مضمون المناهج التربوية الجديدة في جميع موادها وارتباطها بالواقع-3

في هذا العدد، سنتناول المواد الإجرائية في المناهج التربوية الجديدة وارتباط محتواها بالواقع والمرتقب.

المواد الإجرائية، تثقيف فني لا احتراف

تتوزع المواد الإجرائية، ذات الطابع التطبيقي/العملي، على فئتين: فئة المواد المستحدثة، كالمعلوماتية والتكنولوجيا والمسرح، واللغة الأجنبية الثانية. وفئة من المواد التي كانت ملحوظة في المناهج سابقًا ولم تكن تطبق في المدارس، فأعادت لها المناهج الجديدة اعتبارها وهي: الفنون التشكيلية، الموسيقى، الترجمة والتعريب، التربية الرياضية. جميع هذه المواد، كما نقرأ في عناوين محتوياتها وتنوُّع موضوعاتها، وكما نلاحظ من اختيار أنشطتها في الكتب المدرسية المخصصة لها وفي الأدلة التربوية الموجهة للمعلم، تزوّد المتعلم بثقافة حياتية متعدّدة الجوانب، وتساعده على اكتشاف مواهبه وتنمية قدراته ومهاراته في سبيل انخراطه بشكل أوسع في الحياة واندماجه في المجتمع المتمدّن. فبالرغم من الملاحظات الشكلية وسواها حول محتوى هذه المواد أو بعضها، والمنهجية التي طرحت بها موضوعاتها في محاور الكتب المدرسية وفصول الأدلة التربوية العائدة لهذه المواد وبالرغم من الصعوبات الإدارية في توفير الهيئة التعليمية المتخصصة، والعوائق المادية في تأمين مستلزماتها من قاعات متخصصة ومشاغل وتجهيزات للقيام بتدريسها وتطبيق مضمون أنشطتها كليًا أو جزئيًا، بقيت هذه المواد موضع اهتمام وعناية من قبل العديد من المؤسسات التعليمية الموصوفة بتقديماتها التربوية القيّمة. كما بقيت في ذهن العديد من التربويين وفي إحساسهم بالحاجة الماسّة إليها لأنها:

  • توازن بين ما هو بحث نظري وما هو تطبيق عملي، خصوصًا أن معظم المواد التقليدية (الكلاسيكية) يغلب عليها الطابع النظري في الوقت الذي يكثر فيه الحديث اليوم حول موضوع تمهين مختلف المواد الدراسية حتى تلك التي تبدو بعيدة عن هذا المجال كتعلم من يدرس الآداب كيفية كتابة التقارير والمقالات الصحافية والسيناريوهات والمسرحيات... وقديمًا ضرب الصينيون مثلهم المشهور: "عندما أسمع أنسى، عندما أرى أتذكر، عندما أعمل أعرف".
  • تتصل بالسلوكيات اليومية التي تحتاج إلى المهارة والاتقان.
  • توقظ الاهتمامات عند المتعلم وترشد ميوله في اتجاهها الصحيح.
  • تزوّد المتعلم بمهارات حياتية مما ينمي عنده القدرة على الاختيار الأفضل لمشروع حياته المهنية.
  • تعزّز عنده القيم الاجتماعية والإنسانية كالموضوعية والشعور بالمسؤولية، الدقة والاتقان، التصنيف والتنظيم والوضوح في الرؤية، الثقة بالنفس والتواضع نتيجة النجاح في الانجازات، إلى جانب تقدير العمل الفريقي/التعاوني واحترام الأعمال الفنية والجمالية وتقديرها.


المعلوماتية، مطلب العصر
في مادة المعلوماتية، يركّز محتوى كتبها المدرسية، وبطريقة متصاعدة الصعوبة، على ماهية الكمبيوتر وتطوره. وعلى كيفية استعمالاته المتعدّدة وبرامجه، لتمكين المتعلم من مواكبة متطلبات العصر في التعاطي بوعي مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات المساندة للعديد من المواد التعليمية الأخرى مثل اللغات والاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات وغيرها من الموضوعات التثقيفية بهدف توسيع معارف المتعلم وتطوير مهاراته واستثمار قدراته على وضع تصاميم لأشياء فنية وتقنية ذات منفعة حياتية.

التكنولوجيا، أسلوب تفكير وعمل متقن

في مادة التكنولوجيا، تبرز ممارسة تحويل الأفكار إلى نماذج فنية وتطبيقات عملية يدوية بسيطة في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، كأشغال الورق والكرتون والعجائن والقش والأسلاك المعدنية الخفيفة والزخرفة والألوان وذلك تحت عنوان الفنون التشكيلية. وتبرز هذه الممارسة أيضًا في تحويل النظريات إلى مشروعات تقنية أقل بساطة في الحلقة الثانية، تحت عنوان التكنولوجيا، مراعية النضوج الفكري والتحصيل المعرفي والنمو الجسدي لدى المتعلم. يُتاح إلى جانب ذلك قيام المتعلم بزيارات ميدانية إلى سوق العمل والإنتاج المتوافرة في محيط المدرسة للتعرف إلى المهن وظروفها وأوضاع العاملين فيها. أو استضافة بعض أصحاب المهن البارزين ضمن برنامج (1) (Master class)  في لقاءات صفية إرشادية حول المهن. وتستمر هذه المشروعات التقنية في الحلقة الثالثة من مرحلة التعليم الأساسي وفي الصفوف الثانوية لتشمل ميادين مختلفة كالكهرباء، والإلكترونيك والميكانيك والتغذية والطاقة... مضافًا إليها مشروعات بحثية في البيئة والصحة والاقتصاد وفي دورة الإنتاج وفي معظم ما يحتاجه المتعلم في سلوكه الحياتي اليومي من مهارات حياتية (Life skills)، وذلك بهدف تعزيز القيم لدى المتعلم والاتجاهات التي تؤول إلى  تشجيع الإنتاج وترشيد الاستهلاك.

اللغة الأجنبية الثانية، قيمة مضافة
إنّ في مادتي اللغة الأجنبية الثانية والترجمة والتعريب تجسيدًا صادقًا لأحد أهداف المناهج وغاياتها في الانفتاح على الثقافات العالمية والحضارات وفي العلاقات مع الآخرين والتبادل معهم على كل المستويات، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية... وهذه ميزة من ميزات اللبناني الخاصة وتفوقه. وكثيرًا ما نسمع الناس يردّدون ما معناه: إن كل لغة يكتسبها المرء هي قيمة مضافة إلى شخصيته.

الفنون، والتذوق الفني
أما في مواد الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والرياضة، حيث تتنوع النشاطات وتتعدد المهارات فيلاحظ الباحث في محتوى الأدلة التربوية والفنية العائدة لهذه المواد والمخصصة للمعلم الإرشادات التربوية القيّمة في مختلف ميادين الفنون الجميلة والرياضة. كما يلاحظ التوجيهات التعليمية الآيلة إلى:

  • توسيع معرفة المتعلم بالفنون وتقدير الأعمال الفنية واتخاذ المواقف الإيجابية نحو أفضلها.
  • تعويد المتعلم، وهو على مقاعد الدراسة، المشاركة في النشاطات العلمية والتكنولوجية والبيئية والصحية والرياضية والإعلامية والاجتماعية، وعلى ملء فراغه بما هو مفيد له ونافع لمجتمعه.

يتبين من كل ذلك أن محتوى هذه المواد وأنشطتها لا يُقصد بها جَعْل المتعلم:

  • مؤلفًا موسيقيّاً أو عازفًا بارعًا على إحدى آلاتها، بل شخصًا مدركًا لتاريخ الموسيقى وآلاتها ونوطاتها، ومتذوقًا لمقطوعاتها وسمفونياتها، يحسن الإصغاء لها والتفاعل معها.
  • رسامًا أو نحاتًا أو فنانًا تشكيليًا محترفًا، بل مواطنًا يتمتّعَ بثقافة فنية وتقنية يتحسس الجمال ويتذوقه عند مشاهدته للوحة فنية أو عند وقوفه أمام منحوتة أو تشكيل زخرفي.
  • ممثلاً مسرحيًا على خشبات المسرح وعلى الشاشات الكبيرة والصغيرة أو مخرجًا تلفزيونيًا أو سينمائيًا، بل ناقدًا فنيًا قادرًا على ابداء رأيه عند حضوره مسرحية أو مشاهدته لعمل سينمائي أو تلفزيوني.
  • رياضيًا محترفًا يحسن لعبة رياضية، بل رياضيًا ملتزمًا بمفاهيم الرياضة وبقواعد ممارستها ومشجعًا لها.
  • حرفيًا (كهربائيًا أو ميكانيكيًا أو الكترونيًا أو مزارعًا...) بل إنساناً تكنولوجيّ التفكير والأسلوب والعمل يقدّرِ الأعمال اليدوية ويحترمها.

فلهذه المهن، كغيرها من المهن، مدارسها ومعاهدها المتخصصة ونواديها الاحترافية.

1- لقاء في الصف مع فنان أو حرفي بارز

مضمون المناهج التربوية الجديدة في جميع موادها وارتباطها بالواقع-3

في هذا العدد، سنتناول المواد الإجرائية في المناهج التربوية الجديدة وارتباط محتواها بالواقع والمرتقب.

المواد الإجرائية، تثقيف فني لا احتراف

تتوزع المواد الإجرائية، ذات الطابع التطبيقي/العملي، على فئتين: فئة المواد المستحدثة، كالمعلوماتية والتكنولوجيا والمسرح، واللغة الأجنبية الثانية. وفئة من المواد التي كانت ملحوظة في المناهج سابقًا ولم تكن تطبق في المدارس، فأعادت لها المناهج الجديدة اعتبارها وهي: الفنون التشكيلية، الموسيقى، الترجمة والتعريب، التربية الرياضية. جميع هذه المواد، كما نقرأ في عناوين محتوياتها وتنوُّع موضوعاتها، وكما نلاحظ من اختيار أنشطتها في الكتب المدرسية المخصصة لها وفي الأدلة التربوية الموجهة للمعلم، تزوّد المتعلم بثقافة حياتية متعدّدة الجوانب، وتساعده على اكتشاف مواهبه وتنمية قدراته ومهاراته في سبيل انخراطه بشكل أوسع في الحياة واندماجه في المجتمع المتمدّن. فبالرغم من الملاحظات الشكلية وسواها حول محتوى هذه المواد أو بعضها، والمنهجية التي طرحت بها موضوعاتها في محاور الكتب المدرسية وفصول الأدلة التربوية العائدة لهذه المواد وبالرغم من الصعوبات الإدارية في توفير الهيئة التعليمية المتخصصة، والعوائق المادية في تأمين مستلزماتها من قاعات متخصصة ومشاغل وتجهيزات للقيام بتدريسها وتطبيق مضمون أنشطتها كليًا أو جزئيًا، بقيت هذه المواد موضع اهتمام وعناية من قبل العديد من المؤسسات التعليمية الموصوفة بتقديماتها التربوية القيّمة. كما بقيت في ذهن العديد من التربويين وفي إحساسهم بالحاجة الماسّة إليها لأنها:

  • توازن بين ما هو بحث نظري وما هو تطبيق عملي، خصوصًا أن معظم المواد التقليدية (الكلاسيكية) يغلب عليها الطابع النظري في الوقت الذي يكثر فيه الحديث اليوم حول موضوع تمهين مختلف المواد الدراسية حتى تلك التي تبدو بعيدة عن هذا المجال كتعلم من يدرس الآداب كيفية كتابة التقارير والمقالات الصحافية والسيناريوهات والمسرحيات... وقديمًا ضرب الصينيون مثلهم المشهور: "عندما أسمع أنسى، عندما أرى أتذكر، عندما أعمل أعرف".
  • تتصل بالسلوكيات اليومية التي تحتاج إلى المهارة والاتقان.
  • توقظ الاهتمامات عند المتعلم وترشد ميوله في اتجاهها الصحيح.
  • تزوّد المتعلم بمهارات حياتية مما ينمي عنده القدرة على الاختيار الأفضل لمشروع حياته المهنية.
  • تعزّز عنده القيم الاجتماعية والإنسانية كالموضوعية والشعور بالمسؤولية، الدقة والاتقان، التصنيف والتنظيم والوضوح في الرؤية، الثقة بالنفس والتواضع نتيجة النجاح في الانجازات، إلى جانب تقدير العمل الفريقي/التعاوني واحترام الأعمال الفنية والجمالية وتقديرها.


المعلوماتية، مطلب العصر
في مادة المعلوماتية، يركّز محتوى كتبها المدرسية، وبطريقة متصاعدة الصعوبة، على ماهية الكمبيوتر وتطوره. وعلى كيفية استعمالاته المتعدّدة وبرامجه، لتمكين المتعلم من مواكبة متطلبات العصر في التعاطي بوعي مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات المساندة للعديد من المواد التعليمية الأخرى مثل اللغات والاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات وغيرها من الموضوعات التثقيفية بهدف توسيع معارف المتعلم وتطوير مهاراته واستثمار قدراته على وضع تصاميم لأشياء فنية وتقنية ذات منفعة حياتية.

التكنولوجيا، أسلوب تفكير وعمل متقن

في مادة التكنولوجيا، تبرز ممارسة تحويل الأفكار إلى نماذج فنية وتطبيقات عملية يدوية بسيطة في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، كأشغال الورق والكرتون والعجائن والقش والأسلاك المعدنية الخفيفة والزخرفة والألوان وذلك تحت عنوان الفنون التشكيلية. وتبرز هذه الممارسة أيضًا في تحويل النظريات إلى مشروعات تقنية أقل بساطة في الحلقة الثانية، تحت عنوان التكنولوجيا، مراعية النضوج الفكري والتحصيل المعرفي والنمو الجسدي لدى المتعلم. يُتاح إلى جانب ذلك قيام المتعلم بزيارات ميدانية إلى سوق العمل والإنتاج المتوافرة في محيط المدرسة للتعرف إلى المهن وظروفها وأوضاع العاملين فيها. أو استضافة بعض أصحاب المهن البارزين ضمن برنامج (1) (Master class)  في لقاءات صفية إرشادية حول المهن. وتستمر هذه المشروعات التقنية في الحلقة الثالثة من مرحلة التعليم الأساسي وفي الصفوف الثانوية لتشمل ميادين مختلفة كالكهرباء، والإلكترونيك والميكانيك والتغذية والطاقة... مضافًا إليها مشروعات بحثية في البيئة والصحة والاقتصاد وفي دورة الإنتاج وفي معظم ما يحتاجه المتعلم في سلوكه الحياتي اليومي من مهارات حياتية (Life skills)، وذلك بهدف تعزيز القيم لدى المتعلم والاتجاهات التي تؤول إلى  تشجيع الإنتاج وترشيد الاستهلاك.

اللغة الأجنبية الثانية، قيمة مضافة
إنّ في مادتي اللغة الأجنبية الثانية والترجمة والتعريب تجسيدًا صادقًا لأحد أهداف المناهج وغاياتها في الانفتاح على الثقافات العالمية والحضارات وفي العلاقات مع الآخرين والتبادل معهم على كل المستويات، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية... وهذه ميزة من ميزات اللبناني الخاصة وتفوقه. وكثيرًا ما نسمع الناس يردّدون ما معناه: إن كل لغة يكتسبها المرء هي قيمة مضافة إلى شخصيته.

الفنون، والتذوق الفني
أما في مواد الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والرياضة، حيث تتنوع النشاطات وتتعدد المهارات فيلاحظ الباحث في محتوى الأدلة التربوية والفنية العائدة لهذه المواد والمخصصة للمعلم الإرشادات التربوية القيّمة في مختلف ميادين الفنون الجميلة والرياضة. كما يلاحظ التوجيهات التعليمية الآيلة إلى:

  • توسيع معرفة المتعلم بالفنون وتقدير الأعمال الفنية واتخاذ المواقف الإيجابية نحو أفضلها.
  • تعويد المتعلم، وهو على مقاعد الدراسة، المشاركة في النشاطات العلمية والتكنولوجية والبيئية والصحية والرياضية والإعلامية والاجتماعية، وعلى ملء فراغه بما هو مفيد له ونافع لمجتمعه.

يتبين من كل ذلك أن محتوى هذه المواد وأنشطتها لا يُقصد بها جَعْل المتعلم:

  • مؤلفًا موسيقيّاً أو عازفًا بارعًا على إحدى آلاتها، بل شخصًا مدركًا لتاريخ الموسيقى وآلاتها ونوطاتها، ومتذوقًا لمقطوعاتها وسمفونياتها، يحسن الإصغاء لها والتفاعل معها.
  • رسامًا أو نحاتًا أو فنانًا تشكيليًا محترفًا، بل مواطنًا يتمتّعَ بثقافة فنية وتقنية يتحسس الجمال ويتذوقه عند مشاهدته للوحة فنية أو عند وقوفه أمام منحوتة أو تشكيل زخرفي.
  • ممثلاً مسرحيًا على خشبات المسرح وعلى الشاشات الكبيرة والصغيرة أو مخرجًا تلفزيونيًا أو سينمائيًا، بل ناقدًا فنيًا قادرًا على ابداء رأيه عند حضوره مسرحية أو مشاهدته لعمل سينمائي أو تلفزيوني.
  • رياضيًا محترفًا يحسن لعبة رياضية، بل رياضيًا ملتزمًا بمفاهيم الرياضة وبقواعد ممارستها ومشجعًا لها.
  • حرفيًا (كهربائيًا أو ميكانيكيًا أو الكترونيًا أو مزارعًا...) بل إنساناً تكنولوجيّ التفكير والأسلوب والعمل يقدّرِ الأعمال اليدوية ويحترمها.

فلهذه المهن، كغيرها من المهن، مدارسها ومعاهدها المتخصصة ونواديها الاحترافية.

1- لقاء في الصف مع فنان أو حرفي بارز

مضمون المناهج التربوية الجديدة في جميع موادها وارتباطها بالواقع-3

في هذا العدد، سنتناول المواد الإجرائية في المناهج التربوية الجديدة وارتباط محتواها بالواقع والمرتقب.

المواد الإجرائية، تثقيف فني لا احتراف

تتوزع المواد الإجرائية، ذات الطابع التطبيقي/العملي، على فئتين: فئة المواد المستحدثة، كالمعلوماتية والتكنولوجيا والمسرح، واللغة الأجنبية الثانية. وفئة من المواد التي كانت ملحوظة في المناهج سابقًا ولم تكن تطبق في المدارس، فأعادت لها المناهج الجديدة اعتبارها وهي: الفنون التشكيلية، الموسيقى، الترجمة والتعريب، التربية الرياضية. جميع هذه المواد، كما نقرأ في عناوين محتوياتها وتنوُّع موضوعاتها، وكما نلاحظ من اختيار أنشطتها في الكتب المدرسية المخصصة لها وفي الأدلة التربوية الموجهة للمعلم، تزوّد المتعلم بثقافة حياتية متعدّدة الجوانب، وتساعده على اكتشاف مواهبه وتنمية قدراته ومهاراته في سبيل انخراطه بشكل أوسع في الحياة واندماجه في المجتمع المتمدّن. فبالرغم من الملاحظات الشكلية وسواها حول محتوى هذه المواد أو بعضها، والمنهجية التي طرحت بها موضوعاتها في محاور الكتب المدرسية وفصول الأدلة التربوية العائدة لهذه المواد وبالرغم من الصعوبات الإدارية في توفير الهيئة التعليمية المتخصصة، والعوائق المادية في تأمين مستلزماتها من قاعات متخصصة ومشاغل وتجهيزات للقيام بتدريسها وتطبيق مضمون أنشطتها كليًا أو جزئيًا، بقيت هذه المواد موضع اهتمام وعناية من قبل العديد من المؤسسات التعليمية الموصوفة بتقديماتها التربوية القيّمة. كما بقيت في ذهن العديد من التربويين وفي إحساسهم بالحاجة الماسّة إليها لأنها:

  • توازن بين ما هو بحث نظري وما هو تطبيق عملي، خصوصًا أن معظم المواد التقليدية (الكلاسيكية) يغلب عليها الطابع النظري في الوقت الذي يكثر فيه الحديث اليوم حول موضوع تمهين مختلف المواد الدراسية حتى تلك التي تبدو بعيدة عن هذا المجال كتعلم من يدرس الآداب كيفية كتابة التقارير والمقالات الصحافية والسيناريوهات والمسرحيات... وقديمًا ضرب الصينيون مثلهم المشهور: "عندما أسمع أنسى، عندما أرى أتذكر، عندما أعمل أعرف".
  • تتصل بالسلوكيات اليومية التي تحتاج إلى المهارة والاتقان.
  • توقظ الاهتمامات عند المتعلم وترشد ميوله في اتجاهها الصحيح.
  • تزوّد المتعلم بمهارات حياتية مما ينمي عنده القدرة على الاختيار الأفضل لمشروع حياته المهنية.
  • تعزّز عنده القيم الاجتماعية والإنسانية كالموضوعية والشعور بالمسؤولية، الدقة والاتقان، التصنيف والتنظيم والوضوح في الرؤية، الثقة بالنفس والتواضع نتيجة النجاح في الانجازات، إلى جانب تقدير العمل الفريقي/التعاوني واحترام الأعمال الفنية والجمالية وتقديرها.


المعلوماتية، مطلب العصر
في مادة المعلوماتية، يركّز محتوى كتبها المدرسية، وبطريقة متصاعدة الصعوبة، على ماهية الكمبيوتر وتطوره. وعلى كيفية استعمالاته المتعدّدة وبرامجه، لتمكين المتعلم من مواكبة متطلبات العصر في التعاطي بوعي مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات المساندة للعديد من المواد التعليمية الأخرى مثل اللغات والاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات وغيرها من الموضوعات التثقيفية بهدف توسيع معارف المتعلم وتطوير مهاراته واستثمار قدراته على وضع تصاميم لأشياء فنية وتقنية ذات منفعة حياتية.

التكنولوجيا، أسلوب تفكير وعمل متقن

في مادة التكنولوجيا، تبرز ممارسة تحويل الأفكار إلى نماذج فنية وتطبيقات عملية يدوية بسيطة في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي، كأشغال الورق والكرتون والعجائن والقش والأسلاك المعدنية الخفيفة والزخرفة والألوان وذلك تحت عنوان الفنون التشكيلية. وتبرز هذه الممارسة أيضًا في تحويل النظريات إلى مشروعات تقنية أقل بساطة في الحلقة الثانية، تحت عنوان التكنولوجيا، مراعية النضوج الفكري والتحصيل المعرفي والنمو الجسدي لدى المتعلم. يُتاح إلى جانب ذلك قيام المتعلم بزيارات ميدانية إلى سوق العمل والإنتاج المتوافرة في محيط المدرسة للتعرف إلى المهن وظروفها وأوضاع العاملين فيها. أو استضافة بعض أصحاب المهن البارزين ضمن برنامج (1) (Master class)  في لقاءات صفية إرشادية حول المهن. وتستمر هذه المشروعات التقنية في الحلقة الثالثة من مرحلة التعليم الأساسي وفي الصفوف الثانوية لتشمل ميادين مختلفة كالكهرباء، والإلكترونيك والميكانيك والتغذية والطاقة... مضافًا إليها مشروعات بحثية في البيئة والصحة والاقتصاد وفي دورة الإنتاج وفي معظم ما يحتاجه المتعلم في سلوكه الحياتي اليومي من مهارات حياتية (Life skills)، وذلك بهدف تعزيز القيم لدى المتعلم والاتجاهات التي تؤول إلى  تشجيع الإنتاج وترشيد الاستهلاك.

اللغة الأجنبية الثانية، قيمة مضافة
إنّ في مادتي اللغة الأجنبية الثانية والترجمة والتعريب تجسيدًا صادقًا لأحد أهداف المناهج وغاياتها في الانفتاح على الثقافات العالمية والحضارات وفي العلاقات مع الآخرين والتبادل معهم على كل المستويات، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية... وهذه ميزة من ميزات اللبناني الخاصة وتفوقه. وكثيرًا ما نسمع الناس يردّدون ما معناه: إن كل لغة يكتسبها المرء هي قيمة مضافة إلى شخصيته.

الفنون، والتذوق الفني
أما في مواد الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والرياضة، حيث تتنوع النشاطات وتتعدد المهارات فيلاحظ الباحث في محتوى الأدلة التربوية والفنية العائدة لهذه المواد والمخصصة للمعلم الإرشادات التربوية القيّمة في مختلف ميادين الفنون الجميلة والرياضة. كما يلاحظ التوجيهات التعليمية الآيلة إلى:

  • توسيع معرفة المتعلم بالفنون وتقدير الأعمال الفنية واتخاذ المواقف الإيجابية نحو أفضلها.
  • تعويد المتعلم، وهو على مقاعد الدراسة، المشاركة في النشاطات العلمية والتكنولوجية والبيئية والصحية والرياضية والإعلامية والاجتماعية، وعلى ملء فراغه بما هو مفيد له ونافع لمجتمعه.

يتبين من كل ذلك أن محتوى هذه المواد وأنشطتها لا يُقصد بها جَعْل المتعلم:

  • مؤلفًا موسيقيّاً أو عازفًا بارعًا على إحدى آلاتها، بل شخصًا مدركًا لتاريخ الموسيقى وآلاتها ونوطاتها، ومتذوقًا لمقطوعاتها وسمفونياتها، يحسن الإصغاء لها والتفاعل معها.
  • رسامًا أو نحاتًا أو فنانًا تشكيليًا محترفًا، بل مواطنًا يتمتّعَ بثقافة فنية وتقنية يتحسس الجمال ويتذوقه عند مشاهدته للوحة فنية أو عند وقوفه أمام منحوتة أو تشكيل زخرفي.
  • ممثلاً مسرحيًا على خشبات المسرح وعلى الشاشات الكبيرة والصغيرة أو مخرجًا تلفزيونيًا أو سينمائيًا، بل ناقدًا فنيًا قادرًا على ابداء رأيه عند حضوره مسرحية أو مشاهدته لعمل سينمائي أو تلفزيوني.
  • رياضيًا محترفًا يحسن لعبة رياضية، بل رياضيًا ملتزمًا بمفاهيم الرياضة وبقواعد ممارستها ومشجعًا لها.
  • حرفيًا (كهربائيًا أو ميكانيكيًا أو الكترونيًا أو مزارعًا...) بل إنساناً تكنولوجيّ التفكير والأسلوب والعمل يقدّرِ الأعمال اليدوية ويحترمها.

فلهذه المهن، كغيرها من المهن، مدارسها ومعاهدها المتخصصة ونواديها الاحترافية.

1- لقاء في الصف مع فنان أو حرفي بارز