التنمية المستدامة في قطاعات التعليم في لبنان في ضوء التقارير الدولية

الدكتور رشراش عبد الخالق مستشار تكنولوجيا التعليم في المركز التربوي للبحوث والإن

يفرق الباحثون بين مصطلحي النمو والتنمية، فالنمو واقع حركة طبيعية وقد تكون تلقائية كما هو الحال في دول العالم المتقدم، أما التنمية فهي فعل إرادة تتولاه السلطة في أي بلد، فإذا ركزت خطط السلطة على تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز معدل نمو الاقتصاد الوطني يسمى تنمية اقتصادية، وإذا ركزت على إرساء قواعد العدالة والتوازن وبالتالي الاستقرار في المجتمع يسمى تنمية اجتماعية، وإذا ركزت على إطلاق طاقات التربية والعلم والفنون يسمى تنمية ثقافية...

ولا نسمع بسياسات تنموية تعتمدها دول الغرب الأكثر تقدما والتي تلتزم سياسات ليبرالية في الاقتصاد، حيث يقتصر دور الدولة في السهر على حسن أداء الاقتصاد والمجتمع فتعنى بوضع التشريعات والتنظيمات والضوابط الاقتصادية الكفيلة بحفظ مقومات الاستقرار والنمو على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وتتدخل في ميادين معينة مثل السياسة النقدية ومعدلات الفائدة ورصد أموال لتطوير البنى التحتية وعقد اتفاقات دولية....فالليبرالية ليست مطلقة بل وهي نسبية (1)

 

وفي الماضي القريب سارعت دول كثيرة، إلى وضع خطط ثلاثية وخماسية وعشرية للتنمية، حقق بعضها نتائج جيدة خلال فترة وجيزة في عدد من القطاعات، ولكن لوحظ أن أهداف الخطط المرسومة على الورق لم تتحقق في الواقع، بل تفاقمت المشكلات في بعض القطاعات وبخاصة تلك التي لها علاقة بجيل الشباب، إذ ظهر أن النموذج الغربي الذي أخذت به لم يكن مضمون النتائج وليس كما صور لها.

ويؤكد تقرير التنمية البشرية لعام ٢٠٠١ أن "التنمية البشرية'' تتجاوز ارتفاع المداخيل الوطنية أو تراجعها لتشمل عملية خلق مناخ يستطيع الناس في ظله تنمية طاقاتهم إلى أقصى حد والعيش حياة منتجة وخلاقة تتلاءم مع حاجاتهم ومصالحهم. فالناس هم الثروة الحقيقية للأوطان. وبهذا المعنى تم تعريف التنمية البشرية المستدامة بأنها عملية ''توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال بناء الرأسمال الاجتماعي، بحيث تتم تلبية احتياجات الأجيال الحالية بأكبر قدر ممكن من الإنصاف، من دون المساس بحقوق الأجيال القادمة" (2)

تتعلم كيف تبني بيت المستقبل

وهكذا تكون أهداف التنمية المستدامة هي: "توسيع خيارات الناس كي يعيشوا الحياة التي يطمحون إليها، وبناء القدرات البشرية لتوسيع هذه الخيارات، ولعل أهم القدرات هي أن يعيش الناس عمراً مديداً ويتمتعون بصحة جيدة ويمتلكون المعرفة اللازمة، والقدرة على الوصول إلى الموارد المطلوبة للعيش اللائق الكريم، إضافة إلى القدرة على المشاركة في حياة المجتمع المحلي (3)  

 

بين المنظور التقليدي والمنظور الجديد للتنمية

إن نماذج التنمية التقليدية أدخلت الدول والمجتمعات في سباق جامح لتحقيق سرعة اكبر في النمو المادي والاقتصادي (4) وكان طبيعيا أن تعتمد هذا المفهوم وتروج له الدول التي تملك الإمكانات المالية والتكنولوجية التي تقدر على زيادة الإنتاج والتوسع في العمران وبناء مظلة اجتماعية صحية واسعة تؤمن لمواطنيها الأمن الاجتماعي والاقتصادي ، وباتت الدول الغنية التي تملك المال والتكنولوجيا والصناعات والمهارات والبنى التحتية هي الأقدر على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وراحت الدول الفقيرة تلهث وراء هذا السراب من دون جدوى، 'فازداد الغني ثراء وازداد الفقير فقراً. وقد نتج عن هذا السباق الإنمائي مشكلات تتفاوت درجاتها بين المجتمعات الفقيرة والغنية أبرزها (5):

  • تقدّم البعض على حساب الآخرين نتيجة لاتساع التنظيمات والمجالات الاحتكارية ما أدى إلى ارتفاع نسبة غير القادرين على اللحاق بهذا السباق والى تفاقم خطر الإخلال بالتوازن المجتمعي.
  • كان للانماء المرتكز على تعظيم النمو المادي مردودٌ عكسيٌ في البلدان التي دخلتها الوسائل والتكنولوجيات الحديثة والسلع المنتجة بواسطتها بشكل عفوي وفجائي وسريع، إذ أدى ذلك إلى إحداث اختلال في توازن بنيانها الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي.
  • إفقار الطبيعة واستنفاد مواردها نتيجة استغلالها غير العقلاني وعدم الاهتمام بتجديد هذه الموارد، ما يهدد بازدياد الفقر وتدهور نوعية الحياة على الأرض.
  • التركيز على التقدم المادي الكمي على حساب التقدم الإنساني النوعي.  

وتبدو الحصيلة العامة لنموذج التنمية التقليدي، صعوبة متزايدة  -إن لم نقل شبه استحالة- في زيادة معدلات النمو الاقتصادي بشكل مستمر، أو تحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية في توزيع عائده، في ظلّ التراجع الخطير في وضع الموارد الطبيعية التي استثمر العديد منها حتى الاستنفاد في بعض البلدان.

في ضوء ذلك برزت أهمية إعادة النظر في مفهوم وسلّم اولويات التنمية وتحديد جهاتها للانتقال من المنظور التكاثري التزايدي الاحتكاري إلى المنظور التنموي البشري البعيد المدى، والذي يطمح إلى تمتين الصلة بين الإنسان والمجتمع والموارد والبيئة في إطار حقوقي مدني ومواطني، فكان مفهوم التنمية المستدامة المشار إليه سابقا.

 

التنمية البشرية المستدامة في قطاع التعليم

إن البحث في قطاع التربية، من منظور التنمية البشرية المستدامة، يثير الأسئلة الآتية:اولادنا أي مستقبل ينتظرهم.

  1. ما الذي تزوّد به المدرسة (في التعليم العام) مرتاديها ليصيروا قادرين على المشاركة في عملية النمو والمشاركة في عائداته؟ (دور التربية في التأهيل واكتساب المعارف).
  2. ما نسبة الذين يحصلون على هذا الزاد، من بين أفراد المجتمع؟ (الفرص الدراسية المتاحة).
  3. كيف ينتظم التعليم بصورة تسمح لمرتاديه بالتفاعل في ما بينهم وبتوفير قاعدة مشتركة وآليات تساهم في تدعيم تماسك النسيج الاجتماعي؟ (دور القطاع التربوي على صعيد تعزيز الاندماج الاجتماعي).
  4. ما الإجراءات المتخذة حالياً من قبل السلطات العامة أو الإجراءات المنشودة، التي تفتح الباب أمام مساهمة أوسع في بناء المستقبل؟ (السياسة التربوية الحالية). إن قياس مساهمة التربية في التنمية البشرية المستدامة يبنى على تفحص قدرة النظام التربوي على التمكين الفردي والجماعي، والمساهمة في تفعيل ديناميات النسيج الاجتماعي المؤدية إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتعزيز فرص التنمية البشرية المستدامة على مختلف المستويات. ونعتمد أدناه اثني عشر مؤشراً لتفحص قدرة النظام التربوي في لبنان على تحقيق هذه الأهداف. ثم ننتقل إلى أمر السياسات المعتمدة من اجل تطوير هذا النظام.

١- السياسة التربوية (6)

ثمة بيانات وخطط تؤشر على النية لمواجهة مشكلات النظام التربوي وتطويره، بما يسمح بمساهمة أفضل في تنمية بشرية مستدامة تستطيع أن تواكب تحديات العصر. ففي هذا الصدد، اعتبر اتفاق الطائف في قسمه الأول (تحت عنوان المبادئ العامة والإصلاحات) موضوع التربية واحداً من خمسة قضايا اهتم بإصلاحها. وكذلك أكدت البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة بعد انتهاء الحرب، على أولوية التربية والتعليم، وتعزيز تكافؤ الفرص التعليمية، وإصلاح المناهج، وتأهيل الهيئة التعليمية.  

والمبالغ المخصصة في الميزانية العامة تشير الى عدم توافق الإنفاق مع مضمون النوايا المعلنة في الخطاب الرسمي (اتفاق الطائف والبيان الوزاري). وفي الوقت الذي تنخفض فيه حصة موازنة التربية من الموازنة العامة الى نحو نصف الحصة التي كانت لها في الثمانينيات وربع حصتها في السبعينيات، فإنها مخصصة بصورة شبه كلية لتسيير التعليم الرسمي (أجور ورواتب ٩١,٧ ٪ عام ١٩٩٥) ودعم التعليم الخاص المجاني. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تقدير التفتيش التربوي أن هناك خمسة آلاف معلم فائض، من اصل ٢٥ ألفا،

يكون هناك نحو خمس الإنفاق يذهب هدراً. وقيمة هذا الهدر توازي أربعة أضعاف ما هو مخصص للاستثمار، وثلاثة إضعاف ما هو مخصص للتشغيل في حصة وزارة التربية من الموازنة العامة(٧).

لكن الموازنة العادية ليست هي المجال الوحيد الذي يجسّد السياسة التربوية. فهناك أيضا خطط وبرامج أطلقت على هامش هذه الموازنة، أبرزها برنامج النهوض بالقطاع التربوي الذي تتضمنه الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، ويشكل ١٣,١ ٪ أو ١,٥٣٠ مليون دولار اميركي من مجمل البرنامج ( مراجعة ١٩٩٤) وهي لم تتغير كثيرا في السنوات اللاحقة.

يركز هذا البرنامج على التعليم الرسمي من جهة وعلى البنية التحتية لهذا القطاع من جهة ثانية. وهذا يعني أن السياسة المعتمدة في الإنفاق تقوم على تحسين شروط استيعاب التلامذة في التعليم الرسمي. فمن أصل ثمانية مشروعات نصت عليها الخطة ٢٠٠٠ ، هناك مشروع واحد يتعلق بالنواحي النوعية في التعليم (خصص له ١٠ ملايين دولار اميركي)، فيما المشاريع السبعة الباقية تتعلق بالإنشاءات والتجهيزات. وهذا يعني أن خطة العام ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار تعوّض مبدئياً النقص الحاصل في مخصصات الموازنة العادية، إذ تخصص أموالا كبيرة تنفق على تجميع المدارس، وعلى الأبنية المدرسية.

أما الجزء الخاص بباقي الشأن التربوي (معلمون ومناهج وكتب، الخ...) فهو ملقى على عاتق خطة النهوض التربوي في التعليم العام، وهي مسؤولية المركز التربوي للبحوث والإنماء. ويمكن القول إن"خطة النهوض التربوي" التي أقرّها مجلس الوزراء هي برنامج تشمل وظائفه الأساسية: الإدارة المدرسية، المناهج، الكتاب المدرسي، الوسائل التعليمية، تدريب المعلمين، الأبنية المدرسية، التعليم المختص، النشاطات الشبابية والرياضية، الخدمات التربوية، التوجيه والإعلام التربويان.

شكّل صدور هيكلية جديدة للتعليم في لبنان في أوائل ١٩٩٦ الخطوة الأولى على طريق تنفيذ خطة النهوض؛ وهي تهدف إلى بلوغ مستوى الالتحاق الكامل في التعليم الابتدائي إذ أقرت مبدأ التعليم الإلزامي من ٦ إلى ١٢ سنة والترفيع التلقائي في الصفوف الثلاثة الأولى. وهي تضع أهدافا جديدة لمرحلة التعليم تركز على المهارات والقيم والاتجاهات المدنية. ويتضمن توزيع الساعات لغة أجنبية ثانية، ونشاطات فنية ورياضية، وكمبيوتر. ومن ابرز التجديدات في هذه الهيكلية، الاهتمام بالتعرف المهني في التعليم العام واستحداث ما يسمى بالتدريب المهني المجزأ. وقد سمح صدور الهيكلية بمباشرة وضع مناهج جديدة.

على صعيد آخر، تم وضع مشروع خطة تسعى إلى تحسين نوعية التعليم المهني والتقني وتهدف الخطة إلى تنمية شاملة لقطاع التربية يتضمن ذلك الأبنية والتجهيزات بالإضافة إلى تمويل دراسات تشخيصية للتدريب والمناهج والكتب والإعلام.

أما بالنسبة إلى الجامعة اللبنانية، فلا خطة متكاملة لها إلى الآن. ولكن هناك مشروع المدينة الجامعية في الحدث الذي تقرر له ١٥٠ مليون دولار اميركي، ضمن خطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، نفذ جزء منه مع افتتاح كلية العلوم ومبنى المكتبة في أواخر عام ١٩٩٥ . من جهة أخرى هناك مشروع مشترك بين الأمم المتحدة  (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي /الأونيسكو) والبنك الدولي ووزارة الثقافة والتعليم العالي. يهدف إلى تطوير القدرات المؤسسية للوزارة، ويتضمن أيضا لعمل على دعم إعادة إعمار الجامعة اللبنانية وتحديث هياكلها الإدارية وأدواتها الإحصائية والمالية، وتعزيز قدرات البحث فيها.

إن الاستنتاج الرئيسي من هذا العرض هو ضرورة إيلاء التعليم أولوية واضحة على رأس جدول الأعمال نظراً لأن ثروة لبنان الرئيسية هي الناس، ما يعطي لتنمية الموارد البشرية أهمية اكبر عما هي في باقي البلدان. وبالتالي يفترض تسريع برامج إصلاح النظام التعليمي بمستوياته وقطاعاته كافة (الابتدائي، المهني والتقني، والعالي). كما لا بد من التركيز على نوعية التعليم وعلى تحسين مستويات الإنجاز الدراسي. إن التعليم وتنمية الموارد البشرية يقعان في قلب تنمية بشرية مستدامة ناجحة، ولا سيما في لبنان.

2- الانتساب للنظام التعليمي وفقاً للمراحل

لعله من المفيد أن يتم استعراض نسبة عدد المنتسبين إلى مؤسسات التعليم في لبنان في المراحل كلها، وكانت على الشكل الآتي:

- العناية بالطفولة المبكرة وتنميتها

في عام ١٩٩٩ ، بلغ المعدل الإجمالي للأولاد المنتسبين للمدارس والبالغين من العمر ٣ سنوات نسبة ٢٧ ٪، وللذين تتراوح أعمارهم بين ٤ و ٥ سنوات ٩٠ ٪.ويعتبر المعدل الأول منخفضاً ويمكن ردّه إلى كبر حجم العائلة والدعم الاجتماعي والنقص في المرافق. وثمة نظامان متوازيان للتعليم الذي يسبق المدرسة، وتحديداً نظام التعليم في القطاع الخاص المدفوع الأجر والذي يبدأ بقبول التلامذة اعتباراً من سن ٣ سنوات من جهة، ونظام التعليم في القطاع العام الذي يقبلهم من عمر ٤ سنوات من جهة أخرى. وقد بلغ معدّل الانتساب في المرحلة ما قبل الابتدائية (ما بين ٣ و٥ سنوات) 70و8 %.

- التعليم الأساسي

تعتبر معدلات الانتساب الصافي (نسبة الحضور) في التعليم الأساسي جيدة. فقد بلغ معدل الانتساب الصافي 96 % في المستوى الابتدائي و 88% في المستوى المتوسط وذلك عام ١٩٩٩. كما بلغ معدل الانتساب الصافي في مرحلة التعليم الأساسي نسبة ٩٢ ٪ . أما تحقق معدل انتساب يبلغ 100% فيستدعي فرض تنفيذ قانون التعليم الإلزامي (وضع في ١٩٩٨) للأولاد وذلك لغاية عمر ١٢ سنة. ويستحسن في هذا الصدد إن يصار إلى التقيّد بالشروط الدولية للتعليم الإلزامي ورفعه إلى عمر ١٥ سنة في أسرع وقت ممكن والحرص على تنفيذه.

العناية بالطفولة المبكرة شرط اساسي للتنمية.

من يأخذ بيدها؟!

- التعليم الثانوي

بلغ معدل الانتساب الإجمالي في التعليم الثانوي ٨٢ ٪ في عام ١٩٩٧ ، وهذه نسبة عادية إذا قارناها ببلدان عربية أخرى  (الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الأونيسكو، 1999)

- التعليم العالي

شمل قطاع مؤسسات التعليم العالي ٤٠ مؤسسة عام ٢٠٠٠ ، بينها ١٦ جامعة خاصة، و ٣٢ معهداً خاصاً وجامعة حكومية واحدة) الجامعة اللبنانية) تأوي ٦٥ ٪ من الطلاب والطالبات الجامعيين في لبنان. وعام ١٩٩٩ ، بلغ عدد الطلاب والطالبات المنتسبين لمؤسسات التعليم العالي ٣٢٨٣ طالباً وطالبة لكل ١٠٠٠٠٠ نسمة. ويعتبر هذا المعدل من أعلى المعدلات في العالم العربي، إلا انه معدل مبالغ فيه إلى حد ما بالنسبة الى لبنان بسبب ارتفاع نسبة المنتسبين في السنة الأولى (مثلاً، ٧٣ ٪ في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية). والمعدل المرتفع نسبياً لعدد الطلبة غير اللبنانيين (١٧,٩ في الجامعة الاميركية اللبنانية و ١٥,٤ ٪ في الجامعة ١٩٩٩) لذلك، لا بد من بذل الجهود / الاميركية في ١٩٩٨ لرفع معدل الاحتفاظ بطلاب السنة الأولى، وتحسين الفعالية الداخلية في الجامعة اللبنانية، وتنويه التعليم العالي لاجتذاب عدد اكبر من الشباب، وإنشاء نظام للتعلم عن بعد يوفّر الفرص التعليمية للذين تحول ظروفهم دون الانتقال إلى مكان آخر.

خلاصة واستنتاجات

  1. لم يعد مفهوم التنمية مستندا إلى النمو الاقتصادي فقط بل تطور ليشمل البعد السياسي الاجتماعي والثقافي والإنساني وعرفه إعلان"الحق في التنمية" عام ١٩٨٦ الصادر عن الأمم المتحدة بأنها "عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان والتي يمكن عن طريقها تطبيق حقوق الإنسان وتحقيق حرياته الأساسية".
  2. أن أهداف التنمية المستدامة (development durable) (sustainable development) هي القضاء على الفقر والعمل على تدعيم كرامة الإنسان وكبريائه وممارسة حقوقه وتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد عن طريق إدارة الدولة والمجتمع إدارة جيدة وعن طريق هذه الإدارة يمكن تحقيق كل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية.
  3. بذلت الحكومات المتعاقبة جهودا كبيرة في قطاع التعليم منذ نهاية الحرب الداخلية المؤلمة والمدمرة، وقد لحظت التقارير الدولية التي استندنا إليها هذه الجهود، ولكن يبقى أمام المسؤولين عن السياسات التعليمية والإدارات المعنية أن تعمل الشيء الكثير للنهوض بهذا القطاع باعتبار أن ثروة لبنان الأساسية هي الإنسان.
  4. يشكو هذا القطاع من ثغرات تنظيمية ومن سوء تطبيق الأنظمة والقوانين التي تنظم شؤون العاملين فيه وعدم تطبيق جيد للقرارات بخاصة تلك التي لها علاقة بإلزامية التعليم ومجانيته في الحلقتين الأولى والثانية من مرحلة التعليم الأساسي.
  5. يعد هذا القطاع من القطاعات البكر لجهة اعتماد البحث التربوي ونتائجه لحل مشكلاته ، علما بأنه تم اعتماد علم التربية  ومنذ أواخر الستينات كعلم تطبيقي، وان الكليات والمعاهد التي تعد معلمين لهذا القطاع هي مؤسسات تطبيقية مثل كليات الطب والهندسة ...الخ وبالتالي فان الحلول التي تعتمد لحل مشكلات هذا القطاع إنما تكون نتيجة دراسات وأبحاث علمية وليست آراء ورغبات ذاتية، ومن هنا أهمية التأكيد على اعتماد الأبحاث التربوية العلمية  الميدانية والتطبيقية  لحل مشكلات هذا القطاع في لبنان.
  6. يلاحظ أن مثل هذه التقارير الدولية وان كانت تصدر عن مؤسسات دولية وتطبق معايير لمؤتمرات عالمية إلا أن كاتبيها يغفلون عرض ومناقشة حقيقة أسباب استمرار تخلف المجتمعات وذلك ليس جهلا لها وربما طمساً لحقيقتها. يعتقد الباحث أن هذه التقارير على الرغم من أهميتها، تتحدث عن آلام المجتمعات المحرومة بأسلوب الترف الفكري، لا عجب في ذلك طالما أن أصحاب الحرمان لا يعملون بما فيه الكفاية للوقوف على الأسباب الحقيقة لحرمانهم والعمل على التخلص منه.

المصادر:

1- التقارير الوطنية:

  • 1997 ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان.
  • 1999  الشباب والتنمية.
  • 2001/2002 العولمة: نحو خطة عمل لبنانية. c

2- التنمية حرية، امارتيا صن، تر. شوقي جلال، عالم المعرفة، عدد ٣٠٣ /مايو ٢٠٠٤

3-  آفاق التنمية العربية المستدامة، سليم الحص )رئيس وزراء لبناني أسبق(، مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ /مايو/أيار ٢٠٠٥

4 - الموقع الالكتروني http://www.undp.org/nhdr2001/indicator     http://www.undp.org.lb

5- Sustainable Human Development, From Concept to Operation: A Guide to the Practitioner UNDP, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hayden

Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4.

6- مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن، وزارة الشؤون الاجتماعية - صندوق الأمم المتحدة للسكان ، ١٩٩٦

7- تطور التعليم في لبنان، رشراش عبد الخالق، مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة كلية التربية في الجامعة اللبنانية، مخطوط قيد النشر.

8- سلسلة علم التربية العام (أجزاء)، رشراش عبد الخالق وزميله، دار النهضة العربية، بيروت، ٢٠٠٢

9-  الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، مجلس الإنماء والإعمار، ملحق ٧، التعليم.

10- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠١

11- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠٤

12 - شؤون اليد العاملة، نجيب عيسى، برنامج اللقاءات الصناعية الذي نظمته جمعية الصناعيين اللبنانيين مع مؤسسة فريد ريش أيبرت، ١٩٩٣ ، غير منشور.

13- خطة النهوض التربوي ، المركز التربوي للبحوث والإنماء ، مطبعة المركز ،بيروت، ١٩٩٧

 

الهوامش:

١- سليم الحص (رئيس وزراء لبناني أسبق) آفاق التنمية العربية المستدامة.مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ ./مايو/أيار ٢٠٠٥

2- Guide to the Practitioner, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hyden, Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4

UNDP, Sustainable Human Development, From Concept to Operation 

3- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تقرير التنمية البشرية للعام ٢٠٠١ ص ١. انظر الموقع الالكتروني بتصرف http://www.undp.org/nhdr2001/indicator

٤- لقد ترك هذا الميل أثرا مباشراً على المنهجية ووسائل قياس التنمية، وعلى تحديد مؤشراتها.

5- ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان منشورات  UNDP بيروت ١٩٩٧، ص ١٧

6-  انظر: ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان، ١٩٩٧ ، منشورات UNDP

٧- م.س.

 

التنمية المستدامة في قطاعات التعليم في لبنان في ضوء التقارير الدولية

الدكتور رشراش عبد الخالق مستشار تكنولوجيا التعليم في المركز التربوي للبحوث والإن

يفرق الباحثون بين مصطلحي النمو والتنمية، فالنمو واقع حركة طبيعية وقد تكون تلقائية كما هو الحال في دول العالم المتقدم، أما التنمية فهي فعل إرادة تتولاه السلطة في أي بلد، فإذا ركزت خطط السلطة على تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز معدل نمو الاقتصاد الوطني يسمى تنمية اقتصادية، وإذا ركزت على إرساء قواعد العدالة والتوازن وبالتالي الاستقرار في المجتمع يسمى تنمية اجتماعية، وإذا ركزت على إطلاق طاقات التربية والعلم والفنون يسمى تنمية ثقافية...

ولا نسمع بسياسات تنموية تعتمدها دول الغرب الأكثر تقدما والتي تلتزم سياسات ليبرالية في الاقتصاد، حيث يقتصر دور الدولة في السهر على حسن أداء الاقتصاد والمجتمع فتعنى بوضع التشريعات والتنظيمات والضوابط الاقتصادية الكفيلة بحفظ مقومات الاستقرار والنمو على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وتتدخل في ميادين معينة مثل السياسة النقدية ومعدلات الفائدة ورصد أموال لتطوير البنى التحتية وعقد اتفاقات دولية....فالليبرالية ليست مطلقة بل وهي نسبية (1)

 

وفي الماضي القريب سارعت دول كثيرة، إلى وضع خطط ثلاثية وخماسية وعشرية للتنمية، حقق بعضها نتائج جيدة خلال فترة وجيزة في عدد من القطاعات، ولكن لوحظ أن أهداف الخطط المرسومة على الورق لم تتحقق في الواقع، بل تفاقمت المشكلات في بعض القطاعات وبخاصة تلك التي لها علاقة بجيل الشباب، إذ ظهر أن النموذج الغربي الذي أخذت به لم يكن مضمون النتائج وليس كما صور لها.

ويؤكد تقرير التنمية البشرية لعام ٢٠٠١ أن "التنمية البشرية'' تتجاوز ارتفاع المداخيل الوطنية أو تراجعها لتشمل عملية خلق مناخ يستطيع الناس في ظله تنمية طاقاتهم إلى أقصى حد والعيش حياة منتجة وخلاقة تتلاءم مع حاجاتهم ومصالحهم. فالناس هم الثروة الحقيقية للأوطان. وبهذا المعنى تم تعريف التنمية البشرية المستدامة بأنها عملية ''توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال بناء الرأسمال الاجتماعي، بحيث تتم تلبية احتياجات الأجيال الحالية بأكبر قدر ممكن من الإنصاف، من دون المساس بحقوق الأجيال القادمة" (2)

تتعلم كيف تبني بيت المستقبل

وهكذا تكون أهداف التنمية المستدامة هي: "توسيع خيارات الناس كي يعيشوا الحياة التي يطمحون إليها، وبناء القدرات البشرية لتوسيع هذه الخيارات، ولعل أهم القدرات هي أن يعيش الناس عمراً مديداً ويتمتعون بصحة جيدة ويمتلكون المعرفة اللازمة، والقدرة على الوصول إلى الموارد المطلوبة للعيش اللائق الكريم، إضافة إلى القدرة على المشاركة في حياة المجتمع المحلي (3)  

 

بين المنظور التقليدي والمنظور الجديد للتنمية

إن نماذج التنمية التقليدية أدخلت الدول والمجتمعات في سباق جامح لتحقيق سرعة اكبر في النمو المادي والاقتصادي (4) وكان طبيعيا أن تعتمد هذا المفهوم وتروج له الدول التي تملك الإمكانات المالية والتكنولوجية التي تقدر على زيادة الإنتاج والتوسع في العمران وبناء مظلة اجتماعية صحية واسعة تؤمن لمواطنيها الأمن الاجتماعي والاقتصادي ، وباتت الدول الغنية التي تملك المال والتكنولوجيا والصناعات والمهارات والبنى التحتية هي الأقدر على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وراحت الدول الفقيرة تلهث وراء هذا السراب من دون جدوى، 'فازداد الغني ثراء وازداد الفقير فقراً. وقد نتج عن هذا السباق الإنمائي مشكلات تتفاوت درجاتها بين المجتمعات الفقيرة والغنية أبرزها (5):

  • تقدّم البعض على حساب الآخرين نتيجة لاتساع التنظيمات والمجالات الاحتكارية ما أدى إلى ارتفاع نسبة غير القادرين على اللحاق بهذا السباق والى تفاقم خطر الإخلال بالتوازن المجتمعي.
  • كان للانماء المرتكز على تعظيم النمو المادي مردودٌ عكسيٌ في البلدان التي دخلتها الوسائل والتكنولوجيات الحديثة والسلع المنتجة بواسطتها بشكل عفوي وفجائي وسريع، إذ أدى ذلك إلى إحداث اختلال في توازن بنيانها الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي.
  • إفقار الطبيعة واستنفاد مواردها نتيجة استغلالها غير العقلاني وعدم الاهتمام بتجديد هذه الموارد، ما يهدد بازدياد الفقر وتدهور نوعية الحياة على الأرض.
  • التركيز على التقدم المادي الكمي على حساب التقدم الإنساني النوعي.  

وتبدو الحصيلة العامة لنموذج التنمية التقليدي، صعوبة متزايدة  -إن لم نقل شبه استحالة- في زيادة معدلات النمو الاقتصادي بشكل مستمر، أو تحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية في توزيع عائده، في ظلّ التراجع الخطير في وضع الموارد الطبيعية التي استثمر العديد منها حتى الاستنفاد في بعض البلدان.

في ضوء ذلك برزت أهمية إعادة النظر في مفهوم وسلّم اولويات التنمية وتحديد جهاتها للانتقال من المنظور التكاثري التزايدي الاحتكاري إلى المنظور التنموي البشري البعيد المدى، والذي يطمح إلى تمتين الصلة بين الإنسان والمجتمع والموارد والبيئة في إطار حقوقي مدني ومواطني، فكان مفهوم التنمية المستدامة المشار إليه سابقا.

 

التنمية البشرية المستدامة في قطاع التعليم

إن البحث في قطاع التربية، من منظور التنمية البشرية المستدامة، يثير الأسئلة الآتية:اولادنا أي مستقبل ينتظرهم.

  1. ما الذي تزوّد به المدرسة (في التعليم العام) مرتاديها ليصيروا قادرين على المشاركة في عملية النمو والمشاركة في عائداته؟ (دور التربية في التأهيل واكتساب المعارف).
  2. ما نسبة الذين يحصلون على هذا الزاد، من بين أفراد المجتمع؟ (الفرص الدراسية المتاحة).
  3. كيف ينتظم التعليم بصورة تسمح لمرتاديه بالتفاعل في ما بينهم وبتوفير قاعدة مشتركة وآليات تساهم في تدعيم تماسك النسيج الاجتماعي؟ (دور القطاع التربوي على صعيد تعزيز الاندماج الاجتماعي).
  4. ما الإجراءات المتخذة حالياً من قبل السلطات العامة أو الإجراءات المنشودة، التي تفتح الباب أمام مساهمة أوسع في بناء المستقبل؟ (السياسة التربوية الحالية). إن قياس مساهمة التربية في التنمية البشرية المستدامة يبنى على تفحص قدرة النظام التربوي على التمكين الفردي والجماعي، والمساهمة في تفعيل ديناميات النسيج الاجتماعي المؤدية إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتعزيز فرص التنمية البشرية المستدامة على مختلف المستويات. ونعتمد أدناه اثني عشر مؤشراً لتفحص قدرة النظام التربوي في لبنان على تحقيق هذه الأهداف. ثم ننتقل إلى أمر السياسات المعتمدة من اجل تطوير هذا النظام.

١- السياسة التربوية (6)

ثمة بيانات وخطط تؤشر على النية لمواجهة مشكلات النظام التربوي وتطويره، بما يسمح بمساهمة أفضل في تنمية بشرية مستدامة تستطيع أن تواكب تحديات العصر. ففي هذا الصدد، اعتبر اتفاق الطائف في قسمه الأول (تحت عنوان المبادئ العامة والإصلاحات) موضوع التربية واحداً من خمسة قضايا اهتم بإصلاحها. وكذلك أكدت البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة بعد انتهاء الحرب، على أولوية التربية والتعليم، وتعزيز تكافؤ الفرص التعليمية، وإصلاح المناهج، وتأهيل الهيئة التعليمية.  

والمبالغ المخصصة في الميزانية العامة تشير الى عدم توافق الإنفاق مع مضمون النوايا المعلنة في الخطاب الرسمي (اتفاق الطائف والبيان الوزاري). وفي الوقت الذي تنخفض فيه حصة موازنة التربية من الموازنة العامة الى نحو نصف الحصة التي كانت لها في الثمانينيات وربع حصتها في السبعينيات، فإنها مخصصة بصورة شبه كلية لتسيير التعليم الرسمي (أجور ورواتب ٩١,٧ ٪ عام ١٩٩٥) ودعم التعليم الخاص المجاني. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تقدير التفتيش التربوي أن هناك خمسة آلاف معلم فائض، من اصل ٢٥ ألفا،

يكون هناك نحو خمس الإنفاق يذهب هدراً. وقيمة هذا الهدر توازي أربعة أضعاف ما هو مخصص للاستثمار، وثلاثة إضعاف ما هو مخصص للتشغيل في حصة وزارة التربية من الموازنة العامة(٧).

لكن الموازنة العادية ليست هي المجال الوحيد الذي يجسّد السياسة التربوية. فهناك أيضا خطط وبرامج أطلقت على هامش هذه الموازنة، أبرزها برنامج النهوض بالقطاع التربوي الذي تتضمنه الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، ويشكل ١٣,١ ٪ أو ١,٥٣٠ مليون دولار اميركي من مجمل البرنامج ( مراجعة ١٩٩٤) وهي لم تتغير كثيرا في السنوات اللاحقة.

يركز هذا البرنامج على التعليم الرسمي من جهة وعلى البنية التحتية لهذا القطاع من جهة ثانية. وهذا يعني أن السياسة المعتمدة في الإنفاق تقوم على تحسين شروط استيعاب التلامذة في التعليم الرسمي. فمن أصل ثمانية مشروعات نصت عليها الخطة ٢٠٠٠ ، هناك مشروع واحد يتعلق بالنواحي النوعية في التعليم (خصص له ١٠ ملايين دولار اميركي)، فيما المشاريع السبعة الباقية تتعلق بالإنشاءات والتجهيزات. وهذا يعني أن خطة العام ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار تعوّض مبدئياً النقص الحاصل في مخصصات الموازنة العادية، إذ تخصص أموالا كبيرة تنفق على تجميع المدارس، وعلى الأبنية المدرسية.

أما الجزء الخاص بباقي الشأن التربوي (معلمون ومناهج وكتب، الخ...) فهو ملقى على عاتق خطة النهوض التربوي في التعليم العام، وهي مسؤولية المركز التربوي للبحوث والإنماء. ويمكن القول إن"خطة النهوض التربوي" التي أقرّها مجلس الوزراء هي برنامج تشمل وظائفه الأساسية: الإدارة المدرسية، المناهج، الكتاب المدرسي، الوسائل التعليمية، تدريب المعلمين، الأبنية المدرسية، التعليم المختص، النشاطات الشبابية والرياضية، الخدمات التربوية، التوجيه والإعلام التربويان.

شكّل صدور هيكلية جديدة للتعليم في لبنان في أوائل ١٩٩٦ الخطوة الأولى على طريق تنفيذ خطة النهوض؛ وهي تهدف إلى بلوغ مستوى الالتحاق الكامل في التعليم الابتدائي إذ أقرت مبدأ التعليم الإلزامي من ٦ إلى ١٢ سنة والترفيع التلقائي في الصفوف الثلاثة الأولى. وهي تضع أهدافا جديدة لمرحلة التعليم تركز على المهارات والقيم والاتجاهات المدنية. ويتضمن توزيع الساعات لغة أجنبية ثانية، ونشاطات فنية ورياضية، وكمبيوتر. ومن ابرز التجديدات في هذه الهيكلية، الاهتمام بالتعرف المهني في التعليم العام واستحداث ما يسمى بالتدريب المهني المجزأ. وقد سمح صدور الهيكلية بمباشرة وضع مناهج جديدة.

على صعيد آخر، تم وضع مشروع خطة تسعى إلى تحسين نوعية التعليم المهني والتقني وتهدف الخطة إلى تنمية شاملة لقطاع التربية يتضمن ذلك الأبنية والتجهيزات بالإضافة إلى تمويل دراسات تشخيصية للتدريب والمناهج والكتب والإعلام.

أما بالنسبة إلى الجامعة اللبنانية، فلا خطة متكاملة لها إلى الآن. ولكن هناك مشروع المدينة الجامعية في الحدث الذي تقرر له ١٥٠ مليون دولار اميركي، ضمن خطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، نفذ جزء منه مع افتتاح كلية العلوم ومبنى المكتبة في أواخر عام ١٩٩٥ . من جهة أخرى هناك مشروع مشترك بين الأمم المتحدة  (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي /الأونيسكو) والبنك الدولي ووزارة الثقافة والتعليم العالي. يهدف إلى تطوير القدرات المؤسسية للوزارة، ويتضمن أيضا لعمل على دعم إعادة إعمار الجامعة اللبنانية وتحديث هياكلها الإدارية وأدواتها الإحصائية والمالية، وتعزيز قدرات البحث فيها.

إن الاستنتاج الرئيسي من هذا العرض هو ضرورة إيلاء التعليم أولوية واضحة على رأس جدول الأعمال نظراً لأن ثروة لبنان الرئيسية هي الناس، ما يعطي لتنمية الموارد البشرية أهمية اكبر عما هي في باقي البلدان. وبالتالي يفترض تسريع برامج إصلاح النظام التعليمي بمستوياته وقطاعاته كافة (الابتدائي، المهني والتقني، والعالي). كما لا بد من التركيز على نوعية التعليم وعلى تحسين مستويات الإنجاز الدراسي. إن التعليم وتنمية الموارد البشرية يقعان في قلب تنمية بشرية مستدامة ناجحة، ولا سيما في لبنان.

2- الانتساب للنظام التعليمي وفقاً للمراحل

لعله من المفيد أن يتم استعراض نسبة عدد المنتسبين إلى مؤسسات التعليم في لبنان في المراحل كلها، وكانت على الشكل الآتي:

- العناية بالطفولة المبكرة وتنميتها

في عام ١٩٩٩ ، بلغ المعدل الإجمالي للأولاد المنتسبين للمدارس والبالغين من العمر ٣ سنوات نسبة ٢٧ ٪، وللذين تتراوح أعمارهم بين ٤ و ٥ سنوات ٩٠ ٪.ويعتبر المعدل الأول منخفضاً ويمكن ردّه إلى كبر حجم العائلة والدعم الاجتماعي والنقص في المرافق. وثمة نظامان متوازيان للتعليم الذي يسبق المدرسة، وتحديداً نظام التعليم في القطاع الخاص المدفوع الأجر والذي يبدأ بقبول التلامذة اعتباراً من سن ٣ سنوات من جهة، ونظام التعليم في القطاع العام الذي يقبلهم من عمر ٤ سنوات من جهة أخرى. وقد بلغ معدّل الانتساب في المرحلة ما قبل الابتدائية (ما بين ٣ و٥ سنوات) 70و8 %.

- التعليم الأساسي

تعتبر معدلات الانتساب الصافي (نسبة الحضور) في التعليم الأساسي جيدة. فقد بلغ معدل الانتساب الصافي 96 % في المستوى الابتدائي و 88% في المستوى المتوسط وذلك عام ١٩٩٩. كما بلغ معدل الانتساب الصافي في مرحلة التعليم الأساسي نسبة ٩٢ ٪ . أما تحقق معدل انتساب يبلغ 100% فيستدعي فرض تنفيذ قانون التعليم الإلزامي (وضع في ١٩٩٨) للأولاد وذلك لغاية عمر ١٢ سنة. ويستحسن في هذا الصدد إن يصار إلى التقيّد بالشروط الدولية للتعليم الإلزامي ورفعه إلى عمر ١٥ سنة في أسرع وقت ممكن والحرص على تنفيذه.

العناية بالطفولة المبكرة شرط اساسي للتنمية.

من يأخذ بيدها؟!

- التعليم الثانوي

بلغ معدل الانتساب الإجمالي في التعليم الثانوي ٨٢ ٪ في عام ١٩٩٧ ، وهذه نسبة عادية إذا قارناها ببلدان عربية أخرى  (الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الأونيسكو، 1999)

- التعليم العالي

شمل قطاع مؤسسات التعليم العالي ٤٠ مؤسسة عام ٢٠٠٠ ، بينها ١٦ جامعة خاصة، و ٣٢ معهداً خاصاً وجامعة حكومية واحدة) الجامعة اللبنانية) تأوي ٦٥ ٪ من الطلاب والطالبات الجامعيين في لبنان. وعام ١٩٩٩ ، بلغ عدد الطلاب والطالبات المنتسبين لمؤسسات التعليم العالي ٣٢٨٣ طالباً وطالبة لكل ١٠٠٠٠٠ نسمة. ويعتبر هذا المعدل من أعلى المعدلات في العالم العربي، إلا انه معدل مبالغ فيه إلى حد ما بالنسبة الى لبنان بسبب ارتفاع نسبة المنتسبين في السنة الأولى (مثلاً، ٧٣ ٪ في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية). والمعدل المرتفع نسبياً لعدد الطلبة غير اللبنانيين (١٧,٩ في الجامعة الاميركية اللبنانية و ١٥,٤ ٪ في الجامعة ١٩٩٩) لذلك، لا بد من بذل الجهود / الاميركية في ١٩٩٨ لرفع معدل الاحتفاظ بطلاب السنة الأولى، وتحسين الفعالية الداخلية في الجامعة اللبنانية، وتنويه التعليم العالي لاجتذاب عدد اكبر من الشباب، وإنشاء نظام للتعلم عن بعد يوفّر الفرص التعليمية للذين تحول ظروفهم دون الانتقال إلى مكان آخر.

خلاصة واستنتاجات

  1. لم يعد مفهوم التنمية مستندا إلى النمو الاقتصادي فقط بل تطور ليشمل البعد السياسي الاجتماعي والثقافي والإنساني وعرفه إعلان"الحق في التنمية" عام ١٩٨٦ الصادر عن الأمم المتحدة بأنها "عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان والتي يمكن عن طريقها تطبيق حقوق الإنسان وتحقيق حرياته الأساسية".
  2. أن أهداف التنمية المستدامة (development durable) (sustainable development) هي القضاء على الفقر والعمل على تدعيم كرامة الإنسان وكبريائه وممارسة حقوقه وتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد عن طريق إدارة الدولة والمجتمع إدارة جيدة وعن طريق هذه الإدارة يمكن تحقيق كل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية.
  3. بذلت الحكومات المتعاقبة جهودا كبيرة في قطاع التعليم منذ نهاية الحرب الداخلية المؤلمة والمدمرة، وقد لحظت التقارير الدولية التي استندنا إليها هذه الجهود، ولكن يبقى أمام المسؤولين عن السياسات التعليمية والإدارات المعنية أن تعمل الشيء الكثير للنهوض بهذا القطاع باعتبار أن ثروة لبنان الأساسية هي الإنسان.
  4. يشكو هذا القطاع من ثغرات تنظيمية ومن سوء تطبيق الأنظمة والقوانين التي تنظم شؤون العاملين فيه وعدم تطبيق جيد للقرارات بخاصة تلك التي لها علاقة بإلزامية التعليم ومجانيته في الحلقتين الأولى والثانية من مرحلة التعليم الأساسي.
  5. يعد هذا القطاع من القطاعات البكر لجهة اعتماد البحث التربوي ونتائجه لحل مشكلاته ، علما بأنه تم اعتماد علم التربية  ومنذ أواخر الستينات كعلم تطبيقي، وان الكليات والمعاهد التي تعد معلمين لهذا القطاع هي مؤسسات تطبيقية مثل كليات الطب والهندسة ...الخ وبالتالي فان الحلول التي تعتمد لحل مشكلات هذا القطاع إنما تكون نتيجة دراسات وأبحاث علمية وليست آراء ورغبات ذاتية، ومن هنا أهمية التأكيد على اعتماد الأبحاث التربوية العلمية  الميدانية والتطبيقية  لحل مشكلات هذا القطاع في لبنان.
  6. يلاحظ أن مثل هذه التقارير الدولية وان كانت تصدر عن مؤسسات دولية وتطبق معايير لمؤتمرات عالمية إلا أن كاتبيها يغفلون عرض ومناقشة حقيقة أسباب استمرار تخلف المجتمعات وذلك ليس جهلا لها وربما طمساً لحقيقتها. يعتقد الباحث أن هذه التقارير على الرغم من أهميتها، تتحدث عن آلام المجتمعات المحرومة بأسلوب الترف الفكري، لا عجب في ذلك طالما أن أصحاب الحرمان لا يعملون بما فيه الكفاية للوقوف على الأسباب الحقيقة لحرمانهم والعمل على التخلص منه.

المصادر:

1- التقارير الوطنية:

  • 1997 ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان.
  • 1999  الشباب والتنمية.
  • 2001/2002 العولمة: نحو خطة عمل لبنانية. c

2- التنمية حرية، امارتيا صن، تر. شوقي جلال، عالم المعرفة، عدد ٣٠٣ /مايو ٢٠٠٤

3-  آفاق التنمية العربية المستدامة، سليم الحص )رئيس وزراء لبناني أسبق(، مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ /مايو/أيار ٢٠٠٥

4 - الموقع الالكتروني http://www.undp.org/nhdr2001/indicator     http://www.undp.org.lb

5- Sustainable Human Development, From Concept to Operation: A Guide to the Practitioner UNDP, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hayden

Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4.

6- مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن، وزارة الشؤون الاجتماعية - صندوق الأمم المتحدة للسكان ، ١٩٩٦

7- تطور التعليم في لبنان، رشراش عبد الخالق، مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة كلية التربية في الجامعة اللبنانية، مخطوط قيد النشر.

8- سلسلة علم التربية العام (أجزاء)، رشراش عبد الخالق وزميله، دار النهضة العربية، بيروت، ٢٠٠٢

9-  الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، مجلس الإنماء والإعمار، ملحق ٧، التعليم.

10- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠١

11- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠٤

12 - شؤون اليد العاملة، نجيب عيسى، برنامج اللقاءات الصناعية الذي نظمته جمعية الصناعيين اللبنانيين مع مؤسسة فريد ريش أيبرت، ١٩٩٣ ، غير منشور.

13- خطة النهوض التربوي ، المركز التربوي للبحوث والإنماء ، مطبعة المركز ،بيروت، ١٩٩٧

 

الهوامش:

١- سليم الحص (رئيس وزراء لبناني أسبق) آفاق التنمية العربية المستدامة.مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ ./مايو/أيار ٢٠٠٥

2- Guide to the Practitioner, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hyden, Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4

UNDP, Sustainable Human Development, From Concept to Operation 

3- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تقرير التنمية البشرية للعام ٢٠٠١ ص ١. انظر الموقع الالكتروني بتصرف http://www.undp.org/nhdr2001/indicator

٤- لقد ترك هذا الميل أثرا مباشراً على المنهجية ووسائل قياس التنمية، وعلى تحديد مؤشراتها.

5- ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان منشورات  UNDP بيروت ١٩٩٧، ص ١٧

6-  انظر: ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان، ١٩٩٧ ، منشورات UNDP

٧- م.س.

 

التنمية المستدامة في قطاعات التعليم في لبنان في ضوء التقارير الدولية

الدكتور رشراش عبد الخالق مستشار تكنولوجيا التعليم في المركز التربوي للبحوث والإن

يفرق الباحثون بين مصطلحي النمو والتنمية، فالنمو واقع حركة طبيعية وقد تكون تلقائية كما هو الحال في دول العالم المتقدم، أما التنمية فهي فعل إرادة تتولاه السلطة في أي بلد، فإذا ركزت خطط السلطة على تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز معدل نمو الاقتصاد الوطني يسمى تنمية اقتصادية، وإذا ركزت على إرساء قواعد العدالة والتوازن وبالتالي الاستقرار في المجتمع يسمى تنمية اجتماعية، وإذا ركزت على إطلاق طاقات التربية والعلم والفنون يسمى تنمية ثقافية...

ولا نسمع بسياسات تنموية تعتمدها دول الغرب الأكثر تقدما والتي تلتزم سياسات ليبرالية في الاقتصاد، حيث يقتصر دور الدولة في السهر على حسن أداء الاقتصاد والمجتمع فتعنى بوضع التشريعات والتنظيمات والضوابط الاقتصادية الكفيلة بحفظ مقومات الاستقرار والنمو على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وتتدخل في ميادين معينة مثل السياسة النقدية ومعدلات الفائدة ورصد أموال لتطوير البنى التحتية وعقد اتفاقات دولية....فالليبرالية ليست مطلقة بل وهي نسبية (1)

 

وفي الماضي القريب سارعت دول كثيرة، إلى وضع خطط ثلاثية وخماسية وعشرية للتنمية، حقق بعضها نتائج جيدة خلال فترة وجيزة في عدد من القطاعات، ولكن لوحظ أن أهداف الخطط المرسومة على الورق لم تتحقق في الواقع، بل تفاقمت المشكلات في بعض القطاعات وبخاصة تلك التي لها علاقة بجيل الشباب، إذ ظهر أن النموذج الغربي الذي أخذت به لم يكن مضمون النتائج وليس كما صور لها.

ويؤكد تقرير التنمية البشرية لعام ٢٠٠١ أن "التنمية البشرية'' تتجاوز ارتفاع المداخيل الوطنية أو تراجعها لتشمل عملية خلق مناخ يستطيع الناس في ظله تنمية طاقاتهم إلى أقصى حد والعيش حياة منتجة وخلاقة تتلاءم مع حاجاتهم ومصالحهم. فالناس هم الثروة الحقيقية للأوطان. وبهذا المعنى تم تعريف التنمية البشرية المستدامة بأنها عملية ''توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال بناء الرأسمال الاجتماعي، بحيث تتم تلبية احتياجات الأجيال الحالية بأكبر قدر ممكن من الإنصاف، من دون المساس بحقوق الأجيال القادمة" (2)

تتعلم كيف تبني بيت المستقبل

وهكذا تكون أهداف التنمية المستدامة هي: "توسيع خيارات الناس كي يعيشوا الحياة التي يطمحون إليها، وبناء القدرات البشرية لتوسيع هذه الخيارات، ولعل أهم القدرات هي أن يعيش الناس عمراً مديداً ويتمتعون بصحة جيدة ويمتلكون المعرفة اللازمة، والقدرة على الوصول إلى الموارد المطلوبة للعيش اللائق الكريم، إضافة إلى القدرة على المشاركة في حياة المجتمع المحلي (3)  

 

بين المنظور التقليدي والمنظور الجديد للتنمية

إن نماذج التنمية التقليدية أدخلت الدول والمجتمعات في سباق جامح لتحقيق سرعة اكبر في النمو المادي والاقتصادي (4) وكان طبيعيا أن تعتمد هذا المفهوم وتروج له الدول التي تملك الإمكانات المالية والتكنولوجية التي تقدر على زيادة الإنتاج والتوسع في العمران وبناء مظلة اجتماعية صحية واسعة تؤمن لمواطنيها الأمن الاجتماعي والاقتصادي ، وباتت الدول الغنية التي تملك المال والتكنولوجيا والصناعات والمهارات والبنى التحتية هي الأقدر على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وراحت الدول الفقيرة تلهث وراء هذا السراب من دون جدوى، 'فازداد الغني ثراء وازداد الفقير فقراً. وقد نتج عن هذا السباق الإنمائي مشكلات تتفاوت درجاتها بين المجتمعات الفقيرة والغنية أبرزها (5):

  • تقدّم البعض على حساب الآخرين نتيجة لاتساع التنظيمات والمجالات الاحتكارية ما أدى إلى ارتفاع نسبة غير القادرين على اللحاق بهذا السباق والى تفاقم خطر الإخلال بالتوازن المجتمعي.
  • كان للانماء المرتكز على تعظيم النمو المادي مردودٌ عكسيٌ في البلدان التي دخلتها الوسائل والتكنولوجيات الحديثة والسلع المنتجة بواسطتها بشكل عفوي وفجائي وسريع، إذ أدى ذلك إلى إحداث اختلال في توازن بنيانها الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي.
  • إفقار الطبيعة واستنفاد مواردها نتيجة استغلالها غير العقلاني وعدم الاهتمام بتجديد هذه الموارد، ما يهدد بازدياد الفقر وتدهور نوعية الحياة على الأرض.
  • التركيز على التقدم المادي الكمي على حساب التقدم الإنساني النوعي.  

وتبدو الحصيلة العامة لنموذج التنمية التقليدي، صعوبة متزايدة  -إن لم نقل شبه استحالة- في زيادة معدلات النمو الاقتصادي بشكل مستمر، أو تحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية في توزيع عائده، في ظلّ التراجع الخطير في وضع الموارد الطبيعية التي استثمر العديد منها حتى الاستنفاد في بعض البلدان.

في ضوء ذلك برزت أهمية إعادة النظر في مفهوم وسلّم اولويات التنمية وتحديد جهاتها للانتقال من المنظور التكاثري التزايدي الاحتكاري إلى المنظور التنموي البشري البعيد المدى، والذي يطمح إلى تمتين الصلة بين الإنسان والمجتمع والموارد والبيئة في إطار حقوقي مدني ومواطني، فكان مفهوم التنمية المستدامة المشار إليه سابقا.

 

التنمية البشرية المستدامة في قطاع التعليم

إن البحث في قطاع التربية، من منظور التنمية البشرية المستدامة، يثير الأسئلة الآتية:اولادنا أي مستقبل ينتظرهم.

  1. ما الذي تزوّد به المدرسة (في التعليم العام) مرتاديها ليصيروا قادرين على المشاركة في عملية النمو والمشاركة في عائداته؟ (دور التربية في التأهيل واكتساب المعارف).
  2. ما نسبة الذين يحصلون على هذا الزاد، من بين أفراد المجتمع؟ (الفرص الدراسية المتاحة).
  3. كيف ينتظم التعليم بصورة تسمح لمرتاديه بالتفاعل في ما بينهم وبتوفير قاعدة مشتركة وآليات تساهم في تدعيم تماسك النسيج الاجتماعي؟ (دور القطاع التربوي على صعيد تعزيز الاندماج الاجتماعي).
  4. ما الإجراءات المتخذة حالياً من قبل السلطات العامة أو الإجراءات المنشودة، التي تفتح الباب أمام مساهمة أوسع في بناء المستقبل؟ (السياسة التربوية الحالية). إن قياس مساهمة التربية في التنمية البشرية المستدامة يبنى على تفحص قدرة النظام التربوي على التمكين الفردي والجماعي، والمساهمة في تفعيل ديناميات النسيج الاجتماعي المؤدية إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتعزيز فرص التنمية البشرية المستدامة على مختلف المستويات. ونعتمد أدناه اثني عشر مؤشراً لتفحص قدرة النظام التربوي في لبنان على تحقيق هذه الأهداف. ثم ننتقل إلى أمر السياسات المعتمدة من اجل تطوير هذا النظام.

١- السياسة التربوية (6)

ثمة بيانات وخطط تؤشر على النية لمواجهة مشكلات النظام التربوي وتطويره، بما يسمح بمساهمة أفضل في تنمية بشرية مستدامة تستطيع أن تواكب تحديات العصر. ففي هذا الصدد، اعتبر اتفاق الطائف في قسمه الأول (تحت عنوان المبادئ العامة والإصلاحات) موضوع التربية واحداً من خمسة قضايا اهتم بإصلاحها. وكذلك أكدت البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة بعد انتهاء الحرب، على أولوية التربية والتعليم، وتعزيز تكافؤ الفرص التعليمية، وإصلاح المناهج، وتأهيل الهيئة التعليمية.  

والمبالغ المخصصة في الميزانية العامة تشير الى عدم توافق الإنفاق مع مضمون النوايا المعلنة في الخطاب الرسمي (اتفاق الطائف والبيان الوزاري). وفي الوقت الذي تنخفض فيه حصة موازنة التربية من الموازنة العامة الى نحو نصف الحصة التي كانت لها في الثمانينيات وربع حصتها في السبعينيات، فإنها مخصصة بصورة شبه كلية لتسيير التعليم الرسمي (أجور ورواتب ٩١,٧ ٪ عام ١٩٩٥) ودعم التعليم الخاص المجاني. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تقدير التفتيش التربوي أن هناك خمسة آلاف معلم فائض، من اصل ٢٥ ألفا،

يكون هناك نحو خمس الإنفاق يذهب هدراً. وقيمة هذا الهدر توازي أربعة أضعاف ما هو مخصص للاستثمار، وثلاثة إضعاف ما هو مخصص للتشغيل في حصة وزارة التربية من الموازنة العامة(٧).

لكن الموازنة العادية ليست هي المجال الوحيد الذي يجسّد السياسة التربوية. فهناك أيضا خطط وبرامج أطلقت على هامش هذه الموازنة، أبرزها برنامج النهوض بالقطاع التربوي الذي تتضمنه الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، ويشكل ١٣,١ ٪ أو ١,٥٣٠ مليون دولار اميركي من مجمل البرنامج ( مراجعة ١٩٩٤) وهي لم تتغير كثيرا في السنوات اللاحقة.

يركز هذا البرنامج على التعليم الرسمي من جهة وعلى البنية التحتية لهذا القطاع من جهة ثانية. وهذا يعني أن السياسة المعتمدة في الإنفاق تقوم على تحسين شروط استيعاب التلامذة في التعليم الرسمي. فمن أصل ثمانية مشروعات نصت عليها الخطة ٢٠٠٠ ، هناك مشروع واحد يتعلق بالنواحي النوعية في التعليم (خصص له ١٠ ملايين دولار اميركي)، فيما المشاريع السبعة الباقية تتعلق بالإنشاءات والتجهيزات. وهذا يعني أن خطة العام ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار تعوّض مبدئياً النقص الحاصل في مخصصات الموازنة العادية، إذ تخصص أموالا كبيرة تنفق على تجميع المدارس، وعلى الأبنية المدرسية.

أما الجزء الخاص بباقي الشأن التربوي (معلمون ومناهج وكتب، الخ...) فهو ملقى على عاتق خطة النهوض التربوي في التعليم العام، وهي مسؤولية المركز التربوي للبحوث والإنماء. ويمكن القول إن"خطة النهوض التربوي" التي أقرّها مجلس الوزراء هي برنامج تشمل وظائفه الأساسية: الإدارة المدرسية، المناهج، الكتاب المدرسي، الوسائل التعليمية، تدريب المعلمين، الأبنية المدرسية، التعليم المختص، النشاطات الشبابية والرياضية، الخدمات التربوية، التوجيه والإعلام التربويان.

شكّل صدور هيكلية جديدة للتعليم في لبنان في أوائل ١٩٩٦ الخطوة الأولى على طريق تنفيذ خطة النهوض؛ وهي تهدف إلى بلوغ مستوى الالتحاق الكامل في التعليم الابتدائي إذ أقرت مبدأ التعليم الإلزامي من ٦ إلى ١٢ سنة والترفيع التلقائي في الصفوف الثلاثة الأولى. وهي تضع أهدافا جديدة لمرحلة التعليم تركز على المهارات والقيم والاتجاهات المدنية. ويتضمن توزيع الساعات لغة أجنبية ثانية، ونشاطات فنية ورياضية، وكمبيوتر. ومن ابرز التجديدات في هذه الهيكلية، الاهتمام بالتعرف المهني في التعليم العام واستحداث ما يسمى بالتدريب المهني المجزأ. وقد سمح صدور الهيكلية بمباشرة وضع مناهج جديدة.

على صعيد آخر، تم وضع مشروع خطة تسعى إلى تحسين نوعية التعليم المهني والتقني وتهدف الخطة إلى تنمية شاملة لقطاع التربية يتضمن ذلك الأبنية والتجهيزات بالإضافة إلى تمويل دراسات تشخيصية للتدريب والمناهج والكتب والإعلام.

أما بالنسبة إلى الجامعة اللبنانية، فلا خطة متكاملة لها إلى الآن. ولكن هناك مشروع المدينة الجامعية في الحدث الذي تقرر له ١٥٠ مليون دولار اميركي، ضمن خطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، نفذ جزء منه مع افتتاح كلية العلوم ومبنى المكتبة في أواخر عام ١٩٩٥ . من جهة أخرى هناك مشروع مشترك بين الأمم المتحدة  (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي /الأونيسكو) والبنك الدولي ووزارة الثقافة والتعليم العالي. يهدف إلى تطوير القدرات المؤسسية للوزارة، ويتضمن أيضا لعمل على دعم إعادة إعمار الجامعة اللبنانية وتحديث هياكلها الإدارية وأدواتها الإحصائية والمالية، وتعزيز قدرات البحث فيها.

إن الاستنتاج الرئيسي من هذا العرض هو ضرورة إيلاء التعليم أولوية واضحة على رأس جدول الأعمال نظراً لأن ثروة لبنان الرئيسية هي الناس، ما يعطي لتنمية الموارد البشرية أهمية اكبر عما هي في باقي البلدان. وبالتالي يفترض تسريع برامج إصلاح النظام التعليمي بمستوياته وقطاعاته كافة (الابتدائي، المهني والتقني، والعالي). كما لا بد من التركيز على نوعية التعليم وعلى تحسين مستويات الإنجاز الدراسي. إن التعليم وتنمية الموارد البشرية يقعان في قلب تنمية بشرية مستدامة ناجحة، ولا سيما في لبنان.

2- الانتساب للنظام التعليمي وفقاً للمراحل

لعله من المفيد أن يتم استعراض نسبة عدد المنتسبين إلى مؤسسات التعليم في لبنان في المراحل كلها، وكانت على الشكل الآتي:

- العناية بالطفولة المبكرة وتنميتها

في عام ١٩٩٩ ، بلغ المعدل الإجمالي للأولاد المنتسبين للمدارس والبالغين من العمر ٣ سنوات نسبة ٢٧ ٪، وللذين تتراوح أعمارهم بين ٤ و ٥ سنوات ٩٠ ٪.ويعتبر المعدل الأول منخفضاً ويمكن ردّه إلى كبر حجم العائلة والدعم الاجتماعي والنقص في المرافق. وثمة نظامان متوازيان للتعليم الذي يسبق المدرسة، وتحديداً نظام التعليم في القطاع الخاص المدفوع الأجر والذي يبدأ بقبول التلامذة اعتباراً من سن ٣ سنوات من جهة، ونظام التعليم في القطاع العام الذي يقبلهم من عمر ٤ سنوات من جهة أخرى. وقد بلغ معدّل الانتساب في المرحلة ما قبل الابتدائية (ما بين ٣ و٥ سنوات) 70و8 %.

- التعليم الأساسي

تعتبر معدلات الانتساب الصافي (نسبة الحضور) في التعليم الأساسي جيدة. فقد بلغ معدل الانتساب الصافي 96 % في المستوى الابتدائي و 88% في المستوى المتوسط وذلك عام ١٩٩٩. كما بلغ معدل الانتساب الصافي في مرحلة التعليم الأساسي نسبة ٩٢ ٪ . أما تحقق معدل انتساب يبلغ 100% فيستدعي فرض تنفيذ قانون التعليم الإلزامي (وضع في ١٩٩٨) للأولاد وذلك لغاية عمر ١٢ سنة. ويستحسن في هذا الصدد إن يصار إلى التقيّد بالشروط الدولية للتعليم الإلزامي ورفعه إلى عمر ١٥ سنة في أسرع وقت ممكن والحرص على تنفيذه.

العناية بالطفولة المبكرة شرط اساسي للتنمية.

من يأخذ بيدها؟!

- التعليم الثانوي

بلغ معدل الانتساب الإجمالي في التعليم الثانوي ٨٢ ٪ في عام ١٩٩٧ ، وهذه نسبة عادية إذا قارناها ببلدان عربية أخرى  (الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الأونيسكو، 1999)

- التعليم العالي

شمل قطاع مؤسسات التعليم العالي ٤٠ مؤسسة عام ٢٠٠٠ ، بينها ١٦ جامعة خاصة، و ٣٢ معهداً خاصاً وجامعة حكومية واحدة) الجامعة اللبنانية) تأوي ٦٥ ٪ من الطلاب والطالبات الجامعيين في لبنان. وعام ١٩٩٩ ، بلغ عدد الطلاب والطالبات المنتسبين لمؤسسات التعليم العالي ٣٢٨٣ طالباً وطالبة لكل ١٠٠٠٠٠ نسمة. ويعتبر هذا المعدل من أعلى المعدلات في العالم العربي، إلا انه معدل مبالغ فيه إلى حد ما بالنسبة الى لبنان بسبب ارتفاع نسبة المنتسبين في السنة الأولى (مثلاً، ٧٣ ٪ في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية). والمعدل المرتفع نسبياً لعدد الطلبة غير اللبنانيين (١٧,٩ في الجامعة الاميركية اللبنانية و ١٥,٤ ٪ في الجامعة ١٩٩٩) لذلك، لا بد من بذل الجهود / الاميركية في ١٩٩٨ لرفع معدل الاحتفاظ بطلاب السنة الأولى، وتحسين الفعالية الداخلية في الجامعة اللبنانية، وتنويه التعليم العالي لاجتذاب عدد اكبر من الشباب، وإنشاء نظام للتعلم عن بعد يوفّر الفرص التعليمية للذين تحول ظروفهم دون الانتقال إلى مكان آخر.

خلاصة واستنتاجات

  1. لم يعد مفهوم التنمية مستندا إلى النمو الاقتصادي فقط بل تطور ليشمل البعد السياسي الاجتماعي والثقافي والإنساني وعرفه إعلان"الحق في التنمية" عام ١٩٨٦ الصادر عن الأمم المتحدة بأنها "عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان والتي يمكن عن طريقها تطبيق حقوق الإنسان وتحقيق حرياته الأساسية".
  2. أن أهداف التنمية المستدامة (development durable) (sustainable development) هي القضاء على الفقر والعمل على تدعيم كرامة الإنسان وكبريائه وممارسة حقوقه وتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد عن طريق إدارة الدولة والمجتمع إدارة جيدة وعن طريق هذه الإدارة يمكن تحقيق كل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية.
  3. بذلت الحكومات المتعاقبة جهودا كبيرة في قطاع التعليم منذ نهاية الحرب الداخلية المؤلمة والمدمرة، وقد لحظت التقارير الدولية التي استندنا إليها هذه الجهود، ولكن يبقى أمام المسؤولين عن السياسات التعليمية والإدارات المعنية أن تعمل الشيء الكثير للنهوض بهذا القطاع باعتبار أن ثروة لبنان الأساسية هي الإنسان.
  4. يشكو هذا القطاع من ثغرات تنظيمية ومن سوء تطبيق الأنظمة والقوانين التي تنظم شؤون العاملين فيه وعدم تطبيق جيد للقرارات بخاصة تلك التي لها علاقة بإلزامية التعليم ومجانيته في الحلقتين الأولى والثانية من مرحلة التعليم الأساسي.
  5. يعد هذا القطاع من القطاعات البكر لجهة اعتماد البحث التربوي ونتائجه لحل مشكلاته ، علما بأنه تم اعتماد علم التربية  ومنذ أواخر الستينات كعلم تطبيقي، وان الكليات والمعاهد التي تعد معلمين لهذا القطاع هي مؤسسات تطبيقية مثل كليات الطب والهندسة ...الخ وبالتالي فان الحلول التي تعتمد لحل مشكلات هذا القطاع إنما تكون نتيجة دراسات وأبحاث علمية وليست آراء ورغبات ذاتية، ومن هنا أهمية التأكيد على اعتماد الأبحاث التربوية العلمية  الميدانية والتطبيقية  لحل مشكلات هذا القطاع في لبنان.
  6. يلاحظ أن مثل هذه التقارير الدولية وان كانت تصدر عن مؤسسات دولية وتطبق معايير لمؤتمرات عالمية إلا أن كاتبيها يغفلون عرض ومناقشة حقيقة أسباب استمرار تخلف المجتمعات وذلك ليس جهلا لها وربما طمساً لحقيقتها. يعتقد الباحث أن هذه التقارير على الرغم من أهميتها، تتحدث عن آلام المجتمعات المحرومة بأسلوب الترف الفكري، لا عجب في ذلك طالما أن أصحاب الحرمان لا يعملون بما فيه الكفاية للوقوف على الأسباب الحقيقة لحرمانهم والعمل على التخلص منه.

المصادر:

1- التقارير الوطنية:

  • 1997 ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان.
  • 1999  الشباب والتنمية.
  • 2001/2002 العولمة: نحو خطة عمل لبنانية. c

2- التنمية حرية، امارتيا صن، تر. شوقي جلال، عالم المعرفة، عدد ٣٠٣ /مايو ٢٠٠٤

3-  آفاق التنمية العربية المستدامة، سليم الحص )رئيس وزراء لبناني أسبق(، مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ /مايو/أيار ٢٠٠٥

4 - الموقع الالكتروني http://www.undp.org/nhdr2001/indicator     http://www.undp.org.lb

5- Sustainable Human Development, From Concept to Operation: A Guide to the Practitioner UNDP, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hayden

Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4.

6- مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن، وزارة الشؤون الاجتماعية - صندوق الأمم المتحدة للسكان ، ١٩٩٦

7- تطور التعليم في لبنان، رشراش عبد الخالق، مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة كلية التربية في الجامعة اللبنانية، مخطوط قيد النشر.

8- سلسلة علم التربية العام (أجزاء)، رشراش عبد الخالق وزميله، دار النهضة العربية، بيروت، ٢٠٠٢

9-  الخطة ٢٠٠٠ للإنماء والإعمار، مجلس الإنماء والإعمار، ملحق ٧، التعليم.

10- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠١

11- النشرة الإحصائية، المركز التربوي للبحوث والإنماء، دائرة الإحصاء ٢٠٠٤

12 - شؤون اليد العاملة، نجيب عيسى، برنامج اللقاءات الصناعية الذي نظمته جمعية الصناعيين اللبنانيين مع مؤسسة فريد ريش أيبرت، ١٩٩٣ ، غير منشور.

13- خطة النهوض التربوي ، المركز التربوي للبحوث والإنماء ، مطبعة المركز ،بيروت، ١٩٩٧

 

الهوامش:

١- سليم الحص (رئيس وزراء لبناني أسبق) آفاق التنمية العربية المستدامة.مجلة المستقبل العربي،عدد ٣١٥ ./مايو/أيار ٢٠٠٥

2- Guide to the Practitioner, a discussion paper by Tariq Banuri, Goran Hyden, Calestous Juma, Marcia Rivera, New York, August 1994, p.4

UNDP, Sustainable Human Development, From Concept to Operation 

3- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تقرير التنمية البشرية للعام ٢٠٠١ ص ١. انظر الموقع الالكتروني بتصرف http://www.undp.org/nhdr2001/indicator

٤- لقد ترك هذا الميل أثرا مباشراً على المنهجية ووسائل قياس التنمية، وعلى تحديد مؤشراتها.

5- ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان منشورات  UNDP بيروت ١٩٩٧، ص ١٧

6-  انظر: ملامح التنمية البشرية المستدامة في لبنان، ١٩٩٧ ، منشورات UNDP

٧- م.س.