكل البيانات المتوافرة هي من مصادر ثانوية تقديرية تصدر عن جامعة الدول العربية والأمم المتحدة التي ترتكز بدورها الى ما يرد اليها من تقارير من الدول العربية، فمتوسط دخل الفرد في أغنى دولة عربية (دول النفط) يساوي ٢٠ الف دولار سنوياً وينخفض في المغرب ليصل الى ٢٠٠ دولار سنوياً (٨). (معدل دخل الفرد في لبنان الف دولار سنوياً ''الاونيسكو ٢٠٠٣").

ملصق اعلاني لبرنامج محو الامية

 

 

 

 

٣- عدم الاستقرار السياسي لكثير من البلدان العربية.

٤- العادات والتقاليد: بعض التقاليد الموروثة تحرِم الاناث من التعليم وهذا نتيجة لعدم توافر الوعي الكافي عند الشعوب خاصةً لدى الآباء غير المتعلمين. لذا نرى ان ثلاثة أرباع النساء الريفيات أميات.

ولذلك فإن الوطن العربي بحاجة ماسة الى الاهتمام بالمرأة من طريق تفعيل الإعلام العربي لتنفيذ محاور ''استراتيجية المرأة''  التي تبنتها قمة المرأة العربية برئاسة الملكة رانيا العبدلله الحسين سنة ٢٠٠٣ بشأن تعزيز مكانة المرأة وتغيير صورتها النمطية وتعزيز مساهمتها في مسيرة التنمية بصورها كافة، بعد أن أثبتت جدارتها وأكدّت أنها تمثّل فئة غير منفصلة عن المجتمع، بل يجب دمجها في المجالات كافة لأنها اذا ما بقيت على ما هي عليه فإنها تشكل أكبر رافد من روافد الأمية(٩).

٥- عدم وجود تعريف موحّد للأمية تلتزم به الدول العربية (اذ يتأرجح تعريف الأمية من معرفة القراءة والكتابة حتى الإلمام بالكمبيوتر..).

٦- القصور الإعلامي في التوعية لمحو الأمية، (أخطارها، مساوئها، المستقبل الواعد).

٧- عدم وجود ضوابط لحث المتخلفين عن الالتحاق بالمدارس الابتدائية، وعدم وجود حوافز تشجِّعهم على الالتحاق بصفوف محو الأمية.

٨- عدم توافر الأعداد الكافية من المؤهلين والمدربين في مجال تعليم الكبار وإدارة صفوف محو الأمية(١٠).

كل هذه الأسباب تؤكد أن مشكلة الأمية متجذرة وتطول نسبة كبيرة من السكان تصل حتى ١٢ ٪ من إجمالي عدد سكان لبنان ولا بد من ايجاد حلول وسياسات لمواجهتها. والحلول هي تكملة للأسباب كما سنرى.

 

توصيات وحلول:

يولد الشعور بالمشكلة  -أية مشكلة-  رؤية تمثل الحاجة التي يسعى المجتمع او الفرد الى حلها، ودائماً وأبداً يتطلب البحث عن الحل خطوة أولى. هذه الخطوة هي رسم الخطة لبدء المسيرة في طريق الحل، ومنها نصل الى انهاء المشكلة بعد الخطة الاجرائية العملية، فبعد ان حددنا المشكلة (الأمية) وأسبابها لا بدّ من أن يتولد عندنا رؤية مستقبلية نحدد من خلالها الخطة المؤاتية لها.

الرؤية المستقبلية(١١)

التعليم هو تنمية للثروة البشرية، فكما تفتقر بعض الأماكن الى الموارد الطبيعية، كذلك تفتقر الدول التي تعاني من الأمية الى الثروة البشرية التنموية، فالثورة المعرفية هدف كوني، والتطور يسير بسرعة مطردة حتى أن اكثر الدول غنى ترتكز على تنمية الثروة البشرية لضمان المزيد من التطور والتحديث، فالتعليم يدخل في نطاق التنمية الاقتصادية على كل الأصعدة الأكاديمية والمهنية، وبالتالي يؤدي الى التحرك الاجتماعي وإعادة توزيع الدخل والثروات وزيادة نسبة العاملين في المجتمع وزيادة الإنتاج.

ولا بدّ من الاعتراف بالعلاقة الجدلية بين التعليم والتنمية، وهي علاقة تسير ضمن دائرة حلزونية نحو الأشمل والأفضل، ويبقى أن العلم هو الطريق الأوفى لتقدير الذات. هذا هو حال العلم الأول الذي اهتم بالتربية وهو الآن في خطواته الأخيرة ليس في القضاء على الأمية بل في إحكام التفوق، وما الهدف من هذه الدراسة إلا تحديد رؤيتنا الى مستقبل أوفر حظاً من الحاضر حيث نستطيع تحقيق التزامنا بمقررات المؤتمرات (جوستين، دكار، القمة العربية، جامعة الدول العربية) بأن تكون سنة ٢٠١٥ هي سنة القضاء على الأمية وجيوبها في بلدان العالم العربي.

التخطيط (٢١)

بعد تحديد الرؤية يأتي دور التخطيط الذي يحدد خطوات مسيرة القضاء على الأمية، وإذ نؤكد أهمية التخطيط وضرورته لتعميم التعليم ومحو الأمية، فإنه من المهم الى حد كبير الاستفادة من تقنيات التخطيط التربوي، بحيث يأتي الأسلوب مناسباً لما هو مطلوب. لذلك فمن الضروري الاستعانة بالخريطة المدرسية والخريطة التربوية في التخطيط المركزي سواء على المستوى الوطني أم المناطقي، ومراعاة خصوصية المناطق لما يوجد من تفاوت بيئي وتاريخي في ما بينها وجعلها لا مركزية للمزيد من المشاركة لا سيّما على الصعيد المحلي.

أطفال الشوارع ماذا لو تعلموا...؟

 

 

 

 

فالخريطة المدرسية تصحح مواطن القصور التي قد تظهر في الأسلوب الشامل المتبع في التخطيط وتسهّل عملية المشاركة في التخطيط للتعليم بوجه خاص على الصعيد المحلي من جهة، وعلى الصعيد الوطني والقومي من جهة ثانية.

الخريطة التربوية

الكثير من الأطفال لا يسعفهم الحظ في الالتحاق بالتعليم النظامي فيحصلون عوضاً عنه على تعليم موازٍ غير نظامي، وآخرون ممن هم في سن الدراسة يتركون التعليم النظامي ويلتحقون بسوق العمل من دون تأهيل كافٍ فيحتاجون الى تدريبات علمية وعملية لاتقان اعمالهم، كما يحتاجون الى مستوى فكري وثقافي متجدد يواجهون به التطورات الاجتماعية.  كذلك يحتاج الذين اتموا دراساتهم النظامية الى مواصلة نموهم الثقافي حتى يتمكنوا من ممارسة أعمالهم بطريقة أفضل، والتلاؤم مع تكنولوجيا العصر والتغير الاجتماعي السريع. والنمو السريع للإعلام لعب دور المعلم الأقدر من المدرسة على التربية والتدريب بحكم توافرالتكنولوجيا الإعلامية في كل بيت (١٣).

من هنا بدت التربية مهمة ومستدامة، وأصبح التخطيط التربوي مطلباً ومطالباً بأن يتجاوز حدود التعليم النظامي وبأن يُدخل في حسابه انواع التربية الأخرى غير النظامية التي تحيط بالمدرسة من كل جهاتها. من هنا ظهرت الخريطة التربوية.

الخريطة التربوية هي مجموعة من الخرائط وقد تكون الخرائط المدرسية واحدة منها مهمتها تشخيص الواقع التربوي في أبعاده المختلفة، داخل المدرسة وخارجها للوقوف على نقاط الضعف والقوة وفق معايير  مؤشرات معينة.

وهذا الجزء من التخطيط عبر الخريطة التربوية يطول في زمان ومكان معينين التربية المحكومة بنظام تعليمي معين، والمتوافرة فيه إمكانيات تربوية معينة.

من خلال كل ما تقدم نستطيع رسم خريطة تربوية مستقبلية هادفة (١٤).

 

تصميم المناهج(١٥)

هو ركن أساسي من أركان منظومة العملية التعليمية ويجب ان يراعى فيها:

أ- سياسة التوليد وتقوية المعرفة التكوينية والبعد عن التلقين.

ب- احترام منظومة العمر.

ج- القضاء على العادات والتقاليد المعوّقة للتعلّم وخلق سلوكيات وقيم جديدة.

د- حوافز للمتعلم (ترفيع مهني أو حوافز مادية أو عينية).

هـ- اشراك الهيئات الاجتماعية.

و- جعل مسألة محو الأمية عملاً مشتركاً بين كل الوزارات.

ز- مراعاة وضع المناهج بما يُشبع حاجات الدارسين والتوجه المهني الحديث.

ح- أن تكون هذه المناهج تربة صالحة للأهداف الوطنية وأهمها تنمية الثروة البشرية.

ط- ان تأتي هذه المناهج قريبة من الواقع.

ي- أن تركز المناهج على محو الأمية وخلق الثقافة وأن تكون مفتاحاً لاختزال المعرفة.

ك- تحديث طرائق التعليم بحيث تكون ناشطة وعملية.

ل- مرونة محتوى المناهج لتتأقلم مع كافة مستويات المشاركين وبيئاتهم.

هذه النقاط يجب أن تتلازم مع:

- إدارة قادرة على مسح عوالم الأميين.

- الإشراف المستمر ووضع خطط رديفه.

- البحث عن امدادات وتمويل.

- خلق وحدة انتاج الأدوات.

- تقويم الجهود المبذولة.

تدريب المعلمين

لما كان التعليم مهنة لها أصولها واساليبها وتقنياتها، وتختلف من مستوى تعليمي الى آخر، ومن عمر الى آخر ومن مادة الى اخرى، وهذه الكفايات تكتسب بالإعداد قبل الخدمة وتكتسب بالتدريب اثناء الخدمة، لذا يستدعي الأمر المزيد من الإعداد والتدريب لاكتساب الكفايات التربوية المهنية المطلوبة.

الجهات المساعدة

عند التخطيط لسياسة محو الأمية يجب إيجاد وتهيئة مناخ مساند تتوافر فيه الفرص للجمع بين العديد من الشركاء الفعليين والمتوقعين المعنيين بتأمين حاجات التعلّم الأساسية مثل: الجمعيات، الهيئات الدينية، الاتحادات والجمعيات....الى ما هنالك.

الإعلام

الإعلام هو التكنولوجيا التي تخترق كل الأسر، لذا فبالإمكان استعماله بشكل فاعل لدعم هدف محو الأمية بإظهار الغد المشرق لعالم متعلم عبر الراديو والتلفزيون والصحافة وذلك بالتعاون بين المسؤولين عن التربية ووسائل الاعلام.

أخيراً: ان النظر الى الإنسان كثروة يجب الحفاظ عليها وتنميتها، وهي أولى الخطوات نحو اهداف التنمية الشاملة المتكاملة للوطن العربي، واذا ما احكمنا الربط بين تسرب هذه الفئات المهمة من الطاقات البشرية وبين وقوع اقسام واسعة من هذه الطاقات في ظلام الأمية، واذا ما قدّرنا حاجة التنمية العربية الى هذه القدرات الغائبة كلها، لأدركنا بوضوح أهمية تضافر الجهود في العالم العربي وفي كل بلد عربي على حِدة في تنمية القدرات البشرية والحفاظ عليها.

 

المراجع:

١- استراتيجية لمحو الأمية، المركز الدولي للتعليم الوظيفي، سرس الليان ١٩٧٦ ، ص ١٥٠.

٢- مؤتمر تأمين حاجات التعليم الأساسية ١٩٩٨ ، اليونيسكو، ص ٥٥. الأمية في الوطن العربي، منشورات اليونيسكو ١٩٧١ ص ١٤.

٣- عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ٢٠١٢، ص ٥٥، القرائية حرية، منشورات اليونيسكو ٢٠٠٣.

٤- مقررات الاجتماع الاستشاري السنوي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالتعليم للجميع، بيروت من ٩-١١ك١، ٢٠٠٤ (تقرير الرصد العالمي ، للعام ٢٠٠٤ على المستوى الاقليمي اليونيسكو.

٥- راجع مبادىء وخطوات تصميم مناهج محو الأمية في إطار التعليم المستمرفي دول العالم الثالث، الاجتماع الاستشاري... سمير جرّار، اليونيسكو.

٦- تقرير مجموعة تنسيق الإجتماع الإستشاري... ٢٠٠٣ ، اليونيسكو.

٧- تقرير لجنة مجالات التقدم الأساسية والصعوبات، الاجتماع الاستشاري...

٨- راجع  http://www.arabtopic.com

٩- مقررات قمة المرأة العربية، الأردن ٢٠٠٣ ، المادة الثانية، اليونيسكو.

١٠- د. مصطفى الزعتري، الخريطة التربوية: اسلوب جديد في التخطيط المحلي، مجلة التربية الجديدة، العدد ١٢ سنة ١٩٧٧ ص ٦٢.

١١- م. س. ص ٦٣.

١٢- د. انطوان حبيب رحمه، تخطيط وتدريب معلم المدرسة الابتدائية، مجلة التربية الجديدة، العدد ٣٩ ، سنة ١٩٨٦ ، ص ٨٦.

١٣- تأمين حاجات التعليم.... ص ٧٦.

١٤- المرجع السابق، ص ٧٦.

١٥- تقرير الصندوق العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ١٩٧١ ، ص ١٥٩ اليونيسكو.

 

الأمية : أسباب وحلول

د.منى حسن دياب رئيسة وحدة المناهج المركز التربوي للبحوث والإنماء

الأمية: أسباب وحلول

الأمية والتخلف وجهان لعملة واحدة، كما التعليم والتنمية، فلا وجود لعملة من دون مردود ما، من هنا حددت إشكالية التنمية وربطت بالقضاء على الجهل، وطرحت مسألة محو الأمية كقضية عالمية تبنتها الدول كلها (مؤتمر جومتين سنة١٩٩٠) (مؤتمر داكار سنة ٢٠٠٠) (مؤتمر مجلس التعاون الخليجي سنة ١٩٨٩) والتوافق على حل وحيد هو تعميم التعليم الأساسي لسد منابع الأمية وتسهيل الإنطلاق للاستراتيجيات التنموية.

وأهم مثال حي على هذا الطرح هو "اليابان" الذي أطلق امبراطورها ميجي (١٨٧٠) ثورة إيديولوجية بسيطة مفادها كلمة سر واحدة هي "تعلّمَ" امتدت حتى الحرب العالمية الأولى، وفي سنة ١٩١٤ كان معدل انتظام التلاميذ في مدارس ''اليابان" يضاهي ذلك المعدل المرتفع السائد في أوروبا الغربية (١) واستمر هذا النهج حتى قضت ''اليابان" على الأمية وحققت نهضتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية.

 

تعريف الأميّة

لقد عرفت اليونيسكو، في البرنامج التعليمي لتعميم التعليم الابتدائي وتجديده ومحو الأمية في العالم العربي في العام ٢٠٠٠ المنعقد في عمّان (فبراير ١٩٨٩)، الأمية تعريفاً بسيطاً جاء فيه: "يعتبر أميّاً كل شخص لا يجيد القراءة والكتابة''. ومعظم البلدان لا تزال تعتمد هذا التعريف كمعيار في احصاءاتها عن الأمية.  ولفتت بعض الأبحاث بأن الشخص قد يجيد القراءة والكتابة من دون فهم لما يقرأ ويكتب، فغيرت اليونيسكو تعريفها للأمية وأضافت معيار الفهم، فجاء تعريف الأمية كالآتي: "الشخص غير الأمي هو الشخص القادر على قراءة وكتابة وفهم نص بسيط وقصير يدور حول الوقائع ذات العلاقة المباشرة بحياته اليومية".

ثم تبنت اليونيسكو مجدداً سنة ١٩٧١ تعريفاً للأمية جاء فيه: "يعتبر ليس أمياً كل شخص اكتسب المعلومات والقدرات الضرورية لممارسة جميع النشاطات التي تكون فيها الألفبائية (ALPHABETISATION) ضرورية لكي يلعب دوره بفعالية في جماعته، وحقق في تعلم القراءة والكتابة والحساب نتائج تسمح له بمتابعة توظيف هذه القدرات في خدمة نموه الشخصي ونمو الجماعة، كما يسمح له بالمشاركة الناشطة في حياة بلده" (٢).

أسباب الأمية

تعتبر مشكلة الأمية من أهم العقبات التي تواجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي أهم مظهر من مظاهر التخلّف الانساني. وتشكل الزيادة السكانية المستمرة عاملاً مهماً من عوامل تفاقم المشكلة في غياب اتخاذ الاجراءات الحاسمة لمحو الأمية في العالم العربي (بلغ عدد الأميين سنة ٢٠٠٠، ١٥٠ مليون أمي من أصل ٢٦٠ مليون) بحسب إحصاءات ، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وآخر التقارير الصادرة ـ عن الأمم المتحدة (عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ ٢٠١٢ تحت عنوان القرائية حرية. جاء فيه : تبلغ نسبة الأمية في العالم العربي ٦١ ٪ من أصل عدد السكان (٣).

قد لا تتماثل الأسباب في كل الدول النامية خاصةً تلك المصدّرة للبترول (نسبة الأمية ٧,٥ ٪ في الامارات) (٤)، وبين تلك الفقيرة منها (الصومال ٦٥٪) (٥)، إذ تختلف الأسباب باختلاف المعطيات الاقتصادية والاجتماعية، كما تختلف النتائج باختلافها أيضاً.  وبالرغم من الجهود التي بذلتها الدول النامية لمحو الأمية والقضاء عليها، إلاّ ان ملايين الأفراد صغاراً وكباراً ما زالوا لا يتمتعون بمزايا التعليم ويعيشون فضلاً عن ذلك في حالة فقر مدقع، هذا ومع بداية القرن الحادي والعشرين لا يمكن للمجتمع الدولي ان يقبل باستمرار وضعٍ لا يحترم فيه أحد الحقوق الأولية للإنسان وهو ما يشكّل انتهاكاً للقيم الاجتماعية والانسانية.  وفي عرض سريع لأسباب الأمية في العالم العربي يمكن ادراج ما يأتي:

١- السياسة والتخطيط

إن قصور السياسات وعشوائية التخطيط وضعف الجمعيات والهيئات الشعبية، إضافة إلى عدم جدية تشريعات إلزامية التعليم في الدول العربية، كل ذلك ساعد على خلق منابع الأمية ومنها (٦):

أ- ارتفاع معدلات الهدر المالي للتعليم وقلة الأبنية المدرسية وضعف التجهيزات ما أدى الى سقوط مقولة:  مقعد لكل طفل في عمر الدراسة.

ب- ارتفاع ظاهرة الرسوب والتسرب في التعليم الابتدائي نتيجة ضعف التعليم  وعدم تطبيق القرار رقم ٧٠٠ تاريخ ١٩٩٩/٥/٢٥ الذي يحظر عمالة الأحداث ما يؤدي الى التسرب في المرحلة الابتدائية وقبل الصف الرابع، مثال أن يتقن التلميذ المهارات الأساسية للتعليم (القراءة والكتابة). والتسرب هو أهم رافد من الروافد التي تغذي منابع الأمية المنتشرة في العالم العربي عامةً، ففي سنة ٢٠٠٣ بلغ معدل الالتحاق العام في لبنان ٧٥،٦ ٪ من التعداد العام للأولاد في عمر الدراسة (بين ٦-١٤) أي بقي خارج نظام التعليم ٢٤،٤ ٪ )عن تقريرالمجلس الأعلى للطفولة، وزارة الشؤون الاجتماعية، ٢٠٠٣).

ج- عدم عدالة توزيع الخدمات التعليمية بين ريف وحضر إذ بلغت نسبة الأمية سنة ١٩٩٦ على مستوى كل لبنان ١٣،٦ ٪ بمعدل ٩،٢ ٪ عند الذكور مقابل ١٧،٨ ٪ عند الإناث، بينما بلغت نسبة الأمية في الريف ٣٨ ٪ تشكل نسبة الإناث ٢٢،٤ ٪ و ٩،٨ ٪ للذكور (المرأة الريفية وقضايا الصحة الإنجابية، ١٩٩٨).

د-  عدم وظيفية المناهج التعليمية لربط المتعلّم بالتدريب المهني المنتج وربط الأمية بنظام التعليم العام.

٢- الفقر(٧):

إن الأوضاع الاقتصادية في كل دولة تؤثر على الأطفال من حيث مستوى التعليم والرعاية الصحية والخدمات التي يتلقاها هؤلاء.  والتفاوت الحاد في مستوى الدخل بين الدول العربية يلعب دوراً كبيراً في تفاوت الحركة التعليمية.  فحتى الآن لم تتوافر بيانات مؤكدة ترسم خريطة للفقر في العالم العربي، وكل البيانات المتوافرة هي من مصادر ثانوية تقديرية تصدر عن جامعة الدول العربية والأمم المتحدة التي ترتكز بدورها الى ما يرد اليها من تقارير من الدول العربية، فمتوسط دخل الفرد في أغنى دولة عربية (دول النفط) يساوي ٢٠ الف دولار سنوياً وينخفض في المغرب ليصل الى ٢٠٠ دولار سنوياً (٨). (معدل دخل الفرد في لبنان الف دولار سنوياً ''الاونيسكو ٢٠٠٣").

ملصق اعلاني لبرنامج محو الامية

 

 

 

 

٣- عدم الاستقرار السياسي لكثير من البلدان العربية.

٤- العادات والتقاليد: بعض التقاليد الموروثة تحرِم الاناث من التعليم وهذا نتيجة لعدم توافر الوعي الكافي عند الشعوب خاصةً لدى الآباء غير المتعلمين. لذا نرى ان ثلاثة أرباع النساء الريفيات أميات.

ولذلك فإن الوطن العربي بحاجة ماسة الى الاهتمام بالمرأة من طريق تفعيل الإعلام العربي لتنفيذ محاور ''استراتيجية المرأة''  التي تبنتها قمة المرأة العربية برئاسة الملكة رانيا العبدلله الحسين سنة ٢٠٠٣ بشأن تعزيز مكانة المرأة وتغيير صورتها النمطية وتعزيز مساهمتها في مسيرة التنمية بصورها كافة، بعد أن أثبتت جدارتها وأكدّت أنها تمثّل فئة غير منفصلة عن المجتمع، بل يجب دمجها في المجالات كافة لأنها اذا ما بقيت على ما هي عليه فإنها تشكل أكبر رافد من روافد الأمية(٩).

٥- عدم وجود تعريف موحّد للأمية تلتزم به الدول العربية (اذ يتأرجح تعريف الأمية من معرفة القراءة والكتابة حتى الإلمام بالكمبيوتر..).

٦- القصور الإعلامي في التوعية لمحو الأمية، (أخطارها، مساوئها، المستقبل الواعد).

٧- عدم وجود ضوابط لحث المتخلفين عن الالتحاق بالمدارس الابتدائية، وعدم وجود حوافز تشجِّعهم على الالتحاق بصفوف محو الأمية.

٨- عدم توافر الأعداد الكافية من المؤهلين والمدربين في مجال تعليم الكبار وإدارة صفوف محو الأمية(١٠).

كل هذه الأسباب تؤكد أن مشكلة الأمية متجذرة وتطول نسبة كبيرة من السكان تصل حتى ١٢ ٪ من إجمالي عدد سكان لبنان ولا بد من ايجاد حلول وسياسات لمواجهتها. والحلول هي تكملة للأسباب كما سنرى.

 

توصيات وحلول:

يولد الشعور بالمشكلة  -أية مشكلة-  رؤية تمثل الحاجة التي يسعى المجتمع او الفرد الى حلها، ودائماً وأبداً يتطلب البحث عن الحل خطوة أولى. هذه الخطوة هي رسم الخطة لبدء المسيرة في طريق الحل، ومنها نصل الى انهاء المشكلة بعد الخطة الاجرائية العملية، فبعد ان حددنا المشكلة (الأمية) وأسبابها لا بدّ من أن يتولد عندنا رؤية مستقبلية نحدد من خلالها الخطة المؤاتية لها.

الرؤية المستقبلية(١١)

التعليم هو تنمية للثروة البشرية، فكما تفتقر بعض الأماكن الى الموارد الطبيعية، كذلك تفتقر الدول التي تعاني من الأمية الى الثروة البشرية التنموية، فالثورة المعرفية هدف كوني، والتطور يسير بسرعة مطردة حتى أن اكثر الدول غنى ترتكز على تنمية الثروة البشرية لضمان المزيد من التطور والتحديث، فالتعليم يدخل في نطاق التنمية الاقتصادية على كل الأصعدة الأكاديمية والمهنية، وبالتالي يؤدي الى التحرك الاجتماعي وإعادة توزيع الدخل والثروات وزيادة نسبة العاملين في المجتمع وزيادة الإنتاج.

ولا بدّ من الاعتراف بالعلاقة الجدلية بين التعليم والتنمية، وهي علاقة تسير ضمن دائرة حلزونية نحو الأشمل والأفضل، ويبقى أن العلم هو الطريق الأوفى لتقدير الذات. هذا هو حال العلم الأول الذي اهتم بالتربية وهو الآن في خطواته الأخيرة ليس في القضاء على الأمية بل في إحكام التفوق، وما الهدف من هذه الدراسة إلا تحديد رؤيتنا الى مستقبل أوفر حظاً من الحاضر حيث نستطيع تحقيق التزامنا بمقررات المؤتمرات (جوستين، دكار، القمة العربية، جامعة الدول العربية) بأن تكون سنة ٢٠١٥ هي سنة القضاء على الأمية وجيوبها في بلدان العالم العربي.

التخطيط (٢١)

بعد تحديد الرؤية يأتي دور التخطيط الذي يحدد خطوات مسيرة القضاء على الأمية، وإذ نؤكد أهمية التخطيط وضرورته لتعميم التعليم ومحو الأمية، فإنه من المهم الى حد كبير الاستفادة من تقنيات التخطيط التربوي، بحيث يأتي الأسلوب مناسباً لما هو مطلوب. لذلك فمن الضروري الاستعانة بالخريطة المدرسية والخريطة التربوية في التخطيط المركزي سواء على المستوى الوطني أم المناطقي، ومراعاة خصوصية المناطق لما يوجد من تفاوت بيئي وتاريخي في ما بينها وجعلها لا مركزية للمزيد من المشاركة لا سيّما على الصعيد المحلي.

أطفال الشوارع ماذا لو تعلموا...؟

 

 

 

 

فالخريطة المدرسية تصحح مواطن القصور التي قد تظهر في الأسلوب الشامل المتبع في التخطيط وتسهّل عملية المشاركة في التخطيط للتعليم بوجه خاص على الصعيد المحلي من جهة، وعلى الصعيد الوطني والقومي من جهة ثانية.

الخريطة التربوية

الكثير من الأطفال لا يسعفهم الحظ في الالتحاق بالتعليم النظامي فيحصلون عوضاً عنه على تعليم موازٍ غير نظامي، وآخرون ممن هم في سن الدراسة يتركون التعليم النظامي ويلتحقون بسوق العمل من دون تأهيل كافٍ فيحتاجون الى تدريبات علمية وعملية لاتقان اعمالهم، كما يحتاجون الى مستوى فكري وثقافي متجدد يواجهون به التطورات الاجتماعية.  كذلك يحتاج الذين اتموا دراساتهم النظامية الى مواصلة نموهم الثقافي حتى يتمكنوا من ممارسة أعمالهم بطريقة أفضل، والتلاؤم مع تكنولوجيا العصر والتغير الاجتماعي السريع. والنمو السريع للإعلام لعب دور المعلم الأقدر من المدرسة على التربية والتدريب بحكم توافرالتكنولوجيا الإعلامية في كل بيت (١٣).

من هنا بدت التربية مهمة ومستدامة، وأصبح التخطيط التربوي مطلباً ومطالباً بأن يتجاوز حدود التعليم النظامي وبأن يُدخل في حسابه انواع التربية الأخرى غير النظامية التي تحيط بالمدرسة من كل جهاتها. من هنا ظهرت الخريطة التربوية.

الخريطة التربوية هي مجموعة من الخرائط وقد تكون الخرائط المدرسية واحدة منها مهمتها تشخيص الواقع التربوي في أبعاده المختلفة، داخل المدرسة وخارجها للوقوف على نقاط الضعف والقوة وفق معايير  مؤشرات معينة.

وهذا الجزء من التخطيط عبر الخريطة التربوية يطول في زمان ومكان معينين التربية المحكومة بنظام تعليمي معين، والمتوافرة فيه إمكانيات تربوية معينة.

من خلال كل ما تقدم نستطيع رسم خريطة تربوية مستقبلية هادفة (١٤).

 

تصميم المناهج(١٥)

هو ركن أساسي من أركان منظومة العملية التعليمية ويجب ان يراعى فيها:

أ- سياسة التوليد وتقوية المعرفة التكوينية والبعد عن التلقين.

ب- احترام منظومة العمر.

ج- القضاء على العادات والتقاليد المعوّقة للتعلّم وخلق سلوكيات وقيم جديدة.

د- حوافز للمتعلم (ترفيع مهني أو حوافز مادية أو عينية).

هـ- اشراك الهيئات الاجتماعية.

و- جعل مسألة محو الأمية عملاً مشتركاً بين كل الوزارات.

ز- مراعاة وضع المناهج بما يُشبع حاجات الدارسين والتوجه المهني الحديث.

ح- أن تكون هذه المناهج تربة صالحة للأهداف الوطنية وأهمها تنمية الثروة البشرية.

ط- ان تأتي هذه المناهج قريبة من الواقع.

ي- أن تركز المناهج على محو الأمية وخلق الثقافة وأن تكون مفتاحاً لاختزال المعرفة.

ك- تحديث طرائق التعليم بحيث تكون ناشطة وعملية.

ل- مرونة محتوى المناهج لتتأقلم مع كافة مستويات المشاركين وبيئاتهم.

هذه النقاط يجب أن تتلازم مع:

- إدارة قادرة على مسح عوالم الأميين.

- الإشراف المستمر ووضع خطط رديفه.

- البحث عن امدادات وتمويل.

- خلق وحدة انتاج الأدوات.

- تقويم الجهود المبذولة.

تدريب المعلمين

لما كان التعليم مهنة لها أصولها واساليبها وتقنياتها، وتختلف من مستوى تعليمي الى آخر، ومن عمر الى آخر ومن مادة الى اخرى، وهذه الكفايات تكتسب بالإعداد قبل الخدمة وتكتسب بالتدريب اثناء الخدمة، لذا يستدعي الأمر المزيد من الإعداد والتدريب لاكتساب الكفايات التربوية المهنية المطلوبة.

الجهات المساعدة

عند التخطيط لسياسة محو الأمية يجب إيجاد وتهيئة مناخ مساند تتوافر فيه الفرص للجمع بين العديد من الشركاء الفعليين والمتوقعين المعنيين بتأمين حاجات التعلّم الأساسية مثل: الجمعيات، الهيئات الدينية، الاتحادات والجمعيات....الى ما هنالك.

الإعلام

الإعلام هو التكنولوجيا التي تخترق كل الأسر، لذا فبالإمكان استعماله بشكل فاعل لدعم هدف محو الأمية بإظهار الغد المشرق لعالم متعلم عبر الراديو والتلفزيون والصحافة وذلك بالتعاون بين المسؤولين عن التربية ووسائل الاعلام.

أخيراً: ان النظر الى الإنسان كثروة يجب الحفاظ عليها وتنميتها، وهي أولى الخطوات نحو اهداف التنمية الشاملة المتكاملة للوطن العربي، واذا ما احكمنا الربط بين تسرب هذه الفئات المهمة من الطاقات البشرية وبين وقوع اقسام واسعة من هذه الطاقات في ظلام الأمية، واذا ما قدّرنا حاجة التنمية العربية الى هذه القدرات الغائبة كلها، لأدركنا بوضوح أهمية تضافر الجهود في العالم العربي وفي كل بلد عربي على حِدة في تنمية القدرات البشرية والحفاظ عليها.

 

المراجع:

١- استراتيجية لمحو الأمية، المركز الدولي للتعليم الوظيفي، سرس الليان ١٩٧٦ ، ص ١٥٠.

٢- مؤتمر تأمين حاجات التعليم الأساسية ١٩٩٨ ، اليونيسكو، ص ٥٥. الأمية في الوطن العربي، منشورات اليونيسكو ١٩٧١ ص ١٤.

٣- عقد الأمم المتحدة لمحو الأمية ٢٠٠٣ـ٢٠١٢، ص ٥٥، القرائية حرية، منشورات اليونيسكو ٢٠٠٣.

٤- مقررات الاجتماع الاستشاري السنوي للمنظمات غير الحكومية المعنية بالتعليم للجميع، بيروت من ٩-١١ك١، ٢٠٠٤ (تقرير الرصد العالمي ، للعام ٢٠٠٤ على المستوى الاقليمي اليونيسكو.

٥- راجع مبادىء وخطوات تصميم مناهج محو الأمية في إطار التعليم المستمرفي دول العالم الثالث، الاجتماع الاستشاري... سمير جرّار، اليونيسكو.

٦- تقرير مجموعة تنسيق الإجتماع الإستشاري... ٢٠٠٣ ، اليونيسكو.

٧- تقرير لجنة مجالات التقدم الأساسية والصعوبات، الاجتماع الاستشاري...

٨- راجع  http://www.arabtopic.com

٩- مقررات قمة المرأة العربية، الأردن ٢٠٠٣ ، المادة الثانية، اليونيسكو.

١٠- د. مصطفى الزعتري، الخريطة التربوية: اسلوب جديد في التخطيط المحلي، مجلة التربية الجديدة، العدد ١٢ سنة ١٩٧٧ ص ٦٢.

١١- م. س. ص ٦٣.

١٢- د. انطوان حبيب رحمه، تخطيط وتدريب معلم المدرسة الابتدائية، مجلة التربية الجديدة، العدد ٣٩ ، سنة ١٩٨٦ ، ص ٨٦.

١٣- تأمين حاجات التعليم.... ص ٧٦.

١٤- المرجع السابق، ص ٧٦.

١٥- تقرير الصندوق العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، ١٩٧١ ، ص ١٥٩ اليونيسكو.