الألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات

د. نجلاء نصير بشور الدائرة التربوية الجامعة الاميركيةالألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات


بدأ كف سامر يتعرق ونبضات قلبه تتسارع وعضلات معدته تتقلص وهو يضغط على فأرة الكمبيوتر وبعد ثوان صاح مبتهجاً: ''قتلتهم، قتلتهم جميعاً، قتلت أربعين رجلاً حتى الآن''.
كان سامر يلعب لعبته الإلكترونية المفضلة.

 

كان هم التربويين والآباء لعقود مضت وما زال مجابهة الآلة التي تنافسهم في تربية أبنائهم، وهي التلفزيون، حيث حارت الدراسات بين تأثيرها السلبي أو الإيجابي على نموهم الذهني والمفاهيمي من ناحية وتنشئتهم الاجتماعية وبالتالي قيمهم وسلوكهم من ناحية ثانية. حيث أن نسبة عالية من هذه الدراسات أكدت تأثير التلفزيون في جانبين أساسيين وهما العنف والقيم الاجتماعية. فللتلفزيون جاذبية يوفرها ذلك التمازج بين الصوت والصورة والحركة. والخبرات التي يخوضها أبطال المسلسلات والأفلام والنماذج التي يطرحونها والتي توفر للأطفال بشكل خاص خبرة مرجعية. إذ إن معظم الدراسات أكدت التأثير المتعاظم على الأطفال الأصغر سناً.
إلا أن ما يحد من تأثير جاذبية الأفلام التلفزيونية كون الطفل يقبع أمامها سلبياً متلقياً ليس إلا.
الأمر الذي جعل العديد من التربويين يعتبر تأثيره أقل خطورة ويمكن مجابهته من قبل الأهل والمربين إن تعاونا.
إلى أن أطلت ألعاب الفيديو والكمبيوتر لتصبح الوسيلة الأكبر تأثيراً على الأطفال ونموهم الذهني والاجتماعي والحركي على حد سواء ،كون الطفل فيها لا يقف مشاهداً متلقياً. فلا يشاهد النماذج والأبطال تتحرك أمامه وتخوض خبرات وتقول كلمات بعيداً عنه، وإنما يكون للطفل فيها دور فاعل متفاعل بل يقوم هو بالدور الأساسي للبطل ويستشعر متعة الانتصار أو خيبة الفشل.
فالألعاب بالأساس تشكل وسيلة تربوية مهمة، من أهم خصائصها المشاركة والتفاعل،كونها توفر للطفل خبرة غنية ينغمس فيها بعقله وعواطفه ويستخدم لممارستها كل حواسه.
لذا فإن لألعاب الكمبيوتر تأثيراً مضاعفاً، حيث أنها تجمع بين جاذبية التلفزيون الحاضن للصورة والصوت والحركة والنموذج، وجاذبية الألعاب وما تحمله من عناصر تعزز عملية التعلم. فعناصر التعلم التي توفرها الألعاب بشكل عام والكمبيوتر بشكل خاص تتلخص في:
١- التحدي الذي يشكل شرطاً للتعلم وزيادة الرغبة فيه.
٢- التسلية والانغماس في خوض الخبرة بكل الحواس.
٣- شد الانتباه لفترة طويلة تزيد كثيراً عن الفترة المتوقعة للأطفال، والتي ربما تمتد لساعات طوال من دون توقف.
٤- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات ذهنية مثل المهارات الإبداعية، وحل المسائل والربط والتحليل، ووضع الاستراتيجيات.
٥- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات حسية حركية من قوة الملاحظة البصرية والتآزر بين العين واليد وسرعة الحركة.
٦- وكذلك ما تحمله من إمكانيات لاكتساب معارف وتحفيز على المعرفة.
٧- أضف إلى ذلك إكساب معرفة أكثر بالحاسوب كآلة وكنظام وسهولة التعاطي معه.
من هنا تصبح الألعاب الإلكترونية وسيلة تربوية تنافس الوسائل كافة. وتأثيرها على النمو الذهني والاجتماعي والحركي كبير يؤثر على التحصيل الدراسي للأطفال، كما يؤثر في كيفية التفكير والشعور وتصرف البطل، الفاعل المتفاعل.
وككل وسيلة أخرى .فإن ما يحدد تأثير هذه الألعاب بالاتجاه السلبي أو الإيجابي هو مضمون هذه الألعاب. فهناك تنوع واسع من هذه الألعاب، منها الإيجابي ومنها السلبي.
فالألعاب ذات التأثير الإيجابي هي الألعاب الاستراتيجية وحل المسائل ومن أشهرها لعبة ''الحضارة'' "Civilization"، بأجزائها ومستوياتها المتعددة، والألعاب التعليمية والثقافية العديدة في مجالات العلوم والرياضيات واللغة، وكذلك الألعاب الرياضية بأنواعها.
أما الألعاب ذات التأثير السلبي حسب العديد من الدراسات فهي الألعاب الحربية وتلك التي تتسم بالعنف من ناحية، ومن أشهرها في الفترة الماضية ''السرقة الكبيرة'' "Grand Theft'' و''الضربة المضادة'' "Counter Strike" بالإضافة إلى الألعاب التي تتسم بالعنف والموقف السلبي من الشعوب.
وبينما يتركز اهتمام التربويين اليوم في بلدان العالم المتقدم على دراسة العنف كأحد أهم آفات الألعاب الإلكترونية. إلا أننا نجد أنفسنا معنيين مباشرة ليس فقط في هذا المجال وإنما بشكل أخص بالموقف المتحيز من الشعوب، حيث أن الموقف المتحيز كثيراً ما يتوجه إلينا كعرب. غير أننا للأسف لا نجد في بلداننا دراسات كتلك التي يقوم بها تربويون وعلماء نفس واجتماع في البلدان الأخرى تعالج هذا الجانب.
ومن خلال نظرة سريعة على بعض الألعاب المنتشرة في بلادنا، نجد أن هذين الجانبين، العنف والموقف المتحيز من الشعوب، هما الأبرز.

 

 

 

أولاً: ألعاب العنف:
إن العنف كان هم التربويين في مواجهة تأثير التلفزيون ثم جاءت ألعاب الكمبيوتر والفيديو لتجعله الهم الأول. فالطفل كما ذكرنا لا يشاهد بطله يقتُل ويعذّبِ وينتصر في الأفلام ويتماثل معه على هذا الأساس. وإنما يقوم هو بدور البطل الذي يقتُل ويعذّبِ، بل ويطور من أساليب العنف ليكون بطلاً أكبر ويربح نقاطاً أكثر، فنراه ينتقل من مستوى إلى مستوى أعلى في اللعبة وهو عملياً ينتقل من مستوى عنيف إلى مستوى أعلى من العنف. وخلال هذه العملية يختبر جميع التفاعلات التي يمر بها البطل وكأنها حقيقة واقعة كما حدث مع سامر، في بداية المقال. ويصبح هذا الأمر أكثر تأثيراً وتفاعل الطفل معه أكثر خطورة حين بدأت في الآونة الأخيرة تتحول الرسوم الكرتونية والخطوط التي تتكون منها تلك الألعاب إلى صور لأشخاص حقيقيين وحتى بلدان حقيقية كما سنذكر لاحقاً. ما جعل العنف عاملاً أكثر تأثيراً في ذهن الطفل وسلوكه.
و يصبح الطفل بعد فترة أقل تحسساً تجاه العنف بشكل عام، فهو يمارسه، ويمكن أن يسقطه على العالم الواقعي من حوله. مما قد يؤدي إلى ما يسميه التربويون ''مرض العالم اللئيم'' "Mean World Syndrome" وكذلك يمكن، بل لقد حدث بالفعل، أن العديد من الأطفال قلدوا طرائق العنف المستخدمة في الألعاب كما فعلوا مع أبطال أفلامهم في حياتهم الواقعية. صحيح أن هناك جدلاً حول تفاوت تأثير هذا الجانب على فئات من الأطفال. حيث أظهرت بعض الدراسات أن هذا التأثير يتفاوت بين الأطفال حسب واقعهم وظروفهم الاجتماعية فكانت أقل تأثيراً
مع الأطفال الأكثر استقراراً وأماناً.
كما تبين الدراسات أن الأشخاص الذين تتسم شخصياتهم بالعدوانية يقبلون أكثر من غيرهم على اللعب العنيف، على كل حال فإن الدراسات تؤكد أيضاً أن الأطفال الذين يلعبون ألعابا تتسم بالعنف تتولد لديهم أفكار عدوانية أكثر من غيرهم، كما تبين أنهم في سلوكهم أقل إقبالا على المساعدة الاجتماعية. كما أكد عدد من الدراسات أن هناك ارتباطاً بين اللعب بألعاب عنفية وبين السلوك العدواني، بل أكدت دراسات حديثة أن الأطفال يمكن أن يتصرفوا بشكل عدواني بعد اللعب بلعبة تتسم بالعنف. وبينما يذكر أحد طلاب الدراسات العليا في لبنان والذي ولد في أوائل الثمانينيات أي خلال فترة الحرب اللبنانية، بأن أفلام العنف وألعابها لا تؤثر علينا فنحن دائماً نقارنها بالواقع الذي علمنا أن العنف يأتي من الأعداء ونحن ننبذه. ولكن هذه الأفلام أو الألعاب لاشك بأنها توحي لنا بأفكار جديدة للعنف أكثر ذكاءً وإبداعاً.

 

ثانياً : الموقف المتحيز من الشعوب
إن العديد من الألعاب ومنها الألعاب الحربية والعنفية، والتي تحولت إلى ألعاب واقعية بشخصياتها وبيئتها، تحمل في طياتها موقفاً متحيزاً من الشعوب لاسيما العربية منها مؤخراً. ويظهر هذا بشكل خاص في سلسلة ألعاب تجد رواجاً كبيراً في بلادنا. ألا وهي ''قُد واغلِب'' "Command and Conquer'' والمؤلفة حتى الآن من ثلاثة أجزاء. بدأ الأول منها بحرب مستقبلية وفريقين متحاربين من الخيال لا صفة أرضية لهما، وحملت الاسم نفسه ''قُد واغلِب''. تلاها جزء ثانٍ باسم ''الإنذار الأحمر''، ''قد واغلب ٢''
"Red Alert, Command and Conquer II'' وهي حرب بين فريقي الحلفاء والسوفيات إبان الحرب الباردة. أما الجزء الثالث، والذي صدر منذ أكثر من سنة، بعنوان ''الجنرالات'' ''قُد واغلب ٣'' "Generals, Command and Conquer III" تحولت إلى لعبة واقعية تدور رحاها في  العراق. وتهدف إلى تدمير بغداد لفرض ديموقراطية وتخليص العراق من الإرهاب. تضم فرقاء متحاربين ثلاثة: الصين والولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحرير العالمية "Global Liberation Army GLA'' التي تمثل العرب و''الإرهابيين'' . أما رسالة أو مهمة القوات فهي ''العدل النهائي'' وتدمير الأعداء تدميراً كاملاً. وقد شمل هذا قتل الجنود وتدمير المرافق في مدينة بغداد. ويظهر في اللعبة أفراد هذه القوات بملامح عربية مخيفة، تنضح من عيونهم القساوة واللؤم والغدر والفقر بل أن مقدمة اللعبة تظهر قوات التحرير العالمية GLA، المفترض أن تكون عراقية تدافع عن بغداد التي تتعرض للإعتداء، تدمر حياً وسوقاً تجارياً يعج بالناس، الذين من المفترض أن هذه القوات من أبناء جنسها. ومن ثم تسير اللعبة بحيث تدمر القوات الأمريكية أو الصينية المرافق البغدادية، بما فيها المصانع والمساجد
والأبنية الأثرية وقاعدة لصواريخ سكود، بينما تحصد طائراتها ومدفعيتها كل انسان يتحرك أمامها.
إن هذه الألعاب التي تدمج العنف مع الموقف المتحيز من الشعوب تترك تأثيراً على اللاعبين لاسيما الصغار منهم حتى لو كانوا يعون ذلك. فنرى اللاعبين شباباً وأطفالاً، يتجنبون أن يلعبوا دور العربي لانه يظهر كارهابي. وفي الوقت نفسه يبتهجون كلما دمروا مبنى أو قتلوا شخصاً
عراقياً ولو بأيدي قوات أمريكية وصينية، فبذلك هم ينتصرون.

التحكم باللعبة

 

 


 

أي ثقة بالنفس يمكن لهذه الألعاب أن تنمي في أطفالنا ؟ وأية قيم ؟ والسؤال الأهم أي مواطن تهيء للمستقبل؟
إن هذه الألعاب كالأفلام التلفزيونية تتسلل إلى بيوتنا، ومدارسنا وتبث في نفوس أطفالنا سموماً وتنمي فيهم اتجاهات سلوكية تتنافى مع أهداف التربية التي نسعى إليها لإيجاد مواطن يعتز بوطنه وثقافته وانتمائه، ويدافع عن حقه وفي الوقت نفسه ينمي عقله وقدراته.
صحيح أننا من الصعب أن نقف حائلا بين أطفالنا وبين هذه الالعاب الجذابة. إلا أنه يمكننا ذلك فقط عندما نجد البديل الجذاب الذي نريد، ذلك الذي يتماشى مع قيمنا وأهدافنا في بناء جيل متقدم، واثق من نفسه معتز بثقافته ، مواطن منتج يسعى لتنمية مجتمعه. وهنا المطلوب تلاقي القطاعين الرسمي والخاص، مع الرأسمال البشري والمالي
.

 

الألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات

د. نجلاء نصير بشور الدائرة التربوية الجامعة الاميركيةالألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات


بدأ كف سامر يتعرق ونبضات قلبه تتسارع وعضلات معدته تتقلص وهو يضغط على فأرة الكمبيوتر وبعد ثوان صاح مبتهجاً: ''قتلتهم، قتلتهم جميعاً، قتلت أربعين رجلاً حتى الآن''.
كان سامر يلعب لعبته الإلكترونية المفضلة.

 

كان هم التربويين والآباء لعقود مضت وما زال مجابهة الآلة التي تنافسهم في تربية أبنائهم، وهي التلفزيون، حيث حارت الدراسات بين تأثيرها السلبي أو الإيجابي على نموهم الذهني والمفاهيمي من ناحية وتنشئتهم الاجتماعية وبالتالي قيمهم وسلوكهم من ناحية ثانية. حيث أن نسبة عالية من هذه الدراسات أكدت تأثير التلفزيون في جانبين أساسيين وهما العنف والقيم الاجتماعية. فللتلفزيون جاذبية يوفرها ذلك التمازج بين الصوت والصورة والحركة. والخبرات التي يخوضها أبطال المسلسلات والأفلام والنماذج التي يطرحونها والتي توفر للأطفال بشكل خاص خبرة مرجعية. إذ إن معظم الدراسات أكدت التأثير المتعاظم على الأطفال الأصغر سناً.
إلا أن ما يحد من تأثير جاذبية الأفلام التلفزيونية كون الطفل يقبع أمامها سلبياً متلقياً ليس إلا.
الأمر الذي جعل العديد من التربويين يعتبر تأثيره أقل خطورة ويمكن مجابهته من قبل الأهل والمربين إن تعاونا.
إلى أن أطلت ألعاب الفيديو والكمبيوتر لتصبح الوسيلة الأكبر تأثيراً على الأطفال ونموهم الذهني والاجتماعي والحركي على حد سواء ،كون الطفل فيها لا يقف مشاهداً متلقياً. فلا يشاهد النماذج والأبطال تتحرك أمامه وتخوض خبرات وتقول كلمات بعيداً عنه، وإنما يكون للطفل فيها دور فاعل متفاعل بل يقوم هو بالدور الأساسي للبطل ويستشعر متعة الانتصار أو خيبة الفشل.
فالألعاب بالأساس تشكل وسيلة تربوية مهمة، من أهم خصائصها المشاركة والتفاعل،كونها توفر للطفل خبرة غنية ينغمس فيها بعقله وعواطفه ويستخدم لممارستها كل حواسه.
لذا فإن لألعاب الكمبيوتر تأثيراً مضاعفاً، حيث أنها تجمع بين جاذبية التلفزيون الحاضن للصورة والصوت والحركة والنموذج، وجاذبية الألعاب وما تحمله من عناصر تعزز عملية التعلم. فعناصر التعلم التي توفرها الألعاب بشكل عام والكمبيوتر بشكل خاص تتلخص في:
١- التحدي الذي يشكل شرطاً للتعلم وزيادة الرغبة فيه.
٢- التسلية والانغماس في خوض الخبرة بكل الحواس.
٣- شد الانتباه لفترة طويلة تزيد كثيراً عن الفترة المتوقعة للأطفال، والتي ربما تمتد لساعات طوال من دون توقف.
٤- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات ذهنية مثل المهارات الإبداعية، وحل المسائل والربط والتحليل، ووضع الاستراتيجيات.
٥- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات حسية حركية من قوة الملاحظة البصرية والتآزر بين العين واليد وسرعة الحركة.
٦- وكذلك ما تحمله من إمكانيات لاكتساب معارف وتحفيز على المعرفة.
٧- أضف إلى ذلك إكساب معرفة أكثر بالحاسوب كآلة وكنظام وسهولة التعاطي معه.
من هنا تصبح الألعاب الإلكترونية وسيلة تربوية تنافس الوسائل كافة. وتأثيرها على النمو الذهني والاجتماعي والحركي كبير يؤثر على التحصيل الدراسي للأطفال، كما يؤثر في كيفية التفكير والشعور وتصرف البطل، الفاعل المتفاعل.
وككل وسيلة أخرى .فإن ما يحدد تأثير هذه الألعاب بالاتجاه السلبي أو الإيجابي هو مضمون هذه الألعاب. فهناك تنوع واسع من هذه الألعاب، منها الإيجابي ومنها السلبي.
فالألعاب ذات التأثير الإيجابي هي الألعاب الاستراتيجية وحل المسائل ومن أشهرها لعبة ''الحضارة'' "Civilization"، بأجزائها ومستوياتها المتعددة، والألعاب التعليمية والثقافية العديدة في مجالات العلوم والرياضيات واللغة، وكذلك الألعاب الرياضية بأنواعها.
أما الألعاب ذات التأثير السلبي حسب العديد من الدراسات فهي الألعاب الحربية وتلك التي تتسم بالعنف من ناحية، ومن أشهرها في الفترة الماضية ''السرقة الكبيرة'' "Grand Theft'' و''الضربة المضادة'' "Counter Strike" بالإضافة إلى الألعاب التي تتسم بالعنف والموقف السلبي من الشعوب.
وبينما يتركز اهتمام التربويين اليوم في بلدان العالم المتقدم على دراسة العنف كأحد أهم آفات الألعاب الإلكترونية. إلا أننا نجد أنفسنا معنيين مباشرة ليس فقط في هذا المجال وإنما بشكل أخص بالموقف المتحيز من الشعوب، حيث أن الموقف المتحيز كثيراً ما يتوجه إلينا كعرب. غير أننا للأسف لا نجد في بلداننا دراسات كتلك التي يقوم بها تربويون وعلماء نفس واجتماع في البلدان الأخرى تعالج هذا الجانب.
ومن خلال نظرة سريعة على بعض الألعاب المنتشرة في بلادنا، نجد أن هذين الجانبين، العنف والموقف المتحيز من الشعوب، هما الأبرز.

 

 

 

أولاً: ألعاب العنف:
إن العنف كان هم التربويين في مواجهة تأثير التلفزيون ثم جاءت ألعاب الكمبيوتر والفيديو لتجعله الهم الأول. فالطفل كما ذكرنا لا يشاهد بطله يقتُل ويعذّبِ وينتصر في الأفلام ويتماثل معه على هذا الأساس. وإنما يقوم هو بدور البطل الذي يقتُل ويعذّبِ، بل ويطور من أساليب العنف ليكون بطلاً أكبر ويربح نقاطاً أكثر، فنراه ينتقل من مستوى إلى مستوى أعلى في اللعبة وهو عملياً ينتقل من مستوى عنيف إلى مستوى أعلى من العنف. وخلال هذه العملية يختبر جميع التفاعلات التي يمر بها البطل وكأنها حقيقة واقعة كما حدث مع سامر، في بداية المقال. ويصبح هذا الأمر أكثر تأثيراً وتفاعل الطفل معه أكثر خطورة حين بدأت في الآونة الأخيرة تتحول الرسوم الكرتونية والخطوط التي تتكون منها تلك الألعاب إلى صور لأشخاص حقيقيين وحتى بلدان حقيقية كما سنذكر لاحقاً. ما جعل العنف عاملاً أكثر تأثيراً في ذهن الطفل وسلوكه.
و يصبح الطفل بعد فترة أقل تحسساً تجاه العنف بشكل عام، فهو يمارسه، ويمكن أن يسقطه على العالم الواقعي من حوله. مما قد يؤدي إلى ما يسميه التربويون ''مرض العالم اللئيم'' "Mean World Syndrome" وكذلك يمكن، بل لقد حدث بالفعل، أن العديد من الأطفال قلدوا طرائق العنف المستخدمة في الألعاب كما فعلوا مع أبطال أفلامهم في حياتهم الواقعية. صحيح أن هناك جدلاً حول تفاوت تأثير هذا الجانب على فئات من الأطفال. حيث أظهرت بعض الدراسات أن هذا التأثير يتفاوت بين الأطفال حسب واقعهم وظروفهم الاجتماعية فكانت أقل تأثيراً
مع الأطفال الأكثر استقراراً وأماناً.
كما تبين الدراسات أن الأشخاص الذين تتسم شخصياتهم بالعدوانية يقبلون أكثر من غيرهم على اللعب العنيف، على كل حال فإن الدراسات تؤكد أيضاً أن الأطفال الذين يلعبون ألعابا تتسم بالعنف تتولد لديهم أفكار عدوانية أكثر من غيرهم، كما تبين أنهم في سلوكهم أقل إقبالا على المساعدة الاجتماعية. كما أكد عدد من الدراسات أن هناك ارتباطاً بين اللعب بألعاب عنفية وبين السلوك العدواني، بل أكدت دراسات حديثة أن الأطفال يمكن أن يتصرفوا بشكل عدواني بعد اللعب بلعبة تتسم بالعنف. وبينما يذكر أحد طلاب الدراسات العليا في لبنان والذي ولد في أوائل الثمانينيات أي خلال فترة الحرب اللبنانية، بأن أفلام العنف وألعابها لا تؤثر علينا فنحن دائماً نقارنها بالواقع الذي علمنا أن العنف يأتي من الأعداء ونحن ننبذه. ولكن هذه الأفلام أو الألعاب لاشك بأنها توحي لنا بأفكار جديدة للعنف أكثر ذكاءً وإبداعاً.

 

ثانياً : الموقف المتحيز من الشعوب
إن العديد من الألعاب ومنها الألعاب الحربية والعنفية، والتي تحولت إلى ألعاب واقعية بشخصياتها وبيئتها، تحمل في طياتها موقفاً متحيزاً من الشعوب لاسيما العربية منها مؤخراً. ويظهر هذا بشكل خاص في سلسلة ألعاب تجد رواجاً كبيراً في بلادنا. ألا وهي ''قُد واغلِب'' "Command and Conquer'' والمؤلفة حتى الآن من ثلاثة أجزاء. بدأ الأول منها بحرب مستقبلية وفريقين متحاربين من الخيال لا صفة أرضية لهما، وحملت الاسم نفسه ''قُد واغلِب''. تلاها جزء ثانٍ باسم ''الإنذار الأحمر''، ''قد واغلب ٢''
"Red Alert, Command and Conquer II'' وهي حرب بين فريقي الحلفاء والسوفيات إبان الحرب الباردة. أما الجزء الثالث، والذي صدر منذ أكثر من سنة، بعنوان ''الجنرالات'' ''قُد واغلب ٣'' "Generals, Command and Conquer III" تحولت إلى لعبة واقعية تدور رحاها في  العراق. وتهدف إلى تدمير بغداد لفرض ديموقراطية وتخليص العراق من الإرهاب. تضم فرقاء متحاربين ثلاثة: الصين والولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحرير العالمية "Global Liberation Army GLA'' التي تمثل العرب و''الإرهابيين'' . أما رسالة أو مهمة القوات فهي ''العدل النهائي'' وتدمير الأعداء تدميراً كاملاً. وقد شمل هذا قتل الجنود وتدمير المرافق في مدينة بغداد. ويظهر في اللعبة أفراد هذه القوات بملامح عربية مخيفة، تنضح من عيونهم القساوة واللؤم والغدر والفقر بل أن مقدمة اللعبة تظهر قوات التحرير العالمية GLA، المفترض أن تكون عراقية تدافع عن بغداد التي تتعرض للإعتداء، تدمر حياً وسوقاً تجارياً يعج بالناس، الذين من المفترض أن هذه القوات من أبناء جنسها. ومن ثم تسير اللعبة بحيث تدمر القوات الأمريكية أو الصينية المرافق البغدادية، بما فيها المصانع والمساجد
والأبنية الأثرية وقاعدة لصواريخ سكود، بينما تحصد طائراتها ومدفعيتها كل انسان يتحرك أمامها.
إن هذه الألعاب التي تدمج العنف مع الموقف المتحيز من الشعوب تترك تأثيراً على اللاعبين لاسيما الصغار منهم حتى لو كانوا يعون ذلك. فنرى اللاعبين شباباً وأطفالاً، يتجنبون أن يلعبوا دور العربي لانه يظهر كارهابي. وفي الوقت نفسه يبتهجون كلما دمروا مبنى أو قتلوا شخصاً
عراقياً ولو بأيدي قوات أمريكية وصينية، فبذلك هم ينتصرون.

التحكم باللعبة

 

 


 

أي ثقة بالنفس يمكن لهذه الألعاب أن تنمي في أطفالنا ؟ وأية قيم ؟ والسؤال الأهم أي مواطن تهيء للمستقبل؟
إن هذه الألعاب كالأفلام التلفزيونية تتسلل إلى بيوتنا، ومدارسنا وتبث في نفوس أطفالنا سموماً وتنمي فيهم اتجاهات سلوكية تتنافى مع أهداف التربية التي نسعى إليها لإيجاد مواطن يعتز بوطنه وثقافته وانتمائه، ويدافع عن حقه وفي الوقت نفسه ينمي عقله وقدراته.
صحيح أننا من الصعب أن نقف حائلا بين أطفالنا وبين هذه الالعاب الجذابة. إلا أنه يمكننا ذلك فقط عندما نجد البديل الجذاب الذي نريد، ذلك الذي يتماشى مع قيمنا وأهدافنا في بناء جيل متقدم، واثق من نفسه معتز بثقافته ، مواطن منتج يسعى لتنمية مجتمعه. وهنا المطلوب تلاقي القطاعين الرسمي والخاص، مع الرأسمال البشري والمالي
.

 

الألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات

د. نجلاء نصير بشور الدائرة التربوية الجامعة الاميركيةالألعاب الإلكترونية: إيجابيات وسلبيات


بدأ كف سامر يتعرق ونبضات قلبه تتسارع وعضلات معدته تتقلص وهو يضغط على فأرة الكمبيوتر وبعد ثوان صاح مبتهجاً: ''قتلتهم، قتلتهم جميعاً، قتلت أربعين رجلاً حتى الآن''.
كان سامر يلعب لعبته الإلكترونية المفضلة.

 

كان هم التربويين والآباء لعقود مضت وما زال مجابهة الآلة التي تنافسهم في تربية أبنائهم، وهي التلفزيون، حيث حارت الدراسات بين تأثيرها السلبي أو الإيجابي على نموهم الذهني والمفاهيمي من ناحية وتنشئتهم الاجتماعية وبالتالي قيمهم وسلوكهم من ناحية ثانية. حيث أن نسبة عالية من هذه الدراسات أكدت تأثير التلفزيون في جانبين أساسيين وهما العنف والقيم الاجتماعية. فللتلفزيون جاذبية يوفرها ذلك التمازج بين الصوت والصورة والحركة. والخبرات التي يخوضها أبطال المسلسلات والأفلام والنماذج التي يطرحونها والتي توفر للأطفال بشكل خاص خبرة مرجعية. إذ إن معظم الدراسات أكدت التأثير المتعاظم على الأطفال الأصغر سناً.
إلا أن ما يحد من تأثير جاذبية الأفلام التلفزيونية كون الطفل يقبع أمامها سلبياً متلقياً ليس إلا.
الأمر الذي جعل العديد من التربويين يعتبر تأثيره أقل خطورة ويمكن مجابهته من قبل الأهل والمربين إن تعاونا.
إلى أن أطلت ألعاب الفيديو والكمبيوتر لتصبح الوسيلة الأكبر تأثيراً على الأطفال ونموهم الذهني والاجتماعي والحركي على حد سواء ،كون الطفل فيها لا يقف مشاهداً متلقياً. فلا يشاهد النماذج والأبطال تتحرك أمامه وتخوض خبرات وتقول كلمات بعيداً عنه، وإنما يكون للطفل فيها دور فاعل متفاعل بل يقوم هو بالدور الأساسي للبطل ويستشعر متعة الانتصار أو خيبة الفشل.
فالألعاب بالأساس تشكل وسيلة تربوية مهمة، من أهم خصائصها المشاركة والتفاعل،كونها توفر للطفل خبرة غنية ينغمس فيها بعقله وعواطفه ويستخدم لممارستها كل حواسه.
لذا فإن لألعاب الكمبيوتر تأثيراً مضاعفاً، حيث أنها تجمع بين جاذبية التلفزيون الحاضن للصورة والصوت والحركة والنموذج، وجاذبية الألعاب وما تحمله من عناصر تعزز عملية التعلم. فعناصر التعلم التي توفرها الألعاب بشكل عام والكمبيوتر بشكل خاص تتلخص في:
١- التحدي الذي يشكل شرطاً للتعلم وزيادة الرغبة فيه.
٢- التسلية والانغماس في خوض الخبرة بكل الحواس.
٣- شد الانتباه لفترة طويلة تزيد كثيراً عن الفترة المتوقعة للأطفال، والتي ربما تمتد لساعات طوال من دون توقف.
٤- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات ذهنية مثل المهارات الإبداعية، وحل المسائل والربط والتحليل، ووضع الاستراتيجيات.
٥- ما تحمله من إمكانيات لتنمية مهارات حسية حركية من قوة الملاحظة البصرية والتآزر بين العين واليد وسرعة الحركة.
٦- وكذلك ما تحمله من إمكانيات لاكتساب معارف وتحفيز على المعرفة.
٧- أضف إلى ذلك إكساب معرفة أكثر بالحاسوب كآلة وكنظام وسهولة التعاطي معه.
من هنا تصبح الألعاب الإلكترونية وسيلة تربوية تنافس الوسائل كافة. وتأثيرها على النمو الذهني والاجتماعي والحركي كبير يؤثر على التحصيل الدراسي للأطفال، كما يؤثر في كيفية التفكير والشعور وتصرف البطل، الفاعل المتفاعل.
وككل وسيلة أخرى .فإن ما يحدد تأثير هذه الألعاب بالاتجاه السلبي أو الإيجابي هو مضمون هذه الألعاب. فهناك تنوع واسع من هذه الألعاب، منها الإيجابي ومنها السلبي.
فالألعاب ذات التأثير الإيجابي هي الألعاب الاستراتيجية وحل المسائل ومن أشهرها لعبة ''الحضارة'' "Civilization"، بأجزائها ومستوياتها المتعددة، والألعاب التعليمية والثقافية العديدة في مجالات العلوم والرياضيات واللغة، وكذلك الألعاب الرياضية بأنواعها.
أما الألعاب ذات التأثير السلبي حسب العديد من الدراسات فهي الألعاب الحربية وتلك التي تتسم بالعنف من ناحية، ومن أشهرها في الفترة الماضية ''السرقة الكبيرة'' "Grand Theft'' و''الضربة المضادة'' "Counter Strike" بالإضافة إلى الألعاب التي تتسم بالعنف والموقف السلبي من الشعوب.
وبينما يتركز اهتمام التربويين اليوم في بلدان العالم المتقدم على دراسة العنف كأحد أهم آفات الألعاب الإلكترونية. إلا أننا نجد أنفسنا معنيين مباشرة ليس فقط في هذا المجال وإنما بشكل أخص بالموقف المتحيز من الشعوب، حيث أن الموقف المتحيز كثيراً ما يتوجه إلينا كعرب. غير أننا للأسف لا نجد في بلداننا دراسات كتلك التي يقوم بها تربويون وعلماء نفس واجتماع في البلدان الأخرى تعالج هذا الجانب.
ومن خلال نظرة سريعة على بعض الألعاب المنتشرة في بلادنا، نجد أن هذين الجانبين، العنف والموقف المتحيز من الشعوب، هما الأبرز.

 

 

 

أولاً: ألعاب العنف:
إن العنف كان هم التربويين في مواجهة تأثير التلفزيون ثم جاءت ألعاب الكمبيوتر والفيديو لتجعله الهم الأول. فالطفل كما ذكرنا لا يشاهد بطله يقتُل ويعذّبِ وينتصر في الأفلام ويتماثل معه على هذا الأساس. وإنما يقوم هو بدور البطل الذي يقتُل ويعذّبِ، بل ويطور من أساليب العنف ليكون بطلاً أكبر ويربح نقاطاً أكثر، فنراه ينتقل من مستوى إلى مستوى أعلى في اللعبة وهو عملياً ينتقل من مستوى عنيف إلى مستوى أعلى من العنف. وخلال هذه العملية يختبر جميع التفاعلات التي يمر بها البطل وكأنها حقيقة واقعة كما حدث مع سامر، في بداية المقال. ويصبح هذا الأمر أكثر تأثيراً وتفاعل الطفل معه أكثر خطورة حين بدأت في الآونة الأخيرة تتحول الرسوم الكرتونية والخطوط التي تتكون منها تلك الألعاب إلى صور لأشخاص حقيقيين وحتى بلدان حقيقية كما سنذكر لاحقاً. ما جعل العنف عاملاً أكثر تأثيراً في ذهن الطفل وسلوكه.
و يصبح الطفل بعد فترة أقل تحسساً تجاه العنف بشكل عام، فهو يمارسه، ويمكن أن يسقطه على العالم الواقعي من حوله. مما قد يؤدي إلى ما يسميه التربويون ''مرض العالم اللئيم'' "Mean World Syndrome" وكذلك يمكن، بل لقد حدث بالفعل، أن العديد من الأطفال قلدوا طرائق العنف المستخدمة في الألعاب كما فعلوا مع أبطال أفلامهم في حياتهم الواقعية. صحيح أن هناك جدلاً حول تفاوت تأثير هذا الجانب على فئات من الأطفال. حيث أظهرت بعض الدراسات أن هذا التأثير يتفاوت بين الأطفال حسب واقعهم وظروفهم الاجتماعية فكانت أقل تأثيراً
مع الأطفال الأكثر استقراراً وأماناً.
كما تبين الدراسات أن الأشخاص الذين تتسم شخصياتهم بالعدوانية يقبلون أكثر من غيرهم على اللعب العنيف، على كل حال فإن الدراسات تؤكد أيضاً أن الأطفال الذين يلعبون ألعابا تتسم بالعنف تتولد لديهم أفكار عدوانية أكثر من غيرهم، كما تبين أنهم في سلوكهم أقل إقبالا على المساعدة الاجتماعية. كما أكد عدد من الدراسات أن هناك ارتباطاً بين اللعب بألعاب عنفية وبين السلوك العدواني، بل أكدت دراسات حديثة أن الأطفال يمكن أن يتصرفوا بشكل عدواني بعد اللعب بلعبة تتسم بالعنف. وبينما يذكر أحد طلاب الدراسات العليا في لبنان والذي ولد في أوائل الثمانينيات أي خلال فترة الحرب اللبنانية، بأن أفلام العنف وألعابها لا تؤثر علينا فنحن دائماً نقارنها بالواقع الذي علمنا أن العنف يأتي من الأعداء ونحن ننبذه. ولكن هذه الأفلام أو الألعاب لاشك بأنها توحي لنا بأفكار جديدة للعنف أكثر ذكاءً وإبداعاً.

 

ثانياً : الموقف المتحيز من الشعوب
إن العديد من الألعاب ومنها الألعاب الحربية والعنفية، والتي تحولت إلى ألعاب واقعية بشخصياتها وبيئتها، تحمل في طياتها موقفاً متحيزاً من الشعوب لاسيما العربية منها مؤخراً. ويظهر هذا بشكل خاص في سلسلة ألعاب تجد رواجاً كبيراً في بلادنا. ألا وهي ''قُد واغلِب'' "Command and Conquer'' والمؤلفة حتى الآن من ثلاثة أجزاء. بدأ الأول منها بحرب مستقبلية وفريقين متحاربين من الخيال لا صفة أرضية لهما، وحملت الاسم نفسه ''قُد واغلِب''. تلاها جزء ثانٍ باسم ''الإنذار الأحمر''، ''قد واغلب ٢''
"Red Alert, Command and Conquer II'' وهي حرب بين فريقي الحلفاء والسوفيات إبان الحرب الباردة. أما الجزء الثالث، والذي صدر منذ أكثر من سنة، بعنوان ''الجنرالات'' ''قُد واغلب ٣'' "Generals, Command and Conquer III" تحولت إلى لعبة واقعية تدور رحاها في  العراق. وتهدف إلى تدمير بغداد لفرض ديموقراطية وتخليص العراق من الإرهاب. تضم فرقاء متحاربين ثلاثة: الصين والولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحرير العالمية "Global Liberation Army GLA'' التي تمثل العرب و''الإرهابيين'' . أما رسالة أو مهمة القوات فهي ''العدل النهائي'' وتدمير الأعداء تدميراً كاملاً. وقد شمل هذا قتل الجنود وتدمير المرافق في مدينة بغداد. ويظهر في اللعبة أفراد هذه القوات بملامح عربية مخيفة، تنضح من عيونهم القساوة واللؤم والغدر والفقر بل أن مقدمة اللعبة تظهر قوات التحرير العالمية GLA، المفترض أن تكون عراقية تدافع عن بغداد التي تتعرض للإعتداء، تدمر حياً وسوقاً تجارياً يعج بالناس، الذين من المفترض أن هذه القوات من أبناء جنسها. ومن ثم تسير اللعبة بحيث تدمر القوات الأمريكية أو الصينية المرافق البغدادية، بما فيها المصانع والمساجد
والأبنية الأثرية وقاعدة لصواريخ سكود، بينما تحصد طائراتها ومدفعيتها كل انسان يتحرك أمامها.
إن هذه الألعاب التي تدمج العنف مع الموقف المتحيز من الشعوب تترك تأثيراً على اللاعبين لاسيما الصغار منهم حتى لو كانوا يعون ذلك. فنرى اللاعبين شباباً وأطفالاً، يتجنبون أن يلعبوا دور العربي لانه يظهر كارهابي. وفي الوقت نفسه يبتهجون كلما دمروا مبنى أو قتلوا شخصاً
عراقياً ولو بأيدي قوات أمريكية وصينية، فبذلك هم ينتصرون.

التحكم باللعبة

 

 


 

أي ثقة بالنفس يمكن لهذه الألعاب أن تنمي في أطفالنا ؟ وأية قيم ؟ والسؤال الأهم أي مواطن تهيء للمستقبل؟
إن هذه الألعاب كالأفلام التلفزيونية تتسلل إلى بيوتنا، ومدارسنا وتبث في نفوس أطفالنا سموماً وتنمي فيهم اتجاهات سلوكية تتنافى مع أهداف التربية التي نسعى إليها لإيجاد مواطن يعتز بوطنه وثقافته وانتمائه، ويدافع عن حقه وفي الوقت نفسه ينمي عقله وقدراته.
صحيح أننا من الصعب أن نقف حائلا بين أطفالنا وبين هذه الالعاب الجذابة. إلا أنه يمكننا ذلك فقط عندما نجد البديل الجذاب الذي نريد، ذلك الذي يتماشى مع قيمنا وأهدافنا في بناء جيل متقدم، واثق من نفسه معتز بثقافته ، مواطن منتج يسعى لتنمية مجتمعه. وهنا المطلوب تلاقي القطاعين الرسمي والخاص، مع الرأسمال البشري والمالي
.