التثقيف الصحي في المدارس

د. سمير أنيس عمار مدير مدرسة دار الحكمة انترناشيونال بشامونالتثقيف الصحي في المدارس

إن الثقافة الصحية من أهم المواضيع التي تتداولها الهيئات الاجتماعية في العالم لما وصلت إليه البشرية من مشاكل صحية واجتماعية وبيئية مع ولوج القرن الواحد والعشرين. والتثقيف الصحي عبارة عن تقديم المعلومات الصحية المهمة لنشر التوعية والإدراك عند المواطن، إزاء تنامي خطورة وأهمية المشاكل الصحية، والطريق الى ذلك عبر تعريف الفرد ببيئته الصحية وتفهمه لما يجري في داخله، وكيف ينظم مسيرته الصحية وإرشاده وتوجيهه لردع كل المخاطر المحيطة به ولتغيير جميع الأوضاع التي تسبب هذه المشاكل.

 

فالصحة في مفهومها التقليدي هي الصحة الجسدية، ومع التطور العلمي والاجتماعي، أخذ مفهوم الصحة معنى آخر وأكثر شمولية. فالصحة اليوم ليست فقط الصحة الجسدية بل الصحة الشاملة بما فيها الجسدية والعاطفية وسلامة العقل والإحساس والأعصاب والتفاعل الاجتماعي والبيئة الإنسانية.

إن التثقيف الصحي لا يعني فقط التحدث عن المشاكل الصحية، بل هو بناء جسم سليم وعقل سليم، وخلق انسان سليم بكل معنى الكلمة، وزيادة نسبة الوعي والإدراك الصحي عنده ووقايته من جميع الأمراض والأخطار، واعتماد الغذاء الصحيح وتحسين وضعه البيئي والاجتماعي، ومدى تفاعل الإنسان مع مجتمعه وخصوصاً لناحية معرفته بطرق معالجة الآفات الاجتماعية ومدى تأثيرها على الصحة وكيفية الحماية منها.

فالتثقيف الصحي يساعد على حل وتجنب المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن بهدف تطوير الوعي وتحديث المعرفة والاتجاهات الفكرية التقليدية والممارسات الصحية، للنهوض بالمستوى الصحي العام، وبذلك فإن التثقيف الصحي يساعد الناس على تحسين سلوكهم الصحي، فعلى قدر ما تكون المعرفة الصحية جيدة وصحيحة يكون السلوك الصحي سليماً.

والتثقيف الصحي يقوم على نشر التوعية الصحية ليكون المواطن على اطلاع كامل على صحته وما يدور حوله من مشاكل وكيف يتعاطى معها. فكم من مشاريع قامت بها الوزارات المعنية والحكومات على مدى عشرات السنين من طباعة منشورات وإقامة ندوات وتنظيم مؤتمرات وحملات إعلامية لتعزيز الوعي الصحي والتثقيف الصحي للمواطنين، وإلقاء الضوء على بعض المشاكل الصحية والمستجدات الطارئة على الوضع الصحي العام، لكنها لم تصل إلى الغاية المطلوبة.

ونطرح السؤال حول كيفية النهوض بالتثقيف الصحي والوصول إلى الغاية المثلى أي الفرد، فلا بد من البدء بالطريق الصحيح وهو عبر الأطفال أي التلاميذ، ومن هنا لا بد من أن تكون هذه الخطوة منظمة للوصول إلى الرياضة المدرسية اساس متين للتربية الصحيةأهدافها، وذلك بإدخال مادة التربية الصحية في البرنامج التربوي المدرسي العام، حيث إن بنية المواطنين الصحيحة والصالحة تبدأ في المدرسة، وهنا يكون التلميذ الحجر الأساس في هذه البنية، فمثلما نلقنه علوماً عامة وعلوماً عن تكوينه البيولوجي والفيزيولوجي يجب أن يكون هناك ربط في المفاهيم العلمية التي تحدث معه، وكما نعرف فإنه في السنوات الأخيرة قد تغيّر الكثير من مفاهيم الوقاية الصحية بعد ازدياد الأمراض والمشاكل الغذائية وتغيّرُ طريقة العيش وغيرها. ومن هنا نقترح تعديل مادة التربية بالشكل العام بحيث تكون هذه المادة أكثر شمولية لجميع المواضيع الحياتية، فيقسم المنهج التربوي إلى محاور تربوية عدة، يكون الهدف منها الدمج في المفاهيم العامة، والغاية رفع المستوى الثقافي والمعلوماتي للمواطن، والمحاور ربما تقسم إلى الشكل الآتي: التربية المدنية - التربية الإجتماعية - التربية البيئية - التربية الصحية - التربية السلوكية - التربية على الأداب العامة وغيرها ... وهذا يؤدي إلى ثقافة عامة شاملة وموضوعية تتماشى مع هذا التطور الحياتي الهائل والسريع في مسلكنا اليومي.

وبما أننا نتطلع دائماً إلى إعداد التلميذ النموذجي للوصول إلى المجتمع النموذجي، فما لنا إلاّ التغيير في مفاهيمنا التقليدية للأمور التربوية نحو الأفضل، لأن التلميذ يبقى الركن الأساس في بناء المجتمع. ولتحقيق هذه الخطوة يجب التنسيق بين وزارة الصحة العامة و وزارة التربية ووزارة البيئة، حيث كما نعلم فإن هناك الكثير من  البرامج الصحية العامة والوقائية وبرامج التوعية في الوزارات لم تصل إلى الهدف المطلوب، وهنا يعاد السؤال: لماذا لا تكون هذه البرامج مادة تربوية تثقيفية في المدارس؟ وبهذا تكون شريحة كبيرة وأساسية من المجتمع قد تلقت هذه المعلومات. ومع الوقت يكون المجتمع بأكمله على علم واضطلاع بهذه المعلومات. ولا ننسى أن في كل بيت تلميذ سينقل هذه المعلومات إلى أهله فيكون بذلك قد أسهم ببناء جيل المستقبل المثقف.

وهنا لا بد من أن نفرق بين مفهوم الصحة المدرسية ومفهوم التربية الصحية (العلوم الصحية) فهما موضوعان مختلفان تماماً، فالصحة المدرسية هي مجموعة برامج تتبعها الدولة والمؤسسات تهدف إلى تعزيز صحة التلميذ والوقاية من الأمراض والحوادث ومساعدة أي تلميذ يعاني من وضع صحي غير سليم، بينما التربية الصحية هي إدخال العلوم الصحية في البرنامج المدرسي حيث تتضمن:

مفاهيم علم الصحة

يتعرف التلميذ من خلالها مدى تأثير العوامل الطبيعية (الهواء - الماء - المناخ - البيئة وغيرها) والعوامل الاجتماعية (العائلية - المعيشية - التغذية - السكنية والعمل وغيرها) المحيطة بجسم الإنسان وكيف تتأثر صحته بهذه العوامل، وأن يضطلع التلميذ بمعرفة القوانين للمؤثرات المضرة وغير الملائمة للصحة، والمعايير والمعدلات التي تضمن للناس أوضاعاً حياتية وعملية سليمة. على سبيل المثال المعدل والنسب المسموح بها من الشوائب والممزوجات السامة في المياه.

مفاهيم عامة على المسلك الصحي للفرد

يسلط الضوء على تنظيم أوقات العمل والراحة وكيف يكون النظام الغذائي الصحيح، وأهمية الرياضة ومفاعيلها على الصحة، أساليب النظافة المتبعة وتأثيرها على الجسم، والأهم من ذلك الحفاظ على نظام المعادلة في الجهاز العصبي - العاطفي في الحالات الصدامية، والامتناع عن العادات السيئة مثل التدخين والكحول، وإذا أخذنا مثلاً أساس أمراض القلب والشرايين: عدم الاهتمام بالنظام الغذائي - التدخين - عدم ممارسة الرياضة والتمارين الرياضية وقلة الحركة - الضغوطات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والمشاكل النفسية والعصبية.

مفاهيم عن الآداب الصحية العامة

تسليط الضوء على الآداب نظراً لتأثيرها في حياتنا اليومية وفي سلوكنا وتصرفاتنا وأخلاقنا، والآداب هي مظهر حضارتنا الإنسانية وهي نتاج النفس البشرية، وبذلك يكون الترابط بين هذا النتاج وبين الروح والجسد. فإذا كان الجسم سليماً كان العقل سليماً بنشاطه، ومنذ وجود الإنسان كان التركيز على سلامة الجسم، وكما قيل "وإنّ لبدنك عليكَ حقا". إنّ اللّه أودع هذا الجسد والروح فيه فعلينا أن نقوم بصيانته ونراعي أصول تكوينه بحيث يكون الجسد حقاً وفعلاً مرآة شفافة للذات. فعلينا معرفة المبادئ الأساسية بالحفاظ على نظافته وراحته وحمايته من العوامل الطبيعية مثل البرد والحر والشمس واختيار المأكولات الصحية المناسبة له وإبعاده عن المواد السامة والمؤثرة فيه، وضبط الأعصاب وترويض النفس والحواس، وأن نكون حذرين من أي خلل يصيبه أو أي مرض يتعرض له، فعلينا أن نتعلم آداب التعاطي مع المرض وكيف نأخذ الأمور بروية وببساطة، وكيف نقيّم الحالة المرضية، وكيف نتدارك الأمور ونستشير الطبيب ونبدأ بالعلاج حتى يعود الجسم إلى طبيعته. أن نتعلم آداب زيارة المريض، فإذا زرنا مريضاً فإنّها تأتي في سياق الإطمئنان والترفيه عن المريض ومواساته لا أن نسبب له إزعاجاً من تصرفات وكلام بصوت عال وأحاديث مملة وتوتر في الأجواء وإعطاء إرشادات عشوائية وغيرها...

أن نتعلم الحفاظ على الآداب بين الطبيب والمريض حيث ان هذه العلاقة يجب أن تقوم على أساس الاحترام والثقة بينهما وتراعي المبادئ والأصول.

وأن نتعلم آداب التعاطي مع المراكز الصحية، حيث كيفية التقيّد بقوانين وقراراتها المؤسسات الصحية وعدم عرقلة العاملين فيها.

مفاهيم عن التغذية الصحية والمشاكل الغذائية والطرق الصحية للغذاء

أن نعلّم التلاميذ أنّ الغذاء يلازم الصحة تلازماً غير قابل للجدل، فليس من صحة سليمة بلا غذاء متوازن. هذا التوازن الغذائي الدقيق الذي تحتمه حاجة الجسم إلى مقادير ثابتة ومحددة من المواد العضوية يسمى النظام الغذائي. فأن نعرف المكونات الغذائية من البروتينات والشحميات والسكريات والفيتامينات والأملاح ومكوناتها والمشاكل الصحية التي تسببها في حال نقصها، والعوارض المرضية التي تصيبنا من جراء ذلك. وأن نعلّم التلاميذ كيفية التقيد بمفاهيم الغذاء المتوازن والطرق الصحية للغذاء.

مخاطر الآفات الإجتماعية على الصحة

أن نسلّط الضوء على هذه الآفات الاجتماعية مثل التدخين والكحول والمخدرات والجنس وغيرها. وأن تُفهم بشكل علمي وواضح خصوصاً لناحية مدى تأثيرها في الصحة وماذا يحدث في الجسم من متغيرات وما تسببه من أذى للصحة والأمراض الناتجة منها.

فإذا أخذنا مثلاً المخدرات فإنها حالة تعلق جسدي ونفساني بمادة تؤثر في الجهاز العصبي المركزي تؤدي إلى حالة تعلق وخضوع من طريق الحاجة الملحة، وحالة إدمان تصاعدية واختلال في ميزان التغذية وبعدها إلى إصابة تدريجية للوظائف الحيوية فضلاً عن العزلة النفسية والاجتماعية التي تسببها. فإذا لم يتم تسليط الضوء على هذه الأمور بشكل علمي لإيضاح مدى خطورة هذه الآفات على الأجيال الشابة فإنها ستتسبب بكوارث كبيرة في المستقبل القريب.

إلقاء الضوء على كيفية الإسعافات الأولية في الحالات المرضية وحالات الطوارئ

أن يتعلم التلميذ كفرد من أفراد المجتمع بأن الحالات الطارئة هي جميع الحالات المرضية التي تتطلب تدخلاً سريعاً بالعلاج لإنقاذ المريض وهي تمارس في كل مكان وزمان، فعليه أن يعرف مبادئ الإسعافات الأولية في الحوادث المنزلية وحوادث السيارات والغرق والكسور والجروح والاختناق والتنفس الاصطناعي وغيره... وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه المعلومات تنقذ حياة الآخرين.

إلقاء الضوء على طبيعة الإسعافات و كيفية التصرف وكيفية مواجهة الكوارث الطبيعية

ليس من الممكن أن ننتظر الكوارث الطبيعية حتى نتعلم ماذا يجب أن نفعل. إن لبنان معرض لكوارث طبيعية مثل الحرائق والهزّات الأرضية والسيول والانهيارات وغيرها. فعلينا أن نعلم التلاميذ كيفية المساعدة في هذه الحالات. مثلاً أن نتعلم كيف ننقذ المصابين بالحروق وبحالات الاختناق أثناء الحرائق أو كيف نتصرف خلال الهزة الأرضية وبعد الهزة وكيفية المساعدة.

إلقاء الضوء على بعض الأمراض الأكثر إنتشاراً وكيفية التعاطي معها

أن نتعلم بشكل مبسط ماذا يحدث في جسم الإنسان عند المرض وكيف يحدد المرض من خلال العوارض المرضية، وإلقاء الضوء عليها وكيف نتصرف في حال حدوثه. وهنا ليس بالضرورة أن يكون كل فرد منا طبيباً، ولكن على كل فرد أن يتعرف إلى مرحلة ما قبل الطبيب منذ حدوث العارض الصحي حتى وصوله إلى الطبيب، فإذا كان تصرفنا صحيحاً في هذه المرحلة نكون قد ساعدنا في العلاج وخفضنا من إمكانية تفاقم العوارض المرضية، وهذا يساعد على رفع مستوى الثقافة الصحية عند المواطنين.

إلقاء الضوء على حالات الأوبئة وكيفية التعامل معها

أن يعرف التلميذ عن هذه الأمراض المعدية وحالات انتشار الأوبئة بين البشر حيث تُحدثها الجراثيم التي تهاجم الجسم وتحدث فيه تغيرات مرضية خطيرة. فعليه أن يعرف طبيعة هذه الأمراض وكيفية دخولها إلى الجسم والانتباه إلى العوارض التي تسببها وطرق الوقاية منها وكيفية تحديد انتشارها وغيرها من مواضيع صحية عامة تساعد على رفع مستوى التوعية الصحية للمواطن. ليُرفع الشعار ''العقل السليم (بمعناه الكبير) في الجسم السليم (بمعناه الشمولي) من أجل بناء مجتمع سليم (بمعناه النموذجي)".

التثقيف الصحي في المدارس

د. سمير أنيس عمار مدير مدرسة دار الحكمة انترناشيونال بشامونالتثقيف الصحي في المدارس

إن الثقافة الصحية من أهم المواضيع التي تتداولها الهيئات الاجتماعية في العالم لما وصلت إليه البشرية من مشاكل صحية واجتماعية وبيئية مع ولوج القرن الواحد والعشرين. والتثقيف الصحي عبارة عن تقديم المعلومات الصحية المهمة لنشر التوعية والإدراك عند المواطن، إزاء تنامي خطورة وأهمية المشاكل الصحية، والطريق الى ذلك عبر تعريف الفرد ببيئته الصحية وتفهمه لما يجري في داخله، وكيف ينظم مسيرته الصحية وإرشاده وتوجيهه لردع كل المخاطر المحيطة به ولتغيير جميع الأوضاع التي تسبب هذه المشاكل.

 

فالصحة في مفهومها التقليدي هي الصحة الجسدية، ومع التطور العلمي والاجتماعي، أخذ مفهوم الصحة معنى آخر وأكثر شمولية. فالصحة اليوم ليست فقط الصحة الجسدية بل الصحة الشاملة بما فيها الجسدية والعاطفية وسلامة العقل والإحساس والأعصاب والتفاعل الاجتماعي والبيئة الإنسانية.

إن التثقيف الصحي لا يعني فقط التحدث عن المشاكل الصحية، بل هو بناء جسم سليم وعقل سليم، وخلق انسان سليم بكل معنى الكلمة، وزيادة نسبة الوعي والإدراك الصحي عنده ووقايته من جميع الأمراض والأخطار، واعتماد الغذاء الصحيح وتحسين وضعه البيئي والاجتماعي، ومدى تفاعل الإنسان مع مجتمعه وخصوصاً لناحية معرفته بطرق معالجة الآفات الاجتماعية ومدى تأثيرها على الصحة وكيفية الحماية منها.

فالتثقيف الصحي يساعد على حل وتجنب المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن بهدف تطوير الوعي وتحديث المعرفة والاتجاهات الفكرية التقليدية والممارسات الصحية، للنهوض بالمستوى الصحي العام، وبذلك فإن التثقيف الصحي يساعد الناس على تحسين سلوكهم الصحي، فعلى قدر ما تكون المعرفة الصحية جيدة وصحيحة يكون السلوك الصحي سليماً.

والتثقيف الصحي يقوم على نشر التوعية الصحية ليكون المواطن على اطلاع كامل على صحته وما يدور حوله من مشاكل وكيف يتعاطى معها. فكم من مشاريع قامت بها الوزارات المعنية والحكومات على مدى عشرات السنين من طباعة منشورات وإقامة ندوات وتنظيم مؤتمرات وحملات إعلامية لتعزيز الوعي الصحي والتثقيف الصحي للمواطنين، وإلقاء الضوء على بعض المشاكل الصحية والمستجدات الطارئة على الوضع الصحي العام، لكنها لم تصل إلى الغاية المطلوبة.

ونطرح السؤال حول كيفية النهوض بالتثقيف الصحي والوصول إلى الغاية المثلى أي الفرد، فلا بد من البدء بالطريق الصحيح وهو عبر الأطفال أي التلاميذ، ومن هنا لا بد من أن تكون هذه الخطوة منظمة للوصول إلى الرياضة المدرسية اساس متين للتربية الصحيةأهدافها، وذلك بإدخال مادة التربية الصحية في البرنامج التربوي المدرسي العام، حيث إن بنية المواطنين الصحيحة والصالحة تبدأ في المدرسة، وهنا يكون التلميذ الحجر الأساس في هذه البنية، فمثلما نلقنه علوماً عامة وعلوماً عن تكوينه البيولوجي والفيزيولوجي يجب أن يكون هناك ربط في المفاهيم العلمية التي تحدث معه، وكما نعرف فإنه في السنوات الأخيرة قد تغيّر الكثير من مفاهيم الوقاية الصحية بعد ازدياد الأمراض والمشاكل الغذائية وتغيّرُ طريقة العيش وغيرها. ومن هنا نقترح تعديل مادة التربية بالشكل العام بحيث تكون هذه المادة أكثر شمولية لجميع المواضيع الحياتية، فيقسم المنهج التربوي إلى محاور تربوية عدة، يكون الهدف منها الدمج في المفاهيم العامة، والغاية رفع المستوى الثقافي والمعلوماتي للمواطن، والمحاور ربما تقسم إلى الشكل الآتي: التربية المدنية - التربية الإجتماعية - التربية البيئية - التربية الصحية - التربية السلوكية - التربية على الأداب العامة وغيرها ... وهذا يؤدي إلى ثقافة عامة شاملة وموضوعية تتماشى مع هذا التطور الحياتي الهائل والسريع في مسلكنا اليومي.

وبما أننا نتطلع دائماً إلى إعداد التلميذ النموذجي للوصول إلى المجتمع النموذجي، فما لنا إلاّ التغيير في مفاهيمنا التقليدية للأمور التربوية نحو الأفضل، لأن التلميذ يبقى الركن الأساس في بناء المجتمع. ولتحقيق هذه الخطوة يجب التنسيق بين وزارة الصحة العامة و وزارة التربية ووزارة البيئة، حيث كما نعلم فإن هناك الكثير من  البرامج الصحية العامة والوقائية وبرامج التوعية في الوزارات لم تصل إلى الهدف المطلوب، وهنا يعاد السؤال: لماذا لا تكون هذه البرامج مادة تربوية تثقيفية في المدارس؟ وبهذا تكون شريحة كبيرة وأساسية من المجتمع قد تلقت هذه المعلومات. ومع الوقت يكون المجتمع بأكمله على علم واضطلاع بهذه المعلومات. ولا ننسى أن في كل بيت تلميذ سينقل هذه المعلومات إلى أهله فيكون بذلك قد أسهم ببناء جيل المستقبل المثقف.

وهنا لا بد من أن نفرق بين مفهوم الصحة المدرسية ومفهوم التربية الصحية (العلوم الصحية) فهما موضوعان مختلفان تماماً، فالصحة المدرسية هي مجموعة برامج تتبعها الدولة والمؤسسات تهدف إلى تعزيز صحة التلميذ والوقاية من الأمراض والحوادث ومساعدة أي تلميذ يعاني من وضع صحي غير سليم، بينما التربية الصحية هي إدخال العلوم الصحية في البرنامج المدرسي حيث تتضمن:

مفاهيم علم الصحة

يتعرف التلميذ من خلالها مدى تأثير العوامل الطبيعية (الهواء - الماء - المناخ - البيئة وغيرها) والعوامل الاجتماعية (العائلية - المعيشية - التغذية - السكنية والعمل وغيرها) المحيطة بجسم الإنسان وكيف تتأثر صحته بهذه العوامل، وأن يضطلع التلميذ بمعرفة القوانين للمؤثرات المضرة وغير الملائمة للصحة، والمعايير والمعدلات التي تضمن للناس أوضاعاً حياتية وعملية سليمة. على سبيل المثال المعدل والنسب المسموح بها من الشوائب والممزوجات السامة في المياه.

مفاهيم عامة على المسلك الصحي للفرد

يسلط الضوء على تنظيم أوقات العمل والراحة وكيف يكون النظام الغذائي الصحيح، وأهمية الرياضة ومفاعيلها على الصحة، أساليب النظافة المتبعة وتأثيرها على الجسم، والأهم من ذلك الحفاظ على نظام المعادلة في الجهاز العصبي - العاطفي في الحالات الصدامية، والامتناع عن العادات السيئة مثل التدخين والكحول، وإذا أخذنا مثلاً أساس أمراض القلب والشرايين: عدم الاهتمام بالنظام الغذائي - التدخين - عدم ممارسة الرياضة والتمارين الرياضية وقلة الحركة - الضغوطات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والمشاكل النفسية والعصبية.

مفاهيم عن الآداب الصحية العامة

تسليط الضوء على الآداب نظراً لتأثيرها في حياتنا اليومية وفي سلوكنا وتصرفاتنا وأخلاقنا، والآداب هي مظهر حضارتنا الإنسانية وهي نتاج النفس البشرية، وبذلك يكون الترابط بين هذا النتاج وبين الروح والجسد. فإذا كان الجسم سليماً كان العقل سليماً بنشاطه، ومنذ وجود الإنسان كان التركيز على سلامة الجسم، وكما قيل "وإنّ لبدنك عليكَ حقا". إنّ اللّه أودع هذا الجسد والروح فيه فعلينا أن نقوم بصيانته ونراعي أصول تكوينه بحيث يكون الجسد حقاً وفعلاً مرآة شفافة للذات. فعلينا معرفة المبادئ الأساسية بالحفاظ على نظافته وراحته وحمايته من العوامل الطبيعية مثل البرد والحر والشمس واختيار المأكولات الصحية المناسبة له وإبعاده عن المواد السامة والمؤثرة فيه، وضبط الأعصاب وترويض النفس والحواس، وأن نكون حذرين من أي خلل يصيبه أو أي مرض يتعرض له، فعلينا أن نتعلم آداب التعاطي مع المرض وكيف نأخذ الأمور بروية وببساطة، وكيف نقيّم الحالة المرضية، وكيف نتدارك الأمور ونستشير الطبيب ونبدأ بالعلاج حتى يعود الجسم إلى طبيعته. أن نتعلم آداب زيارة المريض، فإذا زرنا مريضاً فإنّها تأتي في سياق الإطمئنان والترفيه عن المريض ومواساته لا أن نسبب له إزعاجاً من تصرفات وكلام بصوت عال وأحاديث مملة وتوتر في الأجواء وإعطاء إرشادات عشوائية وغيرها...

أن نتعلم الحفاظ على الآداب بين الطبيب والمريض حيث ان هذه العلاقة يجب أن تقوم على أساس الاحترام والثقة بينهما وتراعي المبادئ والأصول.

وأن نتعلم آداب التعاطي مع المراكز الصحية، حيث كيفية التقيّد بقوانين وقراراتها المؤسسات الصحية وعدم عرقلة العاملين فيها.

مفاهيم عن التغذية الصحية والمشاكل الغذائية والطرق الصحية للغذاء

أن نعلّم التلاميذ أنّ الغذاء يلازم الصحة تلازماً غير قابل للجدل، فليس من صحة سليمة بلا غذاء متوازن. هذا التوازن الغذائي الدقيق الذي تحتمه حاجة الجسم إلى مقادير ثابتة ومحددة من المواد العضوية يسمى النظام الغذائي. فأن نعرف المكونات الغذائية من البروتينات والشحميات والسكريات والفيتامينات والأملاح ومكوناتها والمشاكل الصحية التي تسببها في حال نقصها، والعوارض المرضية التي تصيبنا من جراء ذلك. وأن نعلّم التلاميذ كيفية التقيد بمفاهيم الغذاء المتوازن والطرق الصحية للغذاء.

مخاطر الآفات الإجتماعية على الصحة

أن نسلّط الضوء على هذه الآفات الاجتماعية مثل التدخين والكحول والمخدرات والجنس وغيرها. وأن تُفهم بشكل علمي وواضح خصوصاً لناحية مدى تأثيرها في الصحة وماذا يحدث في الجسم من متغيرات وما تسببه من أذى للصحة والأمراض الناتجة منها.

فإذا أخذنا مثلاً المخدرات فإنها حالة تعلق جسدي ونفساني بمادة تؤثر في الجهاز العصبي المركزي تؤدي إلى حالة تعلق وخضوع من طريق الحاجة الملحة، وحالة إدمان تصاعدية واختلال في ميزان التغذية وبعدها إلى إصابة تدريجية للوظائف الحيوية فضلاً عن العزلة النفسية والاجتماعية التي تسببها. فإذا لم يتم تسليط الضوء على هذه الأمور بشكل علمي لإيضاح مدى خطورة هذه الآفات على الأجيال الشابة فإنها ستتسبب بكوارث كبيرة في المستقبل القريب.

إلقاء الضوء على كيفية الإسعافات الأولية في الحالات المرضية وحالات الطوارئ

أن يتعلم التلميذ كفرد من أفراد المجتمع بأن الحالات الطارئة هي جميع الحالات المرضية التي تتطلب تدخلاً سريعاً بالعلاج لإنقاذ المريض وهي تمارس في كل مكان وزمان، فعليه أن يعرف مبادئ الإسعافات الأولية في الحوادث المنزلية وحوادث السيارات والغرق والكسور والجروح والاختناق والتنفس الاصطناعي وغيره... وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه المعلومات تنقذ حياة الآخرين.

إلقاء الضوء على طبيعة الإسعافات و كيفية التصرف وكيفية مواجهة الكوارث الطبيعية

ليس من الممكن أن ننتظر الكوارث الطبيعية حتى نتعلم ماذا يجب أن نفعل. إن لبنان معرض لكوارث طبيعية مثل الحرائق والهزّات الأرضية والسيول والانهيارات وغيرها. فعلينا أن نعلم التلاميذ كيفية المساعدة في هذه الحالات. مثلاً أن نتعلم كيف ننقذ المصابين بالحروق وبحالات الاختناق أثناء الحرائق أو كيف نتصرف خلال الهزة الأرضية وبعد الهزة وكيفية المساعدة.

إلقاء الضوء على بعض الأمراض الأكثر إنتشاراً وكيفية التعاطي معها

أن نتعلم بشكل مبسط ماذا يحدث في جسم الإنسان عند المرض وكيف يحدد المرض من خلال العوارض المرضية، وإلقاء الضوء عليها وكيف نتصرف في حال حدوثه. وهنا ليس بالضرورة أن يكون كل فرد منا طبيباً، ولكن على كل فرد أن يتعرف إلى مرحلة ما قبل الطبيب منذ حدوث العارض الصحي حتى وصوله إلى الطبيب، فإذا كان تصرفنا صحيحاً في هذه المرحلة نكون قد ساعدنا في العلاج وخفضنا من إمكانية تفاقم العوارض المرضية، وهذا يساعد على رفع مستوى الثقافة الصحية عند المواطنين.

إلقاء الضوء على حالات الأوبئة وكيفية التعامل معها

أن يعرف التلميذ عن هذه الأمراض المعدية وحالات انتشار الأوبئة بين البشر حيث تُحدثها الجراثيم التي تهاجم الجسم وتحدث فيه تغيرات مرضية خطيرة. فعليه أن يعرف طبيعة هذه الأمراض وكيفية دخولها إلى الجسم والانتباه إلى العوارض التي تسببها وطرق الوقاية منها وكيفية تحديد انتشارها وغيرها من مواضيع صحية عامة تساعد على رفع مستوى التوعية الصحية للمواطن. ليُرفع الشعار ''العقل السليم (بمعناه الكبير) في الجسم السليم (بمعناه الشمولي) من أجل بناء مجتمع سليم (بمعناه النموذجي)".

التثقيف الصحي في المدارس

د. سمير أنيس عمار مدير مدرسة دار الحكمة انترناشيونال بشامونالتثقيف الصحي في المدارس

إن الثقافة الصحية من أهم المواضيع التي تتداولها الهيئات الاجتماعية في العالم لما وصلت إليه البشرية من مشاكل صحية واجتماعية وبيئية مع ولوج القرن الواحد والعشرين. والتثقيف الصحي عبارة عن تقديم المعلومات الصحية المهمة لنشر التوعية والإدراك عند المواطن، إزاء تنامي خطورة وأهمية المشاكل الصحية، والطريق الى ذلك عبر تعريف الفرد ببيئته الصحية وتفهمه لما يجري في داخله، وكيف ينظم مسيرته الصحية وإرشاده وتوجيهه لردع كل المخاطر المحيطة به ولتغيير جميع الأوضاع التي تسبب هذه المشاكل.

 

فالصحة في مفهومها التقليدي هي الصحة الجسدية، ومع التطور العلمي والاجتماعي، أخذ مفهوم الصحة معنى آخر وأكثر شمولية. فالصحة اليوم ليست فقط الصحة الجسدية بل الصحة الشاملة بما فيها الجسدية والعاطفية وسلامة العقل والإحساس والأعصاب والتفاعل الاجتماعي والبيئة الإنسانية.

إن التثقيف الصحي لا يعني فقط التحدث عن المشاكل الصحية، بل هو بناء جسم سليم وعقل سليم، وخلق انسان سليم بكل معنى الكلمة، وزيادة نسبة الوعي والإدراك الصحي عنده ووقايته من جميع الأمراض والأخطار، واعتماد الغذاء الصحيح وتحسين وضعه البيئي والاجتماعي، ومدى تفاعل الإنسان مع مجتمعه وخصوصاً لناحية معرفته بطرق معالجة الآفات الاجتماعية ومدى تأثيرها على الصحة وكيفية الحماية منها.

فالتثقيف الصحي يساعد على حل وتجنب المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن بهدف تطوير الوعي وتحديث المعرفة والاتجاهات الفكرية التقليدية والممارسات الصحية، للنهوض بالمستوى الصحي العام، وبذلك فإن التثقيف الصحي يساعد الناس على تحسين سلوكهم الصحي، فعلى قدر ما تكون المعرفة الصحية جيدة وصحيحة يكون السلوك الصحي سليماً.

والتثقيف الصحي يقوم على نشر التوعية الصحية ليكون المواطن على اطلاع كامل على صحته وما يدور حوله من مشاكل وكيف يتعاطى معها. فكم من مشاريع قامت بها الوزارات المعنية والحكومات على مدى عشرات السنين من طباعة منشورات وإقامة ندوات وتنظيم مؤتمرات وحملات إعلامية لتعزيز الوعي الصحي والتثقيف الصحي للمواطنين، وإلقاء الضوء على بعض المشاكل الصحية والمستجدات الطارئة على الوضع الصحي العام، لكنها لم تصل إلى الغاية المطلوبة.

ونطرح السؤال حول كيفية النهوض بالتثقيف الصحي والوصول إلى الغاية المثلى أي الفرد، فلا بد من البدء بالطريق الصحيح وهو عبر الأطفال أي التلاميذ، ومن هنا لا بد من أن تكون هذه الخطوة منظمة للوصول إلى الرياضة المدرسية اساس متين للتربية الصحيةأهدافها، وذلك بإدخال مادة التربية الصحية في البرنامج التربوي المدرسي العام، حيث إن بنية المواطنين الصحيحة والصالحة تبدأ في المدرسة، وهنا يكون التلميذ الحجر الأساس في هذه البنية، فمثلما نلقنه علوماً عامة وعلوماً عن تكوينه البيولوجي والفيزيولوجي يجب أن يكون هناك ربط في المفاهيم العلمية التي تحدث معه، وكما نعرف فإنه في السنوات الأخيرة قد تغيّر الكثير من مفاهيم الوقاية الصحية بعد ازدياد الأمراض والمشاكل الغذائية وتغيّرُ طريقة العيش وغيرها. ومن هنا نقترح تعديل مادة التربية بالشكل العام بحيث تكون هذه المادة أكثر شمولية لجميع المواضيع الحياتية، فيقسم المنهج التربوي إلى محاور تربوية عدة، يكون الهدف منها الدمج في المفاهيم العامة، والغاية رفع المستوى الثقافي والمعلوماتي للمواطن، والمحاور ربما تقسم إلى الشكل الآتي: التربية المدنية - التربية الإجتماعية - التربية البيئية - التربية الصحية - التربية السلوكية - التربية على الأداب العامة وغيرها ... وهذا يؤدي إلى ثقافة عامة شاملة وموضوعية تتماشى مع هذا التطور الحياتي الهائل والسريع في مسلكنا اليومي.

وبما أننا نتطلع دائماً إلى إعداد التلميذ النموذجي للوصول إلى المجتمع النموذجي، فما لنا إلاّ التغيير في مفاهيمنا التقليدية للأمور التربوية نحو الأفضل، لأن التلميذ يبقى الركن الأساس في بناء المجتمع. ولتحقيق هذه الخطوة يجب التنسيق بين وزارة الصحة العامة و وزارة التربية ووزارة البيئة، حيث كما نعلم فإن هناك الكثير من  البرامج الصحية العامة والوقائية وبرامج التوعية في الوزارات لم تصل إلى الهدف المطلوب، وهنا يعاد السؤال: لماذا لا تكون هذه البرامج مادة تربوية تثقيفية في المدارس؟ وبهذا تكون شريحة كبيرة وأساسية من المجتمع قد تلقت هذه المعلومات. ومع الوقت يكون المجتمع بأكمله على علم واضطلاع بهذه المعلومات. ولا ننسى أن في كل بيت تلميذ سينقل هذه المعلومات إلى أهله فيكون بذلك قد أسهم ببناء جيل المستقبل المثقف.

وهنا لا بد من أن نفرق بين مفهوم الصحة المدرسية ومفهوم التربية الصحية (العلوم الصحية) فهما موضوعان مختلفان تماماً، فالصحة المدرسية هي مجموعة برامج تتبعها الدولة والمؤسسات تهدف إلى تعزيز صحة التلميذ والوقاية من الأمراض والحوادث ومساعدة أي تلميذ يعاني من وضع صحي غير سليم، بينما التربية الصحية هي إدخال العلوم الصحية في البرنامج المدرسي حيث تتضمن:

مفاهيم علم الصحة

يتعرف التلميذ من خلالها مدى تأثير العوامل الطبيعية (الهواء - الماء - المناخ - البيئة وغيرها) والعوامل الاجتماعية (العائلية - المعيشية - التغذية - السكنية والعمل وغيرها) المحيطة بجسم الإنسان وكيف تتأثر صحته بهذه العوامل، وأن يضطلع التلميذ بمعرفة القوانين للمؤثرات المضرة وغير الملائمة للصحة، والمعايير والمعدلات التي تضمن للناس أوضاعاً حياتية وعملية سليمة. على سبيل المثال المعدل والنسب المسموح بها من الشوائب والممزوجات السامة في المياه.

مفاهيم عامة على المسلك الصحي للفرد

يسلط الضوء على تنظيم أوقات العمل والراحة وكيف يكون النظام الغذائي الصحيح، وأهمية الرياضة ومفاعيلها على الصحة، أساليب النظافة المتبعة وتأثيرها على الجسم، والأهم من ذلك الحفاظ على نظام المعادلة في الجهاز العصبي - العاطفي في الحالات الصدامية، والامتناع عن العادات السيئة مثل التدخين والكحول، وإذا أخذنا مثلاً أساس أمراض القلب والشرايين: عدم الاهتمام بالنظام الغذائي - التدخين - عدم ممارسة الرياضة والتمارين الرياضية وقلة الحركة - الضغوطات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والمشاكل النفسية والعصبية.

مفاهيم عن الآداب الصحية العامة

تسليط الضوء على الآداب نظراً لتأثيرها في حياتنا اليومية وفي سلوكنا وتصرفاتنا وأخلاقنا، والآداب هي مظهر حضارتنا الإنسانية وهي نتاج النفس البشرية، وبذلك يكون الترابط بين هذا النتاج وبين الروح والجسد. فإذا كان الجسم سليماً كان العقل سليماً بنشاطه، ومنذ وجود الإنسان كان التركيز على سلامة الجسم، وكما قيل "وإنّ لبدنك عليكَ حقا". إنّ اللّه أودع هذا الجسد والروح فيه فعلينا أن نقوم بصيانته ونراعي أصول تكوينه بحيث يكون الجسد حقاً وفعلاً مرآة شفافة للذات. فعلينا معرفة المبادئ الأساسية بالحفاظ على نظافته وراحته وحمايته من العوامل الطبيعية مثل البرد والحر والشمس واختيار المأكولات الصحية المناسبة له وإبعاده عن المواد السامة والمؤثرة فيه، وضبط الأعصاب وترويض النفس والحواس، وأن نكون حذرين من أي خلل يصيبه أو أي مرض يتعرض له، فعلينا أن نتعلم آداب التعاطي مع المرض وكيف نأخذ الأمور بروية وببساطة، وكيف نقيّم الحالة المرضية، وكيف نتدارك الأمور ونستشير الطبيب ونبدأ بالعلاج حتى يعود الجسم إلى طبيعته. أن نتعلم آداب زيارة المريض، فإذا زرنا مريضاً فإنّها تأتي في سياق الإطمئنان والترفيه عن المريض ومواساته لا أن نسبب له إزعاجاً من تصرفات وكلام بصوت عال وأحاديث مملة وتوتر في الأجواء وإعطاء إرشادات عشوائية وغيرها...

أن نتعلم الحفاظ على الآداب بين الطبيب والمريض حيث ان هذه العلاقة يجب أن تقوم على أساس الاحترام والثقة بينهما وتراعي المبادئ والأصول.

وأن نتعلم آداب التعاطي مع المراكز الصحية، حيث كيفية التقيّد بقوانين وقراراتها المؤسسات الصحية وعدم عرقلة العاملين فيها.

مفاهيم عن التغذية الصحية والمشاكل الغذائية والطرق الصحية للغذاء

أن نعلّم التلاميذ أنّ الغذاء يلازم الصحة تلازماً غير قابل للجدل، فليس من صحة سليمة بلا غذاء متوازن. هذا التوازن الغذائي الدقيق الذي تحتمه حاجة الجسم إلى مقادير ثابتة ومحددة من المواد العضوية يسمى النظام الغذائي. فأن نعرف المكونات الغذائية من البروتينات والشحميات والسكريات والفيتامينات والأملاح ومكوناتها والمشاكل الصحية التي تسببها في حال نقصها، والعوارض المرضية التي تصيبنا من جراء ذلك. وأن نعلّم التلاميذ كيفية التقيد بمفاهيم الغذاء المتوازن والطرق الصحية للغذاء.

مخاطر الآفات الإجتماعية على الصحة

أن نسلّط الضوء على هذه الآفات الاجتماعية مثل التدخين والكحول والمخدرات والجنس وغيرها. وأن تُفهم بشكل علمي وواضح خصوصاً لناحية مدى تأثيرها في الصحة وماذا يحدث في الجسم من متغيرات وما تسببه من أذى للصحة والأمراض الناتجة منها.

فإذا أخذنا مثلاً المخدرات فإنها حالة تعلق جسدي ونفساني بمادة تؤثر في الجهاز العصبي المركزي تؤدي إلى حالة تعلق وخضوع من طريق الحاجة الملحة، وحالة إدمان تصاعدية واختلال في ميزان التغذية وبعدها إلى إصابة تدريجية للوظائف الحيوية فضلاً عن العزلة النفسية والاجتماعية التي تسببها. فإذا لم يتم تسليط الضوء على هذه الأمور بشكل علمي لإيضاح مدى خطورة هذه الآفات على الأجيال الشابة فإنها ستتسبب بكوارث كبيرة في المستقبل القريب.

إلقاء الضوء على كيفية الإسعافات الأولية في الحالات المرضية وحالات الطوارئ

أن يتعلم التلميذ كفرد من أفراد المجتمع بأن الحالات الطارئة هي جميع الحالات المرضية التي تتطلب تدخلاً سريعاً بالعلاج لإنقاذ المريض وهي تمارس في كل مكان وزمان، فعليه أن يعرف مبادئ الإسعافات الأولية في الحوادث المنزلية وحوادث السيارات والغرق والكسور والجروح والاختناق والتنفس الاصطناعي وغيره... وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه المعلومات تنقذ حياة الآخرين.

إلقاء الضوء على طبيعة الإسعافات و كيفية التصرف وكيفية مواجهة الكوارث الطبيعية

ليس من الممكن أن ننتظر الكوارث الطبيعية حتى نتعلم ماذا يجب أن نفعل. إن لبنان معرض لكوارث طبيعية مثل الحرائق والهزّات الأرضية والسيول والانهيارات وغيرها. فعلينا أن نعلم التلاميذ كيفية المساعدة في هذه الحالات. مثلاً أن نتعلم كيف ننقذ المصابين بالحروق وبحالات الاختناق أثناء الحرائق أو كيف نتصرف خلال الهزة الأرضية وبعد الهزة وكيفية المساعدة.

إلقاء الضوء على بعض الأمراض الأكثر إنتشاراً وكيفية التعاطي معها

أن نتعلم بشكل مبسط ماذا يحدث في جسم الإنسان عند المرض وكيف يحدد المرض من خلال العوارض المرضية، وإلقاء الضوء عليها وكيف نتصرف في حال حدوثه. وهنا ليس بالضرورة أن يكون كل فرد منا طبيباً، ولكن على كل فرد أن يتعرف إلى مرحلة ما قبل الطبيب منذ حدوث العارض الصحي حتى وصوله إلى الطبيب، فإذا كان تصرفنا صحيحاً في هذه المرحلة نكون قد ساعدنا في العلاج وخفضنا من إمكانية تفاقم العوارض المرضية، وهذا يساعد على رفع مستوى الثقافة الصحية عند المواطنين.

إلقاء الضوء على حالات الأوبئة وكيفية التعامل معها

أن يعرف التلميذ عن هذه الأمراض المعدية وحالات انتشار الأوبئة بين البشر حيث تُحدثها الجراثيم التي تهاجم الجسم وتحدث فيه تغيرات مرضية خطيرة. فعليه أن يعرف طبيعة هذه الأمراض وكيفية دخولها إلى الجسم والانتباه إلى العوارض التي تسببها وطرق الوقاية منها وكيفية تحديد انتشارها وغيرها من مواضيع صحية عامة تساعد على رفع مستوى التوعية الصحية للمواطن. ليُرفع الشعار ''العقل السليم (بمعناه الكبير) في الجسم السليم (بمعناه الشمولي) من أجل بناء مجتمع سليم (بمعناه النموذجي)".