تعليم الأطفال عن طريق الغناء

تعليم الأطفال عن طريق الغناء

كثيراً ما نرى بعض الآباء والأمهات وبعض المعلمين والمعلمات يغضب من طفل دون العاشرة من عمره لأنه لم يستطع أن يأخذ أمراً من الأمور أو مسألة بعين الدراية والحكمة فيهتاج ويصب لعناته على الأطفال البليدين (حسب رأيه) الذين لا يجارونه في عقله ولا يتدبرون الأمور كما يتدبرها وهذا لعمري مطلب فوق الاحتمال.
أيستطيع طفل هو في طور النمو وفي طور التجريب بل في طور الاستطلاع والاستكشاف أن يعقل الأمور ويؤديها كما يعقلها ويؤديها الرجل البالغ الراشد المالك لقواه على مختلف أنواعها؟

 

لقد كانت هذه المشاهد كثيرة في البيئات الأوروبية ولكنها تبددت وزالت تحت تأثير الفلاسفة المربين.
أما نحن في مدارسنا فما يزال تدريسنا للطفل غير متفق مع قدرته على الفهم وغير متلائم مع حالاته النفسية المتدرجة مع سنه، حيث نرى الكثير من معلمينا ومعلماتنا يكلمون الطفل كما يكلمون الرجال، ويتشددون في معاملتهم كما لو كان أمامهم شباب مدركون، يغضبهم ان يتحرك الطفل في الدرس ويرغبون بل يسعون لأن يخمد الطفل في مرحلة الروضة خمود التماثيل ويسكن سكون الحجارة.
ومن هنا نرى أن هذه الطريقة في تعليم الأطفال غير مجدية في بعض نواحيها لسببين:
أولاً: لأنها لا تترك في ذهن الطفل أي أثر محبب لأننا نُعلّمِ الطفل بالإكراه من دون التحبب.
ثانياً: لأننا نخنق فاعلية الطفل عندما نطلب منه الهدوء والرزانة، وهذا خطأ يجب أن نعود عنه وأن ندرك أن الطفل هو الصفحة البيضاء، ينشأ كما تنشأ النبتة الجديدة التي تشق طريقها في التراب غريبة عن كل ما يحيط بها.
أجل إن الطفل حين يدب فيه الشعور بالحياة يجد حوله كثيراً من الغرائب لذلك يسأل ويحاول أن يجرب، ويكتشف ليكوّن لنفسه فكرة خاصة حيال كل شيء حوله في متناول يده وبصره، فنحن إذا درسنا طبيعة الطفل ووجّهنا مشاعره توجيهاً حسناً ثم أطلقنا له حرية السؤال والتجربة والاستطلاع المحدود وقمنا بمساعدته على قطع هذه المرحلة بزمن أقل، نصل به إلى شاطئ التفكير الصحيح والتقدير المضبوط كما نصل به إلى إمكان التفسير من دون التجربة المحسوسة ومن دون السؤال ومن دون الاكتشاف.
أما توجيه الطفل فيكون بتهذيب شعوره وصقل احساسه وإنماء كيانه، فأضمن طريقة لصقل وإنماء المواهب وبعث التفكير والانتباه حسب رأينا هي الغناء والأنغام، فهي التي تستلزم من الطفل الانتباه وهي التي تصقل الشعور وتهذّب الأفكار والأخلاق الشرسة. فعلينا إذاً أن نعتمد الغناء كوسيلة اضافية في التعليم.
ولربما ادعى المربون من معلمات ومعلمين أن إشغال وقت الطفل بالغناء يصرفه عن كثير من الشؤون التعليمية المهمة، بينما المطلوب دمج الغناء بكل درس من دروس تعليم الاطفال خصوصاً في مرحلة الروضة. ولقد تنبهت بعض المدارس الخاصة الى هذا الأسلوب الحديث فعملت بموجبه، وليكون الزملاء على ثقة أن التعليم بالغناء كما ظهر في أحدث الطرق التربوية سهل وممتع وسريع أيضاً. فيمكننا مثلاً أن نمزج دروس المحادثة والعلوم والرياضيات وحتى القراءة بالغناء، فنغني أناشيد تحوي قصصاً مختلفة حتى إذا حفظها التلميذ، والأناشيد تحفظ بسرعة عجيبة، نتحدث معه عنها ونستخلص منها المبدأ الأخلاقي المراد أو درس الأشياء المرغوبة وبهذا الشكل فقط يمكننا أن نستريح من دون أن نطفئ شعلة الطفولة ومن دون أن نوقف فاعليتها.
أما وضع هذه الأناشيد والاغاني فيقتضي جهداً خاصاً من المعلمين والمعلمات لانتقاء المفيد منها للوطن وللأخلاق، ويجب أيضاً أن تكون المواضيع مألوفة وممتعة. ولقد ثبت أن الأغاني التي تدور حول القصص القصيرة وحول وصف الطبيعة أو حول إيقاظ الحماسة الوطنية يفضلها الأطفال على غيرها.
أما الأنغام فينبغي عند وضعها ملاحظة نفسية الطفل وشعوره، ولهذا يجب أن تكون بسيطة مفرحة جذّابة غنية بالمشاعر والعذوبة كما يجب أن تخصص لكل جنس من بنات وبنين نغمات خاصة تتفق مع الأهواء والطباع. وهذه قاعدة مُسّلم بها في علم الفيزيولوجيا، فالمآكل الشهية المقبولة تهضم بسرعة ويتم اختيارها قبل غيرها.
وسنجد بعد التطبيق أن هذه الطريقة ستفتح آفاقاً جديدة للبحث في نفسية الطفل وكيفية تربيته، لأن الغناء الذي هو نوع من الألعاب السامية يختص أكثر من غيره بمشاعر الطفل وتوجيهها بشكل سليم.


عاطف الشياطي
مُوجه تربوي سابق في الاونروا

تعليم الأطفال عن طريق الغناء

تعليم الأطفال عن طريق الغناء

كثيراً ما نرى بعض الآباء والأمهات وبعض المعلمين والمعلمات يغضب من طفل دون العاشرة من عمره لأنه لم يستطع أن يأخذ أمراً من الأمور أو مسألة بعين الدراية والحكمة فيهتاج ويصب لعناته على الأطفال البليدين (حسب رأيه) الذين لا يجارونه في عقله ولا يتدبرون الأمور كما يتدبرها وهذا لعمري مطلب فوق الاحتمال.
أيستطيع طفل هو في طور النمو وفي طور التجريب بل في طور الاستطلاع والاستكشاف أن يعقل الأمور ويؤديها كما يعقلها ويؤديها الرجل البالغ الراشد المالك لقواه على مختلف أنواعها؟

 

لقد كانت هذه المشاهد كثيرة في البيئات الأوروبية ولكنها تبددت وزالت تحت تأثير الفلاسفة المربين.
أما نحن في مدارسنا فما يزال تدريسنا للطفل غير متفق مع قدرته على الفهم وغير متلائم مع حالاته النفسية المتدرجة مع سنه، حيث نرى الكثير من معلمينا ومعلماتنا يكلمون الطفل كما يكلمون الرجال، ويتشددون في معاملتهم كما لو كان أمامهم شباب مدركون، يغضبهم ان يتحرك الطفل في الدرس ويرغبون بل يسعون لأن يخمد الطفل في مرحلة الروضة خمود التماثيل ويسكن سكون الحجارة.
ومن هنا نرى أن هذه الطريقة في تعليم الأطفال غير مجدية في بعض نواحيها لسببين:
أولاً: لأنها لا تترك في ذهن الطفل أي أثر محبب لأننا نُعلّمِ الطفل بالإكراه من دون التحبب.
ثانياً: لأننا نخنق فاعلية الطفل عندما نطلب منه الهدوء والرزانة، وهذا خطأ يجب أن نعود عنه وأن ندرك أن الطفل هو الصفحة البيضاء، ينشأ كما تنشأ النبتة الجديدة التي تشق طريقها في التراب غريبة عن كل ما يحيط بها.
أجل إن الطفل حين يدب فيه الشعور بالحياة يجد حوله كثيراً من الغرائب لذلك يسأل ويحاول أن يجرب، ويكتشف ليكوّن لنفسه فكرة خاصة حيال كل شيء حوله في متناول يده وبصره، فنحن إذا درسنا طبيعة الطفل ووجّهنا مشاعره توجيهاً حسناً ثم أطلقنا له حرية السؤال والتجربة والاستطلاع المحدود وقمنا بمساعدته على قطع هذه المرحلة بزمن أقل، نصل به إلى شاطئ التفكير الصحيح والتقدير المضبوط كما نصل به إلى إمكان التفسير من دون التجربة المحسوسة ومن دون السؤال ومن دون الاكتشاف.
أما توجيه الطفل فيكون بتهذيب شعوره وصقل احساسه وإنماء كيانه، فأضمن طريقة لصقل وإنماء المواهب وبعث التفكير والانتباه حسب رأينا هي الغناء والأنغام، فهي التي تستلزم من الطفل الانتباه وهي التي تصقل الشعور وتهذّب الأفكار والأخلاق الشرسة. فعلينا إذاً أن نعتمد الغناء كوسيلة اضافية في التعليم.
ولربما ادعى المربون من معلمات ومعلمين أن إشغال وقت الطفل بالغناء يصرفه عن كثير من الشؤون التعليمية المهمة، بينما المطلوب دمج الغناء بكل درس من دروس تعليم الاطفال خصوصاً في مرحلة الروضة. ولقد تنبهت بعض المدارس الخاصة الى هذا الأسلوب الحديث فعملت بموجبه، وليكون الزملاء على ثقة أن التعليم بالغناء كما ظهر في أحدث الطرق التربوية سهل وممتع وسريع أيضاً. فيمكننا مثلاً أن نمزج دروس المحادثة والعلوم والرياضيات وحتى القراءة بالغناء، فنغني أناشيد تحوي قصصاً مختلفة حتى إذا حفظها التلميذ، والأناشيد تحفظ بسرعة عجيبة، نتحدث معه عنها ونستخلص منها المبدأ الأخلاقي المراد أو درس الأشياء المرغوبة وبهذا الشكل فقط يمكننا أن نستريح من دون أن نطفئ شعلة الطفولة ومن دون أن نوقف فاعليتها.
أما وضع هذه الأناشيد والاغاني فيقتضي جهداً خاصاً من المعلمين والمعلمات لانتقاء المفيد منها للوطن وللأخلاق، ويجب أيضاً أن تكون المواضيع مألوفة وممتعة. ولقد ثبت أن الأغاني التي تدور حول القصص القصيرة وحول وصف الطبيعة أو حول إيقاظ الحماسة الوطنية يفضلها الأطفال على غيرها.
أما الأنغام فينبغي عند وضعها ملاحظة نفسية الطفل وشعوره، ولهذا يجب أن تكون بسيطة مفرحة جذّابة غنية بالمشاعر والعذوبة كما يجب أن تخصص لكل جنس من بنات وبنين نغمات خاصة تتفق مع الأهواء والطباع. وهذه قاعدة مُسّلم بها في علم الفيزيولوجيا، فالمآكل الشهية المقبولة تهضم بسرعة ويتم اختيارها قبل غيرها.
وسنجد بعد التطبيق أن هذه الطريقة ستفتح آفاقاً جديدة للبحث في نفسية الطفل وكيفية تربيته، لأن الغناء الذي هو نوع من الألعاب السامية يختص أكثر من غيره بمشاعر الطفل وتوجيهها بشكل سليم.


عاطف الشياطي
مُوجه تربوي سابق في الاونروا

تعليم الأطفال عن طريق الغناء

تعليم الأطفال عن طريق الغناء

كثيراً ما نرى بعض الآباء والأمهات وبعض المعلمين والمعلمات يغضب من طفل دون العاشرة من عمره لأنه لم يستطع أن يأخذ أمراً من الأمور أو مسألة بعين الدراية والحكمة فيهتاج ويصب لعناته على الأطفال البليدين (حسب رأيه) الذين لا يجارونه في عقله ولا يتدبرون الأمور كما يتدبرها وهذا لعمري مطلب فوق الاحتمال.
أيستطيع طفل هو في طور النمو وفي طور التجريب بل في طور الاستطلاع والاستكشاف أن يعقل الأمور ويؤديها كما يعقلها ويؤديها الرجل البالغ الراشد المالك لقواه على مختلف أنواعها؟

 

لقد كانت هذه المشاهد كثيرة في البيئات الأوروبية ولكنها تبددت وزالت تحت تأثير الفلاسفة المربين.
أما نحن في مدارسنا فما يزال تدريسنا للطفل غير متفق مع قدرته على الفهم وغير متلائم مع حالاته النفسية المتدرجة مع سنه، حيث نرى الكثير من معلمينا ومعلماتنا يكلمون الطفل كما يكلمون الرجال، ويتشددون في معاملتهم كما لو كان أمامهم شباب مدركون، يغضبهم ان يتحرك الطفل في الدرس ويرغبون بل يسعون لأن يخمد الطفل في مرحلة الروضة خمود التماثيل ويسكن سكون الحجارة.
ومن هنا نرى أن هذه الطريقة في تعليم الأطفال غير مجدية في بعض نواحيها لسببين:
أولاً: لأنها لا تترك في ذهن الطفل أي أثر محبب لأننا نُعلّمِ الطفل بالإكراه من دون التحبب.
ثانياً: لأننا نخنق فاعلية الطفل عندما نطلب منه الهدوء والرزانة، وهذا خطأ يجب أن نعود عنه وأن ندرك أن الطفل هو الصفحة البيضاء، ينشأ كما تنشأ النبتة الجديدة التي تشق طريقها في التراب غريبة عن كل ما يحيط بها.
أجل إن الطفل حين يدب فيه الشعور بالحياة يجد حوله كثيراً من الغرائب لذلك يسأل ويحاول أن يجرب، ويكتشف ليكوّن لنفسه فكرة خاصة حيال كل شيء حوله في متناول يده وبصره، فنحن إذا درسنا طبيعة الطفل ووجّهنا مشاعره توجيهاً حسناً ثم أطلقنا له حرية السؤال والتجربة والاستطلاع المحدود وقمنا بمساعدته على قطع هذه المرحلة بزمن أقل، نصل به إلى شاطئ التفكير الصحيح والتقدير المضبوط كما نصل به إلى إمكان التفسير من دون التجربة المحسوسة ومن دون السؤال ومن دون الاكتشاف.
أما توجيه الطفل فيكون بتهذيب شعوره وصقل احساسه وإنماء كيانه، فأضمن طريقة لصقل وإنماء المواهب وبعث التفكير والانتباه حسب رأينا هي الغناء والأنغام، فهي التي تستلزم من الطفل الانتباه وهي التي تصقل الشعور وتهذّب الأفكار والأخلاق الشرسة. فعلينا إذاً أن نعتمد الغناء كوسيلة اضافية في التعليم.
ولربما ادعى المربون من معلمات ومعلمين أن إشغال وقت الطفل بالغناء يصرفه عن كثير من الشؤون التعليمية المهمة، بينما المطلوب دمج الغناء بكل درس من دروس تعليم الاطفال خصوصاً في مرحلة الروضة. ولقد تنبهت بعض المدارس الخاصة الى هذا الأسلوب الحديث فعملت بموجبه، وليكون الزملاء على ثقة أن التعليم بالغناء كما ظهر في أحدث الطرق التربوية سهل وممتع وسريع أيضاً. فيمكننا مثلاً أن نمزج دروس المحادثة والعلوم والرياضيات وحتى القراءة بالغناء، فنغني أناشيد تحوي قصصاً مختلفة حتى إذا حفظها التلميذ، والأناشيد تحفظ بسرعة عجيبة، نتحدث معه عنها ونستخلص منها المبدأ الأخلاقي المراد أو درس الأشياء المرغوبة وبهذا الشكل فقط يمكننا أن نستريح من دون أن نطفئ شعلة الطفولة ومن دون أن نوقف فاعليتها.
أما وضع هذه الأناشيد والاغاني فيقتضي جهداً خاصاً من المعلمين والمعلمات لانتقاء المفيد منها للوطن وللأخلاق، ويجب أيضاً أن تكون المواضيع مألوفة وممتعة. ولقد ثبت أن الأغاني التي تدور حول القصص القصيرة وحول وصف الطبيعة أو حول إيقاظ الحماسة الوطنية يفضلها الأطفال على غيرها.
أما الأنغام فينبغي عند وضعها ملاحظة نفسية الطفل وشعوره، ولهذا يجب أن تكون بسيطة مفرحة جذّابة غنية بالمشاعر والعذوبة كما يجب أن تخصص لكل جنس من بنات وبنين نغمات خاصة تتفق مع الأهواء والطباع. وهذه قاعدة مُسّلم بها في علم الفيزيولوجيا، فالمآكل الشهية المقبولة تهضم بسرعة ويتم اختيارها قبل غيرها.
وسنجد بعد التطبيق أن هذه الطريقة ستفتح آفاقاً جديدة للبحث في نفسية الطفل وكيفية تربيته، لأن الغناء الذي هو نوع من الألعاب السامية يختص أكثر من غيره بمشاعر الطفل وتوجيهها بشكل سليم.


عاطف الشياطي
مُوجه تربوي سابق في الاونروا