التدريب المستمر آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماءالتدريب المستمر

آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

بالرغم من أن التركيز الأساسي في تربية المعلمين يتوجه بالدرجة الأولى الى إعدادهم قبل الخدمة، فإن البحوث والدراسات والتقارير المختلفة تشير الى أن هذا الإعداد لم يعد كافياً لتزويد المعلمين بجميع الوسائل والمعلومات والمهارات نظراً للتطور المستمر، حيث تؤكد على ان تدريبهم في أثناء الخدمة يبقى الأولوية القصوى بهدف رفع كفاءتهم وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعليمية المتحركة والعمل على التكيف مع جميع المستجدات، وكجزء من التربية المستمرة التي يفترض ان تمتد طيلة فترة ممارسة المهنة. ولهذا أصبح التدريب المستمر للمعلمين في أثناء الخدمة يعتبر في بلدان كثيرة كنظام كلي متكامل مع إعدادهم قبل الخدمة، كما في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وانجلترا والسويد وغيرها وبعض الدول العربية واليابان والصين.

 

تختلف أنشطة التدريب في أثناء الخدمة بشكل كبير من بلد إلى بلد آخر سواء في ظروف تنظيمها أو مدتها أو توقيتها أو بمكان إجرائها أو طرائقها وأساليبها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أصدرت المانيا قوانين تلزم جميع المعلمين بالتدريب في أثناء الخدمة لمواكبة التطورات في مجال عملهم ولرفع مستوى كفاءتهم كما تلزم بالتدريب جميع الذين تُسند اليهم مسؤوليات خاصة حديثة. كما تؤكد بعض الدول الأوروبية إلزامية التدريب خلال أيام عدة من السنة. وتتخذ بعض الدول إجراءات أكثر مرونة حيث تجعل التدريب إلزامياً عندما تكون هناك حاجة ماسة اليه. ويصبح التدريب إلزامياً في حال تعديل المناهج أو الخطط الدراسية للمعلمين المعنيين. وفي بلجيكا تنظم المفتشية مؤتمرين سنوياً وتلزم المعلمين حضورهما ومتابعة المحاضرات والمناقشات والأنشطة العملية وقد بدأت بعض الولايات في الولايات المتحدة تشترط انخراط المعلم في أنشطة تدريبية لتجدد له الترخيص الخاص بمزاولة مهنة التعليم. وأوصت لجنة كبار الموظفين التابعة للمجلس الأوروبي بجعل التدريب في أثناء الخدمة شرطاً للترقي الوظيفي إذا لم يكن بالإمكان جعله إلزامياً على الجميع.

والتدريب في أثناء الخدمة غالباً ما يهدف إلى نقل المعلومات والخبرات الجديدة لجعل المعلمين وسائر التربويين مواكبين للتطور والتجدد التربويين وتأمين نجاحه. ويؤكد المسؤولون ضرورة أن يتناسب مع الحاجات الفعلية للمعلمين والتلاميذ والسلطات التربوية، ولهذا يلجؤون إلى إعداد دراسات ميدانية للكشف عن المشكلات والصعوبات التي تعترض المعلمين وعن أكثر الجوانب التي يشعرون بأنهم بحاجة إلى تطويرها للتمكن من تقديم المواد التعليمية التي تلبي حاجاتهم الفعلية، وتتجه الدول الأوروبية إلى التركيز على المواد التي تفرضها المشكلات الجديدة كالتربية البيئية والصحية والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات ومكافحة العنصرية والتربية المدنية وحقوق الإنسان واللغات الحية والإرشاد التربوي والمهني والتربية الخاصة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ونظراً لهذه التطورات وتطبيقاً لمبدأ لامركزية التدريب في أثناء الخدمة، يتمّ التدريب في المدرسة أحياناً باعتبارها المكان الطبيعي لعمل المعلمين والتلاميذ، وفي المراكز التربوية المخصصة للتدريب أحياناً أخرى، وتتعاون في ذلك وزارة التربية مع السلطات الإقليمية والأهلية ومراكز التدريب المستمر في أثناء الخدمة واتحادات وروابط ومنظمات المعلمين، ويبدو أنه من النواحي الاقتصادية يعتبر هذا التدريب أقل كلفة وأكثر فاعلية.

وهناك اتجاه واضح بجعل مدة التدريب أطول فأطول، وقد يتم ذلك في أثناء الدوام المدرسي أو خارجه في المساء وفي أثناء العطل. وتمتد هذه الدورات التدريبية من يوم واحد إلى أسبوع أو ستة أسابيع أو اكثر بحسب أهدافها وظروف المستهدفين وحاجاتهم. وفي بعض الأحيان يلتحق بعض المعلمين بكليات متخصصة لدراسة مقرر أو اكثر خلال العام الدراسي كما هو جارٍ في الدانمارك حيث يُمنح المعلمون تخفيضاً في ساعات عملهم عندما يلتحقون بمقررات كهذه.

وفي نهاية المرحلة الثانية من خطة النهوض التربوي للعام الدراسي ٢٠٠٠ - ٢٠٠١ أنهى المركز التربوي للبحوث والإنماء إنتاج وإصدار الكتب المدرسية الخاصة به وأنجز في الوقت نفسه تدريب معلمي وأساتذة التعليم الرسمي ومدرسي القطاع الخاص استناداً للخطة الرباعية التي وضعت في مجال التدريب وذلك بالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتفتيش التربوي.

وفي محاولة لدعم المرحلة الثالثة من خطة النهوض التربوي وضع مشروع التعليم العام (PEG) سابقاً (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يندرج في إطار الإصلاح التربوي الذي بدأ في العام ١٩٩٤ حيث انه يشكّل امتداداً له ويشمل مجمل النظام التربوي بدءاً بإدارته المركزية حتى تفرعاته التربوية كافة.

ومشروع التعليم العام (PEG) (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يتألف من عشرة مكونات في جزأين وهي تتمحور حول هدفين رئيسين :

الجزء الأول: تنمية وتطوير المؤسسات وإدارتها ويتضمن خمسة مكوّنات.

الجزء الثاني: تحسين نوعية التربية والتعليم ويتضمن خمسة مكوّنات.

وما يهمنا في هذا الجزء هو ما ورد في البند (ب) وضع جهاز دائم للتدريب المستمر للمعلمين. والمبادئ العامة التي ارتكز عليها هذا المشروع هو انه لا يمكن القيام بأي إصلاح تربوي من دون المعلمين إذ لا يقوم النظام التربوي بوظيفته الاّ من خلال المعلمين، ولا يمكن ان يتطور الاّ بفضلهم ولا يمكن أن يتحقق الاّ بتوافر شرطين إثنين:

١- أن يدرك كل معلم أهداف التجديد والإصلاح التربويين إدراكاً عميقاً.

٢- أن يتبناها ويلتزم بها في عمله اليومي.

لهذا يهدف هذا المكوّن الفرعي من مشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) في الدرجة الأولى إلى توفير وسائل التأهيل الذاتي للمعلمين في أثناء الخدمة والإفادة من التدريب المستمر عند الضرورة.

ويستند مبدأ التركيز على أهمية التدريب إلى فكرة رئيسة مفادها أن المعلم بعد فترة الإعداد يطوّر تدريبه بالممارسة، وان الكفايات المهنية لا تنتج بمجرد تطبيق القواعد والمبادئ النظرية، ولكن عن نشاط واعٍ مستمر يؤدي إلى تحويل الممارسة إلى نظرية أحياناً.

وبتعبير أكثر دقة، يهدف هذا المكوّن الفرعي لمشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) إلى إنشاء جهاز دائم للتدريب المستمر في لبنان بإدارة المركز التربوي للبحوث والإنماء، والمقصود بذلك توفير مناخ يعتمد على جهاز يؤمن لكل معلم الوسائل الآيلة إلى تغيير سلوكه وذهنيته لكي يتقبل ثقافة تدريب حقيقية، والواقع ان المعلم كي يتمكن من متابعة طفل أو مراهق في طور التعلم وإدراك استراتيجيات هذه الحالة لا بد له من أن يضع نفسه في حالة تعلم مستمر ويضمن قيام المعلم بالتفكير في ممارساته ووسائله التعلمية من جهة وبإجراء تحليل صحيح للوضع التطوري لدى المتعلم من جهة أخرى ويشكل هذان النشاطان المبدأين الأساسيين للتجربة التربوية الناجحة.

ومن خلال إنشاء جهاز دائم للتدريب أراد معدّو المشروع ان يضعوا بتصرف المعلمين الامكانيات البشرية والتقنية والتوثيقية التي تؤدي إلى مساعدة المعلم على تكييف نشاطاته المهنية وفق تطور حاجات التلاميذ، وبتعبير استراتيجي يهدف التدريب المستمر ضمن مشروع الإنماء التربوي إلى انتقال من تدريب مباشر وشامل تلبية لحاجات ضرورية وآنية إلى نظام تدريب يرتكز على تكيّف أكثر مرونة ودقة مع حاجات المعلمين المتنوعة.

ويرتكز الإطار التربوي لمفهوم التدريب المستمر إلى جهاز متكامل للتأهيل الذاتي المدعوم وهو يعتمد على بنية تحتية مؤلفة من التكنولوجية الحديثة ويتميز المشروع بالشمولية والاستمرارية على أن يستجيب لحاجات المعلمين الناتجة عن التحليل الذاتي والمتعدد الأبعاد لأساليبهم وممارساتهم، وهذا الجهاز المتكامل يعطي مفهوماً جديداً لمهمة التدريب، وذلك بـ:

- دمج وتكامل مختلف عناصر التدريب: "الانترنت والوسائل التربوية، الإلكترونيات، التمرينات والحلقات الدراسية والمؤتمرات التربوية".

- دمج وتكامل الأبعاد المختلفة لمهنة التعليم، "المعارف وطرائق تعلمها، إدارة عملية التعلم لدى التلاميذ، استخدام أدوات التقنيات الحديثة في سبيل التعلم والتعليم وتنشيط الصف".

- تكامل مختلف المهام الميدانية المرافقة للتدريب: "التنشيط، الإرشاد والتوجيه".

والعمل ضمن المجموعات والتزام جميع المعنيين هما مبدآن يرتكز عليهما جهاز التدريب، فالمعلمون يكتسبون المهارات التدريبية ويلتزمون بها بشكل أفضل إذا شاركوا في إعداد مادتها وإنتاجها والتعلم عليها.

أما التأهيل الذاتي فهو مرتبط بثقافة التدريب، ومع أنها تفترض أن يتحمل كل فرد مسؤولية مصيره المهني فهي لا تعني التقوقع على الذات والتقوقع داخل المؤسسة أو داخل المنطقة.

ويقترح الجهاز مجالات متعددة لدعم المعلمين الذين هم في وضع التأهيل الذاتي :

- تسهيلات للعمل ضمن مجموعات (قاعة للعمل، توثيق، تجهيزات).

- مواد للتدريب موضوعة بتصرفهم بشكل دائم ومتوافر بفضل تقنيات وسائل الاتصال.

- موارد بشرية للمساندة (الإرشاد، التنشيط، التوجيه، التدريب)

- لقاءات (أيام تربوية أو دورات تدريبية) تلبي حاجات معينة لدى المعلمين وتفسح المجال لتبادل الخبرات.

وتؤدي التكنولوجيات الحديثة دوراً أساسياً في عملية الدعم هذه من خلال توزيع مواد لتدريب وتبادل الخبرات، وهي من ناحية أخرى الوسيلة الوحيدة التي تؤمن لجميع المعلمين مواد تدريب ذات نوعية جيدة، الاّ ان استخدام التكنولوجيات الحديثة كأداة تربوية لا يُلبي جميع الحاجات وطلبات المساعدة، وبالتالي لا يمكن أن يكون بديلاً عن التواصل المباشر بين الأشخاص والناتج عن تعاون المعلمين مع مدربيهم.

الهدف من هذا المشروع هو إنشاء جهاز يعتمد على الموارد البشرية والمادية والتكنولوجية ليساعد المعلمين على تطوير أنفسهم على الصعيدين المهني والشخصي.

ان غاية اتفاقية التمويل رقم ٢٠٠٠/١٦٥ بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة الجمهورية الفرنسية هي تقديم مؤازرة مالية بشكل هبة من قبل الجمهورية الفرنسية إلى الجمهورية اللبنانية بغية تنفيذ مشروع التدريب المستمر. تقوم دائرة التعاون والنشاط الثقافي التابعة للسفارة الفرنسية في بيروت والدوائر المختصة في وزارة التربية والتعليم العالي بوضع هذا المشروع موضع التنفيذ ، كما تتولى لجنة لبنانية فرنسية متابعة المشروع الذي يتألف من مكوّنين :

الأول : تأهيل المدربين المسؤولين عن التدريب المستمر للمعلمين

الثاني : وضع المراجع (documentation) في تصرف المعنيين.

وهنا لا بد من تحديد المبادئ الخمسة التي بني على أساسها جهاز التدريب المستمر :

المبدأ الأول : الاستمرارية (La continuité) وذلك يعني امتداد التدريب على مدار السنة.

أ - خارج اوقات الدوام التعليمي - انعدام الحوافز.

ب - إلزامية التدريب - عدم ترك الخيار للمعلم – انعدام الحوافز لجعل التدريب مستمراً يجب إيجاد الحوافز له، ومنها :

١- التدريب في أثناء الدوام.

٢- إيجاد آلية لإلحاق المعلمين بالتدريب في أثناء الدوام مع إيجاد بدائل لهم في صفوفهم.

٣- خطة للتدريب متماسكة وشفافة من دون إثقال روزنامة المعلمين من جهة والإدارة من جهة أخرى.

المبدأ الثاني: الانتظام في عمل جهاز التدريب (La permanence) وهذا يعني دوام التدريب واستمراريته، ما يستدعي العمل على أمرين اثنين :

١- العمل على وضع آليات تشغيل لمركز الموارد مشرعنة ومعترف بها وطويلة الأمد.

٢- تعزيز انتظام العمل في جهاز التدريب من طريق تأمين دورات تأهيل مستدامة للموارد البشرية وتجديدها بشكل مستمر. فلذلك بدأ مشوارنا بإرسال الـ ٩٦ مدرباً الذين اخترناهم لتدريبهم في فرنسا استناداً الى اتفاق التمويل الذي وقّع مع الفرنسيين، مع ارتقاب برنامج تدريبي مستمر يتناول بالإضافة إلى النواحي الأكاديمية الكفايات المهنية والتربوية.

المبدأ الثالث : وهو مبدأ يعزز الانتظام من خلال التواصل (La communication) أي تعميم الخبرات ونشرها لتطول شرائح المعلمين في مختلف المناطق، وعلى مختلف المستويات ما يستدعي تجهيز مراكز الموارد بالتقنيات الحديثة أي بشبكة تواصل تربط مراكز التدريب بعضها ببعض (RIDS) شبكة المعلومات والوثائق، ونأمل في المدى البعيد أن ترتبط مراكز التدريب بشبكة مدارس المنطقة وهو ما يعمم إفادة التواصل وتبادل المعرفة والخبرات ويبرر المبدأ الرابع الذي استندنا اليه، وهو :

المبدأ الرابع : التدريب المناطقي (Régionalisation du Dispositif)

وهذا يعني إعداد خطة التدريب المناطقية، بناءً على الحاجات المحلية وعلى تكييف التدريب بما يتلاءم مع متطلبات الواقع (واقع المعلمين والمناهج ...) ولهذا كان اختيارنا للمدربين بحسب منطقة السكن.

المبدأ الخامس : انطلاقاً من مبدأ جعل التدريب مناطقياً فإننا نسعى إلى توحيد وانسجام (harmonisation) في آليات التشغيل وتوحيد في أدوات المتابعة والتقييم وفي تأطير أعمال التدريب في كل مركز من مراكز الموارد يتفق مع :

- روحية المناهج وأهدافها.

- دفتر الشروط المناطقي (الذي يلتزم بدفتر الشروط الوطني).

- نتائج الدورات السابقة التي تساعد المدرب على تصحيح أدائه.

ومن هنا فإن تشكيل وتجهيز ٦ مراكز(دور المعلمين والمعلمات في لبنان) في المرحلة الأولى تطلّب ٦٠ مدرباً في كل مركز في إطار مشروع التدريب المستمر للمعلمين موزعين على جميع الاختصاصات في البرنامج المدرسي.

كما تتولى تنفيذ مشروع التدريب المستمر لجان إدارية وفنية تضم جميع الفرقاء المعنيين بالمشروع من الجهات اللبنانية والفرنسية والبنك الدولي. وفي هذا الإطار تمّ تشكيل :

- لجنة لبنانية فرنسية عليا لإدارة ومتابعة تنفيذ المشروع برئاسة معالي وزير التربية والتعليم العالي، ومن مهامها إقرار التوجيهات التي ترفعها اليها اللجنة التقنية للتدريب المستمر.

- لجنة تقنية للتدريب المستمر مهمتها تسهيل وتنظيم وتنفيذ تطبيق مختلف الأنشطة المتعلقة بالتدريب والمساهمة في تطوير خطط العمل السنوية للمشروع.

- لجنة متابعة وإشراف للأعمال الميدانية، وهي لجنة موسّعة تضم بالإضافة إلى المسؤولين التربويين في المركز التربوي للبحوث والإنماء ووزارة التربية والتعليم العالي والتفتيش التربوي رؤساء المناطق التربوية، وذلك لمتابعة التنفيذ الميداني للتدريب في مختلف المناطق وتذليل العقبات التي تعترض سير العمل.

- لجان توجيه مناطقية مشكلة من رؤساء المناطق ومندوبين عن التفتيش التربوي، مديري الثانويات والمدارس الرسمية في المنطقة، رابطة أساتذة التعليم الثانوي ورابطة أساتذة التعليم الابتدائي ومديرية الإرشاد والتوجيه، مديري دور المعلمين والمعلمات، مسؤولي مراكز الموارد ومندوب عن مكتب التعاون الفرنسي. مهمة هذه اللجان تحديد الحاجات الأساسية للتدريب والموافقة على خطة التدريب في المنطقة المقترحة من قبل المدربين ومناقشة التقارير السنوية المقترحة من قبل مسؤولي مراكز الموارد.

- أما الجهاز التنفيذي للأنشطة المقررة في روزنامة العمل والبرنامج الزمني لتطبيق مراحل تنفيذ المشروع فهو مكتب الإعداد والتدريب من خلال وحداته التي تضم فرق عمل في مجالات التدريب والإدارة والمتابعة والبرمجة والإشراف والتواصل.

- دوام العمل في هذه المراكز ٣٠ ساعة في الأسبوع من الساعة ١٠.٣٠ ولغاية الساعة ١٦.٣٠ بمعدل ٥ أيام أسبوعياً .

- تقام الدورات التدريبية في أثناء فترة التعلم بمعدل ٥ إلى ٧ أيام لكل دورة خلال العام الدراسي بمعدل ٦ ساعات يومياً.

وهنالك عوامل كثيرة تساعد على زيادة فاعلية التدريب المستمر في أثناء الخدمة ومنها :

- مراعاة أوضاع المعلمين المتدربين من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.

- تلبية الحاجات التدريبية الفعلية التي ترصدها الدراسات الميدانية.

- ضرورة تشكيل القناعة لدى المعلمين بأهمية التدريب المستمر والحاجة اليه.

- إشراكهم في عمليات تخطيط برامج التدريب وتنفيذها وإدارتها وتقويم نتائجها وتوفير مناخات ثقة وتعاون بين جميع الفئات المعنية.

- شمول التدريب جميع المعنيين بالعملية التعلمية - التعليمية خصوصاً مديري المدارس والمنسقين والمشرفين.

- استخدام أساليب وطرائق متنوعة ومرنة وتقويم أنشطة التدريب من قبل المتدربين.

ولنجاح عملية التدريب المستمر لا بد من البدء بالعمل على توفير الحوافز المادية والمعنوية للمعلمين الذين يتابعون التدريب والدراسة في أثناء الخدمة، وذلك عبر الاعتراف بنتائج التدريب المستمر على شكل شهادات أو منحهم درجات علمية معترف بها وخلق تشريعات جديدة في نظام المعلمين لمنحهم الحوافز المادية أو غيرها كلما أنهوا شهادات تدريب أو أي دراسة تدريبية أو الانضمام إلى دورات تدريبية.

التدريب المستمر آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماءالتدريب المستمر

آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

بالرغم من أن التركيز الأساسي في تربية المعلمين يتوجه بالدرجة الأولى الى إعدادهم قبل الخدمة، فإن البحوث والدراسات والتقارير المختلفة تشير الى أن هذا الإعداد لم يعد كافياً لتزويد المعلمين بجميع الوسائل والمعلومات والمهارات نظراً للتطور المستمر، حيث تؤكد على ان تدريبهم في أثناء الخدمة يبقى الأولوية القصوى بهدف رفع كفاءتهم وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعليمية المتحركة والعمل على التكيف مع جميع المستجدات، وكجزء من التربية المستمرة التي يفترض ان تمتد طيلة فترة ممارسة المهنة. ولهذا أصبح التدريب المستمر للمعلمين في أثناء الخدمة يعتبر في بلدان كثيرة كنظام كلي متكامل مع إعدادهم قبل الخدمة، كما في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وانجلترا والسويد وغيرها وبعض الدول العربية واليابان والصين.

 

تختلف أنشطة التدريب في أثناء الخدمة بشكل كبير من بلد إلى بلد آخر سواء في ظروف تنظيمها أو مدتها أو توقيتها أو بمكان إجرائها أو طرائقها وأساليبها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أصدرت المانيا قوانين تلزم جميع المعلمين بالتدريب في أثناء الخدمة لمواكبة التطورات في مجال عملهم ولرفع مستوى كفاءتهم كما تلزم بالتدريب جميع الذين تُسند اليهم مسؤوليات خاصة حديثة. كما تؤكد بعض الدول الأوروبية إلزامية التدريب خلال أيام عدة من السنة. وتتخذ بعض الدول إجراءات أكثر مرونة حيث تجعل التدريب إلزامياً عندما تكون هناك حاجة ماسة اليه. ويصبح التدريب إلزامياً في حال تعديل المناهج أو الخطط الدراسية للمعلمين المعنيين. وفي بلجيكا تنظم المفتشية مؤتمرين سنوياً وتلزم المعلمين حضورهما ومتابعة المحاضرات والمناقشات والأنشطة العملية وقد بدأت بعض الولايات في الولايات المتحدة تشترط انخراط المعلم في أنشطة تدريبية لتجدد له الترخيص الخاص بمزاولة مهنة التعليم. وأوصت لجنة كبار الموظفين التابعة للمجلس الأوروبي بجعل التدريب في أثناء الخدمة شرطاً للترقي الوظيفي إذا لم يكن بالإمكان جعله إلزامياً على الجميع.

والتدريب في أثناء الخدمة غالباً ما يهدف إلى نقل المعلومات والخبرات الجديدة لجعل المعلمين وسائر التربويين مواكبين للتطور والتجدد التربويين وتأمين نجاحه. ويؤكد المسؤولون ضرورة أن يتناسب مع الحاجات الفعلية للمعلمين والتلاميذ والسلطات التربوية، ولهذا يلجؤون إلى إعداد دراسات ميدانية للكشف عن المشكلات والصعوبات التي تعترض المعلمين وعن أكثر الجوانب التي يشعرون بأنهم بحاجة إلى تطويرها للتمكن من تقديم المواد التعليمية التي تلبي حاجاتهم الفعلية، وتتجه الدول الأوروبية إلى التركيز على المواد التي تفرضها المشكلات الجديدة كالتربية البيئية والصحية والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات ومكافحة العنصرية والتربية المدنية وحقوق الإنسان واللغات الحية والإرشاد التربوي والمهني والتربية الخاصة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ونظراً لهذه التطورات وتطبيقاً لمبدأ لامركزية التدريب في أثناء الخدمة، يتمّ التدريب في المدرسة أحياناً باعتبارها المكان الطبيعي لعمل المعلمين والتلاميذ، وفي المراكز التربوية المخصصة للتدريب أحياناً أخرى، وتتعاون في ذلك وزارة التربية مع السلطات الإقليمية والأهلية ومراكز التدريب المستمر في أثناء الخدمة واتحادات وروابط ومنظمات المعلمين، ويبدو أنه من النواحي الاقتصادية يعتبر هذا التدريب أقل كلفة وأكثر فاعلية.

وهناك اتجاه واضح بجعل مدة التدريب أطول فأطول، وقد يتم ذلك في أثناء الدوام المدرسي أو خارجه في المساء وفي أثناء العطل. وتمتد هذه الدورات التدريبية من يوم واحد إلى أسبوع أو ستة أسابيع أو اكثر بحسب أهدافها وظروف المستهدفين وحاجاتهم. وفي بعض الأحيان يلتحق بعض المعلمين بكليات متخصصة لدراسة مقرر أو اكثر خلال العام الدراسي كما هو جارٍ في الدانمارك حيث يُمنح المعلمون تخفيضاً في ساعات عملهم عندما يلتحقون بمقررات كهذه.

وفي نهاية المرحلة الثانية من خطة النهوض التربوي للعام الدراسي ٢٠٠٠ - ٢٠٠١ أنهى المركز التربوي للبحوث والإنماء إنتاج وإصدار الكتب المدرسية الخاصة به وأنجز في الوقت نفسه تدريب معلمي وأساتذة التعليم الرسمي ومدرسي القطاع الخاص استناداً للخطة الرباعية التي وضعت في مجال التدريب وذلك بالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتفتيش التربوي.

وفي محاولة لدعم المرحلة الثالثة من خطة النهوض التربوي وضع مشروع التعليم العام (PEG) سابقاً (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يندرج في إطار الإصلاح التربوي الذي بدأ في العام ١٩٩٤ حيث انه يشكّل امتداداً له ويشمل مجمل النظام التربوي بدءاً بإدارته المركزية حتى تفرعاته التربوية كافة.

ومشروع التعليم العام (PEG) (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يتألف من عشرة مكونات في جزأين وهي تتمحور حول هدفين رئيسين :

الجزء الأول: تنمية وتطوير المؤسسات وإدارتها ويتضمن خمسة مكوّنات.

الجزء الثاني: تحسين نوعية التربية والتعليم ويتضمن خمسة مكوّنات.

وما يهمنا في هذا الجزء هو ما ورد في البند (ب) وضع جهاز دائم للتدريب المستمر للمعلمين. والمبادئ العامة التي ارتكز عليها هذا المشروع هو انه لا يمكن القيام بأي إصلاح تربوي من دون المعلمين إذ لا يقوم النظام التربوي بوظيفته الاّ من خلال المعلمين، ولا يمكن ان يتطور الاّ بفضلهم ولا يمكن أن يتحقق الاّ بتوافر شرطين إثنين:

١- أن يدرك كل معلم أهداف التجديد والإصلاح التربويين إدراكاً عميقاً.

٢- أن يتبناها ويلتزم بها في عمله اليومي.

لهذا يهدف هذا المكوّن الفرعي من مشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) في الدرجة الأولى إلى توفير وسائل التأهيل الذاتي للمعلمين في أثناء الخدمة والإفادة من التدريب المستمر عند الضرورة.

ويستند مبدأ التركيز على أهمية التدريب إلى فكرة رئيسة مفادها أن المعلم بعد فترة الإعداد يطوّر تدريبه بالممارسة، وان الكفايات المهنية لا تنتج بمجرد تطبيق القواعد والمبادئ النظرية، ولكن عن نشاط واعٍ مستمر يؤدي إلى تحويل الممارسة إلى نظرية أحياناً.

وبتعبير أكثر دقة، يهدف هذا المكوّن الفرعي لمشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) إلى إنشاء جهاز دائم للتدريب المستمر في لبنان بإدارة المركز التربوي للبحوث والإنماء، والمقصود بذلك توفير مناخ يعتمد على جهاز يؤمن لكل معلم الوسائل الآيلة إلى تغيير سلوكه وذهنيته لكي يتقبل ثقافة تدريب حقيقية، والواقع ان المعلم كي يتمكن من متابعة طفل أو مراهق في طور التعلم وإدراك استراتيجيات هذه الحالة لا بد له من أن يضع نفسه في حالة تعلم مستمر ويضمن قيام المعلم بالتفكير في ممارساته ووسائله التعلمية من جهة وبإجراء تحليل صحيح للوضع التطوري لدى المتعلم من جهة أخرى ويشكل هذان النشاطان المبدأين الأساسيين للتجربة التربوية الناجحة.

ومن خلال إنشاء جهاز دائم للتدريب أراد معدّو المشروع ان يضعوا بتصرف المعلمين الامكانيات البشرية والتقنية والتوثيقية التي تؤدي إلى مساعدة المعلم على تكييف نشاطاته المهنية وفق تطور حاجات التلاميذ، وبتعبير استراتيجي يهدف التدريب المستمر ضمن مشروع الإنماء التربوي إلى انتقال من تدريب مباشر وشامل تلبية لحاجات ضرورية وآنية إلى نظام تدريب يرتكز على تكيّف أكثر مرونة ودقة مع حاجات المعلمين المتنوعة.

ويرتكز الإطار التربوي لمفهوم التدريب المستمر إلى جهاز متكامل للتأهيل الذاتي المدعوم وهو يعتمد على بنية تحتية مؤلفة من التكنولوجية الحديثة ويتميز المشروع بالشمولية والاستمرارية على أن يستجيب لحاجات المعلمين الناتجة عن التحليل الذاتي والمتعدد الأبعاد لأساليبهم وممارساتهم، وهذا الجهاز المتكامل يعطي مفهوماً جديداً لمهمة التدريب، وذلك بـ:

- دمج وتكامل مختلف عناصر التدريب: "الانترنت والوسائل التربوية، الإلكترونيات، التمرينات والحلقات الدراسية والمؤتمرات التربوية".

- دمج وتكامل الأبعاد المختلفة لمهنة التعليم، "المعارف وطرائق تعلمها، إدارة عملية التعلم لدى التلاميذ، استخدام أدوات التقنيات الحديثة في سبيل التعلم والتعليم وتنشيط الصف".

- تكامل مختلف المهام الميدانية المرافقة للتدريب: "التنشيط، الإرشاد والتوجيه".

والعمل ضمن المجموعات والتزام جميع المعنيين هما مبدآن يرتكز عليهما جهاز التدريب، فالمعلمون يكتسبون المهارات التدريبية ويلتزمون بها بشكل أفضل إذا شاركوا في إعداد مادتها وإنتاجها والتعلم عليها.

أما التأهيل الذاتي فهو مرتبط بثقافة التدريب، ومع أنها تفترض أن يتحمل كل فرد مسؤولية مصيره المهني فهي لا تعني التقوقع على الذات والتقوقع داخل المؤسسة أو داخل المنطقة.

ويقترح الجهاز مجالات متعددة لدعم المعلمين الذين هم في وضع التأهيل الذاتي :

- تسهيلات للعمل ضمن مجموعات (قاعة للعمل، توثيق، تجهيزات).

- مواد للتدريب موضوعة بتصرفهم بشكل دائم ومتوافر بفضل تقنيات وسائل الاتصال.

- موارد بشرية للمساندة (الإرشاد، التنشيط، التوجيه، التدريب)

- لقاءات (أيام تربوية أو دورات تدريبية) تلبي حاجات معينة لدى المعلمين وتفسح المجال لتبادل الخبرات.

وتؤدي التكنولوجيات الحديثة دوراً أساسياً في عملية الدعم هذه من خلال توزيع مواد لتدريب وتبادل الخبرات، وهي من ناحية أخرى الوسيلة الوحيدة التي تؤمن لجميع المعلمين مواد تدريب ذات نوعية جيدة، الاّ ان استخدام التكنولوجيات الحديثة كأداة تربوية لا يُلبي جميع الحاجات وطلبات المساعدة، وبالتالي لا يمكن أن يكون بديلاً عن التواصل المباشر بين الأشخاص والناتج عن تعاون المعلمين مع مدربيهم.

الهدف من هذا المشروع هو إنشاء جهاز يعتمد على الموارد البشرية والمادية والتكنولوجية ليساعد المعلمين على تطوير أنفسهم على الصعيدين المهني والشخصي.

ان غاية اتفاقية التمويل رقم ٢٠٠٠/١٦٥ بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة الجمهورية الفرنسية هي تقديم مؤازرة مالية بشكل هبة من قبل الجمهورية الفرنسية إلى الجمهورية اللبنانية بغية تنفيذ مشروع التدريب المستمر. تقوم دائرة التعاون والنشاط الثقافي التابعة للسفارة الفرنسية في بيروت والدوائر المختصة في وزارة التربية والتعليم العالي بوضع هذا المشروع موضع التنفيذ ، كما تتولى لجنة لبنانية فرنسية متابعة المشروع الذي يتألف من مكوّنين :

الأول : تأهيل المدربين المسؤولين عن التدريب المستمر للمعلمين

الثاني : وضع المراجع (documentation) في تصرف المعنيين.

وهنا لا بد من تحديد المبادئ الخمسة التي بني على أساسها جهاز التدريب المستمر :

المبدأ الأول : الاستمرارية (La continuité) وذلك يعني امتداد التدريب على مدار السنة.

أ - خارج اوقات الدوام التعليمي - انعدام الحوافز.

ب - إلزامية التدريب - عدم ترك الخيار للمعلم – انعدام الحوافز لجعل التدريب مستمراً يجب إيجاد الحوافز له، ومنها :

١- التدريب في أثناء الدوام.

٢- إيجاد آلية لإلحاق المعلمين بالتدريب في أثناء الدوام مع إيجاد بدائل لهم في صفوفهم.

٣- خطة للتدريب متماسكة وشفافة من دون إثقال روزنامة المعلمين من جهة والإدارة من جهة أخرى.

المبدأ الثاني: الانتظام في عمل جهاز التدريب (La permanence) وهذا يعني دوام التدريب واستمراريته، ما يستدعي العمل على أمرين اثنين :

١- العمل على وضع آليات تشغيل لمركز الموارد مشرعنة ومعترف بها وطويلة الأمد.

٢- تعزيز انتظام العمل في جهاز التدريب من طريق تأمين دورات تأهيل مستدامة للموارد البشرية وتجديدها بشكل مستمر. فلذلك بدأ مشوارنا بإرسال الـ ٩٦ مدرباً الذين اخترناهم لتدريبهم في فرنسا استناداً الى اتفاق التمويل الذي وقّع مع الفرنسيين، مع ارتقاب برنامج تدريبي مستمر يتناول بالإضافة إلى النواحي الأكاديمية الكفايات المهنية والتربوية.

المبدأ الثالث : وهو مبدأ يعزز الانتظام من خلال التواصل (La communication) أي تعميم الخبرات ونشرها لتطول شرائح المعلمين في مختلف المناطق، وعلى مختلف المستويات ما يستدعي تجهيز مراكز الموارد بالتقنيات الحديثة أي بشبكة تواصل تربط مراكز التدريب بعضها ببعض (RIDS) شبكة المعلومات والوثائق، ونأمل في المدى البعيد أن ترتبط مراكز التدريب بشبكة مدارس المنطقة وهو ما يعمم إفادة التواصل وتبادل المعرفة والخبرات ويبرر المبدأ الرابع الذي استندنا اليه، وهو :

المبدأ الرابع : التدريب المناطقي (Régionalisation du Dispositif)

وهذا يعني إعداد خطة التدريب المناطقية، بناءً على الحاجات المحلية وعلى تكييف التدريب بما يتلاءم مع متطلبات الواقع (واقع المعلمين والمناهج ...) ولهذا كان اختيارنا للمدربين بحسب منطقة السكن.

المبدأ الخامس : انطلاقاً من مبدأ جعل التدريب مناطقياً فإننا نسعى إلى توحيد وانسجام (harmonisation) في آليات التشغيل وتوحيد في أدوات المتابعة والتقييم وفي تأطير أعمال التدريب في كل مركز من مراكز الموارد يتفق مع :

- روحية المناهج وأهدافها.

- دفتر الشروط المناطقي (الذي يلتزم بدفتر الشروط الوطني).

- نتائج الدورات السابقة التي تساعد المدرب على تصحيح أدائه.

ومن هنا فإن تشكيل وتجهيز ٦ مراكز(دور المعلمين والمعلمات في لبنان) في المرحلة الأولى تطلّب ٦٠ مدرباً في كل مركز في إطار مشروع التدريب المستمر للمعلمين موزعين على جميع الاختصاصات في البرنامج المدرسي.

كما تتولى تنفيذ مشروع التدريب المستمر لجان إدارية وفنية تضم جميع الفرقاء المعنيين بالمشروع من الجهات اللبنانية والفرنسية والبنك الدولي. وفي هذا الإطار تمّ تشكيل :

- لجنة لبنانية فرنسية عليا لإدارة ومتابعة تنفيذ المشروع برئاسة معالي وزير التربية والتعليم العالي، ومن مهامها إقرار التوجيهات التي ترفعها اليها اللجنة التقنية للتدريب المستمر.

- لجنة تقنية للتدريب المستمر مهمتها تسهيل وتنظيم وتنفيذ تطبيق مختلف الأنشطة المتعلقة بالتدريب والمساهمة في تطوير خطط العمل السنوية للمشروع.

- لجنة متابعة وإشراف للأعمال الميدانية، وهي لجنة موسّعة تضم بالإضافة إلى المسؤولين التربويين في المركز التربوي للبحوث والإنماء ووزارة التربية والتعليم العالي والتفتيش التربوي رؤساء المناطق التربوية، وذلك لمتابعة التنفيذ الميداني للتدريب في مختلف المناطق وتذليل العقبات التي تعترض سير العمل.

- لجان توجيه مناطقية مشكلة من رؤساء المناطق ومندوبين عن التفتيش التربوي، مديري الثانويات والمدارس الرسمية في المنطقة، رابطة أساتذة التعليم الثانوي ورابطة أساتذة التعليم الابتدائي ومديرية الإرشاد والتوجيه، مديري دور المعلمين والمعلمات، مسؤولي مراكز الموارد ومندوب عن مكتب التعاون الفرنسي. مهمة هذه اللجان تحديد الحاجات الأساسية للتدريب والموافقة على خطة التدريب في المنطقة المقترحة من قبل المدربين ومناقشة التقارير السنوية المقترحة من قبل مسؤولي مراكز الموارد.

- أما الجهاز التنفيذي للأنشطة المقررة في روزنامة العمل والبرنامج الزمني لتطبيق مراحل تنفيذ المشروع فهو مكتب الإعداد والتدريب من خلال وحداته التي تضم فرق عمل في مجالات التدريب والإدارة والمتابعة والبرمجة والإشراف والتواصل.

- دوام العمل في هذه المراكز ٣٠ ساعة في الأسبوع من الساعة ١٠.٣٠ ولغاية الساعة ١٦.٣٠ بمعدل ٥ أيام أسبوعياً .

- تقام الدورات التدريبية في أثناء فترة التعلم بمعدل ٥ إلى ٧ أيام لكل دورة خلال العام الدراسي بمعدل ٦ ساعات يومياً.

وهنالك عوامل كثيرة تساعد على زيادة فاعلية التدريب المستمر في أثناء الخدمة ومنها :

- مراعاة أوضاع المعلمين المتدربين من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.

- تلبية الحاجات التدريبية الفعلية التي ترصدها الدراسات الميدانية.

- ضرورة تشكيل القناعة لدى المعلمين بأهمية التدريب المستمر والحاجة اليه.

- إشراكهم في عمليات تخطيط برامج التدريب وتنفيذها وإدارتها وتقويم نتائجها وتوفير مناخات ثقة وتعاون بين جميع الفئات المعنية.

- شمول التدريب جميع المعنيين بالعملية التعلمية - التعليمية خصوصاً مديري المدارس والمنسقين والمشرفين.

- استخدام أساليب وطرائق متنوعة ومرنة وتقويم أنشطة التدريب من قبل المتدربين.

ولنجاح عملية التدريب المستمر لا بد من البدء بالعمل على توفير الحوافز المادية والمعنوية للمعلمين الذين يتابعون التدريب والدراسة في أثناء الخدمة، وذلك عبر الاعتراف بنتائج التدريب المستمر على شكل شهادات أو منحهم درجات علمية معترف بها وخلق تشريعات جديدة في نظام المعلمين لمنحهم الحوافز المادية أو غيرها كلما أنهوا شهادات تدريب أو أي دراسة تدريبية أو الانضمام إلى دورات تدريبية.

التدريب المستمر آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماءالتدريب المستمر

آفاقه وأبعاده

نزار غريب رئيس مكتب الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

بالرغم من أن التركيز الأساسي في تربية المعلمين يتوجه بالدرجة الأولى الى إعدادهم قبل الخدمة، فإن البحوث والدراسات والتقارير المختلفة تشير الى أن هذا الإعداد لم يعد كافياً لتزويد المعلمين بجميع الوسائل والمعلومات والمهارات نظراً للتطور المستمر، حيث تؤكد على ان تدريبهم في أثناء الخدمة يبقى الأولوية القصوى بهدف رفع كفاءتهم وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعليمية المتحركة والعمل على التكيف مع جميع المستجدات، وكجزء من التربية المستمرة التي يفترض ان تمتد طيلة فترة ممارسة المهنة. ولهذا أصبح التدريب المستمر للمعلمين في أثناء الخدمة يعتبر في بلدان كثيرة كنظام كلي متكامل مع إعدادهم قبل الخدمة، كما في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وانجلترا والسويد وغيرها وبعض الدول العربية واليابان والصين.

 

تختلف أنشطة التدريب في أثناء الخدمة بشكل كبير من بلد إلى بلد آخر سواء في ظروف تنظيمها أو مدتها أو توقيتها أو بمكان إجرائها أو طرائقها وأساليبها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أصدرت المانيا قوانين تلزم جميع المعلمين بالتدريب في أثناء الخدمة لمواكبة التطورات في مجال عملهم ولرفع مستوى كفاءتهم كما تلزم بالتدريب جميع الذين تُسند اليهم مسؤوليات خاصة حديثة. كما تؤكد بعض الدول الأوروبية إلزامية التدريب خلال أيام عدة من السنة. وتتخذ بعض الدول إجراءات أكثر مرونة حيث تجعل التدريب إلزامياً عندما تكون هناك حاجة ماسة اليه. ويصبح التدريب إلزامياً في حال تعديل المناهج أو الخطط الدراسية للمعلمين المعنيين. وفي بلجيكا تنظم المفتشية مؤتمرين سنوياً وتلزم المعلمين حضورهما ومتابعة المحاضرات والمناقشات والأنشطة العملية وقد بدأت بعض الولايات في الولايات المتحدة تشترط انخراط المعلم في أنشطة تدريبية لتجدد له الترخيص الخاص بمزاولة مهنة التعليم. وأوصت لجنة كبار الموظفين التابعة للمجلس الأوروبي بجعل التدريب في أثناء الخدمة شرطاً للترقي الوظيفي إذا لم يكن بالإمكان جعله إلزامياً على الجميع.

والتدريب في أثناء الخدمة غالباً ما يهدف إلى نقل المعلومات والخبرات الجديدة لجعل المعلمين وسائر التربويين مواكبين للتطور والتجدد التربويين وتأمين نجاحه. ويؤكد المسؤولون ضرورة أن يتناسب مع الحاجات الفعلية للمعلمين والتلاميذ والسلطات التربوية، ولهذا يلجؤون إلى إعداد دراسات ميدانية للكشف عن المشكلات والصعوبات التي تعترض المعلمين وعن أكثر الجوانب التي يشعرون بأنهم بحاجة إلى تطويرها للتمكن من تقديم المواد التعليمية التي تلبي حاجاتهم الفعلية، وتتجه الدول الأوروبية إلى التركيز على المواد التي تفرضها المشكلات الجديدة كالتربية البيئية والصحية والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات ومكافحة العنصرية والتربية المدنية وحقوق الإنسان واللغات الحية والإرشاد التربوي والمهني والتربية الخاصة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ونظراً لهذه التطورات وتطبيقاً لمبدأ لامركزية التدريب في أثناء الخدمة، يتمّ التدريب في المدرسة أحياناً باعتبارها المكان الطبيعي لعمل المعلمين والتلاميذ، وفي المراكز التربوية المخصصة للتدريب أحياناً أخرى، وتتعاون في ذلك وزارة التربية مع السلطات الإقليمية والأهلية ومراكز التدريب المستمر في أثناء الخدمة واتحادات وروابط ومنظمات المعلمين، ويبدو أنه من النواحي الاقتصادية يعتبر هذا التدريب أقل كلفة وأكثر فاعلية.

وهناك اتجاه واضح بجعل مدة التدريب أطول فأطول، وقد يتم ذلك في أثناء الدوام المدرسي أو خارجه في المساء وفي أثناء العطل. وتمتد هذه الدورات التدريبية من يوم واحد إلى أسبوع أو ستة أسابيع أو اكثر بحسب أهدافها وظروف المستهدفين وحاجاتهم. وفي بعض الأحيان يلتحق بعض المعلمين بكليات متخصصة لدراسة مقرر أو اكثر خلال العام الدراسي كما هو جارٍ في الدانمارك حيث يُمنح المعلمون تخفيضاً في ساعات عملهم عندما يلتحقون بمقررات كهذه.

وفي نهاية المرحلة الثانية من خطة النهوض التربوي للعام الدراسي ٢٠٠٠ - ٢٠٠١ أنهى المركز التربوي للبحوث والإنماء إنتاج وإصدار الكتب المدرسية الخاصة به وأنجز في الوقت نفسه تدريب معلمي وأساتذة التعليم الرسمي ومدرسي القطاع الخاص استناداً للخطة الرباعية التي وضعت في مجال التدريب وذلك بالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتفتيش التربوي.

وفي محاولة لدعم المرحلة الثالثة من خطة النهوض التربوي وضع مشروع التعليم العام (PEG) سابقاً (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يندرج في إطار الإصلاح التربوي الذي بدأ في العام ١٩٩٤ حيث انه يشكّل امتداداً له ويشمل مجمل النظام التربوي بدءاً بإدارته المركزية حتى تفرعاته التربوية كافة.

ومشروع التعليم العام (PEG) (مشروع الإنماء التربوي حالياً) الذي يتألف من عشرة مكونات في جزأين وهي تتمحور حول هدفين رئيسين :

الجزء الأول: تنمية وتطوير المؤسسات وإدارتها ويتضمن خمسة مكوّنات.

الجزء الثاني: تحسين نوعية التربية والتعليم ويتضمن خمسة مكوّنات.

وما يهمنا في هذا الجزء هو ما ورد في البند (ب) وضع جهاز دائم للتدريب المستمر للمعلمين. والمبادئ العامة التي ارتكز عليها هذا المشروع هو انه لا يمكن القيام بأي إصلاح تربوي من دون المعلمين إذ لا يقوم النظام التربوي بوظيفته الاّ من خلال المعلمين، ولا يمكن ان يتطور الاّ بفضلهم ولا يمكن أن يتحقق الاّ بتوافر شرطين إثنين:

١- أن يدرك كل معلم أهداف التجديد والإصلاح التربويين إدراكاً عميقاً.

٢- أن يتبناها ويلتزم بها في عمله اليومي.

لهذا يهدف هذا المكوّن الفرعي من مشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) في الدرجة الأولى إلى توفير وسائل التأهيل الذاتي للمعلمين في أثناء الخدمة والإفادة من التدريب المستمر عند الضرورة.

ويستند مبدأ التركيز على أهمية التدريب إلى فكرة رئيسة مفادها أن المعلم بعد فترة الإعداد يطوّر تدريبه بالممارسة، وان الكفايات المهنية لا تنتج بمجرد تطبيق القواعد والمبادئ النظرية، ولكن عن نشاط واعٍ مستمر يؤدي إلى تحويل الممارسة إلى نظرية أحياناً.

وبتعبير أكثر دقة، يهدف هذا المكوّن الفرعي لمشروع التعليم العام سابقاً (الإنماء التربوي حالياً) إلى إنشاء جهاز دائم للتدريب المستمر في لبنان بإدارة المركز التربوي للبحوث والإنماء، والمقصود بذلك توفير مناخ يعتمد على جهاز يؤمن لكل معلم الوسائل الآيلة إلى تغيير سلوكه وذهنيته لكي يتقبل ثقافة تدريب حقيقية، والواقع ان المعلم كي يتمكن من متابعة طفل أو مراهق في طور التعلم وإدراك استراتيجيات هذه الحالة لا بد له من أن يضع نفسه في حالة تعلم مستمر ويضمن قيام المعلم بالتفكير في ممارساته ووسائله التعلمية من جهة وبإجراء تحليل صحيح للوضع التطوري لدى المتعلم من جهة أخرى ويشكل هذان النشاطان المبدأين الأساسيين للتجربة التربوية الناجحة.

ومن خلال إنشاء جهاز دائم للتدريب أراد معدّو المشروع ان يضعوا بتصرف المعلمين الامكانيات البشرية والتقنية والتوثيقية التي تؤدي إلى مساعدة المعلم على تكييف نشاطاته المهنية وفق تطور حاجات التلاميذ، وبتعبير استراتيجي يهدف التدريب المستمر ضمن مشروع الإنماء التربوي إلى انتقال من تدريب مباشر وشامل تلبية لحاجات ضرورية وآنية إلى نظام تدريب يرتكز على تكيّف أكثر مرونة ودقة مع حاجات المعلمين المتنوعة.

ويرتكز الإطار التربوي لمفهوم التدريب المستمر إلى جهاز متكامل للتأهيل الذاتي المدعوم وهو يعتمد على بنية تحتية مؤلفة من التكنولوجية الحديثة ويتميز المشروع بالشمولية والاستمرارية على أن يستجيب لحاجات المعلمين الناتجة عن التحليل الذاتي والمتعدد الأبعاد لأساليبهم وممارساتهم، وهذا الجهاز المتكامل يعطي مفهوماً جديداً لمهمة التدريب، وذلك بـ:

- دمج وتكامل مختلف عناصر التدريب: "الانترنت والوسائل التربوية، الإلكترونيات، التمرينات والحلقات الدراسية والمؤتمرات التربوية".

- دمج وتكامل الأبعاد المختلفة لمهنة التعليم، "المعارف وطرائق تعلمها، إدارة عملية التعلم لدى التلاميذ، استخدام أدوات التقنيات الحديثة في سبيل التعلم والتعليم وتنشيط الصف".

- تكامل مختلف المهام الميدانية المرافقة للتدريب: "التنشيط، الإرشاد والتوجيه".

والعمل ضمن المجموعات والتزام جميع المعنيين هما مبدآن يرتكز عليهما جهاز التدريب، فالمعلمون يكتسبون المهارات التدريبية ويلتزمون بها بشكل أفضل إذا شاركوا في إعداد مادتها وإنتاجها والتعلم عليها.

أما التأهيل الذاتي فهو مرتبط بثقافة التدريب، ومع أنها تفترض أن يتحمل كل فرد مسؤولية مصيره المهني فهي لا تعني التقوقع على الذات والتقوقع داخل المؤسسة أو داخل المنطقة.

ويقترح الجهاز مجالات متعددة لدعم المعلمين الذين هم في وضع التأهيل الذاتي :

- تسهيلات للعمل ضمن مجموعات (قاعة للعمل، توثيق، تجهيزات).

- مواد للتدريب موضوعة بتصرفهم بشكل دائم ومتوافر بفضل تقنيات وسائل الاتصال.

- موارد بشرية للمساندة (الإرشاد، التنشيط، التوجيه، التدريب)

- لقاءات (أيام تربوية أو دورات تدريبية) تلبي حاجات معينة لدى المعلمين وتفسح المجال لتبادل الخبرات.

وتؤدي التكنولوجيات الحديثة دوراً أساسياً في عملية الدعم هذه من خلال توزيع مواد لتدريب وتبادل الخبرات، وهي من ناحية أخرى الوسيلة الوحيدة التي تؤمن لجميع المعلمين مواد تدريب ذات نوعية جيدة، الاّ ان استخدام التكنولوجيات الحديثة كأداة تربوية لا يُلبي جميع الحاجات وطلبات المساعدة، وبالتالي لا يمكن أن يكون بديلاً عن التواصل المباشر بين الأشخاص والناتج عن تعاون المعلمين مع مدربيهم.

الهدف من هذا المشروع هو إنشاء جهاز يعتمد على الموارد البشرية والمادية والتكنولوجية ليساعد المعلمين على تطوير أنفسهم على الصعيدين المهني والشخصي.

ان غاية اتفاقية التمويل رقم ٢٠٠٠/١٦٥ بين حكومة الجمهورية اللبنانية وحكومة الجمهورية الفرنسية هي تقديم مؤازرة مالية بشكل هبة من قبل الجمهورية الفرنسية إلى الجمهورية اللبنانية بغية تنفيذ مشروع التدريب المستمر. تقوم دائرة التعاون والنشاط الثقافي التابعة للسفارة الفرنسية في بيروت والدوائر المختصة في وزارة التربية والتعليم العالي بوضع هذا المشروع موضع التنفيذ ، كما تتولى لجنة لبنانية فرنسية متابعة المشروع الذي يتألف من مكوّنين :

الأول : تأهيل المدربين المسؤولين عن التدريب المستمر للمعلمين

الثاني : وضع المراجع (documentation) في تصرف المعنيين.

وهنا لا بد من تحديد المبادئ الخمسة التي بني على أساسها جهاز التدريب المستمر :

المبدأ الأول : الاستمرارية (La continuité) وذلك يعني امتداد التدريب على مدار السنة.

أ - خارج اوقات الدوام التعليمي - انعدام الحوافز.

ب - إلزامية التدريب - عدم ترك الخيار للمعلم – انعدام الحوافز لجعل التدريب مستمراً يجب إيجاد الحوافز له، ومنها :

١- التدريب في أثناء الدوام.

٢- إيجاد آلية لإلحاق المعلمين بالتدريب في أثناء الدوام مع إيجاد بدائل لهم في صفوفهم.

٣- خطة للتدريب متماسكة وشفافة من دون إثقال روزنامة المعلمين من جهة والإدارة من جهة أخرى.

المبدأ الثاني: الانتظام في عمل جهاز التدريب (La permanence) وهذا يعني دوام التدريب واستمراريته، ما يستدعي العمل على أمرين اثنين :

١- العمل على وضع آليات تشغيل لمركز الموارد مشرعنة ومعترف بها وطويلة الأمد.

٢- تعزيز انتظام العمل في جهاز التدريب من طريق تأمين دورات تأهيل مستدامة للموارد البشرية وتجديدها بشكل مستمر. فلذلك بدأ مشوارنا بإرسال الـ ٩٦ مدرباً الذين اخترناهم لتدريبهم في فرنسا استناداً الى اتفاق التمويل الذي وقّع مع الفرنسيين، مع ارتقاب برنامج تدريبي مستمر يتناول بالإضافة إلى النواحي الأكاديمية الكفايات المهنية والتربوية.

المبدأ الثالث : وهو مبدأ يعزز الانتظام من خلال التواصل (La communication) أي تعميم الخبرات ونشرها لتطول شرائح المعلمين في مختلف المناطق، وعلى مختلف المستويات ما يستدعي تجهيز مراكز الموارد بالتقنيات الحديثة أي بشبكة تواصل تربط مراكز التدريب بعضها ببعض (RIDS) شبكة المعلومات والوثائق، ونأمل في المدى البعيد أن ترتبط مراكز التدريب بشبكة مدارس المنطقة وهو ما يعمم إفادة التواصل وتبادل المعرفة والخبرات ويبرر المبدأ الرابع الذي استندنا اليه، وهو :

المبدأ الرابع : التدريب المناطقي (Régionalisation du Dispositif)

وهذا يعني إعداد خطة التدريب المناطقية، بناءً على الحاجات المحلية وعلى تكييف التدريب بما يتلاءم مع متطلبات الواقع (واقع المعلمين والمناهج ...) ولهذا كان اختيارنا للمدربين بحسب منطقة السكن.

المبدأ الخامس : انطلاقاً من مبدأ جعل التدريب مناطقياً فإننا نسعى إلى توحيد وانسجام (harmonisation) في آليات التشغيل وتوحيد في أدوات المتابعة والتقييم وفي تأطير أعمال التدريب في كل مركز من مراكز الموارد يتفق مع :

- روحية المناهج وأهدافها.

- دفتر الشروط المناطقي (الذي يلتزم بدفتر الشروط الوطني).

- نتائج الدورات السابقة التي تساعد المدرب على تصحيح أدائه.

ومن هنا فإن تشكيل وتجهيز ٦ مراكز(دور المعلمين والمعلمات في لبنان) في المرحلة الأولى تطلّب ٦٠ مدرباً في كل مركز في إطار مشروع التدريب المستمر للمعلمين موزعين على جميع الاختصاصات في البرنامج المدرسي.

كما تتولى تنفيذ مشروع التدريب المستمر لجان إدارية وفنية تضم جميع الفرقاء المعنيين بالمشروع من الجهات اللبنانية والفرنسية والبنك الدولي. وفي هذا الإطار تمّ تشكيل :

- لجنة لبنانية فرنسية عليا لإدارة ومتابعة تنفيذ المشروع برئاسة معالي وزير التربية والتعليم العالي، ومن مهامها إقرار التوجيهات التي ترفعها اليها اللجنة التقنية للتدريب المستمر.

- لجنة تقنية للتدريب المستمر مهمتها تسهيل وتنظيم وتنفيذ تطبيق مختلف الأنشطة المتعلقة بالتدريب والمساهمة في تطوير خطط العمل السنوية للمشروع.

- لجنة متابعة وإشراف للأعمال الميدانية، وهي لجنة موسّعة تضم بالإضافة إلى المسؤولين التربويين في المركز التربوي للبحوث والإنماء ووزارة التربية والتعليم العالي والتفتيش التربوي رؤساء المناطق التربوية، وذلك لمتابعة التنفيذ الميداني للتدريب في مختلف المناطق وتذليل العقبات التي تعترض سير العمل.

- لجان توجيه مناطقية مشكلة من رؤساء المناطق ومندوبين عن التفتيش التربوي، مديري الثانويات والمدارس الرسمية في المنطقة، رابطة أساتذة التعليم الثانوي ورابطة أساتذة التعليم الابتدائي ومديرية الإرشاد والتوجيه، مديري دور المعلمين والمعلمات، مسؤولي مراكز الموارد ومندوب عن مكتب التعاون الفرنسي. مهمة هذه اللجان تحديد الحاجات الأساسية للتدريب والموافقة على خطة التدريب في المنطقة المقترحة من قبل المدربين ومناقشة التقارير السنوية المقترحة من قبل مسؤولي مراكز الموارد.

- أما الجهاز التنفيذي للأنشطة المقررة في روزنامة العمل والبرنامج الزمني لتطبيق مراحل تنفيذ المشروع فهو مكتب الإعداد والتدريب من خلال وحداته التي تضم فرق عمل في مجالات التدريب والإدارة والمتابعة والبرمجة والإشراف والتواصل.

- دوام العمل في هذه المراكز ٣٠ ساعة في الأسبوع من الساعة ١٠.٣٠ ولغاية الساعة ١٦.٣٠ بمعدل ٥ أيام أسبوعياً .

- تقام الدورات التدريبية في أثناء فترة التعلم بمعدل ٥ إلى ٧ أيام لكل دورة خلال العام الدراسي بمعدل ٦ ساعات يومياً.

وهنالك عوامل كثيرة تساعد على زيادة فاعلية التدريب المستمر في أثناء الخدمة ومنها :

- مراعاة أوضاع المعلمين المتدربين من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.

- تلبية الحاجات التدريبية الفعلية التي ترصدها الدراسات الميدانية.

- ضرورة تشكيل القناعة لدى المعلمين بأهمية التدريب المستمر والحاجة اليه.

- إشراكهم في عمليات تخطيط برامج التدريب وتنفيذها وإدارتها وتقويم نتائجها وتوفير مناخات ثقة وتعاون بين جميع الفئات المعنية.

- شمول التدريب جميع المعنيين بالعملية التعلمية - التعليمية خصوصاً مديري المدارس والمنسقين والمشرفين.

- استخدام أساليب وطرائق متنوعة ومرنة وتقويم أنشطة التدريب من قبل المتدربين.

ولنجاح عملية التدريب المستمر لا بد من البدء بالعمل على توفير الحوافز المادية والمعنوية للمعلمين الذين يتابعون التدريب والدراسة في أثناء الخدمة، وذلك عبر الاعتراف بنتائج التدريب المستمر على شكل شهادات أو منحهم درجات علمية معترف بها وخلق تشريعات جديدة في نظام المعلمين لمنحهم الحوافز المادية أو غيرها كلما أنهوا شهادات تدريب أو أي دراسة تدريبية أو الانضمام إلى دورات تدريبية.