ظاهرة الغش في الامتحانات

موريس شربل استاذ متقاعد في التعليم الثانوي

ظاهرة الغش في الامتحانات

الامتحان وسيلة وليس غاية في حد ذاته. إنه وسيلة لكشف مواطن القوة ومواطن الضعف في العملية التربوية بغية تحسينها . وهو مقياس تعتمد عليه الدول والمؤسسات لتجيز للشباب الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أعلى في السلم التعليمي، أو للدخول الى الجامعة أو للمباشرة بوظيفة أو بعمل ... من هنا كان التناقض الذي حصل عملياً، وأصبح الامتحان غاية لا وسيلة،فأدَى ذلك إلى انتشار أساليب الغش في الامتحانات.

 

قبل التحدث عن ظاهرة الغش في الامتحانات لا بد من توضيح بعض المفاهيم الأساسية وأهمها:

الامتحان

عملياً، الامتحان هو عبارة عن اختبارات عدة خطية أو شفهية تتناول برامج التعليم، وتبغي قياس المعارف والكفايات والمكتسبات عند كل تلميذ وفقاً لمعايير وأهداف محددة سابقاً. وكل مرشح ينال متوسط مجموع العلامات وما فوق يعلن مقبولاً أو ناجحاً.

وقد درجت معظم أنظمة التعليم على إجراء امتحانات رسمية لنيل شهادة معينة مرة في السنة وعند نهاية كل مرحلة تعليمية. كما درجت المدارس على إقامة امتحانات تقريرية عند نهاية كل عام دراسي لتحديد التلاميذ الذين يسمح لهم بالترفّع إلى صف أعلى (مع إعطاء نسب متفاوتة للتقييم المستمر).

لذلك تبدو عملية الامتحانات عملية ضخمة، تستقطب جهود المعلمين والوزارات، وتستأثر باهتمامات التلاميذ والأهل استئثاراً كاملاً، فتسبب القلق والخوف على المصير لدى مئات الآلاف، وتحبس الأنفاس ، فلا عجب في ذلك لأن الرسوب ينتج عنه عوامل سلبية كثيرة.

التقييم

من فعل قيّمَ أي أعطى قيمة لشيء ما: حدث، ظاهرة ، موقف، فرد، منتوج...الخ.

نشأ مفهوم التقييم في أواسط القرن العشرين في البلدان الأنجلوساكسونية وكان يبغي قياس مدى انتقال المفاهيم والنماذج والأنماط في مجال التعلّمُ، والتي بدأ تطبيقها منذ نهاية القرن التاسع عشر في الميادين الاقتصادية والصناعية، ومنذ مطلع الستينيات في الميادين التربوية .

التقييم لا يمكن تحديده بجملة أو بعبارة عادية ، رغم أن له تعاريف كثيرة ،ولذلك نستعيد تعبير كتبه بول فاليري: "هو إحدى هذه الكلمات التي تكوّنِ كل المهن". وفي مهنة التربية عرفت هذه الكلمة مجدها الأكبر... لذا لا يجوز أن نقفل عليها ضمن تعريف محدّدَ ،وسنكتفي ببعض الإيضاحات المعبرة ونترك للقارئ تكوين الفكرة السليمة .

الامتحان وسيلة وليس غاية

 

 

 

 

ففي إطار التربية والتعليم بدأ استخدامه مع بلوم (Bloom) في إطار التعلم بالأهداف لتقييم ما تحقق من أهداف أثناء عملية التعلّم. ويتميز التقييم عن الامتحان في كونه لا يقيس النتائج بالنسبة لمعيار محدد مسبقاً، بل يقيس متوسطة إحصائية ومدى الانحراف عن الأهداف المرسومة.

ضمن هذا السياق تطور مفهوم التقييم على النحو الآتي:

١- شمل مفهوم التقييم كلاّ من العملية التعليمية والكتاب والتلميذ والمعلم والادارة والمناهج وصولا إلى الفلسفة التربوية المتبعة وكامل الهيكلية .

٢- داخل الصف: التقييم وفاقاً لما تم تحقيقه من الأهداف التعليمية التي وضع تصنيفاتها بلوم (Bloom).

٣- أصبح التقييم حالياً تقييماً لمدى ما تحقق عند التلميذ من كفايات علماً أن الكفاية هي قدرة موضوعة موضع التنفيذ ويتم تنفيذها بشكل مميز. أضف إلى ذلك إصلاح الخلل الحاصل لبعض النواقص عند كل تلميذ بمفرده .

تجدر الاشارة إلى أن الكفاية تتكون من تداخل أهداف عدة ضمن مجال معين أو ضمن مجالات عدة، وهي تتكوَّن من:

- معرفة مجردة (savoir).

- معرفة سيكوحركية إجرائية وتنفيذية في حل المشاكل العملية.

- معرفة تكوين مواقف وجدانية وخلقية وأسلوب تصرف.

وبذلك يبقى للتربية بالأهداف أهميتها، لكن الكفاية تعتبرخطوة أكثر تقدماً. وعندما نتحدث عن تطور الكفايات في المدرسة، من الطبيعي ألا يكون تقييم مكتسبات التلاميذ تقييماً للعناصر التي تكوّنِ هذه الكفايات بل تقييماً للكفاية بحد ذاتها. إذ نقوم بتقييم ما أصبح التلميذ قادراً على القيام به...

المباراة

تتم عادة بين فريقين (المباراة الرياضية) من المتدربين، أو مجموعة من المتبارين للدخول الى الجامعة أو الحصول على وظيفة أو ما شاكل. يطلب من المباراة اتخاذ قرارات في وقت محدد في شأن موضوع معين مثل تعيين الفائزين ومن ثم المقبولين للوظيفة ...

وهي تتكون غالباً من اختبارات عدة توضع كي يقوم بها المتبارون بغية كشف الأفضل بينهم، أو عدد من المتفوقين يعتبرون مقبولين للدخول إلى الجامعة أو للوظيفة أو لما شاكل.

يمكننا التمييز بين ثلاثة أنواع من المباريات:

١- مباراة للحصول على لقب شرف أو تحديد الرتب بالأفضلية.

٢- المباراة كوسيلة تربوية لايقاظ الاهتمام والرغبة عند التلاميذ.

٣- مباراة تجنيد أو تطوع يتم بواسطتها تحديد لائحة المرشحين المقبولين بشكل نهائي.

ما هو سلوك الغش في أساليب التقييم؟

تجاه ما مرَّ معنا لا بد من الاعتراف بدورين اجتماعيين لكل عامل في مؤسسة تعليمية:  دور المربي في تبسيط عمليات التعلم وتسهيلها، وتحفيز التلاميذ على تأدية أدوارهم بفرح وحيوية. ودور انتقائي عندما يتم وضع علامات لكل تلميذ عبر أسلوب من أساليب الامتحانات والاختبارات (نتمنى أن تصبح تقييما بالمعنى الصحيح). ولكل دور نماذج تقييم محددة بالمعايير وبالمؤشرات. لكننا نبقى ضمن الامتحانات الاجرائية .

إن ممارسة التلميذ لسلوك الغش في الامتحانات أو الاختبارات، لا يعتبر مظهراً من مظاهر عدم الشعور  المسؤولية وحسب، بل افساد لعملية القياس برمتها وتلويثاً لنتائج الاختبار، وبالتالي فهي تلغي عملية تحقيق أهداف التقويم في نطاق التحصيل الدراسي.  فالاختبارات تستمد أهميتها من فلسفة القياس والتقويم التربويين، والتي هي جزء من فلسفة التربية، وحيث يسعى النظام التربوي إلى تحقيق أهدافها. وتتمثل هذه الأهداف في تكوين المواطن الصالح المنتمي لوطنه، والمتحلي بالفضائل وبالكمال الانساني، العامل على تنمية مختلف جوانب شخصيته والمسهم في تنمية مجتمعه وبيئته.

قراءة أخيرة قبل الامتحان

 

 

 

بناء على ذلك يفترض بالتلميذ الاعتماد على نفسه وقدراته الشخصية في أدائه الاختبارات، مبتعداً عن كل نوع من أنواع الغش، بل عليه أن يعارض وينتقد هذا السلوك من قبل الآخرين. فالتلميذ الذي يعتاد على سلوك الغش في الامتحانات، ربما يعتاد على ذلك في كل اعماله المهنية أو الوظائفية وطوال حياته، فهو بذلك، يهدد الصالح العام والمجتمع الذي يعيش فيه.  فالمعدل التراكمي الذي يحققه التلميذ يعكس قدراته ومكانته بين رفاقه أو زملائه وفي الأسرة والمجتمع، بصرف النظر عن التلوث (الغش) الذي يمكن أن يكون قد حقق هذا المعدل المرتفع.

فظاهرة الغش، باعتبارها شكلاً من أشكال الخيانة تتعارض مع قيمة الأمانة وغيرها من القيم الانسانية. فقد أشار أحد المفكرين إلى أن الأشكال العديدة للخيانة تعتبر محاولات لتحقيق الخير أسيء توجيهها.  فالتلميذ الذي يغش في الامتحانات قد يحاول تبرير عمله لنفسه أو للآخرين  -شعورياً أو لا شعورياً بأسباب مختلفة كالثورة ضد سلطة الكبار القسرية غير العادلة، أو رفض الطريقة العملية التي لا يجد لها معنى نسبياً، أو كطريقة فعَّالة لتحقيق أهدافه في الحصول على الشهادة أو الاجازة أو الوظيفة، هذه العملية السيكولوجية تسمى التبرير، إذ تحاول توجيه السلوك نحو طرق تبدو بناءة.

كل فرد يقوم بعمل يسعى إلى بلوغ درجة متقدمة ان لم نقل متفوقة، وذلك لإشباع حاجات نفسية واجتماعية. فيسلك سبلاً عدة لتحقيق اهدافه.  والتلميذ جزء مهم من النظام التربوي الذي يخدم المجتمع، ويتعرض إلى عمليات تحويل مختلفة كي يؤدي ناتجاً تعليمياً مرغوباً فيه، وهذا الناتج يظهر بالنجاح الذي يأتي من خلال طريقتين: شرعية بقدراته ومؤهلاته وكفاياته، وغير شرعية وهي طريقة الغش في الامتحانات التي تؤدي إلى مردود سلبي لا على صاحب النتيجة فحسب إنما على التلاميذ الآخرين في حال بقي الامتحان الوسيلة التقويمية الوحيدة.  ففي حال كانت النتيجة تفوقاً ومن دون جهد ، فإن مردود ذلك سوف يكون سلبياً على نفسه وعلى رفاقه وعلى المجتمع.

ومن الجوانب المرتبطة بظاهرة الغش:

- عدم اهتمام المعلم في وضع الاختبار أو في تقدير العلامة ما يجعل التلاميذ يلجؤون إلى شتى الوسائل للحصول على العلامة المطلوبة.

وقد يلجأ الناس إلى الغش إذا وقعوا تحت ضغوط كبيرة جداً، فيغش بعضهم معظم الاوقات. والبعض الآخر لا يلجأ في الظروف العادية إلى الغش اطلاقاً، ومنهم أخيراً من يحارب كل محاولة للغش حتى لو كانت لصالحه ومن دون نتائج سلبية عليه.  انما نجد أن هناك نقطة تحوَل عند معظم الناس تقريباً تتلاشى عندها مقاومتهم خصوصاً إذا وجدت مخالفات عديدة من دون مراقبة أو محاسبة ... هذا ما يبرر أن تكون الامتحانات التي يضعها المعلم منصفة ومناسبة للأهداف.

ترى ماذا يخبئون؟

 

 

 

 

استناداً إلى أهمية الاختبارات، كما جاء في المقدمة، تبدو دراسة ظاهرة الغش على جانب كبير من الأهمية. لذا ينبغي معالجة هذه الظاهرة المتزايدة والحد من آثارها خصوصاً عندنا في لبنان، وذلك عبر تقديم بعض المقترحات العملية التي تحول دون انتشارها وتفشيها بين الاجيال الصاعدة، لذلك وجب تناول الموضوع من خلال ثلاثة أنماط:

١- خصائص شخصية التلميذ الذي يميل إلى الغش.

٢- ظروف المؤسسة التعليمية التي تساعد على سلوك الغش.

٣- أسباب الغش كما يتصورها التلامذة والمعلمون .

حاولت بعض الدراسات الكشف عن العلاقة بين بعض خصائص الشخصية والاختلافات السلوكية بين التلامذة الذين يمارسون سلوك الغش، والذين يتجنبونه، ومن ثم معرفة الأسباب والدوافع، وجاءت كما يأتي:

- أشارت دراسات عدة، منها دراسة (Hains et a.l. -1986) ) إلى أن التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المنخفض يمارسون الغش أكثر من التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المرتفع.

- أما دراسة (Houston 1978) فقد اشارت إلى أن سلوك الغش مرتبط بتوقع النجاح.  اذ ان التلاميذ الذين توقعوا نجاحاً متوسطاً كانوا أكثر التلاميذ محاولة للغش بينما المحاولات انخفضت عند المتفوقين أو المتأخرين.

- أظهرت بعض الدراسات إلى أن الخصائص الشخصية للمعلم وطريقة التعليم تعتبر من المتغيرات المهمة التي تشجّع التلامذة على ممارسة الغش في الامتحانات .فالمعلم الضعيف والمعلم المتسلط جداً يساعدان على ذلك، في حين ان المعلم الديمقراطي مع طلابه يقلل كثيراً من محاولات الغش.

- حاولت بعض الدراسات معرفة أسباب الغش كما يدركها الطلاب أنفسهم، فاشارت إلى أن ذلك يعود لضغط العلامة، أي الرغبة القوية في الحصول على علامة لتحقيق قبول في كلية أو النجاح في شهادة... وهناك علاقة بين درجة قلق الطالب وتحصيله الاكاديمي وبين ممارسته لسلوك الغش.

- كما دلت بعض الدراسات إلى أن كثيراً من التلاميذ يمارسون الغش لأنهم لا يدركون لماذا يعد الغش سلوكاً غير مرغوب فيه وفاقا للقول "لا يوجد فرد يختار الشرعن معرفة". وقد اظهرت دراسات عديدة أن ظاهرة الغش واسعة الانتشار وهي تحدث بنسبته ٤٠ ـ ٥٠٪ بين الطلبة في مختلف المراحل الدراسية (نتائج لجنة كارنجي ((Carnegie Commission on Eduction 1990)) وأن ٣٠ـ٥٠٪ من طلبة الجامعات يعترفون بممارسة الغش.

أما في لبنان فان الوضع متفاقم أكثر ومعظم الطلاب يرغبون في الغش وفاقاً للأسباب التي مرت معنا، انما هناك سبب آخر وهو تباهي الطالب بأنه استطاع ممارسة الغش، وهو يعتقد أن هذه قدرة مميزة تضاف إلى قدراته. وربما يعود انتشار مساعي الغش إلى تفشّي ظاهرة "الواسطة" التي تساعد هذا وتبعد ذاك، أو إلى تركيبة المجتمع اللبنا ني. وقد وضعت دراسة حول ظاهرة الغش في جامعة اليرموك في الأردن عام ١٩٨٩ قدرت النسبة بنحو ٧٨٪ في حين اعترف ٧٠٪ من الطلاب أنهم ضد مبدأ الغش في الامتحانات فجاء الواقع مخالفاً للدراسة النظرية.

أساليب الغش

أشارت دراسة اعترف فيها الطلاب بعدد من الأساليب التي يتبعونها في ممارسة الغش فكان أهمها:

- استعمال قصاصات ورق صغيرة كتبت عليها معلومات مختصرة.

- النظر إلى الجار والنقل عنه أو التكلم معه.

- الكتابة على المقعد أو على بطاقة الامتحان أو بطاقة الهوية.

- النقل عن الكتاب... أو غيره.

- محاولة تقديم طالب ما الامتحان عن طالب آخر.

- استعمال الهاتف الخليوي.

أسباب الغش

من أهم الأسباب التي تدفع الطلبة إلى سلوك الغش :

- عدم الاستعداد الكافي للامتحان.

- صعوبة أسئلة الامتحان.

- الرغبة في الحصول على معدلات مرتفعة.

- الخوف من الرسوب والحصول على النجاح وعلى رتبة متقدمة.

- عدم التنسيق بين المعلمين في ما يختص بجو اجراء الامتحانات.

- كون الطلاب الآخرين يغشون ويحصلون على معدلات عالية.

الاستعداد للامتحان

 

 

 

- عدم فهم المادة الدراسية أو كرهها.

- تهاون المراقبين أثناء الامتحان وكثرتهم وثرثرتهم ضمن القاعة.

- انتشار اشاعات بأن مراكز الامتحان الأخرى يسري فيها الغش.

ما هي الاجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش والحد من آثارها؟

إن الإجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش في الامتحانات تختلف بين دولة وأخرى، وسنذكر في هذا المجال عدداً من التعليمات المتبعة في بريطانيا وبعض الدول العربية لمعالجة هذه الظاهرة، وذلك من خلال الطلب إلى رؤساء مراكز الامتحانات والمراقبين تنفيذ الآتي:

١- عدم السماح للطلاب بادخال أي مواد غير ما هو مطلوب للامتحان.

٢- جلوس الطلاب على مسافات بعيدة بحيث يمنع التحدث في ما بينهم.

٣- التأكد من عدم وجود أية مادة مكتوبة على المقعد أو على بطاقة رقم الجلوس أو غيرها.

٤- تأمين الهدوء والصمت داخل قاعات الامتحان.

٥- تجوّل المراقبين بشكل دائم بين المقاعد.

٦- عدم السماح لأي طالب بالخروج من قاعة الامتحان بعد بدئه.

٧- عدم السماح باخراج أية نسخة من أوراق الأسئلة خارج قاعة الامتحان.

٨- عدم وجود هاتف خليوي أو آلة حاسبة متقدمة أو ماشابه من التكنولوجيا الحديثة.

أما العقوبات التي تفرض على محاول الغش بعد ضبطه فهي على النحو الآتي:

١- الغاء امتحان الطالب لهذه الدورة بعد ابلاغه بالقرار خطياً.

٢- حرمانه من دورتين أو أكثر في حال كانت محاولات الغش أقوى.

٣- حرمانه نهائياً من تقديم هذه الشهادة في حال اعتدى على المراقبين أو عرض الامتحان برمته إلى التلوث والضلال.

ملاحظة: تصدرهذه القرارات عن دائرة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم العالي ومن التوصيات الوقائية والعلاجية لظاهرة الغش في الامتحانات نذكر:

١- العمل على استصدار تعليمات جديدة كل عام قبل موسم الامتحانات العامة.

٢- وضع برنامج توعية يقوم به مدير كل مدرسة مع أعضاء الهيئة التعليمية.

٣- القيام بالدراسات والأبحاث الميدانية حول ظاهرة الغش لمتابعة تطورها وتعرّف دوافعها وأسبابها.

٤- تخزين كل المعلومات المتعلقة بظاهرة الغش في الحاسوب لتسهيل الحصول عليها من قبل الباحثين.

٥- التأكيد بشكل دائم على خطورة ظاهرة الغش وتعارضها مع القيم والأهداف التربوية عبر المؤسسات التربوية والاذاعة والتلفزيون ... وغيرها.

٦- إدخال برنامج التوعية هذه في دور المرشد التربوي والنفسي لمساعدة الطلاب على كيفية الاستعداد  للامتحان والتخفيف من القلق الناجم عن ذلك.

خاتمة  ـ التربية على الثقة

عرفنا مؤخراً العديد من أنواع التربية مثل التربية الشمولية، والتربية السكانية، والتربية التقدمية، والتربية على السلام...الخ، فلماذا لا تطرح مسألة التربية على الثقة؟ التي من شأنها أن تسهم بشكل فعَّال في التخفيف من نسب الغش في الامتحانات التي يبدو أنها لن تتغيّر في المنظور القريب، نحو التقييم الشامل الذي يستغني عن الامتحانات... فما هي التربية على الثقة؟

لا يجوز أن تقتصر اهتمامات التربية على نقل المعارف المجرَّدة ، بل يجب إعطاء الأولوية للنضج العام وهو  معرفة الذات ومعرفة العالم المحيط بالمتعلم.  ومن عوامل التربية على الثقة نذكر :

- تشجيع ذكاء التمييز والحساسية الذي يحفّزِ معرفة الشخص بكلّيِته .

- منح مساحة كافية للاستماع النابه لنجاحات الولد وأفراحه، اضافة إلى صعوباته في التعلّم ، ما يتيح له بناء أصالة ثقافية خاصة به تعزِّز ثقته بنفسه .

- إن عامل الحذر والحيطة الذي يعتبر نقيض الثقة يعزِّز وعي حقوق وواجبات الذات ووعي حقوق الاخرين وواجباتهم ضمن عالم الناس المعقد. من هنا ضرورة مقاومة الشعور بالحذر والريبة تجاه الاخرين وتجاه الذات.

- الثقة ليست قيمة اختيارية في التربية، فهي تعني الاعتراف بوجود قيم عند الاخرين ، وأن نسمح لهم بالتعبير والانفتاح.

- وجوب تغلّب الثقة على الحذر عند التلاميذ لأنهما يشكلان مواجهات يومية عندهم، فيدخلان ضمن طباعهم وشخصياتهم.

- أحد أهداف التربية الحديثة استقلالية الطفل، التي لا يمكن أن تتحقّقَ إلا عن طريق الثقة بالنفس والثقة بالآخرين.

الاعتماد على النفس يعزز الثقة

 

 

 

 

وعندما يكتشف الطفل الفروقات الثقافية التي يفترض فيه احترامها رغم اختلافها عن ثقافته يتسنى له معرفة ما يأتي :

- نشاطه النفسي- الانفعالي.

- شرعية تحديد وجوده ضمن تجمّعات اجتماعية عدة حيث ينمو ويتطور.

- الثقة برغباته الخاصة وبقدرته على استخدامها في المسار الصحيح .

كل هذه الامكانيات التي تهجع في داخل كل كائن بشري، تنتظر فرصة التعبير عن ذاتها تجاه الراشدين بغية تحقيق تواصل وثيق من الفرد الى الفرد، ووصولاً إلى بعد إبداعي، وعند ذلك لا حاجة لكل من بلغ ذلك لأن يستخدم الغش في الامتحانات، أو في مختلف مجالات الحياة.

المراجع :

١-  بلوم، بنيامين وزملاؤه، تقييم تعلّمُ الطالب، التجمعي والتكويني، ترجمة محمد أمين المفني، القاهرة، المركز الدولي للترجمة والنشر، ١٩٨٣.

٢-  فاروق شوقي البوهي، الرسوب في التعليم الابتدائي بدولة البحرين،القاهرة، التربية المعاصرة، ١٩٩٣.

٣-  فؤاد سليمان قلادة، الأهداف التربوية والتقويم، دار المعارف، القاهرة ، ١٩٨٢.

٤- Denis Gobry,Eduquer à la confiance,Chronique sociale, Lyon,1999.

٥- Francoise Raynal, Alain Rieunier, Dictionnaire des concepts clés,ESF,Paris,1997.

٦- IPAM,Guide pratique du maître, Edicef,1993.

٧- Jean Volger et autres,L'Evaluation, Hachette,Paris,1996

٨- Louis Arenilla, Dictionnaire de Pédagogie,Bordas, Paris 1996

ملحق: أساليب الغش

١- التمويه (Camouflage): أي الكتابة على أوراق تشبه أوراق الامتحان بقلم يمكن ان يتم محوه بسهولة... تمحى الكتابة وتدس الورقة بين أوراق الامتحان.

٢-  التنسيق مع الآخر: يقوم الطالب الجالس أمامك بلف ورقة طويلة على قبة قميصه يمكن فتحها عندما يبتعد المراقب ولفها عندما يقترب.

٣- بطاقة كرتونية: توضع تحت الطاولة بحيث تتجه نحو الطالب وبلمحة بصر تعود لتختفي على مسطح الطاولة من الجهة السفلى.

٤-  الممحاة: إنها تلك التي تتواجد ضمن غلاف من الكرتون حيث يمكن ادخال لفافة ورقية تسحب إلى الخارج وإذا تركت تتجمع في الداخل مكان الجزء الخارجي من الممحاة.

٥- الحبر الذي لا يُقرأ: أو الحبر اللطيف الذي يكتب النص ولا يقرأ إلا إذا تعرضت الورقة إلى درجة خفيفة من الحرارة.

٦- وضع الدفتر أو الأوراق بين الفخذين بلباقة بحيث يمكن رؤيتها واخفاؤها متى شئنا.

٧- الطاولة، خاصة إذا كانت كبيرة تكتب الموجزات عليها في أماكن مختلفة وبخط صغير.

٨-  وضع الورقة أو الدفتر تحت الردفين، وما عليك سوى إبعاد الفخذين لترى الكتابة وتضمهما عند الحاجة.

٩-  الكرسي المقابل: تكتب على ظهرها قبل البدء بالامتحان.

١٠ـ المخفف: تتم الكتابة على ورقة وتلصق عليها ورقة بيضاء تغطي الكتابة. وعند وضع المخفف على الورقة البيضاء تصبح شفافة ويصبح بالامكان قراءة النص المخبأ في الداخل.

١١ - السوار المطاط لساعة اليد. يسحب إلى آخره وتكتب عليه النصوص.

١٢ -اللوح الأخضر (الأسود). يصل التلميذ قبل المعلم إلى قاعة الصف ويكتب بخط صغير كل ما يرغب في كتابته. يبقى الخطر الا يقرأ الأستاذ ما هو مكتوب على اللوح.

١٣ - الحاسوب الشخصي-  يحمل كل ما يريده الامتحان ويمكن ان يتم الحصول عليه من حاسوب صغير أو عبر انترنيت داخل الهاتف النقال.  مع التنبّه الى الأصوات الخفيفة التي تصدر عند استخدامه.

١٤ - الطلب من الاستاذ المراقب المساعدة وتقديم الاجابة الصحيحة.

١٥ - سطح قاعة الامتحان: حيث تسجل عليه المعلومات وتتم قراءتها بواسطة مرآة مناسبة.

١٦ - زجاج النوافذ: خاصة إذا كان وسخاً بحيث يستطيع التلميذ كتابة المعلومات عليه.

١٧ - مصباح اللوح الأسود (الأخضر) الذي يكون عادة من نوع نيون.  يمكن ان تلصق عليه لفافة ورق تكتب عليها المعلومات ثم تقرأ اثناء الامتحان.

 

الآلات المساعدة على الغش في الامتحانات.

١-  المنظم. - قليل الاستخدام من قبل الطلاب. حيث يخزن الطالب معلومات في ذاكرة حاسوب شخصي صغير.  لكنه يبقى استخدامه صعباً.

٢-  المعجم الالكتروني يمكن أن يحتوي لغات عدة مع قواعد الاملاء وغيرها.

٣-  الهاتف النقال. طرق عدة لاستخدامه.  أبسطها العودة إلى SMS.

٤-  الساعة الأجندا. نجد ساعات- يد يمكننا تخزينها بالمعلومات....

٥- الآلة الحاسبة المبرمجة التي تتخزن بالمعلومات ومنها التي تساعد على حل مسائل رياضية.

6-  نقال القرص الصلب. حيث لا يحتاج الطالب الا للاستماع.

٧-  قارئ القرص المبرمج .(CD) حيث يوصل بسمَّاع أذن تحت الألبسة ومع كنزة القبة المستديرة.

٨-  قارئ الديسك الصغير. بقراءة النص وليس بالسمع.

ظاهرة الغش في الامتحانات

موريس شربل استاذ متقاعد في التعليم الثانوي

ظاهرة الغش في الامتحانات

الامتحان وسيلة وليس غاية في حد ذاته. إنه وسيلة لكشف مواطن القوة ومواطن الضعف في العملية التربوية بغية تحسينها . وهو مقياس تعتمد عليه الدول والمؤسسات لتجيز للشباب الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أعلى في السلم التعليمي، أو للدخول الى الجامعة أو للمباشرة بوظيفة أو بعمل ... من هنا كان التناقض الذي حصل عملياً، وأصبح الامتحان غاية لا وسيلة،فأدَى ذلك إلى انتشار أساليب الغش في الامتحانات.

 

قبل التحدث عن ظاهرة الغش في الامتحانات لا بد من توضيح بعض المفاهيم الأساسية وأهمها:

الامتحان

عملياً، الامتحان هو عبارة عن اختبارات عدة خطية أو شفهية تتناول برامج التعليم، وتبغي قياس المعارف والكفايات والمكتسبات عند كل تلميذ وفقاً لمعايير وأهداف محددة سابقاً. وكل مرشح ينال متوسط مجموع العلامات وما فوق يعلن مقبولاً أو ناجحاً.

وقد درجت معظم أنظمة التعليم على إجراء امتحانات رسمية لنيل شهادة معينة مرة في السنة وعند نهاية كل مرحلة تعليمية. كما درجت المدارس على إقامة امتحانات تقريرية عند نهاية كل عام دراسي لتحديد التلاميذ الذين يسمح لهم بالترفّع إلى صف أعلى (مع إعطاء نسب متفاوتة للتقييم المستمر).

لذلك تبدو عملية الامتحانات عملية ضخمة، تستقطب جهود المعلمين والوزارات، وتستأثر باهتمامات التلاميذ والأهل استئثاراً كاملاً، فتسبب القلق والخوف على المصير لدى مئات الآلاف، وتحبس الأنفاس ، فلا عجب في ذلك لأن الرسوب ينتج عنه عوامل سلبية كثيرة.

التقييم

من فعل قيّمَ أي أعطى قيمة لشيء ما: حدث، ظاهرة ، موقف، فرد، منتوج...الخ.

نشأ مفهوم التقييم في أواسط القرن العشرين في البلدان الأنجلوساكسونية وكان يبغي قياس مدى انتقال المفاهيم والنماذج والأنماط في مجال التعلّمُ، والتي بدأ تطبيقها منذ نهاية القرن التاسع عشر في الميادين الاقتصادية والصناعية، ومنذ مطلع الستينيات في الميادين التربوية .

التقييم لا يمكن تحديده بجملة أو بعبارة عادية ، رغم أن له تعاريف كثيرة ،ولذلك نستعيد تعبير كتبه بول فاليري: "هو إحدى هذه الكلمات التي تكوّنِ كل المهن". وفي مهنة التربية عرفت هذه الكلمة مجدها الأكبر... لذا لا يجوز أن نقفل عليها ضمن تعريف محدّدَ ،وسنكتفي ببعض الإيضاحات المعبرة ونترك للقارئ تكوين الفكرة السليمة .

الامتحان وسيلة وليس غاية

 

 

 

 

ففي إطار التربية والتعليم بدأ استخدامه مع بلوم (Bloom) في إطار التعلم بالأهداف لتقييم ما تحقق من أهداف أثناء عملية التعلّم. ويتميز التقييم عن الامتحان في كونه لا يقيس النتائج بالنسبة لمعيار محدد مسبقاً، بل يقيس متوسطة إحصائية ومدى الانحراف عن الأهداف المرسومة.

ضمن هذا السياق تطور مفهوم التقييم على النحو الآتي:

١- شمل مفهوم التقييم كلاّ من العملية التعليمية والكتاب والتلميذ والمعلم والادارة والمناهج وصولا إلى الفلسفة التربوية المتبعة وكامل الهيكلية .

٢- داخل الصف: التقييم وفاقاً لما تم تحقيقه من الأهداف التعليمية التي وضع تصنيفاتها بلوم (Bloom).

٣- أصبح التقييم حالياً تقييماً لمدى ما تحقق عند التلميذ من كفايات علماً أن الكفاية هي قدرة موضوعة موضع التنفيذ ويتم تنفيذها بشكل مميز. أضف إلى ذلك إصلاح الخلل الحاصل لبعض النواقص عند كل تلميذ بمفرده .

تجدر الاشارة إلى أن الكفاية تتكون من تداخل أهداف عدة ضمن مجال معين أو ضمن مجالات عدة، وهي تتكوَّن من:

- معرفة مجردة (savoir).

- معرفة سيكوحركية إجرائية وتنفيذية في حل المشاكل العملية.

- معرفة تكوين مواقف وجدانية وخلقية وأسلوب تصرف.

وبذلك يبقى للتربية بالأهداف أهميتها، لكن الكفاية تعتبرخطوة أكثر تقدماً. وعندما نتحدث عن تطور الكفايات في المدرسة، من الطبيعي ألا يكون تقييم مكتسبات التلاميذ تقييماً للعناصر التي تكوّنِ هذه الكفايات بل تقييماً للكفاية بحد ذاتها. إذ نقوم بتقييم ما أصبح التلميذ قادراً على القيام به...

المباراة

تتم عادة بين فريقين (المباراة الرياضية) من المتدربين، أو مجموعة من المتبارين للدخول الى الجامعة أو الحصول على وظيفة أو ما شاكل. يطلب من المباراة اتخاذ قرارات في وقت محدد في شأن موضوع معين مثل تعيين الفائزين ومن ثم المقبولين للوظيفة ...

وهي تتكون غالباً من اختبارات عدة توضع كي يقوم بها المتبارون بغية كشف الأفضل بينهم، أو عدد من المتفوقين يعتبرون مقبولين للدخول إلى الجامعة أو للوظيفة أو لما شاكل.

يمكننا التمييز بين ثلاثة أنواع من المباريات:

١- مباراة للحصول على لقب شرف أو تحديد الرتب بالأفضلية.

٢- المباراة كوسيلة تربوية لايقاظ الاهتمام والرغبة عند التلاميذ.

٣- مباراة تجنيد أو تطوع يتم بواسطتها تحديد لائحة المرشحين المقبولين بشكل نهائي.

ما هو سلوك الغش في أساليب التقييم؟

تجاه ما مرَّ معنا لا بد من الاعتراف بدورين اجتماعيين لكل عامل في مؤسسة تعليمية:  دور المربي في تبسيط عمليات التعلم وتسهيلها، وتحفيز التلاميذ على تأدية أدوارهم بفرح وحيوية. ودور انتقائي عندما يتم وضع علامات لكل تلميذ عبر أسلوب من أساليب الامتحانات والاختبارات (نتمنى أن تصبح تقييما بالمعنى الصحيح). ولكل دور نماذج تقييم محددة بالمعايير وبالمؤشرات. لكننا نبقى ضمن الامتحانات الاجرائية .

إن ممارسة التلميذ لسلوك الغش في الامتحانات أو الاختبارات، لا يعتبر مظهراً من مظاهر عدم الشعور  المسؤولية وحسب، بل افساد لعملية القياس برمتها وتلويثاً لنتائج الاختبار، وبالتالي فهي تلغي عملية تحقيق أهداف التقويم في نطاق التحصيل الدراسي.  فالاختبارات تستمد أهميتها من فلسفة القياس والتقويم التربويين، والتي هي جزء من فلسفة التربية، وحيث يسعى النظام التربوي إلى تحقيق أهدافها. وتتمثل هذه الأهداف في تكوين المواطن الصالح المنتمي لوطنه، والمتحلي بالفضائل وبالكمال الانساني، العامل على تنمية مختلف جوانب شخصيته والمسهم في تنمية مجتمعه وبيئته.

قراءة أخيرة قبل الامتحان

 

 

 

بناء على ذلك يفترض بالتلميذ الاعتماد على نفسه وقدراته الشخصية في أدائه الاختبارات، مبتعداً عن كل نوع من أنواع الغش، بل عليه أن يعارض وينتقد هذا السلوك من قبل الآخرين. فالتلميذ الذي يعتاد على سلوك الغش في الامتحانات، ربما يعتاد على ذلك في كل اعماله المهنية أو الوظائفية وطوال حياته، فهو بذلك، يهدد الصالح العام والمجتمع الذي يعيش فيه.  فالمعدل التراكمي الذي يحققه التلميذ يعكس قدراته ومكانته بين رفاقه أو زملائه وفي الأسرة والمجتمع، بصرف النظر عن التلوث (الغش) الذي يمكن أن يكون قد حقق هذا المعدل المرتفع.

فظاهرة الغش، باعتبارها شكلاً من أشكال الخيانة تتعارض مع قيمة الأمانة وغيرها من القيم الانسانية. فقد أشار أحد المفكرين إلى أن الأشكال العديدة للخيانة تعتبر محاولات لتحقيق الخير أسيء توجيهها.  فالتلميذ الذي يغش في الامتحانات قد يحاول تبرير عمله لنفسه أو للآخرين  -شعورياً أو لا شعورياً بأسباب مختلفة كالثورة ضد سلطة الكبار القسرية غير العادلة، أو رفض الطريقة العملية التي لا يجد لها معنى نسبياً، أو كطريقة فعَّالة لتحقيق أهدافه في الحصول على الشهادة أو الاجازة أو الوظيفة، هذه العملية السيكولوجية تسمى التبرير، إذ تحاول توجيه السلوك نحو طرق تبدو بناءة.

كل فرد يقوم بعمل يسعى إلى بلوغ درجة متقدمة ان لم نقل متفوقة، وذلك لإشباع حاجات نفسية واجتماعية. فيسلك سبلاً عدة لتحقيق اهدافه.  والتلميذ جزء مهم من النظام التربوي الذي يخدم المجتمع، ويتعرض إلى عمليات تحويل مختلفة كي يؤدي ناتجاً تعليمياً مرغوباً فيه، وهذا الناتج يظهر بالنجاح الذي يأتي من خلال طريقتين: شرعية بقدراته ومؤهلاته وكفاياته، وغير شرعية وهي طريقة الغش في الامتحانات التي تؤدي إلى مردود سلبي لا على صاحب النتيجة فحسب إنما على التلاميذ الآخرين في حال بقي الامتحان الوسيلة التقويمية الوحيدة.  ففي حال كانت النتيجة تفوقاً ومن دون جهد ، فإن مردود ذلك سوف يكون سلبياً على نفسه وعلى رفاقه وعلى المجتمع.

ومن الجوانب المرتبطة بظاهرة الغش:

- عدم اهتمام المعلم في وضع الاختبار أو في تقدير العلامة ما يجعل التلاميذ يلجؤون إلى شتى الوسائل للحصول على العلامة المطلوبة.

وقد يلجأ الناس إلى الغش إذا وقعوا تحت ضغوط كبيرة جداً، فيغش بعضهم معظم الاوقات. والبعض الآخر لا يلجأ في الظروف العادية إلى الغش اطلاقاً، ومنهم أخيراً من يحارب كل محاولة للغش حتى لو كانت لصالحه ومن دون نتائج سلبية عليه.  انما نجد أن هناك نقطة تحوَل عند معظم الناس تقريباً تتلاشى عندها مقاومتهم خصوصاً إذا وجدت مخالفات عديدة من دون مراقبة أو محاسبة ... هذا ما يبرر أن تكون الامتحانات التي يضعها المعلم منصفة ومناسبة للأهداف.

ترى ماذا يخبئون؟

 

 

 

 

استناداً إلى أهمية الاختبارات، كما جاء في المقدمة، تبدو دراسة ظاهرة الغش على جانب كبير من الأهمية. لذا ينبغي معالجة هذه الظاهرة المتزايدة والحد من آثارها خصوصاً عندنا في لبنان، وذلك عبر تقديم بعض المقترحات العملية التي تحول دون انتشارها وتفشيها بين الاجيال الصاعدة، لذلك وجب تناول الموضوع من خلال ثلاثة أنماط:

١- خصائص شخصية التلميذ الذي يميل إلى الغش.

٢- ظروف المؤسسة التعليمية التي تساعد على سلوك الغش.

٣- أسباب الغش كما يتصورها التلامذة والمعلمون .

حاولت بعض الدراسات الكشف عن العلاقة بين بعض خصائص الشخصية والاختلافات السلوكية بين التلامذة الذين يمارسون سلوك الغش، والذين يتجنبونه، ومن ثم معرفة الأسباب والدوافع، وجاءت كما يأتي:

- أشارت دراسات عدة، منها دراسة (Hains et a.l. -1986) ) إلى أن التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المنخفض يمارسون الغش أكثر من التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المرتفع.

- أما دراسة (Houston 1978) فقد اشارت إلى أن سلوك الغش مرتبط بتوقع النجاح.  اذ ان التلاميذ الذين توقعوا نجاحاً متوسطاً كانوا أكثر التلاميذ محاولة للغش بينما المحاولات انخفضت عند المتفوقين أو المتأخرين.

- أظهرت بعض الدراسات إلى أن الخصائص الشخصية للمعلم وطريقة التعليم تعتبر من المتغيرات المهمة التي تشجّع التلامذة على ممارسة الغش في الامتحانات .فالمعلم الضعيف والمعلم المتسلط جداً يساعدان على ذلك، في حين ان المعلم الديمقراطي مع طلابه يقلل كثيراً من محاولات الغش.

- حاولت بعض الدراسات معرفة أسباب الغش كما يدركها الطلاب أنفسهم، فاشارت إلى أن ذلك يعود لضغط العلامة، أي الرغبة القوية في الحصول على علامة لتحقيق قبول في كلية أو النجاح في شهادة... وهناك علاقة بين درجة قلق الطالب وتحصيله الاكاديمي وبين ممارسته لسلوك الغش.

- كما دلت بعض الدراسات إلى أن كثيراً من التلاميذ يمارسون الغش لأنهم لا يدركون لماذا يعد الغش سلوكاً غير مرغوب فيه وفاقا للقول "لا يوجد فرد يختار الشرعن معرفة". وقد اظهرت دراسات عديدة أن ظاهرة الغش واسعة الانتشار وهي تحدث بنسبته ٤٠ ـ ٥٠٪ بين الطلبة في مختلف المراحل الدراسية (نتائج لجنة كارنجي ((Carnegie Commission on Eduction 1990)) وأن ٣٠ـ٥٠٪ من طلبة الجامعات يعترفون بممارسة الغش.

أما في لبنان فان الوضع متفاقم أكثر ومعظم الطلاب يرغبون في الغش وفاقاً للأسباب التي مرت معنا، انما هناك سبب آخر وهو تباهي الطالب بأنه استطاع ممارسة الغش، وهو يعتقد أن هذه قدرة مميزة تضاف إلى قدراته. وربما يعود انتشار مساعي الغش إلى تفشّي ظاهرة "الواسطة" التي تساعد هذا وتبعد ذاك، أو إلى تركيبة المجتمع اللبنا ني. وقد وضعت دراسة حول ظاهرة الغش في جامعة اليرموك في الأردن عام ١٩٨٩ قدرت النسبة بنحو ٧٨٪ في حين اعترف ٧٠٪ من الطلاب أنهم ضد مبدأ الغش في الامتحانات فجاء الواقع مخالفاً للدراسة النظرية.

أساليب الغش

أشارت دراسة اعترف فيها الطلاب بعدد من الأساليب التي يتبعونها في ممارسة الغش فكان أهمها:

- استعمال قصاصات ورق صغيرة كتبت عليها معلومات مختصرة.

- النظر إلى الجار والنقل عنه أو التكلم معه.

- الكتابة على المقعد أو على بطاقة الامتحان أو بطاقة الهوية.

- النقل عن الكتاب... أو غيره.

- محاولة تقديم طالب ما الامتحان عن طالب آخر.

- استعمال الهاتف الخليوي.

أسباب الغش

من أهم الأسباب التي تدفع الطلبة إلى سلوك الغش :

- عدم الاستعداد الكافي للامتحان.

- صعوبة أسئلة الامتحان.

- الرغبة في الحصول على معدلات مرتفعة.

- الخوف من الرسوب والحصول على النجاح وعلى رتبة متقدمة.

- عدم التنسيق بين المعلمين في ما يختص بجو اجراء الامتحانات.

- كون الطلاب الآخرين يغشون ويحصلون على معدلات عالية.

الاستعداد للامتحان

 

 

 

- عدم فهم المادة الدراسية أو كرهها.

- تهاون المراقبين أثناء الامتحان وكثرتهم وثرثرتهم ضمن القاعة.

- انتشار اشاعات بأن مراكز الامتحان الأخرى يسري فيها الغش.

ما هي الاجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش والحد من آثارها؟

إن الإجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش في الامتحانات تختلف بين دولة وأخرى، وسنذكر في هذا المجال عدداً من التعليمات المتبعة في بريطانيا وبعض الدول العربية لمعالجة هذه الظاهرة، وذلك من خلال الطلب إلى رؤساء مراكز الامتحانات والمراقبين تنفيذ الآتي:

١- عدم السماح للطلاب بادخال أي مواد غير ما هو مطلوب للامتحان.

٢- جلوس الطلاب على مسافات بعيدة بحيث يمنع التحدث في ما بينهم.

٣- التأكد من عدم وجود أية مادة مكتوبة على المقعد أو على بطاقة رقم الجلوس أو غيرها.

٤- تأمين الهدوء والصمت داخل قاعات الامتحان.

٥- تجوّل المراقبين بشكل دائم بين المقاعد.

٦- عدم السماح لأي طالب بالخروج من قاعة الامتحان بعد بدئه.

٧- عدم السماح باخراج أية نسخة من أوراق الأسئلة خارج قاعة الامتحان.

٨- عدم وجود هاتف خليوي أو آلة حاسبة متقدمة أو ماشابه من التكنولوجيا الحديثة.

أما العقوبات التي تفرض على محاول الغش بعد ضبطه فهي على النحو الآتي:

١- الغاء امتحان الطالب لهذه الدورة بعد ابلاغه بالقرار خطياً.

٢- حرمانه من دورتين أو أكثر في حال كانت محاولات الغش أقوى.

٣- حرمانه نهائياً من تقديم هذه الشهادة في حال اعتدى على المراقبين أو عرض الامتحان برمته إلى التلوث والضلال.

ملاحظة: تصدرهذه القرارات عن دائرة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم العالي ومن التوصيات الوقائية والعلاجية لظاهرة الغش في الامتحانات نذكر:

١- العمل على استصدار تعليمات جديدة كل عام قبل موسم الامتحانات العامة.

٢- وضع برنامج توعية يقوم به مدير كل مدرسة مع أعضاء الهيئة التعليمية.

٣- القيام بالدراسات والأبحاث الميدانية حول ظاهرة الغش لمتابعة تطورها وتعرّف دوافعها وأسبابها.

٤- تخزين كل المعلومات المتعلقة بظاهرة الغش في الحاسوب لتسهيل الحصول عليها من قبل الباحثين.

٥- التأكيد بشكل دائم على خطورة ظاهرة الغش وتعارضها مع القيم والأهداف التربوية عبر المؤسسات التربوية والاذاعة والتلفزيون ... وغيرها.

٦- إدخال برنامج التوعية هذه في دور المرشد التربوي والنفسي لمساعدة الطلاب على كيفية الاستعداد  للامتحان والتخفيف من القلق الناجم عن ذلك.

خاتمة  ـ التربية على الثقة

عرفنا مؤخراً العديد من أنواع التربية مثل التربية الشمولية، والتربية السكانية، والتربية التقدمية، والتربية على السلام...الخ، فلماذا لا تطرح مسألة التربية على الثقة؟ التي من شأنها أن تسهم بشكل فعَّال في التخفيف من نسب الغش في الامتحانات التي يبدو أنها لن تتغيّر في المنظور القريب، نحو التقييم الشامل الذي يستغني عن الامتحانات... فما هي التربية على الثقة؟

لا يجوز أن تقتصر اهتمامات التربية على نقل المعارف المجرَّدة ، بل يجب إعطاء الأولوية للنضج العام وهو  معرفة الذات ومعرفة العالم المحيط بالمتعلم.  ومن عوامل التربية على الثقة نذكر :

- تشجيع ذكاء التمييز والحساسية الذي يحفّزِ معرفة الشخص بكلّيِته .

- منح مساحة كافية للاستماع النابه لنجاحات الولد وأفراحه، اضافة إلى صعوباته في التعلّم ، ما يتيح له بناء أصالة ثقافية خاصة به تعزِّز ثقته بنفسه .

- إن عامل الحذر والحيطة الذي يعتبر نقيض الثقة يعزِّز وعي حقوق وواجبات الذات ووعي حقوق الاخرين وواجباتهم ضمن عالم الناس المعقد. من هنا ضرورة مقاومة الشعور بالحذر والريبة تجاه الاخرين وتجاه الذات.

- الثقة ليست قيمة اختيارية في التربية، فهي تعني الاعتراف بوجود قيم عند الاخرين ، وأن نسمح لهم بالتعبير والانفتاح.

- وجوب تغلّب الثقة على الحذر عند التلاميذ لأنهما يشكلان مواجهات يومية عندهم، فيدخلان ضمن طباعهم وشخصياتهم.

- أحد أهداف التربية الحديثة استقلالية الطفل، التي لا يمكن أن تتحقّقَ إلا عن طريق الثقة بالنفس والثقة بالآخرين.

الاعتماد على النفس يعزز الثقة

 

 

 

 

وعندما يكتشف الطفل الفروقات الثقافية التي يفترض فيه احترامها رغم اختلافها عن ثقافته يتسنى له معرفة ما يأتي :

- نشاطه النفسي- الانفعالي.

- شرعية تحديد وجوده ضمن تجمّعات اجتماعية عدة حيث ينمو ويتطور.

- الثقة برغباته الخاصة وبقدرته على استخدامها في المسار الصحيح .

كل هذه الامكانيات التي تهجع في داخل كل كائن بشري، تنتظر فرصة التعبير عن ذاتها تجاه الراشدين بغية تحقيق تواصل وثيق من الفرد الى الفرد، ووصولاً إلى بعد إبداعي، وعند ذلك لا حاجة لكل من بلغ ذلك لأن يستخدم الغش في الامتحانات، أو في مختلف مجالات الحياة.

المراجع :

١-  بلوم، بنيامين وزملاؤه، تقييم تعلّمُ الطالب، التجمعي والتكويني، ترجمة محمد أمين المفني، القاهرة، المركز الدولي للترجمة والنشر، ١٩٨٣.

٢-  فاروق شوقي البوهي، الرسوب في التعليم الابتدائي بدولة البحرين،القاهرة، التربية المعاصرة، ١٩٩٣.

٣-  فؤاد سليمان قلادة، الأهداف التربوية والتقويم، دار المعارف، القاهرة ، ١٩٨٢.

٤- Denis Gobry,Eduquer à la confiance,Chronique sociale, Lyon,1999.

٥- Francoise Raynal, Alain Rieunier, Dictionnaire des concepts clés,ESF,Paris,1997.

٦- IPAM,Guide pratique du maître, Edicef,1993.

٧- Jean Volger et autres,L'Evaluation, Hachette,Paris,1996

٨- Louis Arenilla, Dictionnaire de Pédagogie,Bordas, Paris 1996

ملحق: أساليب الغش

١- التمويه (Camouflage): أي الكتابة على أوراق تشبه أوراق الامتحان بقلم يمكن ان يتم محوه بسهولة... تمحى الكتابة وتدس الورقة بين أوراق الامتحان.

٢-  التنسيق مع الآخر: يقوم الطالب الجالس أمامك بلف ورقة طويلة على قبة قميصه يمكن فتحها عندما يبتعد المراقب ولفها عندما يقترب.

٣- بطاقة كرتونية: توضع تحت الطاولة بحيث تتجه نحو الطالب وبلمحة بصر تعود لتختفي على مسطح الطاولة من الجهة السفلى.

٤-  الممحاة: إنها تلك التي تتواجد ضمن غلاف من الكرتون حيث يمكن ادخال لفافة ورقية تسحب إلى الخارج وإذا تركت تتجمع في الداخل مكان الجزء الخارجي من الممحاة.

٥- الحبر الذي لا يُقرأ: أو الحبر اللطيف الذي يكتب النص ولا يقرأ إلا إذا تعرضت الورقة إلى درجة خفيفة من الحرارة.

٦- وضع الدفتر أو الأوراق بين الفخذين بلباقة بحيث يمكن رؤيتها واخفاؤها متى شئنا.

٧- الطاولة، خاصة إذا كانت كبيرة تكتب الموجزات عليها في أماكن مختلفة وبخط صغير.

٨-  وضع الورقة أو الدفتر تحت الردفين، وما عليك سوى إبعاد الفخذين لترى الكتابة وتضمهما عند الحاجة.

٩-  الكرسي المقابل: تكتب على ظهرها قبل البدء بالامتحان.

١٠ـ المخفف: تتم الكتابة على ورقة وتلصق عليها ورقة بيضاء تغطي الكتابة. وعند وضع المخفف على الورقة البيضاء تصبح شفافة ويصبح بالامكان قراءة النص المخبأ في الداخل.

١١ - السوار المطاط لساعة اليد. يسحب إلى آخره وتكتب عليه النصوص.

١٢ -اللوح الأخضر (الأسود). يصل التلميذ قبل المعلم إلى قاعة الصف ويكتب بخط صغير كل ما يرغب في كتابته. يبقى الخطر الا يقرأ الأستاذ ما هو مكتوب على اللوح.

١٣ - الحاسوب الشخصي-  يحمل كل ما يريده الامتحان ويمكن ان يتم الحصول عليه من حاسوب صغير أو عبر انترنيت داخل الهاتف النقال.  مع التنبّه الى الأصوات الخفيفة التي تصدر عند استخدامه.

١٤ - الطلب من الاستاذ المراقب المساعدة وتقديم الاجابة الصحيحة.

١٥ - سطح قاعة الامتحان: حيث تسجل عليه المعلومات وتتم قراءتها بواسطة مرآة مناسبة.

١٦ - زجاج النوافذ: خاصة إذا كان وسخاً بحيث يستطيع التلميذ كتابة المعلومات عليه.

١٧ - مصباح اللوح الأسود (الأخضر) الذي يكون عادة من نوع نيون.  يمكن ان تلصق عليه لفافة ورق تكتب عليها المعلومات ثم تقرأ اثناء الامتحان.

 

الآلات المساعدة على الغش في الامتحانات.

١-  المنظم. - قليل الاستخدام من قبل الطلاب. حيث يخزن الطالب معلومات في ذاكرة حاسوب شخصي صغير.  لكنه يبقى استخدامه صعباً.

٢-  المعجم الالكتروني يمكن أن يحتوي لغات عدة مع قواعد الاملاء وغيرها.

٣-  الهاتف النقال. طرق عدة لاستخدامه.  أبسطها العودة إلى SMS.

٤-  الساعة الأجندا. نجد ساعات- يد يمكننا تخزينها بالمعلومات....

٥- الآلة الحاسبة المبرمجة التي تتخزن بالمعلومات ومنها التي تساعد على حل مسائل رياضية.

6-  نقال القرص الصلب. حيث لا يحتاج الطالب الا للاستماع.

٧-  قارئ القرص المبرمج .(CD) حيث يوصل بسمَّاع أذن تحت الألبسة ومع كنزة القبة المستديرة.

٨-  قارئ الديسك الصغير. بقراءة النص وليس بالسمع.

ظاهرة الغش في الامتحانات

موريس شربل استاذ متقاعد في التعليم الثانوي

ظاهرة الغش في الامتحانات

الامتحان وسيلة وليس غاية في حد ذاته. إنه وسيلة لكشف مواطن القوة ومواطن الضعف في العملية التربوية بغية تحسينها . وهو مقياس تعتمد عليه الدول والمؤسسات لتجيز للشباب الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أعلى في السلم التعليمي، أو للدخول الى الجامعة أو للمباشرة بوظيفة أو بعمل ... من هنا كان التناقض الذي حصل عملياً، وأصبح الامتحان غاية لا وسيلة،فأدَى ذلك إلى انتشار أساليب الغش في الامتحانات.

 

قبل التحدث عن ظاهرة الغش في الامتحانات لا بد من توضيح بعض المفاهيم الأساسية وأهمها:

الامتحان

عملياً، الامتحان هو عبارة عن اختبارات عدة خطية أو شفهية تتناول برامج التعليم، وتبغي قياس المعارف والكفايات والمكتسبات عند كل تلميذ وفقاً لمعايير وأهداف محددة سابقاً. وكل مرشح ينال متوسط مجموع العلامات وما فوق يعلن مقبولاً أو ناجحاً.

وقد درجت معظم أنظمة التعليم على إجراء امتحانات رسمية لنيل شهادة معينة مرة في السنة وعند نهاية كل مرحلة تعليمية. كما درجت المدارس على إقامة امتحانات تقريرية عند نهاية كل عام دراسي لتحديد التلاميذ الذين يسمح لهم بالترفّع إلى صف أعلى (مع إعطاء نسب متفاوتة للتقييم المستمر).

لذلك تبدو عملية الامتحانات عملية ضخمة، تستقطب جهود المعلمين والوزارات، وتستأثر باهتمامات التلاميذ والأهل استئثاراً كاملاً، فتسبب القلق والخوف على المصير لدى مئات الآلاف، وتحبس الأنفاس ، فلا عجب في ذلك لأن الرسوب ينتج عنه عوامل سلبية كثيرة.

التقييم

من فعل قيّمَ أي أعطى قيمة لشيء ما: حدث، ظاهرة ، موقف، فرد، منتوج...الخ.

نشأ مفهوم التقييم في أواسط القرن العشرين في البلدان الأنجلوساكسونية وكان يبغي قياس مدى انتقال المفاهيم والنماذج والأنماط في مجال التعلّمُ، والتي بدأ تطبيقها منذ نهاية القرن التاسع عشر في الميادين الاقتصادية والصناعية، ومنذ مطلع الستينيات في الميادين التربوية .

التقييم لا يمكن تحديده بجملة أو بعبارة عادية ، رغم أن له تعاريف كثيرة ،ولذلك نستعيد تعبير كتبه بول فاليري: "هو إحدى هذه الكلمات التي تكوّنِ كل المهن". وفي مهنة التربية عرفت هذه الكلمة مجدها الأكبر... لذا لا يجوز أن نقفل عليها ضمن تعريف محدّدَ ،وسنكتفي ببعض الإيضاحات المعبرة ونترك للقارئ تكوين الفكرة السليمة .

الامتحان وسيلة وليس غاية

 

 

 

 

ففي إطار التربية والتعليم بدأ استخدامه مع بلوم (Bloom) في إطار التعلم بالأهداف لتقييم ما تحقق من أهداف أثناء عملية التعلّم. ويتميز التقييم عن الامتحان في كونه لا يقيس النتائج بالنسبة لمعيار محدد مسبقاً، بل يقيس متوسطة إحصائية ومدى الانحراف عن الأهداف المرسومة.

ضمن هذا السياق تطور مفهوم التقييم على النحو الآتي:

١- شمل مفهوم التقييم كلاّ من العملية التعليمية والكتاب والتلميذ والمعلم والادارة والمناهج وصولا إلى الفلسفة التربوية المتبعة وكامل الهيكلية .

٢- داخل الصف: التقييم وفاقاً لما تم تحقيقه من الأهداف التعليمية التي وضع تصنيفاتها بلوم (Bloom).

٣- أصبح التقييم حالياً تقييماً لمدى ما تحقق عند التلميذ من كفايات علماً أن الكفاية هي قدرة موضوعة موضع التنفيذ ويتم تنفيذها بشكل مميز. أضف إلى ذلك إصلاح الخلل الحاصل لبعض النواقص عند كل تلميذ بمفرده .

تجدر الاشارة إلى أن الكفاية تتكون من تداخل أهداف عدة ضمن مجال معين أو ضمن مجالات عدة، وهي تتكوَّن من:

- معرفة مجردة (savoir).

- معرفة سيكوحركية إجرائية وتنفيذية في حل المشاكل العملية.

- معرفة تكوين مواقف وجدانية وخلقية وأسلوب تصرف.

وبذلك يبقى للتربية بالأهداف أهميتها، لكن الكفاية تعتبرخطوة أكثر تقدماً. وعندما نتحدث عن تطور الكفايات في المدرسة، من الطبيعي ألا يكون تقييم مكتسبات التلاميذ تقييماً للعناصر التي تكوّنِ هذه الكفايات بل تقييماً للكفاية بحد ذاتها. إذ نقوم بتقييم ما أصبح التلميذ قادراً على القيام به...

المباراة

تتم عادة بين فريقين (المباراة الرياضية) من المتدربين، أو مجموعة من المتبارين للدخول الى الجامعة أو الحصول على وظيفة أو ما شاكل. يطلب من المباراة اتخاذ قرارات في وقت محدد في شأن موضوع معين مثل تعيين الفائزين ومن ثم المقبولين للوظيفة ...

وهي تتكون غالباً من اختبارات عدة توضع كي يقوم بها المتبارون بغية كشف الأفضل بينهم، أو عدد من المتفوقين يعتبرون مقبولين للدخول إلى الجامعة أو للوظيفة أو لما شاكل.

يمكننا التمييز بين ثلاثة أنواع من المباريات:

١- مباراة للحصول على لقب شرف أو تحديد الرتب بالأفضلية.

٢- المباراة كوسيلة تربوية لايقاظ الاهتمام والرغبة عند التلاميذ.

٣- مباراة تجنيد أو تطوع يتم بواسطتها تحديد لائحة المرشحين المقبولين بشكل نهائي.

ما هو سلوك الغش في أساليب التقييم؟

تجاه ما مرَّ معنا لا بد من الاعتراف بدورين اجتماعيين لكل عامل في مؤسسة تعليمية:  دور المربي في تبسيط عمليات التعلم وتسهيلها، وتحفيز التلاميذ على تأدية أدوارهم بفرح وحيوية. ودور انتقائي عندما يتم وضع علامات لكل تلميذ عبر أسلوب من أساليب الامتحانات والاختبارات (نتمنى أن تصبح تقييما بالمعنى الصحيح). ولكل دور نماذج تقييم محددة بالمعايير وبالمؤشرات. لكننا نبقى ضمن الامتحانات الاجرائية .

إن ممارسة التلميذ لسلوك الغش في الامتحانات أو الاختبارات، لا يعتبر مظهراً من مظاهر عدم الشعور  المسؤولية وحسب، بل افساد لعملية القياس برمتها وتلويثاً لنتائج الاختبار، وبالتالي فهي تلغي عملية تحقيق أهداف التقويم في نطاق التحصيل الدراسي.  فالاختبارات تستمد أهميتها من فلسفة القياس والتقويم التربويين، والتي هي جزء من فلسفة التربية، وحيث يسعى النظام التربوي إلى تحقيق أهدافها. وتتمثل هذه الأهداف في تكوين المواطن الصالح المنتمي لوطنه، والمتحلي بالفضائل وبالكمال الانساني، العامل على تنمية مختلف جوانب شخصيته والمسهم في تنمية مجتمعه وبيئته.

قراءة أخيرة قبل الامتحان

 

 

 

بناء على ذلك يفترض بالتلميذ الاعتماد على نفسه وقدراته الشخصية في أدائه الاختبارات، مبتعداً عن كل نوع من أنواع الغش، بل عليه أن يعارض وينتقد هذا السلوك من قبل الآخرين. فالتلميذ الذي يعتاد على سلوك الغش في الامتحانات، ربما يعتاد على ذلك في كل اعماله المهنية أو الوظائفية وطوال حياته، فهو بذلك، يهدد الصالح العام والمجتمع الذي يعيش فيه.  فالمعدل التراكمي الذي يحققه التلميذ يعكس قدراته ومكانته بين رفاقه أو زملائه وفي الأسرة والمجتمع، بصرف النظر عن التلوث (الغش) الذي يمكن أن يكون قد حقق هذا المعدل المرتفع.

فظاهرة الغش، باعتبارها شكلاً من أشكال الخيانة تتعارض مع قيمة الأمانة وغيرها من القيم الانسانية. فقد أشار أحد المفكرين إلى أن الأشكال العديدة للخيانة تعتبر محاولات لتحقيق الخير أسيء توجيهها.  فالتلميذ الذي يغش في الامتحانات قد يحاول تبرير عمله لنفسه أو للآخرين  -شعورياً أو لا شعورياً بأسباب مختلفة كالثورة ضد سلطة الكبار القسرية غير العادلة، أو رفض الطريقة العملية التي لا يجد لها معنى نسبياً، أو كطريقة فعَّالة لتحقيق أهدافه في الحصول على الشهادة أو الاجازة أو الوظيفة، هذه العملية السيكولوجية تسمى التبرير، إذ تحاول توجيه السلوك نحو طرق تبدو بناءة.

كل فرد يقوم بعمل يسعى إلى بلوغ درجة متقدمة ان لم نقل متفوقة، وذلك لإشباع حاجات نفسية واجتماعية. فيسلك سبلاً عدة لتحقيق اهدافه.  والتلميذ جزء مهم من النظام التربوي الذي يخدم المجتمع، ويتعرض إلى عمليات تحويل مختلفة كي يؤدي ناتجاً تعليمياً مرغوباً فيه، وهذا الناتج يظهر بالنجاح الذي يأتي من خلال طريقتين: شرعية بقدراته ومؤهلاته وكفاياته، وغير شرعية وهي طريقة الغش في الامتحانات التي تؤدي إلى مردود سلبي لا على صاحب النتيجة فحسب إنما على التلاميذ الآخرين في حال بقي الامتحان الوسيلة التقويمية الوحيدة.  ففي حال كانت النتيجة تفوقاً ومن دون جهد ، فإن مردود ذلك سوف يكون سلبياً على نفسه وعلى رفاقه وعلى المجتمع.

ومن الجوانب المرتبطة بظاهرة الغش:

- عدم اهتمام المعلم في وضع الاختبار أو في تقدير العلامة ما يجعل التلاميذ يلجؤون إلى شتى الوسائل للحصول على العلامة المطلوبة.

وقد يلجأ الناس إلى الغش إذا وقعوا تحت ضغوط كبيرة جداً، فيغش بعضهم معظم الاوقات. والبعض الآخر لا يلجأ في الظروف العادية إلى الغش اطلاقاً، ومنهم أخيراً من يحارب كل محاولة للغش حتى لو كانت لصالحه ومن دون نتائج سلبية عليه.  انما نجد أن هناك نقطة تحوَل عند معظم الناس تقريباً تتلاشى عندها مقاومتهم خصوصاً إذا وجدت مخالفات عديدة من دون مراقبة أو محاسبة ... هذا ما يبرر أن تكون الامتحانات التي يضعها المعلم منصفة ومناسبة للأهداف.

ترى ماذا يخبئون؟

 

 

 

 

استناداً إلى أهمية الاختبارات، كما جاء في المقدمة، تبدو دراسة ظاهرة الغش على جانب كبير من الأهمية. لذا ينبغي معالجة هذه الظاهرة المتزايدة والحد من آثارها خصوصاً عندنا في لبنان، وذلك عبر تقديم بعض المقترحات العملية التي تحول دون انتشارها وتفشيها بين الاجيال الصاعدة، لذلك وجب تناول الموضوع من خلال ثلاثة أنماط:

١- خصائص شخصية التلميذ الذي يميل إلى الغش.

٢- ظروف المؤسسة التعليمية التي تساعد على سلوك الغش.

٣- أسباب الغش كما يتصورها التلامذة والمعلمون .

حاولت بعض الدراسات الكشف عن العلاقة بين بعض خصائص الشخصية والاختلافات السلوكية بين التلامذة الذين يمارسون سلوك الغش، والذين يتجنبونه، ومن ثم معرفة الأسباب والدوافع، وجاءت كما يأتي:

- أشارت دراسات عدة، منها دراسة (Hains et a.l. -1986) ) إلى أن التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المنخفض يمارسون الغش أكثر من التلاميذ ذوي التحصيل الدراسي المرتفع.

- أما دراسة (Houston 1978) فقد اشارت إلى أن سلوك الغش مرتبط بتوقع النجاح.  اذ ان التلاميذ الذين توقعوا نجاحاً متوسطاً كانوا أكثر التلاميذ محاولة للغش بينما المحاولات انخفضت عند المتفوقين أو المتأخرين.

- أظهرت بعض الدراسات إلى أن الخصائص الشخصية للمعلم وطريقة التعليم تعتبر من المتغيرات المهمة التي تشجّع التلامذة على ممارسة الغش في الامتحانات .فالمعلم الضعيف والمعلم المتسلط جداً يساعدان على ذلك، في حين ان المعلم الديمقراطي مع طلابه يقلل كثيراً من محاولات الغش.

- حاولت بعض الدراسات معرفة أسباب الغش كما يدركها الطلاب أنفسهم، فاشارت إلى أن ذلك يعود لضغط العلامة، أي الرغبة القوية في الحصول على علامة لتحقيق قبول في كلية أو النجاح في شهادة... وهناك علاقة بين درجة قلق الطالب وتحصيله الاكاديمي وبين ممارسته لسلوك الغش.

- كما دلت بعض الدراسات إلى أن كثيراً من التلاميذ يمارسون الغش لأنهم لا يدركون لماذا يعد الغش سلوكاً غير مرغوب فيه وفاقا للقول "لا يوجد فرد يختار الشرعن معرفة". وقد اظهرت دراسات عديدة أن ظاهرة الغش واسعة الانتشار وهي تحدث بنسبته ٤٠ ـ ٥٠٪ بين الطلبة في مختلف المراحل الدراسية (نتائج لجنة كارنجي ((Carnegie Commission on Eduction 1990)) وأن ٣٠ـ٥٠٪ من طلبة الجامعات يعترفون بممارسة الغش.

أما في لبنان فان الوضع متفاقم أكثر ومعظم الطلاب يرغبون في الغش وفاقاً للأسباب التي مرت معنا، انما هناك سبب آخر وهو تباهي الطالب بأنه استطاع ممارسة الغش، وهو يعتقد أن هذه قدرة مميزة تضاف إلى قدراته. وربما يعود انتشار مساعي الغش إلى تفشّي ظاهرة "الواسطة" التي تساعد هذا وتبعد ذاك، أو إلى تركيبة المجتمع اللبنا ني. وقد وضعت دراسة حول ظاهرة الغش في جامعة اليرموك في الأردن عام ١٩٨٩ قدرت النسبة بنحو ٧٨٪ في حين اعترف ٧٠٪ من الطلاب أنهم ضد مبدأ الغش في الامتحانات فجاء الواقع مخالفاً للدراسة النظرية.

أساليب الغش

أشارت دراسة اعترف فيها الطلاب بعدد من الأساليب التي يتبعونها في ممارسة الغش فكان أهمها:

- استعمال قصاصات ورق صغيرة كتبت عليها معلومات مختصرة.

- النظر إلى الجار والنقل عنه أو التكلم معه.

- الكتابة على المقعد أو على بطاقة الامتحان أو بطاقة الهوية.

- النقل عن الكتاب... أو غيره.

- محاولة تقديم طالب ما الامتحان عن طالب آخر.

- استعمال الهاتف الخليوي.

أسباب الغش

من أهم الأسباب التي تدفع الطلبة إلى سلوك الغش :

- عدم الاستعداد الكافي للامتحان.

- صعوبة أسئلة الامتحان.

- الرغبة في الحصول على معدلات مرتفعة.

- الخوف من الرسوب والحصول على النجاح وعلى رتبة متقدمة.

- عدم التنسيق بين المعلمين في ما يختص بجو اجراء الامتحانات.

- كون الطلاب الآخرين يغشون ويحصلون على معدلات عالية.

الاستعداد للامتحان

 

 

 

- عدم فهم المادة الدراسية أو كرهها.

- تهاون المراقبين أثناء الامتحان وكثرتهم وثرثرتهم ضمن القاعة.

- انتشار اشاعات بأن مراكز الامتحان الأخرى يسري فيها الغش.

ما هي الاجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش والحد من آثارها؟

إن الإجراءات المتخذة لمعالجة ظاهرة الغش في الامتحانات تختلف بين دولة وأخرى، وسنذكر في هذا المجال عدداً من التعليمات المتبعة في بريطانيا وبعض الدول العربية لمعالجة هذه الظاهرة، وذلك من خلال الطلب إلى رؤساء مراكز الامتحانات والمراقبين تنفيذ الآتي:

١- عدم السماح للطلاب بادخال أي مواد غير ما هو مطلوب للامتحان.

٢- جلوس الطلاب على مسافات بعيدة بحيث يمنع التحدث في ما بينهم.

٣- التأكد من عدم وجود أية مادة مكتوبة على المقعد أو على بطاقة رقم الجلوس أو غيرها.

٤- تأمين الهدوء والصمت داخل قاعات الامتحان.

٥- تجوّل المراقبين بشكل دائم بين المقاعد.

٦- عدم السماح لأي طالب بالخروج من قاعة الامتحان بعد بدئه.

٧- عدم السماح باخراج أية نسخة من أوراق الأسئلة خارج قاعة الامتحان.

٨- عدم وجود هاتف خليوي أو آلة حاسبة متقدمة أو ماشابه من التكنولوجيا الحديثة.

أما العقوبات التي تفرض على محاول الغش بعد ضبطه فهي على النحو الآتي:

١- الغاء امتحان الطالب لهذه الدورة بعد ابلاغه بالقرار خطياً.

٢- حرمانه من دورتين أو أكثر في حال كانت محاولات الغش أقوى.

٣- حرمانه نهائياً من تقديم هذه الشهادة في حال اعتدى على المراقبين أو عرض الامتحان برمته إلى التلوث والضلال.

ملاحظة: تصدرهذه القرارات عن دائرة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم العالي ومن التوصيات الوقائية والعلاجية لظاهرة الغش في الامتحانات نذكر:

١- العمل على استصدار تعليمات جديدة كل عام قبل موسم الامتحانات العامة.

٢- وضع برنامج توعية يقوم به مدير كل مدرسة مع أعضاء الهيئة التعليمية.

٣- القيام بالدراسات والأبحاث الميدانية حول ظاهرة الغش لمتابعة تطورها وتعرّف دوافعها وأسبابها.

٤- تخزين كل المعلومات المتعلقة بظاهرة الغش في الحاسوب لتسهيل الحصول عليها من قبل الباحثين.

٥- التأكيد بشكل دائم على خطورة ظاهرة الغش وتعارضها مع القيم والأهداف التربوية عبر المؤسسات التربوية والاذاعة والتلفزيون ... وغيرها.

٦- إدخال برنامج التوعية هذه في دور المرشد التربوي والنفسي لمساعدة الطلاب على كيفية الاستعداد  للامتحان والتخفيف من القلق الناجم عن ذلك.

خاتمة  ـ التربية على الثقة

عرفنا مؤخراً العديد من أنواع التربية مثل التربية الشمولية، والتربية السكانية، والتربية التقدمية، والتربية على السلام...الخ، فلماذا لا تطرح مسألة التربية على الثقة؟ التي من شأنها أن تسهم بشكل فعَّال في التخفيف من نسب الغش في الامتحانات التي يبدو أنها لن تتغيّر في المنظور القريب، نحو التقييم الشامل الذي يستغني عن الامتحانات... فما هي التربية على الثقة؟

لا يجوز أن تقتصر اهتمامات التربية على نقل المعارف المجرَّدة ، بل يجب إعطاء الأولوية للنضج العام وهو  معرفة الذات ومعرفة العالم المحيط بالمتعلم.  ومن عوامل التربية على الثقة نذكر :

- تشجيع ذكاء التمييز والحساسية الذي يحفّزِ معرفة الشخص بكلّيِته .

- منح مساحة كافية للاستماع النابه لنجاحات الولد وأفراحه، اضافة إلى صعوباته في التعلّم ، ما يتيح له بناء أصالة ثقافية خاصة به تعزِّز ثقته بنفسه .

- إن عامل الحذر والحيطة الذي يعتبر نقيض الثقة يعزِّز وعي حقوق وواجبات الذات ووعي حقوق الاخرين وواجباتهم ضمن عالم الناس المعقد. من هنا ضرورة مقاومة الشعور بالحذر والريبة تجاه الاخرين وتجاه الذات.

- الثقة ليست قيمة اختيارية في التربية، فهي تعني الاعتراف بوجود قيم عند الاخرين ، وأن نسمح لهم بالتعبير والانفتاح.

- وجوب تغلّب الثقة على الحذر عند التلاميذ لأنهما يشكلان مواجهات يومية عندهم، فيدخلان ضمن طباعهم وشخصياتهم.

- أحد أهداف التربية الحديثة استقلالية الطفل، التي لا يمكن أن تتحقّقَ إلا عن طريق الثقة بالنفس والثقة بالآخرين.

الاعتماد على النفس يعزز الثقة

 

 

 

 

وعندما يكتشف الطفل الفروقات الثقافية التي يفترض فيه احترامها رغم اختلافها عن ثقافته يتسنى له معرفة ما يأتي :

- نشاطه النفسي- الانفعالي.

- شرعية تحديد وجوده ضمن تجمّعات اجتماعية عدة حيث ينمو ويتطور.

- الثقة برغباته الخاصة وبقدرته على استخدامها في المسار الصحيح .

كل هذه الامكانيات التي تهجع في داخل كل كائن بشري، تنتظر فرصة التعبير عن ذاتها تجاه الراشدين بغية تحقيق تواصل وثيق من الفرد الى الفرد، ووصولاً إلى بعد إبداعي، وعند ذلك لا حاجة لكل من بلغ ذلك لأن يستخدم الغش في الامتحانات، أو في مختلف مجالات الحياة.

المراجع :

١-  بلوم، بنيامين وزملاؤه، تقييم تعلّمُ الطالب، التجمعي والتكويني، ترجمة محمد أمين المفني، القاهرة، المركز الدولي للترجمة والنشر، ١٩٨٣.

٢-  فاروق شوقي البوهي، الرسوب في التعليم الابتدائي بدولة البحرين،القاهرة، التربية المعاصرة، ١٩٩٣.

٣-  فؤاد سليمان قلادة، الأهداف التربوية والتقويم، دار المعارف، القاهرة ، ١٩٨٢.

٤- Denis Gobry,Eduquer à la confiance,Chronique sociale, Lyon,1999.

٥- Francoise Raynal, Alain Rieunier, Dictionnaire des concepts clés,ESF,Paris,1997.

٦- IPAM,Guide pratique du maître, Edicef,1993.

٧- Jean Volger et autres,L'Evaluation, Hachette,Paris,1996

٨- Louis Arenilla, Dictionnaire de Pédagogie,Bordas, Paris 1996

ملحق: أساليب الغش

١- التمويه (Camouflage): أي الكتابة على أوراق تشبه أوراق الامتحان بقلم يمكن ان يتم محوه بسهولة... تمحى الكتابة وتدس الورقة بين أوراق الامتحان.

٢-  التنسيق مع الآخر: يقوم الطالب الجالس أمامك بلف ورقة طويلة على قبة قميصه يمكن فتحها عندما يبتعد المراقب ولفها عندما يقترب.

٣- بطاقة كرتونية: توضع تحت الطاولة بحيث تتجه نحو الطالب وبلمحة بصر تعود لتختفي على مسطح الطاولة من الجهة السفلى.

٤-  الممحاة: إنها تلك التي تتواجد ضمن غلاف من الكرتون حيث يمكن ادخال لفافة ورقية تسحب إلى الخارج وإذا تركت تتجمع في الداخل مكان الجزء الخارجي من الممحاة.

٥- الحبر الذي لا يُقرأ: أو الحبر اللطيف الذي يكتب النص ولا يقرأ إلا إذا تعرضت الورقة إلى درجة خفيفة من الحرارة.

٦- وضع الدفتر أو الأوراق بين الفخذين بلباقة بحيث يمكن رؤيتها واخفاؤها متى شئنا.

٧- الطاولة، خاصة إذا كانت كبيرة تكتب الموجزات عليها في أماكن مختلفة وبخط صغير.

٨-  وضع الورقة أو الدفتر تحت الردفين، وما عليك سوى إبعاد الفخذين لترى الكتابة وتضمهما عند الحاجة.

٩-  الكرسي المقابل: تكتب على ظهرها قبل البدء بالامتحان.

١٠ـ المخفف: تتم الكتابة على ورقة وتلصق عليها ورقة بيضاء تغطي الكتابة. وعند وضع المخفف على الورقة البيضاء تصبح شفافة ويصبح بالامكان قراءة النص المخبأ في الداخل.

١١ - السوار المطاط لساعة اليد. يسحب إلى آخره وتكتب عليه النصوص.

١٢ -اللوح الأخضر (الأسود). يصل التلميذ قبل المعلم إلى قاعة الصف ويكتب بخط صغير كل ما يرغب في كتابته. يبقى الخطر الا يقرأ الأستاذ ما هو مكتوب على اللوح.

١٣ - الحاسوب الشخصي-  يحمل كل ما يريده الامتحان ويمكن ان يتم الحصول عليه من حاسوب صغير أو عبر انترنيت داخل الهاتف النقال.  مع التنبّه الى الأصوات الخفيفة التي تصدر عند استخدامه.

١٤ - الطلب من الاستاذ المراقب المساعدة وتقديم الاجابة الصحيحة.

١٥ - سطح قاعة الامتحان: حيث تسجل عليه المعلومات وتتم قراءتها بواسطة مرآة مناسبة.

١٦ - زجاج النوافذ: خاصة إذا كان وسخاً بحيث يستطيع التلميذ كتابة المعلومات عليه.

١٧ - مصباح اللوح الأسود (الأخضر) الذي يكون عادة من نوع نيون.  يمكن ان تلصق عليه لفافة ورق تكتب عليها المعلومات ثم تقرأ اثناء الامتحان.

 

الآلات المساعدة على الغش في الامتحانات.

١-  المنظم. - قليل الاستخدام من قبل الطلاب. حيث يخزن الطالب معلومات في ذاكرة حاسوب شخصي صغير.  لكنه يبقى استخدامه صعباً.

٢-  المعجم الالكتروني يمكن أن يحتوي لغات عدة مع قواعد الاملاء وغيرها.

٣-  الهاتف النقال. طرق عدة لاستخدامه.  أبسطها العودة إلى SMS.

٤-  الساعة الأجندا. نجد ساعات- يد يمكننا تخزينها بالمعلومات....

٥- الآلة الحاسبة المبرمجة التي تتخزن بالمعلومات ومنها التي تساعد على حل مسائل رياضية.

6-  نقال القرص الصلب. حيث لا يحتاج الطالب الا للاستماع.

٧-  قارئ القرص المبرمج .(CD) حيث يوصل بسمَّاع أذن تحت الألبسة ومع كنزة القبة المستديرة.

٨-  قارئ الديسك الصغير. بقراءة النص وليس بالسمع.