التعليم الأساسي الرسمي من الواقع إلى المرتجى

التعليم الأساسي الرسميبقلم إيلي سماحة المدير السابق للتعليم الابتدائي وزارة التربية والتعليم العالي

من الواقع إلى المرتجى

التربية في مفهومها، وعي وحقيقة، وسجال قائم بين الذات والواقع، رؤية لا تنتهي، وحقيقة لا محال، الكل فيها ذات، وكل الذات حقيقة، هذا هو المفهوم، وتلك هي الرسالة.

في ٨ أيار ١٩٩٧، صدر المرسوم رقم ١٠٢٧٧، الذي حدد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها. مناهج جديدة حملت الطموح المنشود بالأمل الى غد مشرق وضّاء، فكان علينا تحمل المسؤولية في ظل التحديات والتغيرات المتنامية والمتسارعة من أجل صون أبنائنا وأجيالنا وحمايتهم من المجهول الطالع من مخاض الحرب والحفاظ على التربية التي صنعت لبنان الماضي وإلى صنع المستقبل، مثلما يريده أبناؤنا، وطن الإبداع والتفوق.

هذه المناهج التربوية الجديدة، أردناها حجراً في مدماك بناء صرح التربية والثقافة، والتي ينبغي أن تساعد التلميذ على أن يكون المسؤول عن تعلمه، بحيث لم يعد صاحب الدور السلبي المتلقي للمعلومات فقط بل أصبح مشاركاً مسؤولاً عن تعلمه.

إن أبناءنا أمام تحديات القرن الحادي والعشرين، فإذا كان شعارنا ''بالتربية نبني'' فإن هاجسنا الدائم في ميدان التربية، إنشاء جيل يلتزم بالأخلاق ويؤمن بنسبة التطور الذي يرتقي بنا أو نرتقي به سلم الحضارة، معتمدين العلم وسيلة إلى هذا الترقي الذي أردناه دائماً بنّاءً ومثمراً.

هنا يبرز المعلم عنصراً أساسياً في خلق المرحلة الجديدة للتعليم الأساسي الرسمي وإعادة الثقة به خصوصاً وأن رياح التغيير والتحديث هبت قوية على مناهجنا، في خضم الصراع المرير الذي تخوضه المدرسة الرسمية منذ أعوام لاستعادة دورها الفاعل في الميدان التربوي.

إن التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي نتيجة الأحداث السياسية وتطوراتها اللاحقة التي شهدتها الساحة اللبنانية فترة ربع قرن على وجه التقدير، تمثل بزعزعة البنى التحتية لكيان النظام التربوي العام في لبنان، فاستلزم إعادة النظر في كل القراءات التربوية منذ ما قبل الأحداث وحتى تاريخه. فهذا التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي انعكس ايضاً على تركيبة الهيئة التعليمية من حيث النوعية والاختصاص، بحيث نتج عن ذلك:

١- وجود كثافة في عدد المعلمين من أصحاب اختصاص معين في منطقة معينة، وقلة عدد آخر من المعلمين في اختصاص آخر في منطقة أخرى.

٢- وجود عدد كبير من المعلمين في بعض المدارس، ما شكل فائضاً عن الحاجة المطلوبة.

٣- وجود عدد كبير من المعلمين الطاعنين في السن، والذين يشكلون خللاً في توزيع ساعات العمل على موظفي المدرسة لعدم تمكنهم من القيام بالأعمال التي توكل إليهم.

٤- وجود عدد كبير أيضاً من المعلمين الذين يعانون من أمراض مزمنة ومختلفة تحول دون قيامهم بالمهام الموكلة إليهم في المدرسة.

ونتيجة لما ورد أعلاه، ونتيجة للاختصاصات الجديدة التي فرضتها المناهج الجديدة ومن بينها المواد الاجرائية كالمعلوماتية والتكنولوجيا والفنون ... ونتيجة إغفال مهمة دور المعلمين والمعلمات في المركز التربوي للبحوث والإنماء لإعداد مدرسين جدد، تحتم اللجوء الى التعاقد مع ٩٣٠٠ متعاقد لتأمين ١٥٩٦٥١ ساعة تدريس، لسد النقص الحاصل بعدد المدرسين من ذوي الاختصاص من دون مراعاة الشروط المطلوبة والضرورية للاختيار رغم صدور القانون رقم ٤٤٢ تاريخ  ٢٠٠٢/٧/٢٩ الذي حدد أصول التعيين في وظيفة مدرس وإجراء مباراة محصورة للمتعاقدين لتعيين العدد المطلوب منهم في الملاك والذي لم يرَ النور لغاية تاريخه.

إن من أهم وأدق وأصعب العوامل المؤثرة في تركيبة المجتمع التربوي هو عامل السكن والاستيطان بحيث ان الواقع الامني الآنف الذكر خلق حالة جديدة من إعادة التوزيع السكاني بشكل غير متوازن، وأثر تأثيراً سلبياً على كل المسارات التربوية، وخلق جوّاً جديداً يصعب التلازم معه الا في إطار جديد من البناء والتخطيط وصولاً إلى تلبية حاجات المجتمع والمدرسة، وهذا يستلزم إعادة النظر في الحاجة والكفاية من أجل تأمين مقعد لكل تلميذ في مدرسة لائقة، كما يستدعي إعادة النظر في شكل الأبنية المدرسية الحالية من حيث الاستيعاب والقدرة على تلبية الطلب، كما يمكن إعادة النظر بالعمل على إعادة إحياء مشروع تجمع المدارس، على أن يرتبط بمشروع لتأمين وسائل النقل للطلاب عوضاً عن هدر أكثر من ٢٥ مليار ليرة لبنانية تدفع سنوياً بدل إيجار أبنية غير مستوفية الشروط المطلوبة واللازمة لبناء مدرسي.

إن إدارة الشأن التربوي مفهوم خاص وعلم مستقل قائم بحد ذاته، يعكس صورة العائلة والدولة، وإن العمل في إدارة المدارس الرسمية محكوم نجاحه بمنطق الإعداد والتدريب لكل العاملين في هذا القطاع الضخم والمضطرد كمّاً ونوعاً بكل العناصر الداخلة في تكوينه.  من هذا المنطلق إذا أعير الاهتمام البالغ يأتي الأداء قويّاً وحكيماً.

إن التربية بما تشتمل عليه من مدارس، تشكل دولة ضمن إطار الدولة الكبرى، يستلزم حسن مسارها وصيرورتها وبقائها وجود خطة تربوية شاملة، متكاملة، مترابطة العناصر، صريحة الأهداف. وإن الأهمية في قيام الخطة الشاملة ونهوضها تفترض وجود إدارة قوية ومنتظمة لا تضارب فيها للصلاحيات ولا تداخل في الرؤى، بحيث إذا ما تم تنظيم إدارتها وأعيد لها الاهتمام الكامل بضبطها بقوانين وأنظمة حديثة تواكب التطور والآمال، انحسر الخلل وتضاءلت الأخطاء.

إن أهمية ما ورد يفترض النظر والدقة بالتعاطي مع النقاط الاساسية الآتية:

١- التشدد والتركيز في اختيار المديرين للعمل في إدارة المدرسة، لجهة موهبتهم القيادية وقناعتهم وقبولهم بالعمل وابتعادهم عن منطقي التعقيد والروتين والتأخر في تنفيذ القوانين والأنظمة وما أوكل إليهم من عمل.

٢- وضع القانون رقم ٣٢٠ تاريخ ٢٠٠١/٤/٢٠ المتعلق بشروط تعيين مدراء المدارس بعد إدخال بعض التعديلات عليه (كنا قد اقترحناه في الوقت المناسب(، وخصوصاً في ما يتعلق بإعدادهم قبل توليهم مهام الادارة، على ان يخضعوا لدورات تأهيلية على العمل الإداري تحت إشراف المركز التربوي للبحوث والانماء في دور المعلمين والمعلمات بشكل دوري ودائم، واطلاعهم على المستجدات والمبتكرات الحديثة في علم الإدارة التربوية.

٣- إجراء تقييم أداء للمديرين كل ثلاث سنوات على الأقل، انطلاقاً من مبدأي الثواب والعقاب ورأي الإدارة والرؤساء المباشرين، وهذا ما لم نلمسه مطلقاً في إدارتنا التي لا زالت محكومة بمنطق التبعية والاستزلام، خدمة لواقع السياسة والنافذين.

٤- تزويد إدارة المدارس تباعاً بالمستجدات، من أنظمة وقوانين وقرارات لتكون على بيّنة من كل التطورات والأهداف والمرامي التي تهدف اليها الادارة بشكل عام.

٥- إن الخلل في التعاطي مع مبدأ التسلسل الإداري، ناتج عن فقدان التنسيق الكامل بين الإدارة المركزية وبقية المديريات والمناطق التربوية وإدارة المدارس بحيث لا حدود للصلاحيات في الممارسة عند بعض الرؤساء، وهذا يتطلب إعادة النظر في الأدوار والأشخاص والصلاحيات، انطلاقاً من مبدأ القانون، وإن إعادة النظر في هذا الواقع، يمنع التداخل والسيطرة والتجاوز لصلاحيات بعضهم بعضاً ويلغي في النهاية كل الأخطاء ويخفف العبء ويسهل أمور المواطنين.

٦- وضع خطة منسقة تنسيقاً كاملاً بين الإدارة المركزية لوزارة التربية وكلّ من المركز التربوي للبحوث والإنماء والتفتيش التربوي وكل المرتبطين بتنفيذ العمل التربوي وصولاً إلى إدارات المدارس.

٧- إن حاجة الإدارة بشكل عام وإدارات المدارس بشكل خاص الى وسائل ومستلزمات العمل الحديثة، ضرورية وملحة، انطلاقاً من مبدأ مكننة العمل الاداري وما يستتبع ذلك من وجود الآلات لخدمة الإدارة وما تهدف إليه من وجود ''للكومبيوتر''، الفاكس، آلات التصوير، آلات الطبع، الخ.

٨- زيادة الاعتمادات الضئيلة المخصصة لكل إدارة مدرسة، بحيث تكون كافية لتأمين المستلزمات الضرورية بالسرعة القصوى، أو تخصيص جهاز مستقل ترصد له الأموال اللازمة، يكون مسؤولاً عن تلبية الحاجات الملحة خصوصاً في الابنية المدرسية، لجهة الترميم وإجراء الاصلاحات الفورية وأخيراً لا بد من التأكيد على أن التعاطي في المسؤوليات الإدارية يبقى منوطاً نجاحه بشخصية المسؤول أو المدير وإدراكه ولباقته ودبلوماسيته في معالجة كل الأمور في إطار من الوعي الكامل لكل المشاكل واجتراح الحلول المناسبة، وهذا الإدراك لا تحكمه القوانين والأنظمة بقدر ما تحكمه الذات الانسانية بتعاطيها مع كل المشكلات المستجدة والراهنة، بعيداً عن المحاباة والتسويف والمتاجرة بالمواقف وإخضاعها لمنطق الخسارة والربح على المستويات كافة.

إن المسألة التربوية تبقى متجددة في مفهومها وأدائها، وغايتها، ومن الواجب مواكبتها والسهر على إيصال رسالتها إلى حيث نريد بكل أمانة وصدق وإخلاص، على أن يبقى التخطيط التربوي عنواناً لكل خطوة من خطواتنا، لما فيه المصلحة التربوية العليا لابنائنا وللوطن.

التعليم الأساسي الرسمي من الواقع إلى المرتجى

التعليم الأساسي الرسميبقلم إيلي سماحة المدير السابق للتعليم الابتدائي وزارة التربية والتعليم العالي

من الواقع إلى المرتجى

التربية في مفهومها، وعي وحقيقة، وسجال قائم بين الذات والواقع، رؤية لا تنتهي، وحقيقة لا محال، الكل فيها ذات، وكل الذات حقيقة، هذا هو المفهوم، وتلك هي الرسالة.

في ٨ أيار ١٩٩٧، صدر المرسوم رقم ١٠٢٧٧، الذي حدد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها. مناهج جديدة حملت الطموح المنشود بالأمل الى غد مشرق وضّاء، فكان علينا تحمل المسؤولية في ظل التحديات والتغيرات المتنامية والمتسارعة من أجل صون أبنائنا وأجيالنا وحمايتهم من المجهول الطالع من مخاض الحرب والحفاظ على التربية التي صنعت لبنان الماضي وإلى صنع المستقبل، مثلما يريده أبناؤنا، وطن الإبداع والتفوق.

هذه المناهج التربوية الجديدة، أردناها حجراً في مدماك بناء صرح التربية والثقافة، والتي ينبغي أن تساعد التلميذ على أن يكون المسؤول عن تعلمه، بحيث لم يعد صاحب الدور السلبي المتلقي للمعلومات فقط بل أصبح مشاركاً مسؤولاً عن تعلمه.

إن أبناءنا أمام تحديات القرن الحادي والعشرين، فإذا كان شعارنا ''بالتربية نبني'' فإن هاجسنا الدائم في ميدان التربية، إنشاء جيل يلتزم بالأخلاق ويؤمن بنسبة التطور الذي يرتقي بنا أو نرتقي به سلم الحضارة، معتمدين العلم وسيلة إلى هذا الترقي الذي أردناه دائماً بنّاءً ومثمراً.

هنا يبرز المعلم عنصراً أساسياً في خلق المرحلة الجديدة للتعليم الأساسي الرسمي وإعادة الثقة به خصوصاً وأن رياح التغيير والتحديث هبت قوية على مناهجنا، في خضم الصراع المرير الذي تخوضه المدرسة الرسمية منذ أعوام لاستعادة دورها الفاعل في الميدان التربوي.

إن التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي نتيجة الأحداث السياسية وتطوراتها اللاحقة التي شهدتها الساحة اللبنانية فترة ربع قرن على وجه التقدير، تمثل بزعزعة البنى التحتية لكيان النظام التربوي العام في لبنان، فاستلزم إعادة النظر في كل القراءات التربوية منذ ما قبل الأحداث وحتى تاريخه. فهذا التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي انعكس ايضاً على تركيبة الهيئة التعليمية من حيث النوعية والاختصاص، بحيث نتج عن ذلك:

١- وجود كثافة في عدد المعلمين من أصحاب اختصاص معين في منطقة معينة، وقلة عدد آخر من المعلمين في اختصاص آخر في منطقة أخرى.

٢- وجود عدد كبير من المعلمين في بعض المدارس، ما شكل فائضاً عن الحاجة المطلوبة.

٣- وجود عدد كبير من المعلمين الطاعنين في السن، والذين يشكلون خللاً في توزيع ساعات العمل على موظفي المدرسة لعدم تمكنهم من القيام بالأعمال التي توكل إليهم.

٤- وجود عدد كبير أيضاً من المعلمين الذين يعانون من أمراض مزمنة ومختلفة تحول دون قيامهم بالمهام الموكلة إليهم في المدرسة.

ونتيجة لما ورد أعلاه، ونتيجة للاختصاصات الجديدة التي فرضتها المناهج الجديدة ومن بينها المواد الاجرائية كالمعلوماتية والتكنولوجيا والفنون ... ونتيجة إغفال مهمة دور المعلمين والمعلمات في المركز التربوي للبحوث والإنماء لإعداد مدرسين جدد، تحتم اللجوء الى التعاقد مع ٩٣٠٠ متعاقد لتأمين ١٥٩٦٥١ ساعة تدريس، لسد النقص الحاصل بعدد المدرسين من ذوي الاختصاص من دون مراعاة الشروط المطلوبة والضرورية للاختيار رغم صدور القانون رقم ٤٤٢ تاريخ  ٢٠٠٢/٧/٢٩ الذي حدد أصول التعيين في وظيفة مدرس وإجراء مباراة محصورة للمتعاقدين لتعيين العدد المطلوب منهم في الملاك والذي لم يرَ النور لغاية تاريخه.

إن من أهم وأدق وأصعب العوامل المؤثرة في تركيبة المجتمع التربوي هو عامل السكن والاستيطان بحيث ان الواقع الامني الآنف الذكر خلق حالة جديدة من إعادة التوزيع السكاني بشكل غير متوازن، وأثر تأثيراً سلبياً على كل المسارات التربوية، وخلق جوّاً جديداً يصعب التلازم معه الا في إطار جديد من البناء والتخطيط وصولاً إلى تلبية حاجات المجتمع والمدرسة، وهذا يستلزم إعادة النظر في الحاجة والكفاية من أجل تأمين مقعد لكل تلميذ في مدرسة لائقة، كما يستدعي إعادة النظر في شكل الأبنية المدرسية الحالية من حيث الاستيعاب والقدرة على تلبية الطلب، كما يمكن إعادة النظر بالعمل على إعادة إحياء مشروع تجمع المدارس، على أن يرتبط بمشروع لتأمين وسائل النقل للطلاب عوضاً عن هدر أكثر من ٢٥ مليار ليرة لبنانية تدفع سنوياً بدل إيجار أبنية غير مستوفية الشروط المطلوبة واللازمة لبناء مدرسي.

إن إدارة الشأن التربوي مفهوم خاص وعلم مستقل قائم بحد ذاته، يعكس صورة العائلة والدولة، وإن العمل في إدارة المدارس الرسمية محكوم نجاحه بمنطق الإعداد والتدريب لكل العاملين في هذا القطاع الضخم والمضطرد كمّاً ونوعاً بكل العناصر الداخلة في تكوينه.  من هذا المنطلق إذا أعير الاهتمام البالغ يأتي الأداء قويّاً وحكيماً.

إن التربية بما تشتمل عليه من مدارس، تشكل دولة ضمن إطار الدولة الكبرى، يستلزم حسن مسارها وصيرورتها وبقائها وجود خطة تربوية شاملة، متكاملة، مترابطة العناصر، صريحة الأهداف. وإن الأهمية في قيام الخطة الشاملة ونهوضها تفترض وجود إدارة قوية ومنتظمة لا تضارب فيها للصلاحيات ولا تداخل في الرؤى، بحيث إذا ما تم تنظيم إدارتها وأعيد لها الاهتمام الكامل بضبطها بقوانين وأنظمة حديثة تواكب التطور والآمال، انحسر الخلل وتضاءلت الأخطاء.

إن أهمية ما ورد يفترض النظر والدقة بالتعاطي مع النقاط الاساسية الآتية:

١- التشدد والتركيز في اختيار المديرين للعمل في إدارة المدرسة، لجهة موهبتهم القيادية وقناعتهم وقبولهم بالعمل وابتعادهم عن منطقي التعقيد والروتين والتأخر في تنفيذ القوانين والأنظمة وما أوكل إليهم من عمل.

٢- وضع القانون رقم ٣٢٠ تاريخ ٢٠٠١/٤/٢٠ المتعلق بشروط تعيين مدراء المدارس بعد إدخال بعض التعديلات عليه (كنا قد اقترحناه في الوقت المناسب(، وخصوصاً في ما يتعلق بإعدادهم قبل توليهم مهام الادارة، على ان يخضعوا لدورات تأهيلية على العمل الإداري تحت إشراف المركز التربوي للبحوث والانماء في دور المعلمين والمعلمات بشكل دوري ودائم، واطلاعهم على المستجدات والمبتكرات الحديثة في علم الإدارة التربوية.

٣- إجراء تقييم أداء للمديرين كل ثلاث سنوات على الأقل، انطلاقاً من مبدأي الثواب والعقاب ورأي الإدارة والرؤساء المباشرين، وهذا ما لم نلمسه مطلقاً في إدارتنا التي لا زالت محكومة بمنطق التبعية والاستزلام، خدمة لواقع السياسة والنافذين.

٤- تزويد إدارة المدارس تباعاً بالمستجدات، من أنظمة وقوانين وقرارات لتكون على بيّنة من كل التطورات والأهداف والمرامي التي تهدف اليها الادارة بشكل عام.

٥- إن الخلل في التعاطي مع مبدأ التسلسل الإداري، ناتج عن فقدان التنسيق الكامل بين الإدارة المركزية وبقية المديريات والمناطق التربوية وإدارة المدارس بحيث لا حدود للصلاحيات في الممارسة عند بعض الرؤساء، وهذا يتطلب إعادة النظر في الأدوار والأشخاص والصلاحيات، انطلاقاً من مبدأ القانون، وإن إعادة النظر في هذا الواقع، يمنع التداخل والسيطرة والتجاوز لصلاحيات بعضهم بعضاً ويلغي في النهاية كل الأخطاء ويخفف العبء ويسهل أمور المواطنين.

٦- وضع خطة منسقة تنسيقاً كاملاً بين الإدارة المركزية لوزارة التربية وكلّ من المركز التربوي للبحوث والإنماء والتفتيش التربوي وكل المرتبطين بتنفيذ العمل التربوي وصولاً إلى إدارات المدارس.

٧- إن حاجة الإدارة بشكل عام وإدارات المدارس بشكل خاص الى وسائل ومستلزمات العمل الحديثة، ضرورية وملحة، انطلاقاً من مبدأ مكننة العمل الاداري وما يستتبع ذلك من وجود الآلات لخدمة الإدارة وما تهدف إليه من وجود ''للكومبيوتر''، الفاكس، آلات التصوير، آلات الطبع، الخ.

٨- زيادة الاعتمادات الضئيلة المخصصة لكل إدارة مدرسة، بحيث تكون كافية لتأمين المستلزمات الضرورية بالسرعة القصوى، أو تخصيص جهاز مستقل ترصد له الأموال اللازمة، يكون مسؤولاً عن تلبية الحاجات الملحة خصوصاً في الابنية المدرسية، لجهة الترميم وإجراء الاصلاحات الفورية وأخيراً لا بد من التأكيد على أن التعاطي في المسؤوليات الإدارية يبقى منوطاً نجاحه بشخصية المسؤول أو المدير وإدراكه ولباقته ودبلوماسيته في معالجة كل الأمور في إطار من الوعي الكامل لكل المشاكل واجتراح الحلول المناسبة، وهذا الإدراك لا تحكمه القوانين والأنظمة بقدر ما تحكمه الذات الانسانية بتعاطيها مع كل المشكلات المستجدة والراهنة، بعيداً عن المحاباة والتسويف والمتاجرة بالمواقف وإخضاعها لمنطق الخسارة والربح على المستويات كافة.

إن المسألة التربوية تبقى متجددة في مفهومها وأدائها، وغايتها، ومن الواجب مواكبتها والسهر على إيصال رسالتها إلى حيث نريد بكل أمانة وصدق وإخلاص، على أن يبقى التخطيط التربوي عنواناً لكل خطوة من خطواتنا، لما فيه المصلحة التربوية العليا لابنائنا وللوطن.

التعليم الأساسي الرسمي من الواقع إلى المرتجى

التعليم الأساسي الرسميبقلم إيلي سماحة المدير السابق للتعليم الابتدائي وزارة التربية والتعليم العالي

من الواقع إلى المرتجى

التربية في مفهومها، وعي وحقيقة، وسجال قائم بين الذات والواقع، رؤية لا تنتهي، وحقيقة لا محال، الكل فيها ذات، وكل الذات حقيقة، هذا هو المفهوم، وتلك هي الرسالة.

في ٨ أيار ١٩٩٧، صدر المرسوم رقم ١٠٢٧٧، الذي حدد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها. مناهج جديدة حملت الطموح المنشود بالأمل الى غد مشرق وضّاء، فكان علينا تحمل المسؤولية في ظل التحديات والتغيرات المتنامية والمتسارعة من أجل صون أبنائنا وأجيالنا وحمايتهم من المجهول الطالع من مخاض الحرب والحفاظ على التربية التي صنعت لبنان الماضي وإلى صنع المستقبل، مثلما يريده أبناؤنا، وطن الإبداع والتفوق.

هذه المناهج التربوية الجديدة، أردناها حجراً في مدماك بناء صرح التربية والثقافة، والتي ينبغي أن تساعد التلميذ على أن يكون المسؤول عن تعلمه، بحيث لم يعد صاحب الدور السلبي المتلقي للمعلومات فقط بل أصبح مشاركاً مسؤولاً عن تعلمه.

إن أبناءنا أمام تحديات القرن الحادي والعشرين، فإذا كان شعارنا ''بالتربية نبني'' فإن هاجسنا الدائم في ميدان التربية، إنشاء جيل يلتزم بالأخلاق ويؤمن بنسبة التطور الذي يرتقي بنا أو نرتقي به سلم الحضارة، معتمدين العلم وسيلة إلى هذا الترقي الذي أردناه دائماً بنّاءً ومثمراً.

هنا يبرز المعلم عنصراً أساسياً في خلق المرحلة الجديدة للتعليم الأساسي الرسمي وإعادة الثقة به خصوصاً وأن رياح التغيير والتحديث هبت قوية على مناهجنا، في خضم الصراع المرير الذي تخوضه المدرسة الرسمية منذ أعوام لاستعادة دورها الفاعل في الميدان التربوي.

إن التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي نتيجة الأحداث السياسية وتطوراتها اللاحقة التي شهدتها الساحة اللبنانية فترة ربع قرن على وجه التقدير، تمثل بزعزعة البنى التحتية لكيان النظام التربوي العام في لبنان، فاستلزم إعادة النظر في كل القراءات التربوية منذ ما قبل الأحداث وحتى تاريخه. فهذا التوزيع الجديد للسكان تبعاً لسكنهم الجغرافي انعكس ايضاً على تركيبة الهيئة التعليمية من حيث النوعية والاختصاص، بحيث نتج عن ذلك:

١- وجود كثافة في عدد المعلمين من أصحاب اختصاص معين في منطقة معينة، وقلة عدد آخر من المعلمين في اختصاص آخر في منطقة أخرى.

٢- وجود عدد كبير من المعلمين في بعض المدارس، ما شكل فائضاً عن الحاجة المطلوبة.

٣- وجود عدد كبير من المعلمين الطاعنين في السن، والذين يشكلون خللاً في توزيع ساعات العمل على موظفي المدرسة لعدم تمكنهم من القيام بالأعمال التي توكل إليهم.

٤- وجود عدد كبير أيضاً من المعلمين الذين يعانون من أمراض مزمنة ومختلفة تحول دون قيامهم بالمهام الموكلة إليهم في المدرسة.

ونتيجة لما ورد أعلاه، ونتيجة للاختصاصات الجديدة التي فرضتها المناهج الجديدة ومن بينها المواد الاجرائية كالمعلوماتية والتكنولوجيا والفنون ... ونتيجة إغفال مهمة دور المعلمين والمعلمات في المركز التربوي للبحوث والإنماء لإعداد مدرسين جدد، تحتم اللجوء الى التعاقد مع ٩٣٠٠ متعاقد لتأمين ١٥٩٦٥١ ساعة تدريس، لسد النقص الحاصل بعدد المدرسين من ذوي الاختصاص من دون مراعاة الشروط المطلوبة والضرورية للاختيار رغم صدور القانون رقم ٤٤٢ تاريخ  ٢٠٠٢/٧/٢٩ الذي حدد أصول التعيين في وظيفة مدرس وإجراء مباراة محصورة للمتعاقدين لتعيين العدد المطلوب منهم في الملاك والذي لم يرَ النور لغاية تاريخه.

إن من أهم وأدق وأصعب العوامل المؤثرة في تركيبة المجتمع التربوي هو عامل السكن والاستيطان بحيث ان الواقع الامني الآنف الذكر خلق حالة جديدة من إعادة التوزيع السكاني بشكل غير متوازن، وأثر تأثيراً سلبياً على كل المسارات التربوية، وخلق جوّاً جديداً يصعب التلازم معه الا في إطار جديد من البناء والتخطيط وصولاً إلى تلبية حاجات المجتمع والمدرسة، وهذا يستلزم إعادة النظر في الحاجة والكفاية من أجل تأمين مقعد لكل تلميذ في مدرسة لائقة، كما يستدعي إعادة النظر في شكل الأبنية المدرسية الحالية من حيث الاستيعاب والقدرة على تلبية الطلب، كما يمكن إعادة النظر بالعمل على إعادة إحياء مشروع تجمع المدارس، على أن يرتبط بمشروع لتأمين وسائل النقل للطلاب عوضاً عن هدر أكثر من ٢٥ مليار ليرة لبنانية تدفع سنوياً بدل إيجار أبنية غير مستوفية الشروط المطلوبة واللازمة لبناء مدرسي.

إن إدارة الشأن التربوي مفهوم خاص وعلم مستقل قائم بحد ذاته، يعكس صورة العائلة والدولة، وإن العمل في إدارة المدارس الرسمية محكوم نجاحه بمنطق الإعداد والتدريب لكل العاملين في هذا القطاع الضخم والمضطرد كمّاً ونوعاً بكل العناصر الداخلة في تكوينه.  من هذا المنطلق إذا أعير الاهتمام البالغ يأتي الأداء قويّاً وحكيماً.

إن التربية بما تشتمل عليه من مدارس، تشكل دولة ضمن إطار الدولة الكبرى، يستلزم حسن مسارها وصيرورتها وبقائها وجود خطة تربوية شاملة، متكاملة، مترابطة العناصر، صريحة الأهداف. وإن الأهمية في قيام الخطة الشاملة ونهوضها تفترض وجود إدارة قوية ومنتظمة لا تضارب فيها للصلاحيات ولا تداخل في الرؤى، بحيث إذا ما تم تنظيم إدارتها وأعيد لها الاهتمام الكامل بضبطها بقوانين وأنظمة حديثة تواكب التطور والآمال، انحسر الخلل وتضاءلت الأخطاء.

إن أهمية ما ورد يفترض النظر والدقة بالتعاطي مع النقاط الاساسية الآتية:

١- التشدد والتركيز في اختيار المديرين للعمل في إدارة المدرسة، لجهة موهبتهم القيادية وقناعتهم وقبولهم بالعمل وابتعادهم عن منطقي التعقيد والروتين والتأخر في تنفيذ القوانين والأنظمة وما أوكل إليهم من عمل.

٢- وضع القانون رقم ٣٢٠ تاريخ ٢٠٠١/٤/٢٠ المتعلق بشروط تعيين مدراء المدارس بعد إدخال بعض التعديلات عليه (كنا قد اقترحناه في الوقت المناسب(، وخصوصاً في ما يتعلق بإعدادهم قبل توليهم مهام الادارة، على ان يخضعوا لدورات تأهيلية على العمل الإداري تحت إشراف المركز التربوي للبحوث والانماء في دور المعلمين والمعلمات بشكل دوري ودائم، واطلاعهم على المستجدات والمبتكرات الحديثة في علم الإدارة التربوية.

٣- إجراء تقييم أداء للمديرين كل ثلاث سنوات على الأقل، انطلاقاً من مبدأي الثواب والعقاب ورأي الإدارة والرؤساء المباشرين، وهذا ما لم نلمسه مطلقاً في إدارتنا التي لا زالت محكومة بمنطق التبعية والاستزلام، خدمة لواقع السياسة والنافذين.

٤- تزويد إدارة المدارس تباعاً بالمستجدات، من أنظمة وقوانين وقرارات لتكون على بيّنة من كل التطورات والأهداف والمرامي التي تهدف اليها الادارة بشكل عام.

٥- إن الخلل في التعاطي مع مبدأ التسلسل الإداري، ناتج عن فقدان التنسيق الكامل بين الإدارة المركزية وبقية المديريات والمناطق التربوية وإدارة المدارس بحيث لا حدود للصلاحيات في الممارسة عند بعض الرؤساء، وهذا يتطلب إعادة النظر في الأدوار والأشخاص والصلاحيات، انطلاقاً من مبدأ القانون، وإن إعادة النظر في هذا الواقع، يمنع التداخل والسيطرة والتجاوز لصلاحيات بعضهم بعضاً ويلغي في النهاية كل الأخطاء ويخفف العبء ويسهل أمور المواطنين.

٦- وضع خطة منسقة تنسيقاً كاملاً بين الإدارة المركزية لوزارة التربية وكلّ من المركز التربوي للبحوث والإنماء والتفتيش التربوي وكل المرتبطين بتنفيذ العمل التربوي وصولاً إلى إدارات المدارس.

٧- إن حاجة الإدارة بشكل عام وإدارات المدارس بشكل خاص الى وسائل ومستلزمات العمل الحديثة، ضرورية وملحة، انطلاقاً من مبدأ مكننة العمل الاداري وما يستتبع ذلك من وجود الآلات لخدمة الإدارة وما تهدف إليه من وجود ''للكومبيوتر''، الفاكس، آلات التصوير، آلات الطبع، الخ.

٨- زيادة الاعتمادات الضئيلة المخصصة لكل إدارة مدرسة، بحيث تكون كافية لتأمين المستلزمات الضرورية بالسرعة القصوى، أو تخصيص جهاز مستقل ترصد له الأموال اللازمة، يكون مسؤولاً عن تلبية الحاجات الملحة خصوصاً في الابنية المدرسية، لجهة الترميم وإجراء الاصلاحات الفورية وأخيراً لا بد من التأكيد على أن التعاطي في المسؤوليات الإدارية يبقى منوطاً نجاحه بشخصية المسؤول أو المدير وإدراكه ولباقته ودبلوماسيته في معالجة كل الأمور في إطار من الوعي الكامل لكل المشاكل واجتراح الحلول المناسبة، وهذا الإدراك لا تحكمه القوانين والأنظمة بقدر ما تحكمه الذات الانسانية بتعاطيها مع كل المشكلات المستجدة والراهنة، بعيداً عن المحاباة والتسويف والمتاجرة بالمواقف وإخضاعها لمنطق الخسارة والربح على المستويات كافة.

إن المسألة التربوية تبقى متجددة في مفهومها وأدائها، وغايتها، ومن الواجب مواكبتها والسهر على إيصال رسالتها إلى حيث نريد بكل أمانة وصدق وإخلاص، على أن يبقى التخطيط التربوي عنواناً لكل خطوة من خطواتنا، لما فيه المصلحة التربوية العليا لابنائنا وللوطن.