التعليم استثمار تنموي شامل ثانوية فخر الدين المعني الرسمية للبنات - الرؤية التربوية
التعليم استثمار تنموي شامل
ثانوية فخر الدين المعني الرسمية للبنات - الرؤية التربوية
لا يخفى أن التعليم هو أحد أهم دعائم الاقتصاد وركيزة التطور الاجتماعي، لأنه يحقق للمجتمع عائدات ذات قيمة اقتصادية كبيرة من خلال ما يقدمه من مهارات تشغل جزءاً مهمّاً من سوق العمل، ونوعية التعليم هي الأساس لبناء التنمية الإنسانية في الدول العربية وتحقيق نمو اقتصادي يسهم في ترقية مهارات العمل التي تعني الاستثمار الأمثل للموارد، وتفعيلها لرفع مستوى المجتمع اقتصادياً من طريق تطويره ثقافياً وإدارياً.
وهنا لا بد من التأكيد على أن الحاجة لتطوير أداء النظام التعليمي وتحسين جودته في الدول العربية كبيرة، ولكن القدرات محدودة، خصوصاً وأن العجز في ميزانية الدولة يؤثر في تمويل التعليم. ومن الواضح أن هناك بعض الدول تمر بأزمة اقتصادية نتيجة الديون المتراكمة، فهي غير قادرة على تمويل التعليم بالكفاية المطلوبة لتحقيق كل متطلباته، وما يجب التنبيه له هو أن المؤسسات التعليمية في بعض الدول لديها سياسات تعليم متردية وغير متلائمة مع المستجدات والتحولات العالمية، نظراً للاعتماد على وسائل تقليدية لا تتماشى مع التطور العلمي، ناهيك عن الإنفاق غير المدروس، وغياب التنسيق الشبه الكامل بين التعليم وحاجات المجتمع وضعف التخطيط لتوفير فرص عمل انتاجية جديدة، لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة، وعدم مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة في العالم.
في الواقع يجب تعزيز الاندماج ومواكبة الانخراط في المجتمع الدولي، من خلال إحداث تغيرات كبيرة في نظم التعليم، خصوصاً أن هناك كثيرًا من الجوانب يحتاج التعليم في الدول العربية لتطويرها لتكون عصرية، من خلال مضاعفة العمل على وضع برامج هادفة لزيادة ميزانية التعليم، لتصبح نسبة محددة من جملة الناتج القومي العام، والقيام بجهد دائب للربط بين الإنفاق على التعليم ومعدلات النمو الاقتصادي. كما أنه لتحقيق جودة التعليم يقتضي تكثيف الجهود لاكتشاف مواطن القوة والضعف في عمليات التعليم، والتركيز على تجارب عملية تساعد في تحديث نوعية التعليم، فضلاً عن الحاجة للإفادة من تجارب وأفكار ذوي الخبرات الادارية والتعليمية في الدول العربية التي تساعد على تطوير الأداء الأداري والتعليمي.
بناء للإحصاءات المتوافرة، يوجد حوالى ١٠٠ مليون أمي عربي منهم ٩ ملايين طفل لا يتلقون التعليم، ومعظم الدول العربية تعاني من ارتفاع معدل البطالة، لعدم ملاءمة مخرجات التعليم لسوق العمل. ووفقاً للتقارير الصادرة عن منظمة العمل العربية، تبين أن عدد الشباب العرب العاطلين عن العمل في الوطن العربي يبلغ نحو ١٦ مليون شخص، ويتوقع أن يصل إلى ٨٠ مليوناً عام ٢٠٢٠ . فالنجاحات الكبرى لأي نظام تعليمي، ليست هي القدرة فقط على تزويد الأفراد بالمعارف والمهارات، بل هي أيضاً القدرة على إيجاد فرص عمل تناسب اختصاصاتهم، للمساهمة في سوق العمل وتحسين مستوى المعيشة، من خلال وضع سياسات تنمية تربوية قادرة على تحقيق أفضل انتاجية ممكنة وزيادة فاعلية النمو الاقتصادي. ولا بد من الإشارة إلى ضرورة التنسيق بين القطاعين الخاص والعام تحت اشراف الجهات الحكومية المعنية، بهدف رفع الكفاءة وتعزيز المهارات التي تؤهل للعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية وتوفير الحد الاقصى من فرص العمل الجديدة.
وهنا لا يجوز أن ننسى أهمية توفير إدارة تعليمية تتمتع بالديناميكية والمرونة في كل دولة تقوم على مركزية التخطيط، في ضوء التحديات المعاصرة، واستيعاب النظم والأساليب التربوية الجديدة المرتبطة بمقومات الاقتصاد المتطور التي تساعد الأفراد على مجابهة أي تحديات آنية مستقبلية، والتعامل مع مستحدثات العصر التكنولوجية عبر إدخال أسلوب التعامل المعلوماتي والإلكتروني في المناهج التربوية. وقد أصبح من الضروري للتربية الحديثة أن تخصص لجميع المؤسسات التربوية من يرشد أفرادها ويوجههم وينظم أعمالهم ويتتبعها.
كما أصبح من الضروري على المسؤولين عن التربية الحديثة أن يخصصوا للمؤسسة التربوية مديراً، ينظم ويوزع الأعمال بين الأساتذة، كل منهم في مجال تخصصه وبين الإداريين، ويراقب سير العمل لكي يتم بهدوء وتقدم ونجاح. ويعد المدير الوسيط بين البيئة المحيطة بالمدرسة والتي يمثلها أولياء أمور الطلاب وبين إدارة التعليم المركزية والمراكزالثقافية والتربوية والاجتماعية، وبين المدرسة.
يحتاج المدير إلى خبرة تربوية وتدريب عملي واطلاع مستمر وواسع، وقوة في الشخصية وأن يكون حازماً في غير شدة، ليناً في غير ضعف، قوي الذاكرة حاضر البديهة، صارماً واعياً مخططاً، مدركاً، يعد رؤيته على أساس علمي مدروس يتماشى مع الأنظمة التربوية الحديثة، رحب الصدر، متمتعاً بالأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة في المدرسة والمجتمع، مؤمناً بعمله الذي يؤديه، فالإدارة إشراف وتوجيه.
إن طبيعة عمل المدير تفرض عليه أن يقوم بدور القيادة، والمهم أن يمثل هذا الدور القيادي تمثيلاً صحيحاً نابعاً من وعيه لجوانب عمله وأساليب تطويره وتنفيذه، وقدرته على التعامل التربوي السليم مع الجميع. هذه المهارة تعني قدرة المدير على التصور والإبداع واتخاذ القرارات الرشيدة، فإدارة المدرسة ليست غاية بحد ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق أفضل السبل لعملية التربية والتعليم المرتكزة على رسم تخطيط برامج العمل، ثم تنفيذ هذه المقرارات والخطط الموضوعة.
إن الإنسان هو الثروة الحقيقية الدائمة للمجتمعات. فالثروات الأخرى أياً كان نوعها، يمكن أن تنضب بعد فترة من الزمن، فتزول أهميتها، أما الإنسان فهو الثروة التي لا تنضب والتي تزداد قيمتها واهميتها اذا حرصنا على تنميتها ووصقلها وتطويرها، وكما هو معروف لدى الجميع فإن من أهم معايير تقدم المجتمعات المعاصرة، مدى اهتمامها بالإنسان الفرد. لذلك انطلقت، منذ تحملي لمسؤولياتي الإدارية، في العام ١٩٩١ إلى إعادة تجهيز ثانوية فخر الدين المعني الرسمية للبنات التي كانت خاوية، بفعل الأحداث التي امتدت على مساحة الوطن خلال خمسة عشر عاماً، إلا من مقاعد المتعلمين غير الصالحة للاستعمال، وكان ذلك بمؤازرة مجلس الأهل في الثانوية الذي تجاوب سريعاً لمصلحة أبنائه، ثم قامت وزارة التربية بتجهيز مختبرات الفيزياء والكيمياء والطبيعيات.
وفيما بعد وقبل تطبيق المنهجية الجديدة في العام ١٩٩٧ قمت باستحداث مختبرات للتكنولوجيا والمعلوماتية والموسيقى والجغرافيا وقاعة للألعاب الرياضية، وذلك بترميم ملاجئ الثانوية التي كانت ممتلئة بالمقاعد والطاولات، والخزن القديمة وغيرها منذ إنشاء الثانوية في العام ١٩٦٢ وحصلت على موافقة وزارة التربية ''بشق النفس'' لتحويل هذه القاعات السفلية إلى مختبرات تحضيراً لتطبيق المنهجية الجديدة، التي تتطلب وجود مختبرات وتجهيزات قام بها مجلس الأهل، كما قام الأساتذة المخلصون الذين لديهم فكرة عن المناهج الجديدة وكيفية تطبيقها بتدريب بعضهم بعضاً استعداداً للبدء في مطلع العام ١٩٩٨.
انطلقنا بالمناهج الجديدة باكتفاء ذاتي ومن دون تعثر، فكنا من الثانويات القليلة والنادرة ''في حينه'' التي قامت بتطبيق المناهج الجديدة كاملة حتى بموادها الإجرائية. وقد انطلقنا منذ بداية عملنا الإداري من رؤية تستند إلى العمل للحصول على إنسان متكامل في مجتمع ديمقراطي نغني معارف أفراده ومعلوماتهم وقيمهم، ونمدهم بطاقات ترفع من مستوى قدراتهم ومهاراتهم، لمقابلة الاحتياجات المرتكزة على التكنولوجيا المتطورة، ونؤمن لهم طرق الوصول إلى النجاح وتنمية روح الجماعة وقبول الآخر، حتى يشاركوا بفعالية في عملية تطوير المجتمع بما يحقق المزيد من الانسجام بين الأفراد. أما الرسالة التي عملنا على حملها وتطبيقها للوصول بثانوية فخر الدين المعني الرسمية للبنات إلى مستوى مميز، فارتكزت على الاهداف والغايات الآتية.
1- عملنا على رفع مستوى التحصيل المعرفي والثقافيعند المتعلم لجهة التمكن الاكاديمي من العلوم واللغات وتكنولوجيا المعلومات، ما يؤهله لمواصلة دراستهالجامعية، والانخراط في سوق العمل. ويكون ذلك من خلال إتقان اللغة الفرنسية كلغة اجنبية أولى واللغتين الانكليزية والايطالية كلغتين اجنبيتين ثانية وثالثة (درستا في الثانوية)، في المجالين الخطي والشفهي،ثم القيام بعملية تنسيق وتفعيل للأنشطة بين هذه اللغات الاجنبية وبقية المواد التي تدرس باللغة الفرنسية (interdisciplinaire) والتنسيق بين جميع المواد الدراسية من علمية وأدبية وفنية باللغات العربية والأجنبية التي تدرس في الثانوية، وإنجاز أنشطة مشتركة لتعزيز ثقافة تعلم. (pluridisciplinaire)
لقد ثم تطوير استخدام التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية في تعلم المواد الدراسية، وتوجيه المتعلم لاختيار نوع الدراسة والتخصص الجامعي بحسب ميوله وحاجة سوق العمل، وذلك بتنظيم محاضرات توجية أكاديمي لتلميذات الصف التاسع الأساسي، ومهني لصفوف شهادة الثانوية العامة بجميع فروعها الأربعة، وزيارة المعارض والفرص المفتوحة لعرض الاختصاصات بحسب حاجات سوق العمل، ناهيكعن دعوة الجامعات والمعاهد والمؤسسات إلى الثانوية لإلقاء محاضرات توجيه مهني وأكاديمي.
٢- سعينا الى بناء شخصية المتعلم التي تتمتع بالأصالة والانفتاح، والقادرة على التكيف مع مقتضيات العصر بعقل انتقائي حاضر، وعلى التعايش مع الحياة الجماعية، والتعود على الجرأة في إبداء الرأي والدفاع عنه بلباقة واعتدال، واحترام الرأي الآخر. أي بناء شخصية المتعلم المنفتحة والقادرة على التكيف مع المجتمع، وذلك بتطوير التواصل داخل الثانوية وخارجها مع البيئة والمجتمع المحيط بها. ومن ضمن الخطوات التحديثية قمنا بتزويد الثانوية بلوحة حائط، ولوحة شرف يدرج عليها أسماء المتفوقات، ونتائج المباريات داخل الثانوية وخارجها، ناهيك عن تغذية الموقع الإلكتروني للثانوية بكل جديد، وكذلك تنظيم المحاضرات والندوات والمناقشات الحرة، وتنظيم المسابقات والمباريات الداخلية والحفلات، وذلك بدعوة شخصيات ثقافية واجتماعية وعلمية وفنية، والمشاركة في المسابقات التي تقام بين المدارس في لبنان وخارجه، وزيارة المعارض والمسارح ودور السينما، وتنظيم الرحلات للتعرف إلى الأماكن الأثرية، وتنظيم لقاءات مع الجمعيات الأهلية، وتشجيع المتعلم على استعمال الإنترنت للتواصل مع العالم الخارجي.
٣- تنمية مهارات المتعلم ورفع قدرته على الإبداع وإيجاد الحوافز والدوافع، وتوجيهه وتزويده بالخبرة العلمية والعملية التي تحقق التوازن بين عمليتي التربية والتعليم، من خلال الأنشطة اللاصفية الهادفة، التي تتمتع بوظائف بسيكولوجية وتربوية واجتماعية تعبر عن أهداف المدرسة، وتسهم في تنمية الميول والمواهب وتمضية أوقات فراغ المتعلمين في نشاط مثمر ومفيد ومتواز مع المناهج الأكاديمية، ما يساعد في تحقيق الصحة النفسية وإحدى السبل المهمة للتوجيه المهني.
فكثيراً ما تثير العملية التعليمية داخل الصفوف ميول المتعلمين للأنشطة الخارجية، كما أن عملية الأنشطة تثير مواقف تعلم تعود بالمتعلمين إلى الصفوف وتكون مصدراً للتعلم، أي أنها تعتبر جزءاً متكاملاً مع البرامج التعليمية. وعليه لقد وظفنا جميع طاقاتنا التربوية في سبيل تقدم وتشجيع هذه الأنشطة منذ العام ١٩٩١ . وقد تم تمويل هذه الأنشطة من صندوقي الثانوية ومجلس الأهل والمجتمع المحلي، وقد خصص جزء من برنامج المعلمين الموهوبين للإشراف عليها باعتبارها واجبات تربوية ضرورية، تساعد بمجالاتها المتنوعة على رفع مستوى الإنجاز وعلى تغيير السلوك في الاتجاه المرغوب.
وكذلك تعاقدنا مع أساتذة اختصاصيين للإشراف على الأندية الفنية حتى بلغ عدد الأندية ٢٣ نادياً في مختلف المجالات العلمية والفنية والثقافية والتربوية والوطنية والرياضية والاجتماعية، وكانت أساساً في تنمية الموارد البشرية المهمة، التي وجدت من أجلها البرامج والمناهج والمدرسة عامة، ألا وهي "المتعلّم" محور العملية التربوية والتعليمية.
وتتضمن الخطة التربوية مجموع الأنشطة اللاصفية التي يقبل عليها المتعلمون وفق قدراتهم وميولهم، مع إيجاد الحوافز والدوافع بحيث تحقق الأهداف التربوية المنشودة، سواء ارتبطت هذه الاهداف بتعليم المواد الدراسية أم باكتساب المعارف والمهارات والبحث العلمي، أم كانت أنشطة عملية داخل الصف أو خارجه، أم خلال العطل المدرسية ونهاية الأسبوع. على أن يؤدي كل ذلك إلى بناء القاعدة الفكرية الصحيحة، والثقافة الخاصة الواعية واستيعاب ما يلزم من مفاهيم وأفكار ونمو في خبرات المتعلمين، ضمن الخطوط العامة المرسومة للأنشطة اللاصفية التربوية الهادفة إلى تحقيق التوازن بين التربية المعرفية والثقافية، والتربية الروحية والجمالية وترسيخ الانتماء إلى الثانوية والوطن.
٤- ترسيخ انتماء المتعلم إلى مدرسته الرسمية للحصول على مواطن يؤمن بالمواطنة الحقيقية وبالتوازن الأخلاقي والسلوكي والنضوج الاجتماعي، حيث يحترم الأنظمة والقوانين ويعرف حقوقه وواجباته ويعترف للآخرين بها، ويوفي بالولاء لوطنه وجيشه واحترام رموزه. لقد قمنا من خلال أنشطتنا اللاصفيةوخلال حياتنا اليومية مع المتعلمين بطريقة غير مباشرة بتعميق انتمائهم إلى الثانوية والوطن، من خلال القيام بانشاد النشيد الوطني مع نشيد الثانوية يومياً صباحاً قبل الصعود إلى الصفوف، وبتنظيم الاحتفالات الوطنية وخصوصاً عيدي الاستقلال والتحرير، وبدفع التلميذات للمشاركة في المباريات الوطنية والاحتفالات، وقد قمنا بتنفيذ ٣ اناشيد وطنية هي: عام ١٩٩٩ "نشيد الإعصار" بمناسبة إعلان بيروت عاصمة ثقافية. وفي عام ٢٠٠٠ نشيد "وطن النصر" بمناسبة تحرير الجنوب، وقد قدم إلى فخامة العماد إميل لحود. وفي عام ٢٠٠٣ نشيد "يا جيشنا العظيم" قدم هدية الى الجيش اللبناني بشخص قائده العماد ميشال سليمان فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية اليوم. وكتب كلمات الأناشيد الأستاذ الشاعر لامع الحر والأستاذ حمد سليمان. وقام بتلحينها الأستاذ الموسيقي نبيل جعفر. وأدتها تلميذات الثانوية غناء وتمثيلاً. وقد قامت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بتحويلها إلى "ڤيديوكليب" وتعرض هذه الاناشيد على جميع أقنية التلفزة اللبنانية بمناسبة الأعياد الوطنية.
وفي عام ١٩٩٨ قمنا بتنفيذ نشيد خاص بالثانوية ملؤه الروح الوطنية، وتوصلت التلميذات إلى إضفاء هذه الروح على مجلة "فخر المستقبل" التي تصدرها الثانوية بأقلام تلميذاتها وإشراف أساتذتها، وذلك بالقيام بتحقيق ثابت في كل عدد عن جيشنا اللبناني البطل وأعماله البطولية، ودوره الإنمائي في مساعدة شعبه ومجتمعه خلال المحن المختلفة.
لا شك في أن عملية انتخابات مندوبات الصفوف في جميع السنوات المنهجية تعرف التلميذات إلى آلية عملية الترشيح والانتخاب السليمة، وتشركهن في صياغة حقوق وواجبات المندوبة وتحديد صلاحيات مجلس المندوبات داخل الثانوية. ولا شك في أن تشجيع التلميذات على الانخراط في أندية حقوق الإنسان والبيئة وعلم الاجتماع وخدمات التطوع ونادي مساندة ذوي الاحتياجات الخاصة، ترسخ في نفوسهن التربية على احترام حقوق الإنسان والمحافظة على البيئة والمشاركة في العمل التطوعي الإنساني وأخيراً تنمية روح المواطنة الحقيقية والديموقراطية.
وللمسرح أيضاً دور مهم وأساس، فقد استضفنا المسرح العسكري التابع لمديرية التوجيه في الجيش اللبناني حيث قدم ثلاث مسرحيات ابتداء من عام ١٩٩٦ ، على مسرح الثانوية وقد حرصنا على أن تكون المسرحيات التي قدمتها تلميذات نادي المسرح باللغة العربية ونادي المسرح باللغة الفرنسية، هادفة وذات مغزى تربوي ووطني وتوجيهي. تلك هي الخطة الاستراتيجية متضمنة الرؤية والرسالة التي حرصنا على تطبيقها، والتي انطلقنا منها في ادارة الثانوية مدة ثمانية عشر عاما، بموافقة من وزارة التربية والتعليم العالي، واشراف وتوجيه وتشجيع وتقدير من هيئة التفتيش التربوي، ومشاركة ومساندة هيئة تعليمية كرست حياتها واخلصت لمهنة التربية والتعليم، ومجلس أهل كريم متعاون ومتفهم، قدم كل ما من شأنه أن يرفع من مستوى المتعلمين، ودعم من مجتمع أهلي بجميع فئاته الرسمية والخاصة، وكان من نتيجة هذه الاستراتيجية التي اتبعتها أن تبوأت الثانوية المرتبة الأولى في لبنان في شهادة الثانوية العامة فرع الاقتصاد والاجتماع، في حزيران ٢٠٠٧ ، وذلك بفوز تلميذتها روزانا خليل، وكذلك تبوأت الثانوية المرتبة الأولى في محافظة بيروت في شهادة الثانوية العامة فرع علوم الحياة بفوز التلميذة سارة سلمان، وبلغت نسبة النجاح خلال العام ٢٠٠٧ ٩٨٪ مع نسبة عالية جداً من التقديرات، ودرجات متقدمة جداً في جميع فروع الثانوية العامة على صعيد لبنان ومحافظة بيروت، علما أن عدد المتقدمات للشهادات فاق ٢٥٠ تلميذة، وقد شرفني فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية بمنحي وسام الاستحقاق اللبناني الفضي في 23-3-2007.
ونخلص إلى القول أن أية نهضة اجتماعية كانت أم اقتصادية أم سياسية، لن تقوم لها قائمة ولن تتحقق أهدافها إلا إذا ارتكزت على أساس وعي تربوي يتناول المجتمع من مختلف جوانبه، ويشمل جميع فئاته وطبقاته. فالتربية عملية دائمة تمتد طوال حياة الفرد، وتشترك فيها مؤسسات المجتمع المختلفة، البيت والمدرسة والدولة والمجتمع المحلي والعالمي، بسبب الانفتاح والعولمة، وهي تتوجه إلى الشخصية الإنسانية بكاملها، بما تنطوي عليه من جسد وعقل وعاطفة، فتعمل على تمكين هذه الشخصية من النمو بانتظام وانسجام.