تصورات المعلمين والطلاب -المعلمين وأهميتها في عملية الإعداد

تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين

وأهميتها في عملية الإعداد

دراسة من إعداد
الدكتورة إيمان خليل
الدكتورة ذكية حرفوش
الدكتور بيار كليمان
الجامعة اللبنانية
وجامعة ليون - فرنسا

  (تصورات معلمي علوم الحياة واللغة العربية حول التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجيةنموذجاً )                 

 

تعتبر دراسة التصورات ( Conceptions )  محوراً مهماً في العملية التعلّميّة والتعليمية من وجهة نظر علم الديداكتيك ( Giordan, De Vecchi 1987, Astolfi et al 1997, Clément  1998  ) من هنا اهتمامنا بتصوراتالمعلمين حول مواضيع ساخنة مثل التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية، ونعني بها الإيديولوجيات أو القيم التي من الممكن أن ينقلها تعليم علوم الحياة مثل العنصرية الإثنية أو الجنسية .(Sexisme)...هذه الدراسة هي جزء من مشروع أوروبي ( BIOHEAD CITIZEN) ( التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية من أجل مواطن أفضل ) يضم ١٩ بلداً أوروبياً وعربياً ويتضمن تحليل تصورات المعلمين والطلاب- المعلمين في هذه البلدان ومقارنتها ببعضها، وكذلك دراسة محتوى الكتب المدرسية وتحليلها في ما يتعلق بالمواضيع الثلاثة التي ذكرناها. وقد اختير لهذه الدراسة وفي جميع البلدان المشاركة أساتذة تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية وأساتذة تعليم علوم الحياة في المرحلة الثانوية، كذلك أساتذة تعليم اللغة الأم في كل بلد للمرحلتين الابتدائية والثانوية. من هنا كان اختيارنا لأساتذة تعليم اللغة العربية في لبنان. بالإضافة إلى أن التربية البيئية والتربية الصحية هما موضوعان يمكن تدريسهما في موادّ عديدة منها اللغة العربية، وذلك . بالاستناد إلى دراسة قام بها المركز التربوي ( 2000 Makhoul ) .

الإطار النظري والإشكالية

اعتمدنا في هذه الدراسة على النموذج ( KVP (Knowledge, Values & Practices المقترح من (٢٠٠٤- ٢٠٠٦) Clément وترمز K إلى المعرفة العلمية التي يكتسبها المعلم خلال التعلم و V إلى نظام القيم التي يعتمدها (آراء،  معتقدات، أيديولوجيات...) وتدفعه إلى تقبل أو رفض المعرفة العلمية حتى وترمز P إلى الممارسات المهنية للمعلمين أولأشخاص آخرين يؤثرون في التصورات، وإلى الممارسات الاجتماعية المدنية (دينية، عائلية،...) التي يعيشها المعلم في بيئته. نريد من خلال هذه الدراسة أن نتعرّف إلى تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين ونحدد مدى تجانسها أو تمايزها في ما بينهم. فهل تختلف تصورات المعلمين حول التربية البيئية والصحية وعلم الوراثة، والتطور، عن تصورات الطلاب - المعلمين الذين لم يمارسوا المهنة بعد؟ وهل هناك تفاعل أو تأثير متبادل بين المعرفة العلمية ونظام القيم والممارسة المهنية والاجتماعية للمعلمين والطلاب- المعلمين؟ أي متعلم وأي مواطن نبني من خلال هؤلاء المعلمين والطلاب - المعلمين؟ إننا نفترض أن المعلمين الذين يتمتعون بالخبرة والذين يخضعون لدورات تدريبية أو لتدريب مستمر هم الأكثر تيقظاً لهذا التفاعل بين المكونات الثلاثة (KVP  ) وبالتالي الأكثر موضوعية لعدم الخلط بين المعتقدات من جهة، وتعليم العلوم خاصة من جهة أخرى. كما إننا نفترض أن الطلاب المعلمين هم الأكثر اطّلاعاً من حيث الدراسة الحديثة على آخر الاكتشافات في المفاهيم العلمية البحتة، ومن حيث العمر، هم الأكثر ثورة على القيم والمعتقدات، والأكثر قدرة على الانقلاب عليها وإبعاد تأثيرها عن تعليم العلوم.  مؤخراً، اظهرت دراسة مقارنة ( 2006 Clément ) ضمن  المشروع نفسه اختلافاً بين تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين في بعض البلدان الأوروبية وكذلك في بعض البلدان العربية. فالمعلمون والطلاب المعلمون في لبنان وتونس يختلفون في تصوراتهم عن زملائهم في فرنسا والبرتغال والمانيا والمجر. وكذلك فان هذه الدراسة تبرهن وجود ''وحدة'' في تصورات المعلمين اللبنانيين الذين يختلفون أيضاً عن زملائهم التونسيين. ولكن إذا أجرينا تحليلاً خاصاً بلبنان حول المواضيع ذاتها فهل تختلف تصورات المعلمين عن تصورات الطلاب - المعلمين؟ وهل تختلف تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين طبقاً للاختصاص؟

المنهجية المعتمدة

١- الاستبيان
تم إعداد استبيان لتحديد تصورات المعلمين في جميع البلدان المشاركة، حول التربية البيئية، التربية الصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، وعلم التكاثر والجنس لدى الانسان.
يتألف الاستبيان من ثلاثة أقسام:
الاستبيان A  : يتعلق بالمواضيع الستة المذكورة مع التركيز على التربية البيئية، ويحتوي على ٩٠ سؤالاً يُطلب في معظمها : وضع علامة في خانة من أربع بين أوافق ولا أوافق.
الاستبيان B : ( ويتألف من ٥٨ سؤالاً تتعلق بالتربية الصحية، بالتطور وبالحتمية الوراثية (Déterminisme génétique)
لاستبيان P : ويحتوي على ١٦ سؤالاً حول المعلومات الشخصية (العمر، الجنس، الإعداد، الدين...) وضعت الأسئلة بشكل يمكننا من إظهار مختلف مستويات التفاعل بين المعرفة العلمية، القيم والممارسات الاجتماعية للمعلمين والطلاب - المعلمين.
٢- العينة
شارك في تعبئة هذا الاستبيان، ومن دون ذكر الاسم، ٧٢٢ معلماً وطالباً معلماً من مختلف المناطق اللبنانية (انظر جدول ١). الطلاب المعلمون هم طلاب في السنة الرابعة في الجامعة اللبنانية يتخصّصون في علوم الحياة، واللغة عربية، وتعليم العلوم، وتعليم اللغة العربية، لا تتجاوز أعمارهم خمساً وعشرين سنة. أما المعلمون فتتراوح أعمار النسبة الأكبر منهم ( ٦٥٪  ) بين ثلاثين وخمسٍ وأربعين سنة.

 

ابتدائي علوم ابتدائي (لغة عربية) ثانوي (علوم الحياة) ثانوي ( لغة عربية) حقل التعليم
خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي
  ٤٩   ٤٨   ٥٩   ٥٦ طلاب - معلمون
٦٦ ٥٨ ٧١ ٥١ ٩٩ ٥٤ ٥٤ ٥٧ معلمون

جدول ١: توزيع العينة حسب مرحلة التعليم (ابتدائي/ ثانوي) ونوع المدرسة أو الجامعة (رسمي/خاص) والاختصاص (اللغة العربيّة/ علوم الحياة).

٣ - التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات

(Multivariate Statistical Analysis)

لقد استخدمنا لدراسة النتائج التحليل المتعدد المتغيرات

Analyse par correspondances multiples( ACM, Lebart et al 1995    

هذه التقنية تساعد على توضيح بنية الأجوبة على الاستمارة وتبيان العناصر المفهوميّة المستقلّة

(composantes conceptuelles indépendantes) (التصورات) المعبر عنها. كما إن تقنية (Between) تمكن من  الحصول على نتائج أدق حول الفروقات الممكنة والدالّة (significatives ) في التصورات بين المجموعات في ما يتعلق بعامل معين مثلاً هنا وضع( statut )  الأشخاص: معلمين أو  هنا وضع طلاب - معلمين.

نتائج الدراسة وتحليلها

يظهر الشكل ١ الناتج عن التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات تمييزاً واضحاً بين المجموعات التعليمية، فالمحور axe) 2 ) يميز بين الطلاب - المعلمين (القيم الإيجابية  ) والمعلمين (القيم السلبية) في الاختصاصين. ويتمايز على المحور ١ المعلمون والطلاب المعلمون للغة العربية عن المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة في المرحلة الثانوية. أما المعلمون والطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فسنشرح وضعهم لاحقا. ولا بد من أن نشير،إلى أن التمايز أو الاختلاف لا يعني جميع المعلمين أو الطلاب المعلمين الذين ينتمون إلى مجموعة محددة، كما أن النتائج التي نعرضها هنا لا تمثل سوى اتجاهات (Tendances) للأفراد أو المجموعات.

 

شكل ١: تمثيل الأفراد على المحورين (axes) المتمايزين ١و ٢، بحسب وضعهم واختصاصهم.
 معلمّو اللغة العربية- ثانوي :In L
 معلمّو علوم الحياة - ثانوي :In B
الطلاب المعلمون - علوم الحياة ( ثانوي ):Pre B
 الطلاب المعلمون - لغة عربية ( ثانوي) :Pre L
معلّمو اللغة العربية والعلوم - في المرحلة الابتدائية :InP
الطلاب المعلمون للغة العربية وللعلوم - في المرحلة
الابتدائية :Pre P

 

 

 

 

  

 

أ- التمييز بين معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين في هذا الحقل)ومعلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين في هذا الحقل) في المرحلة الثانوية   (Axe 1) .  

إنّ طريقة التحليل الإحصائي المتعدّد المتغيّرات تظهر اختلافاً بين تصورات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين)، وتصورات الذين يدرّسون أو سيدرّسون اللغة العربية في المرحلة الثانوية. وباختصار يمكننا القول إنّ معلّمي اللغة عربية (والطلاب المعلمين) لا يتجهون إلى تأييد تدريس غالبية المواضيع المتعلقة بالتربية الجنسية (الحمل والولادة، الإجهاض، وسائل منع الحمل، التحرش بالأطفال). كما أنهم وخلافاً لزملائهم الذين يعلّمون علوم الحياة يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (بسبب تماثل
جيناتهما، يملك التوأم الحقيقي، دماغان متطابقان وبالتالي لهما السلوك نفسه وطرق التفكير نفسها، تختلف المجموعات الإثنيه وراثياً ولذلك يتفوق بعض منها على بعضها الآخر،...) ويميّزون بيولوجياً بين الرجل والمرأة في أغلب الأحيان (لأسباب بيولوجية تهتم النساء غالبا، بالشؤون المنزلية أكثر من الرجال). وبعكس زملائهم فإن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين) لا يبدون اهتماماً كبيراً بالبيئة أو بالتربية البيئية بل هم (Anthrpocentrés) (الإنسان أكثر أهمية من الكائنات الحيّة الأخرى، يحقّ للإنسان تغيير الطبيعة بحسب ما يلائمه، الطبيعة قادرة دائماً على إعادة بناء نفسها بنفسها، في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، وإنّهم لا يوافقون على العبارات الآتية: ''لو أن مزرعة لتربية الدجاج ستنشأ بجوارك، ستعارض ذلك لأنها قد تلوث المياه
الجوفية، سينقرض الإنسان إن لم يعش في تناغم مع الطبيعة''،...). وهم أكثر تأييداً لنظرية التطور ( من المؤكد أن أصل الإنسان هو نتيجة لسيرورات التطور، ظهور النوع البشري -الإنسان العاقل- كان غاية تطور الأنواع الحية...). تجدر الإشارة إلى أن الشكل ١ يظهر تمايزاً (على المحور ١) في المرحلة الابتدائية بين المعلمين(علوم ولغة عربية) والطلاب المعلمين (علوم ولغة عربية)، إذ إن بعض الطلاب المعلمين في اللغة العربية (ابتدائي) يملكون تصوّرات أقرب إلى تلك التي يملكها المعلمون والطلاب
المعلمون لمادة علوم الحياة. كذلك فإن تصورات بعض معلمي العلوم في المرحلة الابتدائية تتشابه مع تصورات معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين)، وهذا ما يدعونا إلى القيام بدراسات أدق لتفسير أوجه التباين والاختلاف بين جميع هذه الفئات. ولكن يمكننا أن نفترض تفسيراً مبنياً على أنّ المعلم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون ''معلم صف'' (يعلم كل المواد للصف الواحد) خصوصاً في المدارس الخاصة، وبالتالي فإن معلماً متخصّصاً في اللغة العربية يمكنه تدريس مادة العلوم في المرحلة الابتدائية والعكس صحيح. بالإضافة إلى ذلك فإن استاذ تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون متخصّصاً في الفيزياء أو الكيمياء أو غير ذلك، وليس متخصّصاً بالضرورة في علوم الحياة. أما الطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فهم جميعهم طلاب في كلية التربية - الجامعة اللبنانية وربما يكون هذا تفسيراً لتصوراتهم المتشابهة.

ب- التمييز بين الطلاب - المعلمين والمعلمين ( Axe 2 )
هذا التمييز يضع الطلاب المعلمين (للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة( بغض النظر عن اختصاصهم من جهة، والمعلمين )للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة ) في الجهة المقابلة. 

الطلاب المعلمون 

هؤلاء الطلاب يتجهون نحو الانفتاح على تعليم التربية الجنسية في سن مبكرة في المدرسة. يوافقون على الإجهاض في حال وجود مشاكل مادية أو في حال تعقد الحمل، ولكن ليس إذا كان الطفل مشوهاً. ويعتبرون أن الوقاية من السيدا تكون باستعمال الواقي الذكري (Safersex)  وليس بالالتزام بعلاقة مع شريك واحد. بالنسبة إلى التربية البيئية فيميلون إلى أن يكونوا ( écolocentrés ) أي من المدافعين عن البيئة ( لا يوجد في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، يجب عدم قطع الغابات من أجل زيادة مساحة الأرض الزراعية)، ويعتبرون أنّ الحيوانات لها مشاعر (Senfimentocentrés) مثل الضفدعة، الذبابة والحلزونة. أغلبيتهم مع نظرية الخلق (Créationnistes)  في ما يتعلق بالتطور (يجب الا ينتمي الشمبانزي إلى النوع البشري حتىولو أن ٩٨,٥ ٪ من حمضه النووي مطابق للحمض النووي للإنسان العاقل...). لا يدعم هؤلاء الطلاب المعلمون كثيراًالحتمية الوراثية (déterminisme génétique) فهم لا يعتقدون مثلاً أنه يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا مدمنين على الكحول. كما أنهم لا يوافقون غالباً على وجود اختلافات بين المجموعات الإثنية مبنية على أساس الوراثة. إنّهم يعبرون أكثر عن عدم تأييدهم للتمييز البيولوجي بين المرأة والرجل )لجهة القيام بالأعمال المنزلية أو إنجاز الألعاب الرياضية(. أخيراً وفي ما يتعلق بالمعرفة العلمية، فهم يملكون معلومات علمية كثيرة خصوصاً تلك التي تتعلق  بمواضيع حديثة نسبياً مثل ( épigenèse) وعلم المناعة. وأخيراًإنّهم مع فصل الدين عن العلم.
المعلمون
تختلف تصورات المعلمين عن الطلاب المعلمين، فهم يتجهون إلى عدم تأييد تعليم مواضيع متعلقة بالتربية الجنسية ي المدرسة. كما أنهم يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (اذا  استنسخنا آينشتانين تكون جميع النسخ (clones) ذكية، إذا استنسخنا موزار تكون جميع النسخ موسيقين بارعين، يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا عازفين ماهرين). يميل المعلمون إلى التفريق بيولوجياً بين الرجل والمرأة (النساء أقل ذكاء لإن أدمغتهنّ أصغر حجماً، النساء لا يستطعن ولأسباب بيولوجية، تبوّء مراكز مسؤولية هامة...) ولا يعتبرون أن من المهم أن تتساوى المرأة مع الرجل في المجتمعات الحديثة، أو أن يتساوى الرجال مع النساء في البرلمان. يظهر المعلمون على أنهم مع نظرية التطور(volutionnistes) (تتناقض نظرية الخلق مع معتقداتي..). يبدو المعلمون أقل اهتماماً بالبيئة وبالتربية البيئية ( anthropocentrés)، فكل شيء في البيئة يدور حول الانسان، ( فقط النباتات والحيوانات المهمة اقتصادياً يجب حمايتها، لا يزعجني الدخان المتصاعد من المعامل،). أخيراً بالنسبة إلى المعلومات العلمية، فيظهر المعلمون معرفة أدق بالمفاهيم المتعلقة بعلم الوراثة.
ج- تحليل النتائج
●  إبراز نظام قيم مختلف بين معلمي علوم الحياة و معلمي اللغة العربية. تبين هذه الدراسة أن المعلمين والطلاب المعلمين لمادة علوم الحياة يختلفون في تصوراتهم عن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين).
يمكن رد هذا الاختلاف إلى المعرفة المتباينة التي يكتسبها كلّ من الفريقين أثناء دراسته، ونذكر في هذا السياق أنّ دراسة مماثلة تظهر أيضاً اختلافاً في تصوّرات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين) وزملائهم المتخصّصين في الجغرافيا (والطلاب المعلمين) حول التربية البيئية (Khalil 2007a ). ومن الطبيعي أن يحصل أساتذة علوم الحياة والطلاب على معرفة علمية أشمل تتعلق بالوراثة، ولكن في ما يتعلق بمواضيع أخرى مثل التطور والتربية البيئية والصحية، فنعتقد أنّ بإمكان أيّ معلّم  مهما كان اختصاصه  أن يكوّن رأياً خاصاً حولها من دون أن يكون متعمقاً علمياً في دراستها. بالإضافة إلى ذلك  كما ذكرنا في المقدمة  فإنّه من الممكن لأستاذ اللغة العربية أن يتطرّق إلى التربية البيئية والتربية الصحية أو غيرها من المواضيع الستة المذكورة  أعلاه من خلال تدريسه للغة العربية. فلماذا يميل غالبية أساتذة اللغة العربية ( وبعض أساتذة علوم الحياة) إلى الاعتقاد أنه يجب عدم تدريس بعض المواضيع المتعلقةبالتربية الجنسية في سن مبكرة مثلاً؟ لماذا يميلون إلى تأييد الحتمية الوارثية أو وجود فوارق بيولوجية بين المرأة والرجل؟ ولماذا لا يكون لديهم اهتمام أكبر وجديّ بالبيئة؟
● إبراز نظام قيم مختلف بين المعلمين والطلاب -  المعلمين. إن لكلّ من المعلمين والطلاب المعلمين تصوّرات خاصة  بالمواضيع الستة التي تحدثنا عنها: التربية البيئية، التربيةالصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، علم التكاثر والجنس لدى الانسان. يمكن تفسير التمايز في نظام القيم بين المعلمين والطلاب المعلمين وذلك لاختلاف العمر والبيئة الاجتماعية المتغيرة مع السنين.
وهذا التمايز يظهر من خلال طلاب معلمين مهتمين بالبيئة التي هي مشكلة الساعة وعلى الصعد كافة. هذه النتيجة تشبه في ما يخص التربية البيئية نتائج دراسة سابقة قمنا بها، وتتعلق بتصورات المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة  الجغرافيا حول البيئة والطبيعة (Khalil 2007a)، التي تظهر أنّ الطلاب المعلمين اليافعين هم الأكثر اهتماماً بالبيئة ( écolocentrés )  بالنسبة إلى الحتمية الوراثية (détermisme génètique et épigénétique ) فإنّ دراسة (Abou Tayeh)، لا ترى ارقاً بين تصورات الطلاب والمعلمين اللبنانيين حول هذا  الموضوع مقارنة مع عينة مشابهة في بعض الدول العربية والأوروبية. فعندما تقارن تصورات المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين مع زملائهم في البلاد العربية (تونس) أو الأوروبيين (فرنسا) فهم يظهرون تجانساً في التصورات. أما هذه الدراسة فتظهر الاختلافات الموجودة بين مختلف المجموعات التعليمية التي خضعت لها. ويمكن أن يعود التمايز بين الفئتين حول أهمية علم الوراثة والحتمية الوراثية إلى الفترة المختلفة التي تمّ فيها إعداد المعلمين. إذ يعتقد المعلمون الذين جرى إعدادهم في الثمانينيات، أو إعدادهم من قبل أساتذة جامعيين يعودون إلى المرحلة نفسها، أنّ الوراثة هي التي ترسم شخصيّة الإنسان أو يعتقدون بالحتمية الوراثية  في تحديد تصرفات الانسان. بينما لا يعطي الطلاب المعلمين،الذين يجري إعدادهم حالياً، هذه الأهمية للوراثة. فإن برامج إعداد المعلمين لم تتغير أو تتطوّر خلال فترة الحرب الأهلية ي لبنان، الأمر الذي دفع المعلمين إلى ثبات في الرؤية العلميّة لم تتبدل برغم تبدل الاكتشافات وتراجع اعتقاد العلم بتأثير العوامل الوراثية في الصفات البيولوجية أمام تأثير البيئة الطبيعية والاجتماعية فيها. ويظهر الطلاب المعلمون اطّلاعاً أكبر على المواضيع والأبحاث الحديثة في العلوم.ومن هنا فإنه من الممكن أن تكون معرفتهم بال (épigénétique) وبالتالي تأثير البيئة في الجينات قد جعلتهم أقل تأييداً من المعلمين للحتمية الوراثية أو البيولوجية.
● تفاعل المعرفة العلمية مع نظام القيم.  تنعكس قيم المجتمعات الحديثة على الطلاب - المعلمين أكثر منها على المعلمين، وهذا يظهر في انفتاحهم على تعليم التربية الجنسية منذ الصغر في المدرسة. ويقابل هذا الانفتاح تشدّد يظهره المسؤولون عن بعض
المؤسسات التربوية الدينية. فعند اطلاق المناهج الجديدة في لبنان، جرى اعتراض على تدريس التربية الجنسية في الصف الثامن الأساسي. وقد حذف هذا الموضوع من كتاب العلوم. مع العلم أن تدريس هذا الموضوع يجري بشكل اختياري بحسب وضع المدرسة الخاصة والمنطقة التي تنتمي إليها، ولكن أبقي محذوفاً في المدارس الرسمية كافة. (Yammine et al 2007.Harfouch et Clément 2001) اما بالنسبة إلى الاسئلة حول التربية الصحية، فيظهر الطلاب المعلمون اهتماما أكبر بالتغذية الصحية. وهذا يعود أيضاً إلى التفاعل مع المتطلبات الحديثة للمجتمع حيث الحديث عن علم التغذية والقواعد السليمة للتغذية يغطي حيزاً مهما من أحاديث العامة والإعلام. فهي لا تقع ضمن المواد التعليمية بوصفها موضوعاً من ضمن موضوعات علوم الحياة فقط ، بل بوصفها ثقافة عامة في تعليم اللغة مثلاً. ولكن ما لا نستطيع تفسيره هو عدم ارتباط هذه المعرفة بالتطبيق العملي والممارسات على الأرض. إذ يظهر المعلمون، وهم من فئة مرية يصبح معها الاهتمام بالقواعد الغذائية عاملاً أساسياً
للابتعاد عن الأمراض، عدم التعلق بهذه القواعد التي يعرفونها حتماً ويعلّمونها.
●  تفاعل المعرفة العلمية مع التعلق بالدين. يعكس الطلاب المعلمون التوجّه الحالي للمجتمع في ما  تعلق بالدين، فمن الواضح أن غالبيتهم مع نظريّة الخلق ( بعكس المعلمين) وهذا ناتج عن أنّهم يؤمنون بالخالق (٩٨٪ من العيّنة) . وهذا ما يظهر تمايزاً مع دراسة أجريناها مؤخراً، وتبرهن أن المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين وكذلك التونسيين هم ( Créationnistes) مقارنة مع زملائهم الفرنسيين ( 
Khalil et al 2007b ). من الممكن أن يعود هذا التفاعل إلى ازدياد نسبة المتديّنين اللبنانيين بعد الحرب الأهلية وخصوصاً فئة الشباب التي نمت خلال هذه الحرب أو بعدها بقليل، وإلى هذه الفئة ينتمي الطلاب المعلمون الذين شملتهم الدراسة. فغدا هؤلاء أكثر تعلقاً بالدين فكراً وممارسة بالاضافة إلى اطلاعهم على الاكتشافات العلمية الحديثة، الأمر الذي يمكن من خلاله تفسير رغبتهم في فصل الدين عن العلم ربما إفساحاً في المجال أمام التعامل مع هذه الازدواجية، والابتعاد عن كافة المواضيع التي تفتح نقاشات حول الدين مثل نظرية التطور. والجدير ذكره أنّه على المستوى الرسمي، لم يدرّس موضوع التطوّر
بالرغم من وجوده في مناهج علوم الحياة في المرحلة الثانوية، بسبب تخفيف (allègement ) المنهج.
 

خلاصة 
إنّ العيّنة، وإن لم تكن ممثّلِة (ْreprésentative) لكل الفئات في هذه الدراسة على صعيد لبنان، غير أنّها تظهر الاختلاف في التصوّرات بين المعلمين، والطلاب المعلمين من جهة، واختلافاً وبحسب الاختصاص (اللغة العربية أو العلوم) من جهة أخرى،
علماً بأن المواضيع الستة ليست محصورة بمادة علوم الحياة فقط، ولكن أيضاً في اللغة العربية بوصفها مادة ثقافية تكون موضوعاً للنصوص التي تدرس. هذه التصورات تؤثر في المتعلمين، فينقل إليهم المعملون، من دون أن يدروا، قيمهم ونظراتهم للأمور،
ويخلقون طلاباً على شاكلتهم. فيعملون على بناء مواطن الغد بنظرة الماضي. كيف يمكن للمعلمين والطلاب المعلمين أن يتنبهوا إلى تصوّراتهم وإلى تفاعل معرفتهم مع قيمهم؟ أو ممارستهم؟ ما هو تأثير هذا التفاعل في المتعلمين؟ كل هذه الأسئلة ونتائج هذه الدراسة مهمة لكي تؤخذ بعين الاعتبار في عملية إعداد المعلمين (الإعداد الأساسي والتدريب المستمر) أيّاً كان الاختصاص. فنرى أنّه من المهم العمل على محورين أساسيين خلال عمليّة الإعداد: دراسة التصورات والتغيير المفهومي( Changement conceptuel) لدى المعلمين والطلاب المعلمين. ويُعرّف هذا الأخير على أنّه تغيير في التصورات الذهنية للاشخاص ( Hoz & Yukhnovetsky 2001 ) وهويطبق عند ضرورة تغيير مفاهيم. علمية، وليس لتغيير القيم والمعتقدات (Deaudelin 2005 ) أخيراً فإنّ هذه الدراسة وغيرها من الدراسات الممكنة في هذا المشروع تفتح لنا آفاقاً جديدة للتعمق والإحاطة بكثير من العناصر التي تؤثر في عملية إعداد المعلمين والتي لم تشكل موضوع بحث لغاية الآن في لبنان، اذ إن معظم الدراسات في هذا الحقل اقتصرت على الاهتمام بمهارات المعلم وبمعرفته العلمية و بالكفايات  الضرورية  ( Moghaizel 2001 ) من دون الالتفات إلى التغيير المفهومي أو التصورات الناجمة عن التفاعل بين معرفة المعلّم ¯ العلمية وبين معتقداته وقيمه وممارسته الاجتماعية والمهنية •  

شكر

هذه الدراسة تمت بدعم من المشروع الأوروبي ( Biohead citizen)  وبدعم من المنظمة الجامعية للفرنكوفونية ()AUF نشكر

خصوصاً اعضاء الفريق اللبناني: بولا ابي طايع، زلفا الأيوبي، فادي الحاج ورين يوسف الذين أسهموا في إنجاح هذه الدراسة والشكر

 الجزيل أيضاً لفرنسوا مونو من جامعة  .1 Lyon  الذي قام بجميع التحاليل الاحصائية ولسمير عيتاني الذي قام بالتدقيق اللغوي

المراجع:

- Abou Tayeh P. & Clément P., 1999 - La Biologie entre opinions et connaissances : Les conceptions d'étudiants libanais sur le cerveau. in L'actualité de la -
recherche en didactique des sciences et des techniques. Actes des Premières Rencontres scientifiques de l'ARDIST (Association pour la Recherche en
Didactique des Sciences et des Techniques(, ENS Cachan, 81- 87.
- Astolfi J.P, Darot E, Ginsbuger-Vogel Y., Toussaint J., 1997. Mots clés de la didactique des sciences, repères, définitions, bibliographies. Belgique : De
Boeck Université.
- Clément P., 1998. La Biologie et sa Didactique. Dix ans de recherches. Aster, 27 : 57-93.
- Clément P., 2004. Science et idéologie : exemples en didactique et épistémologie de la biologie. Actes du Colloque Sciences, médias et société. ENS-LSH,
53-69 http://sciences-medias.ens-lsh.fr
- Clément P., 2006. Didactic transposition and the KVP model: Conceptions as interactions between scientific Knowledge, Values and social Practices.
Summerschool ESERA, Braga, 9-18.
- Clément P., Carvalho G., Abrougui M., Khalil I., Thiaw M.S., Ndiaye V., Varga A., Bogner F., 2006 - Differences in values associated to biology, health
and environmental questions among France, Portugal, Hungary, Senegal, Lebanon and Tunisia. IOSTE XII Meeting, Penang, 149-151.
- Deaudelin C., Richer J., Dussault M., 2005. Changement conceptuel chez les enseignants en situation de développement professionnel : une méthode
d'analyse. Nouveaux cahiers de la recherche en éducation, 8(1(, 169-185.
- Giordan A. & de Vecchi G., 1987. Les origines du savoir. Neuchâtel : Delachaux et Niestlé.
- Harfouch Z., Clément P., 2001. Élaboration des programmes au Liban : la transposition didactique externe en oeuvre. In didactique de la biologie, ENS,
Alger. 221-236
- Hoz R., Yukhnovetsky M., 2001. Conceptual change and the acquisition of large bodies of knowledge. In 9th European conference for research end
learning and instruction, Fribourg, Suisse.
- Khalil I., Clément P., Laurent C., 2007a. Anthropocentrés, écolocentrés ou sentimentocentrés : les conceptions d'enseignants et de futurs enseignants
libanais sur la nature et l'environnement. In Feuilles universitaires, Liban.
- Khalil I., Abrougui M., Munoz F. & Clément P., 2007b. Comparaison des systèmes de valeurs de (futurs( enseignants libanais, tunisiens et français
concernant l'évolution, le déterminisme génétique, l'éducation à la sexualité, à la santé, et à l'environnement. Soumis.
- Lebart, L., A. Morineau, & M. Piron. 1995. Statistique exploratoire multidimensionnelle. Dunod, Paris.
- Makhoul J. (coordination(, 2000. Résultats de la révision des manuels scolaires à propos de l'Éducation à l'environnement et à la santé. Liban : CRDP.
- Moghaizel N., 2001. Problématique de la formation des enseignants et objectifs du colloque. In teacher preparation in the Arab countries, LAES (ed.(,
Liban. 7-15.
- Yammine A., Khalil I., Clément P., 2007. Rôle des pouvoirs sociopolitiques et religieux au Liban dans la suppression du chapitre de la reproduction
humaine du manuel de biologie de la classe EB8. In IOSTE 2007 « critical analysis of science textbooks. 7-10 février, Hammamet-Tunisie.

تصورات المعلمين والطلاب -المعلمين وأهميتها في عملية الإعداد

تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين

وأهميتها في عملية الإعداد

دراسة من إعداد
الدكتورة إيمان خليل
الدكتورة ذكية حرفوش
الدكتور بيار كليمان
الجامعة اللبنانية
وجامعة ليون - فرنسا

  (تصورات معلمي علوم الحياة واللغة العربية حول التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجيةنموذجاً )                 

 

تعتبر دراسة التصورات ( Conceptions )  محوراً مهماً في العملية التعلّميّة والتعليمية من وجهة نظر علم الديداكتيك ( Giordan, De Vecchi 1987, Astolfi et al 1997, Clément  1998  ) من هنا اهتمامنا بتصوراتالمعلمين حول مواضيع ساخنة مثل التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية، ونعني بها الإيديولوجيات أو القيم التي من الممكن أن ينقلها تعليم علوم الحياة مثل العنصرية الإثنية أو الجنسية .(Sexisme)...هذه الدراسة هي جزء من مشروع أوروبي ( BIOHEAD CITIZEN) ( التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية من أجل مواطن أفضل ) يضم ١٩ بلداً أوروبياً وعربياً ويتضمن تحليل تصورات المعلمين والطلاب- المعلمين في هذه البلدان ومقارنتها ببعضها، وكذلك دراسة محتوى الكتب المدرسية وتحليلها في ما يتعلق بالمواضيع الثلاثة التي ذكرناها. وقد اختير لهذه الدراسة وفي جميع البلدان المشاركة أساتذة تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية وأساتذة تعليم علوم الحياة في المرحلة الثانوية، كذلك أساتذة تعليم اللغة الأم في كل بلد للمرحلتين الابتدائية والثانوية. من هنا كان اختيارنا لأساتذة تعليم اللغة العربية في لبنان. بالإضافة إلى أن التربية البيئية والتربية الصحية هما موضوعان يمكن تدريسهما في موادّ عديدة منها اللغة العربية، وذلك . بالاستناد إلى دراسة قام بها المركز التربوي ( 2000 Makhoul ) .

الإطار النظري والإشكالية

اعتمدنا في هذه الدراسة على النموذج ( KVP (Knowledge, Values & Practices المقترح من (٢٠٠٤- ٢٠٠٦) Clément وترمز K إلى المعرفة العلمية التي يكتسبها المعلم خلال التعلم و V إلى نظام القيم التي يعتمدها (آراء،  معتقدات، أيديولوجيات...) وتدفعه إلى تقبل أو رفض المعرفة العلمية حتى وترمز P إلى الممارسات المهنية للمعلمين أولأشخاص آخرين يؤثرون في التصورات، وإلى الممارسات الاجتماعية المدنية (دينية، عائلية،...) التي يعيشها المعلم في بيئته. نريد من خلال هذه الدراسة أن نتعرّف إلى تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين ونحدد مدى تجانسها أو تمايزها في ما بينهم. فهل تختلف تصورات المعلمين حول التربية البيئية والصحية وعلم الوراثة، والتطور، عن تصورات الطلاب - المعلمين الذين لم يمارسوا المهنة بعد؟ وهل هناك تفاعل أو تأثير متبادل بين المعرفة العلمية ونظام القيم والممارسة المهنية والاجتماعية للمعلمين والطلاب- المعلمين؟ أي متعلم وأي مواطن نبني من خلال هؤلاء المعلمين والطلاب - المعلمين؟ إننا نفترض أن المعلمين الذين يتمتعون بالخبرة والذين يخضعون لدورات تدريبية أو لتدريب مستمر هم الأكثر تيقظاً لهذا التفاعل بين المكونات الثلاثة (KVP  ) وبالتالي الأكثر موضوعية لعدم الخلط بين المعتقدات من جهة، وتعليم العلوم خاصة من جهة أخرى. كما إننا نفترض أن الطلاب المعلمين هم الأكثر اطّلاعاً من حيث الدراسة الحديثة على آخر الاكتشافات في المفاهيم العلمية البحتة، ومن حيث العمر، هم الأكثر ثورة على القيم والمعتقدات، والأكثر قدرة على الانقلاب عليها وإبعاد تأثيرها عن تعليم العلوم.  مؤخراً، اظهرت دراسة مقارنة ( 2006 Clément ) ضمن  المشروع نفسه اختلافاً بين تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين في بعض البلدان الأوروبية وكذلك في بعض البلدان العربية. فالمعلمون والطلاب المعلمون في لبنان وتونس يختلفون في تصوراتهم عن زملائهم في فرنسا والبرتغال والمانيا والمجر. وكذلك فان هذه الدراسة تبرهن وجود ''وحدة'' في تصورات المعلمين اللبنانيين الذين يختلفون أيضاً عن زملائهم التونسيين. ولكن إذا أجرينا تحليلاً خاصاً بلبنان حول المواضيع ذاتها فهل تختلف تصورات المعلمين عن تصورات الطلاب - المعلمين؟ وهل تختلف تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين طبقاً للاختصاص؟

المنهجية المعتمدة

١- الاستبيان
تم إعداد استبيان لتحديد تصورات المعلمين في جميع البلدان المشاركة، حول التربية البيئية، التربية الصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، وعلم التكاثر والجنس لدى الانسان.
يتألف الاستبيان من ثلاثة أقسام:
الاستبيان A  : يتعلق بالمواضيع الستة المذكورة مع التركيز على التربية البيئية، ويحتوي على ٩٠ سؤالاً يُطلب في معظمها : وضع علامة في خانة من أربع بين أوافق ولا أوافق.
الاستبيان B : ( ويتألف من ٥٨ سؤالاً تتعلق بالتربية الصحية، بالتطور وبالحتمية الوراثية (Déterminisme génétique)
لاستبيان P : ويحتوي على ١٦ سؤالاً حول المعلومات الشخصية (العمر، الجنس، الإعداد، الدين...) وضعت الأسئلة بشكل يمكننا من إظهار مختلف مستويات التفاعل بين المعرفة العلمية، القيم والممارسات الاجتماعية للمعلمين والطلاب - المعلمين.
٢- العينة
شارك في تعبئة هذا الاستبيان، ومن دون ذكر الاسم، ٧٢٢ معلماً وطالباً معلماً من مختلف المناطق اللبنانية (انظر جدول ١). الطلاب المعلمون هم طلاب في السنة الرابعة في الجامعة اللبنانية يتخصّصون في علوم الحياة، واللغة عربية، وتعليم العلوم، وتعليم اللغة العربية، لا تتجاوز أعمارهم خمساً وعشرين سنة. أما المعلمون فتتراوح أعمار النسبة الأكبر منهم ( ٦٥٪  ) بين ثلاثين وخمسٍ وأربعين سنة.

 

ابتدائي علوم ابتدائي (لغة عربية) ثانوي (علوم الحياة) ثانوي ( لغة عربية) حقل التعليم
خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي
  ٤٩   ٤٨   ٥٩   ٥٦ طلاب - معلمون
٦٦ ٥٨ ٧١ ٥١ ٩٩ ٥٤ ٥٤ ٥٧ معلمون

جدول ١: توزيع العينة حسب مرحلة التعليم (ابتدائي/ ثانوي) ونوع المدرسة أو الجامعة (رسمي/خاص) والاختصاص (اللغة العربيّة/ علوم الحياة).

٣ - التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات

(Multivariate Statistical Analysis)

لقد استخدمنا لدراسة النتائج التحليل المتعدد المتغيرات

Analyse par correspondances multiples( ACM, Lebart et al 1995    

هذه التقنية تساعد على توضيح بنية الأجوبة على الاستمارة وتبيان العناصر المفهوميّة المستقلّة

(composantes conceptuelles indépendantes) (التصورات) المعبر عنها. كما إن تقنية (Between) تمكن من  الحصول على نتائج أدق حول الفروقات الممكنة والدالّة (significatives ) في التصورات بين المجموعات في ما يتعلق بعامل معين مثلاً هنا وضع( statut )  الأشخاص: معلمين أو  هنا وضع طلاب - معلمين.

نتائج الدراسة وتحليلها

يظهر الشكل ١ الناتج عن التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات تمييزاً واضحاً بين المجموعات التعليمية، فالمحور axe) 2 ) يميز بين الطلاب - المعلمين (القيم الإيجابية  ) والمعلمين (القيم السلبية) في الاختصاصين. ويتمايز على المحور ١ المعلمون والطلاب المعلمون للغة العربية عن المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة في المرحلة الثانوية. أما المعلمون والطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فسنشرح وضعهم لاحقا. ولا بد من أن نشير،إلى أن التمايز أو الاختلاف لا يعني جميع المعلمين أو الطلاب المعلمين الذين ينتمون إلى مجموعة محددة، كما أن النتائج التي نعرضها هنا لا تمثل سوى اتجاهات (Tendances) للأفراد أو المجموعات.

 

شكل ١: تمثيل الأفراد على المحورين (axes) المتمايزين ١و ٢، بحسب وضعهم واختصاصهم.
 معلمّو اللغة العربية- ثانوي :In L
 معلمّو علوم الحياة - ثانوي :In B
الطلاب المعلمون - علوم الحياة ( ثانوي ):Pre B
 الطلاب المعلمون - لغة عربية ( ثانوي) :Pre L
معلّمو اللغة العربية والعلوم - في المرحلة الابتدائية :InP
الطلاب المعلمون للغة العربية وللعلوم - في المرحلة
الابتدائية :Pre P

 

 

 

 

  

 

أ- التمييز بين معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين في هذا الحقل)ومعلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين في هذا الحقل) في المرحلة الثانوية   (Axe 1) .  

إنّ طريقة التحليل الإحصائي المتعدّد المتغيّرات تظهر اختلافاً بين تصورات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين)، وتصورات الذين يدرّسون أو سيدرّسون اللغة العربية في المرحلة الثانوية. وباختصار يمكننا القول إنّ معلّمي اللغة عربية (والطلاب المعلمين) لا يتجهون إلى تأييد تدريس غالبية المواضيع المتعلقة بالتربية الجنسية (الحمل والولادة، الإجهاض، وسائل منع الحمل، التحرش بالأطفال). كما أنهم وخلافاً لزملائهم الذين يعلّمون علوم الحياة يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (بسبب تماثل
جيناتهما، يملك التوأم الحقيقي، دماغان متطابقان وبالتالي لهما السلوك نفسه وطرق التفكير نفسها، تختلف المجموعات الإثنيه وراثياً ولذلك يتفوق بعض منها على بعضها الآخر،...) ويميّزون بيولوجياً بين الرجل والمرأة في أغلب الأحيان (لأسباب بيولوجية تهتم النساء غالبا، بالشؤون المنزلية أكثر من الرجال). وبعكس زملائهم فإن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين) لا يبدون اهتماماً كبيراً بالبيئة أو بالتربية البيئية بل هم (Anthrpocentrés) (الإنسان أكثر أهمية من الكائنات الحيّة الأخرى، يحقّ للإنسان تغيير الطبيعة بحسب ما يلائمه، الطبيعة قادرة دائماً على إعادة بناء نفسها بنفسها، في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، وإنّهم لا يوافقون على العبارات الآتية: ''لو أن مزرعة لتربية الدجاج ستنشأ بجوارك، ستعارض ذلك لأنها قد تلوث المياه
الجوفية، سينقرض الإنسان إن لم يعش في تناغم مع الطبيعة''،...). وهم أكثر تأييداً لنظرية التطور ( من المؤكد أن أصل الإنسان هو نتيجة لسيرورات التطور، ظهور النوع البشري -الإنسان العاقل- كان غاية تطور الأنواع الحية...). تجدر الإشارة إلى أن الشكل ١ يظهر تمايزاً (على المحور ١) في المرحلة الابتدائية بين المعلمين(علوم ولغة عربية) والطلاب المعلمين (علوم ولغة عربية)، إذ إن بعض الطلاب المعلمين في اللغة العربية (ابتدائي) يملكون تصوّرات أقرب إلى تلك التي يملكها المعلمون والطلاب
المعلمون لمادة علوم الحياة. كذلك فإن تصورات بعض معلمي العلوم في المرحلة الابتدائية تتشابه مع تصورات معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين)، وهذا ما يدعونا إلى القيام بدراسات أدق لتفسير أوجه التباين والاختلاف بين جميع هذه الفئات. ولكن يمكننا أن نفترض تفسيراً مبنياً على أنّ المعلم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون ''معلم صف'' (يعلم كل المواد للصف الواحد) خصوصاً في المدارس الخاصة، وبالتالي فإن معلماً متخصّصاً في اللغة العربية يمكنه تدريس مادة العلوم في المرحلة الابتدائية والعكس صحيح. بالإضافة إلى ذلك فإن استاذ تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون متخصّصاً في الفيزياء أو الكيمياء أو غير ذلك، وليس متخصّصاً بالضرورة في علوم الحياة. أما الطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فهم جميعهم طلاب في كلية التربية - الجامعة اللبنانية وربما يكون هذا تفسيراً لتصوراتهم المتشابهة.

ب- التمييز بين الطلاب - المعلمين والمعلمين ( Axe 2 )
هذا التمييز يضع الطلاب المعلمين (للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة( بغض النظر عن اختصاصهم من جهة، والمعلمين )للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة ) في الجهة المقابلة. 

الطلاب المعلمون 

هؤلاء الطلاب يتجهون نحو الانفتاح على تعليم التربية الجنسية في سن مبكرة في المدرسة. يوافقون على الإجهاض في حال وجود مشاكل مادية أو في حال تعقد الحمل، ولكن ليس إذا كان الطفل مشوهاً. ويعتبرون أن الوقاية من السيدا تكون باستعمال الواقي الذكري (Safersex)  وليس بالالتزام بعلاقة مع شريك واحد. بالنسبة إلى التربية البيئية فيميلون إلى أن يكونوا ( écolocentrés ) أي من المدافعين عن البيئة ( لا يوجد في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، يجب عدم قطع الغابات من أجل زيادة مساحة الأرض الزراعية)، ويعتبرون أنّ الحيوانات لها مشاعر (Senfimentocentrés) مثل الضفدعة، الذبابة والحلزونة. أغلبيتهم مع نظرية الخلق (Créationnistes)  في ما يتعلق بالتطور (يجب الا ينتمي الشمبانزي إلى النوع البشري حتىولو أن ٩٨,٥ ٪ من حمضه النووي مطابق للحمض النووي للإنسان العاقل...). لا يدعم هؤلاء الطلاب المعلمون كثيراًالحتمية الوراثية (déterminisme génétique) فهم لا يعتقدون مثلاً أنه يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا مدمنين على الكحول. كما أنهم لا يوافقون غالباً على وجود اختلافات بين المجموعات الإثنية مبنية على أساس الوراثة. إنّهم يعبرون أكثر عن عدم تأييدهم للتمييز البيولوجي بين المرأة والرجل )لجهة القيام بالأعمال المنزلية أو إنجاز الألعاب الرياضية(. أخيراً وفي ما يتعلق بالمعرفة العلمية، فهم يملكون معلومات علمية كثيرة خصوصاً تلك التي تتعلق  بمواضيع حديثة نسبياً مثل ( épigenèse) وعلم المناعة. وأخيراًإنّهم مع فصل الدين عن العلم.
المعلمون
تختلف تصورات المعلمين عن الطلاب المعلمين، فهم يتجهون إلى عدم تأييد تعليم مواضيع متعلقة بالتربية الجنسية ي المدرسة. كما أنهم يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (اذا  استنسخنا آينشتانين تكون جميع النسخ (clones) ذكية، إذا استنسخنا موزار تكون جميع النسخ موسيقين بارعين، يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا عازفين ماهرين). يميل المعلمون إلى التفريق بيولوجياً بين الرجل والمرأة (النساء أقل ذكاء لإن أدمغتهنّ أصغر حجماً، النساء لا يستطعن ولأسباب بيولوجية، تبوّء مراكز مسؤولية هامة...) ولا يعتبرون أن من المهم أن تتساوى المرأة مع الرجل في المجتمعات الحديثة، أو أن يتساوى الرجال مع النساء في البرلمان. يظهر المعلمون على أنهم مع نظرية التطور(volutionnistes) (تتناقض نظرية الخلق مع معتقداتي..). يبدو المعلمون أقل اهتماماً بالبيئة وبالتربية البيئية ( anthropocentrés)، فكل شيء في البيئة يدور حول الانسان، ( فقط النباتات والحيوانات المهمة اقتصادياً يجب حمايتها، لا يزعجني الدخان المتصاعد من المعامل،). أخيراً بالنسبة إلى المعلومات العلمية، فيظهر المعلمون معرفة أدق بالمفاهيم المتعلقة بعلم الوراثة.
ج- تحليل النتائج
●  إبراز نظام قيم مختلف بين معلمي علوم الحياة و معلمي اللغة العربية. تبين هذه الدراسة أن المعلمين والطلاب المعلمين لمادة علوم الحياة يختلفون في تصوراتهم عن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين).
يمكن رد هذا الاختلاف إلى المعرفة المتباينة التي يكتسبها كلّ من الفريقين أثناء دراسته، ونذكر في هذا السياق أنّ دراسة مماثلة تظهر أيضاً اختلافاً في تصوّرات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين) وزملائهم المتخصّصين في الجغرافيا (والطلاب المعلمين) حول التربية البيئية (Khalil 2007a ). ومن الطبيعي أن يحصل أساتذة علوم الحياة والطلاب على معرفة علمية أشمل تتعلق بالوراثة، ولكن في ما يتعلق بمواضيع أخرى مثل التطور والتربية البيئية والصحية، فنعتقد أنّ بإمكان أيّ معلّم  مهما كان اختصاصه  أن يكوّن رأياً خاصاً حولها من دون أن يكون متعمقاً علمياً في دراستها. بالإضافة إلى ذلك  كما ذكرنا في المقدمة  فإنّه من الممكن لأستاذ اللغة العربية أن يتطرّق إلى التربية البيئية والتربية الصحية أو غيرها من المواضيع الستة المذكورة  أعلاه من خلال تدريسه للغة العربية. فلماذا يميل غالبية أساتذة اللغة العربية ( وبعض أساتذة علوم الحياة) إلى الاعتقاد أنه يجب عدم تدريس بعض المواضيع المتعلقةبالتربية الجنسية في سن مبكرة مثلاً؟ لماذا يميلون إلى تأييد الحتمية الوارثية أو وجود فوارق بيولوجية بين المرأة والرجل؟ ولماذا لا يكون لديهم اهتمام أكبر وجديّ بالبيئة؟
● إبراز نظام قيم مختلف بين المعلمين والطلاب -  المعلمين. إن لكلّ من المعلمين والطلاب المعلمين تصوّرات خاصة  بالمواضيع الستة التي تحدثنا عنها: التربية البيئية، التربيةالصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، علم التكاثر والجنس لدى الانسان. يمكن تفسير التمايز في نظام القيم بين المعلمين والطلاب المعلمين وذلك لاختلاف العمر والبيئة الاجتماعية المتغيرة مع السنين.
وهذا التمايز يظهر من خلال طلاب معلمين مهتمين بالبيئة التي هي مشكلة الساعة وعلى الصعد كافة. هذه النتيجة تشبه في ما يخص التربية البيئية نتائج دراسة سابقة قمنا بها، وتتعلق بتصورات المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة  الجغرافيا حول البيئة والطبيعة (Khalil 2007a)، التي تظهر أنّ الطلاب المعلمين اليافعين هم الأكثر اهتماماً بالبيئة ( écolocentrés )  بالنسبة إلى الحتمية الوراثية (détermisme génètique et épigénétique ) فإنّ دراسة (Abou Tayeh)، لا ترى ارقاً بين تصورات الطلاب والمعلمين اللبنانيين حول هذا  الموضوع مقارنة مع عينة مشابهة في بعض الدول العربية والأوروبية. فعندما تقارن تصورات المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين مع زملائهم في البلاد العربية (تونس) أو الأوروبيين (فرنسا) فهم يظهرون تجانساً في التصورات. أما هذه الدراسة فتظهر الاختلافات الموجودة بين مختلف المجموعات التعليمية التي خضعت لها. ويمكن أن يعود التمايز بين الفئتين حول أهمية علم الوراثة والحتمية الوراثية إلى الفترة المختلفة التي تمّ فيها إعداد المعلمين. إذ يعتقد المعلمون الذين جرى إعدادهم في الثمانينيات، أو إعدادهم من قبل أساتذة جامعيين يعودون إلى المرحلة نفسها، أنّ الوراثة هي التي ترسم شخصيّة الإنسان أو يعتقدون بالحتمية الوراثية  في تحديد تصرفات الانسان. بينما لا يعطي الطلاب المعلمين،الذين يجري إعدادهم حالياً، هذه الأهمية للوراثة. فإن برامج إعداد المعلمين لم تتغير أو تتطوّر خلال فترة الحرب الأهلية ي لبنان، الأمر الذي دفع المعلمين إلى ثبات في الرؤية العلميّة لم تتبدل برغم تبدل الاكتشافات وتراجع اعتقاد العلم بتأثير العوامل الوراثية في الصفات البيولوجية أمام تأثير البيئة الطبيعية والاجتماعية فيها. ويظهر الطلاب المعلمون اطّلاعاً أكبر على المواضيع والأبحاث الحديثة في العلوم.ومن هنا فإنه من الممكن أن تكون معرفتهم بال (épigénétique) وبالتالي تأثير البيئة في الجينات قد جعلتهم أقل تأييداً من المعلمين للحتمية الوراثية أو البيولوجية.
● تفاعل المعرفة العلمية مع نظام القيم.  تنعكس قيم المجتمعات الحديثة على الطلاب - المعلمين أكثر منها على المعلمين، وهذا يظهر في انفتاحهم على تعليم التربية الجنسية منذ الصغر في المدرسة. ويقابل هذا الانفتاح تشدّد يظهره المسؤولون عن بعض
المؤسسات التربوية الدينية. فعند اطلاق المناهج الجديدة في لبنان، جرى اعتراض على تدريس التربية الجنسية في الصف الثامن الأساسي. وقد حذف هذا الموضوع من كتاب العلوم. مع العلم أن تدريس هذا الموضوع يجري بشكل اختياري بحسب وضع المدرسة الخاصة والمنطقة التي تنتمي إليها، ولكن أبقي محذوفاً في المدارس الرسمية كافة. (Yammine et al 2007.Harfouch et Clément 2001) اما بالنسبة إلى الاسئلة حول التربية الصحية، فيظهر الطلاب المعلمون اهتماما أكبر بالتغذية الصحية. وهذا يعود أيضاً إلى التفاعل مع المتطلبات الحديثة للمجتمع حيث الحديث عن علم التغذية والقواعد السليمة للتغذية يغطي حيزاً مهما من أحاديث العامة والإعلام. فهي لا تقع ضمن المواد التعليمية بوصفها موضوعاً من ضمن موضوعات علوم الحياة فقط ، بل بوصفها ثقافة عامة في تعليم اللغة مثلاً. ولكن ما لا نستطيع تفسيره هو عدم ارتباط هذه المعرفة بالتطبيق العملي والممارسات على الأرض. إذ يظهر المعلمون، وهم من فئة مرية يصبح معها الاهتمام بالقواعد الغذائية عاملاً أساسياً
للابتعاد عن الأمراض، عدم التعلق بهذه القواعد التي يعرفونها حتماً ويعلّمونها.
●  تفاعل المعرفة العلمية مع التعلق بالدين. يعكس الطلاب المعلمون التوجّه الحالي للمجتمع في ما  تعلق بالدين، فمن الواضح أن غالبيتهم مع نظريّة الخلق ( بعكس المعلمين) وهذا ناتج عن أنّهم يؤمنون بالخالق (٩٨٪ من العيّنة) . وهذا ما يظهر تمايزاً مع دراسة أجريناها مؤخراً، وتبرهن أن المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين وكذلك التونسيين هم ( Créationnistes) مقارنة مع زملائهم الفرنسيين ( 
Khalil et al 2007b ). من الممكن أن يعود هذا التفاعل إلى ازدياد نسبة المتديّنين اللبنانيين بعد الحرب الأهلية وخصوصاً فئة الشباب التي نمت خلال هذه الحرب أو بعدها بقليل، وإلى هذه الفئة ينتمي الطلاب المعلمون الذين شملتهم الدراسة. فغدا هؤلاء أكثر تعلقاً بالدين فكراً وممارسة بالاضافة إلى اطلاعهم على الاكتشافات العلمية الحديثة، الأمر الذي يمكن من خلاله تفسير رغبتهم في فصل الدين عن العلم ربما إفساحاً في المجال أمام التعامل مع هذه الازدواجية، والابتعاد عن كافة المواضيع التي تفتح نقاشات حول الدين مثل نظرية التطور. والجدير ذكره أنّه على المستوى الرسمي، لم يدرّس موضوع التطوّر
بالرغم من وجوده في مناهج علوم الحياة في المرحلة الثانوية، بسبب تخفيف (allègement ) المنهج.
 

خلاصة 
إنّ العيّنة، وإن لم تكن ممثّلِة (ْreprésentative) لكل الفئات في هذه الدراسة على صعيد لبنان، غير أنّها تظهر الاختلاف في التصوّرات بين المعلمين، والطلاب المعلمين من جهة، واختلافاً وبحسب الاختصاص (اللغة العربية أو العلوم) من جهة أخرى،
علماً بأن المواضيع الستة ليست محصورة بمادة علوم الحياة فقط، ولكن أيضاً في اللغة العربية بوصفها مادة ثقافية تكون موضوعاً للنصوص التي تدرس. هذه التصورات تؤثر في المتعلمين، فينقل إليهم المعملون، من دون أن يدروا، قيمهم ونظراتهم للأمور،
ويخلقون طلاباً على شاكلتهم. فيعملون على بناء مواطن الغد بنظرة الماضي. كيف يمكن للمعلمين والطلاب المعلمين أن يتنبهوا إلى تصوّراتهم وإلى تفاعل معرفتهم مع قيمهم؟ أو ممارستهم؟ ما هو تأثير هذا التفاعل في المتعلمين؟ كل هذه الأسئلة ونتائج هذه الدراسة مهمة لكي تؤخذ بعين الاعتبار في عملية إعداد المعلمين (الإعداد الأساسي والتدريب المستمر) أيّاً كان الاختصاص. فنرى أنّه من المهم العمل على محورين أساسيين خلال عمليّة الإعداد: دراسة التصورات والتغيير المفهومي( Changement conceptuel) لدى المعلمين والطلاب المعلمين. ويُعرّف هذا الأخير على أنّه تغيير في التصورات الذهنية للاشخاص ( Hoz & Yukhnovetsky 2001 ) وهويطبق عند ضرورة تغيير مفاهيم. علمية، وليس لتغيير القيم والمعتقدات (Deaudelin 2005 ) أخيراً فإنّ هذه الدراسة وغيرها من الدراسات الممكنة في هذا المشروع تفتح لنا آفاقاً جديدة للتعمق والإحاطة بكثير من العناصر التي تؤثر في عملية إعداد المعلمين والتي لم تشكل موضوع بحث لغاية الآن في لبنان، اذ إن معظم الدراسات في هذا الحقل اقتصرت على الاهتمام بمهارات المعلم وبمعرفته العلمية و بالكفايات  الضرورية  ( Moghaizel 2001 ) من دون الالتفات إلى التغيير المفهومي أو التصورات الناجمة عن التفاعل بين معرفة المعلّم ¯ العلمية وبين معتقداته وقيمه وممارسته الاجتماعية والمهنية •  

شكر

هذه الدراسة تمت بدعم من المشروع الأوروبي ( Biohead citizen)  وبدعم من المنظمة الجامعية للفرنكوفونية ()AUF نشكر

خصوصاً اعضاء الفريق اللبناني: بولا ابي طايع، زلفا الأيوبي، فادي الحاج ورين يوسف الذين أسهموا في إنجاح هذه الدراسة والشكر

 الجزيل أيضاً لفرنسوا مونو من جامعة  .1 Lyon  الذي قام بجميع التحاليل الاحصائية ولسمير عيتاني الذي قام بالتدقيق اللغوي

المراجع:

- Abou Tayeh P. & Clément P., 1999 - La Biologie entre opinions et connaissances : Les conceptions d'étudiants libanais sur le cerveau. in L'actualité de la -
recherche en didactique des sciences et des techniques. Actes des Premières Rencontres scientifiques de l'ARDIST (Association pour la Recherche en
Didactique des Sciences et des Techniques(, ENS Cachan, 81- 87.
- Astolfi J.P, Darot E, Ginsbuger-Vogel Y., Toussaint J., 1997. Mots clés de la didactique des sciences, repères, définitions, bibliographies. Belgique : De
Boeck Université.
- Clément P., 1998. La Biologie et sa Didactique. Dix ans de recherches. Aster, 27 : 57-93.
- Clément P., 2004. Science et idéologie : exemples en didactique et épistémologie de la biologie. Actes du Colloque Sciences, médias et société. ENS-LSH,
53-69 http://sciences-medias.ens-lsh.fr
- Clément P., 2006. Didactic transposition and the KVP model: Conceptions as interactions between scientific Knowledge, Values and social Practices.
Summerschool ESERA, Braga, 9-18.
- Clément P., Carvalho G., Abrougui M., Khalil I., Thiaw M.S., Ndiaye V., Varga A., Bogner F., 2006 - Differences in values associated to biology, health
and environmental questions among France, Portugal, Hungary, Senegal, Lebanon and Tunisia. IOSTE XII Meeting, Penang, 149-151.
- Deaudelin C., Richer J., Dussault M., 2005. Changement conceptuel chez les enseignants en situation de développement professionnel : une méthode
d'analyse. Nouveaux cahiers de la recherche en éducation, 8(1(, 169-185.
- Giordan A. & de Vecchi G., 1987. Les origines du savoir. Neuchâtel : Delachaux et Niestlé.
- Harfouch Z., Clément P., 2001. Élaboration des programmes au Liban : la transposition didactique externe en oeuvre. In didactique de la biologie, ENS,
Alger. 221-236
- Hoz R., Yukhnovetsky M., 2001. Conceptual change and the acquisition of large bodies of knowledge. In 9th European conference for research end
learning and instruction, Fribourg, Suisse.
- Khalil I., Clément P., Laurent C., 2007a. Anthropocentrés, écolocentrés ou sentimentocentrés : les conceptions d'enseignants et de futurs enseignants
libanais sur la nature et l'environnement. In Feuilles universitaires, Liban.
- Khalil I., Abrougui M., Munoz F. & Clément P., 2007b. Comparaison des systèmes de valeurs de (futurs( enseignants libanais, tunisiens et français
concernant l'évolution, le déterminisme génétique, l'éducation à la sexualité, à la santé, et à l'environnement. Soumis.
- Lebart, L., A. Morineau, & M. Piron. 1995. Statistique exploratoire multidimensionnelle. Dunod, Paris.
- Makhoul J. (coordination(, 2000. Résultats de la révision des manuels scolaires à propos de l'Éducation à l'environnement et à la santé. Liban : CRDP.
- Moghaizel N., 2001. Problématique de la formation des enseignants et objectifs du colloque. In teacher preparation in the Arab countries, LAES (ed.(,
Liban. 7-15.
- Yammine A., Khalil I., Clément P., 2007. Rôle des pouvoirs sociopolitiques et religieux au Liban dans la suppression du chapitre de la reproduction
humaine du manuel de biologie de la classe EB8. In IOSTE 2007 « critical analysis of science textbooks. 7-10 février, Hammamet-Tunisie.

تصورات المعلمين والطلاب -المعلمين وأهميتها في عملية الإعداد

تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين

وأهميتها في عملية الإعداد

دراسة من إعداد
الدكتورة إيمان خليل
الدكتورة ذكية حرفوش
الدكتور بيار كليمان
الجامعة اللبنانية
وجامعة ليون - فرنسا

  (تصورات معلمي علوم الحياة واللغة العربية حول التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجيةنموذجاً )                 

 

تعتبر دراسة التصورات ( Conceptions )  محوراً مهماً في العملية التعلّميّة والتعليمية من وجهة نظر علم الديداكتيك ( Giordan, De Vecchi 1987, Astolfi et al 1997, Clément  1998  ) من هنا اهتمامنا بتصوراتالمعلمين حول مواضيع ساخنة مثل التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية، ونعني بها الإيديولوجيات أو القيم التي من الممكن أن ينقلها تعليم علوم الحياة مثل العنصرية الإثنية أو الجنسية .(Sexisme)...هذه الدراسة هي جزء من مشروع أوروبي ( BIOHEAD CITIZEN) ( التربية البيئية، التربية الصحية والتربية البيولوجية من أجل مواطن أفضل ) يضم ١٩ بلداً أوروبياً وعربياً ويتضمن تحليل تصورات المعلمين والطلاب- المعلمين في هذه البلدان ومقارنتها ببعضها، وكذلك دراسة محتوى الكتب المدرسية وتحليلها في ما يتعلق بالمواضيع الثلاثة التي ذكرناها. وقد اختير لهذه الدراسة وفي جميع البلدان المشاركة أساتذة تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية وأساتذة تعليم علوم الحياة في المرحلة الثانوية، كذلك أساتذة تعليم اللغة الأم في كل بلد للمرحلتين الابتدائية والثانوية. من هنا كان اختيارنا لأساتذة تعليم اللغة العربية في لبنان. بالإضافة إلى أن التربية البيئية والتربية الصحية هما موضوعان يمكن تدريسهما في موادّ عديدة منها اللغة العربية، وذلك . بالاستناد إلى دراسة قام بها المركز التربوي ( 2000 Makhoul ) .

الإطار النظري والإشكالية

اعتمدنا في هذه الدراسة على النموذج ( KVP (Knowledge, Values & Practices المقترح من (٢٠٠٤- ٢٠٠٦) Clément وترمز K إلى المعرفة العلمية التي يكتسبها المعلم خلال التعلم و V إلى نظام القيم التي يعتمدها (آراء،  معتقدات، أيديولوجيات...) وتدفعه إلى تقبل أو رفض المعرفة العلمية حتى وترمز P إلى الممارسات المهنية للمعلمين أولأشخاص آخرين يؤثرون في التصورات، وإلى الممارسات الاجتماعية المدنية (دينية، عائلية،...) التي يعيشها المعلم في بيئته. نريد من خلال هذه الدراسة أن نتعرّف إلى تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين ونحدد مدى تجانسها أو تمايزها في ما بينهم. فهل تختلف تصورات المعلمين حول التربية البيئية والصحية وعلم الوراثة، والتطور، عن تصورات الطلاب - المعلمين الذين لم يمارسوا المهنة بعد؟ وهل هناك تفاعل أو تأثير متبادل بين المعرفة العلمية ونظام القيم والممارسة المهنية والاجتماعية للمعلمين والطلاب- المعلمين؟ أي متعلم وأي مواطن نبني من خلال هؤلاء المعلمين والطلاب - المعلمين؟ إننا نفترض أن المعلمين الذين يتمتعون بالخبرة والذين يخضعون لدورات تدريبية أو لتدريب مستمر هم الأكثر تيقظاً لهذا التفاعل بين المكونات الثلاثة (KVP  ) وبالتالي الأكثر موضوعية لعدم الخلط بين المعتقدات من جهة، وتعليم العلوم خاصة من جهة أخرى. كما إننا نفترض أن الطلاب المعلمين هم الأكثر اطّلاعاً من حيث الدراسة الحديثة على آخر الاكتشافات في المفاهيم العلمية البحتة، ومن حيث العمر، هم الأكثر ثورة على القيم والمعتقدات، والأكثر قدرة على الانقلاب عليها وإبعاد تأثيرها عن تعليم العلوم.  مؤخراً، اظهرت دراسة مقارنة ( 2006 Clément ) ضمن  المشروع نفسه اختلافاً بين تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين في بعض البلدان الأوروبية وكذلك في بعض البلدان العربية. فالمعلمون والطلاب المعلمون في لبنان وتونس يختلفون في تصوراتهم عن زملائهم في فرنسا والبرتغال والمانيا والمجر. وكذلك فان هذه الدراسة تبرهن وجود ''وحدة'' في تصورات المعلمين اللبنانيين الذين يختلفون أيضاً عن زملائهم التونسيين. ولكن إذا أجرينا تحليلاً خاصاً بلبنان حول المواضيع ذاتها فهل تختلف تصورات المعلمين عن تصورات الطلاب - المعلمين؟ وهل تختلف تصورات المعلمين والطلاب - المعلمين طبقاً للاختصاص؟

المنهجية المعتمدة

١- الاستبيان
تم إعداد استبيان لتحديد تصورات المعلمين في جميع البلدان المشاركة، حول التربية البيئية، التربية الصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، وعلم التكاثر والجنس لدى الانسان.
يتألف الاستبيان من ثلاثة أقسام:
الاستبيان A  : يتعلق بالمواضيع الستة المذكورة مع التركيز على التربية البيئية، ويحتوي على ٩٠ سؤالاً يُطلب في معظمها : وضع علامة في خانة من أربع بين أوافق ولا أوافق.
الاستبيان B : ( ويتألف من ٥٨ سؤالاً تتعلق بالتربية الصحية، بالتطور وبالحتمية الوراثية (Déterminisme génétique)
لاستبيان P : ويحتوي على ١٦ سؤالاً حول المعلومات الشخصية (العمر، الجنس، الإعداد، الدين...) وضعت الأسئلة بشكل يمكننا من إظهار مختلف مستويات التفاعل بين المعرفة العلمية، القيم والممارسات الاجتماعية للمعلمين والطلاب - المعلمين.
٢- العينة
شارك في تعبئة هذا الاستبيان، ومن دون ذكر الاسم، ٧٢٢ معلماً وطالباً معلماً من مختلف المناطق اللبنانية (انظر جدول ١). الطلاب المعلمون هم طلاب في السنة الرابعة في الجامعة اللبنانية يتخصّصون في علوم الحياة، واللغة عربية، وتعليم العلوم، وتعليم اللغة العربية، لا تتجاوز أعمارهم خمساً وعشرين سنة. أما المعلمون فتتراوح أعمار النسبة الأكبر منهم ( ٦٥٪  ) بين ثلاثين وخمسٍ وأربعين سنة.

 

ابتدائي علوم ابتدائي (لغة عربية) ثانوي (علوم الحياة) ثانوي ( لغة عربية) حقل التعليم
خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي خاص رسمي
  ٤٩   ٤٨   ٥٩   ٥٦ طلاب - معلمون
٦٦ ٥٨ ٧١ ٥١ ٩٩ ٥٤ ٥٤ ٥٧ معلمون

جدول ١: توزيع العينة حسب مرحلة التعليم (ابتدائي/ ثانوي) ونوع المدرسة أو الجامعة (رسمي/خاص) والاختصاص (اللغة العربيّة/ علوم الحياة).

٣ - التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات

(Multivariate Statistical Analysis)

لقد استخدمنا لدراسة النتائج التحليل المتعدد المتغيرات

Analyse par correspondances multiples( ACM, Lebart et al 1995    

هذه التقنية تساعد على توضيح بنية الأجوبة على الاستمارة وتبيان العناصر المفهوميّة المستقلّة

(composantes conceptuelles indépendantes) (التصورات) المعبر عنها. كما إن تقنية (Between) تمكن من  الحصول على نتائج أدق حول الفروقات الممكنة والدالّة (significatives ) في التصورات بين المجموعات في ما يتعلق بعامل معين مثلاً هنا وضع( statut )  الأشخاص: معلمين أو  هنا وضع طلاب - معلمين.

نتائج الدراسة وتحليلها

يظهر الشكل ١ الناتج عن التحليل الإحصائي المتعدد المتغيرات تمييزاً واضحاً بين المجموعات التعليمية، فالمحور axe) 2 ) يميز بين الطلاب - المعلمين (القيم الإيجابية  ) والمعلمين (القيم السلبية) في الاختصاصين. ويتمايز على المحور ١ المعلمون والطلاب المعلمون للغة العربية عن المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة في المرحلة الثانوية. أما المعلمون والطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فسنشرح وضعهم لاحقا. ولا بد من أن نشير،إلى أن التمايز أو الاختلاف لا يعني جميع المعلمين أو الطلاب المعلمين الذين ينتمون إلى مجموعة محددة، كما أن النتائج التي نعرضها هنا لا تمثل سوى اتجاهات (Tendances) للأفراد أو المجموعات.

 

شكل ١: تمثيل الأفراد على المحورين (axes) المتمايزين ١و ٢، بحسب وضعهم واختصاصهم.
 معلمّو اللغة العربية- ثانوي :In L
 معلمّو علوم الحياة - ثانوي :In B
الطلاب المعلمون - علوم الحياة ( ثانوي ):Pre B
 الطلاب المعلمون - لغة عربية ( ثانوي) :Pre L
معلّمو اللغة العربية والعلوم - في المرحلة الابتدائية :InP
الطلاب المعلمون للغة العربية وللعلوم - في المرحلة
الابتدائية :Pre P

 

 

 

 

  

 

أ- التمييز بين معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين في هذا الحقل)ومعلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين في هذا الحقل) في المرحلة الثانوية   (Axe 1) .  

إنّ طريقة التحليل الإحصائي المتعدّد المتغيّرات تظهر اختلافاً بين تصورات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين)، وتصورات الذين يدرّسون أو سيدرّسون اللغة العربية في المرحلة الثانوية. وباختصار يمكننا القول إنّ معلّمي اللغة عربية (والطلاب المعلمين) لا يتجهون إلى تأييد تدريس غالبية المواضيع المتعلقة بالتربية الجنسية (الحمل والولادة، الإجهاض، وسائل منع الحمل، التحرش بالأطفال). كما أنهم وخلافاً لزملائهم الذين يعلّمون علوم الحياة يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (بسبب تماثل
جيناتهما، يملك التوأم الحقيقي، دماغان متطابقان وبالتالي لهما السلوك نفسه وطرق التفكير نفسها، تختلف المجموعات الإثنيه وراثياً ولذلك يتفوق بعض منها على بعضها الآخر،...) ويميّزون بيولوجياً بين الرجل والمرأة في أغلب الأحيان (لأسباب بيولوجية تهتم النساء غالبا، بالشؤون المنزلية أكثر من الرجال). وبعكس زملائهم فإن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين) لا يبدون اهتماماً كبيراً بالبيئة أو بالتربية البيئية بل هم (Anthrpocentrés) (الإنسان أكثر أهمية من الكائنات الحيّة الأخرى، يحقّ للإنسان تغيير الطبيعة بحسب ما يلائمه، الطبيعة قادرة دائماً على إعادة بناء نفسها بنفسها، في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، وإنّهم لا يوافقون على العبارات الآتية: ''لو أن مزرعة لتربية الدجاج ستنشأ بجوارك، ستعارض ذلك لأنها قد تلوث المياه
الجوفية، سينقرض الإنسان إن لم يعش في تناغم مع الطبيعة''،...). وهم أكثر تأييداً لنظرية التطور ( من المؤكد أن أصل الإنسان هو نتيجة لسيرورات التطور، ظهور النوع البشري -الإنسان العاقل- كان غاية تطور الأنواع الحية...). تجدر الإشارة إلى أن الشكل ١ يظهر تمايزاً (على المحور ١) في المرحلة الابتدائية بين المعلمين(علوم ولغة عربية) والطلاب المعلمين (علوم ولغة عربية)، إذ إن بعض الطلاب المعلمين في اللغة العربية (ابتدائي) يملكون تصوّرات أقرب إلى تلك التي يملكها المعلمون والطلاب
المعلمون لمادة علوم الحياة. كذلك فإن تصورات بعض معلمي العلوم في المرحلة الابتدائية تتشابه مع تصورات معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين)، وهذا ما يدعونا إلى القيام بدراسات أدق لتفسير أوجه التباين والاختلاف بين جميع هذه الفئات. ولكن يمكننا أن نفترض تفسيراً مبنياً على أنّ المعلم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون ''معلم صف'' (يعلم كل المواد للصف الواحد) خصوصاً في المدارس الخاصة، وبالتالي فإن معلماً متخصّصاً في اللغة العربية يمكنه تدريس مادة العلوم في المرحلة الابتدائية والعكس صحيح. بالإضافة إلى ذلك فإن استاذ تعليم العلوم في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون متخصّصاً في الفيزياء أو الكيمياء أو غير ذلك، وليس متخصّصاً بالضرورة في علوم الحياة. أما الطلاب المعلمون في المرحلة الابتدائية (لغة عربية وعلوم) فهم جميعهم طلاب في كلية التربية - الجامعة اللبنانية وربما يكون هذا تفسيراً لتصوراتهم المتشابهة.

ب- التمييز بين الطلاب - المعلمين والمعلمين ( Axe 2 )
هذا التمييز يضع الطلاب المعلمين (للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة( بغض النظر عن اختصاصهم من جهة، والمعلمين )للغة العربية والعلوم وعلوم الحياة ) في الجهة المقابلة. 

الطلاب المعلمون 

هؤلاء الطلاب يتجهون نحو الانفتاح على تعليم التربية الجنسية في سن مبكرة في المدرسة. يوافقون على الإجهاض في حال وجود مشاكل مادية أو في حال تعقد الحمل، ولكن ليس إذا كان الطفل مشوهاً. ويعتبرون أن الوقاية من السيدا تكون باستعمال الواقي الذكري (Safersex)  وليس بالالتزام بعلاقة مع شريك واحد. بالنسبة إلى التربية البيئية فيميلون إلى أن يكونوا ( écolocentrés ) أي من المدافعين عن البيئة ( لا يوجد في كوكبنا موارد طبيعية غير محدودة، يجب عدم قطع الغابات من أجل زيادة مساحة الأرض الزراعية)، ويعتبرون أنّ الحيوانات لها مشاعر (Senfimentocentrés) مثل الضفدعة، الذبابة والحلزونة. أغلبيتهم مع نظرية الخلق (Créationnistes)  في ما يتعلق بالتطور (يجب الا ينتمي الشمبانزي إلى النوع البشري حتىولو أن ٩٨,٥ ٪ من حمضه النووي مطابق للحمض النووي للإنسان العاقل...). لا يدعم هؤلاء الطلاب المعلمون كثيراًالحتمية الوراثية (déterminisme génétique) فهم لا يعتقدون مثلاً أنه يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا مدمنين على الكحول. كما أنهم لا يوافقون غالباً على وجود اختلافات بين المجموعات الإثنية مبنية على أساس الوراثة. إنّهم يعبرون أكثر عن عدم تأييدهم للتمييز البيولوجي بين المرأة والرجل )لجهة القيام بالأعمال المنزلية أو إنجاز الألعاب الرياضية(. أخيراً وفي ما يتعلق بالمعرفة العلمية، فهم يملكون معلومات علمية كثيرة خصوصاً تلك التي تتعلق  بمواضيع حديثة نسبياً مثل ( épigenèse) وعلم المناعة. وأخيراًإنّهم مع فصل الدين عن العلم.
المعلمون
تختلف تصورات المعلمين عن الطلاب المعلمين، فهم يتجهون إلى عدم تأييد تعليم مواضيع متعلقة بالتربية الجنسية ي المدرسة. كما أنهم يعتقدون أكثر بوجود حتمية وراثية (اذا  استنسخنا آينشتانين تكون جميع النسخ (clones) ذكية، إذا استنسخنا موزار تكون جميع النسخ موسيقين بارعين، يوجد عوامل وراثية لدى الأبوين تجعل الأبناء مهيئين لكي يصبحوا عازفين ماهرين). يميل المعلمون إلى التفريق بيولوجياً بين الرجل والمرأة (النساء أقل ذكاء لإن أدمغتهنّ أصغر حجماً، النساء لا يستطعن ولأسباب بيولوجية، تبوّء مراكز مسؤولية هامة...) ولا يعتبرون أن من المهم أن تتساوى المرأة مع الرجل في المجتمعات الحديثة، أو أن يتساوى الرجال مع النساء في البرلمان. يظهر المعلمون على أنهم مع نظرية التطور(volutionnistes) (تتناقض نظرية الخلق مع معتقداتي..). يبدو المعلمون أقل اهتماماً بالبيئة وبالتربية البيئية ( anthropocentrés)، فكل شيء في البيئة يدور حول الانسان، ( فقط النباتات والحيوانات المهمة اقتصادياً يجب حمايتها، لا يزعجني الدخان المتصاعد من المعامل،). أخيراً بالنسبة إلى المعلومات العلمية، فيظهر المعلمون معرفة أدق بالمفاهيم المتعلقة بعلم الوراثة.
ج- تحليل النتائج
●  إبراز نظام قيم مختلف بين معلمي علوم الحياة و معلمي اللغة العربية. تبين هذه الدراسة أن المعلمين والطلاب المعلمين لمادة علوم الحياة يختلفون في تصوراتهم عن معلمي اللغة العربية (والطلاب المعلمين).
يمكن رد هذا الاختلاف إلى المعرفة المتباينة التي يكتسبها كلّ من الفريقين أثناء دراسته، ونذكر في هذا السياق أنّ دراسة مماثلة تظهر أيضاً اختلافاً في تصوّرات معلمي علوم الحياة (والطلاب المعلمين) وزملائهم المتخصّصين في الجغرافيا (والطلاب المعلمين) حول التربية البيئية (Khalil 2007a ). ومن الطبيعي أن يحصل أساتذة علوم الحياة والطلاب على معرفة علمية أشمل تتعلق بالوراثة، ولكن في ما يتعلق بمواضيع أخرى مثل التطور والتربية البيئية والصحية، فنعتقد أنّ بإمكان أيّ معلّم  مهما كان اختصاصه  أن يكوّن رأياً خاصاً حولها من دون أن يكون متعمقاً علمياً في دراستها. بالإضافة إلى ذلك  كما ذكرنا في المقدمة  فإنّه من الممكن لأستاذ اللغة العربية أن يتطرّق إلى التربية البيئية والتربية الصحية أو غيرها من المواضيع الستة المذكورة  أعلاه من خلال تدريسه للغة العربية. فلماذا يميل غالبية أساتذة اللغة العربية ( وبعض أساتذة علوم الحياة) إلى الاعتقاد أنه يجب عدم تدريس بعض المواضيع المتعلقةبالتربية الجنسية في سن مبكرة مثلاً؟ لماذا يميلون إلى تأييد الحتمية الوارثية أو وجود فوارق بيولوجية بين المرأة والرجل؟ ولماذا لا يكون لديهم اهتمام أكبر وجديّ بالبيئة؟
● إبراز نظام قيم مختلف بين المعلمين والطلاب -  المعلمين. إن لكلّ من المعلمين والطلاب المعلمين تصوّرات خاصة  بالمواضيع الستة التي تحدثنا عنها: التربية البيئية، التربيةالصحية، التطور وأصل الإنسان، الدماغ البشري، علم الوراثة البشرية، علم التكاثر والجنس لدى الانسان. يمكن تفسير التمايز في نظام القيم بين المعلمين والطلاب المعلمين وذلك لاختلاف العمر والبيئة الاجتماعية المتغيرة مع السنين.
وهذا التمايز يظهر من خلال طلاب معلمين مهتمين بالبيئة التي هي مشكلة الساعة وعلى الصعد كافة. هذه النتيجة تشبه في ما يخص التربية البيئية نتائج دراسة سابقة قمنا بها، وتتعلق بتصورات المعلمين والطلاب المعلمين لعلوم الحياة  الجغرافيا حول البيئة والطبيعة (Khalil 2007a)، التي تظهر أنّ الطلاب المعلمين اليافعين هم الأكثر اهتماماً بالبيئة ( écolocentrés )  بالنسبة إلى الحتمية الوراثية (détermisme génètique et épigénétique ) فإنّ دراسة (Abou Tayeh)، لا ترى ارقاً بين تصورات الطلاب والمعلمين اللبنانيين حول هذا  الموضوع مقارنة مع عينة مشابهة في بعض الدول العربية والأوروبية. فعندما تقارن تصورات المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين مع زملائهم في البلاد العربية (تونس) أو الأوروبيين (فرنسا) فهم يظهرون تجانساً في التصورات. أما هذه الدراسة فتظهر الاختلافات الموجودة بين مختلف المجموعات التعليمية التي خضعت لها. ويمكن أن يعود التمايز بين الفئتين حول أهمية علم الوراثة والحتمية الوراثية إلى الفترة المختلفة التي تمّ فيها إعداد المعلمين. إذ يعتقد المعلمون الذين جرى إعدادهم في الثمانينيات، أو إعدادهم من قبل أساتذة جامعيين يعودون إلى المرحلة نفسها، أنّ الوراثة هي التي ترسم شخصيّة الإنسان أو يعتقدون بالحتمية الوراثية  في تحديد تصرفات الانسان. بينما لا يعطي الطلاب المعلمين،الذين يجري إعدادهم حالياً، هذه الأهمية للوراثة. فإن برامج إعداد المعلمين لم تتغير أو تتطوّر خلال فترة الحرب الأهلية ي لبنان، الأمر الذي دفع المعلمين إلى ثبات في الرؤية العلميّة لم تتبدل برغم تبدل الاكتشافات وتراجع اعتقاد العلم بتأثير العوامل الوراثية في الصفات البيولوجية أمام تأثير البيئة الطبيعية والاجتماعية فيها. ويظهر الطلاب المعلمون اطّلاعاً أكبر على المواضيع والأبحاث الحديثة في العلوم.ومن هنا فإنه من الممكن أن تكون معرفتهم بال (épigénétique) وبالتالي تأثير البيئة في الجينات قد جعلتهم أقل تأييداً من المعلمين للحتمية الوراثية أو البيولوجية.
● تفاعل المعرفة العلمية مع نظام القيم.  تنعكس قيم المجتمعات الحديثة على الطلاب - المعلمين أكثر منها على المعلمين، وهذا يظهر في انفتاحهم على تعليم التربية الجنسية منذ الصغر في المدرسة. ويقابل هذا الانفتاح تشدّد يظهره المسؤولون عن بعض
المؤسسات التربوية الدينية. فعند اطلاق المناهج الجديدة في لبنان، جرى اعتراض على تدريس التربية الجنسية في الصف الثامن الأساسي. وقد حذف هذا الموضوع من كتاب العلوم. مع العلم أن تدريس هذا الموضوع يجري بشكل اختياري بحسب وضع المدرسة الخاصة والمنطقة التي تنتمي إليها، ولكن أبقي محذوفاً في المدارس الرسمية كافة. (Yammine et al 2007.Harfouch et Clément 2001) اما بالنسبة إلى الاسئلة حول التربية الصحية، فيظهر الطلاب المعلمون اهتماما أكبر بالتغذية الصحية. وهذا يعود أيضاً إلى التفاعل مع المتطلبات الحديثة للمجتمع حيث الحديث عن علم التغذية والقواعد السليمة للتغذية يغطي حيزاً مهما من أحاديث العامة والإعلام. فهي لا تقع ضمن المواد التعليمية بوصفها موضوعاً من ضمن موضوعات علوم الحياة فقط ، بل بوصفها ثقافة عامة في تعليم اللغة مثلاً. ولكن ما لا نستطيع تفسيره هو عدم ارتباط هذه المعرفة بالتطبيق العملي والممارسات على الأرض. إذ يظهر المعلمون، وهم من فئة مرية يصبح معها الاهتمام بالقواعد الغذائية عاملاً أساسياً
للابتعاد عن الأمراض، عدم التعلق بهذه القواعد التي يعرفونها حتماً ويعلّمونها.
●  تفاعل المعرفة العلمية مع التعلق بالدين. يعكس الطلاب المعلمون التوجّه الحالي للمجتمع في ما  تعلق بالدين، فمن الواضح أن غالبيتهم مع نظريّة الخلق ( بعكس المعلمين) وهذا ناتج عن أنّهم يؤمنون بالخالق (٩٨٪ من العيّنة) . وهذا ما يظهر تمايزاً مع دراسة أجريناها مؤخراً، وتبرهن أن المعلمين والطلاب المعلمين اللبنانيين وكذلك التونسيين هم ( Créationnistes) مقارنة مع زملائهم الفرنسيين ( 
Khalil et al 2007b ). من الممكن أن يعود هذا التفاعل إلى ازدياد نسبة المتديّنين اللبنانيين بعد الحرب الأهلية وخصوصاً فئة الشباب التي نمت خلال هذه الحرب أو بعدها بقليل، وإلى هذه الفئة ينتمي الطلاب المعلمون الذين شملتهم الدراسة. فغدا هؤلاء أكثر تعلقاً بالدين فكراً وممارسة بالاضافة إلى اطلاعهم على الاكتشافات العلمية الحديثة، الأمر الذي يمكن من خلاله تفسير رغبتهم في فصل الدين عن العلم ربما إفساحاً في المجال أمام التعامل مع هذه الازدواجية، والابتعاد عن كافة المواضيع التي تفتح نقاشات حول الدين مثل نظرية التطور. والجدير ذكره أنّه على المستوى الرسمي، لم يدرّس موضوع التطوّر
بالرغم من وجوده في مناهج علوم الحياة في المرحلة الثانوية، بسبب تخفيف (allègement ) المنهج.
 

خلاصة 
إنّ العيّنة، وإن لم تكن ممثّلِة (ْreprésentative) لكل الفئات في هذه الدراسة على صعيد لبنان، غير أنّها تظهر الاختلاف في التصوّرات بين المعلمين، والطلاب المعلمين من جهة، واختلافاً وبحسب الاختصاص (اللغة العربية أو العلوم) من جهة أخرى،
علماً بأن المواضيع الستة ليست محصورة بمادة علوم الحياة فقط، ولكن أيضاً في اللغة العربية بوصفها مادة ثقافية تكون موضوعاً للنصوص التي تدرس. هذه التصورات تؤثر في المتعلمين، فينقل إليهم المعملون، من دون أن يدروا، قيمهم ونظراتهم للأمور،
ويخلقون طلاباً على شاكلتهم. فيعملون على بناء مواطن الغد بنظرة الماضي. كيف يمكن للمعلمين والطلاب المعلمين أن يتنبهوا إلى تصوّراتهم وإلى تفاعل معرفتهم مع قيمهم؟ أو ممارستهم؟ ما هو تأثير هذا التفاعل في المتعلمين؟ كل هذه الأسئلة ونتائج هذه الدراسة مهمة لكي تؤخذ بعين الاعتبار في عملية إعداد المعلمين (الإعداد الأساسي والتدريب المستمر) أيّاً كان الاختصاص. فنرى أنّه من المهم العمل على محورين أساسيين خلال عمليّة الإعداد: دراسة التصورات والتغيير المفهومي( Changement conceptuel) لدى المعلمين والطلاب المعلمين. ويُعرّف هذا الأخير على أنّه تغيير في التصورات الذهنية للاشخاص ( Hoz & Yukhnovetsky 2001 ) وهويطبق عند ضرورة تغيير مفاهيم. علمية، وليس لتغيير القيم والمعتقدات (Deaudelin 2005 ) أخيراً فإنّ هذه الدراسة وغيرها من الدراسات الممكنة في هذا المشروع تفتح لنا آفاقاً جديدة للتعمق والإحاطة بكثير من العناصر التي تؤثر في عملية إعداد المعلمين والتي لم تشكل موضوع بحث لغاية الآن في لبنان، اذ إن معظم الدراسات في هذا الحقل اقتصرت على الاهتمام بمهارات المعلم وبمعرفته العلمية و بالكفايات  الضرورية  ( Moghaizel 2001 ) من دون الالتفات إلى التغيير المفهومي أو التصورات الناجمة عن التفاعل بين معرفة المعلّم ¯ العلمية وبين معتقداته وقيمه وممارسته الاجتماعية والمهنية •  

شكر

هذه الدراسة تمت بدعم من المشروع الأوروبي ( Biohead citizen)  وبدعم من المنظمة الجامعية للفرنكوفونية ()AUF نشكر

خصوصاً اعضاء الفريق اللبناني: بولا ابي طايع، زلفا الأيوبي، فادي الحاج ورين يوسف الذين أسهموا في إنجاح هذه الدراسة والشكر

 الجزيل أيضاً لفرنسوا مونو من جامعة  .1 Lyon  الذي قام بجميع التحاليل الاحصائية ولسمير عيتاني الذي قام بالتدقيق اللغوي

المراجع:

- Abou Tayeh P. & Clément P., 1999 - La Biologie entre opinions et connaissances : Les conceptions d'étudiants libanais sur le cerveau. in L'actualité de la -
recherche en didactique des sciences et des techniques. Actes des Premières Rencontres scientifiques de l'ARDIST (Association pour la Recherche en
Didactique des Sciences et des Techniques(, ENS Cachan, 81- 87.
- Astolfi J.P, Darot E, Ginsbuger-Vogel Y., Toussaint J., 1997. Mots clés de la didactique des sciences, repères, définitions, bibliographies. Belgique : De
Boeck Université.
- Clément P., 1998. La Biologie et sa Didactique. Dix ans de recherches. Aster, 27 : 57-93.
- Clément P., 2004. Science et idéologie : exemples en didactique et épistémologie de la biologie. Actes du Colloque Sciences, médias et société. ENS-LSH,
53-69 http://sciences-medias.ens-lsh.fr
- Clément P., 2006. Didactic transposition and the KVP model: Conceptions as interactions between scientific Knowledge, Values and social Practices.
Summerschool ESERA, Braga, 9-18.
- Clément P., Carvalho G., Abrougui M., Khalil I., Thiaw M.S., Ndiaye V., Varga A., Bogner F., 2006 - Differences in values associated to biology, health
and environmental questions among France, Portugal, Hungary, Senegal, Lebanon and Tunisia. IOSTE XII Meeting, Penang, 149-151.
- Deaudelin C., Richer J., Dussault M., 2005. Changement conceptuel chez les enseignants en situation de développement professionnel : une méthode
d'analyse. Nouveaux cahiers de la recherche en éducation, 8(1(, 169-185.
- Giordan A. & de Vecchi G., 1987. Les origines du savoir. Neuchâtel : Delachaux et Niestlé.
- Harfouch Z., Clément P., 2001. Élaboration des programmes au Liban : la transposition didactique externe en oeuvre. In didactique de la biologie, ENS,
Alger. 221-236
- Hoz R., Yukhnovetsky M., 2001. Conceptual change and the acquisition of large bodies of knowledge. In 9th European conference for research end
learning and instruction, Fribourg, Suisse.
- Khalil I., Clément P., Laurent C., 2007a. Anthropocentrés, écolocentrés ou sentimentocentrés : les conceptions d'enseignants et de futurs enseignants
libanais sur la nature et l'environnement. In Feuilles universitaires, Liban.
- Khalil I., Abrougui M., Munoz F. & Clément P., 2007b. Comparaison des systèmes de valeurs de (futurs( enseignants libanais, tunisiens et français
concernant l'évolution, le déterminisme génétique, l'éducation à la sexualité, à la santé, et à l'environnement. Soumis.
- Lebart, L., A. Morineau, & M. Piron. 1995. Statistique exploratoire multidimensionnelle. Dunod, Paris.
- Makhoul J. (coordination(, 2000. Résultats de la révision des manuels scolaires à propos de l'Éducation à l'environnement et à la santé. Liban : CRDP.
- Moghaizel N., 2001. Problématique de la formation des enseignants et objectifs du colloque. In teacher preparation in the Arab countries, LAES (ed.(,
Liban. 7-15.
- Yammine A., Khalil I., Clément P., 2007. Rôle des pouvoirs sociopolitiques et religieux au Liban dans la suppression du chapitre de la reproduction
humaine du manuel de biologie de la classe EB8. In IOSTE 2007 « critical analysis of science textbooks. 7-10 février, Hammamet-Tunisie.