المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير التعليم الرسمي

المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير

التعليم الرسمي

 

رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي د. احمد سنجقدارما شهدته العقود الأخيرة من القرن العشرين من أنماط متسارعة في التطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي، أضاف مسؤوليات وواجبات كثيرة وجديدة على صعيد التنمية عامة وتنمية الموارد والثروة البشرية خاصة، هذه الموارد التي تُعتبر المدخل الحقيقي والمحرك الاساسي للتنمية الوطنية الشاملة .

 

 

 

تطوير النظام التربوي

عندما نتكلم عن تنمية الموارد البشرية يبرز بوضوح موضوع التربية والتعليم عامة، والنظام التربوي بالتحديد، نظراً لارتباطه الوثيق بكل جوانب المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإن الاهتمام بتحديث وتطوير النظام التربوي بات من الاولويات لكي يصبح هذا النظام :

- من خلال دوره الوطني، المساهم الاول في تأمين شروط الانصهار الوطني على قاعدة الانتماء للوطن .

- من خلال دوره الاقتصادي، العامل الاساسي للتنمية البشرية والمساهم الفعاّل في التنمية الشاملة .

- من خلال دوره الاجتماعي، المحفز الضروري لتأمين ديمقراطية التعليم المتطور الذي يليق بأبنائنا .

ولكي نكون على مستوى هذه المسؤوليات الجسام، ولكي يتمكن التعليم من تلبية متطلبات العصر، لا بد لنا من  العمل على تطوير العناصر الاساسية للعملية التربوية وهذه العناصر هي :

- كتاب مدرسي مبني على منهج متطور وملتزم بالاهداف الوطنية .

- تلميذ يحتضنه بناء مدرسي مجهز بمختلف متطلبات المناهج الحديثة للتعليم .

- معلم كفوء ومكتفٍ ترعاه ادارة تربوية متخصصة .

هذه العناصر تلخص معظم مشكلات التعليم في لبنان .

والواقع ان عدم تطوير هذه العناصر سبّبَ في قطاع التعليم الرسمي عامة، والثانوي منه خصوصاً، اختلالات عميقة بدأت تظهر في تراجع نوعية التعليم ومستواه، أي انها ضربت الناحية المضيئة في هذا القطاع الاخير الذي استطاع الحفاظ على تميزه بمستواه حتى في فترة الحرب الماضية . لذلك دعونا اليوم نعالج هذه القضية بالذات والتي تختصر العديد من مشكلات التعليم الرسمي.

 

نوعية التعليم

ان نوعية التعليم ومستواه مرتبطان مباشرة بالمعلم وكفاءته وقد قلنا في البداية بأن المعلم الكفوء هو من اهم عناصر التعليم الجيد. ولكن الكفاءة لا تختصر بالحصول على الاجازة التعليمية، بل لا بد ان يقترن ذلك بالمدخلات الضرورية لمهمته المقدسة، وذلك من خلال:

- وضع نظام لإعداد المعلمين يتلاءم مع الاهداف الرامية الى رفع مستوى مخرجات النظام التعليمي (التلميذ).

- تأمين التدريب المستمر بما يكفل تطوير المخزون العلمي والتربوي للمعلم .

- مدّه بالارشاد والتوجيه عند كل صعوبة او عقبة تواجهه خلال تأدية دوره التربوي.

- تحقيق التوازن الفعلي والواقعي بين عدد المعلمين واحتياجات التعليم الرسمي .

- تعزيز مهنة التعليم وإنصاف المعلم معنوياً ومادياً ووعي دوره الاساسي في عملية التعليم.

الكمبيوتر، هل هو المعلم الجديد للتلاميذ؟

 

 

 

 

التعليم ومتطلبات العصر الحديث

من هذا المنطلق نجد ان اعداد المعلم وتدريبه وإنصافه تُشكل المدخل الاساسي لاصلاح التعليم كي يتمكن فعلاً من تلبية متطلبات الحياة الحديثة للمجتمع الانساني، وهنا يطرح السؤال: أي اعداد نريد؟

إذا كنا نريد تعليماً يلبي متطلبات العصر، فهذا يعني اننا نريد تعليماً قادراً على تنمية الشخصية المتكاملة لدى التلميذ، تعليماً قادراً على تطوير قدراته العقلية والإبداعية، نريد نوعية جديدة من التعليم تؤهل أجيالنا للدخول في هذا العالم المعقد. باختصار، نريد تعليماً يستطيع تخريج نوعية جديدة من المتعلمين قادرين على تنمية أنفسهم باستمرار، وقادرين على التكيف مع أية ظروف مستجدة، ويتمتعون بتفكير تحليلي ناقد يستطيعون من خلاله حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة. وتكوين هذه النوعية من المتخرجين لا يمكن أن يتم بواسطة الطريقة التقليدية للتعليم، طريقة تلقين المعارف الجاهزة والمسجلة في كتاب بل لا بد من طرائق تعليمية متطورة ومتجددة في أساليبها، تتناسب مع الأدوار الجديدة للمعلمين.  لذلك لم يعد يكفي ان يُتقن المعلم مادته التعليمية التي يدرّسِها، خاصة وانه لم يعد المصدر الوحيد لها بالنسبة لتلاميذه.  من هنا بات من الضروري ان ينتقل دوره من ملقن لهذه المعرفة الى موجه ومشجع لتلاميذه على استنباطها، وذلك باعتماد الطرائق الناشطة في التعليم التي تمكن التلميذ من امتلاك القدرة على التحليل والبحث وتحفز قدراته العقلية وتعده الاعداد الجيد لمواجهة الحياة في عصر سريع التغير .

وعليه فقد بات من الملح ان يكون المعلم متمتعاً بشخصية قوية مستقرة، ومُعَدّاً اعداداً متطوراً ومتجدداً في مختلف النواحي التربوية والاكاديمية والثقافية .

الملاك الفني الموحد

ان هذه النظرة الجديدة للمعلم والتغيير الجذري للتعلم يتطلب تغييراً جذرياً في مناهج اعداد المعلم كما يتطلب اعادة النظر كلياً بطرائق اعداده التربوي والنفسي والثقافي .

من اجل ذلك، ومع بداية التسعينيات وعودة الحياة الطبيعية الى البلاد، سارعت رابطة اساتذة التعليم الثانوي الى عقد حلقة دراسية وكان اولها يومي ٥ و ٦ تشرين الثاني من عام ١٩٩٣ وقد اشترك في ندوات هذه الحلقة الدراسية العديد من المسؤولين التربويين والباحثين الجامعيين، مفتتحين في حينه باب النقاش حول مختلف المسائل التربوية. وطرحنا خلالها رؤيتنا النقابية للنهوض التربوي وهو البدء بإقرار الملاك الفني الخاص الموّحد للمعلمين الذي ينظم جميع شؤون المعلمين والذي ينص على ضرورة اقرار قانون بعدم جواز دخول ملاك التعليم بجميع مراحله الا لحملة الاجازة التعليمية (وهذا ما اقر مؤخراً في القانون ٣٤٤ في آب ٢٠٠١ ) لعلمنا بأن مرحلة التعليم الاساسي ومرحلة الروضة هما بأهمية مرحلة التعليم الثانوي. والتعليم في هذه المراحل بحاجة للكثير من المعرفة الاكاديمية والنفسية، وبالتالي فإن المعلم في مرحلتي الروضة والتعليم الاساسي لا بد أن يكون مُعَداً اعداداً جامعياً .

بهذه الرؤية كانت مطالبتنا الدائمة بمبدأ الاعداد الجامعي الموحد لجميع افراد الهيئة التعليمية في التعليم ما قبل الجامعي، هذا بالنسبة لمستوى الاعداد اما لجهة نوع الاعداد فلدينا بعض التصورات .

 

مدارس القرى

هناك في لبنان مشكلة مدارس القرى النائية التي تشغل بال المسؤولين دائماً لجهة الهدر الكبير فيها على صعيد عدد المعلمين. وهذه المدارس يفوق عددها الخمسين مدرسة موزعة في كل انحاء لبنان. ويتراوح عدد تلاميذ المدرسة الواحدة منها ما بين تلميذين و ٢٠ تلميذاً ويطلق عليها اسم المدارس المتعثرة لعدم امكانية اغلاقها بسبب حمايتها من نواب المناطق والسياسيين.

والواقع ان معظم وزراء التربية حاولوا مواجهة هذا الوضع بمحاولة اغلاق ما يمكن من هذه المدارس ومحاولة ضمها الى اقرب مدرسة في القضاء، وذلك لتخفيف الهدر وحصول التلاميذ على مردود تربوي افضل.  ولكن كان ذلك يتعذر بوجود التجاذبات السياسية المحلية.

ونحن في الرابطة نرى أن الحل لا يكون بإغلاق هذه المدارس لان عدم وجود مدرسة في القرية هو مدعاة لموتهذه القرية وعدم تطويرها . لذلك نحن نؤيد توسيع افتتاح المدارس حتى في اصغر القرى وابعدها. والمشكلة تحل باعتماد ما يسمى"مدرسة المعلم الواحد" المعتمدة في الكثير من الدول المتقدمة. وهكذا، فعندما يوجد عشرة تلاميذ في قرية ما، يستطيع معلم هذه المدرسة أن يقوم بتعليمهم حتى ولو كانوا بمستويات مختلفة، على ان لا تتعدى هذه المستويات الحلقة الاولى من التعليم الاساسي، علماً بأن هذا النوع من التعليم بحاجة لاعداد خاص. لذلك فاننا نطالب باعتماد سياسة تقضي باعداد:

  • معلمين يصلحون لهذا النوع من التعليم  (في مدرسة المعلم الواحد) التي نقترح ان تكون الدراسة فيها من مستوى الحلقة الاولى من التعليم الاساسي فقط . علماً ان في لبنان العديد من القرى التي لا توجد فيها مدرسة رسمية.
  • معلم الصف، الذي يؤهل المعلم لتعليم الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الاساسي ايضاً وذلك للمدارس التي يوجد فيها اعداد كافية من التلاميذ لافتتاح شعبة او اكثر في كل صف.
  • معلمين للتعليم الاساسي في حلقتيه الثانية والثالثة وباختصاصات متنوعة .
  • معلمين لمرحلة التعليم الثانوي من مختلف الاختصاصات المطلوبة في المناهج الجديدة، ومنها على سبيل المثال:

- مادة الترجمة و التعريب، وهي بحاجة الى إعداد معلمين متخصصين لأنها توكل حالياً الى أساتذة اللغة الفرنسية.

-  مادة اللغة الأجنبية الثانية، وهي بحاجة الى إعداد من نوع خاص يختلف عن إعداد أساتذة اللغة الاجنبية الأولى .

-  مادة المعلوماتية.

-  مادة التكنولوجيا وباقي المواد الاجرائية (الفنون والرياضة).

  • معلمين لذوي الحاجات الخاصة، علماً ان هؤلاء اصبحوا حوالى ١٠ ٪ من مجموع التلاميذ العاديين ومن بينهم المعوقون جسدياً ونفسياً وعقلياً.  وهذه الشريحة لا يستقبلها التعليم الخاص ومن واجب التعليم العام الرسمي ان يهتم بهؤلاء التلاميذ وأن يُعد لهم من يستطيعة الاهتمام بهم لاعطائهم فرصة للعيش الكريم ولكي لا يبقوا عالة على المجتمع .

مدرسة في بناء قديم

 

 

 

 

الاعداد والتدريب

والان ما هي الخطوط العريضة لمحتوى برامج الاعداد وما هي آلية الاعداد المطلوب ومدة الدراسة لكل نوع من انواعه؟

نحن مع القائلين بأن برامج اعداد المعلمين يجب ان تتضمن مختلف أنواع الإعداد واهمها :

- الاعداد الاكاديمي في المادة او مجموعة المواد المتجانسة التي ينوي الطالب - المعلم تدريسها في المستقبل.

- الاعداد التربوي الذي يشمل دراسة المواد التربوية المختلفة في علم النفس التربوي وطرائق التعليم وغيرها .

- الاعداد الثقافي في مختلف انواع العلوم العامة والتقنيات الحديثة والآداب العالمية والفنون.

- التدريب العملي الذي يساعد الطالب - المعلم على التطبيق الميداني لما تعلمه نظرياً.

المعلم في مرحلة الروضة لا يقل اهمية عن المراحل الاخرى

 

 

 

ويعطى محتوى هذه البرامج وفق نظامين للاعداد :

- النظام التزامني الذي يعتمد على اعداد الطالب – المعلم في المواد الاكاديمية مترافقاً مع اعداده في الامور التربوية والثقافية والتطبيقية الآنفة الذكر. ومن حسنات هذا النظام انه يوفر فرصة اكبر للتكامل بين الاعداد التربوي والاكاديمي، ولكن هذا النوع من الاعداد لا يسمح بالاعداد المكثف والعميق خاصة في المواد الاكاديمية. لذلك ندعو لاستخدام هذا النوع من الاعداد لمعلمي الروضات ومعلمي الحلقتين الاولى والثانية من التعليم الاساسي، لان الاعداد في هذه المراحل لا يتطلب اعداداً مكثفاً في المواد الاكاديمية كما هو الحال في باقي المراحل التعليمية. ونعتقد بأن مدة اربع سنوات من هذا النظام تكون كافية لاعطاء الطالب – المعلم  اجازة تعليمية لهذه المراحل من التعليم. وهذا النوع من الاعداد مناسب ايضاً لاعداد معلم الصف او المعلم الوحيد في مدرسة المعلم الواحد .

- النظام التتابعي الذي يعتمد على اعداد المعلم اعداداً اكاديمياً في المرحلة الاولى ومن ثم يجري اعداده اعداداً تربوياً وثقافياً بعد ذلك. وهذا النظام نعتبره ضرورياً لاعداد المعلمين الذين سيعلمون في مرحلة الحلقة الثالثة من التعليم الاساسي وفي مرحلة التعليم الثانوي، لان هذا النظام يتيح الفرصة للاعداد المكثف الاكاديمي والتربوي.  وهذا مهم في هذه المراحل التي تعتمد على التعليم المتخصص في المواد، ونقترح ان يظل الاعداد الاكاديمي لهذه المراحل كما هي الحال اربع سنوات لأن المعلم بحاجة هنا الى ان يكون اكثر تعمقاً في مادة اختصاصه . وبعد ذلك يتم الاعداد التربوي لمدى سنتين ينال بنهايتها شهادة الكفاءة التعليمية.

هذا بالنسبة للاعداد، اما فيما يختص بالتدريب فانه لا بد من الافادة في هذا ا لموضوع من تجارب الدول  الاوروبية التي تقدمت علينا في المجال التربوي.  فاذا اخذنا مثلا تجربة فرنسا نجد انها قد فصلت مسؤولية  الاعداد عن موضوع التدريب، ومهمات التخطيط والابحاث. فقامت في العام ١٩٩٠ بالغاء دور المعلمين والمعلمات لديها وانشأت مؤسسة خاصة للاعداد سميت بالمعهد الجامعي لاعداد المعلمين (Institut Universitaire de Formation des Maîtres) كما أنشأت مؤسسة اخرى للتدريب والتدريب المستمر تدعى "الاكاديمية الوطنية لتدريب المعلمين" ومن المؤكد بان هذا الفصل في البلدان المتقدمة لا يجري عشوائياً، وهو لا يزال قائماً من حوالى خمسة عشر عاماً مما يدل على انه اثبت فعاليته على الصعيدين التربوي واللوجستي العملاني .

 

دور المركز التربوي

والواقع اننا نرى بأن هذا الفصل بين الاعداد والتدريب يتوافق مع واقعنا الحالي بوجود المركز التربوي للبحوث والانماء، الذي اصبح لديه خبرة عملية في التدريب ولديه الامكانيات والقدرة على الحركة والتعامل مع المستجدات بشكل أسهل من المؤسسات الاخرى. علماً بأن التدريب موضوع يجب ان نتوقع خلاله مشاكل طارئة ويومية مما يستدعي سرعة بالحركة لا تتمتع بها سائر مؤسسات الدولة.

واذا اضفنا الى ذلك ان المركز التربوي هو المسؤول عن المناهج وتطويرها، والكتب المدرسية واصدارها، فمن الافضل ان يكون هو المسؤول ايضاً عن التدريب على هذه المناهج. وتكون هنا الافادة مزدوجة للمعلمين وللمركز الذي يستطيع ان يرى ثغرات المناهج بصورة مباشرة من خلال التدريب فيصبح عمله اكثر دقة وصوابية .

تبقى المشكلة في متابعة المعلم على الارض خلال تطبيقه لما تعلمه وتدرب عليه، ومن سيحل مشاكله التعليمية اليومية . هنا نجد الحاجة لمديرية الارشاد والتوجيه والموجهين الاختصاصيين لديها الذين يستطيعون المساعدة الفورية وعلى الارض.  وهذا الامر ظهرت اهميته خاصة لدى معلمي مرحلة التعليم الاساسي، حيث كانوا يطلبون دائماً مساعدة الارشاد والتوجيه في مدارسهم لتمكينهم من تطبيق الطرائق الناشطة في التعليم.

ان وسائل الدعم المهني للمعلم يجب ان تستمر بعد انهاء برامج اعداده وتدريبه خصوصاً في بداية ممارسة المهنة ونعتقد بأن الارشاد والتوجيه هو خير من يقوم بهذه المهمة.

هذا بالنسبة للمعلمين فماذا عن باقي العاملين في القطاع التربوي؟

من دورات التدريب في المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

 

 

الادارة التربوية

قلنا في البداية ان اهم عناصر التعليم المتطور هو المعلم الكفوء الذي ترعاه ادارة تربوية متخصصة. من هنا نجد ان جهود المعلم الكفوء والمسلح بأفضل مستويات الاعداد والتدريب لن تثمر اذا لم يكن محاطاً بإدارة تربوية متخصصة تحسن استثمار كفاءات المعلم . من هنا تأتي اهمية العناية باعداد سائر العاملين في القطاع التربوي من مديري مدارس ومفتشين تربويين واختصاصيي التوجيه والارشاد واعدادهم وفق مناهج متطورة ومستويات رفيعة في الاعداد ضمن التعليم العالي أي بمستوى ماجستير او دكتوراه تمنحها كلية التربية وباختصاصات متنوعة .

- ماجستير او دكتوراه في الادارة التربوية.

- ماجستير او دكتوراه في التفتيش التربوي.

- ماجستير او دكتوراه في الارشاد والتوجيه وباختصاصات في مختلف المواد التعليمية .

ونحن نطالب بهذا المستوى العالي من الاعداد حرصاً على ان يتمتع العاملون بهذه المهام بكفاءات مهنية عالية، نظراً لاهمية ودقة المهام التي يقومون بها و لما لها من تأثير حاسم في ضبط وتوجيه اداء المعلمين وفي عملية تطوير النظام التربوي. والا فانهم سيشكلون عوائق تحول دون قيام المعلم بعملية التجديد التربوي الذي أُعد من اجله .

ونخلص الى القول بان الاجراءات التربوية المقترحة يمكنها ان تقدم بعض المعالجات التي تحول دون تراجع مستوى التعليم الرسمي ونوعيته وتساهم بعملية النهوض التربوي. ولكن ذلك لن يتم الا اذ تشكلت لدى المسؤولين القناعة بأن التعليم ليس خدمة تقوم بها الدولة، فمن الممكن ان يرتفع او ينخفض مستواها وفقاً للظروف المالية للبلد .ان التعليم هو استثمار طويل الامد، انه الوسيلة الوحيدة للتنمية في لبنان، هذا الاستثمار هو الذي يستطيع ان يرفع اسم لبنان عالياً الى مستوى مدرسة الشرق الاوسط وجامعته.

المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير التعليم الرسمي

المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير

التعليم الرسمي

 

رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي د. احمد سنجقدارما شهدته العقود الأخيرة من القرن العشرين من أنماط متسارعة في التطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي، أضاف مسؤوليات وواجبات كثيرة وجديدة على صعيد التنمية عامة وتنمية الموارد والثروة البشرية خاصة، هذه الموارد التي تُعتبر المدخل الحقيقي والمحرك الاساسي للتنمية الوطنية الشاملة .

 

 

 

تطوير النظام التربوي

عندما نتكلم عن تنمية الموارد البشرية يبرز بوضوح موضوع التربية والتعليم عامة، والنظام التربوي بالتحديد، نظراً لارتباطه الوثيق بكل جوانب المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإن الاهتمام بتحديث وتطوير النظام التربوي بات من الاولويات لكي يصبح هذا النظام :

- من خلال دوره الوطني، المساهم الاول في تأمين شروط الانصهار الوطني على قاعدة الانتماء للوطن .

- من خلال دوره الاقتصادي، العامل الاساسي للتنمية البشرية والمساهم الفعاّل في التنمية الشاملة .

- من خلال دوره الاجتماعي، المحفز الضروري لتأمين ديمقراطية التعليم المتطور الذي يليق بأبنائنا .

ولكي نكون على مستوى هذه المسؤوليات الجسام، ولكي يتمكن التعليم من تلبية متطلبات العصر، لا بد لنا من  العمل على تطوير العناصر الاساسية للعملية التربوية وهذه العناصر هي :

- كتاب مدرسي مبني على منهج متطور وملتزم بالاهداف الوطنية .

- تلميذ يحتضنه بناء مدرسي مجهز بمختلف متطلبات المناهج الحديثة للتعليم .

- معلم كفوء ومكتفٍ ترعاه ادارة تربوية متخصصة .

هذه العناصر تلخص معظم مشكلات التعليم في لبنان .

والواقع ان عدم تطوير هذه العناصر سبّبَ في قطاع التعليم الرسمي عامة، والثانوي منه خصوصاً، اختلالات عميقة بدأت تظهر في تراجع نوعية التعليم ومستواه، أي انها ضربت الناحية المضيئة في هذا القطاع الاخير الذي استطاع الحفاظ على تميزه بمستواه حتى في فترة الحرب الماضية . لذلك دعونا اليوم نعالج هذه القضية بالذات والتي تختصر العديد من مشكلات التعليم الرسمي.

 

نوعية التعليم

ان نوعية التعليم ومستواه مرتبطان مباشرة بالمعلم وكفاءته وقد قلنا في البداية بأن المعلم الكفوء هو من اهم عناصر التعليم الجيد. ولكن الكفاءة لا تختصر بالحصول على الاجازة التعليمية، بل لا بد ان يقترن ذلك بالمدخلات الضرورية لمهمته المقدسة، وذلك من خلال:

- وضع نظام لإعداد المعلمين يتلاءم مع الاهداف الرامية الى رفع مستوى مخرجات النظام التعليمي (التلميذ).

- تأمين التدريب المستمر بما يكفل تطوير المخزون العلمي والتربوي للمعلم .

- مدّه بالارشاد والتوجيه عند كل صعوبة او عقبة تواجهه خلال تأدية دوره التربوي.

- تحقيق التوازن الفعلي والواقعي بين عدد المعلمين واحتياجات التعليم الرسمي .

- تعزيز مهنة التعليم وإنصاف المعلم معنوياً ومادياً ووعي دوره الاساسي في عملية التعليم.

الكمبيوتر، هل هو المعلم الجديد للتلاميذ؟

 

 

 

 

التعليم ومتطلبات العصر الحديث

من هذا المنطلق نجد ان اعداد المعلم وتدريبه وإنصافه تُشكل المدخل الاساسي لاصلاح التعليم كي يتمكن فعلاً من تلبية متطلبات الحياة الحديثة للمجتمع الانساني، وهنا يطرح السؤال: أي اعداد نريد؟

إذا كنا نريد تعليماً يلبي متطلبات العصر، فهذا يعني اننا نريد تعليماً قادراً على تنمية الشخصية المتكاملة لدى التلميذ، تعليماً قادراً على تطوير قدراته العقلية والإبداعية، نريد نوعية جديدة من التعليم تؤهل أجيالنا للدخول في هذا العالم المعقد. باختصار، نريد تعليماً يستطيع تخريج نوعية جديدة من المتعلمين قادرين على تنمية أنفسهم باستمرار، وقادرين على التكيف مع أية ظروف مستجدة، ويتمتعون بتفكير تحليلي ناقد يستطيعون من خلاله حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة. وتكوين هذه النوعية من المتخرجين لا يمكن أن يتم بواسطة الطريقة التقليدية للتعليم، طريقة تلقين المعارف الجاهزة والمسجلة في كتاب بل لا بد من طرائق تعليمية متطورة ومتجددة في أساليبها، تتناسب مع الأدوار الجديدة للمعلمين.  لذلك لم يعد يكفي ان يُتقن المعلم مادته التعليمية التي يدرّسِها، خاصة وانه لم يعد المصدر الوحيد لها بالنسبة لتلاميذه.  من هنا بات من الضروري ان ينتقل دوره من ملقن لهذه المعرفة الى موجه ومشجع لتلاميذه على استنباطها، وذلك باعتماد الطرائق الناشطة في التعليم التي تمكن التلميذ من امتلاك القدرة على التحليل والبحث وتحفز قدراته العقلية وتعده الاعداد الجيد لمواجهة الحياة في عصر سريع التغير .

وعليه فقد بات من الملح ان يكون المعلم متمتعاً بشخصية قوية مستقرة، ومُعَدّاً اعداداً متطوراً ومتجدداً في مختلف النواحي التربوية والاكاديمية والثقافية .

الملاك الفني الموحد

ان هذه النظرة الجديدة للمعلم والتغيير الجذري للتعلم يتطلب تغييراً جذرياً في مناهج اعداد المعلم كما يتطلب اعادة النظر كلياً بطرائق اعداده التربوي والنفسي والثقافي .

من اجل ذلك، ومع بداية التسعينيات وعودة الحياة الطبيعية الى البلاد، سارعت رابطة اساتذة التعليم الثانوي الى عقد حلقة دراسية وكان اولها يومي ٥ و ٦ تشرين الثاني من عام ١٩٩٣ وقد اشترك في ندوات هذه الحلقة الدراسية العديد من المسؤولين التربويين والباحثين الجامعيين، مفتتحين في حينه باب النقاش حول مختلف المسائل التربوية. وطرحنا خلالها رؤيتنا النقابية للنهوض التربوي وهو البدء بإقرار الملاك الفني الخاص الموّحد للمعلمين الذي ينظم جميع شؤون المعلمين والذي ينص على ضرورة اقرار قانون بعدم جواز دخول ملاك التعليم بجميع مراحله الا لحملة الاجازة التعليمية (وهذا ما اقر مؤخراً في القانون ٣٤٤ في آب ٢٠٠١ ) لعلمنا بأن مرحلة التعليم الاساسي ومرحلة الروضة هما بأهمية مرحلة التعليم الثانوي. والتعليم في هذه المراحل بحاجة للكثير من المعرفة الاكاديمية والنفسية، وبالتالي فإن المعلم في مرحلتي الروضة والتعليم الاساسي لا بد أن يكون مُعَداً اعداداً جامعياً .

بهذه الرؤية كانت مطالبتنا الدائمة بمبدأ الاعداد الجامعي الموحد لجميع افراد الهيئة التعليمية في التعليم ما قبل الجامعي، هذا بالنسبة لمستوى الاعداد اما لجهة نوع الاعداد فلدينا بعض التصورات .

 

مدارس القرى

هناك في لبنان مشكلة مدارس القرى النائية التي تشغل بال المسؤولين دائماً لجهة الهدر الكبير فيها على صعيد عدد المعلمين. وهذه المدارس يفوق عددها الخمسين مدرسة موزعة في كل انحاء لبنان. ويتراوح عدد تلاميذ المدرسة الواحدة منها ما بين تلميذين و ٢٠ تلميذاً ويطلق عليها اسم المدارس المتعثرة لعدم امكانية اغلاقها بسبب حمايتها من نواب المناطق والسياسيين.

والواقع ان معظم وزراء التربية حاولوا مواجهة هذا الوضع بمحاولة اغلاق ما يمكن من هذه المدارس ومحاولة ضمها الى اقرب مدرسة في القضاء، وذلك لتخفيف الهدر وحصول التلاميذ على مردود تربوي افضل.  ولكن كان ذلك يتعذر بوجود التجاذبات السياسية المحلية.

ونحن في الرابطة نرى أن الحل لا يكون بإغلاق هذه المدارس لان عدم وجود مدرسة في القرية هو مدعاة لموتهذه القرية وعدم تطويرها . لذلك نحن نؤيد توسيع افتتاح المدارس حتى في اصغر القرى وابعدها. والمشكلة تحل باعتماد ما يسمى"مدرسة المعلم الواحد" المعتمدة في الكثير من الدول المتقدمة. وهكذا، فعندما يوجد عشرة تلاميذ في قرية ما، يستطيع معلم هذه المدرسة أن يقوم بتعليمهم حتى ولو كانوا بمستويات مختلفة، على ان لا تتعدى هذه المستويات الحلقة الاولى من التعليم الاساسي، علماً بأن هذا النوع من التعليم بحاجة لاعداد خاص. لذلك فاننا نطالب باعتماد سياسة تقضي باعداد:

  • معلمين يصلحون لهذا النوع من التعليم  (في مدرسة المعلم الواحد) التي نقترح ان تكون الدراسة فيها من مستوى الحلقة الاولى من التعليم الاساسي فقط . علماً ان في لبنان العديد من القرى التي لا توجد فيها مدرسة رسمية.
  • معلم الصف، الذي يؤهل المعلم لتعليم الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الاساسي ايضاً وذلك للمدارس التي يوجد فيها اعداد كافية من التلاميذ لافتتاح شعبة او اكثر في كل صف.
  • معلمين للتعليم الاساسي في حلقتيه الثانية والثالثة وباختصاصات متنوعة .
  • معلمين لمرحلة التعليم الثانوي من مختلف الاختصاصات المطلوبة في المناهج الجديدة، ومنها على سبيل المثال:

- مادة الترجمة و التعريب، وهي بحاجة الى إعداد معلمين متخصصين لأنها توكل حالياً الى أساتذة اللغة الفرنسية.

-  مادة اللغة الأجنبية الثانية، وهي بحاجة الى إعداد من نوع خاص يختلف عن إعداد أساتذة اللغة الاجنبية الأولى .

-  مادة المعلوماتية.

-  مادة التكنولوجيا وباقي المواد الاجرائية (الفنون والرياضة).

  • معلمين لذوي الحاجات الخاصة، علماً ان هؤلاء اصبحوا حوالى ١٠ ٪ من مجموع التلاميذ العاديين ومن بينهم المعوقون جسدياً ونفسياً وعقلياً.  وهذه الشريحة لا يستقبلها التعليم الخاص ومن واجب التعليم العام الرسمي ان يهتم بهؤلاء التلاميذ وأن يُعد لهم من يستطيعة الاهتمام بهم لاعطائهم فرصة للعيش الكريم ولكي لا يبقوا عالة على المجتمع .

مدرسة في بناء قديم

 

 

 

 

الاعداد والتدريب

والان ما هي الخطوط العريضة لمحتوى برامج الاعداد وما هي آلية الاعداد المطلوب ومدة الدراسة لكل نوع من انواعه؟

نحن مع القائلين بأن برامج اعداد المعلمين يجب ان تتضمن مختلف أنواع الإعداد واهمها :

- الاعداد الاكاديمي في المادة او مجموعة المواد المتجانسة التي ينوي الطالب - المعلم تدريسها في المستقبل.

- الاعداد التربوي الذي يشمل دراسة المواد التربوية المختلفة في علم النفس التربوي وطرائق التعليم وغيرها .

- الاعداد الثقافي في مختلف انواع العلوم العامة والتقنيات الحديثة والآداب العالمية والفنون.

- التدريب العملي الذي يساعد الطالب - المعلم على التطبيق الميداني لما تعلمه نظرياً.

المعلم في مرحلة الروضة لا يقل اهمية عن المراحل الاخرى

 

 

 

ويعطى محتوى هذه البرامج وفق نظامين للاعداد :

- النظام التزامني الذي يعتمد على اعداد الطالب – المعلم في المواد الاكاديمية مترافقاً مع اعداده في الامور التربوية والثقافية والتطبيقية الآنفة الذكر. ومن حسنات هذا النظام انه يوفر فرصة اكبر للتكامل بين الاعداد التربوي والاكاديمي، ولكن هذا النوع من الاعداد لا يسمح بالاعداد المكثف والعميق خاصة في المواد الاكاديمية. لذلك ندعو لاستخدام هذا النوع من الاعداد لمعلمي الروضات ومعلمي الحلقتين الاولى والثانية من التعليم الاساسي، لان الاعداد في هذه المراحل لا يتطلب اعداداً مكثفاً في المواد الاكاديمية كما هو الحال في باقي المراحل التعليمية. ونعتقد بأن مدة اربع سنوات من هذا النظام تكون كافية لاعطاء الطالب – المعلم  اجازة تعليمية لهذه المراحل من التعليم. وهذا النوع من الاعداد مناسب ايضاً لاعداد معلم الصف او المعلم الوحيد في مدرسة المعلم الواحد .

- النظام التتابعي الذي يعتمد على اعداد المعلم اعداداً اكاديمياً في المرحلة الاولى ومن ثم يجري اعداده اعداداً تربوياً وثقافياً بعد ذلك. وهذا النظام نعتبره ضرورياً لاعداد المعلمين الذين سيعلمون في مرحلة الحلقة الثالثة من التعليم الاساسي وفي مرحلة التعليم الثانوي، لان هذا النظام يتيح الفرصة للاعداد المكثف الاكاديمي والتربوي.  وهذا مهم في هذه المراحل التي تعتمد على التعليم المتخصص في المواد، ونقترح ان يظل الاعداد الاكاديمي لهذه المراحل كما هي الحال اربع سنوات لأن المعلم بحاجة هنا الى ان يكون اكثر تعمقاً في مادة اختصاصه . وبعد ذلك يتم الاعداد التربوي لمدى سنتين ينال بنهايتها شهادة الكفاءة التعليمية.

هذا بالنسبة للاعداد، اما فيما يختص بالتدريب فانه لا بد من الافادة في هذا ا لموضوع من تجارب الدول  الاوروبية التي تقدمت علينا في المجال التربوي.  فاذا اخذنا مثلا تجربة فرنسا نجد انها قد فصلت مسؤولية  الاعداد عن موضوع التدريب، ومهمات التخطيط والابحاث. فقامت في العام ١٩٩٠ بالغاء دور المعلمين والمعلمات لديها وانشأت مؤسسة خاصة للاعداد سميت بالمعهد الجامعي لاعداد المعلمين (Institut Universitaire de Formation des Maîtres) كما أنشأت مؤسسة اخرى للتدريب والتدريب المستمر تدعى "الاكاديمية الوطنية لتدريب المعلمين" ومن المؤكد بان هذا الفصل في البلدان المتقدمة لا يجري عشوائياً، وهو لا يزال قائماً من حوالى خمسة عشر عاماً مما يدل على انه اثبت فعاليته على الصعيدين التربوي واللوجستي العملاني .

 

دور المركز التربوي

والواقع اننا نرى بأن هذا الفصل بين الاعداد والتدريب يتوافق مع واقعنا الحالي بوجود المركز التربوي للبحوث والانماء، الذي اصبح لديه خبرة عملية في التدريب ولديه الامكانيات والقدرة على الحركة والتعامل مع المستجدات بشكل أسهل من المؤسسات الاخرى. علماً بأن التدريب موضوع يجب ان نتوقع خلاله مشاكل طارئة ويومية مما يستدعي سرعة بالحركة لا تتمتع بها سائر مؤسسات الدولة.

واذا اضفنا الى ذلك ان المركز التربوي هو المسؤول عن المناهج وتطويرها، والكتب المدرسية واصدارها، فمن الافضل ان يكون هو المسؤول ايضاً عن التدريب على هذه المناهج. وتكون هنا الافادة مزدوجة للمعلمين وللمركز الذي يستطيع ان يرى ثغرات المناهج بصورة مباشرة من خلال التدريب فيصبح عمله اكثر دقة وصوابية .

تبقى المشكلة في متابعة المعلم على الارض خلال تطبيقه لما تعلمه وتدرب عليه، ومن سيحل مشاكله التعليمية اليومية . هنا نجد الحاجة لمديرية الارشاد والتوجيه والموجهين الاختصاصيين لديها الذين يستطيعون المساعدة الفورية وعلى الارض.  وهذا الامر ظهرت اهميته خاصة لدى معلمي مرحلة التعليم الاساسي، حيث كانوا يطلبون دائماً مساعدة الارشاد والتوجيه في مدارسهم لتمكينهم من تطبيق الطرائق الناشطة في التعليم.

ان وسائل الدعم المهني للمعلم يجب ان تستمر بعد انهاء برامج اعداده وتدريبه خصوصاً في بداية ممارسة المهنة ونعتقد بأن الارشاد والتوجيه هو خير من يقوم بهذه المهمة.

هذا بالنسبة للمعلمين فماذا عن باقي العاملين في القطاع التربوي؟

من دورات التدريب في المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

 

 

الادارة التربوية

قلنا في البداية ان اهم عناصر التعليم المتطور هو المعلم الكفوء الذي ترعاه ادارة تربوية متخصصة. من هنا نجد ان جهود المعلم الكفوء والمسلح بأفضل مستويات الاعداد والتدريب لن تثمر اذا لم يكن محاطاً بإدارة تربوية متخصصة تحسن استثمار كفاءات المعلم . من هنا تأتي اهمية العناية باعداد سائر العاملين في القطاع التربوي من مديري مدارس ومفتشين تربويين واختصاصيي التوجيه والارشاد واعدادهم وفق مناهج متطورة ومستويات رفيعة في الاعداد ضمن التعليم العالي أي بمستوى ماجستير او دكتوراه تمنحها كلية التربية وباختصاصات متنوعة .

- ماجستير او دكتوراه في الادارة التربوية.

- ماجستير او دكتوراه في التفتيش التربوي.

- ماجستير او دكتوراه في الارشاد والتوجيه وباختصاصات في مختلف المواد التعليمية .

ونحن نطالب بهذا المستوى العالي من الاعداد حرصاً على ان يتمتع العاملون بهذه المهام بكفاءات مهنية عالية، نظراً لاهمية ودقة المهام التي يقومون بها و لما لها من تأثير حاسم في ضبط وتوجيه اداء المعلمين وفي عملية تطوير النظام التربوي. والا فانهم سيشكلون عوائق تحول دون قيام المعلم بعملية التجديد التربوي الذي أُعد من اجله .

ونخلص الى القول بان الاجراءات التربوية المقترحة يمكنها ان تقدم بعض المعالجات التي تحول دون تراجع مستوى التعليم الرسمي ونوعيته وتساهم بعملية النهوض التربوي. ولكن ذلك لن يتم الا اذ تشكلت لدى المسؤولين القناعة بأن التعليم ليس خدمة تقوم بها الدولة، فمن الممكن ان يرتفع او ينخفض مستواها وفقاً للظروف المالية للبلد .ان التعليم هو استثمار طويل الامد، انه الوسيلة الوحيدة للتنمية في لبنان، هذا الاستثمار هو الذي يستطيع ان يرفع اسم لبنان عالياً الى مستوى مدرسة الشرق الاوسط وجامعته.

المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير التعليم الرسمي

المعلم الكفوء ضرورة ملحة لتطوير

التعليم الرسمي

 

رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي د. احمد سنجقدارما شهدته العقود الأخيرة من القرن العشرين من أنماط متسارعة في التطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي، أضاف مسؤوليات وواجبات كثيرة وجديدة على صعيد التنمية عامة وتنمية الموارد والثروة البشرية خاصة، هذه الموارد التي تُعتبر المدخل الحقيقي والمحرك الاساسي للتنمية الوطنية الشاملة .

 

 

 

تطوير النظام التربوي

عندما نتكلم عن تنمية الموارد البشرية يبرز بوضوح موضوع التربية والتعليم عامة، والنظام التربوي بالتحديد، نظراً لارتباطه الوثيق بكل جوانب المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإن الاهتمام بتحديث وتطوير النظام التربوي بات من الاولويات لكي يصبح هذا النظام :

- من خلال دوره الوطني، المساهم الاول في تأمين شروط الانصهار الوطني على قاعدة الانتماء للوطن .

- من خلال دوره الاقتصادي، العامل الاساسي للتنمية البشرية والمساهم الفعاّل في التنمية الشاملة .

- من خلال دوره الاجتماعي، المحفز الضروري لتأمين ديمقراطية التعليم المتطور الذي يليق بأبنائنا .

ولكي نكون على مستوى هذه المسؤوليات الجسام، ولكي يتمكن التعليم من تلبية متطلبات العصر، لا بد لنا من  العمل على تطوير العناصر الاساسية للعملية التربوية وهذه العناصر هي :

- كتاب مدرسي مبني على منهج متطور وملتزم بالاهداف الوطنية .

- تلميذ يحتضنه بناء مدرسي مجهز بمختلف متطلبات المناهج الحديثة للتعليم .

- معلم كفوء ومكتفٍ ترعاه ادارة تربوية متخصصة .

هذه العناصر تلخص معظم مشكلات التعليم في لبنان .

والواقع ان عدم تطوير هذه العناصر سبّبَ في قطاع التعليم الرسمي عامة، والثانوي منه خصوصاً، اختلالات عميقة بدأت تظهر في تراجع نوعية التعليم ومستواه، أي انها ضربت الناحية المضيئة في هذا القطاع الاخير الذي استطاع الحفاظ على تميزه بمستواه حتى في فترة الحرب الماضية . لذلك دعونا اليوم نعالج هذه القضية بالذات والتي تختصر العديد من مشكلات التعليم الرسمي.

 

نوعية التعليم

ان نوعية التعليم ومستواه مرتبطان مباشرة بالمعلم وكفاءته وقد قلنا في البداية بأن المعلم الكفوء هو من اهم عناصر التعليم الجيد. ولكن الكفاءة لا تختصر بالحصول على الاجازة التعليمية، بل لا بد ان يقترن ذلك بالمدخلات الضرورية لمهمته المقدسة، وذلك من خلال:

- وضع نظام لإعداد المعلمين يتلاءم مع الاهداف الرامية الى رفع مستوى مخرجات النظام التعليمي (التلميذ).

- تأمين التدريب المستمر بما يكفل تطوير المخزون العلمي والتربوي للمعلم .

- مدّه بالارشاد والتوجيه عند كل صعوبة او عقبة تواجهه خلال تأدية دوره التربوي.

- تحقيق التوازن الفعلي والواقعي بين عدد المعلمين واحتياجات التعليم الرسمي .

- تعزيز مهنة التعليم وإنصاف المعلم معنوياً ومادياً ووعي دوره الاساسي في عملية التعليم.

الكمبيوتر، هل هو المعلم الجديد للتلاميذ؟

 

 

 

 

التعليم ومتطلبات العصر الحديث

من هذا المنطلق نجد ان اعداد المعلم وتدريبه وإنصافه تُشكل المدخل الاساسي لاصلاح التعليم كي يتمكن فعلاً من تلبية متطلبات الحياة الحديثة للمجتمع الانساني، وهنا يطرح السؤال: أي اعداد نريد؟

إذا كنا نريد تعليماً يلبي متطلبات العصر، فهذا يعني اننا نريد تعليماً قادراً على تنمية الشخصية المتكاملة لدى التلميذ، تعليماً قادراً على تطوير قدراته العقلية والإبداعية، نريد نوعية جديدة من التعليم تؤهل أجيالنا للدخول في هذا العالم المعقد. باختصار، نريد تعليماً يستطيع تخريج نوعية جديدة من المتعلمين قادرين على تنمية أنفسهم باستمرار، وقادرين على التكيف مع أية ظروف مستجدة، ويتمتعون بتفكير تحليلي ناقد يستطيعون من خلاله حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة. وتكوين هذه النوعية من المتخرجين لا يمكن أن يتم بواسطة الطريقة التقليدية للتعليم، طريقة تلقين المعارف الجاهزة والمسجلة في كتاب بل لا بد من طرائق تعليمية متطورة ومتجددة في أساليبها، تتناسب مع الأدوار الجديدة للمعلمين.  لذلك لم يعد يكفي ان يُتقن المعلم مادته التعليمية التي يدرّسِها، خاصة وانه لم يعد المصدر الوحيد لها بالنسبة لتلاميذه.  من هنا بات من الضروري ان ينتقل دوره من ملقن لهذه المعرفة الى موجه ومشجع لتلاميذه على استنباطها، وذلك باعتماد الطرائق الناشطة في التعليم التي تمكن التلميذ من امتلاك القدرة على التحليل والبحث وتحفز قدراته العقلية وتعده الاعداد الجيد لمواجهة الحياة في عصر سريع التغير .

وعليه فقد بات من الملح ان يكون المعلم متمتعاً بشخصية قوية مستقرة، ومُعَدّاً اعداداً متطوراً ومتجدداً في مختلف النواحي التربوية والاكاديمية والثقافية .

الملاك الفني الموحد

ان هذه النظرة الجديدة للمعلم والتغيير الجذري للتعلم يتطلب تغييراً جذرياً في مناهج اعداد المعلم كما يتطلب اعادة النظر كلياً بطرائق اعداده التربوي والنفسي والثقافي .

من اجل ذلك، ومع بداية التسعينيات وعودة الحياة الطبيعية الى البلاد، سارعت رابطة اساتذة التعليم الثانوي الى عقد حلقة دراسية وكان اولها يومي ٥ و ٦ تشرين الثاني من عام ١٩٩٣ وقد اشترك في ندوات هذه الحلقة الدراسية العديد من المسؤولين التربويين والباحثين الجامعيين، مفتتحين في حينه باب النقاش حول مختلف المسائل التربوية. وطرحنا خلالها رؤيتنا النقابية للنهوض التربوي وهو البدء بإقرار الملاك الفني الخاص الموّحد للمعلمين الذي ينظم جميع شؤون المعلمين والذي ينص على ضرورة اقرار قانون بعدم جواز دخول ملاك التعليم بجميع مراحله الا لحملة الاجازة التعليمية (وهذا ما اقر مؤخراً في القانون ٣٤٤ في آب ٢٠٠١ ) لعلمنا بأن مرحلة التعليم الاساسي ومرحلة الروضة هما بأهمية مرحلة التعليم الثانوي. والتعليم في هذه المراحل بحاجة للكثير من المعرفة الاكاديمية والنفسية، وبالتالي فإن المعلم في مرحلتي الروضة والتعليم الاساسي لا بد أن يكون مُعَداً اعداداً جامعياً .

بهذه الرؤية كانت مطالبتنا الدائمة بمبدأ الاعداد الجامعي الموحد لجميع افراد الهيئة التعليمية في التعليم ما قبل الجامعي، هذا بالنسبة لمستوى الاعداد اما لجهة نوع الاعداد فلدينا بعض التصورات .

 

مدارس القرى

هناك في لبنان مشكلة مدارس القرى النائية التي تشغل بال المسؤولين دائماً لجهة الهدر الكبير فيها على صعيد عدد المعلمين. وهذه المدارس يفوق عددها الخمسين مدرسة موزعة في كل انحاء لبنان. ويتراوح عدد تلاميذ المدرسة الواحدة منها ما بين تلميذين و ٢٠ تلميذاً ويطلق عليها اسم المدارس المتعثرة لعدم امكانية اغلاقها بسبب حمايتها من نواب المناطق والسياسيين.

والواقع ان معظم وزراء التربية حاولوا مواجهة هذا الوضع بمحاولة اغلاق ما يمكن من هذه المدارس ومحاولة ضمها الى اقرب مدرسة في القضاء، وذلك لتخفيف الهدر وحصول التلاميذ على مردود تربوي افضل.  ولكن كان ذلك يتعذر بوجود التجاذبات السياسية المحلية.

ونحن في الرابطة نرى أن الحل لا يكون بإغلاق هذه المدارس لان عدم وجود مدرسة في القرية هو مدعاة لموتهذه القرية وعدم تطويرها . لذلك نحن نؤيد توسيع افتتاح المدارس حتى في اصغر القرى وابعدها. والمشكلة تحل باعتماد ما يسمى"مدرسة المعلم الواحد" المعتمدة في الكثير من الدول المتقدمة. وهكذا، فعندما يوجد عشرة تلاميذ في قرية ما، يستطيع معلم هذه المدرسة أن يقوم بتعليمهم حتى ولو كانوا بمستويات مختلفة، على ان لا تتعدى هذه المستويات الحلقة الاولى من التعليم الاساسي، علماً بأن هذا النوع من التعليم بحاجة لاعداد خاص. لذلك فاننا نطالب باعتماد سياسة تقضي باعداد:

  • معلمين يصلحون لهذا النوع من التعليم  (في مدرسة المعلم الواحد) التي نقترح ان تكون الدراسة فيها من مستوى الحلقة الاولى من التعليم الاساسي فقط . علماً ان في لبنان العديد من القرى التي لا توجد فيها مدرسة رسمية.
  • معلم الصف، الذي يؤهل المعلم لتعليم الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الاساسي ايضاً وذلك للمدارس التي يوجد فيها اعداد كافية من التلاميذ لافتتاح شعبة او اكثر في كل صف.
  • معلمين للتعليم الاساسي في حلقتيه الثانية والثالثة وباختصاصات متنوعة .
  • معلمين لمرحلة التعليم الثانوي من مختلف الاختصاصات المطلوبة في المناهج الجديدة، ومنها على سبيل المثال:

- مادة الترجمة و التعريب، وهي بحاجة الى إعداد معلمين متخصصين لأنها توكل حالياً الى أساتذة اللغة الفرنسية.

-  مادة اللغة الأجنبية الثانية، وهي بحاجة الى إعداد من نوع خاص يختلف عن إعداد أساتذة اللغة الاجنبية الأولى .

-  مادة المعلوماتية.

-  مادة التكنولوجيا وباقي المواد الاجرائية (الفنون والرياضة).

  • معلمين لذوي الحاجات الخاصة، علماً ان هؤلاء اصبحوا حوالى ١٠ ٪ من مجموع التلاميذ العاديين ومن بينهم المعوقون جسدياً ونفسياً وعقلياً.  وهذه الشريحة لا يستقبلها التعليم الخاص ومن واجب التعليم العام الرسمي ان يهتم بهؤلاء التلاميذ وأن يُعد لهم من يستطيعة الاهتمام بهم لاعطائهم فرصة للعيش الكريم ولكي لا يبقوا عالة على المجتمع .

مدرسة في بناء قديم

 

 

 

 

الاعداد والتدريب

والان ما هي الخطوط العريضة لمحتوى برامج الاعداد وما هي آلية الاعداد المطلوب ومدة الدراسة لكل نوع من انواعه؟

نحن مع القائلين بأن برامج اعداد المعلمين يجب ان تتضمن مختلف أنواع الإعداد واهمها :

- الاعداد الاكاديمي في المادة او مجموعة المواد المتجانسة التي ينوي الطالب - المعلم تدريسها في المستقبل.

- الاعداد التربوي الذي يشمل دراسة المواد التربوية المختلفة في علم النفس التربوي وطرائق التعليم وغيرها .

- الاعداد الثقافي في مختلف انواع العلوم العامة والتقنيات الحديثة والآداب العالمية والفنون.

- التدريب العملي الذي يساعد الطالب - المعلم على التطبيق الميداني لما تعلمه نظرياً.

المعلم في مرحلة الروضة لا يقل اهمية عن المراحل الاخرى

 

 

 

ويعطى محتوى هذه البرامج وفق نظامين للاعداد :

- النظام التزامني الذي يعتمد على اعداد الطالب – المعلم في المواد الاكاديمية مترافقاً مع اعداده في الامور التربوية والثقافية والتطبيقية الآنفة الذكر. ومن حسنات هذا النظام انه يوفر فرصة اكبر للتكامل بين الاعداد التربوي والاكاديمي، ولكن هذا النوع من الاعداد لا يسمح بالاعداد المكثف والعميق خاصة في المواد الاكاديمية. لذلك ندعو لاستخدام هذا النوع من الاعداد لمعلمي الروضات ومعلمي الحلقتين الاولى والثانية من التعليم الاساسي، لان الاعداد في هذه المراحل لا يتطلب اعداداً مكثفاً في المواد الاكاديمية كما هو الحال في باقي المراحل التعليمية. ونعتقد بأن مدة اربع سنوات من هذا النظام تكون كافية لاعطاء الطالب – المعلم  اجازة تعليمية لهذه المراحل من التعليم. وهذا النوع من الاعداد مناسب ايضاً لاعداد معلم الصف او المعلم الوحيد في مدرسة المعلم الواحد .

- النظام التتابعي الذي يعتمد على اعداد المعلم اعداداً اكاديمياً في المرحلة الاولى ومن ثم يجري اعداده اعداداً تربوياً وثقافياً بعد ذلك. وهذا النظام نعتبره ضرورياً لاعداد المعلمين الذين سيعلمون في مرحلة الحلقة الثالثة من التعليم الاساسي وفي مرحلة التعليم الثانوي، لان هذا النظام يتيح الفرصة للاعداد المكثف الاكاديمي والتربوي.  وهذا مهم في هذه المراحل التي تعتمد على التعليم المتخصص في المواد، ونقترح ان يظل الاعداد الاكاديمي لهذه المراحل كما هي الحال اربع سنوات لأن المعلم بحاجة هنا الى ان يكون اكثر تعمقاً في مادة اختصاصه . وبعد ذلك يتم الاعداد التربوي لمدى سنتين ينال بنهايتها شهادة الكفاءة التعليمية.

هذا بالنسبة للاعداد، اما فيما يختص بالتدريب فانه لا بد من الافادة في هذا ا لموضوع من تجارب الدول  الاوروبية التي تقدمت علينا في المجال التربوي.  فاذا اخذنا مثلا تجربة فرنسا نجد انها قد فصلت مسؤولية  الاعداد عن موضوع التدريب، ومهمات التخطيط والابحاث. فقامت في العام ١٩٩٠ بالغاء دور المعلمين والمعلمات لديها وانشأت مؤسسة خاصة للاعداد سميت بالمعهد الجامعي لاعداد المعلمين (Institut Universitaire de Formation des Maîtres) كما أنشأت مؤسسة اخرى للتدريب والتدريب المستمر تدعى "الاكاديمية الوطنية لتدريب المعلمين" ومن المؤكد بان هذا الفصل في البلدان المتقدمة لا يجري عشوائياً، وهو لا يزال قائماً من حوالى خمسة عشر عاماً مما يدل على انه اثبت فعاليته على الصعيدين التربوي واللوجستي العملاني .

 

دور المركز التربوي

والواقع اننا نرى بأن هذا الفصل بين الاعداد والتدريب يتوافق مع واقعنا الحالي بوجود المركز التربوي للبحوث والانماء، الذي اصبح لديه خبرة عملية في التدريب ولديه الامكانيات والقدرة على الحركة والتعامل مع المستجدات بشكل أسهل من المؤسسات الاخرى. علماً بأن التدريب موضوع يجب ان نتوقع خلاله مشاكل طارئة ويومية مما يستدعي سرعة بالحركة لا تتمتع بها سائر مؤسسات الدولة.

واذا اضفنا الى ذلك ان المركز التربوي هو المسؤول عن المناهج وتطويرها، والكتب المدرسية واصدارها، فمن الافضل ان يكون هو المسؤول ايضاً عن التدريب على هذه المناهج. وتكون هنا الافادة مزدوجة للمعلمين وللمركز الذي يستطيع ان يرى ثغرات المناهج بصورة مباشرة من خلال التدريب فيصبح عمله اكثر دقة وصوابية .

تبقى المشكلة في متابعة المعلم على الارض خلال تطبيقه لما تعلمه وتدرب عليه، ومن سيحل مشاكله التعليمية اليومية . هنا نجد الحاجة لمديرية الارشاد والتوجيه والموجهين الاختصاصيين لديها الذين يستطيعون المساعدة الفورية وعلى الارض.  وهذا الامر ظهرت اهميته خاصة لدى معلمي مرحلة التعليم الاساسي، حيث كانوا يطلبون دائماً مساعدة الارشاد والتوجيه في مدارسهم لتمكينهم من تطبيق الطرائق الناشطة في التعليم.

ان وسائل الدعم المهني للمعلم يجب ان تستمر بعد انهاء برامج اعداده وتدريبه خصوصاً في بداية ممارسة المهنة ونعتقد بأن الارشاد والتوجيه هو خير من يقوم بهذه المهمة.

هذا بالنسبة للمعلمين فماذا عن باقي العاملين في القطاع التربوي؟

من دورات التدريب في المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

 

 

الادارة التربوية

قلنا في البداية ان اهم عناصر التعليم المتطور هو المعلم الكفوء الذي ترعاه ادارة تربوية متخصصة. من هنا نجد ان جهود المعلم الكفوء والمسلح بأفضل مستويات الاعداد والتدريب لن تثمر اذا لم يكن محاطاً بإدارة تربوية متخصصة تحسن استثمار كفاءات المعلم . من هنا تأتي اهمية العناية باعداد سائر العاملين في القطاع التربوي من مديري مدارس ومفتشين تربويين واختصاصيي التوجيه والارشاد واعدادهم وفق مناهج متطورة ومستويات رفيعة في الاعداد ضمن التعليم العالي أي بمستوى ماجستير او دكتوراه تمنحها كلية التربية وباختصاصات متنوعة .

- ماجستير او دكتوراه في الادارة التربوية.

- ماجستير او دكتوراه في التفتيش التربوي.

- ماجستير او دكتوراه في الارشاد والتوجيه وباختصاصات في مختلف المواد التعليمية .

ونحن نطالب بهذا المستوى العالي من الاعداد حرصاً على ان يتمتع العاملون بهذه المهام بكفاءات مهنية عالية، نظراً لاهمية ودقة المهام التي يقومون بها و لما لها من تأثير حاسم في ضبط وتوجيه اداء المعلمين وفي عملية تطوير النظام التربوي. والا فانهم سيشكلون عوائق تحول دون قيام المعلم بعملية التجديد التربوي الذي أُعد من اجله .

ونخلص الى القول بان الاجراءات التربوية المقترحة يمكنها ان تقدم بعض المعالجات التي تحول دون تراجع مستوى التعليم الرسمي ونوعيته وتساهم بعملية النهوض التربوي. ولكن ذلك لن يتم الا اذ تشكلت لدى المسؤولين القناعة بأن التعليم ليس خدمة تقوم بها الدولة، فمن الممكن ان يرتفع او ينخفض مستواها وفقاً للظروف المالية للبلد .ان التعليم هو استثمار طويل الامد، انه الوسيلة الوحيدة للتنمية في لبنان، هذا الاستثمار هو الذي يستطيع ان يرفع اسم لبنان عالياً الى مستوى مدرسة الشرق الاوسط وجامعته.