لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة

لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّةلوحة الغلاف للفنان حسين ماضي (مواليد١٩٣٨)
 

 

 

بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة جذبته منذ طفولته، خربشة طفوليّة على هوامش صفحات الكتب، كأنّه بلا وعيه استشعر استلهامًا للفن الإسلامي. درس في العام ١٩٥٨ لمدّة أربع سنوات في الأكاديميّة اللّبنانيّة (ألبا)، مارس تجربته الأولى كرسّام في الصّحافة في جريدتيّ ''الكفاح'' و ''اليوم'' ومجلّة ''الأحد'' حيث شغف بالطّباعة وراكم خبرة في الرّسم الطّباعيّ ما جعله يعيش فترة طويلة بين الأحرف والكلمات والكتابات. سافر إلى روما ودرس فيها لمدّة ثلاث سنوات حيث درس الموزاييك والفرسك وصبّ البرونز والنّحت، وعمل على صبّ العديد من منحوتاته في محترف الفنّان الإيطالي ''ماريوكوتا''. كما تعلّم فن الحفر في محترف مدير معهد الفنون الجميلة في روما - ماكاري.
كان مهجوسًا، بالتّراث العربي الإسلاميّ، حيث قدّم في روما أطروحته حول ''منشأ وتطوّر فن الخطّ العربيّ'' الّذي أتاح له، أن يتعرّف كتابات جميلة من مختلف البلدان العربيّة والإسلاميّة، ثم انبهر بجمال ونظام بناء الحرف العربي، لكنّ الفنّان رفض بالاعتماد على ''قدرته الرؤيويّة'' ودراسته ''التّوثيقيّة''، أن يكون للحرف أيّة دلالة تعبيريّة، بالمعنى التّشكيليّ للكلمة، فالخطّ بالنّسبة له يختزن أشكالاً تنساب على رؤوس حادّة، تعرض وتضيق وتتّسع وتنتهي بزاوية حادّة، أمّا التّشكيلات الّتي زخر بها الخطّ العربي فهي بالنّسبة له إضافة تزيينيّة لا علاقة لها بطبيعته.
إنّ استلهام الخطّ بالشّكل الّذي تمّ خلال فترة تاريخيّة في المجال العربي، يُعدّ، وفقًا لرأي ''ماضي''، افتئاتًا عليه وانتقاصًا منه، فوظيفة الخطّ واضحة ولا يمكن إلصاق قِيَم مضافة به، فإذا لوَّنّاه واجتزأناه في مساحات مغايرة لحقيقته نسيء إليه، بذلك نخفي شخصيّته ونغتاله. فالحرف العربي لا يقبل التّحوير في سبيل التّعبير، لأنّه يُضَيّعِ هويتّه ويخسر وظيفته.
ولأنّ الفنّان مسكون بالقِيَم الجماليّة للخطّ العربي ومسكون أيضًا بالطّبيعة الّتي هي مصدر لكلّ تشكيل، رغب، أن يعيد الشّكل إلى صفائه الأوّل، من خلال تشريحه لبنيان الحرف، الّذي يستمدّ اختزاليّته من الطّبيعة ذاتها، وهكذا بنى الفنّان منهجًا فنّيًا خاصًّا، حيث استوحى شكل الطّير والنّبات، وصورة المرأة والحصان والوردة والورقة... وفق طبيعة بنية الحرف المختزلة، كلّها حركات تنساب على رؤوس وزوايا حادّة. بنى الشّكل على القاعدة نفسها الّتي بنى عليها الحرف العربي.
هكذا نجد منطق البناء عند ''ماضي''، مغايرًا لبنائيّة المدرسة الحروفيّة، فهو لم يأخذ الكتابة أو شكلانيّة الخطّ العربيّ كمفردة لعمله الفنّي، بل إنّه استلهم الأدوات والتّقنيّات والقيَم الّتي ولّدها فن الخطّ، من دون أن يستند إلى كتابة أو شكلانيّة أو دلالات لغويّة أو زخرفيّة، كذلك فإنّك تكاد لا تجد حرفًا في صوره، ولكنّك تجد اتّصالاً واضحًا. لقد استطاع الفنّان، كما يبرز من عمله هذا، أن يستند إلى بنيويّة التّراث، ليصيغ تأليفاته الفنّيّة، مركّزًا على أنّ للعمل الفنّي التّصويريّ، قيمة تعبيريّة تتقدّم على ما عداها

 

د. عادل قديح

لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة

لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّةلوحة الغلاف للفنان حسين ماضي (مواليد١٩٣٨)
 

 

 

بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة جذبته منذ طفولته، خربشة طفوليّة على هوامش صفحات الكتب، كأنّه بلا وعيه استشعر استلهامًا للفن الإسلامي. درس في العام ١٩٥٨ لمدّة أربع سنوات في الأكاديميّة اللّبنانيّة (ألبا)، مارس تجربته الأولى كرسّام في الصّحافة في جريدتيّ ''الكفاح'' و ''اليوم'' ومجلّة ''الأحد'' حيث شغف بالطّباعة وراكم خبرة في الرّسم الطّباعيّ ما جعله يعيش فترة طويلة بين الأحرف والكلمات والكتابات. سافر إلى روما ودرس فيها لمدّة ثلاث سنوات حيث درس الموزاييك والفرسك وصبّ البرونز والنّحت، وعمل على صبّ العديد من منحوتاته في محترف الفنّان الإيطالي ''ماريوكوتا''. كما تعلّم فن الحفر في محترف مدير معهد الفنون الجميلة في روما - ماكاري.
كان مهجوسًا، بالتّراث العربي الإسلاميّ، حيث قدّم في روما أطروحته حول ''منشأ وتطوّر فن الخطّ العربيّ'' الّذي أتاح له، أن يتعرّف كتابات جميلة من مختلف البلدان العربيّة والإسلاميّة، ثم انبهر بجمال ونظام بناء الحرف العربي، لكنّ الفنّان رفض بالاعتماد على ''قدرته الرؤيويّة'' ودراسته ''التّوثيقيّة''، أن يكون للحرف أيّة دلالة تعبيريّة، بالمعنى التّشكيليّ للكلمة، فالخطّ بالنّسبة له يختزن أشكالاً تنساب على رؤوس حادّة، تعرض وتضيق وتتّسع وتنتهي بزاوية حادّة، أمّا التّشكيلات الّتي زخر بها الخطّ العربي فهي بالنّسبة له إضافة تزيينيّة لا علاقة لها بطبيعته.
إنّ استلهام الخطّ بالشّكل الّذي تمّ خلال فترة تاريخيّة في المجال العربي، يُعدّ، وفقًا لرأي ''ماضي''، افتئاتًا عليه وانتقاصًا منه، فوظيفة الخطّ واضحة ولا يمكن إلصاق قِيَم مضافة به، فإذا لوَّنّاه واجتزأناه في مساحات مغايرة لحقيقته نسيء إليه، بذلك نخفي شخصيّته ونغتاله. فالحرف العربي لا يقبل التّحوير في سبيل التّعبير، لأنّه يُضَيّعِ هويتّه ويخسر وظيفته.
ولأنّ الفنّان مسكون بالقِيَم الجماليّة للخطّ العربي ومسكون أيضًا بالطّبيعة الّتي هي مصدر لكلّ تشكيل، رغب، أن يعيد الشّكل إلى صفائه الأوّل، من خلال تشريحه لبنيان الحرف، الّذي يستمدّ اختزاليّته من الطّبيعة ذاتها، وهكذا بنى الفنّان منهجًا فنّيًا خاصًّا، حيث استوحى شكل الطّير والنّبات، وصورة المرأة والحصان والوردة والورقة... وفق طبيعة بنية الحرف المختزلة، كلّها حركات تنساب على رؤوس وزوايا حادّة. بنى الشّكل على القاعدة نفسها الّتي بنى عليها الحرف العربي.
هكذا نجد منطق البناء عند ''ماضي''، مغايرًا لبنائيّة المدرسة الحروفيّة، فهو لم يأخذ الكتابة أو شكلانيّة الخطّ العربيّ كمفردة لعمله الفنّي، بل إنّه استلهم الأدوات والتّقنيّات والقيَم الّتي ولّدها فن الخطّ، من دون أن يستند إلى كتابة أو شكلانيّة أو دلالات لغويّة أو زخرفيّة، كذلك فإنّك تكاد لا تجد حرفًا في صوره، ولكنّك تجد اتّصالاً واضحًا. لقد استطاع الفنّان، كما يبرز من عمله هذا، أن يستند إلى بنيويّة التّراث، ليصيغ تأليفاته الفنّيّة، مركّزًا على أنّ للعمل الفنّي التّصويريّ، قيمة تعبيريّة تتقدّم على ما عداها

 

د. عادل قديح

لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة

لوحة الغلاف ) للفنان حسين ماضي )مواليد ١٩٣٨ بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّةلوحة الغلاف للفنان حسين ماضي (مواليد١٩٣٨)
 

 

 

بين التّجريديّة والتّعبيريّة والتّراثيّة جذبته منذ طفولته، خربشة طفوليّة على هوامش صفحات الكتب، كأنّه بلا وعيه استشعر استلهامًا للفن الإسلامي. درس في العام ١٩٥٨ لمدّة أربع سنوات في الأكاديميّة اللّبنانيّة (ألبا)، مارس تجربته الأولى كرسّام في الصّحافة في جريدتيّ ''الكفاح'' و ''اليوم'' ومجلّة ''الأحد'' حيث شغف بالطّباعة وراكم خبرة في الرّسم الطّباعيّ ما جعله يعيش فترة طويلة بين الأحرف والكلمات والكتابات. سافر إلى روما ودرس فيها لمدّة ثلاث سنوات حيث درس الموزاييك والفرسك وصبّ البرونز والنّحت، وعمل على صبّ العديد من منحوتاته في محترف الفنّان الإيطالي ''ماريوكوتا''. كما تعلّم فن الحفر في محترف مدير معهد الفنون الجميلة في روما - ماكاري.
كان مهجوسًا، بالتّراث العربي الإسلاميّ، حيث قدّم في روما أطروحته حول ''منشأ وتطوّر فن الخطّ العربيّ'' الّذي أتاح له، أن يتعرّف كتابات جميلة من مختلف البلدان العربيّة والإسلاميّة، ثم انبهر بجمال ونظام بناء الحرف العربي، لكنّ الفنّان رفض بالاعتماد على ''قدرته الرؤيويّة'' ودراسته ''التّوثيقيّة''، أن يكون للحرف أيّة دلالة تعبيريّة، بالمعنى التّشكيليّ للكلمة، فالخطّ بالنّسبة له يختزن أشكالاً تنساب على رؤوس حادّة، تعرض وتضيق وتتّسع وتنتهي بزاوية حادّة، أمّا التّشكيلات الّتي زخر بها الخطّ العربي فهي بالنّسبة له إضافة تزيينيّة لا علاقة لها بطبيعته.
إنّ استلهام الخطّ بالشّكل الّذي تمّ خلال فترة تاريخيّة في المجال العربي، يُعدّ، وفقًا لرأي ''ماضي''، افتئاتًا عليه وانتقاصًا منه، فوظيفة الخطّ واضحة ولا يمكن إلصاق قِيَم مضافة به، فإذا لوَّنّاه واجتزأناه في مساحات مغايرة لحقيقته نسيء إليه، بذلك نخفي شخصيّته ونغتاله. فالحرف العربي لا يقبل التّحوير في سبيل التّعبير، لأنّه يُضَيّعِ هويتّه ويخسر وظيفته.
ولأنّ الفنّان مسكون بالقِيَم الجماليّة للخطّ العربي ومسكون أيضًا بالطّبيعة الّتي هي مصدر لكلّ تشكيل، رغب، أن يعيد الشّكل إلى صفائه الأوّل، من خلال تشريحه لبنيان الحرف، الّذي يستمدّ اختزاليّته من الطّبيعة ذاتها، وهكذا بنى الفنّان منهجًا فنّيًا خاصًّا، حيث استوحى شكل الطّير والنّبات، وصورة المرأة والحصان والوردة والورقة... وفق طبيعة بنية الحرف المختزلة، كلّها حركات تنساب على رؤوس وزوايا حادّة. بنى الشّكل على القاعدة نفسها الّتي بنى عليها الحرف العربي.
هكذا نجد منطق البناء عند ''ماضي''، مغايرًا لبنائيّة المدرسة الحروفيّة، فهو لم يأخذ الكتابة أو شكلانيّة الخطّ العربيّ كمفردة لعمله الفنّي، بل إنّه استلهم الأدوات والتّقنيّات والقيَم الّتي ولّدها فن الخطّ، من دون أن يستند إلى كتابة أو شكلانيّة أو دلالات لغويّة أو زخرفيّة، كذلك فإنّك تكاد لا تجد حرفًا في صوره، ولكنّك تجد اتّصالاً واضحًا. لقد استطاع الفنّان، كما يبرز من عمله هذا، أن يستند إلى بنيويّة التّراث، ليصيغ تأليفاته الفنّيّة، مركّزًا على أنّ للعمل الفنّي التّصويريّ، قيمة تعبيريّة تتقدّم على ما عداها

 

د. عادل قديح