صليبا الدويهي

لوحة الغلاف

 

 

 

 

اللوحة للفنان التشكيلي اللبناني

صليبا الدويهي (١٩١٢ - ١٩٩٤)

لم يعد صليبا الدويهي يبحث عن النور، من أين يأتي، لم يعد النور والظل يؤلفان كتله الفنية أحجامًا وأشكالاً وألوانًا فإنه يقول: ''إن رسمت ليلاً أو نهارًا سيّان عندي. لكن إذا ملت إلى التجريد، ليس لأنه ''موضة'' انتشرت في العصر، أو قبله، بل لأن الفنان عندما يتعمق في الرسم يقع في التجريد حتمًا، التجريد في النهاية خلاصة كل فنان''.
قال ذلك بعد مغادرته لبنان عام ١٩٥٠ إلى نيويورك، وبعد أن رسم اللوحات الريفية في قلب الطبيعة، وغازلات الصوف أمام الأكواخ، والفلاحين وراء المحراث، وبعد أن انكب على دراسة اللون وتبدلاته في الطبيعة اللبنانية والريف اللبناني وخاصة بلدته إهدن وجوارها، وبعد أن انغمس في تصوير المناظر، الأودية، بعد أن رشف لذة خاصة من خلال تجسيد أشخاص عديدين ورسمهم عند الصباح أو في العشية. بدأ بتبسيط أشكاله فحوّل منظره الطبيعي إلى مساحات لونية متجاورة، مسطحة خالية من الكتلة والتحجيم. جرّد الدويهي المنظر الطبيعي فأعاده إلى صفائه الهندسي كمن يصمم عملاً أوليًا ويقطعه إلى أقسامه الرئيسية، وبدل أن يضيف إليه التفاصيل ، عكف على اختزاله وتطرّف في عملية الاختزال حتى تحوّل مشهده إلى بضع مساحات لونية فأزال التعرجات واختزل الحركات الخطية حتى تحوّل تأليفه الفني إلى سجادة فسيحة الأرجاء، مترامية المساحات، مشعّة الألوان... لكنها تنبىء في كل الاحوال بلبنان وطبيعته. حاول أن يعولم الطبيعة، وأن يرمزها، لتصبح طبيعة كل مكان وزمان، لكن لبنان ظل يعبق بها ويطل منها.
ويشكل هذا العمل حالة وسيطة بين التجريد الهندسي المطلق الذي توصل اليه الفنان وبين المرحلة الانطباعية التي وسمت مشهديته الطبيعية. وهو عمل فريد، يستطيع الرائي ان يجد فيه عناصر طبيعية مبنية بناء محكماً، لتشغل مسطحات لونية صافية، لكنها لا تنكر انتماءها. اضمحلت التفاصيل واختفت، وتسطّح العمل في بعدين واختفى المنظور (البعد الثالث) لكن الجبل لا يزال يشمخ، وينحدر متقاطعاً مع البحر والسهل ويمتد الى الغيم والسماء. من تأصلت تجربته الفنية فحاكت فلسفته الداخلية المنعطفة الى التصوف، وجد في الاختزال وسيلة الى بلوغ الصفاء، والصفاء لبناني المولد ... انه صليبا الدويهي.

 

د. عادل قديح

صليبا الدويهي

لوحة الغلاف

 

 

 

 

اللوحة للفنان التشكيلي اللبناني

صليبا الدويهي (١٩١٢ - ١٩٩٤)

لم يعد صليبا الدويهي يبحث عن النور، من أين يأتي، لم يعد النور والظل يؤلفان كتله الفنية أحجامًا وأشكالاً وألوانًا فإنه يقول: ''إن رسمت ليلاً أو نهارًا سيّان عندي. لكن إذا ملت إلى التجريد، ليس لأنه ''موضة'' انتشرت في العصر، أو قبله، بل لأن الفنان عندما يتعمق في الرسم يقع في التجريد حتمًا، التجريد في النهاية خلاصة كل فنان''.
قال ذلك بعد مغادرته لبنان عام ١٩٥٠ إلى نيويورك، وبعد أن رسم اللوحات الريفية في قلب الطبيعة، وغازلات الصوف أمام الأكواخ، والفلاحين وراء المحراث، وبعد أن انكب على دراسة اللون وتبدلاته في الطبيعة اللبنانية والريف اللبناني وخاصة بلدته إهدن وجوارها، وبعد أن انغمس في تصوير المناظر، الأودية، بعد أن رشف لذة خاصة من خلال تجسيد أشخاص عديدين ورسمهم عند الصباح أو في العشية. بدأ بتبسيط أشكاله فحوّل منظره الطبيعي إلى مساحات لونية متجاورة، مسطحة خالية من الكتلة والتحجيم. جرّد الدويهي المنظر الطبيعي فأعاده إلى صفائه الهندسي كمن يصمم عملاً أوليًا ويقطعه إلى أقسامه الرئيسية، وبدل أن يضيف إليه التفاصيل ، عكف على اختزاله وتطرّف في عملية الاختزال حتى تحوّل مشهده إلى بضع مساحات لونية فأزال التعرجات واختزل الحركات الخطية حتى تحوّل تأليفه الفني إلى سجادة فسيحة الأرجاء، مترامية المساحات، مشعّة الألوان... لكنها تنبىء في كل الاحوال بلبنان وطبيعته. حاول أن يعولم الطبيعة، وأن يرمزها، لتصبح طبيعة كل مكان وزمان، لكن لبنان ظل يعبق بها ويطل منها.
ويشكل هذا العمل حالة وسيطة بين التجريد الهندسي المطلق الذي توصل اليه الفنان وبين المرحلة الانطباعية التي وسمت مشهديته الطبيعية. وهو عمل فريد، يستطيع الرائي ان يجد فيه عناصر طبيعية مبنية بناء محكماً، لتشغل مسطحات لونية صافية، لكنها لا تنكر انتماءها. اضمحلت التفاصيل واختفت، وتسطّح العمل في بعدين واختفى المنظور (البعد الثالث) لكن الجبل لا يزال يشمخ، وينحدر متقاطعاً مع البحر والسهل ويمتد الى الغيم والسماء. من تأصلت تجربته الفنية فحاكت فلسفته الداخلية المنعطفة الى التصوف، وجد في الاختزال وسيلة الى بلوغ الصفاء، والصفاء لبناني المولد ... انه صليبا الدويهي.

 

د. عادل قديح

صليبا الدويهي

لوحة الغلاف

 

 

 

 

اللوحة للفنان التشكيلي اللبناني

صليبا الدويهي (١٩١٢ - ١٩٩٤)

لم يعد صليبا الدويهي يبحث عن النور، من أين يأتي، لم يعد النور والظل يؤلفان كتله الفنية أحجامًا وأشكالاً وألوانًا فإنه يقول: ''إن رسمت ليلاً أو نهارًا سيّان عندي. لكن إذا ملت إلى التجريد، ليس لأنه ''موضة'' انتشرت في العصر، أو قبله، بل لأن الفنان عندما يتعمق في الرسم يقع في التجريد حتمًا، التجريد في النهاية خلاصة كل فنان''.
قال ذلك بعد مغادرته لبنان عام ١٩٥٠ إلى نيويورك، وبعد أن رسم اللوحات الريفية في قلب الطبيعة، وغازلات الصوف أمام الأكواخ، والفلاحين وراء المحراث، وبعد أن انكب على دراسة اللون وتبدلاته في الطبيعة اللبنانية والريف اللبناني وخاصة بلدته إهدن وجوارها، وبعد أن انغمس في تصوير المناظر، الأودية، بعد أن رشف لذة خاصة من خلال تجسيد أشخاص عديدين ورسمهم عند الصباح أو في العشية. بدأ بتبسيط أشكاله فحوّل منظره الطبيعي إلى مساحات لونية متجاورة، مسطحة خالية من الكتلة والتحجيم. جرّد الدويهي المنظر الطبيعي فأعاده إلى صفائه الهندسي كمن يصمم عملاً أوليًا ويقطعه إلى أقسامه الرئيسية، وبدل أن يضيف إليه التفاصيل ، عكف على اختزاله وتطرّف في عملية الاختزال حتى تحوّل مشهده إلى بضع مساحات لونية فأزال التعرجات واختزل الحركات الخطية حتى تحوّل تأليفه الفني إلى سجادة فسيحة الأرجاء، مترامية المساحات، مشعّة الألوان... لكنها تنبىء في كل الاحوال بلبنان وطبيعته. حاول أن يعولم الطبيعة، وأن يرمزها، لتصبح طبيعة كل مكان وزمان، لكن لبنان ظل يعبق بها ويطل منها.
ويشكل هذا العمل حالة وسيطة بين التجريد الهندسي المطلق الذي توصل اليه الفنان وبين المرحلة الانطباعية التي وسمت مشهديته الطبيعية. وهو عمل فريد، يستطيع الرائي ان يجد فيه عناصر طبيعية مبنية بناء محكماً، لتشغل مسطحات لونية صافية، لكنها لا تنكر انتماءها. اضمحلت التفاصيل واختفت، وتسطّح العمل في بعدين واختفى المنظور (البعد الثالث) لكن الجبل لا يزال يشمخ، وينحدر متقاطعاً مع البحر والسهل ويمتد الى الغيم والسماء. من تأصلت تجربته الفنية فحاكت فلسفته الداخلية المنعطفة الى التصوف، وجد في الاختزال وسيلة الى بلوغ الصفاء، والصفاء لبناني المولد ... انه صليبا الدويهي.

 

د. عادل قديح