المشكلات النفسية السلوكية عند الأطفال: كذب، سرقة، عصيان و عدوانية( بيبي أسبابها، الوقاية و العلاج

 د.هدى الحسيني بيبيهنالك فروقات فردية بين البشر من حيث اختلاف حاجاتهم كمّاً و كيفاً ، واختلاف طبيعة قيمهم الفردية. هذه الحاجات والقيم تتغيّر وفقاً لظروف خاصة تواجههم في حياتهم اليومية. و إذا لم يوفّقوا في تلبية حاجة معيّنة، لن يتمكنوا من التخطيط لتلبية الحاجة التالية. عندها يصابون بالإحباط والقلق و الضياع و انعدام الرغبة في التعلّم و تدنّي اعتبار الذات، و غيرها من الاضطرابات النفسية الانفعالية التي تحول دون نموّهم النفسي والاجتماعي. وفي قدرتهم على تحقيق هذه الحاجات تكون شخصيتهم قد نمت نفسياً واجتماعياً لترتقي صعوداً إلى القمّة محقّقة الصحة النفسية والسعادة

 

من هذا المنطلق، يحدد الهرم (هرم الحاجات النمائية) ٣٥ حاجة أو قيمة يحتاجها الفرد خلال مشوار حياته. و هذه الحاجات مقسّمة إلى خمسة محاور سوف نعالج محوراً واحداً منها، وهو المحور الاجتماعي: الحاجة إلى الحب والتعاون والصداقة والانتماء والشعور مع الآخرين.

ومن الضروري الإشارة إلى أنه في حال لم يستطع الفرد تحقيق أية حاجة من هذه الحاجات في هذا المحور الاجتماعي بالذات، يصاب بالاحباط وعدم التكيّف ما يؤدي إلى دفعه لسلوكيات غير مستحبة و غير مقبولة بتاتاً من أسرته  ورفاقه ومجتمعه وبالتالي وضعه في مأزق حرج ينبذه المجتمع ويتجنّبه.

باختصار، هذه هي أسباب المشكلات النفسيّة والاجتماعية التي يواجهها الفرد. وسوف يتطرق هذا البحث إلى معالجة أربع مشكلات يمكن تصنيفها خطرة هي: الكذب، السرقة، العصيان والعدوانية.

١. الكذب:
1.1 تحديده:
إنه ذكر شيء غير حقيقي، مع معرفة بأنه كذب وبنية غش أو خداع آخر من أجل الحصول على فائدة أو من أجل التملّص من أشياء غير سارة. ومع أن جميع الأولاد يكذبون أحياناً، إلا أن الأهل يميلون إلى اعتبار الصدق سمة شخصية أساسية أكثر من جميع السمات الأخرى ويشعرون بالانزعاج عندما يكون ولدهم غير صادق. ويجد الأطفال (أطفال مرحلة ما قبل المدرسة) صعوبة في التمييز ما بين الخيال والحقيقة، ونتيجة لذلك فهم عرضة لخداع الذات وللمبالغة وللتفكير الرغبي للمقابل. فإن الولد في سن المدرسة أكثر احتمالاً لذكر الأكاذيب من النوع "اللاإجتماعي" حيث يتم ذكر الأكذوبة عن قصد لتجنب العقاب أوللحصول على مكاسب على حساب الآخرين أو كي يحطّ من قدرهم.

ويختلف الأولاد في مستوى نموّهم الأخلاقي وفي فهمهم للصدق. ويميّز بياجيه (Piaget) بين ثلاث مراحل لمعتقدات الأولاد حول الكذب. ففي المرحلة الأولى، يعتقد الولد بأن الكذب خطأ لأنه موضوع تتمّ المعاقبة عليه من قبل الكبار. ولو تمّ إلغاء العقاب، لأصبح الكذب مقبولاً.
وفي المرحلة الثانية يصبح الكذب شيئاً خاطئاً بحد ذاته ويظلّ كذلك حتى لو تمّ إلغاء العقوبة.
وفي المرحلة الثالثة "يكون الكذب خطأ لأنه يتعارض مع التعاطف والاحترام المتبادل".

2.1 أسباب الكذب : أهم الأسباب:

  • الدفاع عن النفس: التهرب من النتائج غير السارة للسلوك.
  • الإنكار: تجنب الذكريات المؤلمة.
  • التقليد: تقليد الكبار.
  • التفاخر: التباهي للحصول على الإعجاب ولفت النظر.
  • اختبار الواقع: محاولة لمعرفة الواقع من الخيال (الفرق بينهما)
  • الولاء: لحماية آخرين.
  • العداء: التصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
  • المكسب الشخصي.
  • صورة الذات:الاقتناع بأنه كاذب.
  • عدم الثقة : عدم ثقة الأهل تدفعه إلى الكذب.

3.1 الوقاية منه:

  • لا تطلب منه أن يشهر عنّي شيئاً سيئاً.
  • التزم بمعيار الصدق الذي وضعته.
  • تجنّب استخدام العقاب الشديد أو المتكرر الذي يؤدي إلى تنمية الكذب كوسيلة للدفاع عن النفس.
  • ناقش القضايا الأخلاقية داخل الأسرة لتوضيح لماذا يعتبر الكذب والغش والسرقة أعمالاً سيئة، واجعل المناقشات شيّقة وتثقيفية.
  • كن صادقاً أنت في ممارساتك فإن الصدق هو سلوك مكتسب.

4.1 كيفيّة علاج الكذب:
الكذب هو آفة، وهو من أصعب المشكلات التي من الممكن حلّها ومعالجتها. وعلى المرشد أو المعالج اتّباع الطرق الآية:

  • الإرشاد: جلسات إرشادية لتوضيح معنى الصدق وسلبيات الكذب والراحة النفسيّة عند قول الصدق.
  • توضيح القيم الأخلاقية والاجتماعية: ويتم ذلك من خلال المناقشة والحوار. ومن هذه القيم، الثقة والاحترام  المتبادل المبني على التواصل الصادق.
  • التغذية المرتدة الدافعية: الطلب من الطفل التركيز على تسلسل الأحداث وعلى تورطه من خلال أسئلة محددة تحليلية.

حالة سامي نموذج تحليل

سامي في التاسعة من عمره كثيراً ما يكذب على أهله ومعلميه ورفاقه، ويكون كذبه إما محاولة لتفادي العقاب أو وسيلة ليظهر نفسه بطلاً أو شخصاً مهماً. وكخطوة أولى وافق الأهل على تحديد جزاءات للكذب معقولة ومتفق عليها. وبعد نقاش دار بين سامي والأهل، تم الاتفاق على أن يمنع الولد من مشاهدة التلفاز في أي يوم يكذب فيه، وقد استخدمت هذه الطريقة لأن مشاهدة التلفاز تعتبر نشاطاً مهماً لسامي. وقد وجد سامي أن هذه الخسارة مهمة بالنسبة اليه. وبالإضافة إلى ذلك، اتفق على أنه إذا كذب الولد في يومين من أيام الأسبوع الواحد فإنه يخسر ألف ليرة من مصروفه الأسبوعي. أما حاجته للشعور بالأهمية فقد عولجت من خلال زيادة اهتمام أهله بالثناء عليه وتقديره. وقد تم تحقيق ذلك من خلال زيادة العبارات الإيجابية التي تقال لسامي. كما كانت تعطى ملاحظات من قبل الأهل تعبر عن سرورهما برؤية زيادة في صدق سامي. فقد وافقا على التعليق على صدقه في وصف الأحداث واعترافه بصعوباته. ولقد أقرّ الأهل بأن رد فعلهم السابق لم يكن يتضمن أبداً امتداح السلوك الحسن، وإنما تقريع السلوك الخاطئ (خصوصاً الكذب) وانتقاده. وخلال الشهر الأول، خسر الولد ألف ليرة مرتين بسبب (الكذب في يومين خلال أحد الأسابيع وثلاثة أيام في أسبوع آخر). وخلال الأسبوع الثالث فقد فرصة مشاهدة التلفاز ليلة واحدة فقط، وكان الأسبوع الرابع ممتازاً. وقد طلب من الأهل إشراكه في مكافأة خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي يوم الأحد صحب الأب سامي إلى البحر وبعد ذلك دعاه إلى تناول البوظة. ومع شعور الجميع بالرضا، فإن الكذب انخفض بشكل ملحوظ بعد شهر واحد. وقد تمّ وقف النظام بعد ذلك حيث شعر الجميع أنه لم تعد له حاجة.

2. السرقة أو عدم الأمانة:
1.2 تحديدها:

عندما يتطور الكذب ولا يعالج يصبح الولد الكذاب غشاشاً ومن ثم سارقأً ومن ثم مجرماً.
تعريف السرقة: امتلاك شيء لا يخص الولد. تسمى سرقة إذا عرف الولد أن من الخطأ أن يأخذ شيأً من دون إذن صاحبه.
حوادث السرقة البسيطة في مرحلة الطفولة الباكرة شائعة جداً، وهي تميل إلى بلوغ ذروتها في حوالى عمر  5 -8 سنوات ومن ثم تبدأ بالتناقص. ينمو الضمير بشكل بطيء عند الأولاد كلما ابتعدوا تدريجياً عن اتجاه يتمركز حول الذات والإشباع الفوري لدوافعهم.

ومن بين جميع المشكلات السلوكية تعتبر السرقة أكثرها إثارة للقلق، حيث يرونها نموذجاً للسلوك الإجرامي ما يولد الخوف في قلوبهم. وإذا استمرت السرقة العادية بعد سن العشر سنوات فإنها على الأرجح علامة على وجود اضطراب انفعالي خطير عند الطفل وهي بحاجة إلى مساعدة متخصصة فورية.

2.2 الأسباب:
نقص خطير لشيء ما في حياة الطفل، وبالتالي تكون السرقة تعويضاً رمزياً لغياب الحب الأبوي والاهتمام أو الاحترام أو المودة. إن الأحداث المنحرفين والذين يتورطون باستمرار في أشكال مختلفة من السلوكيات اللاإجتماعية يكونون في الغالب من أسر تتصف بالإدمان الأبوي على الكحول والجريمة والتنشئة الأسرية السيئة التي تتسم بالنبذ التام للأولاد، وتتمظهر هذه الاسباب من خلال:

  • اختيار نموذج سيء للاقتداء به من أجل تدعيم احترام الذات والاستمتاع بالاستثارة وحس المغامرة.
  • لأنهم لا يمتلكون نقوداً لشراء ما يرغبون، كونهم من خلفية اقتصادية اجتماعية متدنية يجدون صعوبة في احترام ملكية الآخرين.
  • طريقة في الانتقام من الأهل بشكل لاشعوري، إذ يسبب الطفل إحراجاً لهم عندما يقوم بالسرقة.
  • وجود توتر داخلي عند الطفل مثل الغضب، الغيرة والاكتئاب الذي يتم التنفيس عنه من خلال السرقة.
  • إصابة الطفل بالإحباط وعدم قدرته على تحمله وعدم مقاومته لإغراء السرقة.

3.2 طرق الوقاية:
أن يكون الأهل قدوة.

  • تعليم الطفل القيم واعطاء قيمة كبيرة للأمانة الشخصية واحترام ممتلكات الغير.
  • تعليم الطفل معنى الخير العام.
  • تنمية علاقة حميمية مع الطفل.
  • تأمين مصروفٍ منتظم.
  • الإشراف المباشر على الطفل.
  • شرح حقوق الملكية داخل البيت وخارجه، وسلبيات الاستعارة والإعارة.

4.2 طرق المعالجة:
اتخاذ إجراءٍ فوري تصحيح/ مواجهة/ تفهم (لماذا)/ الحوار والاهتمام/

  • مساعدته لتطوير ضمير ناضج بعيد عن الأنا/ مساعدته في إثبات قوته وبراعته في توجيهه إلى مصادر بديلة عن اثبات الذات من خلال السرقة.
  • ضبط الأعصاب والاستجابة بهدوء والسيطرة على الثورة الانفعالية وعدم مبالغة الأهل في الغضب أو الشعور بالصدمة وخيبة الأمل. (يجب عدم مطالبته بالاعتراف لأن هذا يرغمه على الكذب).
  • المراقبة والإشراف المباشر من قبل الأهل: يحتاج الطفل لأن يعرف بشكل أكيد بأنه لن يتمكن من الإفلات من العقاب، بغض النظر عن أكاذيبه الذكية أو التمويهات. وينبغي مواجهته بكل حادث سرقة وعدم تقبل أي تبريرات أو تفسيرات أو اعتذارات.

3. (عدم الطاعة) العصيان:
1.3 تحديدها:

رفض الاستجابة للقوانين المنطقية التي يفرضها الأهل.

يصل سلوك العصيان ذروته خلال عمر السنتين، ويتناقص بشكل طبيعي تدريجيًا. ثم تظهر السلبية مرة اخرى خلال سنوات المراهقة.
ينبغي أن ينظر إلى كمية معقولة من عدم الطاعة على أنه تعبير صحي عن الأنا التي تسعى إلى الاستقلالية والتوجيه الذاتي. إن بعض الاطفال يعصون باستمرار ويقاومون أي طلب بشكل أوتوماتيكي. ويظهر العصيان غير السوي بشكل أكثر تكرارًا وأكثر شدة ويدوم لفترة أطول من الوقت من النوع السوي.
هناك ثلاثة أشكال رئيسة للعصيان:

  • شكل المقاومة السلبية: يتأخر في امتثاله، ويتهجم، ويصبح حزينًا، هادئًا ومنسحبًا، أو يشكو ويتذمر من أن عليه أن يطيع، أو أنه يمتثل لحرفية التعليمات ولكن ليس لروح القانون.
  • العصيان الحاقد: ويؤدي إلى قيام الولد بعكس ما طلب منه تمامًا. فالولد الذي يطلب منه ان يهدأ يصرخ بصوت أعلى.
  • التحدي الظاهر: ''لن أفعل ذلك'' حيث يكون الولد مستعدًا لتوجيه إساءة لفظية أو للانفجار في ثورة غضب للدفاع عن موقفه.
  • 2.3 أسبابها:
  • النظام المتساهل والاحجام بتاتًا عن قول "لا"
  • القسوة المفرطة أو النظام الصارم وتسلط الأهل ونقدهم بشكل زائد.
  • عدم الثبات في التربية، (عندما لا يستطيع الأهل الاتفاق على معايير سلوكية أو فرض قوانين).
  • الأهل المتوترون أو في حالة صراع.
  • الأهل المهملون لدورهم بسبب ضغوطات العمل.
  • الولد المبدع والقوي الارادة.
  • الولد المتعب أو المريض.
  • الذكاء الشديد (كلما كان الولد أكثر ذكاءً، كلما زاد احتمال أن يكون مطيعًا للمطالب المعقولة).

3.3 طرق الوقاية:

  • بناء علاقة وثيقة مع الطفل وتخصيص بعض الوقت يوميًا لاعطائه اهتماماً خاصًا.
  • الاستجابة لطلبات الولد قدر الامكان مع اعتبار "قانون التبادل".
  • عدم التسلط وإعطاء أوامر غير منطقية وغير قابلة للتطبيق.
  • احترام القوانين من قبل الأهل وأن يكونوا قدوة في اتباعها.
  • وضع قواعد: أن أي طلب يطلب من الولد هو بمثابة قاعدة وليس أمام الطفل أي خيار الا أن يمتثل.
  • فرض القواعد: وذلك من خلال الثبات والحزم وعدم التساهل يومًا والتشدد يومًا آخر. ومن خلال استخدام جزاءات أو عقوبات منطقية وتجنب الافراط في القسوة في العقوبات.

4.3 طرق المعالجة:

  • التعزيز الإيجابي: الثناء كلما أذعن الولد للمطالب. إن المكافآت المادية لسلوك الطاعة كانت فعالة مع الاولاد في عمر ١٢ سنة فما دون. وفي حال الاولاد من عمر 7-12 سنة يمكن استخدام نظام نقاط لتعزيز الطاعة. أما بالنسبة للأولاد ما بين 2-5 سنوات فيمكن وضع نجمة على اللوحة في كل مرة يطيع فيها الولد، وإعطاؤه بعدها مكافأة مادية يحبها.
  • القصاص أو الجزاءات التي تنبهه إلى انه أخلّ بالنظام وتغاضي عن القاعدة. ويأتي القصاص في حال فشل التعزيز الايجابي.
  • استخدام التأنيب الفعال لتحذير الولد من العواقب السيئة التي تترتب على استمراره في سلوك عدم الطاعة.
  • إقران المكافأة بالعقاب. الثناء على الطفل عندما يطيع وبعقابه إذا لم يطع.
  • تقوية العلاقة ما بين الاهل والمربي والطفل: بناء علاقة حميمة وليس علاقة ضبط وإصدار توجيهات فقط.
  • التجاهل: وعدم ابداء اهتمام بسلوك عدم الطاعة بقدر الإمكان خصوصًا في الحالات البسيطة، وإعطاؤه اهتماماً بنسبة ١٠٠ ٪ لسلوك الطاعة.
  • عقد اتفاقية: والتوقيع عليها خصوصاً مع المراهقين. والإشارة إلى التزام الولد بخفض سلوك المعارضة، ويوافق المربي في المقابل على الإذعان لرغبات معينة عند الولد. وهكذا يحدث تعامل متبادل، وفائدة هذه الاتفاقيات انها تحدد وتبرز ما هو المتوقع من كل من الأهل والولد.
  • اعطاؤه توجيهات واضحة ومباشرة ومختصرة ومحددة.
  • السماح له ببعض سلوك المعارضة والذي لايصل إلى حد السلوك اللاأخلاقي أو غير القانوني.
  • العزلة: في بعض الأحيان يمكن تجاهل الولد تمامًا كما لو كان غير موجود. تقوم الأسرة جميعها بذلك. وحرمان الولد من جميع أشكال التفاعل الأسري والخدمات إلى أن يمتثل للقاعدة.
  • الترويض: تعريفه بوضوح على أنه ليس السيد والقائد في البيت. ويقوم الأب والأم بالامساك بالولد بحيث يمنع من الحركة.
  • العناية بالولد من قبل أشخاص: وقد تساعد خبرات  روضة الأطفال في تعليم الولد المعارض الامتثال للسلطة وبالطريقة نفسها يمكن أن يكون العيش في مخيم أو مدرسة داخلية هو الأفضل.


4. العدوانية:
1.4 تحديدها:

هي استجابة طبيعية تظهر عندما يحتاج الفرد إلى حماية أمنه وسعادته وفرديته. إنه سلوك يلحق الأذى بالغير: أذى نفسيًا أو جسدياً.
والولد العدواني يميل على نحو شديد ومستمر إلى أن يكون قهريًا، هائجاً، وغير ناضج وضعيف التعبير عن مشاعره متمركزاً حول ذاته ويجد صعوبة في تقبل النقد أو الاحباط. وهو أقل ذكاء من غيره.
كيف تتطور ظاهرة العدوانية بين الاولاد؟
عمر السنتين: ضرب الولد الآخر.
عمر 3 سنوات: يبدأ المجادلة مع الآخر.

عمر 4 - 7 سنوات: تقدّم في زيادة ضبط العدوان.
عمر 8 - 9 سنوات: يصبح الولد منضبطًا بشكل جيد.
حوالى ١٠ ٪ من الاولاد يظهرون عدوانية زائدة بعمر ١٠ سنوات وانتشار العدوانية متساوٍ بين الصبيان والبنات.

2.4 الأسباب:
أ- أسباب نفسية تكوينية:
يعتبر الاحباط أهم عامل مؤسس للميول العدوانية عند الطفل خصوصاً وعند الكائن البشري عموماً، وقد عرفه د.مصطفى فهمي، بأنه "العملية التي تتضمن إدراك الفرد لعائق يحول دون إشباع حاجاته أو توقع الفرد حدوث هذا العائق في المستقبل".
وينشأ الاحباط عادة نتيجة حرمان الأم لطفلها من إشباع حاجاته من غذائية أو عاطفية أو نفسية ويتم تصوره على أنه جرح نرجسي يصيب الفرد في شخصه وكرامته وذاته. فالطفل حين يصرخ طلباً للغذاء أو للحماية ولا تنجده أمه يشعر بالاحباط وتتولد عنده بالتالي مشاعر عدم تقدير الذات والإحساس بالنقص، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً طلباً للتعويض أو تصريف الشحنة الانفعالية وتوظيفها في سلوك تدميري يهدف إلى إيذاء الآخر.
إن الطفل يدرك عمليات الصدّ والقمع ويدخلها في لاوعيه لتتشكل بعد ذلك انفعالاته التي تظهر في صورة غضب وتوتر عضويين.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن مواقف الحرمان والصدّ والاحباط لا تولد جميعها مواقف عدوانية، بل إن إحباطات معينة قد تؤدي إلى الانطواء و التراجع والانسحاب واللجوء إلى الإدمان كتعبير عن ردة فعل نكوصية إلى مواقف طلب المساعدة والحماية ونبذ الذات.
إن حياة الطفل والكائن بصورة عامة مليئة بالاحباطات، وهي تختلف من بيئة لأخرى، كما أن ذلك يأخذ معاني متعددة تبعاً لاختلاف الأفراد وتغيير ظروف حياتهم، وطبيعة تكوينهم، فالطفل الذي صقلت ''الأنا'' عنده بصورة جيدة يتقبل الاحباط بصورة مختلفة وأقل فاعلية من الطفل الذي لم تنضج "الأنا" عنده ولم تُبْنَ بصورة سليمة، وكذلك وفقاً لدرجة وقوة "الهوس" عنده وضعف "الأنا" في مواجهتها، كما أن الاحباط بالنسبة لطفل جائع ويائس هو أشد فاعلية من إحباط طفل تشبع حاجاته بصورة كافية ومتوازنة.
وبالمثل فإن الاحباط بالنسبة لطفل يتميز بنرجسية متضخمة. هو أكبر أثراً منه في طفل لا يتمتع بهذه النرجسية.
ويضاف إلى الاحباط كدافع للعدوانية، عامل آخر هو عامل تأكيد الذات واثبات الوجود والذي يعتمده الطفل بطريقة لا واعية، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً يتجسد في اسلوب المشاكسة ورفض أوامر الكبار من أهل ومربين وإخوة كبار.
والطفل يقارن بين جسمه واجسام الكبار ويحس بصغر حجمه مقارنة بهم وضعفه أمامهم، وهو لذلك يلجأ إلى الوسائل والسلوكيات العدائية من أجل التعويض عما يشعر به من دونية وضعف. ويدخل ضمن مفهوم تأكيد الذات، كدافع إلى العدوانية واثبات التفوق، الجرح النرجسي وشعور الطفل أنه مهان ومحتقر بسبب ضعفه وصغر حجمه، وهذا الجرح لا ينشأ فقط عن العقاب والزجر والتبخيس والاهانة بل من إحساس الطفل بغياب السلطة الأبوية والحرمان العاطفي من قبل الأم وفقدان عنصر الحماية من جانب الأب.
والتثبيت على عقدة أوديب وعدم تصفيتها بطريقة سليمة عامل مساعد آخر في نشوء الميل إلى العدوانية، باعتبار ان الطفل حين يبقى مثبتاً على ميوله نحو أمه وشعوره بالغيرة من أبيه وعدم انتقال الطفل للتعلق بابيه والتماهي  شخصيته واقامة علاقة جديدة معه، فإن ميوله العدوانية تزداد نحو أبيه والرغبة في قتله وتدميره ومن ثم تنامي الميول العدوانية نحو كل الرجال ومنهم المربي، والذي يصبح الرمز للصورة الأبوية المكروهة والمحتقرة.

ب-أسباب أسرية واجتماعية:
يدخل ضمن هذه الأسباب علاقة الطفل بأمه وموقعه في الأسرة ومشاعر الغيرة التي تولد عنده الميول العدوانية، وما يقوم به الأهل من تفضيل طفل على آخر، كما تتولد هذه الميول في حالات قيام الأب باضطهاد الأم أو عدم احترام الأم للأب.
ويلعب أسلوب العقاب الصارم وإقدام الأهل على احتقار الطفل وتبخيسه وعدم احترامه دوراً فعالاً في نشوء الميول العدوانية عنده، كما يلعب أسلوب التسامح والتساهل في التربية الدور نفسه، وذلك عندما يقدم الطفل على ارتكاب اعمال تتصف بالعدوانية أو تلحق الضرر بالآخرين ثم لا يلاقي من أهله اللوم أو القصاص، فيعمد إلى تفسير ذلك بأنه مكافأة له أو يعمد إلى إقناع نفسه بأن ما يفعله هو صحيح ومطلوب.
وكنا قد أشرنا إلى عامل الاحباط الناشئ عن الحرمان العاطفي وتفكك الصورة الوالدية وغياب سلطة الأب كعامل مساعد على إحساس الطفل بالدونية والنقص وتنامي ميله إلى العدوان كردة فعل تعويضية على التبخيس والجرح  لنرجسي.
والعامل الأكبر أثراً في نمو الاتجاه العدواني عند الطفل هو ما يتعلق بالتربية الأسرية الخاطئة، والتنشئة الوالدية التي تطبع ذهن الطفل وتفكيره بالقيم المعادية للمجتمع وللآخرين وتعده للمواقف العدائية كلما أحس بتهديد لقيمه أو توقع هذا التهديد.
فالأب والأم يزودان الطفل بالأفكار واللغة وطريقة التفكير المعادية للمحيط ولتقاليده وعاداته واتجاهاته، ما يجعل الطفل عنصراً سلبياً غير متكيف مع مجتمعه ومنحرفاً عن معاييره ولذا فهو يدخل في حالة صراع معه ومع أية بيئة ينتقل إليها ومنها البيئة المدرسية. وبالمثل فإن التركيز والتثبيت على الصفات القيادية والتسلطية عند الطفل والمعايير الشخصية والنرجسية الصارمة والاعتبارات الذاتية والأسرية والاجتماعية العالية والمحافظة من عائلية ودينية وطبقية وسياسية تخلق عند الطفل استعداداً دائمًا للعدائية والنفور والسلبية ضد محاولات التبخيس أو الاساءة أو الاستخفاف بشخصيته.
كما أننا نضيف أسباباً تعود لظروف الأسرة الاقتصادية وعدم اشباع حاجات الطفل وإحساسه بالدونية لهذه الناحية، ما يخلق عنده شعورًا بالاضطهاد وبالنقص يدفعه إلى الدخول في مغامرات ومواقف عدائية تعويضية وانتقامية.

ج- أسباب صحية وعضوية:
إن أهم هذه الأسباب هو ما تسببه الولادة الصعبة من تشويه عضوي، خصوصاً عندما تتسبب الولادة بتشويهات أو جروح دماغية، أو تصيب الجهاز العصبي للطفل، اضافة إلى التشوهات التي تصيب الجنين أثناء فترة الحمل.
تحدث هذه التشوهات تغيرات في الحالة العقلية والمزاجية عند الطفل بحيث يصبح كثير التذمر لسبب أو بدون سبب، وسريع التوتر والاهتياج، ونزوياً وعديم القدرة على الضبط وتأجيل الاشباع، وميّالاً نحو الانفعالية والسلوك المضاد للمجتمع.

د- أسباب تعود للبيئة المدرسية:
يعمل الاحباط الذي يلاقيه الطفل في البيئة المدرسية على تشكيل الاتجاه العدائي عنده نحو المربي أو المدرسة، وينتج الاحباط عن العلاقة السلبية بين المربي أو الإدارة المدرسية والطفل عندما يتعرض هذا الاخير للاهانة والتحقير  والنفور والنبذ والتشدد في المعاملة، وينتج كذلك عن اعتماد العقاب كوسيلة ردعية أو التهديد بالعقاب، وعن الفشل المدرسي وتدني مستوى الطالب وعدم قدرته على مجاراة رفاقه والغيرة منهم.
يضاف إلى ذلك الإساءة إلى كرامة الطالب وتجريحه أمام رفاقه ما يعتبره هذا الطالب جرحًا نرجسيًا أصابه بكرامته وكبريائه. وتتشكل الميول العدوانية كذلك عندما يشعر الطالب بعجزه عن تمثل المادة الدراسية وحل المسائل بطريقة صحيحة ونيله علامات متدنية تشعره بالنقص والدونية.
وتزداد حدّة هذه الانفعالات عندما يستشعر الطفل التهديد نتيجة خبراته السابقة التي شكلها له أبوه بعقابه الصارم وزجره المتواصل ومن ثم قيام الطفل بعملية المقارنة عبر اقتران صورة المعلم الظالم بصورة ابيه.
وتزداد هذه الحدة كذلك نتيجة التنشئة الوالدية الصارمة وتزويد الطفل باتجاهات الكبرياء وتعظيم الذات والمغالاة في تقديرها وفي النزوع نحو طلب المزيد من الاحترام والمديح والمكافأة وتوهج الحضور، فإذا لم تتحقق هذه الاجراءات أو تحقق عكسها، تثور ثائرة الطفل وتستيقظ ميوله واستعداداته العدوانية في غضب وانفعالية زائدة.
ويحدث احيانًا أن لا يتمكن الطفل من تنفيذ عدوانيته وغضبه نتيجة خوفه من المربي أو الإدارة المدرسية أو الخوف من الفشل المدرسي، لذا فإن الطالب يقوم بتنفيذ عدوانيته بطريقة غير مباشرة، أي عبر اختياره البديل عن المربي ليوجه اليه عدوانيته، كأن ينتقم من أحد رفاقه أو من تجهيزات المدرسة أو من كل ما له علاقة بها.
ويشكل الفشل المدرسي أحد الاسباب الهامة في ميول الطفل العدوانية كردة فعل تعويضية عن الجرح النرجسي وعدم تقدير الذات واثبات الوجود أو نتيجة لتصور الطفل أن الفشل هو نتيجة لكره المربي له وانتقامه منه.
عند تحليلنا لأسباب عدم التكيف المدرسي ولأسباب الاضطرابات السلوكية بشكل عام، ذكرنا دور وأهمية اكتساب الطفل القيم الصارمة والاتجاهات التعصبية وكيف تولد هذه الاتجاهات الاستعداد الدائم عند الطفل لمعاداة وكراهية كل إجراء أو معاملة أو مفاهيم مغايرة لاتجاهاته التعصبية أو تهدف إلى زعزعتها واستبدالها. لذا فإنه حتى ولو لم تظهر عدوانية الطفل بصورة مباشرة في رفض هذه الاجراءات ونبذها، فإن معالم وآثار هذه العدوانية تتبدّى بصورة غير مباشرة من خلال قلق الطفل وعدم تكيفه.
تظهر عدوانية الطفل إذاً في البيئة المدرسية من خلال رفضه التكيف معها وعدم تمثله للمادة الدراسية وقيامه بواجباته، وتظهر احيانًا في صورة فشل مدرسي، كما تظهر هذه العدوانية في مشاكسة المربي ورفضه تنفيذ أوامره والعمل  بصورة مخالفة لما يوجه اليه من أوامر، وعدم المشاركة في النشاطات وفي العملية التربوية.
وتأخذ العدوانية إشكالاً متطرفة عندما يقدم الطالب على التصدي للمربي أو مهاجمته أو الاقدام على ضرب أحد رفاقه وإيذائه بجسده أو بممتلكاته. كما تظهر هذه العدوانية في رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو الذهاب اليها مرغمًا، ما يهيئ لديه الاستعداد لاتخاذ المواقف العدائية والعنفية، وتظهر كذلك في الفوضى الدائمة التي يفتعلها الطالب كتعبير عن غيرته وعدم قدرته على المنافسة أو في صورة انتقام من الطالب الذي يفوقه علمًا وذكاءً.
ويبدي الطالب عدوانية أيضًا عندما يشعر أن رفاقه والمربي يهزأون منه أو يحتقرونه، وذلك كوسيلة لتأكيد الذات ورد الاعتبار.
وكنا قد ذكرنا أن العدوانية الإيجابية هي التي تقوم على اذكاء روح المنافسة الديمقراطية بين الطلاب كوسيلة لزيادة حماسهم وفعاليتهم الدراسية، غير أن المنافسة قد تتحول إلى عدائية وسلبية بفعل التوجيه السيئ من قبل المربي لانفعالية الطلاب وشحن عواطفهم، وإهانة وتحقير الطالب أو الفريق الخاسر، أو عندما يصبح هذا الطالب أو الفريق عرضة للسخرية والاستهزاء والعقاب والتجريح.

3.4 طرق الوقاية:

  1. تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الاولاد. إن مزيجاً من التسيب في النظام والاتجاهات العدوانية لدى الأهل يمكن أن ينتج أولاداً عدوانيين جداً وضعيفي الانضباط.
  2. الإقلال من التعرض للعنف المتلفز: إن عادات مشاهدة التلفاز لدى الاولاد في عمر ٨ أو ٩ سنوات قد أثرت على سلوك العدوان لديهم خلال تلك الفترة وحتى مرحلة المراهقة المتأخرة.
  3. تنمية الشعور بالسعادة: إن الأشخاص السعداء يميلون لأن يكونوا لطيفين نحو أنفسهم ونحو الآخرين بطرق متعددة.
  4. العمل على أن تكون النزاعات الزوجية في حدها الأدنى: إن الولد العادي يتعلم الكثير من سلوكه الاجتماعي من طريق ملاحظة أبويه وتقليدهما. لهذا يجب على الأهل التأكد من أن الاولاد لا يتعرضون إلى درجات عالية من الجدال والصراع والعدوان في ما بينهم.
  5. إعطاء الولد مجالاً للنشاط الجسمي وغيره من البدائل: مثل اللعب في الهواء الطلق والتمارين الرياضية التي تساعد على تفريغ الطاقة والتوتر.
  6. تغيير البيئة وإعادة ترتيب بيئة البيت. فكلما كان هناك مكان أوسع للعب كلما قل احتمال العدوان في ما بينهم. كما أن للموسيقى تأثيراً مهدئاً على النزاعات العدوانية وترتيب الظروف للولد كي يلعب مع أولاد أكبر سناً منه.
  7. العمل على زيادة إشراف الراشدين. إن إظهار الاهتمام بما يفعله الاولاد أو مشاركتهم فيه يمكن أن يقلل من المشكلات.

4.4 طرق العلاج:
هناك العديد من الأساليب الفاعلة لضبط عدوان الأولاد:
أ- تعزيز السلوك المرغوب: كثيراً ما نفترض أن سلوك الأولاد الطيب هو أمر مفروغ منه، وبالتالي لا نقوم بتعزيزه مع أن الخطوة الأولى في معالجة السلوك العدواني هي "الإمساك بالولد وهو يقوم بسلوك جيد"، ومن ثم تقديم الكثير من المعززات الإيجابية للتصرف غير العدواني مثل اللعب التعاوني مع صديق. وفي كل مرة يقوم فيها الولد باللعب مع أحد أقرانه من دون شجار أو صراخ لفترة زمنية قصيرة (لا تزيد عن دقيقة واحدة بالنسبة لبعض الاولاد)، يجب أن يمتدح من قبل الأهل.
ب- التجاهل المتعمد: يجب أن يصاحب تعزيز السلوك المرغوب اجتماعياً تجاهل التصرفات العدوانية، فلا يعطى أي اهتمام على الإطلاق لتصرفات الولد العدوانية الا إذا ترتب عليها تهديد جدي لسلامة الآخرين الجسمية. ولا تجادل الولد أو توبخه أو تعاقبه بسبب سلوك الإغاظة أو التشاجر، لأنك بتجاهلك للتشاجر سوف تكون متأكداً من أنك لا تعزز هذا السلوك من دون قصد منك عن طريق انتباهك له.
إن الراشدين يمكن أن يخفضوا استجابات العدوان اللفظية والجسمية لدى الأولاد تخفيضاً واضحاً من طريق التجاهل المنظم للتصرفات العدوانية و إيلاء الاهتمام للتفاعلات التعاونية بين الأولاد وامتداحها.
ج- تعليم المهارات الاجتماعية: غالباً ما يدخل الأولاد في الشجار عندما تعوزهم المهارات الاجتماعية اللازمة لكي يدخلوا في محادثة. ومن المهارات الإجتماعية التي قد تحتاج إلى تقوية لدى بعض الأولاد مهارة تأكيد الذات. إن  استجابات تأكيد الذات تستثير غضباً أقل وتؤدي إلى إطاعة أكثر من الاستجابات العدوانية. ومن طرق تعليم تأكيد الذات أن تخبر الولد أنه من الضروري أن يعّرِف الأولاد الآخرين بالحالات التي يزعجونه فيها، وأنه من الممكن أن يخبرهم بذلك من دون أن يؤذي مشاعرهم أو يستثير شجاراً معهم. ولعمل ذلك أطلب من الولد أن يعطي وصفاً موضوعياً للسلوك المزعج مع توضيح استجابته الشخصية تجاه السلوك.
د- تطور مهارة الحكم الاجتماعي: يتضمن الحكم الاجتماعي الجيد، التفكير قبل العمل، وتوقع نتائج الأعمال بالنسبة للفرد والآخرين. ولكي تطور هذه المهارة، حاول أن تصف شجاراً حدث في الماضي وشارك فيه الولد. وأن تشير إلى  النتائج السلبية التي ترتبت عليه. علّمِ ولدك أنه مسؤول عن التفكير أولاً بالأسباب والبدائل والنواتج ومشاعر الآخرين في كل مرة يجد فيها أنه ميال للعدوان، وبعد أن يفكر عليه أن يتخذ القرار المناسب. ومن مظاهر الحكم الاجتماعي الجيد احترام حقوق الآخرين في التصرف بممتلكاتهم. وعلم الأولاد، في مرحلة مبكرة، أن يحترموا حقوق الآخرين في ملكياتهم.
ه- حديث الذات: اذا كان طفلك قهريًا ويجد صعوبة في ضبط نزعاته، يمكنك ان تعلمه انواعًا من العبارات التي تكف العدوان، وهي عبارات يمكن للولد أن يرددها لنفسه بهدوء عندما يشعر بميل لمهاجمة الآخرين. إن الاولاد الذين  عوزهم المهارات اللفظية يلجأون إلى قوتهم العضلية في التعامل مع الرفاق.


مراجع البحث
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٠ ). المرجع في الإرشاد التربوي : الدليل الحديث للمربي والمعلم. بيروت: دار أكاديميا أنترناشونال.
الحسيني، أ.(٢٠٠١ ). المدخل الميسر إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي. الرياض: دار عالم الكتب.
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٥). بطارية الإختبارات النمائية : مقاييس القدرات والصحة النفسية والتحصيل المدرسي. جدة: دار عكاظ.
الخطيب، ص.(٢٠٠٣) الإرشاد النفسي في المدرسة: أسسه، نظرياته، تطبيقاته. العين : دار الكتاب الجامعي.
مهنا، ع.( ١٩٩٩). الاضطرابات السلوكية المدرسية : تحليل وعلاج. البقاع، لبنان: حركة الريف الثقافية، جمعية الإنماء التربوي.
الهادي،ج.الغزة،س.( ١٩٩٩). مبادئ التوجيه والإرشاد النفسي. عمان: دار الثقافة.
فهمي، م.( ١٩٦٧ ) الصحة النفسية. القاهرة: دار الثقافة.

 

المشكلات النفسية السلوكية عند الأطفال: كذب، سرقة، عصيان و عدوانية( بيبي أسبابها، الوقاية و العلاج

 د.هدى الحسيني بيبيهنالك فروقات فردية بين البشر من حيث اختلاف حاجاتهم كمّاً و كيفاً ، واختلاف طبيعة قيمهم الفردية. هذه الحاجات والقيم تتغيّر وفقاً لظروف خاصة تواجههم في حياتهم اليومية. و إذا لم يوفّقوا في تلبية حاجة معيّنة، لن يتمكنوا من التخطيط لتلبية الحاجة التالية. عندها يصابون بالإحباط والقلق و الضياع و انعدام الرغبة في التعلّم و تدنّي اعتبار الذات، و غيرها من الاضطرابات النفسية الانفعالية التي تحول دون نموّهم النفسي والاجتماعي. وفي قدرتهم على تحقيق هذه الحاجات تكون شخصيتهم قد نمت نفسياً واجتماعياً لترتقي صعوداً إلى القمّة محقّقة الصحة النفسية والسعادة

 

من هذا المنطلق، يحدد الهرم (هرم الحاجات النمائية) ٣٥ حاجة أو قيمة يحتاجها الفرد خلال مشوار حياته. و هذه الحاجات مقسّمة إلى خمسة محاور سوف نعالج محوراً واحداً منها، وهو المحور الاجتماعي: الحاجة إلى الحب والتعاون والصداقة والانتماء والشعور مع الآخرين.

ومن الضروري الإشارة إلى أنه في حال لم يستطع الفرد تحقيق أية حاجة من هذه الحاجات في هذا المحور الاجتماعي بالذات، يصاب بالاحباط وعدم التكيّف ما يؤدي إلى دفعه لسلوكيات غير مستحبة و غير مقبولة بتاتاً من أسرته  ورفاقه ومجتمعه وبالتالي وضعه في مأزق حرج ينبذه المجتمع ويتجنّبه.

باختصار، هذه هي أسباب المشكلات النفسيّة والاجتماعية التي يواجهها الفرد. وسوف يتطرق هذا البحث إلى معالجة أربع مشكلات يمكن تصنيفها خطرة هي: الكذب، السرقة، العصيان والعدوانية.

١. الكذب:
1.1 تحديده:
إنه ذكر شيء غير حقيقي، مع معرفة بأنه كذب وبنية غش أو خداع آخر من أجل الحصول على فائدة أو من أجل التملّص من أشياء غير سارة. ومع أن جميع الأولاد يكذبون أحياناً، إلا أن الأهل يميلون إلى اعتبار الصدق سمة شخصية أساسية أكثر من جميع السمات الأخرى ويشعرون بالانزعاج عندما يكون ولدهم غير صادق. ويجد الأطفال (أطفال مرحلة ما قبل المدرسة) صعوبة في التمييز ما بين الخيال والحقيقة، ونتيجة لذلك فهم عرضة لخداع الذات وللمبالغة وللتفكير الرغبي للمقابل. فإن الولد في سن المدرسة أكثر احتمالاً لذكر الأكاذيب من النوع "اللاإجتماعي" حيث يتم ذكر الأكذوبة عن قصد لتجنب العقاب أوللحصول على مكاسب على حساب الآخرين أو كي يحطّ من قدرهم.

ويختلف الأولاد في مستوى نموّهم الأخلاقي وفي فهمهم للصدق. ويميّز بياجيه (Piaget) بين ثلاث مراحل لمعتقدات الأولاد حول الكذب. ففي المرحلة الأولى، يعتقد الولد بأن الكذب خطأ لأنه موضوع تتمّ المعاقبة عليه من قبل الكبار. ولو تمّ إلغاء العقاب، لأصبح الكذب مقبولاً.
وفي المرحلة الثانية يصبح الكذب شيئاً خاطئاً بحد ذاته ويظلّ كذلك حتى لو تمّ إلغاء العقوبة.
وفي المرحلة الثالثة "يكون الكذب خطأ لأنه يتعارض مع التعاطف والاحترام المتبادل".

2.1 أسباب الكذب : أهم الأسباب:

  • الدفاع عن النفس: التهرب من النتائج غير السارة للسلوك.
  • الإنكار: تجنب الذكريات المؤلمة.
  • التقليد: تقليد الكبار.
  • التفاخر: التباهي للحصول على الإعجاب ولفت النظر.
  • اختبار الواقع: محاولة لمعرفة الواقع من الخيال (الفرق بينهما)
  • الولاء: لحماية آخرين.
  • العداء: التصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
  • المكسب الشخصي.
  • صورة الذات:الاقتناع بأنه كاذب.
  • عدم الثقة : عدم ثقة الأهل تدفعه إلى الكذب.

3.1 الوقاية منه:

  • لا تطلب منه أن يشهر عنّي شيئاً سيئاً.
  • التزم بمعيار الصدق الذي وضعته.
  • تجنّب استخدام العقاب الشديد أو المتكرر الذي يؤدي إلى تنمية الكذب كوسيلة للدفاع عن النفس.
  • ناقش القضايا الأخلاقية داخل الأسرة لتوضيح لماذا يعتبر الكذب والغش والسرقة أعمالاً سيئة، واجعل المناقشات شيّقة وتثقيفية.
  • كن صادقاً أنت في ممارساتك فإن الصدق هو سلوك مكتسب.

4.1 كيفيّة علاج الكذب:
الكذب هو آفة، وهو من أصعب المشكلات التي من الممكن حلّها ومعالجتها. وعلى المرشد أو المعالج اتّباع الطرق الآية:

  • الإرشاد: جلسات إرشادية لتوضيح معنى الصدق وسلبيات الكذب والراحة النفسيّة عند قول الصدق.
  • توضيح القيم الأخلاقية والاجتماعية: ويتم ذلك من خلال المناقشة والحوار. ومن هذه القيم، الثقة والاحترام  المتبادل المبني على التواصل الصادق.
  • التغذية المرتدة الدافعية: الطلب من الطفل التركيز على تسلسل الأحداث وعلى تورطه من خلال أسئلة محددة تحليلية.

حالة سامي نموذج تحليل

سامي في التاسعة من عمره كثيراً ما يكذب على أهله ومعلميه ورفاقه، ويكون كذبه إما محاولة لتفادي العقاب أو وسيلة ليظهر نفسه بطلاً أو شخصاً مهماً. وكخطوة أولى وافق الأهل على تحديد جزاءات للكذب معقولة ومتفق عليها. وبعد نقاش دار بين سامي والأهل، تم الاتفاق على أن يمنع الولد من مشاهدة التلفاز في أي يوم يكذب فيه، وقد استخدمت هذه الطريقة لأن مشاهدة التلفاز تعتبر نشاطاً مهماً لسامي. وقد وجد سامي أن هذه الخسارة مهمة بالنسبة اليه. وبالإضافة إلى ذلك، اتفق على أنه إذا كذب الولد في يومين من أيام الأسبوع الواحد فإنه يخسر ألف ليرة من مصروفه الأسبوعي. أما حاجته للشعور بالأهمية فقد عولجت من خلال زيادة اهتمام أهله بالثناء عليه وتقديره. وقد تم تحقيق ذلك من خلال زيادة العبارات الإيجابية التي تقال لسامي. كما كانت تعطى ملاحظات من قبل الأهل تعبر عن سرورهما برؤية زيادة في صدق سامي. فقد وافقا على التعليق على صدقه في وصف الأحداث واعترافه بصعوباته. ولقد أقرّ الأهل بأن رد فعلهم السابق لم يكن يتضمن أبداً امتداح السلوك الحسن، وإنما تقريع السلوك الخاطئ (خصوصاً الكذب) وانتقاده. وخلال الشهر الأول، خسر الولد ألف ليرة مرتين بسبب (الكذب في يومين خلال أحد الأسابيع وثلاثة أيام في أسبوع آخر). وخلال الأسبوع الثالث فقد فرصة مشاهدة التلفاز ليلة واحدة فقط، وكان الأسبوع الرابع ممتازاً. وقد طلب من الأهل إشراكه في مكافأة خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي يوم الأحد صحب الأب سامي إلى البحر وبعد ذلك دعاه إلى تناول البوظة. ومع شعور الجميع بالرضا، فإن الكذب انخفض بشكل ملحوظ بعد شهر واحد. وقد تمّ وقف النظام بعد ذلك حيث شعر الجميع أنه لم تعد له حاجة.

2. السرقة أو عدم الأمانة:
1.2 تحديدها:

عندما يتطور الكذب ولا يعالج يصبح الولد الكذاب غشاشاً ومن ثم سارقأً ومن ثم مجرماً.
تعريف السرقة: امتلاك شيء لا يخص الولد. تسمى سرقة إذا عرف الولد أن من الخطأ أن يأخذ شيأً من دون إذن صاحبه.
حوادث السرقة البسيطة في مرحلة الطفولة الباكرة شائعة جداً، وهي تميل إلى بلوغ ذروتها في حوالى عمر  5 -8 سنوات ومن ثم تبدأ بالتناقص. ينمو الضمير بشكل بطيء عند الأولاد كلما ابتعدوا تدريجياً عن اتجاه يتمركز حول الذات والإشباع الفوري لدوافعهم.

ومن بين جميع المشكلات السلوكية تعتبر السرقة أكثرها إثارة للقلق، حيث يرونها نموذجاً للسلوك الإجرامي ما يولد الخوف في قلوبهم. وإذا استمرت السرقة العادية بعد سن العشر سنوات فإنها على الأرجح علامة على وجود اضطراب انفعالي خطير عند الطفل وهي بحاجة إلى مساعدة متخصصة فورية.

2.2 الأسباب:
نقص خطير لشيء ما في حياة الطفل، وبالتالي تكون السرقة تعويضاً رمزياً لغياب الحب الأبوي والاهتمام أو الاحترام أو المودة. إن الأحداث المنحرفين والذين يتورطون باستمرار في أشكال مختلفة من السلوكيات اللاإجتماعية يكونون في الغالب من أسر تتصف بالإدمان الأبوي على الكحول والجريمة والتنشئة الأسرية السيئة التي تتسم بالنبذ التام للأولاد، وتتمظهر هذه الاسباب من خلال:

  • اختيار نموذج سيء للاقتداء به من أجل تدعيم احترام الذات والاستمتاع بالاستثارة وحس المغامرة.
  • لأنهم لا يمتلكون نقوداً لشراء ما يرغبون، كونهم من خلفية اقتصادية اجتماعية متدنية يجدون صعوبة في احترام ملكية الآخرين.
  • طريقة في الانتقام من الأهل بشكل لاشعوري، إذ يسبب الطفل إحراجاً لهم عندما يقوم بالسرقة.
  • وجود توتر داخلي عند الطفل مثل الغضب، الغيرة والاكتئاب الذي يتم التنفيس عنه من خلال السرقة.
  • إصابة الطفل بالإحباط وعدم قدرته على تحمله وعدم مقاومته لإغراء السرقة.

3.2 طرق الوقاية:
أن يكون الأهل قدوة.

  • تعليم الطفل القيم واعطاء قيمة كبيرة للأمانة الشخصية واحترام ممتلكات الغير.
  • تعليم الطفل معنى الخير العام.
  • تنمية علاقة حميمية مع الطفل.
  • تأمين مصروفٍ منتظم.
  • الإشراف المباشر على الطفل.
  • شرح حقوق الملكية داخل البيت وخارجه، وسلبيات الاستعارة والإعارة.

4.2 طرق المعالجة:
اتخاذ إجراءٍ فوري تصحيح/ مواجهة/ تفهم (لماذا)/ الحوار والاهتمام/

  • مساعدته لتطوير ضمير ناضج بعيد عن الأنا/ مساعدته في إثبات قوته وبراعته في توجيهه إلى مصادر بديلة عن اثبات الذات من خلال السرقة.
  • ضبط الأعصاب والاستجابة بهدوء والسيطرة على الثورة الانفعالية وعدم مبالغة الأهل في الغضب أو الشعور بالصدمة وخيبة الأمل. (يجب عدم مطالبته بالاعتراف لأن هذا يرغمه على الكذب).
  • المراقبة والإشراف المباشر من قبل الأهل: يحتاج الطفل لأن يعرف بشكل أكيد بأنه لن يتمكن من الإفلات من العقاب، بغض النظر عن أكاذيبه الذكية أو التمويهات. وينبغي مواجهته بكل حادث سرقة وعدم تقبل أي تبريرات أو تفسيرات أو اعتذارات.

3. (عدم الطاعة) العصيان:
1.3 تحديدها:

رفض الاستجابة للقوانين المنطقية التي يفرضها الأهل.

يصل سلوك العصيان ذروته خلال عمر السنتين، ويتناقص بشكل طبيعي تدريجيًا. ثم تظهر السلبية مرة اخرى خلال سنوات المراهقة.
ينبغي أن ينظر إلى كمية معقولة من عدم الطاعة على أنه تعبير صحي عن الأنا التي تسعى إلى الاستقلالية والتوجيه الذاتي. إن بعض الاطفال يعصون باستمرار ويقاومون أي طلب بشكل أوتوماتيكي. ويظهر العصيان غير السوي بشكل أكثر تكرارًا وأكثر شدة ويدوم لفترة أطول من الوقت من النوع السوي.
هناك ثلاثة أشكال رئيسة للعصيان:

  • شكل المقاومة السلبية: يتأخر في امتثاله، ويتهجم، ويصبح حزينًا، هادئًا ومنسحبًا، أو يشكو ويتذمر من أن عليه أن يطيع، أو أنه يمتثل لحرفية التعليمات ولكن ليس لروح القانون.
  • العصيان الحاقد: ويؤدي إلى قيام الولد بعكس ما طلب منه تمامًا. فالولد الذي يطلب منه ان يهدأ يصرخ بصوت أعلى.
  • التحدي الظاهر: ''لن أفعل ذلك'' حيث يكون الولد مستعدًا لتوجيه إساءة لفظية أو للانفجار في ثورة غضب للدفاع عن موقفه.
  • 2.3 أسبابها:
  • النظام المتساهل والاحجام بتاتًا عن قول "لا"
  • القسوة المفرطة أو النظام الصارم وتسلط الأهل ونقدهم بشكل زائد.
  • عدم الثبات في التربية، (عندما لا يستطيع الأهل الاتفاق على معايير سلوكية أو فرض قوانين).
  • الأهل المتوترون أو في حالة صراع.
  • الأهل المهملون لدورهم بسبب ضغوطات العمل.
  • الولد المبدع والقوي الارادة.
  • الولد المتعب أو المريض.
  • الذكاء الشديد (كلما كان الولد أكثر ذكاءً، كلما زاد احتمال أن يكون مطيعًا للمطالب المعقولة).

3.3 طرق الوقاية:

  • بناء علاقة وثيقة مع الطفل وتخصيص بعض الوقت يوميًا لاعطائه اهتماماً خاصًا.
  • الاستجابة لطلبات الولد قدر الامكان مع اعتبار "قانون التبادل".
  • عدم التسلط وإعطاء أوامر غير منطقية وغير قابلة للتطبيق.
  • احترام القوانين من قبل الأهل وأن يكونوا قدوة في اتباعها.
  • وضع قواعد: أن أي طلب يطلب من الولد هو بمثابة قاعدة وليس أمام الطفل أي خيار الا أن يمتثل.
  • فرض القواعد: وذلك من خلال الثبات والحزم وعدم التساهل يومًا والتشدد يومًا آخر. ومن خلال استخدام جزاءات أو عقوبات منطقية وتجنب الافراط في القسوة في العقوبات.

4.3 طرق المعالجة:

  • التعزيز الإيجابي: الثناء كلما أذعن الولد للمطالب. إن المكافآت المادية لسلوك الطاعة كانت فعالة مع الاولاد في عمر ١٢ سنة فما دون. وفي حال الاولاد من عمر 7-12 سنة يمكن استخدام نظام نقاط لتعزيز الطاعة. أما بالنسبة للأولاد ما بين 2-5 سنوات فيمكن وضع نجمة على اللوحة في كل مرة يطيع فيها الولد، وإعطاؤه بعدها مكافأة مادية يحبها.
  • القصاص أو الجزاءات التي تنبهه إلى انه أخلّ بالنظام وتغاضي عن القاعدة. ويأتي القصاص في حال فشل التعزيز الايجابي.
  • استخدام التأنيب الفعال لتحذير الولد من العواقب السيئة التي تترتب على استمراره في سلوك عدم الطاعة.
  • إقران المكافأة بالعقاب. الثناء على الطفل عندما يطيع وبعقابه إذا لم يطع.
  • تقوية العلاقة ما بين الاهل والمربي والطفل: بناء علاقة حميمة وليس علاقة ضبط وإصدار توجيهات فقط.
  • التجاهل: وعدم ابداء اهتمام بسلوك عدم الطاعة بقدر الإمكان خصوصًا في الحالات البسيطة، وإعطاؤه اهتماماً بنسبة ١٠٠ ٪ لسلوك الطاعة.
  • عقد اتفاقية: والتوقيع عليها خصوصاً مع المراهقين. والإشارة إلى التزام الولد بخفض سلوك المعارضة، ويوافق المربي في المقابل على الإذعان لرغبات معينة عند الولد. وهكذا يحدث تعامل متبادل، وفائدة هذه الاتفاقيات انها تحدد وتبرز ما هو المتوقع من كل من الأهل والولد.
  • اعطاؤه توجيهات واضحة ومباشرة ومختصرة ومحددة.
  • السماح له ببعض سلوك المعارضة والذي لايصل إلى حد السلوك اللاأخلاقي أو غير القانوني.
  • العزلة: في بعض الأحيان يمكن تجاهل الولد تمامًا كما لو كان غير موجود. تقوم الأسرة جميعها بذلك. وحرمان الولد من جميع أشكال التفاعل الأسري والخدمات إلى أن يمتثل للقاعدة.
  • الترويض: تعريفه بوضوح على أنه ليس السيد والقائد في البيت. ويقوم الأب والأم بالامساك بالولد بحيث يمنع من الحركة.
  • العناية بالولد من قبل أشخاص: وقد تساعد خبرات  روضة الأطفال في تعليم الولد المعارض الامتثال للسلطة وبالطريقة نفسها يمكن أن يكون العيش في مخيم أو مدرسة داخلية هو الأفضل.


4. العدوانية:
1.4 تحديدها:

هي استجابة طبيعية تظهر عندما يحتاج الفرد إلى حماية أمنه وسعادته وفرديته. إنه سلوك يلحق الأذى بالغير: أذى نفسيًا أو جسدياً.
والولد العدواني يميل على نحو شديد ومستمر إلى أن يكون قهريًا، هائجاً، وغير ناضج وضعيف التعبير عن مشاعره متمركزاً حول ذاته ويجد صعوبة في تقبل النقد أو الاحباط. وهو أقل ذكاء من غيره.
كيف تتطور ظاهرة العدوانية بين الاولاد؟
عمر السنتين: ضرب الولد الآخر.
عمر 3 سنوات: يبدأ المجادلة مع الآخر.

عمر 4 - 7 سنوات: تقدّم في زيادة ضبط العدوان.
عمر 8 - 9 سنوات: يصبح الولد منضبطًا بشكل جيد.
حوالى ١٠ ٪ من الاولاد يظهرون عدوانية زائدة بعمر ١٠ سنوات وانتشار العدوانية متساوٍ بين الصبيان والبنات.

2.4 الأسباب:
أ- أسباب نفسية تكوينية:
يعتبر الاحباط أهم عامل مؤسس للميول العدوانية عند الطفل خصوصاً وعند الكائن البشري عموماً، وقد عرفه د.مصطفى فهمي، بأنه "العملية التي تتضمن إدراك الفرد لعائق يحول دون إشباع حاجاته أو توقع الفرد حدوث هذا العائق في المستقبل".
وينشأ الاحباط عادة نتيجة حرمان الأم لطفلها من إشباع حاجاته من غذائية أو عاطفية أو نفسية ويتم تصوره على أنه جرح نرجسي يصيب الفرد في شخصه وكرامته وذاته. فالطفل حين يصرخ طلباً للغذاء أو للحماية ولا تنجده أمه يشعر بالاحباط وتتولد عنده بالتالي مشاعر عدم تقدير الذات والإحساس بالنقص، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً طلباً للتعويض أو تصريف الشحنة الانفعالية وتوظيفها في سلوك تدميري يهدف إلى إيذاء الآخر.
إن الطفل يدرك عمليات الصدّ والقمع ويدخلها في لاوعيه لتتشكل بعد ذلك انفعالاته التي تظهر في صورة غضب وتوتر عضويين.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن مواقف الحرمان والصدّ والاحباط لا تولد جميعها مواقف عدوانية، بل إن إحباطات معينة قد تؤدي إلى الانطواء و التراجع والانسحاب واللجوء إلى الإدمان كتعبير عن ردة فعل نكوصية إلى مواقف طلب المساعدة والحماية ونبذ الذات.
إن حياة الطفل والكائن بصورة عامة مليئة بالاحباطات، وهي تختلف من بيئة لأخرى، كما أن ذلك يأخذ معاني متعددة تبعاً لاختلاف الأفراد وتغيير ظروف حياتهم، وطبيعة تكوينهم، فالطفل الذي صقلت ''الأنا'' عنده بصورة جيدة يتقبل الاحباط بصورة مختلفة وأقل فاعلية من الطفل الذي لم تنضج "الأنا" عنده ولم تُبْنَ بصورة سليمة، وكذلك وفقاً لدرجة وقوة "الهوس" عنده وضعف "الأنا" في مواجهتها، كما أن الاحباط بالنسبة لطفل جائع ويائس هو أشد فاعلية من إحباط طفل تشبع حاجاته بصورة كافية ومتوازنة.
وبالمثل فإن الاحباط بالنسبة لطفل يتميز بنرجسية متضخمة. هو أكبر أثراً منه في طفل لا يتمتع بهذه النرجسية.
ويضاف إلى الاحباط كدافع للعدوانية، عامل آخر هو عامل تأكيد الذات واثبات الوجود والذي يعتمده الطفل بطريقة لا واعية، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً يتجسد في اسلوب المشاكسة ورفض أوامر الكبار من أهل ومربين وإخوة كبار.
والطفل يقارن بين جسمه واجسام الكبار ويحس بصغر حجمه مقارنة بهم وضعفه أمامهم، وهو لذلك يلجأ إلى الوسائل والسلوكيات العدائية من أجل التعويض عما يشعر به من دونية وضعف. ويدخل ضمن مفهوم تأكيد الذات، كدافع إلى العدوانية واثبات التفوق، الجرح النرجسي وشعور الطفل أنه مهان ومحتقر بسبب ضعفه وصغر حجمه، وهذا الجرح لا ينشأ فقط عن العقاب والزجر والتبخيس والاهانة بل من إحساس الطفل بغياب السلطة الأبوية والحرمان العاطفي من قبل الأم وفقدان عنصر الحماية من جانب الأب.
والتثبيت على عقدة أوديب وعدم تصفيتها بطريقة سليمة عامل مساعد آخر في نشوء الميل إلى العدوانية، باعتبار ان الطفل حين يبقى مثبتاً على ميوله نحو أمه وشعوره بالغيرة من أبيه وعدم انتقال الطفل للتعلق بابيه والتماهي  شخصيته واقامة علاقة جديدة معه، فإن ميوله العدوانية تزداد نحو أبيه والرغبة في قتله وتدميره ومن ثم تنامي الميول العدوانية نحو كل الرجال ومنهم المربي، والذي يصبح الرمز للصورة الأبوية المكروهة والمحتقرة.

ب-أسباب أسرية واجتماعية:
يدخل ضمن هذه الأسباب علاقة الطفل بأمه وموقعه في الأسرة ومشاعر الغيرة التي تولد عنده الميول العدوانية، وما يقوم به الأهل من تفضيل طفل على آخر، كما تتولد هذه الميول في حالات قيام الأب باضطهاد الأم أو عدم احترام الأم للأب.
ويلعب أسلوب العقاب الصارم وإقدام الأهل على احتقار الطفل وتبخيسه وعدم احترامه دوراً فعالاً في نشوء الميول العدوانية عنده، كما يلعب أسلوب التسامح والتساهل في التربية الدور نفسه، وذلك عندما يقدم الطفل على ارتكاب اعمال تتصف بالعدوانية أو تلحق الضرر بالآخرين ثم لا يلاقي من أهله اللوم أو القصاص، فيعمد إلى تفسير ذلك بأنه مكافأة له أو يعمد إلى إقناع نفسه بأن ما يفعله هو صحيح ومطلوب.
وكنا قد أشرنا إلى عامل الاحباط الناشئ عن الحرمان العاطفي وتفكك الصورة الوالدية وغياب سلطة الأب كعامل مساعد على إحساس الطفل بالدونية والنقص وتنامي ميله إلى العدوان كردة فعل تعويضية على التبخيس والجرح  لنرجسي.
والعامل الأكبر أثراً في نمو الاتجاه العدواني عند الطفل هو ما يتعلق بالتربية الأسرية الخاطئة، والتنشئة الوالدية التي تطبع ذهن الطفل وتفكيره بالقيم المعادية للمجتمع وللآخرين وتعده للمواقف العدائية كلما أحس بتهديد لقيمه أو توقع هذا التهديد.
فالأب والأم يزودان الطفل بالأفكار واللغة وطريقة التفكير المعادية للمحيط ولتقاليده وعاداته واتجاهاته، ما يجعل الطفل عنصراً سلبياً غير متكيف مع مجتمعه ومنحرفاً عن معاييره ولذا فهو يدخل في حالة صراع معه ومع أية بيئة ينتقل إليها ومنها البيئة المدرسية. وبالمثل فإن التركيز والتثبيت على الصفات القيادية والتسلطية عند الطفل والمعايير الشخصية والنرجسية الصارمة والاعتبارات الذاتية والأسرية والاجتماعية العالية والمحافظة من عائلية ودينية وطبقية وسياسية تخلق عند الطفل استعداداً دائمًا للعدائية والنفور والسلبية ضد محاولات التبخيس أو الاساءة أو الاستخفاف بشخصيته.
كما أننا نضيف أسباباً تعود لظروف الأسرة الاقتصادية وعدم اشباع حاجات الطفل وإحساسه بالدونية لهذه الناحية، ما يخلق عنده شعورًا بالاضطهاد وبالنقص يدفعه إلى الدخول في مغامرات ومواقف عدائية تعويضية وانتقامية.

ج- أسباب صحية وعضوية:
إن أهم هذه الأسباب هو ما تسببه الولادة الصعبة من تشويه عضوي، خصوصاً عندما تتسبب الولادة بتشويهات أو جروح دماغية، أو تصيب الجهاز العصبي للطفل، اضافة إلى التشوهات التي تصيب الجنين أثناء فترة الحمل.
تحدث هذه التشوهات تغيرات في الحالة العقلية والمزاجية عند الطفل بحيث يصبح كثير التذمر لسبب أو بدون سبب، وسريع التوتر والاهتياج، ونزوياً وعديم القدرة على الضبط وتأجيل الاشباع، وميّالاً نحو الانفعالية والسلوك المضاد للمجتمع.

د- أسباب تعود للبيئة المدرسية:
يعمل الاحباط الذي يلاقيه الطفل في البيئة المدرسية على تشكيل الاتجاه العدائي عنده نحو المربي أو المدرسة، وينتج الاحباط عن العلاقة السلبية بين المربي أو الإدارة المدرسية والطفل عندما يتعرض هذا الاخير للاهانة والتحقير  والنفور والنبذ والتشدد في المعاملة، وينتج كذلك عن اعتماد العقاب كوسيلة ردعية أو التهديد بالعقاب، وعن الفشل المدرسي وتدني مستوى الطالب وعدم قدرته على مجاراة رفاقه والغيرة منهم.
يضاف إلى ذلك الإساءة إلى كرامة الطالب وتجريحه أمام رفاقه ما يعتبره هذا الطالب جرحًا نرجسيًا أصابه بكرامته وكبريائه. وتتشكل الميول العدوانية كذلك عندما يشعر الطالب بعجزه عن تمثل المادة الدراسية وحل المسائل بطريقة صحيحة ونيله علامات متدنية تشعره بالنقص والدونية.
وتزداد حدّة هذه الانفعالات عندما يستشعر الطفل التهديد نتيجة خبراته السابقة التي شكلها له أبوه بعقابه الصارم وزجره المتواصل ومن ثم قيام الطفل بعملية المقارنة عبر اقتران صورة المعلم الظالم بصورة ابيه.
وتزداد هذه الحدة كذلك نتيجة التنشئة الوالدية الصارمة وتزويد الطفل باتجاهات الكبرياء وتعظيم الذات والمغالاة في تقديرها وفي النزوع نحو طلب المزيد من الاحترام والمديح والمكافأة وتوهج الحضور، فإذا لم تتحقق هذه الاجراءات أو تحقق عكسها، تثور ثائرة الطفل وتستيقظ ميوله واستعداداته العدوانية في غضب وانفعالية زائدة.
ويحدث احيانًا أن لا يتمكن الطفل من تنفيذ عدوانيته وغضبه نتيجة خوفه من المربي أو الإدارة المدرسية أو الخوف من الفشل المدرسي، لذا فإن الطالب يقوم بتنفيذ عدوانيته بطريقة غير مباشرة، أي عبر اختياره البديل عن المربي ليوجه اليه عدوانيته، كأن ينتقم من أحد رفاقه أو من تجهيزات المدرسة أو من كل ما له علاقة بها.
ويشكل الفشل المدرسي أحد الاسباب الهامة في ميول الطفل العدوانية كردة فعل تعويضية عن الجرح النرجسي وعدم تقدير الذات واثبات الوجود أو نتيجة لتصور الطفل أن الفشل هو نتيجة لكره المربي له وانتقامه منه.
عند تحليلنا لأسباب عدم التكيف المدرسي ولأسباب الاضطرابات السلوكية بشكل عام، ذكرنا دور وأهمية اكتساب الطفل القيم الصارمة والاتجاهات التعصبية وكيف تولد هذه الاتجاهات الاستعداد الدائم عند الطفل لمعاداة وكراهية كل إجراء أو معاملة أو مفاهيم مغايرة لاتجاهاته التعصبية أو تهدف إلى زعزعتها واستبدالها. لذا فإنه حتى ولو لم تظهر عدوانية الطفل بصورة مباشرة في رفض هذه الاجراءات ونبذها، فإن معالم وآثار هذه العدوانية تتبدّى بصورة غير مباشرة من خلال قلق الطفل وعدم تكيفه.
تظهر عدوانية الطفل إذاً في البيئة المدرسية من خلال رفضه التكيف معها وعدم تمثله للمادة الدراسية وقيامه بواجباته، وتظهر احيانًا في صورة فشل مدرسي، كما تظهر هذه العدوانية في مشاكسة المربي ورفضه تنفيذ أوامره والعمل  بصورة مخالفة لما يوجه اليه من أوامر، وعدم المشاركة في النشاطات وفي العملية التربوية.
وتأخذ العدوانية إشكالاً متطرفة عندما يقدم الطالب على التصدي للمربي أو مهاجمته أو الاقدام على ضرب أحد رفاقه وإيذائه بجسده أو بممتلكاته. كما تظهر هذه العدوانية في رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو الذهاب اليها مرغمًا، ما يهيئ لديه الاستعداد لاتخاذ المواقف العدائية والعنفية، وتظهر كذلك في الفوضى الدائمة التي يفتعلها الطالب كتعبير عن غيرته وعدم قدرته على المنافسة أو في صورة انتقام من الطالب الذي يفوقه علمًا وذكاءً.
ويبدي الطالب عدوانية أيضًا عندما يشعر أن رفاقه والمربي يهزأون منه أو يحتقرونه، وذلك كوسيلة لتأكيد الذات ورد الاعتبار.
وكنا قد ذكرنا أن العدوانية الإيجابية هي التي تقوم على اذكاء روح المنافسة الديمقراطية بين الطلاب كوسيلة لزيادة حماسهم وفعاليتهم الدراسية، غير أن المنافسة قد تتحول إلى عدائية وسلبية بفعل التوجيه السيئ من قبل المربي لانفعالية الطلاب وشحن عواطفهم، وإهانة وتحقير الطالب أو الفريق الخاسر، أو عندما يصبح هذا الطالب أو الفريق عرضة للسخرية والاستهزاء والعقاب والتجريح.

3.4 طرق الوقاية:

  1. تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الاولاد. إن مزيجاً من التسيب في النظام والاتجاهات العدوانية لدى الأهل يمكن أن ينتج أولاداً عدوانيين جداً وضعيفي الانضباط.
  2. الإقلال من التعرض للعنف المتلفز: إن عادات مشاهدة التلفاز لدى الاولاد في عمر ٨ أو ٩ سنوات قد أثرت على سلوك العدوان لديهم خلال تلك الفترة وحتى مرحلة المراهقة المتأخرة.
  3. تنمية الشعور بالسعادة: إن الأشخاص السعداء يميلون لأن يكونوا لطيفين نحو أنفسهم ونحو الآخرين بطرق متعددة.
  4. العمل على أن تكون النزاعات الزوجية في حدها الأدنى: إن الولد العادي يتعلم الكثير من سلوكه الاجتماعي من طريق ملاحظة أبويه وتقليدهما. لهذا يجب على الأهل التأكد من أن الاولاد لا يتعرضون إلى درجات عالية من الجدال والصراع والعدوان في ما بينهم.
  5. إعطاء الولد مجالاً للنشاط الجسمي وغيره من البدائل: مثل اللعب في الهواء الطلق والتمارين الرياضية التي تساعد على تفريغ الطاقة والتوتر.
  6. تغيير البيئة وإعادة ترتيب بيئة البيت. فكلما كان هناك مكان أوسع للعب كلما قل احتمال العدوان في ما بينهم. كما أن للموسيقى تأثيراً مهدئاً على النزاعات العدوانية وترتيب الظروف للولد كي يلعب مع أولاد أكبر سناً منه.
  7. العمل على زيادة إشراف الراشدين. إن إظهار الاهتمام بما يفعله الاولاد أو مشاركتهم فيه يمكن أن يقلل من المشكلات.

4.4 طرق العلاج:
هناك العديد من الأساليب الفاعلة لضبط عدوان الأولاد:
أ- تعزيز السلوك المرغوب: كثيراً ما نفترض أن سلوك الأولاد الطيب هو أمر مفروغ منه، وبالتالي لا نقوم بتعزيزه مع أن الخطوة الأولى في معالجة السلوك العدواني هي "الإمساك بالولد وهو يقوم بسلوك جيد"، ومن ثم تقديم الكثير من المعززات الإيجابية للتصرف غير العدواني مثل اللعب التعاوني مع صديق. وفي كل مرة يقوم فيها الولد باللعب مع أحد أقرانه من دون شجار أو صراخ لفترة زمنية قصيرة (لا تزيد عن دقيقة واحدة بالنسبة لبعض الاولاد)، يجب أن يمتدح من قبل الأهل.
ب- التجاهل المتعمد: يجب أن يصاحب تعزيز السلوك المرغوب اجتماعياً تجاهل التصرفات العدوانية، فلا يعطى أي اهتمام على الإطلاق لتصرفات الولد العدوانية الا إذا ترتب عليها تهديد جدي لسلامة الآخرين الجسمية. ولا تجادل الولد أو توبخه أو تعاقبه بسبب سلوك الإغاظة أو التشاجر، لأنك بتجاهلك للتشاجر سوف تكون متأكداً من أنك لا تعزز هذا السلوك من دون قصد منك عن طريق انتباهك له.
إن الراشدين يمكن أن يخفضوا استجابات العدوان اللفظية والجسمية لدى الأولاد تخفيضاً واضحاً من طريق التجاهل المنظم للتصرفات العدوانية و إيلاء الاهتمام للتفاعلات التعاونية بين الأولاد وامتداحها.
ج- تعليم المهارات الاجتماعية: غالباً ما يدخل الأولاد في الشجار عندما تعوزهم المهارات الاجتماعية اللازمة لكي يدخلوا في محادثة. ومن المهارات الإجتماعية التي قد تحتاج إلى تقوية لدى بعض الأولاد مهارة تأكيد الذات. إن  استجابات تأكيد الذات تستثير غضباً أقل وتؤدي إلى إطاعة أكثر من الاستجابات العدوانية. ومن طرق تعليم تأكيد الذات أن تخبر الولد أنه من الضروري أن يعّرِف الأولاد الآخرين بالحالات التي يزعجونه فيها، وأنه من الممكن أن يخبرهم بذلك من دون أن يؤذي مشاعرهم أو يستثير شجاراً معهم. ولعمل ذلك أطلب من الولد أن يعطي وصفاً موضوعياً للسلوك المزعج مع توضيح استجابته الشخصية تجاه السلوك.
د- تطور مهارة الحكم الاجتماعي: يتضمن الحكم الاجتماعي الجيد، التفكير قبل العمل، وتوقع نتائج الأعمال بالنسبة للفرد والآخرين. ولكي تطور هذه المهارة، حاول أن تصف شجاراً حدث في الماضي وشارك فيه الولد. وأن تشير إلى  النتائج السلبية التي ترتبت عليه. علّمِ ولدك أنه مسؤول عن التفكير أولاً بالأسباب والبدائل والنواتج ومشاعر الآخرين في كل مرة يجد فيها أنه ميال للعدوان، وبعد أن يفكر عليه أن يتخذ القرار المناسب. ومن مظاهر الحكم الاجتماعي الجيد احترام حقوق الآخرين في التصرف بممتلكاتهم. وعلم الأولاد، في مرحلة مبكرة، أن يحترموا حقوق الآخرين في ملكياتهم.
ه- حديث الذات: اذا كان طفلك قهريًا ويجد صعوبة في ضبط نزعاته، يمكنك ان تعلمه انواعًا من العبارات التي تكف العدوان، وهي عبارات يمكن للولد أن يرددها لنفسه بهدوء عندما يشعر بميل لمهاجمة الآخرين. إن الاولاد الذين  عوزهم المهارات اللفظية يلجأون إلى قوتهم العضلية في التعامل مع الرفاق.


مراجع البحث
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٠ ). المرجع في الإرشاد التربوي : الدليل الحديث للمربي والمعلم. بيروت: دار أكاديميا أنترناشونال.
الحسيني، أ.(٢٠٠١ ). المدخل الميسر إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي. الرياض: دار عالم الكتب.
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٥). بطارية الإختبارات النمائية : مقاييس القدرات والصحة النفسية والتحصيل المدرسي. جدة: دار عكاظ.
الخطيب، ص.(٢٠٠٣) الإرشاد النفسي في المدرسة: أسسه، نظرياته، تطبيقاته. العين : دار الكتاب الجامعي.
مهنا، ع.( ١٩٩٩). الاضطرابات السلوكية المدرسية : تحليل وعلاج. البقاع، لبنان: حركة الريف الثقافية، جمعية الإنماء التربوي.
الهادي،ج.الغزة،س.( ١٩٩٩). مبادئ التوجيه والإرشاد النفسي. عمان: دار الثقافة.
فهمي، م.( ١٩٦٧ ) الصحة النفسية. القاهرة: دار الثقافة.

 

المشكلات النفسية السلوكية عند الأطفال: كذب، سرقة، عصيان و عدوانية( بيبي أسبابها، الوقاية و العلاج

 د.هدى الحسيني بيبيهنالك فروقات فردية بين البشر من حيث اختلاف حاجاتهم كمّاً و كيفاً ، واختلاف طبيعة قيمهم الفردية. هذه الحاجات والقيم تتغيّر وفقاً لظروف خاصة تواجههم في حياتهم اليومية. و إذا لم يوفّقوا في تلبية حاجة معيّنة، لن يتمكنوا من التخطيط لتلبية الحاجة التالية. عندها يصابون بالإحباط والقلق و الضياع و انعدام الرغبة في التعلّم و تدنّي اعتبار الذات، و غيرها من الاضطرابات النفسية الانفعالية التي تحول دون نموّهم النفسي والاجتماعي. وفي قدرتهم على تحقيق هذه الحاجات تكون شخصيتهم قد نمت نفسياً واجتماعياً لترتقي صعوداً إلى القمّة محقّقة الصحة النفسية والسعادة

 

من هذا المنطلق، يحدد الهرم (هرم الحاجات النمائية) ٣٥ حاجة أو قيمة يحتاجها الفرد خلال مشوار حياته. و هذه الحاجات مقسّمة إلى خمسة محاور سوف نعالج محوراً واحداً منها، وهو المحور الاجتماعي: الحاجة إلى الحب والتعاون والصداقة والانتماء والشعور مع الآخرين.

ومن الضروري الإشارة إلى أنه في حال لم يستطع الفرد تحقيق أية حاجة من هذه الحاجات في هذا المحور الاجتماعي بالذات، يصاب بالاحباط وعدم التكيّف ما يؤدي إلى دفعه لسلوكيات غير مستحبة و غير مقبولة بتاتاً من أسرته  ورفاقه ومجتمعه وبالتالي وضعه في مأزق حرج ينبذه المجتمع ويتجنّبه.

باختصار، هذه هي أسباب المشكلات النفسيّة والاجتماعية التي يواجهها الفرد. وسوف يتطرق هذا البحث إلى معالجة أربع مشكلات يمكن تصنيفها خطرة هي: الكذب، السرقة، العصيان والعدوانية.

١. الكذب:
1.1 تحديده:
إنه ذكر شيء غير حقيقي، مع معرفة بأنه كذب وبنية غش أو خداع آخر من أجل الحصول على فائدة أو من أجل التملّص من أشياء غير سارة. ومع أن جميع الأولاد يكذبون أحياناً، إلا أن الأهل يميلون إلى اعتبار الصدق سمة شخصية أساسية أكثر من جميع السمات الأخرى ويشعرون بالانزعاج عندما يكون ولدهم غير صادق. ويجد الأطفال (أطفال مرحلة ما قبل المدرسة) صعوبة في التمييز ما بين الخيال والحقيقة، ونتيجة لذلك فهم عرضة لخداع الذات وللمبالغة وللتفكير الرغبي للمقابل. فإن الولد في سن المدرسة أكثر احتمالاً لذكر الأكاذيب من النوع "اللاإجتماعي" حيث يتم ذكر الأكذوبة عن قصد لتجنب العقاب أوللحصول على مكاسب على حساب الآخرين أو كي يحطّ من قدرهم.

ويختلف الأولاد في مستوى نموّهم الأخلاقي وفي فهمهم للصدق. ويميّز بياجيه (Piaget) بين ثلاث مراحل لمعتقدات الأولاد حول الكذب. ففي المرحلة الأولى، يعتقد الولد بأن الكذب خطأ لأنه موضوع تتمّ المعاقبة عليه من قبل الكبار. ولو تمّ إلغاء العقاب، لأصبح الكذب مقبولاً.
وفي المرحلة الثانية يصبح الكذب شيئاً خاطئاً بحد ذاته ويظلّ كذلك حتى لو تمّ إلغاء العقوبة.
وفي المرحلة الثالثة "يكون الكذب خطأ لأنه يتعارض مع التعاطف والاحترام المتبادل".

2.1 أسباب الكذب : أهم الأسباب:

  • الدفاع عن النفس: التهرب من النتائج غير السارة للسلوك.
  • الإنكار: تجنب الذكريات المؤلمة.
  • التقليد: تقليد الكبار.
  • التفاخر: التباهي للحصول على الإعجاب ولفت النظر.
  • اختبار الواقع: محاولة لمعرفة الواقع من الخيال (الفرق بينهما)
  • الولاء: لحماية آخرين.
  • العداء: التصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
  • المكسب الشخصي.
  • صورة الذات:الاقتناع بأنه كاذب.
  • عدم الثقة : عدم ثقة الأهل تدفعه إلى الكذب.

3.1 الوقاية منه:

  • لا تطلب منه أن يشهر عنّي شيئاً سيئاً.
  • التزم بمعيار الصدق الذي وضعته.
  • تجنّب استخدام العقاب الشديد أو المتكرر الذي يؤدي إلى تنمية الكذب كوسيلة للدفاع عن النفس.
  • ناقش القضايا الأخلاقية داخل الأسرة لتوضيح لماذا يعتبر الكذب والغش والسرقة أعمالاً سيئة، واجعل المناقشات شيّقة وتثقيفية.
  • كن صادقاً أنت في ممارساتك فإن الصدق هو سلوك مكتسب.

4.1 كيفيّة علاج الكذب:
الكذب هو آفة، وهو من أصعب المشكلات التي من الممكن حلّها ومعالجتها. وعلى المرشد أو المعالج اتّباع الطرق الآية:

  • الإرشاد: جلسات إرشادية لتوضيح معنى الصدق وسلبيات الكذب والراحة النفسيّة عند قول الصدق.
  • توضيح القيم الأخلاقية والاجتماعية: ويتم ذلك من خلال المناقشة والحوار. ومن هذه القيم، الثقة والاحترام  المتبادل المبني على التواصل الصادق.
  • التغذية المرتدة الدافعية: الطلب من الطفل التركيز على تسلسل الأحداث وعلى تورطه من خلال أسئلة محددة تحليلية.

حالة سامي نموذج تحليل

سامي في التاسعة من عمره كثيراً ما يكذب على أهله ومعلميه ورفاقه، ويكون كذبه إما محاولة لتفادي العقاب أو وسيلة ليظهر نفسه بطلاً أو شخصاً مهماً. وكخطوة أولى وافق الأهل على تحديد جزاءات للكذب معقولة ومتفق عليها. وبعد نقاش دار بين سامي والأهل، تم الاتفاق على أن يمنع الولد من مشاهدة التلفاز في أي يوم يكذب فيه، وقد استخدمت هذه الطريقة لأن مشاهدة التلفاز تعتبر نشاطاً مهماً لسامي. وقد وجد سامي أن هذه الخسارة مهمة بالنسبة اليه. وبالإضافة إلى ذلك، اتفق على أنه إذا كذب الولد في يومين من أيام الأسبوع الواحد فإنه يخسر ألف ليرة من مصروفه الأسبوعي. أما حاجته للشعور بالأهمية فقد عولجت من خلال زيادة اهتمام أهله بالثناء عليه وتقديره. وقد تم تحقيق ذلك من خلال زيادة العبارات الإيجابية التي تقال لسامي. كما كانت تعطى ملاحظات من قبل الأهل تعبر عن سرورهما برؤية زيادة في صدق سامي. فقد وافقا على التعليق على صدقه في وصف الأحداث واعترافه بصعوباته. ولقد أقرّ الأهل بأن رد فعلهم السابق لم يكن يتضمن أبداً امتداح السلوك الحسن، وإنما تقريع السلوك الخاطئ (خصوصاً الكذب) وانتقاده. وخلال الشهر الأول، خسر الولد ألف ليرة مرتين بسبب (الكذب في يومين خلال أحد الأسابيع وثلاثة أيام في أسبوع آخر). وخلال الأسبوع الثالث فقد فرصة مشاهدة التلفاز ليلة واحدة فقط، وكان الأسبوع الرابع ممتازاً. وقد طلب من الأهل إشراكه في مكافأة خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي يوم الأحد صحب الأب سامي إلى البحر وبعد ذلك دعاه إلى تناول البوظة. ومع شعور الجميع بالرضا، فإن الكذب انخفض بشكل ملحوظ بعد شهر واحد. وقد تمّ وقف النظام بعد ذلك حيث شعر الجميع أنه لم تعد له حاجة.

2. السرقة أو عدم الأمانة:
1.2 تحديدها:

عندما يتطور الكذب ولا يعالج يصبح الولد الكذاب غشاشاً ومن ثم سارقأً ومن ثم مجرماً.
تعريف السرقة: امتلاك شيء لا يخص الولد. تسمى سرقة إذا عرف الولد أن من الخطأ أن يأخذ شيأً من دون إذن صاحبه.
حوادث السرقة البسيطة في مرحلة الطفولة الباكرة شائعة جداً، وهي تميل إلى بلوغ ذروتها في حوالى عمر  5 -8 سنوات ومن ثم تبدأ بالتناقص. ينمو الضمير بشكل بطيء عند الأولاد كلما ابتعدوا تدريجياً عن اتجاه يتمركز حول الذات والإشباع الفوري لدوافعهم.

ومن بين جميع المشكلات السلوكية تعتبر السرقة أكثرها إثارة للقلق، حيث يرونها نموذجاً للسلوك الإجرامي ما يولد الخوف في قلوبهم. وإذا استمرت السرقة العادية بعد سن العشر سنوات فإنها على الأرجح علامة على وجود اضطراب انفعالي خطير عند الطفل وهي بحاجة إلى مساعدة متخصصة فورية.

2.2 الأسباب:
نقص خطير لشيء ما في حياة الطفل، وبالتالي تكون السرقة تعويضاً رمزياً لغياب الحب الأبوي والاهتمام أو الاحترام أو المودة. إن الأحداث المنحرفين والذين يتورطون باستمرار في أشكال مختلفة من السلوكيات اللاإجتماعية يكونون في الغالب من أسر تتصف بالإدمان الأبوي على الكحول والجريمة والتنشئة الأسرية السيئة التي تتسم بالنبذ التام للأولاد، وتتمظهر هذه الاسباب من خلال:

  • اختيار نموذج سيء للاقتداء به من أجل تدعيم احترام الذات والاستمتاع بالاستثارة وحس المغامرة.
  • لأنهم لا يمتلكون نقوداً لشراء ما يرغبون، كونهم من خلفية اقتصادية اجتماعية متدنية يجدون صعوبة في احترام ملكية الآخرين.
  • طريقة في الانتقام من الأهل بشكل لاشعوري، إذ يسبب الطفل إحراجاً لهم عندما يقوم بالسرقة.
  • وجود توتر داخلي عند الطفل مثل الغضب، الغيرة والاكتئاب الذي يتم التنفيس عنه من خلال السرقة.
  • إصابة الطفل بالإحباط وعدم قدرته على تحمله وعدم مقاومته لإغراء السرقة.

3.2 طرق الوقاية:
أن يكون الأهل قدوة.

  • تعليم الطفل القيم واعطاء قيمة كبيرة للأمانة الشخصية واحترام ممتلكات الغير.
  • تعليم الطفل معنى الخير العام.
  • تنمية علاقة حميمية مع الطفل.
  • تأمين مصروفٍ منتظم.
  • الإشراف المباشر على الطفل.
  • شرح حقوق الملكية داخل البيت وخارجه، وسلبيات الاستعارة والإعارة.

4.2 طرق المعالجة:
اتخاذ إجراءٍ فوري تصحيح/ مواجهة/ تفهم (لماذا)/ الحوار والاهتمام/

  • مساعدته لتطوير ضمير ناضج بعيد عن الأنا/ مساعدته في إثبات قوته وبراعته في توجيهه إلى مصادر بديلة عن اثبات الذات من خلال السرقة.
  • ضبط الأعصاب والاستجابة بهدوء والسيطرة على الثورة الانفعالية وعدم مبالغة الأهل في الغضب أو الشعور بالصدمة وخيبة الأمل. (يجب عدم مطالبته بالاعتراف لأن هذا يرغمه على الكذب).
  • المراقبة والإشراف المباشر من قبل الأهل: يحتاج الطفل لأن يعرف بشكل أكيد بأنه لن يتمكن من الإفلات من العقاب، بغض النظر عن أكاذيبه الذكية أو التمويهات. وينبغي مواجهته بكل حادث سرقة وعدم تقبل أي تبريرات أو تفسيرات أو اعتذارات.

3. (عدم الطاعة) العصيان:
1.3 تحديدها:

رفض الاستجابة للقوانين المنطقية التي يفرضها الأهل.

يصل سلوك العصيان ذروته خلال عمر السنتين، ويتناقص بشكل طبيعي تدريجيًا. ثم تظهر السلبية مرة اخرى خلال سنوات المراهقة.
ينبغي أن ينظر إلى كمية معقولة من عدم الطاعة على أنه تعبير صحي عن الأنا التي تسعى إلى الاستقلالية والتوجيه الذاتي. إن بعض الاطفال يعصون باستمرار ويقاومون أي طلب بشكل أوتوماتيكي. ويظهر العصيان غير السوي بشكل أكثر تكرارًا وأكثر شدة ويدوم لفترة أطول من الوقت من النوع السوي.
هناك ثلاثة أشكال رئيسة للعصيان:

  • شكل المقاومة السلبية: يتأخر في امتثاله، ويتهجم، ويصبح حزينًا، هادئًا ومنسحبًا، أو يشكو ويتذمر من أن عليه أن يطيع، أو أنه يمتثل لحرفية التعليمات ولكن ليس لروح القانون.
  • العصيان الحاقد: ويؤدي إلى قيام الولد بعكس ما طلب منه تمامًا. فالولد الذي يطلب منه ان يهدأ يصرخ بصوت أعلى.
  • التحدي الظاهر: ''لن أفعل ذلك'' حيث يكون الولد مستعدًا لتوجيه إساءة لفظية أو للانفجار في ثورة غضب للدفاع عن موقفه.
  • 2.3 أسبابها:
  • النظام المتساهل والاحجام بتاتًا عن قول "لا"
  • القسوة المفرطة أو النظام الصارم وتسلط الأهل ونقدهم بشكل زائد.
  • عدم الثبات في التربية، (عندما لا يستطيع الأهل الاتفاق على معايير سلوكية أو فرض قوانين).
  • الأهل المتوترون أو في حالة صراع.
  • الأهل المهملون لدورهم بسبب ضغوطات العمل.
  • الولد المبدع والقوي الارادة.
  • الولد المتعب أو المريض.
  • الذكاء الشديد (كلما كان الولد أكثر ذكاءً، كلما زاد احتمال أن يكون مطيعًا للمطالب المعقولة).

3.3 طرق الوقاية:

  • بناء علاقة وثيقة مع الطفل وتخصيص بعض الوقت يوميًا لاعطائه اهتماماً خاصًا.
  • الاستجابة لطلبات الولد قدر الامكان مع اعتبار "قانون التبادل".
  • عدم التسلط وإعطاء أوامر غير منطقية وغير قابلة للتطبيق.
  • احترام القوانين من قبل الأهل وأن يكونوا قدوة في اتباعها.
  • وضع قواعد: أن أي طلب يطلب من الولد هو بمثابة قاعدة وليس أمام الطفل أي خيار الا أن يمتثل.
  • فرض القواعد: وذلك من خلال الثبات والحزم وعدم التساهل يومًا والتشدد يومًا آخر. ومن خلال استخدام جزاءات أو عقوبات منطقية وتجنب الافراط في القسوة في العقوبات.

4.3 طرق المعالجة:

  • التعزيز الإيجابي: الثناء كلما أذعن الولد للمطالب. إن المكافآت المادية لسلوك الطاعة كانت فعالة مع الاولاد في عمر ١٢ سنة فما دون. وفي حال الاولاد من عمر 7-12 سنة يمكن استخدام نظام نقاط لتعزيز الطاعة. أما بالنسبة للأولاد ما بين 2-5 سنوات فيمكن وضع نجمة على اللوحة في كل مرة يطيع فيها الولد، وإعطاؤه بعدها مكافأة مادية يحبها.
  • القصاص أو الجزاءات التي تنبهه إلى انه أخلّ بالنظام وتغاضي عن القاعدة. ويأتي القصاص في حال فشل التعزيز الايجابي.
  • استخدام التأنيب الفعال لتحذير الولد من العواقب السيئة التي تترتب على استمراره في سلوك عدم الطاعة.
  • إقران المكافأة بالعقاب. الثناء على الطفل عندما يطيع وبعقابه إذا لم يطع.
  • تقوية العلاقة ما بين الاهل والمربي والطفل: بناء علاقة حميمة وليس علاقة ضبط وإصدار توجيهات فقط.
  • التجاهل: وعدم ابداء اهتمام بسلوك عدم الطاعة بقدر الإمكان خصوصًا في الحالات البسيطة، وإعطاؤه اهتماماً بنسبة ١٠٠ ٪ لسلوك الطاعة.
  • عقد اتفاقية: والتوقيع عليها خصوصاً مع المراهقين. والإشارة إلى التزام الولد بخفض سلوك المعارضة، ويوافق المربي في المقابل على الإذعان لرغبات معينة عند الولد. وهكذا يحدث تعامل متبادل، وفائدة هذه الاتفاقيات انها تحدد وتبرز ما هو المتوقع من كل من الأهل والولد.
  • اعطاؤه توجيهات واضحة ومباشرة ومختصرة ومحددة.
  • السماح له ببعض سلوك المعارضة والذي لايصل إلى حد السلوك اللاأخلاقي أو غير القانوني.
  • العزلة: في بعض الأحيان يمكن تجاهل الولد تمامًا كما لو كان غير موجود. تقوم الأسرة جميعها بذلك. وحرمان الولد من جميع أشكال التفاعل الأسري والخدمات إلى أن يمتثل للقاعدة.
  • الترويض: تعريفه بوضوح على أنه ليس السيد والقائد في البيت. ويقوم الأب والأم بالامساك بالولد بحيث يمنع من الحركة.
  • العناية بالولد من قبل أشخاص: وقد تساعد خبرات  روضة الأطفال في تعليم الولد المعارض الامتثال للسلطة وبالطريقة نفسها يمكن أن يكون العيش في مخيم أو مدرسة داخلية هو الأفضل.


4. العدوانية:
1.4 تحديدها:

هي استجابة طبيعية تظهر عندما يحتاج الفرد إلى حماية أمنه وسعادته وفرديته. إنه سلوك يلحق الأذى بالغير: أذى نفسيًا أو جسدياً.
والولد العدواني يميل على نحو شديد ومستمر إلى أن يكون قهريًا، هائجاً، وغير ناضج وضعيف التعبير عن مشاعره متمركزاً حول ذاته ويجد صعوبة في تقبل النقد أو الاحباط. وهو أقل ذكاء من غيره.
كيف تتطور ظاهرة العدوانية بين الاولاد؟
عمر السنتين: ضرب الولد الآخر.
عمر 3 سنوات: يبدأ المجادلة مع الآخر.

عمر 4 - 7 سنوات: تقدّم في زيادة ضبط العدوان.
عمر 8 - 9 سنوات: يصبح الولد منضبطًا بشكل جيد.
حوالى ١٠ ٪ من الاولاد يظهرون عدوانية زائدة بعمر ١٠ سنوات وانتشار العدوانية متساوٍ بين الصبيان والبنات.

2.4 الأسباب:
أ- أسباب نفسية تكوينية:
يعتبر الاحباط أهم عامل مؤسس للميول العدوانية عند الطفل خصوصاً وعند الكائن البشري عموماً، وقد عرفه د.مصطفى فهمي، بأنه "العملية التي تتضمن إدراك الفرد لعائق يحول دون إشباع حاجاته أو توقع الفرد حدوث هذا العائق في المستقبل".
وينشأ الاحباط عادة نتيجة حرمان الأم لطفلها من إشباع حاجاته من غذائية أو عاطفية أو نفسية ويتم تصوره على أنه جرح نرجسي يصيب الفرد في شخصه وكرامته وذاته. فالطفل حين يصرخ طلباً للغذاء أو للحماية ولا تنجده أمه يشعر بالاحباط وتتولد عنده بالتالي مشاعر عدم تقدير الذات والإحساس بالنقص، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً طلباً للتعويض أو تصريف الشحنة الانفعالية وتوظيفها في سلوك تدميري يهدف إلى إيذاء الآخر.
إن الطفل يدرك عمليات الصدّ والقمع ويدخلها في لاوعيه لتتشكل بعد ذلك انفعالاته التي تظهر في صورة غضب وتوتر عضويين.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن مواقف الحرمان والصدّ والاحباط لا تولد جميعها مواقف عدوانية، بل إن إحباطات معينة قد تؤدي إلى الانطواء و التراجع والانسحاب واللجوء إلى الإدمان كتعبير عن ردة فعل نكوصية إلى مواقف طلب المساعدة والحماية ونبذ الذات.
إن حياة الطفل والكائن بصورة عامة مليئة بالاحباطات، وهي تختلف من بيئة لأخرى، كما أن ذلك يأخذ معاني متعددة تبعاً لاختلاف الأفراد وتغيير ظروف حياتهم، وطبيعة تكوينهم، فالطفل الذي صقلت ''الأنا'' عنده بصورة جيدة يتقبل الاحباط بصورة مختلفة وأقل فاعلية من الطفل الذي لم تنضج "الأنا" عنده ولم تُبْنَ بصورة سليمة، وكذلك وفقاً لدرجة وقوة "الهوس" عنده وضعف "الأنا" في مواجهتها، كما أن الاحباط بالنسبة لطفل جائع ويائس هو أشد فاعلية من إحباط طفل تشبع حاجاته بصورة كافية ومتوازنة.
وبالمثل فإن الاحباط بالنسبة لطفل يتميز بنرجسية متضخمة. هو أكبر أثراً منه في طفل لا يتمتع بهذه النرجسية.
ويضاف إلى الاحباط كدافع للعدوانية، عامل آخر هو عامل تأكيد الذات واثبات الوجود والذي يعتمده الطفل بطريقة لا واعية، وهو لذلك يسلك سلوكاً عدوانياً يتجسد في اسلوب المشاكسة ورفض أوامر الكبار من أهل ومربين وإخوة كبار.
والطفل يقارن بين جسمه واجسام الكبار ويحس بصغر حجمه مقارنة بهم وضعفه أمامهم، وهو لذلك يلجأ إلى الوسائل والسلوكيات العدائية من أجل التعويض عما يشعر به من دونية وضعف. ويدخل ضمن مفهوم تأكيد الذات، كدافع إلى العدوانية واثبات التفوق، الجرح النرجسي وشعور الطفل أنه مهان ومحتقر بسبب ضعفه وصغر حجمه، وهذا الجرح لا ينشأ فقط عن العقاب والزجر والتبخيس والاهانة بل من إحساس الطفل بغياب السلطة الأبوية والحرمان العاطفي من قبل الأم وفقدان عنصر الحماية من جانب الأب.
والتثبيت على عقدة أوديب وعدم تصفيتها بطريقة سليمة عامل مساعد آخر في نشوء الميل إلى العدوانية، باعتبار ان الطفل حين يبقى مثبتاً على ميوله نحو أمه وشعوره بالغيرة من أبيه وعدم انتقال الطفل للتعلق بابيه والتماهي  شخصيته واقامة علاقة جديدة معه، فإن ميوله العدوانية تزداد نحو أبيه والرغبة في قتله وتدميره ومن ثم تنامي الميول العدوانية نحو كل الرجال ومنهم المربي، والذي يصبح الرمز للصورة الأبوية المكروهة والمحتقرة.

ب-أسباب أسرية واجتماعية:
يدخل ضمن هذه الأسباب علاقة الطفل بأمه وموقعه في الأسرة ومشاعر الغيرة التي تولد عنده الميول العدوانية، وما يقوم به الأهل من تفضيل طفل على آخر، كما تتولد هذه الميول في حالات قيام الأب باضطهاد الأم أو عدم احترام الأم للأب.
ويلعب أسلوب العقاب الصارم وإقدام الأهل على احتقار الطفل وتبخيسه وعدم احترامه دوراً فعالاً في نشوء الميول العدوانية عنده، كما يلعب أسلوب التسامح والتساهل في التربية الدور نفسه، وذلك عندما يقدم الطفل على ارتكاب اعمال تتصف بالعدوانية أو تلحق الضرر بالآخرين ثم لا يلاقي من أهله اللوم أو القصاص، فيعمد إلى تفسير ذلك بأنه مكافأة له أو يعمد إلى إقناع نفسه بأن ما يفعله هو صحيح ومطلوب.
وكنا قد أشرنا إلى عامل الاحباط الناشئ عن الحرمان العاطفي وتفكك الصورة الوالدية وغياب سلطة الأب كعامل مساعد على إحساس الطفل بالدونية والنقص وتنامي ميله إلى العدوان كردة فعل تعويضية على التبخيس والجرح  لنرجسي.
والعامل الأكبر أثراً في نمو الاتجاه العدواني عند الطفل هو ما يتعلق بالتربية الأسرية الخاطئة، والتنشئة الوالدية التي تطبع ذهن الطفل وتفكيره بالقيم المعادية للمجتمع وللآخرين وتعده للمواقف العدائية كلما أحس بتهديد لقيمه أو توقع هذا التهديد.
فالأب والأم يزودان الطفل بالأفكار واللغة وطريقة التفكير المعادية للمحيط ولتقاليده وعاداته واتجاهاته، ما يجعل الطفل عنصراً سلبياً غير متكيف مع مجتمعه ومنحرفاً عن معاييره ولذا فهو يدخل في حالة صراع معه ومع أية بيئة ينتقل إليها ومنها البيئة المدرسية. وبالمثل فإن التركيز والتثبيت على الصفات القيادية والتسلطية عند الطفل والمعايير الشخصية والنرجسية الصارمة والاعتبارات الذاتية والأسرية والاجتماعية العالية والمحافظة من عائلية ودينية وطبقية وسياسية تخلق عند الطفل استعداداً دائمًا للعدائية والنفور والسلبية ضد محاولات التبخيس أو الاساءة أو الاستخفاف بشخصيته.
كما أننا نضيف أسباباً تعود لظروف الأسرة الاقتصادية وعدم اشباع حاجات الطفل وإحساسه بالدونية لهذه الناحية، ما يخلق عنده شعورًا بالاضطهاد وبالنقص يدفعه إلى الدخول في مغامرات ومواقف عدائية تعويضية وانتقامية.

ج- أسباب صحية وعضوية:
إن أهم هذه الأسباب هو ما تسببه الولادة الصعبة من تشويه عضوي، خصوصاً عندما تتسبب الولادة بتشويهات أو جروح دماغية، أو تصيب الجهاز العصبي للطفل، اضافة إلى التشوهات التي تصيب الجنين أثناء فترة الحمل.
تحدث هذه التشوهات تغيرات في الحالة العقلية والمزاجية عند الطفل بحيث يصبح كثير التذمر لسبب أو بدون سبب، وسريع التوتر والاهتياج، ونزوياً وعديم القدرة على الضبط وتأجيل الاشباع، وميّالاً نحو الانفعالية والسلوك المضاد للمجتمع.

د- أسباب تعود للبيئة المدرسية:
يعمل الاحباط الذي يلاقيه الطفل في البيئة المدرسية على تشكيل الاتجاه العدائي عنده نحو المربي أو المدرسة، وينتج الاحباط عن العلاقة السلبية بين المربي أو الإدارة المدرسية والطفل عندما يتعرض هذا الاخير للاهانة والتحقير  والنفور والنبذ والتشدد في المعاملة، وينتج كذلك عن اعتماد العقاب كوسيلة ردعية أو التهديد بالعقاب، وعن الفشل المدرسي وتدني مستوى الطالب وعدم قدرته على مجاراة رفاقه والغيرة منهم.
يضاف إلى ذلك الإساءة إلى كرامة الطالب وتجريحه أمام رفاقه ما يعتبره هذا الطالب جرحًا نرجسيًا أصابه بكرامته وكبريائه. وتتشكل الميول العدوانية كذلك عندما يشعر الطالب بعجزه عن تمثل المادة الدراسية وحل المسائل بطريقة صحيحة ونيله علامات متدنية تشعره بالنقص والدونية.
وتزداد حدّة هذه الانفعالات عندما يستشعر الطفل التهديد نتيجة خبراته السابقة التي شكلها له أبوه بعقابه الصارم وزجره المتواصل ومن ثم قيام الطفل بعملية المقارنة عبر اقتران صورة المعلم الظالم بصورة ابيه.
وتزداد هذه الحدة كذلك نتيجة التنشئة الوالدية الصارمة وتزويد الطفل باتجاهات الكبرياء وتعظيم الذات والمغالاة في تقديرها وفي النزوع نحو طلب المزيد من الاحترام والمديح والمكافأة وتوهج الحضور، فإذا لم تتحقق هذه الاجراءات أو تحقق عكسها، تثور ثائرة الطفل وتستيقظ ميوله واستعداداته العدوانية في غضب وانفعالية زائدة.
ويحدث احيانًا أن لا يتمكن الطفل من تنفيذ عدوانيته وغضبه نتيجة خوفه من المربي أو الإدارة المدرسية أو الخوف من الفشل المدرسي، لذا فإن الطالب يقوم بتنفيذ عدوانيته بطريقة غير مباشرة، أي عبر اختياره البديل عن المربي ليوجه اليه عدوانيته، كأن ينتقم من أحد رفاقه أو من تجهيزات المدرسة أو من كل ما له علاقة بها.
ويشكل الفشل المدرسي أحد الاسباب الهامة في ميول الطفل العدوانية كردة فعل تعويضية عن الجرح النرجسي وعدم تقدير الذات واثبات الوجود أو نتيجة لتصور الطفل أن الفشل هو نتيجة لكره المربي له وانتقامه منه.
عند تحليلنا لأسباب عدم التكيف المدرسي ولأسباب الاضطرابات السلوكية بشكل عام، ذكرنا دور وأهمية اكتساب الطفل القيم الصارمة والاتجاهات التعصبية وكيف تولد هذه الاتجاهات الاستعداد الدائم عند الطفل لمعاداة وكراهية كل إجراء أو معاملة أو مفاهيم مغايرة لاتجاهاته التعصبية أو تهدف إلى زعزعتها واستبدالها. لذا فإنه حتى ولو لم تظهر عدوانية الطفل بصورة مباشرة في رفض هذه الاجراءات ونبذها، فإن معالم وآثار هذه العدوانية تتبدّى بصورة غير مباشرة من خلال قلق الطفل وعدم تكيفه.
تظهر عدوانية الطفل إذاً في البيئة المدرسية من خلال رفضه التكيف معها وعدم تمثله للمادة الدراسية وقيامه بواجباته، وتظهر احيانًا في صورة فشل مدرسي، كما تظهر هذه العدوانية في مشاكسة المربي ورفضه تنفيذ أوامره والعمل  بصورة مخالفة لما يوجه اليه من أوامر، وعدم المشاركة في النشاطات وفي العملية التربوية.
وتأخذ العدوانية إشكالاً متطرفة عندما يقدم الطالب على التصدي للمربي أو مهاجمته أو الاقدام على ضرب أحد رفاقه وإيذائه بجسده أو بممتلكاته. كما تظهر هذه العدوانية في رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو الذهاب اليها مرغمًا، ما يهيئ لديه الاستعداد لاتخاذ المواقف العدائية والعنفية، وتظهر كذلك في الفوضى الدائمة التي يفتعلها الطالب كتعبير عن غيرته وعدم قدرته على المنافسة أو في صورة انتقام من الطالب الذي يفوقه علمًا وذكاءً.
ويبدي الطالب عدوانية أيضًا عندما يشعر أن رفاقه والمربي يهزأون منه أو يحتقرونه، وذلك كوسيلة لتأكيد الذات ورد الاعتبار.
وكنا قد ذكرنا أن العدوانية الإيجابية هي التي تقوم على اذكاء روح المنافسة الديمقراطية بين الطلاب كوسيلة لزيادة حماسهم وفعاليتهم الدراسية، غير أن المنافسة قد تتحول إلى عدائية وسلبية بفعل التوجيه السيئ من قبل المربي لانفعالية الطلاب وشحن عواطفهم، وإهانة وتحقير الطالب أو الفريق الخاسر، أو عندما يصبح هذا الطالب أو الفريق عرضة للسخرية والاستهزاء والعقاب والتجريح.

3.4 طرق الوقاية:

  1. تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الاولاد. إن مزيجاً من التسيب في النظام والاتجاهات العدوانية لدى الأهل يمكن أن ينتج أولاداً عدوانيين جداً وضعيفي الانضباط.
  2. الإقلال من التعرض للعنف المتلفز: إن عادات مشاهدة التلفاز لدى الاولاد في عمر ٨ أو ٩ سنوات قد أثرت على سلوك العدوان لديهم خلال تلك الفترة وحتى مرحلة المراهقة المتأخرة.
  3. تنمية الشعور بالسعادة: إن الأشخاص السعداء يميلون لأن يكونوا لطيفين نحو أنفسهم ونحو الآخرين بطرق متعددة.
  4. العمل على أن تكون النزاعات الزوجية في حدها الأدنى: إن الولد العادي يتعلم الكثير من سلوكه الاجتماعي من طريق ملاحظة أبويه وتقليدهما. لهذا يجب على الأهل التأكد من أن الاولاد لا يتعرضون إلى درجات عالية من الجدال والصراع والعدوان في ما بينهم.
  5. إعطاء الولد مجالاً للنشاط الجسمي وغيره من البدائل: مثل اللعب في الهواء الطلق والتمارين الرياضية التي تساعد على تفريغ الطاقة والتوتر.
  6. تغيير البيئة وإعادة ترتيب بيئة البيت. فكلما كان هناك مكان أوسع للعب كلما قل احتمال العدوان في ما بينهم. كما أن للموسيقى تأثيراً مهدئاً على النزاعات العدوانية وترتيب الظروف للولد كي يلعب مع أولاد أكبر سناً منه.
  7. العمل على زيادة إشراف الراشدين. إن إظهار الاهتمام بما يفعله الاولاد أو مشاركتهم فيه يمكن أن يقلل من المشكلات.

4.4 طرق العلاج:
هناك العديد من الأساليب الفاعلة لضبط عدوان الأولاد:
أ- تعزيز السلوك المرغوب: كثيراً ما نفترض أن سلوك الأولاد الطيب هو أمر مفروغ منه، وبالتالي لا نقوم بتعزيزه مع أن الخطوة الأولى في معالجة السلوك العدواني هي "الإمساك بالولد وهو يقوم بسلوك جيد"، ومن ثم تقديم الكثير من المعززات الإيجابية للتصرف غير العدواني مثل اللعب التعاوني مع صديق. وفي كل مرة يقوم فيها الولد باللعب مع أحد أقرانه من دون شجار أو صراخ لفترة زمنية قصيرة (لا تزيد عن دقيقة واحدة بالنسبة لبعض الاولاد)، يجب أن يمتدح من قبل الأهل.
ب- التجاهل المتعمد: يجب أن يصاحب تعزيز السلوك المرغوب اجتماعياً تجاهل التصرفات العدوانية، فلا يعطى أي اهتمام على الإطلاق لتصرفات الولد العدوانية الا إذا ترتب عليها تهديد جدي لسلامة الآخرين الجسمية. ولا تجادل الولد أو توبخه أو تعاقبه بسبب سلوك الإغاظة أو التشاجر، لأنك بتجاهلك للتشاجر سوف تكون متأكداً من أنك لا تعزز هذا السلوك من دون قصد منك عن طريق انتباهك له.
إن الراشدين يمكن أن يخفضوا استجابات العدوان اللفظية والجسمية لدى الأولاد تخفيضاً واضحاً من طريق التجاهل المنظم للتصرفات العدوانية و إيلاء الاهتمام للتفاعلات التعاونية بين الأولاد وامتداحها.
ج- تعليم المهارات الاجتماعية: غالباً ما يدخل الأولاد في الشجار عندما تعوزهم المهارات الاجتماعية اللازمة لكي يدخلوا في محادثة. ومن المهارات الإجتماعية التي قد تحتاج إلى تقوية لدى بعض الأولاد مهارة تأكيد الذات. إن  استجابات تأكيد الذات تستثير غضباً أقل وتؤدي إلى إطاعة أكثر من الاستجابات العدوانية. ومن طرق تعليم تأكيد الذات أن تخبر الولد أنه من الضروري أن يعّرِف الأولاد الآخرين بالحالات التي يزعجونه فيها، وأنه من الممكن أن يخبرهم بذلك من دون أن يؤذي مشاعرهم أو يستثير شجاراً معهم. ولعمل ذلك أطلب من الولد أن يعطي وصفاً موضوعياً للسلوك المزعج مع توضيح استجابته الشخصية تجاه السلوك.
د- تطور مهارة الحكم الاجتماعي: يتضمن الحكم الاجتماعي الجيد، التفكير قبل العمل، وتوقع نتائج الأعمال بالنسبة للفرد والآخرين. ولكي تطور هذه المهارة، حاول أن تصف شجاراً حدث في الماضي وشارك فيه الولد. وأن تشير إلى  النتائج السلبية التي ترتبت عليه. علّمِ ولدك أنه مسؤول عن التفكير أولاً بالأسباب والبدائل والنواتج ومشاعر الآخرين في كل مرة يجد فيها أنه ميال للعدوان، وبعد أن يفكر عليه أن يتخذ القرار المناسب. ومن مظاهر الحكم الاجتماعي الجيد احترام حقوق الآخرين في التصرف بممتلكاتهم. وعلم الأولاد، في مرحلة مبكرة، أن يحترموا حقوق الآخرين في ملكياتهم.
ه- حديث الذات: اذا كان طفلك قهريًا ويجد صعوبة في ضبط نزعاته، يمكنك ان تعلمه انواعًا من العبارات التي تكف العدوان، وهي عبارات يمكن للولد أن يرددها لنفسه بهدوء عندما يشعر بميل لمهاجمة الآخرين. إن الاولاد الذين  عوزهم المهارات اللفظية يلجأون إلى قوتهم العضلية في التعامل مع الرفاق.


مراجع البحث
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٠ ). المرجع في الإرشاد التربوي : الدليل الحديث للمربي والمعلم. بيروت: دار أكاديميا أنترناشونال.
الحسيني، أ.(٢٠٠١ ). المدخل الميسر إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي. الرياض: دار عالم الكتب.
الحسيني  بيبي، ه.( ٢٠٠٥). بطارية الإختبارات النمائية : مقاييس القدرات والصحة النفسية والتحصيل المدرسي. جدة: دار عكاظ.
الخطيب، ص.(٢٠٠٣) الإرشاد النفسي في المدرسة: أسسه، نظرياته، تطبيقاته. العين : دار الكتاب الجامعي.
مهنا، ع.( ١٩٩٩). الاضطرابات السلوكية المدرسية : تحليل وعلاج. البقاع، لبنان: حركة الريف الثقافية، جمعية الإنماء التربوي.
الهادي،ج.الغزة،س.( ١٩٩٩). مبادئ التوجيه والإرشاد النفسي. عمان: دار الثقافة.
فهمي، م.( ١٩٦٧ ) الصحة النفسية. القاهرة: دار الثقافة.