اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

رندا كعدي مدرّبة دراما ومدرّسة في التعليم الرسمي''من منّا لم يلعب لعبة ''البيت بيوت'' وهو في مرحلة الطفولة الاولى أو الثانية''، فإذا طرحنا السؤال بجدية، وبالابعاد الاكاديمية والتربوية والنفسية، سنجد الجواب بأن الفطرة والتداوي عن طريقها، هي المدخل الاساسي لتكوين الشخصية السليمة وتركيبها، فالصغار حين يلعبون لعبة ''البيت بيوت'' يلعبونها بجدّية، فيجدون المكان: ''قال هون كلينيك الحكيم'' ويتوزعون الادوار ''قال انا الحكيم وانت المريض وهي امك''، ويتحول القلم الى ابرة والحبلة الى سماعة، وبإشارة ايمائية وبصدق مشاعر يتحول الهواء الى دواء، وتبدأ اللعبة من فكرة او موقف، ويرتجل الحوار ارتجالاً، والفصاحة في التعبير لا يشوبها شائب. فبتقليد المحيط وارتجال المواقف المتعددة وربما المتداخلة، نلاحظ بأن تلك اللعبة البسيطة ''الساذجة'' اذا صح التعبير، تحمل في طياتها مكنونات ونظريات العملية التربوية الحديثة المتطورة. فالمهارات المكتسبة في لعبة ''البيت بيوت'' كتقبل الآخر، والتعبير عن الذات بالحركة او بالصوت، الاصغاء والحوار، البداية والنهاية، المكان والزمان، كلها تندرج وبشكل عفوي بسيط في لعبة الصغار.


إذا اخذنا هذه اللعبة وحلّلنا مكنوناتها التربوية نجد ان:
١- التمثيل هو فن رافق الانسان منذ ان حاول التعبير عن مشاعره وهواجسه او قلقه.
٢- فن التعبير بالحركة وبالصوت بغية التواصل مع الذات اولاً، ومع الآخرين ثانياً. فالتواصل واثارة الافكار
والمشاعر يتشارك فيها الفريق التمثيلي والمشاهد ''الناقد''.
٣- الهدف التربوي: ان اللعب التمثيلي اقوى معلم للاخلاق يدفع باتجاه السلوك الجيد. فالدروس لا تلقن بواسطة الكتب بل بالحركة المنظورة التي تبعث الحماس وتصل مباشرة الى قلوب الاولاد. لقد اثبتت تقنية ''لعب الادوار'' اهميتها في المنهجية الحديثة، بحيث ان دور المعلم ''الملقن'' قد اخذ بالزوال، وحلّ مكانه اكتشاف واستنباط وايجاد الحلول عن طريق اللعب ضمن المجموعة او اللعب المزدوج او الافرادي.
٤- الهدف العلاجي: ان الانسان هو مجموعة من الاحاسيس والشعور، فالعناصر التي تكوّن الكائن البشري هي نفس، جسد وروح. فإذا اصاب الخلل اياّ من تلك العناصر احتاج الى العلاج.
في البلدان المتطورة، اعتمد ''التمثيل'' علاجاً للامراض العصبية والنفسية في العيادات والمستشفيات. حيث يعبر الانسان عن مشاعره واحاسيسه بطرق ترفيهية مختلفة، فهو يصرّح عن مكنونات دفينة في داخله قد تكون احدى اسباب الصراع الداخلي الرابض في ''الوعي'' او ''اللاوعي''، وحين يكتشفها ويتحدث عنها فإنه وحده سيتخلص منها ويتماثل الى الشفاء من ذيولها، حيت يتمّ علاجها عن طريق التنفس والتأمل والاسترخاء. ويقول علماء النفس: ''حين نتكلم عن المشكلة ونعيها نبطل مفعولها المرضي''. فكم من حالات عصبية او خجل وانزواء او حتى تأخر في الادراك او التأتأة نجدها بين الاطفال والكبار... عندها ننعت اصحابها بالتأخر او الكسل. لكن حين نلعب مع الاولاد كافة والمصابين بأمراض نفسية خاصة، نجد ان العاب المواجهة، مواجهة الآخر وتقبّل الاخر وفن الاصغاء والتعبير، ومختلف الانشطة في اللعب التمثيلي ولعب الادوار، سوف تقودنا الى الحلّ الشافي. فالتمثيل هو العلاج الشافي لامراض النفس والروح.
٥- التمثيل ينمّي القدرات العقلية: كالاكتشاف، والاستنباط والعصف الذهني، وهي مستلزمات تربوية صرفة. كذلك هي نفسها الركائز الاساسية للقيام بلعب الادوار. فإن يكتشف التلميذ ذاته وقدراته ومواهبه في تجسيد الحالات المختلفة، فهو يقوم بعملية تنشيط ذهني يدفعه لاكتشاف الحلول لمواقف محددة. يقول ''بياجيه'': أن عملية النمو هي حلقات متصلة بعضها ببعض، فكلّ مرحلة تتأثر بما قبلها وتؤثر بما بعدها''. فعندما يستعمل الولد خياله ويطلق له العنان ويجسده واقعاً عن طريق ''اللعب التمثيلي'' سينشط بالتالي عملية الاكتشاف واستنباط الحلول وسيقوم بعصف ذهني لا يقف عند العقبات. اذاً نحن نبني ''باللعب'' جيلاً مقداماً واعياً. يتميز بالطواعية الذهنية (الحس المنطقي) والطواعية الجسدية.
- ربما نطرح سؤالاً : هل التربية والمنهجية الحديثة تقوم بمشروع اعداد ممثل؟
- الجواب: قطعاً لا. الفرق شاسع بين التمثيل المحترف وغايته الجمالية الفنية. وبين ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية''، فالاخيرة استحدثت في العملية التربوية لتطوير مهارات التفكير وتنمية قدرة الفرد على صنع القرار وحلّ المشاكل، وبنائه بناءً متكاملاً ومتوازناً فكراً ووجداناً وجسداً.

 

كيف ننفذ عملية ''اللعب التمثيلي'' في الحصص التعليمية؟
عند الانتهاء من كل ''محور'' نقوم بعملية تقويم للتأكد من تحقيق الكفاية. ربما سيأخذ التقويم شكل علامة، بعد تصحيح المسابقة الخطيّة او التسميع الشفهي... ولكن كم من تلميذ خانته ذاكرته يوم الامتحان الخطي؟ وكم من تلميذ يعاني مشكلة مواجهة الآخر، أو الخجل أو التأتأة، وهو ما سيعرضه لسخرية الرفاق، ... لذا نجد التقويم مجحفاً بحقه. فلو اخذنا مادة التاريخ كمثل حسّى نجد انها مادة ممتعة لو حوّلنا القصة التاريخية بمواقعها وابطالها، اسبابها ونتائجها. الى قصة يحضرّها الاولاد بطريقتهم الخاصة. فلان يتكلم وكأنه ''فخر الدين'' وسوف يضيف الى هذه الشخصية التاريخية بعض الصفات المعاصرة، وسيخلق ويبدع ويسبح في خياله، وسيعرضها مع بعض الرفاق بشكل فنيّ جمالي مبدع، عندها لن ينسى التلميذ هذه الشخصية لانها سكنته وجسّدها، كذلك الرفاق الذي  شاهدوا وسمعوا، وستبقى الحركة المنظورة مطبوعة في الخيال، وسنتيح حتماً للموهوبين التعبير عن ميولهم فنحن نعلم ان المتعلمين ينقسمون الى فئات، منهم من يدرك عن طريق السمع، ومنهم عن طريق النظر وآخرون عن طريق الحركة والاختبار. ''فباللعب التمثيلي'' نكون قد اعطينا لكل فئة حقها في عملية التعلّم واكتساب الخبرات، ويكون التقويم من خلال العمل الابداعي بعد ان تحولت الحصة الجافة الى مشروع ابداعي حسيّ حركي. ويصحّ المثل في مختلف المواد التعليمية والاجتماعيات، حيث انها كلها تصبو الى خلق فرد متوازن جريء يتحلّى بالكمال فالتصالح مع الذات، والتصالح مع الآخرين. وبذلك نبني جيلاً يحمل نتيجة خبرات الاجيال السابقة ليبني المستقبل.

 

نموذج عن الالعاب التمثيلية في الصف
تشكل ''الالعاب التمثيلية'' في الصف وسيلة حيوية نستخدمها لايصال المعلومات للمتعلمين بشكل غير مباشر، فهي بالتالي ترتبط بمحور الدروس، كما انها يمكن ان تشكّل من خلال الانشطة حصة كاملة مستقلّة تحدد معلمة الصف اهدافها العامة والخاصة، كما قد تستخدم الانشطة بهدف التمهيد لمحور معين لكي نصل الى الاهداف المرجوة. اذ ان اللعب العفوي (بالتمثيل) يقود المتعلم الى أن يعيش تجربته المعيشة ويجعلها موضوعاً لواقع تمثيلي وهمي. فيسمح لنفسه بإعادة تشخيص الوقائع وهو يدرك بأنه يلعب ويدرك بأن الاخرين يعرفون انه يلعب. لذلك سيتحلى بالجرأة ويفصح عن مشاعره امام الآخرين.

 

التعبير الحرّ
ويقصد بهذه التسمية اتاحة المجال للطفل (او البالغ) في ان ينفعل ويتصرف كما يريد ولو لم يطابق تصرفه الواقع،فنحن نهدف الى دفعه للتعبير، وفي التعبير الحرّ ثلاثة مجالات:
١- التقليد او المحاكاة: وهو تقليد شخصيات او حيوانات او اشياء جامدة. في اشكالها، اصواتها وتحركاتها وتصرفاتها (حتى ولو لم يكن التقليد مطابقاً للواقع).
٢- العاب الحوار والارتجال: يعتمد على وضع المتعلم في مواقف من الواقع المعيش او من عالم الخيال. بهدف دفعه الى اكتشاف الحلول بالحوار والحركة.
٣- التعبير بالتواصل: ويعتمد على حكاية معروفة او محور (سبق شرحه) والتعبير فيه يتمّ بالتواصل الكلامي والحركي.

 

الأهداف التربوية للعب التمثيلي
١- تقبل الآخر
٢- تنمية القدرات الحسية والذهنية
٣- تنمية القدرة على الابتكار
٤- تنمية القدرة التعبيرية بالصوت والجسم
٥- الطواعية بالتعبير عن المشاعر
٦- الانضمام الى المجموعة وتنمية لغة التواصل
٧- استخدام القدرة الذاتية والتعبيرية المكتسبة بصوابية
٨- المساهمة في تفتح ''المتعلمين'' عامة والخجولين منهم خاصة.
-9 ايصال الافكار التربوية عن طريق اللعب.
١٠ - التسلية والمرح والسعادة واكتشاف المواهب.


نماذج انشطة لألعاب المشاركة بالكلام
١- التعبير عن الذات:
- التعريف عن النفس
-سرد لحدث شهده او عاشه في الواقع
٢- بناء حكاية مع الآخرين:
- انطلاقاً من صورة (فردية في التمثيل)
- انطلاقاً من صوت (اصغاء وتركيز)
٣- العاب الارتجال:
- تعبير عن مشاعر مختلفة (سرعة بديهة)
- تقليد الاصوات

 

نماذج لألعاب المشاركة بالحركة
١- تمارين تعابير الوجه:
- الضحك، الابتسام، البكاء، العبوس، الدهشة،الغضب ...الخ
٢- تمارين تعابير الجسم بالحركة:
- تقليد عجوز، شاب، رضيع، ام، ولد، بنت، غابة اشجار، مصابيح الانارة، السيارة ...الخ
٣- تمارين التعبير باليدين:
- يد الشحاذ، يد المفكّر، يد الموسيقي، يد المرتبك، يد الشجاع، يد الكاتب ...الخ
٤- تمارين ايمائية:
- تعبير وتجسيد المشاعر عن طريق الحركة والصمت.
٥- تمارين تطابق الحركة مع الكلمة:
- ابتكار مواقف تحمل حركة مع كلمة ''مرحبا''، ''الى اللقاء''، ''كيفك'' ...الخ

 

تهدف العاب التعبير والمشاركة الى تعويد المتعلم على:
١- التعبير بجرأة امام الآخرين
٢- اكتساب القدرة على التصرف والابتكار
٣- الصدق بالمشاعر وتجسيد الاحساس بالحركة او الكلمة
٤- امتلاك القدرة على تحويل النص العلمي الى حوار مسرحي.

 

نموذج عن تحويل نص علمي الى نص مسرحي
- درس علوم
- المحور: عملية التنفس
١- توزيع الادوار:
-مجموعة تلعب دور الهواء الداخل الى الانف
-تلميذ يلعب دور الانف
-آخر يلعب دور القصبة الهوائية
- وآخر يلعب دور الرئتين
٢- حوار مرتجل: يفسر عملية التنفس بين افراد المجموعة.
- الكفاية: المتعلم يعيش ويلعب عملية التنفس ويبدع في ارتجال الحوار الذي يحمل المعلومات العلمية المتعلقة بالموضوع.
٣-المكان: قاعة الصف، تحويل بسيط في المقاعد لاستحداث مكان للعب التمثيلي.
٤-المناقشة: المشاهد يشارك في ''لعب الادوار'' كناقد للعمل الابداعي. ويذكر ما اذا وصل الى فهم الموضوع او عدم فهمه. والنقد يكون حافزاً للمخيلة والابداع في تقديم العرض.

 

نموذج في درس القراءة
ويتم ذلك من خلال:
١- قراءة صامتة (المتعلمون)
٢- قراءة نموذجية (المربي)
٣- تحميل الجمل الادبية مشاعر انسانية
٤- تقسيم النص الى ادوار رئيسة وثانوية
٥- سرد النص شفهياً وتحويله الى حدث او قصة
٦- اختيار الادوار الاساسية
٧- ارتجال حوار من خلال النص
٨- توزيع الادوار على المتعلمين (لعب الادوار)
-9 استخدام الانشطة في التعبير الكلامي والجسدي(السابق شرحها)
١٠ - تحويل الحصة الى متعة في فهم النص، الالقاء، ضبط الصوت، مخارج الحروف، التعرّف والتمكن من المفردات الجديدة، تحليل النص وتركيبه، (ان تقنية ''العصف الذهني'' هي أفضل الطرق لاستبدال العملية التقليدية في التعليم).

 

خلاصة:
إن الابداع في خلق طرائق تعليم متطورة، بحاجة الى التجربة والارتجال، التخيّل والتركيز، انتاج افكار جديدة من خلال العصف الذهني ... وهذا يتطلب تقنية في فن التواصل، ونحن نعلم ان ذلك يأخذ بعض الوقت للتمكن من تطبيقه بشكل فعّال، لكننا نستطيع الوصول الى ذلك عن طريق الخبرة الذاتية و الدورات التدريبية المستمرة، وسيتبيّن لنا أن ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية'' هي حاجة تعليمية ثقافية ترسّخ المعلومات المكتسبة عن طريق اللعب والاكتشاف.

 

المراجع:
- الالعاب التمثيلية ''سلسلة مقررات دور المعلمين والمعلمات''، المركز التربوي للبحوث والإنماء
- الدراما الابداعية ''اداة في العمل التربوي والتواصل''، ورشة الموارد . العربية، بيسان للتوزيع والنشر، بيروت، ١999

اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

رندا كعدي مدرّبة دراما ومدرّسة في التعليم الرسمي''من منّا لم يلعب لعبة ''البيت بيوت'' وهو في مرحلة الطفولة الاولى أو الثانية''، فإذا طرحنا السؤال بجدية، وبالابعاد الاكاديمية والتربوية والنفسية، سنجد الجواب بأن الفطرة والتداوي عن طريقها، هي المدخل الاساسي لتكوين الشخصية السليمة وتركيبها، فالصغار حين يلعبون لعبة ''البيت بيوت'' يلعبونها بجدّية، فيجدون المكان: ''قال هون كلينيك الحكيم'' ويتوزعون الادوار ''قال انا الحكيم وانت المريض وهي امك''، ويتحول القلم الى ابرة والحبلة الى سماعة، وبإشارة ايمائية وبصدق مشاعر يتحول الهواء الى دواء، وتبدأ اللعبة من فكرة او موقف، ويرتجل الحوار ارتجالاً، والفصاحة في التعبير لا يشوبها شائب. فبتقليد المحيط وارتجال المواقف المتعددة وربما المتداخلة، نلاحظ بأن تلك اللعبة البسيطة ''الساذجة'' اذا صح التعبير، تحمل في طياتها مكنونات ونظريات العملية التربوية الحديثة المتطورة. فالمهارات المكتسبة في لعبة ''البيت بيوت'' كتقبل الآخر، والتعبير عن الذات بالحركة او بالصوت، الاصغاء والحوار، البداية والنهاية، المكان والزمان، كلها تندرج وبشكل عفوي بسيط في لعبة الصغار.


إذا اخذنا هذه اللعبة وحلّلنا مكنوناتها التربوية نجد ان:
١- التمثيل هو فن رافق الانسان منذ ان حاول التعبير عن مشاعره وهواجسه او قلقه.
٢- فن التعبير بالحركة وبالصوت بغية التواصل مع الذات اولاً، ومع الآخرين ثانياً. فالتواصل واثارة الافكار
والمشاعر يتشارك فيها الفريق التمثيلي والمشاهد ''الناقد''.
٣- الهدف التربوي: ان اللعب التمثيلي اقوى معلم للاخلاق يدفع باتجاه السلوك الجيد. فالدروس لا تلقن بواسطة الكتب بل بالحركة المنظورة التي تبعث الحماس وتصل مباشرة الى قلوب الاولاد. لقد اثبتت تقنية ''لعب الادوار'' اهميتها في المنهجية الحديثة، بحيث ان دور المعلم ''الملقن'' قد اخذ بالزوال، وحلّ مكانه اكتشاف واستنباط وايجاد الحلول عن طريق اللعب ضمن المجموعة او اللعب المزدوج او الافرادي.
٤- الهدف العلاجي: ان الانسان هو مجموعة من الاحاسيس والشعور، فالعناصر التي تكوّن الكائن البشري هي نفس، جسد وروح. فإذا اصاب الخلل اياّ من تلك العناصر احتاج الى العلاج.
في البلدان المتطورة، اعتمد ''التمثيل'' علاجاً للامراض العصبية والنفسية في العيادات والمستشفيات. حيث يعبر الانسان عن مشاعره واحاسيسه بطرق ترفيهية مختلفة، فهو يصرّح عن مكنونات دفينة في داخله قد تكون احدى اسباب الصراع الداخلي الرابض في ''الوعي'' او ''اللاوعي''، وحين يكتشفها ويتحدث عنها فإنه وحده سيتخلص منها ويتماثل الى الشفاء من ذيولها، حيت يتمّ علاجها عن طريق التنفس والتأمل والاسترخاء. ويقول علماء النفس: ''حين نتكلم عن المشكلة ونعيها نبطل مفعولها المرضي''. فكم من حالات عصبية او خجل وانزواء او حتى تأخر في الادراك او التأتأة نجدها بين الاطفال والكبار... عندها ننعت اصحابها بالتأخر او الكسل. لكن حين نلعب مع الاولاد كافة والمصابين بأمراض نفسية خاصة، نجد ان العاب المواجهة، مواجهة الآخر وتقبّل الاخر وفن الاصغاء والتعبير، ومختلف الانشطة في اللعب التمثيلي ولعب الادوار، سوف تقودنا الى الحلّ الشافي. فالتمثيل هو العلاج الشافي لامراض النفس والروح.
٥- التمثيل ينمّي القدرات العقلية: كالاكتشاف، والاستنباط والعصف الذهني، وهي مستلزمات تربوية صرفة. كذلك هي نفسها الركائز الاساسية للقيام بلعب الادوار. فإن يكتشف التلميذ ذاته وقدراته ومواهبه في تجسيد الحالات المختلفة، فهو يقوم بعملية تنشيط ذهني يدفعه لاكتشاف الحلول لمواقف محددة. يقول ''بياجيه'': أن عملية النمو هي حلقات متصلة بعضها ببعض، فكلّ مرحلة تتأثر بما قبلها وتؤثر بما بعدها''. فعندما يستعمل الولد خياله ويطلق له العنان ويجسده واقعاً عن طريق ''اللعب التمثيلي'' سينشط بالتالي عملية الاكتشاف واستنباط الحلول وسيقوم بعصف ذهني لا يقف عند العقبات. اذاً نحن نبني ''باللعب'' جيلاً مقداماً واعياً. يتميز بالطواعية الذهنية (الحس المنطقي) والطواعية الجسدية.
- ربما نطرح سؤالاً : هل التربية والمنهجية الحديثة تقوم بمشروع اعداد ممثل؟
- الجواب: قطعاً لا. الفرق شاسع بين التمثيل المحترف وغايته الجمالية الفنية. وبين ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية''، فالاخيرة استحدثت في العملية التربوية لتطوير مهارات التفكير وتنمية قدرة الفرد على صنع القرار وحلّ المشاكل، وبنائه بناءً متكاملاً ومتوازناً فكراً ووجداناً وجسداً.

 

كيف ننفذ عملية ''اللعب التمثيلي'' في الحصص التعليمية؟
عند الانتهاء من كل ''محور'' نقوم بعملية تقويم للتأكد من تحقيق الكفاية. ربما سيأخذ التقويم شكل علامة، بعد تصحيح المسابقة الخطيّة او التسميع الشفهي... ولكن كم من تلميذ خانته ذاكرته يوم الامتحان الخطي؟ وكم من تلميذ يعاني مشكلة مواجهة الآخر، أو الخجل أو التأتأة، وهو ما سيعرضه لسخرية الرفاق، ... لذا نجد التقويم مجحفاً بحقه. فلو اخذنا مادة التاريخ كمثل حسّى نجد انها مادة ممتعة لو حوّلنا القصة التاريخية بمواقعها وابطالها، اسبابها ونتائجها. الى قصة يحضرّها الاولاد بطريقتهم الخاصة. فلان يتكلم وكأنه ''فخر الدين'' وسوف يضيف الى هذه الشخصية التاريخية بعض الصفات المعاصرة، وسيخلق ويبدع ويسبح في خياله، وسيعرضها مع بعض الرفاق بشكل فنيّ جمالي مبدع، عندها لن ينسى التلميذ هذه الشخصية لانها سكنته وجسّدها، كذلك الرفاق الذي  شاهدوا وسمعوا، وستبقى الحركة المنظورة مطبوعة في الخيال، وسنتيح حتماً للموهوبين التعبير عن ميولهم فنحن نعلم ان المتعلمين ينقسمون الى فئات، منهم من يدرك عن طريق السمع، ومنهم عن طريق النظر وآخرون عن طريق الحركة والاختبار. ''فباللعب التمثيلي'' نكون قد اعطينا لكل فئة حقها في عملية التعلّم واكتساب الخبرات، ويكون التقويم من خلال العمل الابداعي بعد ان تحولت الحصة الجافة الى مشروع ابداعي حسيّ حركي. ويصحّ المثل في مختلف المواد التعليمية والاجتماعيات، حيث انها كلها تصبو الى خلق فرد متوازن جريء يتحلّى بالكمال فالتصالح مع الذات، والتصالح مع الآخرين. وبذلك نبني جيلاً يحمل نتيجة خبرات الاجيال السابقة ليبني المستقبل.

 

نموذج عن الالعاب التمثيلية في الصف
تشكل ''الالعاب التمثيلية'' في الصف وسيلة حيوية نستخدمها لايصال المعلومات للمتعلمين بشكل غير مباشر، فهي بالتالي ترتبط بمحور الدروس، كما انها يمكن ان تشكّل من خلال الانشطة حصة كاملة مستقلّة تحدد معلمة الصف اهدافها العامة والخاصة، كما قد تستخدم الانشطة بهدف التمهيد لمحور معين لكي نصل الى الاهداف المرجوة. اذ ان اللعب العفوي (بالتمثيل) يقود المتعلم الى أن يعيش تجربته المعيشة ويجعلها موضوعاً لواقع تمثيلي وهمي. فيسمح لنفسه بإعادة تشخيص الوقائع وهو يدرك بأنه يلعب ويدرك بأن الاخرين يعرفون انه يلعب. لذلك سيتحلى بالجرأة ويفصح عن مشاعره امام الآخرين.

 

التعبير الحرّ
ويقصد بهذه التسمية اتاحة المجال للطفل (او البالغ) في ان ينفعل ويتصرف كما يريد ولو لم يطابق تصرفه الواقع،فنحن نهدف الى دفعه للتعبير، وفي التعبير الحرّ ثلاثة مجالات:
١- التقليد او المحاكاة: وهو تقليد شخصيات او حيوانات او اشياء جامدة. في اشكالها، اصواتها وتحركاتها وتصرفاتها (حتى ولو لم يكن التقليد مطابقاً للواقع).
٢- العاب الحوار والارتجال: يعتمد على وضع المتعلم في مواقف من الواقع المعيش او من عالم الخيال. بهدف دفعه الى اكتشاف الحلول بالحوار والحركة.
٣- التعبير بالتواصل: ويعتمد على حكاية معروفة او محور (سبق شرحه) والتعبير فيه يتمّ بالتواصل الكلامي والحركي.

 

الأهداف التربوية للعب التمثيلي
١- تقبل الآخر
٢- تنمية القدرات الحسية والذهنية
٣- تنمية القدرة على الابتكار
٤- تنمية القدرة التعبيرية بالصوت والجسم
٥- الطواعية بالتعبير عن المشاعر
٦- الانضمام الى المجموعة وتنمية لغة التواصل
٧- استخدام القدرة الذاتية والتعبيرية المكتسبة بصوابية
٨- المساهمة في تفتح ''المتعلمين'' عامة والخجولين منهم خاصة.
-9 ايصال الافكار التربوية عن طريق اللعب.
١٠ - التسلية والمرح والسعادة واكتشاف المواهب.


نماذج انشطة لألعاب المشاركة بالكلام
١- التعبير عن الذات:
- التعريف عن النفس
-سرد لحدث شهده او عاشه في الواقع
٢- بناء حكاية مع الآخرين:
- انطلاقاً من صورة (فردية في التمثيل)
- انطلاقاً من صوت (اصغاء وتركيز)
٣- العاب الارتجال:
- تعبير عن مشاعر مختلفة (سرعة بديهة)
- تقليد الاصوات

 

نماذج لألعاب المشاركة بالحركة
١- تمارين تعابير الوجه:
- الضحك، الابتسام، البكاء، العبوس، الدهشة،الغضب ...الخ
٢- تمارين تعابير الجسم بالحركة:
- تقليد عجوز، شاب، رضيع، ام، ولد، بنت، غابة اشجار، مصابيح الانارة، السيارة ...الخ
٣- تمارين التعبير باليدين:
- يد الشحاذ، يد المفكّر، يد الموسيقي، يد المرتبك، يد الشجاع، يد الكاتب ...الخ
٤- تمارين ايمائية:
- تعبير وتجسيد المشاعر عن طريق الحركة والصمت.
٥- تمارين تطابق الحركة مع الكلمة:
- ابتكار مواقف تحمل حركة مع كلمة ''مرحبا''، ''الى اللقاء''، ''كيفك'' ...الخ

 

تهدف العاب التعبير والمشاركة الى تعويد المتعلم على:
١- التعبير بجرأة امام الآخرين
٢- اكتساب القدرة على التصرف والابتكار
٣- الصدق بالمشاعر وتجسيد الاحساس بالحركة او الكلمة
٤- امتلاك القدرة على تحويل النص العلمي الى حوار مسرحي.

 

نموذج عن تحويل نص علمي الى نص مسرحي
- درس علوم
- المحور: عملية التنفس
١- توزيع الادوار:
-مجموعة تلعب دور الهواء الداخل الى الانف
-تلميذ يلعب دور الانف
-آخر يلعب دور القصبة الهوائية
- وآخر يلعب دور الرئتين
٢- حوار مرتجل: يفسر عملية التنفس بين افراد المجموعة.
- الكفاية: المتعلم يعيش ويلعب عملية التنفس ويبدع في ارتجال الحوار الذي يحمل المعلومات العلمية المتعلقة بالموضوع.
٣-المكان: قاعة الصف، تحويل بسيط في المقاعد لاستحداث مكان للعب التمثيلي.
٤-المناقشة: المشاهد يشارك في ''لعب الادوار'' كناقد للعمل الابداعي. ويذكر ما اذا وصل الى فهم الموضوع او عدم فهمه. والنقد يكون حافزاً للمخيلة والابداع في تقديم العرض.

 

نموذج في درس القراءة
ويتم ذلك من خلال:
١- قراءة صامتة (المتعلمون)
٢- قراءة نموذجية (المربي)
٣- تحميل الجمل الادبية مشاعر انسانية
٤- تقسيم النص الى ادوار رئيسة وثانوية
٥- سرد النص شفهياً وتحويله الى حدث او قصة
٦- اختيار الادوار الاساسية
٧- ارتجال حوار من خلال النص
٨- توزيع الادوار على المتعلمين (لعب الادوار)
-9 استخدام الانشطة في التعبير الكلامي والجسدي(السابق شرحها)
١٠ - تحويل الحصة الى متعة في فهم النص، الالقاء، ضبط الصوت، مخارج الحروف، التعرّف والتمكن من المفردات الجديدة، تحليل النص وتركيبه، (ان تقنية ''العصف الذهني'' هي أفضل الطرق لاستبدال العملية التقليدية في التعليم).

 

خلاصة:
إن الابداع في خلق طرائق تعليم متطورة، بحاجة الى التجربة والارتجال، التخيّل والتركيز، انتاج افكار جديدة من خلال العصف الذهني ... وهذا يتطلب تقنية في فن التواصل، ونحن نعلم ان ذلك يأخذ بعض الوقت للتمكن من تطبيقه بشكل فعّال، لكننا نستطيع الوصول الى ذلك عن طريق الخبرة الذاتية و الدورات التدريبية المستمرة، وسيتبيّن لنا أن ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية'' هي حاجة تعليمية ثقافية ترسّخ المعلومات المكتسبة عن طريق اللعب والاكتشاف.

 

المراجع:
- الالعاب التمثيلية ''سلسلة مقررات دور المعلمين والمعلمات''، المركز التربوي للبحوث والإنماء
- الدراما الابداعية ''اداة في العمل التربوي والتواصل''، ورشة الموارد . العربية، بيسان للتوزيع والنشر، بيروت، ١999

اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

اللعب التمثيلي ضرورة تربوية

رندا كعدي مدرّبة دراما ومدرّسة في التعليم الرسمي''من منّا لم يلعب لعبة ''البيت بيوت'' وهو في مرحلة الطفولة الاولى أو الثانية''، فإذا طرحنا السؤال بجدية، وبالابعاد الاكاديمية والتربوية والنفسية، سنجد الجواب بأن الفطرة والتداوي عن طريقها، هي المدخل الاساسي لتكوين الشخصية السليمة وتركيبها، فالصغار حين يلعبون لعبة ''البيت بيوت'' يلعبونها بجدّية، فيجدون المكان: ''قال هون كلينيك الحكيم'' ويتوزعون الادوار ''قال انا الحكيم وانت المريض وهي امك''، ويتحول القلم الى ابرة والحبلة الى سماعة، وبإشارة ايمائية وبصدق مشاعر يتحول الهواء الى دواء، وتبدأ اللعبة من فكرة او موقف، ويرتجل الحوار ارتجالاً، والفصاحة في التعبير لا يشوبها شائب. فبتقليد المحيط وارتجال المواقف المتعددة وربما المتداخلة، نلاحظ بأن تلك اللعبة البسيطة ''الساذجة'' اذا صح التعبير، تحمل في طياتها مكنونات ونظريات العملية التربوية الحديثة المتطورة. فالمهارات المكتسبة في لعبة ''البيت بيوت'' كتقبل الآخر، والتعبير عن الذات بالحركة او بالصوت، الاصغاء والحوار، البداية والنهاية، المكان والزمان، كلها تندرج وبشكل عفوي بسيط في لعبة الصغار.


إذا اخذنا هذه اللعبة وحلّلنا مكنوناتها التربوية نجد ان:
١- التمثيل هو فن رافق الانسان منذ ان حاول التعبير عن مشاعره وهواجسه او قلقه.
٢- فن التعبير بالحركة وبالصوت بغية التواصل مع الذات اولاً، ومع الآخرين ثانياً. فالتواصل واثارة الافكار
والمشاعر يتشارك فيها الفريق التمثيلي والمشاهد ''الناقد''.
٣- الهدف التربوي: ان اللعب التمثيلي اقوى معلم للاخلاق يدفع باتجاه السلوك الجيد. فالدروس لا تلقن بواسطة الكتب بل بالحركة المنظورة التي تبعث الحماس وتصل مباشرة الى قلوب الاولاد. لقد اثبتت تقنية ''لعب الادوار'' اهميتها في المنهجية الحديثة، بحيث ان دور المعلم ''الملقن'' قد اخذ بالزوال، وحلّ مكانه اكتشاف واستنباط وايجاد الحلول عن طريق اللعب ضمن المجموعة او اللعب المزدوج او الافرادي.
٤- الهدف العلاجي: ان الانسان هو مجموعة من الاحاسيس والشعور، فالعناصر التي تكوّن الكائن البشري هي نفس، جسد وروح. فإذا اصاب الخلل اياّ من تلك العناصر احتاج الى العلاج.
في البلدان المتطورة، اعتمد ''التمثيل'' علاجاً للامراض العصبية والنفسية في العيادات والمستشفيات. حيث يعبر الانسان عن مشاعره واحاسيسه بطرق ترفيهية مختلفة، فهو يصرّح عن مكنونات دفينة في داخله قد تكون احدى اسباب الصراع الداخلي الرابض في ''الوعي'' او ''اللاوعي''، وحين يكتشفها ويتحدث عنها فإنه وحده سيتخلص منها ويتماثل الى الشفاء من ذيولها، حيت يتمّ علاجها عن طريق التنفس والتأمل والاسترخاء. ويقول علماء النفس: ''حين نتكلم عن المشكلة ونعيها نبطل مفعولها المرضي''. فكم من حالات عصبية او خجل وانزواء او حتى تأخر في الادراك او التأتأة نجدها بين الاطفال والكبار... عندها ننعت اصحابها بالتأخر او الكسل. لكن حين نلعب مع الاولاد كافة والمصابين بأمراض نفسية خاصة، نجد ان العاب المواجهة، مواجهة الآخر وتقبّل الاخر وفن الاصغاء والتعبير، ومختلف الانشطة في اللعب التمثيلي ولعب الادوار، سوف تقودنا الى الحلّ الشافي. فالتمثيل هو العلاج الشافي لامراض النفس والروح.
٥- التمثيل ينمّي القدرات العقلية: كالاكتشاف، والاستنباط والعصف الذهني، وهي مستلزمات تربوية صرفة. كذلك هي نفسها الركائز الاساسية للقيام بلعب الادوار. فإن يكتشف التلميذ ذاته وقدراته ومواهبه في تجسيد الحالات المختلفة، فهو يقوم بعملية تنشيط ذهني يدفعه لاكتشاف الحلول لمواقف محددة. يقول ''بياجيه'': أن عملية النمو هي حلقات متصلة بعضها ببعض، فكلّ مرحلة تتأثر بما قبلها وتؤثر بما بعدها''. فعندما يستعمل الولد خياله ويطلق له العنان ويجسده واقعاً عن طريق ''اللعب التمثيلي'' سينشط بالتالي عملية الاكتشاف واستنباط الحلول وسيقوم بعصف ذهني لا يقف عند العقبات. اذاً نحن نبني ''باللعب'' جيلاً مقداماً واعياً. يتميز بالطواعية الذهنية (الحس المنطقي) والطواعية الجسدية.
- ربما نطرح سؤالاً : هل التربية والمنهجية الحديثة تقوم بمشروع اعداد ممثل؟
- الجواب: قطعاً لا. الفرق شاسع بين التمثيل المحترف وغايته الجمالية الفنية. وبين ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية''، فالاخيرة استحدثت في العملية التربوية لتطوير مهارات التفكير وتنمية قدرة الفرد على صنع القرار وحلّ المشاكل، وبنائه بناءً متكاملاً ومتوازناً فكراً ووجداناً وجسداً.

 

كيف ننفذ عملية ''اللعب التمثيلي'' في الحصص التعليمية؟
عند الانتهاء من كل ''محور'' نقوم بعملية تقويم للتأكد من تحقيق الكفاية. ربما سيأخذ التقويم شكل علامة، بعد تصحيح المسابقة الخطيّة او التسميع الشفهي... ولكن كم من تلميذ خانته ذاكرته يوم الامتحان الخطي؟ وكم من تلميذ يعاني مشكلة مواجهة الآخر، أو الخجل أو التأتأة، وهو ما سيعرضه لسخرية الرفاق، ... لذا نجد التقويم مجحفاً بحقه. فلو اخذنا مادة التاريخ كمثل حسّى نجد انها مادة ممتعة لو حوّلنا القصة التاريخية بمواقعها وابطالها، اسبابها ونتائجها. الى قصة يحضرّها الاولاد بطريقتهم الخاصة. فلان يتكلم وكأنه ''فخر الدين'' وسوف يضيف الى هذه الشخصية التاريخية بعض الصفات المعاصرة، وسيخلق ويبدع ويسبح في خياله، وسيعرضها مع بعض الرفاق بشكل فنيّ جمالي مبدع، عندها لن ينسى التلميذ هذه الشخصية لانها سكنته وجسّدها، كذلك الرفاق الذي  شاهدوا وسمعوا، وستبقى الحركة المنظورة مطبوعة في الخيال، وسنتيح حتماً للموهوبين التعبير عن ميولهم فنحن نعلم ان المتعلمين ينقسمون الى فئات، منهم من يدرك عن طريق السمع، ومنهم عن طريق النظر وآخرون عن طريق الحركة والاختبار. ''فباللعب التمثيلي'' نكون قد اعطينا لكل فئة حقها في عملية التعلّم واكتساب الخبرات، ويكون التقويم من خلال العمل الابداعي بعد ان تحولت الحصة الجافة الى مشروع ابداعي حسيّ حركي. ويصحّ المثل في مختلف المواد التعليمية والاجتماعيات، حيث انها كلها تصبو الى خلق فرد متوازن جريء يتحلّى بالكمال فالتصالح مع الذات، والتصالح مع الآخرين. وبذلك نبني جيلاً يحمل نتيجة خبرات الاجيال السابقة ليبني المستقبل.

 

نموذج عن الالعاب التمثيلية في الصف
تشكل ''الالعاب التمثيلية'' في الصف وسيلة حيوية نستخدمها لايصال المعلومات للمتعلمين بشكل غير مباشر، فهي بالتالي ترتبط بمحور الدروس، كما انها يمكن ان تشكّل من خلال الانشطة حصة كاملة مستقلّة تحدد معلمة الصف اهدافها العامة والخاصة، كما قد تستخدم الانشطة بهدف التمهيد لمحور معين لكي نصل الى الاهداف المرجوة. اذ ان اللعب العفوي (بالتمثيل) يقود المتعلم الى أن يعيش تجربته المعيشة ويجعلها موضوعاً لواقع تمثيلي وهمي. فيسمح لنفسه بإعادة تشخيص الوقائع وهو يدرك بأنه يلعب ويدرك بأن الاخرين يعرفون انه يلعب. لذلك سيتحلى بالجرأة ويفصح عن مشاعره امام الآخرين.

 

التعبير الحرّ
ويقصد بهذه التسمية اتاحة المجال للطفل (او البالغ) في ان ينفعل ويتصرف كما يريد ولو لم يطابق تصرفه الواقع،فنحن نهدف الى دفعه للتعبير، وفي التعبير الحرّ ثلاثة مجالات:
١- التقليد او المحاكاة: وهو تقليد شخصيات او حيوانات او اشياء جامدة. في اشكالها، اصواتها وتحركاتها وتصرفاتها (حتى ولو لم يكن التقليد مطابقاً للواقع).
٢- العاب الحوار والارتجال: يعتمد على وضع المتعلم في مواقف من الواقع المعيش او من عالم الخيال. بهدف دفعه الى اكتشاف الحلول بالحوار والحركة.
٣- التعبير بالتواصل: ويعتمد على حكاية معروفة او محور (سبق شرحه) والتعبير فيه يتمّ بالتواصل الكلامي والحركي.

 

الأهداف التربوية للعب التمثيلي
١- تقبل الآخر
٢- تنمية القدرات الحسية والذهنية
٣- تنمية القدرة على الابتكار
٤- تنمية القدرة التعبيرية بالصوت والجسم
٥- الطواعية بالتعبير عن المشاعر
٦- الانضمام الى المجموعة وتنمية لغة التواصل
٧- استخدام القدرة الذاتية والتعبيرية المكتسبة بصوابية
٨- المساهمة في تفتح ''المتعلمين'' عامة والخجولين منهم خاصة.
-9 ايصال الافكار التربوية عن طريق اللعب.
١٠ - التسلية والمرح والسعادة واكتشاف المواهب.


نماذج انشطة لألعاب المشاركة بالكلام
١- التعبير عن الذات:
- التعريف عن النفس
-سرد لحدث شهده او عاشه في الواقع
٢- بناء حكاية مع الآخرين:
- انطلاقاً من صورة (فردية في التمثيل)
- انطلاقاً من صوت (اصغاء وتركيز)
٣- العاب الارتجال:
- تعبير عن مشاعر مختلفة (سرعة بديهة)
- تقليد الاصوات

 

نماذج لألعاب المشاركة بالحركة
١- تمارين تعابير الوجه:
- الضحك، الابتسام، البكاء، العبوس، الدهشة،الغضب ...الخ
٢- تمارين تعابير الجسم بالحركة:
- تقليد عجوز، شاب، رضيع، ام، ولد، بنت، غابة اشجار، مصابيح الانارة، السيارة ...الخ
٣- تمارين التعبير باليدين:
- يد الشحاذ، يد المفكّر، يد الموسيقي، يد المرتبك، يد الشجاع، يد الكاتب ...الخ
٤- تمارين ايمائية:
- تعبير وتجسيد المشاعر عن طريق الحركة والصمت.
٥- تمارين تطابق الحركة مع الكلمة:
- ابتكار مواقف تحمل حركة مع كلمة ''مرحبا''، ''الى اللقاء''، ''كيفك'' ...الخ

 

تهدف العاب التعبير والمشاركة الى تعويد المتعلم على:
١- التعبير بجرأة امام الآخرين
٢- اكتساب القدرة على التصرف والابتكار
٣- الصدق بالمشاعر وتجسيد الاحساس بالحركة او الكلمة
٤- امتلاك القدرة على تحويل النص العلمي الى حوار مسرحي.

 

نموذج عن تحويل نص علمي الى نص مسرحي
- درس علوم
- المحور: عملية التنفس
١- توزيع الادوار:
-مجموعة تلعب دور الهواء الداخل الى الانف
-تلميذ يلعب دور الانف
-آخر يلعب دور القصبة الهوائية
- وآخر يلعب دور الرئتين
٢- حوار مرتجل: يفسر عملية التنفس بين افراد المجموعة.
- الكفاية: المتعلم يعيش ويلعب عملية التنفس ويبدع في ارتجال الحوار الذي يحمل المعلومات العلمية المتعلقة بالموضوع.
٣-المكان: قاعة الصف، تحويل بسيط في المقاعد لاستحداث مكان للعب التمثيلي.
٤-المناقشة: المشاهد يشارك في ''لعب الادوار'' كناقد للعمل الابداعي. ويذكر ما اذا وصل الى فهم الموضوع او عدم فهمه. والنقد يكون حافزاً للمخيلة والابداع في تقديم العرض.

 

نموذج في درس القراءة
ويتم ذلك من خلال:
١- قراءة صامتة (المتعلمون)
٢- قراءة نموذجية (المربي)
٣- تحميل الجمل الادبية مشاعر انسانية
٤- تقسيم النص الى ادوار رئيسة وثانوية
٥- سرد النص شفهياً وتحويله الى حدث او قصة
٦- اختيار الادوار الاساسية
٧- ارتجال حوار من خلال النص
٨- توزيع الادوار على المتعلمين (لعب الادوار)
-9 استخدام الانشطة في التعبير الكلامي والجسدي(السابق شرحها)
١٠ - تحويل الحصة الى متعة في فهم النص، الالقاء، ضبط الصوت، مخارج الحروف، التعرّف والتمكن من المفردات الجديدة، تحليل النص وتركيبه، (ان تقنية ''العصف الذهني'' هي أفضل الطرق لاستبدال العملية التقليدية في التعليم).

 

خلاصة:
إن الابداع في خلق طرائق تعليم متطورة، بحاجة الى التجربة والارتجال، التخيّل والتركيز، انتاج افكار جديدة من خلال العصف الذهني ... وهذا يتطلب تقنية في فن التواصل، ونحن نعلم ان ذلك يأخذ بعض الوقت للتمكن من تطبيقه بشكل فعّال، لكننا نستطيع الوصول الى ذلك عن طريق الخبرة الذاتية و الدورات التدريبية المستمرة، وسيتبيّن لنا أن ''اللعب التمثيلي'' او ''الدراما الابداعية'' هي حاجة تعليمية ثقافية ترسّخ المعلومات المكتسبة عن طريق اللعب والاكتشاف.

 

المراجع:
- الالعاب التمثيلية ''سلسلة مقررات دور المعلمين والمعلمات''، المركز التربوي للبحوث والإنماء
- الدراما الابداعية ''اداة في العمل التربوي والتواصل''، ورشة الموارد . العربية، بيسان للتوزيع والنشر، بيروت، ١999