المدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

د. ايلي مخايل امين سر المجلس الاعلى للطفولةالمدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

 

تستطيع المدرسة أن تلعب دوراً حاسماً في مجال تعزيز صحة الفرد - الإنسان كما توفر فرصاً افضل لتحقيق تثقيف صحي ونوعية حياة للمجتمع بأسره وهي بذلك تعتبر إحدى أهم المؤسسات التي تخدم تحقيق أهداف ''الصحة للجميع''.
فالمدرسة هي بحد ذاتها مجتمع متكامل تعيش فيه أو تتفاعل معه شرائح مجتمعيةكثيرة : الأطفال، المعلمون، الجهاز الإداري، العمال والأهل. ولان التثقيف الصحي يتطلع دائماً إلى استهداف فئات واسعة بغية تعميم الوعي والمواقف والسلوكيات المفيدة للصحة والحياة، فأن المدرسة تؤمن مكاناً صالحاً يوصل الرسالة بأمانة لشريحة كبيرة من المجتمع اذا ما احسن ايصالها بأسلوب علمي منهجي.

 

لا تقتصر أهمية المدرسة على هذا الدور بل تتعداه الى كونها تشمل شريحة مميزة ومناسبة لسياسات التثقيف الصحي. فالأطفال في عمر يسمح لهم ويسهل عليهم اكتساب المعرفة وتبني المواقف والمعتقدات المناسبة لنمو صحيح ولاندماج مجتمعي صحي وسليم. فالسنوات الأولى من العمر حاسمة لجهة تبني اتجاهات وسلوكيات مناسبة للصحة. ويحسن بصانعي القرار الصحي في المجتمع التيقن إلى ما يمكن أن توفره المدرسة من فرص مهمة على هذا الصعيد، بحيث يجب استثمارها والاستفادة منها، لان ذلك من شأنه أن ينعكس ايجابياً على تراجع العبء الصحي عن المجتمع ويعطي الإنتاج قوة دفع ويعزز من فرص التنمية الحقيقية .
المدرسة اذا مكان مثالي يخدم أهداف الوقاية الصحية ويشكل إحدى أهم حلقاتها ويرفدها بوسائل تساعد على تحقيقها ومنها :
١- منهجية علمية من خلال المنهج المدمج فيه مبادئ صحية وبيئية تتلاءم مع مستوى استيعاب التلميذ ومستوى انطباقها على حاجاته الصحية (التدرج من مواضيع العناية بالصحة العامة والنظافة وصولاً إلى الاقناع بسلوكيات صحية سليمة وآمنة على مستوى وسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض الجنسية في المرحلة الثانوية).
٢- بنية تحتية تتوافر فيها الوسائل التثقيفية والجهاز البشري المدرّب على منهجيات التثقيف والمكان (قاعات - ملاعب). ويجدر بنا الالتفات إلى محورية دور المعلم الذي اصبح اليوم عنصراً بارزاً في تعزيز مستوى صحة الفرد والمجتمع، فمع تطور النظرة الاجتماعية للصحة واعتبارها سلوكاً ونهج حياة، ومع تأكد أهمية الوقاية في رسم سياسات الصحة العامة وتعاظم مسؤولية خيارات الفرد في التأثير على صحته وصحة المجتمع، يأتي دورالمعلم القادر على التوجيه إلى الخيارات السليمة، والمسهل لتبني قناعات ومواقف مناسبة بفضل علمه وخبرته وموقعه الملامس لتفاصيل الحياة اليومية للتلميذ ومعرفته لقدراته ولتكوين شخصيته وآلية اتخاذه للقرار .

المدرسة المنفتحة على المجتمع المحلي

لا يقتصر دور المدرسة على الاعداد التربوي للتلميذ لتحصيل العلم وكسب العيش الكريم بل هي ايضاً مكان يعده للحياة، لمواجهة صعابها، ويعطيه إمكانات لفهم ظواهرها الاجتماعية المستجدة ومجابهة انعكاساتها، وهذا ما يتطلب مهارات حياتية ودوراً تربوياً جديداً أساسه حاجات الإنسان في طرق عيشه اليومي .
للمدرسة وظيفة اجتماعية بالإضافة الى دورها التربوي وباستطاعتها ان تلعب دوراً محركاً في المجتمع المحلي فتمده بالجهاز البشري المتخصص وتضع إمكاناتها ولا سيما الأمكنة لتنفيذ نشاطات مجتمعية بالشراكة مع البلديات والجمعيات الأهلية من دون أن نغفل دور الأهل وضرورة ايجاد آلية تنسيق تتيح لهم ان يكونوا شركاء فعليين في رسالة المدرسة .
المدرسة مدعوة إلى فك عزلتها عن المجتمع والخروج إلى ما وراء جدار التعليم والتلقين إلى ان تنفتح على المجتمع المحلي وتتفاعل معه فتشرع الأبواب امام المحاضرات العلمية التي يحضرها الاهل وفعاليات المجتمع بالاضافة إلى تنظيم لقاءات مع اختصاصيين وزيارات إلى مراكز صحية وعيادات ومشاغل علمية واحياء المناسبات الصحية في مهرجانات عامة.
ان فكرة إنشاء الأندية الصحية والبيئية مهمة ومفيدة وتستطيع أن تحقق أهدافاً عملية وتكسب التلميذ مهارات وسلوكيات وفهماً اوضح للمشاكل وتنمي فيه روح الالتزام والمواطنية الصالحة وتعزز فيه القدرة على الاكتشاف والتحليل والمراقبة .

التثقيف الصحي هدف مشترك بين الجمعيات والمدارس

 

 

 

المدرسة مكان الحياة


ليست البيئة الفيزيائية وحدها (موقع المدرسة ، الشروط البيئية والصحية داخلها) هي التي تجعل المدرسة مكاناً مناسباً لنمو الطفل ولتطور شخصيته وتفتحها بل ايضاً البيئة العلائقية الانسانية، علاقة تفاعل واحترام ومحبة بين المعلم والمتعلم بعيداً عن كل اشكال الخوف والحذر والفوقية، فيسود الحوار والإصغاء والنصح وتبادل الآراء مكان الحفظ والخضوع والتبعية. ان شعور الطفل باحترام كيانه وكرامته وحقه في التعبير والشكوى من كل ظلم يتعرض له يجعل البيئة المدرسية محببة اليه فيقبل عليها باندفاع ويحترم دورها ويتجاوب مع أنشطتها. فالبيئة العلائقية الحسنة تمتد إلى ابعد من علاقة التلميذ بالمعلم لتشمل ايضاً علاقته مع زملائه المرتكزة على الاخوة والصداقة بعيداً عن العنف والعدائية وتشمل ايضاً علاقة التلميذ بطبيعة النظام المدرسي وذلك من خلال دوام غير متعب، نظام تقويم وامتحانات مريح، مشاغل فنية) مسرح، موسيقى، فنون تشكيلية ...) ومساحة لمزاولة اللعب والأنشطة الرياضية .

النشاطات اللامنهجية وسيلة للتثقيف الصحي في المدرسة

 

 

 

المدرسة المعززة للصحة هي مدرسة تتوفر فيها ايضاً الخدمات الصحية الوقائية: الكشف الطبي، التثقيف الصحي الذي يمكن ان يدمج في اكثر من مادة في المنهج، (تربية ، علوم، طبيعيات ...) ومن الممكن ان يكون ضمن نشاطات لا منهجية بالإضافة إلى الخدمات العلاجية. وجود طبيب خاص بالمدرسة وممرضة وعالم تقويم نطق وعالم نفسي ومساعدة اجتماعية مطّلعة على الخصائص الاجتماعية والصحية للتلميذ.
ان الخدمات الصحية يجب ان تشمل ايضاً الدعم النفسي للتلامذة المراهقين الذين يحتاجون إلى الإصغاء والى المشورة والتوجيه في هذه المرحلة الحساسة من تكوين شخصيتهم والانتقال إلى مرحلة البلوغ انتقالاً سليماً ومعافىً.
لكي تكون المدرسة مكاناً لائقاً للحياة يجب أن تبني لنفسها مشروعاً تربوياً محوره الإنسان وتوظف طاقاتها وامكاناتها في سبيل اعداد هذا الإنسان وهذا يفترض تغييراً في سلوكيات الافرقاء كافة: المعلمون، الموظفون، التلامذة. فينخرط الجميع كل من موقعه في ورشة بناء المشروع المؤسساتي في المدرسة. ومما لا شك فيه ان ثمة موارد إضافية يجب تأمينها، نشاطات مستحدثة، شروط صحية وبيئة افضل، خدمات صحية واجتماعية ونفسية، وهذا ما يمكن توفيره من خلال استثمار الملاعب والقاعات أو اللجوء إلى البلديات، كما إلى الصناديق التي يمولها الأهل أو الطلب إلى الجهات المانحة للمساعدة في هذا المجال .
المدرسة مدعوة إلى لعب دورها في تعزيز السياسة المرتكزة على مبدأ الوقاية، وهي تستطيع ايضاً ان تسهم في عملية التنمية المحلية بتوفيرها الاطر المادية والبشرية على السواء . ان الوظيفة الاجتماعية التي فوضها المجتمع إلى المدرسة لاعداد النشء وتنمية قدراته وتطوير شخصيته يجعل منها مؤسسة ذات مصداقية عالية تتمتع بقدرة كبيرة على احداث التغيير المتوخى وبكلفة قليلة نسبياً .
انها أداة تغيير وتطوير وتنمية فهي التي تعد المواطن وتمكنه من الاتكال على ذاته في اتخاذ القرارات المسؤولة ولا سيما على المستوى الصحي .
إن الخيار المستنير للفرد المبني على الاعداد الجيد والمعرفة الواعية هو الشرط الضروري والضامن لاستدامة التنمية، والمدرسة هي التي تؤمن ظروف اتخاذ هكذا خيارات في جو من الحرية وترعاه وتصونه وتوفر فرص ثباته
.

 

المدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

د. ايلي مخايل امين سر المجلس الاعلى للطفولةالمدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

 

تستطيع المدرسة أن تلعب دوراً حاسماً في مجال تعزيز صحة الفرد - الإنسان كما توفر فرصاً افضل لتحقيق تثقيف صحي ونوعية حياة للمجتمع بأسره وهي بذلك تعتبر إحدى أهم المؤسسات التي تخدم تحقيق أهداف ''الصحة للجميع''.
فالمدرسة هي بحد ذاتها مجتمع متكامل تعيش فيه أو تتفاعل معه شرائح مجتمعيةكثيرة : الأطفال، المعلمون، الجهاز الإداري، العمال والأهل. ولان التثقيف الصحي يتطلع دائماً إلى استهداف فئات واسعة بغية تعميم الوعي والمواقف والسلوكيات المفيدة للصحة والحياة، فأن المدرسة تؤمن مكاناً صالحاً يوصل الرسالة بأمانة لشريحة كبيرة من المجتمع اذا ما احسن ايصالها بأسلوب علمي منهجي.

 

لا تقتصر أهمية المدرسة على هذا الدور بل تتعداه الى كونها تشمل شريحة مميزة ومناسبة لسياسات التثقيف الصحي. فالأطفال في عمر يسمح لهم ويسهل عليهم اكتساب المعرفة وتبني المواقف والمعتقدات المناسبة لنمو صحيح ولاندماج مجتمعي صحي وسليم. فالسنوات الأولى من العمر حاسمة لجهة تبني اتجاهات وسلوكيات مناسبة للصحة. ويحسن بصانعي القرار الصحي في المجتمع التيقن إلى ما يمكن أن توفره المدرسة من فرص مهمة على هذا الصعيد، بحيث يجب استثمارها والاستفادة منها، لان ذلك من شأنه أن ينعكس ايجابياً على تراجع العبء الصحي عن المجتمع ويعطي الإنتاج قوة دفع ويعزز من فرص التنمية الحقيقية .
المدرسة اذا مكان مثالي يخدم أهداف الوقاية الصحية ويشكل إحدى أهم حلقاتها ويرفدها بوسائل تساعد على تحقيقها ومنها :
١- منهجية علمية من خلال المنهج المدمج فيه مبادئ صحية وبيئية تتلاءم مع مستوى استيعاب التلميذ ومستوى انطباقها على حاجاته الصحية (التدرج من مواضيع العناية بالصحة العامة والنظافة وصولاً إلى الاقناع بسلوكيات صحية سليمة وآمنة على مستوى وسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض الجنسية في المرحلة الثانوية).
٢- بنية تحتية تتوافر فيها الوسائل التثقيفية والجهاز البشري المدرّب على منهجيات التثقيف والمكان (قاعات - ملاعب). ويجدر بنا الالتفات إلى محورية دور المعلم الذي اصبح اليوم عنصراً بارزاً في تعزيز مستوى صحة الفرد والمجتمع، فمع تطور النظرة الاجتماعية للصحة واعتبارها سلوكاً ونهج حياة، ومع تأكد أهمية الوقاية في رسم سياسات الصحة العامة وتعاظم مسؤولية خيارات الفرد في التأثير على صحته وصحة المجتمع، يأتي دورالمعلم القادر على التوجيه إلى الخيارات السليمة، والمسهل لتبني قناعات ومواقف مناسبة بفضل علمه وخبرته وموقعه الملامس لتفاصيل الحياة اليومية للتلميذ ومعرفته لقدراته ولتكوين شخصيته وآلية اتخاذه للقرار .

المدرسة المنفتحة على المجتمع المحلي

لا يقتصر دور المدرسة على الاعداد التربوي للتلميذ لتحصيل العلم وكسب العيش الكريم بل هي ايضاً مكان يعده للحياة، لمواجهة صعابها، ويعطيه إمكانات لفهم ظواهرها الاجتماعية المستجدة ومجابهة انعكاساتها، وهذا ما يتطلب مهارات حياتية ودوراً تربوياً جديداً أساسه حاجات الإنسان في طرق عيشه اليومي .
للمدرسة وظيفة اجتماعية بالإضافة الى دورها التربوي وباستطاعتها ان تلعب دوراً محركاً في المجتمع المحلي فتمده بالجهاز البشري المتخصص وتضع إمكاناتها ولا سيما الأمكنة لتنفيذ نشاطات مجتمعية بالشراكة مع البلديات والجمعيات الأهلية من دون أن نغفل دور الأهل وضرورة ايجاد آلية تنسيق تتيح لهم ان يكونوا شركاء فعليين في رسالة المدرسة .
المدرسة مدعوة إلى فك عزلتها عن المجتمع والخروج إلى ما وراء جدار التعليم والتلقين إلى ان تنفتح على المجتمع المحلي وتتفاعل معه فتشرع الأبواب امام المحاضرات العلمية التي يحضرها الاهل وفعاليات المجتمع بالاضافة إلى تنظيم لقاءات مع اختصاصيين وزيارات إلى مراكز صحية وعيادات ومشاغل علمية واحياء المناسبات الصحية في مهرجانات عامة.
ان فكرة إنشاء الأندية الصحية والبيئية مهمة ومفيدة وتستطيع أن تحقق أهدافاً عملية وتكسب التلميذ مهارات وسلوكيات وفهماً اوضح للمشاكل وتنمي فيه روح الالتزام والمواطنية الصالحة وتعزز فيه القدرة على الاكتشاف والتحليل والمراقبة .

التثقيف الصحي هدف مشترك بين الجمعيات والمدارس

 

 

 

المدرسة مكان الحياة


ليست البيئة الفيزيائية وحدها (موقع المدرسة ، الشروط البيئية والصحية داخلها) هي التي تجعل المدرسة مكاناً مناسباً لنمو الطفل ولتطور شخصيته وتفتحها بل ايضاً البيئة العلائقية الانسانية، علاقة تفاعل واحترام ومحبة بين المعلم والمتعلم بعيداً عن كل اشكال الخوف والحذر والفوقية، فيسود الحوار والإصغاء والنصح وتبادل الآراء مكان الحفظ والخضوع والتبعية. ان شعور الطفل باحترام كيانه وكرامته وحقه في التعبير والشكوى من كل ظلم يتعرض له يجعل البيئة المدرسية محببة اليه فيقبل عليها باندفاع ويحترم دورها ويتجاوب مع أنشطتها. فالبيئة العلائقية الحسنة تمتد إلى ابعد من علاقة التلميذ بالمعلم لتشمل ايضاً علاقته مع زملائه المرتكزة على الاخوة والصداقة بعيداً عن العنف والعدائية وتشمل ايضاً علاقة التلميذ بطبيعة النظام المدرسي وذلك من خلال دوام غير متعب، نظام تقويم وامتحانات مريح، مشاغل فنية) مسرح، موسيقى، فنون تشكيلية ...) ومساحة لمزاولة اللعب والأنشطة الرياضية .

النشاطات اللامنهجية وسيلة للتثقيف الصحي في المدرسة

 

 

 

المدرسة المعززة للصحة هي مدرسة تتوفر فيها ايضاً الخدمات الصحية الوقائية: الكشف الطبي، التثقيف الصحي الذي يمكن ان يدمج في اكثر من مادة في المنهج، (تربية ، علوم، طبيعيات ...) ومن الممكن ان يكون ضمن نشاطات لا منهجية بالإضافة إلى الخدمات العلاجية. وجود طبيب خاص بالمدرسة وممرضة وعالم تقويم نطق وعالم نفسي ومساعدة اجتماعية مطّلعة على الخصائص الاجتماعية والصحية للتلميذ.
ان الخدمات الصحية يجب ان تشمل ايضاً الدعم النفسي للتلامذة المراهقين الذين يحتاجون إلى الإصغاء والى المشورة والتوجيه في هذه المرحلة الحساسة من تكوين شخصيتهم والانتقال إلى مرحلة البلوغ انتقالاً سليماً ومعافىً.
لكي تكون المدرسة مكاناً لائقاً للحياة يجب أن تبني لنفسها مشروعاً تربوياً محوره الإنسان وتوظف طاقاتها وامكاناتها في سبيل اعداد هذا الإنسان وهذا يفترض تغييراً في سلوكيات الافرقاء كافة: المعلمون، الموظفون، التلامذة. فينخرط الجميع كل من موقعه في ورشة بناء المشروع المؤسساتي في المدرسة. ومما لا شك فيه ان ثمة موارد إضافية يجب تأمينها، نشاطات مستحدثة، شروط صحية وبيئة افضل، خدمات صحية واجتماعية ونفسية، وهذا ما يمكن توفيره من خلال استثمار الملاعب والقاعات أو اللجوء إلى البلديات، كما إلى الصناديق التي يمولها الأهل أو الطلب إلى الجهات المانحة للمساعدة في هذا المجال .
المدرسة مدعوة إلى لعب دورها في تعزيز السياسة المرتكزة على مبدأ الوقاية، وهي تستطيع ايضاً ان تسهم في عملية التنمية المحلية بتوفيرها الاطر المادية والبشرية على السواء . ان الوظيفة الاجتماعية التي فوضها المجتمع إلى المدرسة لاعداد النشء وتنمية قدراته وتطوير شخصيته يجعل منها مؤسسة ذات مصداقية عالية تتمتع بقدرة كبيرة على احداث التغيير المتوخى وبكلفة قليلة نسبياً .
انها أداة تغيير وتطوير وتنمية فهي التي تعد المواطن وتمكنه من الاتكال على ذاته في اتخاذ القرارات المسؤولة ولا سيما على المستوى الصحي .
إن الخيار المستنير للفرد المبني على الاعداد الجيد والمعرفة الواعية هو الشرط الضروري والضامن لاستدامة التنمية، والمدرسة هي التي تؤمن ظروف اتخاذ هكذا خيارات في جو من الحرية وترعاه وتصونه وتوفر فرص ثباته
.

 

المدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

د. ايلي مخايل امين سر المجلس الاعلى للطفولةالمدرسة : مؤسسة من اجل صحة الفرد والمجتمع

 

تستطيع المدرسة أن تلعب دوراً حاسماً في مجال تعزيز صحة الفرد - الإنسان كما توفر فرصاً افضل لتحقيق تثقيف صحي ونوعية حياة للمجتمع بأسره وهي بذلك تعتبر إحدى أهم المؤسسات التي تخدم تحقيق أهداف ''الصحة للجميع''.
فالمدرسة هي بحد ذاتها مجتمع متكامل تعيش فيه أو تتفاعل معه شرائح مجتمعيةكثيرة : الأطفال، المعلمون، الجهاز الإداري، العمال والأهل. ولان التثقيف الصحي يتطلع دائماً إلى استهداف فئات واسعة بغية تعميم الوعي والمواقف والسلوكيات المفيدة للصحة والحياة، فأن المدرسة تؤمن مكاناً صالحاً يوصل الرسالة بأمانة لشريحة كبيرة من المجتمع اذا ما احسن ايصالها بأسلوب علمي منهجي.

 

لا تقتصر أهمية المدرسة على هذا الدور بل تتعداه الى كونها تشمل شريحة مميزة ومناسبة لسياسات التثقيف الصحي. فالأطفال في عمر يسمح لهم ويسهل عليهم اكتساب المعرفة وتبني المواقف والمعتقدات المناسبة لنمو صحيح ولاندماج مجتمعي صحي وسليم. فالسنوات الأولى من العمر حاسمة لجهة تبني اتجاهات وسلوكيات مناسبة للصحة. ويحسن بصانعي القرار الصحي في المجتمع التيقن إلى ما يمكن أن توفره المدرسة من فرص مهمة على هذا الصعيد، بحيث يجب استثمارها والاستفادة منها، لان ذلك من شأنه أن ينعكس ايجابياً على تراجع العبء الصحي عن المجتمع ويعطي الإنتاج قوة دفع ويعزز من فرص التنمية الحقيقية .
المدرسة اذا مكان مثالي يخدم أهداف الوقاية الصحية ويشكل إحدى أهم حلقاتها ويرفدها بوسائل تساعد على تحقيقها ومنها :
١- منهجية علمية من خلال المنهج المدمج فيه مبادئ صحية وبيئية تتلاءم مع مستوى استيعاب التلميذ ومستوى انطباقها على حاجاته الصحية (التدرج من مواضيع العناية بالصحة العامة والنظافة وصولاً إلى الاقناع بسلوكيات صحية سليمة وآمنة على مستوى وسائل منع الحمل والوقاية من الأمراض الجنسية في المرحلة الثانوية).
٢- بنية تحتية تتوافر فيها الوسائل التثقيفية والجهاز البشري المدرّب على منهجيات التثقيف والمكان (قاعات - ملاعب). ويجدر بنا الالتفات إلى محورية دور المعلم الذي اصبح اليوم عنصراً بارزاً في تعزيز مستوى صحة الفرد والمجتمع، فمع تطور النظرة الاجتماعية للصحة واعتبارها سلوكاً ونهج حياة، ومع تأكد أهمية الوقاية في رسم سياسات الصحة العامة وتعاظم مسؤولية خيارات الفرد في التأثير على صحته وصحة المجتمع، يأتي دورالمعلم القادر على التوجيه إلى الخيارات السليمة، والمسهل لتبني قناعات ومواقف مناسبة بفضل علمه وخبرته وموقعه الملامس لتفاصيل الحياة اليومية للتلميذ ومعرفته لقدراته ولتكوين شخصيته وآلية اتخاذه للقرار .

المدرسة المنفتحة على المجتمع المحلي

لا يقتصر دور المدرسة على الاعداد التربوي للتلميذ لتحصيل العلم وكسب العيش الكريم بل هي ايضاً مكان يعده للحياة، لمواجهة صعابها، ويعطيه إمكانات لفهم ظواهرها الاجتماعية المستجدة ومجابهة انعكاساتها، وهذا ما يتطلب مهارات حياتية ودوراً تربوياً جديداً أساسه حاجات الإنسان في طرق عيشه اليومي .
للمدرسة وظيفة اجتماعية بالإضافة الى دورها التربوي وباستطاعتها ان تلعب دوراً محركاً في المجتمع المحلي فتمده بالجهاز البشري المتخصص وتضع إمكاناتها ولا سيما الأمكنة لتنفيذ نشاطات مجتمعية بالشراكة مع البلديات والجمعيات الأهلية من دون أن نغفل دور الأهل وضرورة ايجاد آلية تنسيق تتيح لهم ان يكونوا شركاء فعليين في رسالة المدرسة .
المدرسة مدعوة إلى فك عزلتها عن المجتمع والخروج إلى ما وراء جدار التعليم والتلقين إلى ان تنفتح على المجتمع المحلي وتتفاعل معه فتشرع الأبواب امام المحاضرات العلمية التي يحضرها الاهل وفعاليات المجتمع بالاضافة إلى تنظيم لقاءات مع اختصاصيين وزيارات إلى مراكز صحية وعيادات ومشاغل علمية واحياء المناسبات الصحية في مهرجانات عامة.
ان فكرة إنشاء الأندية الصحية والبيئية مهمة ومفيدة وتستطيع أن تحقق أهدافاً عملية وتكسب التلميذ مهارات وسلوكيات وفهماً اوضح للمشاكل وتنمي فيه روح الالتزام والمواطنية الصالحة وتعزز فيه القدرة على الاكتشاف والتحليل والمراقبة .

التثقيف الصحي هدف مشترك بين الجمعيات والمدارس

 

 

 

المدرسة مكان الحياة


ليست البيئة الفيزيائية وحدها (موقع المدرسة ، الشروط البيئية والصحية داخلها) هي التي تجعل المدرسة مكاناً مناسباً لنمو الطفل ولتطور شخصيته وتفتحها بل ايضاً البيئة العلائقية الانسانية، علاقة تفاعل واحترام ومحبة بين المعلم والمتعلم بعيداً عن كل اشكال الخوف والحذر والفوقية، فيسود الحوار والإصغاء والنصح وتبادل الآراء مكان الحفظ والخضوع والتبعية. ان شعور الطفل باحترام كيانه وكرامته وحقه في التعبير والشكوى من كل ظلم يتعرض له يجعل البيئة المدرسية محببة اليه فيقبل عليها باندفاع ويحترم دورها ويتجاوب مع أنشطتها. فالبيئة العلائقية الحسنة تمتد إلى ابعد من علاقة التلميذ بالمعلم لتشمل ايضاً علاقته مع زملائه المرتكزة على الاخوة والصداقة بعيداً عن العنف والعدائية وتشمل ايضاً علاقة التلميذ بطبيعة النظام المدرسي وذلك من خلال دوام غير متعب، نظام تقويم وامتحانات مريح، مشاغل فنية) مسرح، موسيقى، فنون تشكيلية ...) ومساحة لمزاولة اللعب والأنشطة الرياضية .

النشاطات اللامنهجية وسيلة للتثقيف الصحي في المدرسة

 

 

 

المدرسة المعززة للصحة هي مدرسة تتوفر فيها ايضاً الخدمات الصحية الوقائية: الكشف الطبي، التثقيف الصحي الذي يمكن ان يدمج في اكثر من مادة في المنهج، (تربية ، علوم، طبيعيات ...) ومن الممكن ان يكون ضمن نشاطات لا منهجية بالإضافة إلى الخدمات العلاجية. وجود طبيب خاص بالمدرسة وممرضة وعالم تقويم نطق وعالم نفسي ومساعدة اجتماعية مطّلعة على الخصائص الاجتماعية والصحية للتلميذ.
ان الخدمات الصحية يجب ان تشمل ايضاً الدعم النفسي للتلامذة المراهقين الذين يحتاجون إلى الإصغاء والى المشورة والتوجيه في هذه المرحلة الحساسة من تكوين شخصيتهم والانتقال إلى مرحلة البلوغ انتقالاً سليماً ومعافىً.
لكي تكون المدرسة مكاناً لائقاً للحياة يجب أن تبني لنفسها مشروعاً تربوياً محوره الإنسان وتوظف طاقاتها وامكاناتها في سبيل اعداد هذا الإنسان وهذا يفترض تغييراً في سلوكيات الافرقاء كافة: المعلمون، الموظفون، التلامذة. فينخرط الجميع كل من موقعه في ورشة بناء المشروع المؤسساتي في المدرسة. ومما لا شك فيه ان ثمة موارد إضافية يجب تأمينها، نشاطات مستحدثة، شروط صحية وبيئة افضل، خدمات صحية واجتماعية ونفسية، وهذا ما يمكن توفيره من خلال استثمار الملاعب والقاعات أو اللجوء إلى البلديات، كما إلى الصناديق التي يمولها الأهل أو الطلب إلى الجهات المانحة للمساعدة في هذا المجال .
المدرسة مدعوة إلى لعب دورها في تعزيز السياسة المرتكزة على مبدأ الوقاية، وهي تستطيع ايضاً ان تسهم في عملية التنمية المحلية بتوفيرها الاطر المادية والبشرية على السواء . ان الوظيفة الاجتماعية التي فوضها المجتمع إلى المدرسة لاعداد النشء وتنمية قدراته وتطوير شخصيته يجعل منها مؤسسة ذات مصداقية عالية تتمتع بقدرة كبيرة على احداث التغيير المتوخى وبكلفة قليلة نسبياً .
انها أداة تغيير وتطوير وتنمية فهي التي تعد المواطن وتمكنه من الاتكال على ذاته في اتخاذ القرارات المسؤولة ولا سيما على المستوى الصحي .
إن الخيار المستنير للفرد المبني على الاعداد الجيد والمعرفة الواعية هو الشرط الضروري والضامن لاستدامة التنمية، والمدرسة هي التي تؤمن ظروف اتخاذ هكذا خيارات في جو من الحرية وترعاه وتصونه وتوفر فرص ثباته
.