وطن النجوم "بطاقة تقنية" في اللغة العربية وآدابها
نبذة عن حياة شاعر المهجر الكبير
إيليا أبو ماضي
وُلد إيليا أبو ماضي في المحيدثة - بكفيا، (1889-1957).
هاجر إلى الإسكندرية وله من العمر أحَد عَشَر عامًا، ثم إلى الولايات المتحدة. حرّر "المجلّة العربية" و "الفتاة" لشكري بخاش. ترأس تحرير "مرآة الغرب" لنجيب دياب وأخيراً أصدر "السمير". وانضمّ إلى "الرابطة القلمية". لقّب بالشاعر الفيلسوف.
وَطَنَ النجومِ
وَطَنَ النجومِ ... أنا هنا حَدّقِ ... أتذكرُ من أنا؟
ألَمْحتَ في الماضي البعيدِ فتى غريرًا أرعنا؟
جِذلانَ يمرحُ في حقولِك كالنسيمِ مُدَنْدِنا
أَلمُقْتني المملوكُ ملعبُه و غيرُ المُقْتنَى!
يُتسلَّقُ الأشجارَ لا ضَجَراً يُحسُّ و لا وَنَى
ويعودُ بالأغصانِ يَبريها سيوفًا أو قَنَا(1)
ويخوضُ في وَحْلِ الشِّتا متهلِّلاً مُتَيَمِّنَا
لا يتّقي شرَّ العيونِ ولا يخافُ الأَلسُنا
وَلَكَمْ تَشَيْطَنَ كي يقولَ النَّاسُ عنهُ "تشيطَنا"
أنا ذلكَ الوَلَدُ الذي دنياهُ كانتْ ههنَا!
أنا منْ مياهِكَ قطرةٌ فاضتْ جداولَ من سَنا
أنا منْ ترابِكَ ذرّةٌ ماجتْ مواكبَ من مُنى
أنا منْ طيورِكَ بُلبلٌ غنَّى بمجدِكَ فاغتَنى
حَمَلَ الطّلاقةَ والبشاشَةَ من رُبوعِكَ للدّنُى
كمْ عانقتْ روحي رُباك وصفَّقت في المنحنى؟
للأرزِ يهزأُ بالرياحِ و بالدهورِ و بالفَنَا
للبحرِ ينشرهُ بنوكَ حضارةً وتمدّنُا
للَّيلِ فيكَ مُصلِّيًا للصبحِ فيكَ مُؤذّنِا
للشَّمسِ تُبطىءُ في وَداعِ ذُراكَ كيلا تحزنا
للبدرِ في نيسانَ يكحّلُ بالضّياءِ الأعيُنا
فيذوبُ في حَدَقِ المهى سحرًا لطيفًا ليِّنًا
للحقلِ يرتجلُ الرّوائعَ زنبقًا أو سوسنا
للعُشبِ أثقَلَهُ النَّدى، للغُصنِ أثقلَهُ الجنى
عاشَ الجمالُ متشرّدِاً في الأرضِ ينشدُ مسكنا
حتّى انكشفتَ له فألقى رِحلةً وتوطّنِا
واستعرضَ الفنّ الجبالَ فكنتَ أنتَ الأحسنا
لله سرٌّ فيكَ، يا لبنانُ، لم يُعلِنْ لنا
خلقَ النجومَ وخافَ أن تغوي العقولَ وتفتُنا
فأعارَ أرزكَ مجدَهُ و جلالَهُ كي نؤمِنا
زَعَموا سَلَوتُكَ ... لَيْتَهُمْ نَسَبوا إليّ المُمكنا
فالمرءُ قد ينسى المُسيءَ المفتري، والمُحسنا
والخمرَ، والحسناءَ، والوترَ المرنِّحَ، والغِنَا
ومرارةَ الفَقْرِ المُذِل بلى، ولذّاتِ الغِنى
لكنَّهُ مهما سلا هيهاتِ يسلو الموطنا
من ديوان: الشاعر إيليا أبو ماضي
قدّم الديوان: جبران خليل جبران
وطن النجوم - إيليا أبو ماضي
|
1- التعريف بالحقل المعجمي من قبل المعلّم(ة).
الحقل المعجمي:
حدّه: هو مجموعة الكلمات والعبارات التي تتمحور حول موضوع واحد في نص ما، والتي ترتبط بعلاقة معنويّة قائمة على التشابه، التماثل، التجاور، التعارض ....
2 - يُطلب من التلامذة قراءة القصيدة قراءة صامتة 7(د)
يمهّد المعلّم(ة) للتلامذة بفكرة عامة حول الموضوع من خلال الإشارة الى مسقط رأس الشاعر إيليا أبو ماضي ، قريته المحيدثة، وهي تلك التي يلقي عليها صنين تحية الصباح مع شروق الشمس، وتحنو عند أقدامها التلال والأودية وأشجار الصنوبر والسنديان الشامخة على السفوح والمنحدرات والهضاب ....
3- يسأل التلامذة عن الجو العام للقصيدة؟ وما الذي أثّر فيهم؟
4 - يطلب المعلّم(ة) أن يستخرج التلامذة الحقل المعجمي للطبيعة من القصيدة.
5- يُستدرج التلامذة الى تقسيم الحقل المعجمي إلى ثلاثة أقسام، يحدّدها المعلّم(ة) وإيّاهم بحسب انتشاره في القصيدة.
فالقسم الأوّل يبدأ من "وطن النجوم"....وينتهي عند "تشيطنا". يسأل المعلّم(ة) عن معجم الطبيعة الوارد في هذا القسم: النجوم -حقول - النسيم - الأشجار - الأغصان - وحل الشتا .
يناقش المعلّم(ة) التلامذة حول ما يرمز اليه هذا المعجم ويتوقف عند أهمية ذكريات الطفولة، حيث كان الشاعر يسرح ويمرح على أرض وطنه كالنسيم حرّا طليقا، كل ما في الطبيعة ملك له، يتسلّق الأشجار ، يخوض وحل الشتاء ... وذكره لهذا المعجم ليس سوى عودة بالذاكرة الى ماضي الطفولة الجميل حيث حياة الفطرة، تلك الحياة الخالية من البؤس والهم.
فالعودة الى عالمي الطفولة والصبا عند أبي ماضي ، كما عند غيره من المهجريّين، ناجمة عن رفض للواقع الذي يعيشه في الغربة. ويشار هنا الى أن الشاعر يذكّر وطنه به، يذكّره بذاك الشاعر الصغير المغمور الذي كان يسرح ويمرح في حدود الوطن. لماذا؟ هل هو تعبير عن اشتياق، أوشعور بالغربة، أو عن شعور ببعد المسافات بين أميركا ولبنان.
أما في القسم الثاني من القصيدة: من أنا ذلك ....للدنى فيظهر الشاعر متأثرا ومعانيا ليس من غربة مكانية وحسب، إنما من غربتين إضافيتيّن، واحدة زمانيّة وأخرى روحانية، يترجمها بمناداته لوطنه: ''حدّق أتذكر من أنا؟ '' وكأن الشاعر يستحضر الوطن بعد فراق طويل، فيبرز في القسم الثاني من القصيدة معجم آخر مختلف:
- مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
- ترابك ذرّة ماجت مواكب ....
- طيورك بلبل غنّى ...
- من ربوعك للدنى .
يذكّر الشاعر وطنه بكيانه الصغير، حيث كان طفلاً مغمورًا على أرضه، وها هو الآن ينداح في الكيان الأكبر وهو كيان لبنان ليقول إنّ ذلك الجزء، وتلك الذرة قد طارت إلى كل الدنى لتنقل صورة الجمال، لطبيعة الجمال في وطن الجمال.
والقسم الثالث من القصيدة ينم عن نزعة وطنية بارزة تكلّلت القصيدة بها ليعبّر الشاعر عن تميّز لبنان وفرادته بطبيعته الخلابة: رباك - للأرز- الرياح - للبحر - لليل - للصبح – للشمس - ذراك - للبدر - نيسان – للحقل - زنبقا وسوسنا -للعشب - الندى -للغصن - الجنى- الجبال - النجوم -أرزك.
فيتغنّى الشاعر هنا بالأرز رمز الوطن الشامخ، ورمز صلابته وعنفوانه وكيف لايختصره بالأرز وهو رمز البقاء والديمومة،
- للأرزِ يهزأ بالرياح وبالدهورِ وبالفنا
والبحر ذلك الجسر الذي عبر اللبنانيون من خلاله الى العالم والشاعر واحد من أولئك:
- للبحرِ ينشرهُ بنوك حضارةً وتمدّنا
بالإضافة الى أنّ لبنان يجمع بين الأديان السمويّة، والتي يتفرّد بها عن سائر بلدان العالم :
- لليلِ فيك مصلّيًا للصبحِ فيك مؤذّنا
فيجمع الشاعر بين الوطن القداسة والوطن الجمال، لوحات طبيعية جمالية تتماوج فيها أشعة البدور، تتجلّى فيها صلات التخاطب بين الشمس والقمم، والبدر الذي ينشر نوره الناعم في سماء صافية الأديم. وحقول لا تقل عن أن تكون جنائن من الورد، متفتحة جمالا ونورا، يفوح منها العبير لتشكل لوحة في الخلق والإبداع:
- للشمسِ تبطئُ في وداع ذُراكَ كيلا تحزنا
- للبدرِ في نيسان يكحل بالضياء الأعينا
- للحقلِ يرتجلُ الروائع زنبقًا أو سوسنا
- للعشبِ أثقلَه الندى للغصنِ أثقله الجنى
إنّ أرض لبنان فيض من الجمال، لوحات ربّانية أبدع فيها الخالق، ترجمها الشعراء المهجريّون كلاما أقرب الى ريشة تستحضر المشاهد، وتستفزّنا لنتساءل:
أين لوحات طبيعة "إيليا أبو ماضي"؟ أين ذلك الإرث الرباني؟
6- يطرح السؤال الآتي : أمام ما يحصل اليوم في طبيعة لبنان، و لو كان إيليا أبو ماضي اليوم على قيد الحياة، ماذا كان سيكتب عن لبنان؟
7- ييكلّفِ المعلّم(ة) على التلامذة بإجراء بحث حول ما يحصل في لبنان من تشويه للطبيعة : الجبال – الغابات - المياه...
- يقسم التلامذة الى مجموعات.
- يُختار لكل مجموعة لوحة من طبيعة لبنان.
- يُركّز في ما يُعرض على الاقتراحات المنقذة لطبيعة لبنان بترابها وأشجارها ومياهها وبحرها....