تدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

د. اكرم قانصو رئيس الجمعية اللبنانية للتربية الفنيةتدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

دلت الدراسات الميدانية مؤخراً على أن مسألة تدريس مادة الفنون التشكيلية في المدارس اللبنانية تعاني من الفوضى والإهمال والتهميش رغم كل الجهود التي بذلت في سبيل تفعيل تدريس المادة وإفساح المجال أمامها لتأخذ دورها في العملية التربوية . فوزارة التربية مثلاً أدرجت هذه المادة في المناهج التعليمية، واعدت عبر المركز التربوي للبحوث والإنماء كتباً متخصصة في هذا المجال، ونظمت دورات تدريبية لمجموعة من المعلمين، إضافة إلى تخريج عدد لا بأس به من مدرسي التربية الفنية الذين تابعوا تحصيلهم العلمي في دور المعلمين والمعلمات. وتخريج دفعات أخرى ممن اكملوا دراساتهم الجامعية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية. إلا أن تدريس المادة بقي يعاني من مجموعة مشكلات هي:

  • تهميش من قبل الأهل والإدارات المسؤولة.
  • عدم فهم طبيعة المادة ودورها التربوي.
  • عدم وجود محترفات مدرسية، ووسائل تربوية، ومواد وخامات تقنية.
  • قرار وزاري بتعليق تدريس مواد الفنون لأسباب تتراوح بين الإمكانيات المتوافرة، وأولوية بعض المواد التعليمية الأخرى.
  • قدرات الأهل المتواضعة التي لا تساعد على تأمين جميع المستلزمات المطلوبة للتلميذ.

 

لنبدأ اولاً بالأسس التي قام عليها منهج مادة الفنون التشكيلية وخاصة في الحلقات الثلاث من التعليم الاساسي، فهذا المنهج أكدّ على اعتبار الفن بالنسبة للطفل وسيلة من وسائل التعبير، وان الغاية من تدريس مادة الفنون هي التربية عن طريق ممارسة الفن والإبداع والابتكار، وان الهدف منه هو تنمية قدرات الطفل الإبداعية، والادراكية والعاطفية، والعقلية والجسدية والانفعالية، وان الطرائق المعتمدة في التدريس اساسها التعبير الحر، كما ركزت على الدور الاساسي للفن في البيئة والمدرسة والمناسبات الاجتماعية والوطنية.
كذلك أكدّ المنهج الخاص بتدريس الفنون التشكيلية على بعض الأهداف التقنية الفنية والتي تمحورت حول:

ملامس الحك على المعدن - عمل لتلميذ

 

 

 

 

استخدام مجموعة من التقنيات اللونية (ألوان اللباد والشمعية والخشبية والمائية والأحبار ...) ومجموعة من الخامات (الورقية والكرتونية والخشبية والمعدنية والأقمشة والنايلون والطين وغيرها) كما تم التركيز على مجموعة من المفاهيم الفنية (كالأشكال والألوان والخطوط والمساحات
والأحجام والأبعاد والفراغ والتأليف والملامس). ولتحقيق هذه الأهداف والمفاهيم يحتاج التلميذ إلى مجموعة من المواد والأدوات والوسائل تفوق أسعارها احياناً قدرات الأهل وإمكانياتهم المادية. مما يؤثر سلباً على تدريس المادة وتحقيق الغاية منها.
أمام هذا الواقع لا بد من أن نبحث عن بدائل ميسّرة وغير مكلفة تقوم مقام علب الألوان، والمعجون وزجاج الفيتراي، وحصى الموزاييك والجفصين، والكرتون الملون، والورق الشفاف، وعجينة السيراميك، والفخار، والطباعة الحريرية وغيرها من المواد المعروضة في المكتبات والمتخصصة في القرطاسيات الفنية.

هذه البدائل يمكن للتلميذ أن يختارها من ''حواضر البيت'' الذي يعيش فيه كاستخدام الحبوب، والصابون، والبيض والاقمشة والخيطان والقطن والصوف والاسفنج والنايلون والبطاطا والاسلال والملاقط وغيرها من مواد منزلية تصلح لان تكون اعمالاً فنية جميلة، أو يمكن اختيارها من البيئة التي يعيش فيها التلميذ مثال الطين والأحجار والرمول والأزهار واوراق الاشجار والعلب الكرتونية والبحص والفلين واوراق الصحف واوراق الشوكولا والأخشاب وبقايا الزجاج والقناني والعلب البلاستيكية والمعدنية وغيرها من المواد البيئية التي تساعد على إنتاج أعمال فنية جديرة بالاهتمام، إضافة إلى الممحاة والمبراة والمسطرة والاقلام والمقص والصمغ والألوان والدفاتر البيضاء التي هي اصلاً في حوزة التلميذ ويستخدمها في مواد تعليمية أخرى.
إن هذه المواد المنزلية والبيئية متوافرة وغير مكلفة، وعلى معلمي مادة الفنون التشكيلية توجيه تلاميذهم إلى اختيار المواد والأدوات التي يحتاجونها من هذا الوسط المعيوش، ففيه الكثير من البدائل والخامات التي تؤدي دوراً تربوياً وتعليمياً تضاهي في امكانياتها أهم المواد التي تباع في المكتبات والمحلات الكبرى إذ:

  • تساعد التلميذ على الخلق والإبداع والابتكار.
  • تنمي لديه المخيلة والحواس.
  • تنمي قدراته العقلية والعضلية.
  • تكسبه الكثير من المعلومات والمفردات والخبرة من خلال بحثه عن المواد واختيارها.
  • تعرفه إلى طبيعة المادة وملامسها.
  • تساعده على الربط بين الخامة المختارة وبعض العلوم الأخرى كالعلوم الطبيعية والصناعية والرياضية.
  • تؤمن له تمضية أوقات فراغه بما هو نافع.
  • تعرفه اكثر فاكثر إلى بيئته ووسطه الاجتماعي.
  • تغني ثقافته الفنية وامكاناته التقنية من خلال الربط بين أعماله المتنوعة والمركبة من خامات بيئية واعمال فنانين معروفين في مجال الكولاج والطباعة والحفر والنحت والفنون الانطباعية والتثقيفية والتجريدية.

 

كولاج بالكرتون الملون - عمل لتلميذ

 

 

 

 

كذلك تقدم هذه الخامات مادة حية وحسية لاهم المفاهيم الفنية التي يسعى منهج مادة الفنون التشكيلية الى التعريف بها وتقديمها إلى تلاميذ حلقات التعليم الاساسي من التعليم العام ما قبل الجامعي.
اما بالنسبة للتعرف الى مفهوم الألوان وتنوعاتها وتدرجاتها فباستطاعة التلميذ استخدام الألوان التي بحوزته، أو الاستعانة بالأوراق الملونة التي يمكن أن يحصل عليها من المحيط الذي يعيش فيه ويشكلها بواسطة القص والتلصيق والتركيب. كما يستطيع التلميذ التعرف الى مفهوم الخطوط وأنواعها واوضاعها من خلال الاستعانة بالخيطان الصوفية، والشرائط المعدنية، وعيدان الثقاب وغيرها فيشكل منها اشكالاً نباتية وهندسية وآدمية وحيوانية. كما يمكن التعرف الى مفهوم الأحجام من خلال النحت على الصابون، والتشكيل بالطين، والرسم على البيض، وتأليف احجام مختلفة من الكرتون، والعلب الفارغة، والاسفنج، والرسم على القناني والاواني الخ.

تنفيذ لوحة بواسطة قصاصات ورقية من مجلات - عمل لمجموعة تلاميذ
 

 

 

ويتعرف التلميذ الى مفهوم المساحات من خلال استخدام الأوراق والكرتون الملوّن واعداد ملصقات مختلفة المساحات طولياً ودائرياً وغير ذلك، وللتعرف الى مفهوم الملامس يمكن استخدام الاقمشة والكرتون والنايلون والقطن والخشب والمعدن والإسفنج واعادة تركيب هذه المواد بصيغ فنية جميلة ، والى مفهوم الأشكال من خلال قص الكرتون والأقمشة والرسم ايضاً.

طباعة بواسطة الاصابع، عمل لتلميذ


 

 

اما تقنية الحفر فنستطيع اختبارها من خلال الحفر على الطين والجفصين. وعلى تقنية الطباعة من خلال الرسم بواسطة الأصابع والطباعة بالطين والزجاج والجفصين بواسطة البطاطا ايضاً وعلى تقنية الموزاييك من خلال الصاق الحبوب على مساحات متوسطة وعلى تقنية الفيتراي من خلال استخدام أوراق الشوكولا الملونة والشفافة.
وبهدف التخفيف عن الأهل والتلاميذ والمدرسة يمكن الاستعانة بالمواد البيئية. ونحن على ثقة بأن الأهداف التربوية والتعليمية المتوخاة من خلال تدريس الفنون التشكيلية ستصل إلى التلاميذ بكامل قوتها وفعاليتها. المهم هو أن نحسن اختيار المواد المطلوبة، بما يتناسب وعمر الطفل ونضجه وإمكانياته العضلية، وأن نراعي ايضاً وجود هذه المواد في البيئة التي يعيش فيها الأطفال، على أن تخدم هذه المواد الأهداف الفنية والتربوية للنشاط المطلوب. وهنا تلعب موهبة المعلم وقدراته الإبداعية ومبادراته الخلاقة الدور الأساسي في استنباط الأفكار الرائعة والجميلة
.

تدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

د. اكرم قانصو رئيس الجمعية اللبنانية للتربية الفنيةتدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

دلت الدراسات الميدانية مؤخراً على أن مسألة تدريس مادة الفنون التشكيلية في المدارس اللبنانية تعاني من الفوضى والإهمال والتهميش رغم كل الجهود التي بذلت في سبيل تفعيل تدريس المادة وإفساح المجال أمامها لتأخذ دورها في العملية التربوية . فوزارة التربية مثلاً أدرجت هذه المادة في المناهج التعليمية، واعدت عبر المركز التربوي للبحوث والإنماء كتباً متخصصة في هذا المجال، ونظمت دورات تدريبية لمجموعة من المعلمين، إضافة إلى تخريج عدد لا بأس به من مدرسي التربية الفنية الذين تابعوا تحصيلهم العلمي في دور المعلمين والمعلمات. وتخريج دفعات أخرى ممن اكملوا دراساتهم الجامعية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية. إلا أن تدريس المادة بقي يعاني من مجموعة مشكلات هي:

  • تهميش من قبل الأهل والإدارات المسؤولة.
  • عدم فهم طبيعة المادة ودورها التربوي.
  • عدم وجود محترفات مدرسية، ووسائل تربوية، ومواد وخامات تقنية.
  • قرار وزاري بتعليق تدريس مواد الفنون لأسباب تتراوح بين الإمكانيات المتوافرة، وأولوية بعض المواد التعليمية الأخرى.
  • قدرات الأهل المتواضعة التي لا تساعد على تأمين جميع المستلزمات المطلوبة للتلميذ.

 

لنبدأ اولاً بالأسس التي قام عليها منهج مادة الفنون التشكيلية وخاصة في الحلقات الثلاث من التعليم الاساسي، فهذا المنهج أكدّ على اعتبار الفن بالنسبة للطفل وسيلة من وسائل التعبير، وان الغاية من تدريس مادة الفنون هي التربية عن طريق ممارسة الفن والإبداع والابتكار، وان الهدف منه هو تنمية قدرات الطفل الإبداعية، والادراكية والعاطفية، والعقلية والجسدية والانفعالية، وان الطرائق المعتمدة في التدريس اساسها التعبير الحر، كما ركزت على الدور الاساسي للفن في البيئة والمدرسة والمناسبات الاجتماعية والوطنية.
كذلك أكدّ المنهج الخاص بتدريس الفنون التشكيلية على بعض الأهداف التقنية الفنية والتي تمحورت حول:

ملامس الحك على المعدن - عمل لتلميذ

 

 

 

 

استخدام مجموعة من التقنيات اللونية (ألوان اللباد والشمعية والخشبية والمائية والأحبار ...) ومجموعة من الخامات (الورقية والكرتونية والخشبية والمعدنية والأقمشة والنايلون والطين وغيرها) كما تم التركيز على مجموعة من المفاهيم الفنية (كالأشكال والألوان والخطوط والمساحات
والأحجام والأبعاد والفراغ والتأليف والملامس). ولتحقيق هذه الأهداف والمفاهيم يحتاج التلميذ إلى مجموعة من المواد والأدوات والوسائل تفوق أسعارها احياناً قدرات الأهل وإمكانياتهم المادية. مما يؤثر سلباً على تدريس المادة وتحقيق الغاية منها.
أمام هذا الواقع لا بد من أن نبحث عن بدائل ميسّرة وغير مكلفة تقوم مقام علب الألوان، والمعجون وزجاج الفيتراي، وحصى الموزاييك والجفصين، والكرتون الملون، والورق الشفاف، وعجينة السيراميك، والفخار، والطباعة الحريرية وغيرها من المواد المعروضة في المكتبات والمتخصصة في القرطاسيات الفنية.

هذه البدائل يمكن للتلميذ أن يختارها من ''حواضر البيت'' الذي يعيش فيه كاستخدام الحبوب، والصابون، والبيض والاقمشة والخيطان والقطن والصوف والاسفنج والنايلون والبطاطا والاسلال والملاقط وغيرها من مواد منزلية تصلح لان تكون اعمالاً فنية جميلة، أو يمكن اختيارها من البيئة التي يعيش فيها التلميذ مثال الطين والأحجار والرمول والأزهار واوراق الاشجار والعلب الكرتونية والبحص والفلين واوراق الصحف واوراق الشوكولا والأخشاب وبقايا الزجاج والقناني والعلب البلاستيكية والمعدنية وغيرها من المواد البيئية التي تساعد على إنتاج أعمال فنية جديرة بالاهتمام، إضافة إلى الممحاة والمبراة والمسطرة والاقلام والمقص والصمغ والألوان والدفاتر البيضاء التي هي اصلاً في حوزة التلميذ ويستخدمها في مواد تعليمية أخرى.
إن هذه المواد المنزلية والبيئية متوافرة وغير مكلفة، وعلى معلمي مادة الفنون التشكيلية توجيه تلاميذهم إلى اختيار المواد والأدوات التي يحتاجونها من هذا الوسط المعيوش، ففيه الكثير من البدائل والخامات التي تؤدي دوراً تربوياً وتعليمياً تضاهي في امكانياتها أهم المواد التي تباع في المكتبات والمحلات الكبرى إذ:

  • تساعد التلميذ على الخلق والإبداع والابتكار.
  • تنمي لديه المخيلة والحواس.
  • تنمي قدراته العقلية والعضلية.
  • تكسبه الكثير من المعلومات والمفردات والخبرة من خلال بحثه عن المواد واختيارها.
  • تعرفه إلى طبيعة المادة وملامسها.
  • تساعده على الربط بين الخامة المختارة وبعض العلوم الأخرى كالعلوم الطبيعية والصناعية والرياضية.
  • تؤمن له تمضية أوقات فراغه بما هو نافع.
  • تعرفه اكثر فاكثر إلى بيئته ووسطه الاجتماعي.
  • تغني ثقافته الفنية وامكاناته التقنية من خلال الربط بين أعماله المتنوعة والمركبة من خامات بيئية واعمال فنانين معروفين في مجال الكولاج والطباعة والحفر والنحت والفنون الانطباعية والتثقيفية والتجريدية.

 

كولاج بالكرتون الملون - عمل لتلميذ

 

 

 

 

كذلك تقدم هذه الخامات مادة حية وحسية لاهم المفاهيم الفنية التي يسعى منهج مادة الفنون التشكيلية الى التعريف بها وتقديمها إلى تلاميذ حلقات التعليم الاساسي من التعليم العام ما قبل الجامعي.
اما بالنسبة للتعرف الى مفهوم الألوان وتنوعاتها وتدرجاتها فباستطاعة التلميذ استخدام الألوان التي بحوزته، أو الاستعانة بالأوراق الملونة التي يمكن أن يحصل عليها من المحيط الذي يعيش فيه ويشكلها بواسطة القص والتلصيق والتركيب. كما يستطيع التلميذ التعرف الى مفهوم الخطوط وأنواعها واوضاعها من خلال الاستعانة بالخيطان الصوفية، والشرائط المعدنية، وعيدان الثقاب وغيرها فيشكل منها اشكالاً نباتية وهندسية وآدمية وحيوانية. كما يمكن التعرف الى مفهوم الأحجام من خلال النحت على الصابون، والتشكيل بالطين، والرسم على البيض، وتأليف احجام مختلفة من الكرتون، والعلب الفارغة، والاسفنج، والرسم على القناني والاواني الخ.

تنفيذ لوحة بواسطة قصاصات ورقية من مجلات - عمل لمجموعة تلاميذ
 

 

 

ويتعرف التلميذ الى مفهوم المساحات من خلال استخدام الأوراق والكرتون الملوّن واعداد ملصقات مختلفة المساحات طولياً ودائرياً وغير ذلك، وللتعرف الى مفهوم الملامس يمكن استخدام الاقمشة والكرتون والنايلون والقطن والخشب والمعدن والإسفنج واعادة تركيب هذه المواد بصيغ فنية جميلة ، والى مفهوم الأشكال من خلال قص الكرتون والأقمشة والرسم ايضاً.

طباعة بواسطة الاصابع، عمل لتلميذ


 

 

اما تقنية الحفر فنستطيع اختبارها من خلال الحفر على الطين والجفصين. وعلى تقنية الطباعة من خلال الرسم بواسطة الأصابع والطباعة بالطين والزجاج والجفصين بواسطة البطاطا ايضاً وعلى تقنية الموزاييك من خلال الصاق الحبوب على مساحات متوسطة وعلى تقنية الفيتراي من خلال استخدام أوراق الشوكولا الملونة والشفافة.
وبهدف التخفيف عن الأهل والتلاميذ والمدرسة يمكن الاستعانة بالمواد البيئية. ونحن على ثقة بأن الأهداف التربوية والتعليمية المتوخاة من خلال تدريس الفنون التشكيلية ستصل إلى التلاميذ بكامل قوتها وفعاليتها. المهم هو أن نحسن اختيار المواد المطلوبة، بما يتناسب وعمر الطفل ونضجه وإمكانياته العضلية، وأن نراعي ايضاً وجود هذه المواد في البيئة التي يعيش فيها الأطفال، على أن تخدم هذه المواد الأهداف الفنية والتربوية للنشاط المطلوب. وهنا تلعب موهبة المعلم وقدراته الإبداعية ومبادراته الخلاقة الدور الأساسي في استنباط الأفكار الرائعة والجميلة
.

تدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

د. اكرم قانصو رئيس الجمعية اللبنانية للتربية الفنيةتدريس الفنون التشكيلية بالوسائل المتوافرة

دلت الدراسات الميدانية مؤخراً على أن مسألة تدريس مادة الفنون التشكيلية في المدارس اللبنانية تعاني من الفوضى والإهمال والتهميش رغم كل الجهود التي بذلت في سبيل تفعيل تدريس المادة وإفساح المجال أمامها لتأخذ دورها في العملية التربوية . فوزارة التربية مثلاً أدرجت هذه المادة في المناهج التعليمية، واعدت عبر المركز التربوي للبحوث والإنماء كتباً متخصصة في هذا المجال، ونظمت دورات تدريبية لمجموعة من المعلمين، إضافة إلى تخريج عدد لا بأس به من مدرسي التربية الفنية الذين تابعوا تحصيلهم العلمي في دور المعلمين والمعلمات. وتخريج دفعات أخرى ممن اكملوا دراساتهم الجامعية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية. إلا أن تدريس المادة بقي يعاني من مجموعة مشكلات هي:

  • تهميش من قبل الأهل والإدارات المسؤولة.
  • عدم فهم طبيعة المادة ودورها التربوي.
  • عدم وجود محترفات مدرسية، ووسائل تربوية، ومواد وخامات تقنية.
  • قرار وزاري بتعليق تدريس مواد الفنون لأسباب تتراوح بين الإمكانيات المتوافرة، وأولوية بعض المواد التعليمية الأخرى.
  • قدرات الأهل المتواضعة التي لا تساعد على تأمين جميع المستلزمات المطلوبة للتلميذ.

 

لنبدأ اولاً بالأسس التي قام عليها منهج مادة الفنون التشكيلية وخاصة في الحلقات الثلاث من التعليم الاساسي، فهذا المنهج أكدّ على اعتبار الفن بالنسبة للطفل وسيلة من وسائل التعبير، وان الغاية من تدريس مادة الفنون هي التربية عن طريق ممارسة الفن والإبداع والابتكار، وان الهدف منه هو تنمية قدرات الطفل الإبداعية، والادراكية والعاطفية، والعقلية والجسدية والانفعالية، وان الطرائق المعتمدة في التدريس اساسها التعبير الحر، كما ركزت على الدور الاساسي للفن في البيئة والمدرسة والمناسبات الاجتماعية والوطنية.
كذلك أكدّ المنهج الخاص بتدريس الفنون التشكيلية على بعض الأهداف التقنية الفنية والتي تمحورت حول:

ملامس الحك على المعدن - عمل لتلميذ

 

 

 

 

استخدام مجموعة من التقنيات اللونية (ألوان اللباد والشمعية والخشبية والمائية والأحبار ...) ومجموعة من الخامات (الورقية والكرتونية والخشبية والمعدنية والأقمشة والنايلون والطين وغيرها) كما تم التركيز على مجموعة من المفاهيم الفنية (كالأشكال والألوان والخطوط والمساحات
والأحجام والأبعاد والفراغ والتأليف والملامس). ولتحقيق هذه الأهداف والمفاهيم يحتاج التلميذ إلى مجموعة من المواد والأدوات والوسائل تفوق أسعارها احياناً قدرات الأهل وإمكانياتهم المادية. مما يؤثر سلباً على تدريس المادة وتحقيق الغاية منها.
أمام هذا الواقع لا بد من أن نبحث عن بدائل ميسّرة وغير مكلفة تقوم مقام علب الألوان، والمعجون وزجاج الفيتراي، وحصى الموزاييك والجفصين، والكرتون الملون، والورق الشفاف، وعجينة السيراميك، والفخار، والطباعة الحريرية وغيرها من المواد المعروضة في المكتبات والمتخصصة في القرطاسيات الفنية.

هذه البدائل يمكن للتلميذ أن يختارها من ''حواضر البيت'' الذي يعيش فيه كاستخدام الحبوب، والصابون، والبيض والاقمشة والخيطان والقطن والصوف والاسفنج والنايلون والبطاطا والاسلال والملاقط وغيرها من مواد منزلية تصلح لان تكون اعمالاً فنية جميلة، أو يمكن اختيارها من البيئة التي يعيش فيها التلميذ مثال الطين والأحجار والرمول والأزهار واوراق الاشجار والعلب الكرتونية والبحص والفلين واوراق الصحف واوراق الشوكولا والأخشاب وبقايا الزجاج والقناني والعلب البلاستيكية والمعدنية وغيرها من المواد البيئية التي تساعد على إنتاج أعمال فنية جديرة بالاهتمام، إضافة إلى الممحاة والمبراة والمسطرة والاقلام والمقص والصمغ والألوان والدفاتر البيضاء التي هي اصلاً في حوزة التلميذ ويستخدمها في مواد تعليمية أخرى.
إن هذه المواد المنزلية والبيئية متوافرة وغير مكلفة، وعلى معلمي مادة الفنون التشكيلية توجيه تلاميذهم إلى اختيار المواد والأدوات التي يحتاجونها من هذا الوسط المعيوش، ففيه الكثير من البدائل والخامات التي تؤدي دوراً تربوياً وتعليمياً تضاهي في امكانياتها أهم المواد التي تباع في المكتبات والمحلات الكبرى إذ:

  • تساعد التلميذ على الخلق والإبداع والابتكار.
  • تنمي لديه المخيلة والحواس.
  • تنمي قدراته العقلية والعضلية.
  • تكسبه الكثير من المعلومات والمفردات والخبرة من خلال بحثه عن المواد واختيارها.
  • تعرفه إلى طبيعة المادة وملامسها.
  • تساعده على الربط بين الخامة المختارة وبعض العلوم الأخرى كالعلوم الطبيعية والصناعية والرياضية.
  • تؤمن له تمضية أوقات فراغه بما هو نافع.
  • تعرفه اكثر فاكثر إلى بيئته ووسطه الاجتماعي.
  • تغني ثقافته الفنية وامكاناته التقنية من خلال الربط بين أعماله المتنوعة والمركبة من خامات بيئية واعمال فنانين معروفين في مجال الكولاج والطباعة والحفر والنحت والفنون الانطباعية والتثقيفية والتجريدية.

 

كولاج بالكرتون الملون - عمل لتلميذ

 

 

 

 

كذلك تقدم هذه الخامات مادة حية وحسية لاهم المفاهيم الفنية التي يسعى منهج مادة الفنون التشكيلية الى التعريف بها وتقديمها إلى تلاميذ حلقات التعليم الاساسي من التعليم العام ما قبل الجامعي.
اما بالنسبة للتعرف الى مفهوم الألوان وتنوعاتها وتدرجاتها فباستطاعة التلميذ استخدام الألوان التي بحوزته، أو الاستعانة بالأوراق الملونة التي يمكن أن يحصل عليها من المحيط الذي يعيش فيه ويشكلها بواسطة القص والتلصيق والتركيب. كما يستطيع التلميذ التعرف الى مفهوم الخطوط وأنواعها واوضاعها من خلال الاستعانة بالخيطان الصوفية، والشرائط المعدنية، وعيدان الثقاب وغيرها فيشكل منها اشكالاً نباتية وهندسية وآدمية وحيوانية. كما يمكن التعرف الى مفهوم الأحجام من خلال النحت على الصابون، والتشكيل بالطين، والرسم على البيض، وتأليف احجام مختلفة من الكرتون، والعلب الفارغة، والاسفنج، والرسم على القناني والاواني الخ.

تنفيذ لوحة بواسطة قصاصات ورقية من مجلات - عمل لمجموعة تلاميذ
 

 

 

ويتعرف التلميذ الى مفهوم المساحات من خلال استخدام الأوراق والكرتون الملوّن واعداد ملصقات مختلفة المساحات طولياً ودائرياً وغير ذلك، وللتعرف الى مفهوم الملامس يمكن استخدام الاقمشة والكرتون والنايلون والقطن والخشب والمعدن والإسفنج واعادة تركيب هذه المواد بصيغ فنية جميلة ، والى مفهوم الأشكال من خلال قص الكرتون والأقمشة والرسم ايضاً.

طباعة بواسطة الاصابع، عمل لتلميذ


 

 

اما تقنية الحفر فنستطيع اختبارها من خلال الحفر على الطين والجفصين. وعلى تقنية الطباعة من خلال الرسم بواسطة الأصابع والطباعة بالطين والزجاج والجفصين بواسطة البطاطا ايضاً وعلى تقنية الموزاييك من خلال الصاق الحبوب على مساحات متوسطة وعلى تقنية الفيتراي من خلال استخدام أوراق الشوكولا الملونة والشفافة.
وبهدف التخفيف عن الأهل والتلاميذ والمدرسة يمكن الاستعانة بالمواد البيئية. ونحن على ثقة بأن الأهداف التربوية والتعليمية المتوخاة من خلال تدريس الفنون التشكيلية ستصل إلى التلاميذ بكامل قوتها وفعاليتها. المهم هو أن نحسن اختيار المواد المطلوبة، بما يتناسب وعمر الطفل ونضجه وإمكانياته العضلية، وأن نراعي ايضاً وجود هذه المواد في البيئة التي يعيش فيها الأطفال، على أن تخدم هذه المواد الأهداف الفنية والتربوية للنشاط المطلوب. وهنا تلعب موهبة المعلم وقدراته الإبداعية ومبادراته الخلاقة الدور الأساسي في استنباط الأفكار الرائعة والجميلة
.