تقييم الأنشطة التدريبية ضمن المشروع

حنا عوكر رئيس دائرتي الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

إن تعميم ثقافة أي مشروع ذي طابع تربوي تعليمي يتطلب العمل الجدي الرصين على مستوى الأهداف الواضحة المحددة والممكنة التحقيق، وعلى مستوى المناهج والمضامين والطرائق في أثناء التنفيذ وعلى مستوى التقييم الموضوعي بعد الانتهاء للتأكد من جودته وحسن نتائجه ومحصلاته لاعتماده في المدارس أو لتحسين مساره، من أجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة على المستويات الفكرية والاجتماعية والوطنية لدى طلاب هذه المدارس.

 

 

لقد طُرِحَ مشروع التربية من أجل التنمية المستدامة عالمياً كمسار إنساني شامل في مشاريع الأمم المتحدة، وأُنيطت مسؤولية تحقيق أهدافه بالأمم أهدافه والأوطان المختلفة بغية الحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها، وعلى خلق توجهات فكرية اقتصادية واجتماعية، والعمل على تثبيت سلوكيات سليمة تجاه المجتمع والذات والبيئة المحيطة والعالمية، وذلك من خلال توعية عامة شاملة بالاستناد إلى مقاييس وإجراءات ترفع قدرات الأفراد وكفاياتهم وتخلق توجهات ومواقف إيجابية تتسم بالحس الوطني والعالمي والمسؤولية الفردية والجماعية، والعمل التعاوني؛ وترتكز على الحوار والتفاهم واستخدام المستجدات العلمية والتكنولوجية ضمن هذا الإطار.

وقد قام المركز التربوي للبحوث والإنماء بدوره الرائد ضمن هذا المشروع، فاعتمد ''فريق العمل'' في مرحلة تجريبية اختيار عناوين عامة من صميم مفاهيم التنمية المستدامة وقدّمَ رزمًا تربوية عدة تتلاءم مع هذه العناوين، وجعل لها أهدافاً واقعية ممكنة التحقيق وصاغ أنشطة تربوية مترابطة ذات بناء تربوي متماسك لتحقيق تلك الأهداف. ووضع لتقويم كل رزمة، استمارة تقييم ركزت على عوامل عدة اعتبرت أساسية للحكم على مدى صحة هذه الأنشطة وفاعليتها وفي خلق توجهات جديدة لدى المتعلمين، وإكساب سلوكيات سليمة لتحقيق التواصل الإيجابي والتفاعل في ما بينهم ومع البيئة المحيطة المادية والاجتماعية.

وسنعرض في هذه المقالة تحليلاً لنتائج تقييم هذه الرزم، علماً بأنه تعذّرَ تطبيق أكثر من رزمتين خلال العام الدراسي، وذلك لعوامل عدة، أهمها الإجراءات الإدارية الروتينية، وآليات التوزيع التي اتبعت، والوقت الذي استهلك في حلحلة تشبيكات إدارية ولوجستية تنظيمية، بالإضافة إلى الامتحانات الرسمية والمدرسية، ومسؤوليات المعلمين في تنفيذ المناهج المطلوبة.

فالتقييم عمل أو إجراء يهدف إلى تحديد قيمة شيء معيّن أو تثنية، أو تقدير قيمة شيء ما، أو عملية تهدف إلى تحديد قيمة شيء بواسطة التقدير أو البحث. كما يشير الموقع الإلكتروني  Free-online dictionary إلى أن التقييم هو عملية تحليل ومقارنة التقدم الحقيقي إزاء الخطط المرسومة والهادفة إلى تطوير خطط التطبيق المستقبلية.

ونستنتج من التعريفات العديدة للتقييم، أنه وسيلة أو إجراء يهدف إلى إعطاء قيمة لشيء معين أو الحكم عليه بالاستناد إلى معايير معينة، أو الحكم على نقاط القوة والضعف في مشروع ما أو عمل ما بغية التركيز على النقاط الجيدة وتصحيح أو تعديل المسار بعد التعرف إلى نواحي الضعف وإجراء التكييفات أو التعديلات المناسبة لها وفاقًا للخطط المرسومة.

والتقييم على أنواع، تشخيصي أو تمهيدي أولي يطبق في المراحل الأولى، وتكويني يستخدم أثناء التنفيذ لإجراء التصحيحات الفورية والمتابعة، والنهائي أو التجميعي (Summative) لإصدار أحكام أو قرارات نهائية بعد الانتهاء من المشروع أو الوحدة أو الفصل الدراسي.

واعتمد المشروع على نوعين مهمين من التقييم وهما التكويني حيث كانت مهمة المعلم ودوره بالإضافة إلى الأدوار الأخرى، أن يقيم ويقدر الصعوبات التي واجهت تلامذته والأخطاء التي اقترفوها، وأن يصحح مباشرة أو يعالج المشكلات من أجل تصحيح التعليم والتعلم في الصف، والاستمرار في إعطاء الدرس أو النشاط وتأمين التفاعل في جو بيئي صفي مستقر وهادئ، والنوع الثاني هو التجميعي أو النهائي لإصدار الأحكام النوعية والكمية من خلال التعرف إلى الأعداد والأرقام والإحصاءات والجداول لتكوين فكرة عن كمية ما حققناه أي الناحية النوعية من جهة أخرى.

استناداً لكل ذلك، وبصورة خاصة المبادئ والمرتكزات الأساسية للتعليم الفاعل (Active Learning)، تركَّز التقييم في الاستمارة الموجودة في نهاية كل رزمة على رأي المعلمات والمعلمين الذين شاركوا في تنفيذ الأنشطة حول عناصر التعلم الفاعل الآتية:

  • ملاءمة عدد الأنشطة الواردة في الرزمة لمستوى المادة.
  • الصعوبات التي واجهها المعلم في أثناء تنفيذ الأنشطة على مستوى الصف من خلال تغذية راجعة سريعة (feed-back)
  • مدى ملاءمة مضامين الأنشطة لمستويات التلامذة الفكرية والاجتماعية والانفعالية.
  • مدى ارتباط الأنشطة بالمواضيع الواردة في الكتب المدرسية.
  • صحة المستندات ووضوحها ومدى ارتباطها بالأهداف المحددة لكل نشاط.
  • مدى قدرة المعلم على حسن تطبيق الأنشطة واستثمارها بشكل إيجابي.
  • مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة ومضامينها لتنامي المعرفة الأكاديمية والمهاراتية.
  • المهارات والاتجاهات التي حاولت الأنشطة أن تكسبها للتلامذة.
  • مدى ما حققته هذه الأنشطة من أهداف...

وإذا تناولنا الرزمة التعليمية الأولى تحت عنوان ''حرائق الإحراج والغابات''، معتمدين تحليل البطاقات التقييمية المتعلقة بها، والنتائج الإحصائية التي توصلنا إليها لظهرت فوراً وبشكل إيجابي مدى أهمية هذه الأنشطة وضرورة أن تعتمد فوراً في عمليات التعليم والتعلم من دون أي تأخير.

ولقد بينت الإحصاءات ما يأتي:

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بعدد الأنشطة ومدى ملاءمتها لمستوى المادة جاءت على الشكل الآتي:

1,87 كثيرة

75,65 معتدلة

13,5 قليلة

 

وتدل هذه النسب بوضوح على أن ثلثي المعلمين الذين أجابوا عن هذا السؤال أفادوا بأنها معتدلة؛ أي أنها كانت مناسبة تماماً لمستوى المادة، ولم تتجاوز المستوى المطلوب. أما الأرقام الإحصائية الأخرى فإنها تعود في أسبابها إلى شخصية المعلم وخبرته ومدى إلمامه بتطبيق الأنشطة ومعرفته بالمادة ومفاهيمها.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بوجود صعوبات حالت دون تنفيذ الأنشطة، جاءت لصالح الأنشطة، التي راعت الوقت المخصص لها ومستويات المتعلمين، وأتت على الشكل الآتي:

33 الوقت غير كاف

7 صعوبة النشاط

60 لا صعوبات تذكر

وبالنسبة إلى الوقت، فإنه يطرح المشكلة الأهم والأخطر لدى المعلمين، إذ يشير معظمهم إلى أن الوقت غالباً ما يداهمهم، ويقرع الجرس أحياناً قبل الانتهاء من الدرس أو إكساب المفاهيم. وبِرأينا فإن هذه المشكلة يمكن حلها إذا تدرب المعلمون على ''إدارة الوقت'' أي على استغلال الوقت المخصص لهم وللتعلم وللأنشطة بشكل موضوعي ومن دون السماح لعنصر الوقت باستغلالهم والاستيلاء على الدقائق المعدودة المخصصة لهم.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بالنشاط ومستوى ملاءمته للنمو الفكري والاجتماعي للمتعلمين، جاءت لصالح الأنشطة التي اعتمدت في الرزمة بشكل عام، وأتت على الشكل الآتي:

80 ٪ لصالح تلاؤم الأنشطة مع مستويات التلامذة

19 ٪ أعلى من مستوى التلامذة

1 ٪ أقل من مستوى التلامذة

ويعزى ذلك إلى أن عمليات التخطيط وبناء الأنشطة التي تمت على مستوى كل حلقة وكل صف، أخذت بالاعتبار مضمون الكتاب المدرسي والمفاهيم الجديدة الملائمة التي تطرحها التنمية المستدامة والتدرج المنطقي في بناء الأنشطة معتمدين المقاربة البنائية والبنائية/الاجتماعية في معظمها. كما أنها شدّدَت على خبرات المتعلمين السابقة، وجذب انتباههم، ورفع مستوى دافعيتهم للاندماج في النشاط من خلال القصص والصور والرسوم والتمارين الحسية والتطبيقية المناسبة لهم، والاعتماد على ربط المفاهيم بعضها ببعض وتعزيزها بالأعمال التعلمية الفردية والجماعية.

أما نسبة 19 ٪ التي تشير إلى أن الأنشطة فوق مستوى المتعلمين، فإنها تعود ولا شك إلى الفروقات الفردية بين المتعلمين، وإلى المستويات المتباينة بينهم، بالإضافة الى إمكانية وجود أفراد ذوي صعوبات تعلمية يحتاجون إلى دعم خاص ورعاية واهتمام لم تتوافر لهم في الأنشطة المقترحة في الرزم التعليمية التي نحن بصددها.

وهكذا فإن عملية تصميم الأنشطة وبنائها، جاءت مرتكزة على المحور الأساسي للرزمة، حيث تُرجمت الأهداف العامة المتوخاة الى أهداف إجرائية وسلوكية، جعلت من الدمج أو الارتباط بين مضمون المادة الأكاديمية من جهة ومضمون النشاط عملية سهلة وموضوعية من جهة أخرى.

  •  لقد دلّت الإجابات أيضا على ارتباط الأنشطة التعلمية بالموضوع لمطروح، وجاءت مرتفعة نوعاً ما لصالح الأنشطة وذلك على الشكل الآتي:

5,77 مرتبطة

18,5 لا جواب

4 بعض الأنشطة غير مرتبطة

وتبيّنَ هذه النسب حسن التخطيط في عملية بناء الأنشطة، ولاسيما في صياغة الأهداف التعلمية وتعيين المحتوى أو المضمون المناسب لتحقيق هذه الأهداف، وتحديد الوسائل التربوية والمستندات والوثائق المعنية. فالترابط عملية معقدة تتطلب إدراكاً شاملاً للموضوع وعناصره وتفاصيله، وتحديد الأسلوب أو الطريقة والوسيلة التي يمكن اتباعها أو استخدامها لتوضيح العناصر وتفسيرها والوصول إلى الهدف المرتجى.

أما بالنسبة إلى الأرقام الأخرى، فإنها دلت على أن بعض الأنشطة شددت على مهارات أخرى أكثر من تركيزها على المهارات اللغوية المطلوبة في أنشطة اللغة كالتشديد على بعض العمليات الحسابية مثلاً في نشاط لغوي يهدف إلى رفع الكفايات اللغوية في مجال التنمية المستدامة أو الأحراج والغابات.

  • ودلت الأجوبة حول مدى استثمار الأنشطة من قبل المعلمين على أن الاستثمار كان كافياً بشكل ممتاز، إذ جاءت على الشكل الآتي:

83 بشكل كاف

0,1 غير كاف

16 وسط

وتبين هذه النسب المرتفعة قدرة المعلمين على استثمار الأنشطة لصالح المتعلمين، أي قدرتهم على إجراء عمليات التعليم والشرح والتوضيح وإكساب المهارات والمفاهيم الضرورية التي تهدف الأنشطة الى تحقيقها. كما توضح بأن بناء الأنشطة كان متناغماً ومتماسكاً ومتدرجاً، وجاءت الوسائل مترابطة كما كانت التمارين التعلمية والتقييمية مناسبة تماماً، حيث سهلت جميعها قدرة المعلم على التكيف بشكل ملائم مع المعطيات الموجودة أمامه من دون أن يواجه صعوبات تربوية أو لوجستية ذات أهمية. ولو أن هذه العناصر كانت مفقودة تماماً أو انها تفتقر إلى التدرج والتناسب والتناغم والترابط لكانت نظرة المعلم متغيرة تماماً وجاء عمله متعثراً غير فعَّال في تطبيق الأنشطة أو استثمارها بشكل صحيح.

  • أما الأجوبة عن مدى تحقيق الأنشطة لأهدافها فقد جاءت على الشكل الآتي:

52 إلى حد بعيد

26 وسط

 10 مقبول

12 لا جواب

وإذا اعتبرنا الإجابات التي اعتمدت ''إلى حد بعيد'' و''وسط'' و''مقبول'' بأنها إيجابية، لجاءت النتائج جيدة تماماً، وتخطت نسبة 88 ٪. وتدل هذه النتائج الإحصائية الكمية على أن أكثر من ثلث المعلمين تقريباً أفادوا بأن الأنشطة حققت أهدافها، ما يعني توافر الانسجام والترابط بين أهداف النشاط من جهة ومضمونه والوسائل التربوية المعينة والتمارين التابعة له من جهة أخرى. ويعزى ذلك الى ان التخطيط لوضع الأنشطة أو بنائها كان عملاً موضوعياً وتربوياً وفّر المستلزمات الضرورية لتحقيق أهداف تربوية وتعلمية تفرعَّت بين المعرفية والمهاراتية والانفعالية.

  • وفي ما يتعلق بالإجابات عن مدى ملاءمة الصور والمستندات والرسومات للأنشطة ولمستوى الأطفال،

فقد دلت نسبة 54 ٪ على أنها واضحة ومناسبة وهي نتائج لا باس بها، لكن نسبة ٢0 ٪ وجدتها غير واضحة، ويعود السبب في ذلك كما دلت نتائج تحليل الاقتراحات المقدمة ولاسيما على الرزمة الثانية بموضوع ''صحتي ثروتي'' على أن الصور والرسومات كانت تفتقر إلى الألوان، علماً بأن واضعي الأنشطة طالبوا بذلك، لكن اعتماد التصوير الطباعي للرزم قبل توزيعها أدى إلى صدورها باللونين الأسود والأبيض فقط من دون الألوان الأخرى. ووصلت نسبة الذين طالبوا بجعل الصور والرسومات والمستندات واضحة وملونة الى 48 ٪ تقريباً.

أما عن مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة الواردة في الرزم التعليمية، فقد جاءت على الشكل الآتي:

تفاعل ايجابي 69 ٪

لا جواب 30 ٪

سلبي 1 ٪

 

وتدل هذه النتائج على جدية في التفاعل مع الأنشطة، لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار النتائج التي أوردناها سابقاً حول استثمار الأنشطة، وملاءمة الصور والمستندات، والصعوبات التي أعاقت حسن التطبيق، ومدى تحقيق الأنشطة للأهداف المرسومة ؛ حيث تتكامل جميعها لمصلحة الأنشطة التي رمت -بحسب النظرية البنائية / الاجتماعية التي ارتكزت إليها- إلى تحقيق تفاعل التلامذة واندماجهم في وضعيات تعلمية تتحدى تفكيرهم وتثير تساؤلاتهم وتفسح المجال أمامهم واسعاً للمقارنة والتحليل والربط أي إلى استخدام عمليات عقلية عليا عديدة ومعقدة.

ويمكننا أن نشير إلى أن الذين لم يجيبوا عن هذا السؤال - وهي نسبة دالة إحصائية نوعاً ما لم يدركوا ربما ما المقصود بتفاعل المتعلمين، وكان من الأجدى تفسيرها أو تبسيطها كاستخدام كلمة "شاركوا" أو "عملوا" أو "نفذوا"  النشاط مسرورين ولربما تجاهلوا أهمية هذا السؤال، لكن النسبة العالية التي نالها السؤال المتعلق باستثمار النشاط تبيّنَ إلى حد ما نسبة تفاعل التلامذة مع الأنشطة المرصودة في الرزمة. وهنا نجد أنفسنا أمام خيارات مهمة وهي ضرورة تدريب المعلمين على هذه الرزم وإقامة ندوات ومحاضرات لنشر الوعي حول أهميتها وآليات تنفيذها.

وحول السؤال المتعلق بإكساب المتعلمين مهارات واتجاهات (attitudes) جديدة، جاءت الأجوبة مرتفعة إلى حد كبير، ونالت الإجابة "نعم" في الرزمة الثانية من المشروع نسبة 94 ٪ تقريباً.

وتدل هذه النسبة على أن الأنشطة حققّتَ تغيرات مهمة في الميادين الحركية السلوكية والمعرفية والانفعالية، وهي مهارات واتجاهات يتعذر قياسها في هذه المقالة، لكننا نشير إلى بعض المهارات الإيجابية التي حاولت الأنشطة تحقيقها في:

  • جذب انتباه المتعلمين وتوعيتهم على الأمور الصحية.
  • إكسابهم عادات وسلوكيات صحية سليمة.
  • الانتباه إلى النظافة الشخصية ونظافة المأكولات للحفاظ على الذات من الأمراض والمشاكل الصحية.
  • الشعور بالتعاطف مع فقراء العالم.
  • اتخاذ قرارات مهمة على صعيد صحتهم كأفراد وعلى صعيد صحة المجتمع والتغذية بصورة عامة.
  • المشاركة في محاربة التلُّوث واستعمال المبيدات الضارة بالصحة والمجتمع والبيئة.
  • المساهمة في الحملات والأنشطة الهادفة إلى الحفاظ على بيئة نظيفة وسليمة.

إن المقاربة التربوية المتبعة في هذه الأنشطة والمرتكزة على مبادئ التبسيط والوضوح والتدرُّج، والمنطلقة من معارف المتعلمين ومدركاتهم نحو مفاهيم صحيحة وجديدة والمستندة إلى وسائل ووثائق ونصوص لتتحدى تفكيرهم وتمارين تطبيقية لترسيخ المعلومات الجديدة وإنتاج ما هو مطلوب منهم،أسهمت ولا شك في الوصول إلى مثل هذه النسبة عند المعلمين حول رأيهم بالمكتسبات الجديدة والذي يطمح معدّو مناهج التعليم في معظم أنحاء العالم إلى تحقيقها.

 

الاقتراحات والتوصيات

وأخيراً، أتت المقترحات والتوصيات من المعلمين عامة غير مرتبطة بنشاط معين، كما كانت أسئلة التقييم في الاستمارة المرفقة، أي أنها توجهت نحو الرزمة التعليمية ككل من دون أن تركز على تحليل كل نشاط بمفرده كما كنا نتمنى ونرجو، لذلك، نرى بأن اقتراحاً معيناً قد تناول نشاطاً ما في الرزمة لا يطول نشاطاً آخر ربما يكون مستوفيا للشروط التي ذكرها الاقتراح؛ وهذا ما يؤكد الحاجة مرة أخرى إلى ضرورة التحقق من كل نشاط بمفرده. وجاءت الاقتراحات العامة كما يأتي:

  • أن تنطلق الأنشطة من بيئة المتعلمين المادية والاجتماعية لتتوسع بعد ذلك إلى البيئة الإنسانية ككل، نظراً لتأثير العوامل البيئية والاجتماعية على الطفل ونموه وتعلمه.
  • أن تتضمن الأنشطة وسائل وصورًا ملونّةَ، واضحة، مشوقة، ومستندات ونصوصًا قصيرة بلغة سهلة غير مطوَّلة أو معقدة، كي لا تستهلك وقتاً وتفرض إشكاليات لا جدوى منها.
  • أن تقترح الأنشطة زيارات وأنشطة لاصفية خارج إطار الصف والمدرسة، مثل إلقاء المحاضرات، وحضور الندوات، وتنفيذ مسرحيات، وكتابة سيناريوهات أو صنع ملصقات عامة، وزيارات ميدانية إلى مراكز اجتماعية وصحية وبيئية زراعية ... الخ
  • تخصيص الوقت المناسب لتنفيذ الأنشطة أو بالأحرى لتنفيذ الرزمة التعليمية ككل نظراً لتكامل المفاهيم وترابطها مع المواد الأكاديمية المختلفة من جهة ولإعطاء الوقت المناسب للمعلم لإدارة صفه وإدارة المجموعات المقترح تشكيلها في نماذج الأنشطة من جهة أخرى .
  • أن تراعي الرزمة ومضمون الأنشطة محاور ومواضيع المنهج الرسمي لاسيما في ما يتعلق بالتزامن بين موضوع الرزمة ومحتوى المنهج، وان تخصص لكل صف دراسي وليس لحلقة معينة.
  • زيادة عدد الأنشطة لاسيما الموجهة إلى الحلقة الثالثة واعتماد رزمة تعليمية لكل صف، بحيث تكون الأهداف والمستلزمات والطرائق وغيرها من عناصر التعلم متوافرة لتحقيق مكتسبات خاصة تتلاءم مع أهداف المناهج وتتزامن مع مضامين الكتب المقررَّة للصف المقصود.

وهكذا، نستنتج بأن معظم الاقتراحات المقدمة من المعلمين والمعلمات الذين نفذوا أنشطة الرزم التعليمية لصالح مشروع التربية على التنمية المستدامة، تمحورت حول عوامل مساندة ومساعدة على تطبيق الأنشطة بجدية وفعالية، فتناولت الحلقة والصف والوقت وزيادة عدد الأنشطة والزيارات اللاصفية، بالإضافة إلى ترابط هذه الأنشطة مع البيئة الاجتماعية والمادية المحيطة لجعلها أكثر تشويقاً وجذباً للمعلمين كي ينخرطوا فيها.

وبكلمة أخيرة، وبما أن الهدف النهائي لهذه الرزم هو محاولة دمجها في المناهج التربوية التعليمية بصورة نهائية لجعلها مستديمة كما يتضح ذلك من عنوانها وتحديدها وواقعها، فإننا نقترح أن تختار الجهات المسؤولة ولاسيما الجهات الرسمية في االمركز التربوي إلى اختيار استراتيجية من استراتيجيات الدمج واعتمادها كخطة عمل في المرحلة القادمة، آخذين بالاعتبار النتائج أو المحصلات التي قدمتها المرحلة التجريبية ألأولى من اختبار الرزم التعليمية واعتمادها في تصحيح المسار المعتمد وإعادة النظر بالأنشطة وأهدافها ومضامينها وبالعوامل والمؤثرات التربوية والإدارية الأخرى التي تجعل من تطبيق الأنشطة واختيار الاستراتيجيات أمراً عملانياً سهلاً من الممكن تنفيذه.

المراجع

1 . Educational psychology, A contemporary approach. What teachers need to now about assessment Gary Borich, Partin Tombary. Second edition, United States 1997.

2. Evaluating students' learning, act of teaching. Donald Qruickshank, Kim Metcalf. Second edition. Mcgrawhill College 1999.

3. Handbook of guidance, 2005 edition. The professional standards for qualified teacher status and requirements for initial teacher training. London, TTA 2005.

 

4. محمد صبحي حسنين، التقويم والقياس في التربية البدنية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي 1979

5. د. نعيم عطيه، التقويم التربوي الهادف، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1970.

6. س. لندفل، أساليب الاختبار والتقويم في التربية والتعليم، ترجمة عبد الملك الناشف والدكتور سعيد التلّ. المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر، بيروت 1968.

http://www.google.free-onlinedictionary

تقييم الأنشطة التدريبية ضمن المشروع

حنا عوكر رئيس دائرتي الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

إن تعميم ثقافة أي مشروع ذي طابع تربوي تعليمي يتطلب العمل الجدي الرصين على مستوى الأهداف الواضحة المحددة والممكنة التحقيق، وعلى مستوى المناهج والمضامين والطرائق في أثناء التنفيذ وعلى مستوى التقييم الموضوعي بعد الانتهاء للتأكد من جودته وحسن نتائجه ومحصلاته لاعتماده في المدارس أو لتحسين مساره، من أجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة على المستويات الفكرية والاجتماعية والوطنية لدى طلاب هذه المدارس.

 

 

لقد طُرِحَ مشروع التربية من أجل التنمية المستدامة عالمياً كمسار إنساني شامل في مشاريع الأمم المتحدة، وأُنيطت مسؤولية تحقيق أهدافه بالأمم أهدافه والأوطان المختلفة بغية الحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها، وعلى خلق توجهات فكرية اقتصادية واجتماعية، والعمل على تثبيت سلوكيات سليمة تجاه المجتمع والذات والبيئة المحيطة والعالمية، وذلك من خلال توعية عامة شاملة بالاستناد إلى مقاييس وإجراءات ترفع قدرات الأفراد وكفاياتهم وتخلق توجهات ومواقف إيجابية تتسم بالحس الوطني والعالمي والمسؤولية الفردية والجماعية، والعمل التعاوني؛ وترتكز على الحوار والتفاهم واستخدام المستجدات العلمية والتكنولوجية ضمن هذا الإطار.

وقد قام المركز التربوي للبحوث والإنماء بدوره الرائد ضمن هذا المشروع، فاعتمد ''فريق العمل'' في مرحلة تجريبية اختيار عناوين عامة من صميم مفاهيم التنمية المستدامة وقدّمَ رزمًا تربوية عدة تتلاءم مع هذه العناوين، وجعل لها أهدافاً واقعية ممكنة التحقيق وصاغ أنشطة تربوية مترابطة ذات بناء تربوي متماسك لتحقيق تلك الأهداف. ووضع لتقويم كل رزمة، استمارة تقييم ركزت على عوامل عدة اعتبرت أساسية للحكم على مدى صحة هذه الأنشطة وفاعليتها وفي خلق توجهات جديدة لدى المتعلمين، وإكساب سلوكيات سليمة لتحقيق التواصل الإيجابي والتفاعل في ما بينهم ومع البيئة المحيطة المادية والاجتماعية.

وسنعرض في هذه المقالة تحليلاً لنتائج تقييم هذه الرزم، علماً بأنه تعذّرَ تطبيق أكثر من رزمتين خلال العام الدراسي، وذلك لعوامل عدة، أهمها الإجراءات الإدارية الروتينية، وآليات التوزيع التي اتبعت، والوقت الذي استهلك في حلحلة تشبيكات إدارية ولوجستية تنظيمية، بالإضافة إلى الامتحانات الرسمية والمدرسية، ومسؤوليات المعلمين في تنفيذ المناهج المطلوبة.

فالتقييم عمل أو إجراء يهدف إلى تحديد قيمة شيء معيّن أو تثنية، أو تقدير قيمة شيء ما، أو عملية تهدف إلى تحديد قيمة شيء بواسطة التقدير أو البحث. كما يشير الموقع الإلكتروني  Free-online dictionary إلى أن التقييم هو عملية تحليل ومقارنة التقدم الحقيقي إزاء الخطط المرسومة والهادفة إلى تطوير خطط التطبيق المستقبلية.

ونستنتج من التعريفات العديدة للتقييم، أنه وسيلة أو إجراء يهدف إلى إعطاء قيمة لشيء معين أو الحكم عليه بالاستناد إلى معايير معينة، أو الحكم على نقاط القوة والضعف في مشروع ما أو عمل ما بغية التركيز على النقاط الجيدة وتصحيح أو تعديل المسار بعد التعرف إلى نواحي الضعف وإجراء التكييفات أو التعديلات المناسبة لها وفاقًا للخطط المرسومة.

والتقييم على أنواع، تشخيصي أو تمهيدي أولي يطبق في المراحل الأولى، وتكويني يستخدم أثناء التنفيذ لإجراء التصحيحات الفورية والمتابعة، والنهائي أو التجميعي (Summative) لإصدار أحكام أو قرارات نهائية بعد الانتهاء من المشروع أو الوحدة أو الفصل الدراسي.

واعتمد المشروع على نوعين مهمين من التقييم وهما التكويني حيث كانت مهمة المعلم ودوره بالإضافة إلى الأدوار الأخرى، أن يقيم ويقدر الصعوبات التي واجهت تلامذته والأخطاء التي اقترفوها، وأن يصحح مباشرة أو يعالج المشكلات من أجل تصحيح التعليم والتعلم في الصف، والاستمرار في إعطاء الدرس أو النشاط وتأمين التفاعل في جو بيئي صفي مستقر وهادئ، والنوع الثاني هو التجميعي أو النهائي لإصدار الأحكام النوعية والكمية من خلال التعرف إلى الأعداد والأرقام والإحصاءات والجداول لتكوين فكرة عن كمية ما حققناه أي الناحية النوعية من جهة أخرى.

استناداً لكل ذلك، وبصورة خاصة المبادئ والمرتكزات الأساسية للتعليم الفاعل (Active Learning)، تركَّز التقييم في الاستمارة الموجودة في نهاية كل رزمة على رأي المعلمات والمعلمين الذين شاركوا في تنفيذ الأنشطة حول عناصر التعلم الفاعل الآتية:

  • ملاءمة عدد الأنشطة الواردة في الرزمة لمستوى المادة.
  • الصعوبات التي واجهها المعلم في أثناء تنفيذ الأنشطة على مستوى الصف من خلال تغذية راجعة سريعة (feed-back)
  • مدى ملاءمة مضامين الأنشطة لمستويات التلامذة الفكرية والاجتماعية والانفعالية.
  • مدى ارتباط الأنشطة بالمواضيع الواردة في الكتب المدرسية.
  • صحة المستندات ووضوحها ومدى ارتباطها بالأهداف المحددة لكل نشاط.
  • مدى قدرة المعلم على حسن تطبيق الأنشطة واستثمارها بشكل إيجابي.
  • مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة ومضامينها لتنامي المعرفة الأكاديمية والمهاراتية.
  • المهارات والاتجاهات التي حاولت الأنشطة أن تكسبها للتلامذة.
  • مدى ما حققته هذه الأنشطة من أهداف...

وإذا تناولنا الرزمة التعليمية الأولى تحت عنوان ''حرائق الإحراج والغابات''، معتمدين تحليل البطاقات التقييمية المتعلقة بها، والنتائج الإحصائية التي توصلنا إليها لظهرت فوراً وبشكل إيجابي مدى أهمية هذه الأنشطة وضرورة أن تعتمد فوراً في عمليات التعليم والتعلم من دون أي تأخير.

ولقد بينت الإحصاءات ما يأتي:

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بعدد الأنشطة ومدى ملاءمتها لمستوى المادة جاءت على الشكل الآتي:

1,87 كثيرة

75,65 معتدلة

13,5 قليلة

 

وتدل هذه النسب بوضوح على أن ثلثي المعلمين الذين أجابوا عن هذا السؤال أفادوا بأنها معتدلة؛ أي أنها كانت مناسبة تماماً لمستوى المادة، ولم تتجاوز المستوى المطلوب. أما الأرقام الإحصائية الأخرى فإنها تعود في أسبابها إلى شخصية المعلم وخبرته ومدى إلمامه بتطبيق الأنشطة ومعرفته بالمادة ومفاهيمها.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بوجود صعوبات حالت دون تنفيذ الأنشطة، جاءت لصالح الأنشطة، التي راعت الوقت المخصص لها ومستويات المتعلمين، وأتت على الشكل الآتي:

33 الوقت غير كاف

7 صعوبة النشاط

60 لا صعوبات تذكر

وبالنسبة إلى الوقت، فإنه يطرح المشكلة الأهم والأخطر لدى المعلمين، إذ يشير معظمهم إلى أن الوقت غالباً ما يداهمهم، ويقرع الجرس أحياناً قبل الانتهاء من الدرس أو إكساب المفاهيم. وبِرأينا فإن هذه المشكلة يمكن حلها إذا تدرب المعلمون على ''إدارة الوقت'' أي على استغلال الوقت المخصص لهم وللتعلم وللأنشطة بشكل موضوعي ومن دون السماح لعنصر الوقت باستغلالهم والاستيلاء على الدقائق المعدودة المخصصة لهم.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بالنشاط ومستوى ملاءمته للنمو الفكري والاجتماعي للمتعلمين، جاءت لصالح الأنشطة التي اعتمدت في الرزمة بشكل عام، وأتت على الشكل الآتي:

80 ٪ لصالح تلاؤم الأنشطة مع مستويات التلامذة

19 ٪ أعلى من مستوى التلامذة

1 ٪ أقل من مستوى التلامذة

ويعزى ذلك إلى أن عمليات التخطيط وبناء الأنشطة التي تمت على مستوى كل حلقة وكل صف، أخذت بالاعتبار مضمون الكتاب المدرسي والمفاهيم الجديدة الملائمة التي تطرحها التنمية المستدامة والتدرج المنطقي في بناء الأنشطة معتمدين المقاربة البنائية والبنائية/الاجتماعية في معظمها. كما أنها شدّدَت على خبرات المتعلمين السابقة، وجذب انتباههم، ورفع مستوى دافعيتهم للاندماج في النشاط من خلال القصص والصور والرسوم والتمارين الحسية والتطبيقية المناسبة لهم، والاعتماد على ربط المفاهيم بعضها ببعض وتعزيزها بالأعمال التعلمية الفردية والجماعية.

أما نسبة 19 ٪ التي تشير إلى أن الأنشطة فوق مستوى المتعلمين، فإنها تعود ولا شك إلى الفروقات الفردية بين المتعلمين، وإلى المستويات المتباينة بينهم، بالإضافة الى إمكانية وجود أفراد ذوي صعوبات تعلمية يحتاجون إلى دعم خاص ورعاية واهتمام لم تتوافر لهم في الأنشطة المقترحة في الرزم التعليمية التي نحن بصددها.

وهكذا فإن عملية تصميم الأنشطة وبنائها، جاءت مرتكزة على المحور الأساسي للرزمة، حيث تُرجمت الأهداف العامة المتوخاة الى أهداف إجرائية وسلوكية، جعلت من الدمج أو الارتباط بين مضمون المادة الأكاديمية من جهة ومضمون النشاط عملية سهلة وموضوعية من جهة أخرى.

  •  لقد دلّت الإجابات أيضا على ارتباط الأنشطة التعلمية بالموضوع لمطروح، وجاءت مرتفعة نوعاً ما لصالح الأنشطة وذلك على الشكل الآتي:

5,77 مرتبطة

18,5 لا جواب

4 بعض الأنشطة غير مرتبطة

وتبيّنَ هذه النسب حسن التخطيط في عملية بناء الأنشطة، ولاسيما في صياغة الأهداف التعلمية وتعيين المحتوى أو المضمون المناسب لتحقيق هذه الأهداف، وتحديد الوسائل التربوية والمستندات والوثائق المعنية. فالترابط عملية معقدة تتطلب إدراكاً شاملاً للموضوع وعناصره وتفاصيله، وتحديد الأسلوب أو الطريقة والوسيلة التي يمكن اتباعها أو استخدامها لتوضيح العناصر وتفسيرها والوصول إلى الهدف المرتجى.

أما بالنسبة إلى الأرقام الأخرى، فإنها دلت على أن بعض الأنشطة شددت على مهارات أخرى أكثر من تركيزها على المهارات اللغوية المطلوبة في أنشطة اللغة كالتشديد على بعض العمليات الحسابية مثلاً في نشاط لغوي يهدف إلى رفع الكفايات اللغوية في مجال التنمية المستدامة أو الأحراج والغابات.

  • ودلت الأجوبة حول مدى استثمار الأنشطة من قبل المعلمين على أن الاستثمار كان كافياً بشكل ممتاز، إذ جاءت على الشكل الآتي:

83 بشكل كاف

0,1 غير كاف

16 وسط

وتبين هذه النسب المرتفعة قدرة المعلمين على استثمار الأنشطة لصالح المتعلمين، أي قدرتهم على إجراء عمليات التعليم والشرح والتوضيح وإكساب المهارات والمفاهيم الضرورية التي تهدف الأنشطة الى تحقيقها. كما توضح بأن بناء الأنشطة كان متناغماً ومتماسكاً ومتدرجاً، وجاءت الوسائل مترابطة كما كانت التمارين التعلمية والتقييمية مناسبة تماماً، حيث سهلت جميعها قدرة المعلم على التكيف بشكل ملائم مع المعطيات الموجودة أمامه من دون أن يواجه صعوبات تربوية أو لوجستية ذات أهمية. ولو أن هذه العناصر كانت مفقودة تماماً أو انها تفتقر إلى التدرج والتناسب والتناغم والترابط لكانت نظرة المعلم متغيرة تماماً وجاء عمله متعثراً غير فعَّال في تطبيق الأنشطة أو استثمارها بشكل صحيح.

  • أما الأجوبة عن مدى تحقيق الأنشطة لأهدافها فقد جاءت على الشكل الآتي:

52 إلى حد بعيد

26 وسط

 10 مقبول

12 لا جواب

وإذا اعتبرنا الإجابات التي اعتمدت ''إلى حد بعيد'' و''وسط'' و''مقبول'' بأنها إيجابية، لجاءت النتائج جيدة تماماً، وتخطت نسبة 88 ٪. وتدل هذه النتائج الإحصائية الكمية على أن أكثر من ثلث المعلمين تقريباً أفادوا بأن الأنشطة حققت أهدافها، ما يعني توافر الانسجام والترابط بين أهداف النشاط من جهة ومضمونه والوسائل التربوية المعينة والتمارين التابعة له من جهة أخرى. ويعزى ذلك الى ان التخطيط لوضع الأنشطة أو بنائها كان عملاً موضوعياً وتربوياً وفّر المستلزمات الضرورية لتحقيق أهداف تربوية وتعلمية تفرعَّت بين المعرفية والمهاراتية والانفعالية.

  • وفي ما يتعلق بالإجابات عن مدى ملاءمة الصور والمستندات والرسومات للأنشطة ولمستوى الأطفال،

فقد دلت نسبة 54 ٪ على أنها واضحة ومناسبة وهي نتائج لا باس بها، لكن نسبة ٢0 ٪ وجدتها غير واضحة، ويعود السبب في ذلك كما دلت نتائج تحليل الاقتراحات المقدمة ولاسيما على الرزمة الثانية بموضوع ''صحتي ثروتي'' على أن الصور والرسومات كانت تفتقر إلى الألوان، علماً بأن واضعي الأنشطة طالبوا بذلك، لكن اعتماد التصوير الطباعي للرزم قبل توزيعها أدى إلى صدورها باللونين الأسود والأبيض فقط من دون الألوان الأخرى. ووصلت نسبة الذين طالبوا بجعل الصور والرسومات والمستندات واضحة وملونة الى 48 ٪ تقريباً.

أما عن مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة الواردة في الرزم التعليمية، فقد جاءت على الشكل الآتي:

تفاعل ايجابي 69 ٪

لا جواب 30 ٪

سلبي 1 ٪

 

وتدل هذه النتائج على جدية في التفاعل مع الأنشطة، لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار النتائج التي أوردناها سابقاً حول استثمار الأنشطة، وملاءمة الصور والمستندات، والصعوبات التي أعاقت حسن التطبيق، ومدى تحقيق الأنشطة للأهداف المرسومة ؛ حيث تتكامل جميعها لمصلحة الأنشطة التي رمت -بحسب النظرية البنائية / الاجتماعية التي ارتكزت إليها- إلى تحقيق تفاعل التلامذة واندماجهم في وضعيات تعلمية تتحدى تفكيرهم وتثير تساؤلاتهم وتفسح المجال أمامهم واسعاً للمقارنة والتحليل والربط أي إلى استخدام عمليات عقلية عليا عديدة ومعقدة.

ويمكننا أن نشير إلى أن الذين لم يجيبوا عن هذا السؤال - وهي نسبة دالة إحصائية نوعاً ما لم يدركوا ربما ما المقصود بتفاعل المتعلمين، وكان من الأجدى تفسيرها أو تبسيطها كاستخدام كلمة "شاركوا" أو "عملوا" أو "نفذوا"  النشاط مسرورين ولربما تجاهلوا أهمية هذا السؤال، لكن النسبة العالية التي نالها السؤال المتعلق باستثمار النشاط تبيّنَ إلى حد ما نسبة تفاعل التلامذة مع الأنشطة المرصودة في الرزمة. وهنا نجد أنفسنا أمام خيارات مهمة وهي ضرورة تدريب المعلمين على هذه الرزم وإقامة ندوات ومحاضرات لنشر الوعي حول أهميتها وآليات تنفيذها.

وحول السؤال المتعلق بإكساب المتعلمين مهارات واتجاهات (attitudes) جديدة، جاءت الأجوبة مرتفعة إلى حد كبير، ونالت الإجابة "نعم" في الرزمة الثانية من المشروع نسبة 94 ٪ تقريباً.

وتدل هذه النسبة على أن الأنشطة حققّتَ تغيرات مهمة في الميادين الحركية السلوكية والمعرفية والانفعالية، وهي مهارات واتجاهات يتعذر قياسها في هذه المقالة، لكننا نشير إلى بعض المهارات الإيجابية التي حاولت الأنشطة تحقيقها في:

  • جذب انتباه المتعلمين وتوعيتهم على الأمور الصحية.
  • إكسابهم عادات وسلوكيات صحية سليمة.
  • الانتباه إلى النظافة الشخصية ونظافة المأكولات للحفاظ على الذات من الأمراض والمشاكل الصحية.
  • الشعور بالتعاطف مع فقراء العالم.
  • اتخاذ قرارات مهمة على صعيد صحتهم كأفراد وعلى صعيد صحة المجتمع والتغذية بصورة عامة.
  • المشاركة في محاربة التلُّوث واستعمال المبيدات الضارة بالصحة والمجتمع والبيئة.
  • المساهمة في الحملات والأنشطة الهادفة إلى الحفاظ على بيئة نظيفة وسليمة.

إن المقاربة التربوية المتبعة في هذه الأنشطة والمرتكزة على مبادئ التبسيط والوضوح والتدرُّج، والمنطلقة من معارف المتعلمين ومدركاتهم نحو مفاهيم صحيحة وجديدة والمستندة إلى وسائل ووثائق ونصوص لتتحدى تفكيرهم وتمارين تطبيقية لترسيخ المعلومات الجديدة وإنتاج ما هو مطلوب منهم،أسهمت ولا شك في الوصول إلى مثل هذه النسبة عند المعلمين حول رأيهم بالمكتسبات الجديدة والذي يطمح معدّو مناهج التعليم في معظم أنحاء العالم إلى تحقيقها.

 

الاقتراحات والتوصيات

وأخيراً، أتت المقترحات والتوصيات من المعلمين عامة غير مرتبطة بنشاط معين، كما كانت أسئلة التقييم في الاستمارة المرفقة، أي أنها توجهت نحو الرزمة التعليمية ككل من دون أن تركز على تحليل كل نشاط بمفرده كما كنا نتمنى ونرجو، لذلك، نرى بأن اقتراحاً معيناً قد تناول نشاطاً ما في الرزمة لا يطول نشاطاً آخر ربما يكون مستوفيا للشروط التي ذكرها الاقتراح؛ وهذا ما يؤكد الحاجة مرة أخرى إلى ضرورة التحقق من كل نشاط بمفرده. وجاءت الاقتراحات العامة كما يأتي:

  • أن تنطلق الأنشطة من بيئة المتعلمين المادية والاجتماعية لتتوسع بعد ذلك إلى البيئة الإنسانية ككل، نظراً لتأثير العوامل البيئية والاجتماعية على الطفل ونموه وتعلمه.
  • أن تتضمن الأنشطة وسائل وصورًا ملونّةَ، واضحة، مشوقة، ومستندات ونصوصًا قصيرة بلغة سهلة غير مطوَّلة أو معقدة، كي لا تستهلك وقتاً وتفرض إشكاليات لا جدوى منها.
  • أن تقترح الأنشطة زيارات وأنشطة لاصفية خارج إطار الصف والمدرسة، مثل إلقاء المحاضرات، وحضور الندوات، وتنفيذ مسرحيات، وكتابة سيناريوهات أو صنع ملصقات عامة، وزيارات ميدانية إلى مراكز اجتماعية وصحية وبيئية زراعية ... الخ
  • تخصيص الوقت المناسب لتنفيذ الأنشطة أو بالأحرى لتنفيذ الرزمة التعليمية ككل نظراً لتكامل المفاهيم وترابطها مع المواد الأكاديمية المختلفة من جهة ولإعطاء الوقت المناسب للمعلم لإدارة صفه وإدارة المجموعات المقترح تشكيلها في نماذج الأنشطة من جهة أخرى .
  • أن تراعي الرزمة ومضمون الأنشطة محاور ومواضيع المنهج الرسمي لاسيما في ما يتعلق بالتزامن بين موضوع الرزمة ومحتوى المنهج، وان تخصص لكل صف دراسي وليس لحلقة معينة.
  • زيادة عدد الأنشطة لاسيما الموجهة إلى الحلقة الثالثة واعتماد رزمة تعليمية لكل صف، بحيث تكون الأهداف والمستلزمات والطرائق وغيرها من عناصر التعلم متوافرة لتحقيق مكتسبات خاصة تتلاءم مع أهداف المناهج وتتزامن مع مضامين الكتب المقررَّة للصف المقصود.

وهكذا، نستنتج بأن معظم الاقتراحات المقدمة من المعلمين والمعلمات الذين نفذوا أنشطة الرزم التعليمية لصالح مشروع التربية على التنمية المستدامة، تمحورت حول عوامل مساندة ومساعدة على تطبيق الأنشطة بجدية وفعالية، فتناولت الحلقة والصف والوقت وزيادة عدد الأنشطة والزيارات اللاصفية، بالإضافة إلى ترابط هذه الأنشطة مع البيئة الاجتماعية والمادية المحيطة لجعلها أكثر تشويقاً وجذباً للمعلمين كي ينخرطوا فيها.

وبكلمة أخيرة، وبما أن الهدف النهائي لهذه الرزم هو محاولة دمجها في المناهج التربوية التعليمية بصورة نهائية لجعلها مستديمة كما يتضح ذلك من عنوانها وتحديدها وواقعها، فإننا نقترح أن تختار الجهات المسؤولة ولاسيما الجهات الرسمية في االمركز التربوي إلى اختيار استراتيجية من استراتيجيات الدمج واعتمادها كخطة عمل في المرحلة القادمة، آخذين بالاعتبار النتائج أو المحصلات التي قدمتها المرحلة التجريبية ألأولى من اختبار الرزم التعليمية واعتمادها في تصحيح المسار المعتمد وإعادة النظر بالأنشطة وأهدافها ومضامينها وبالعوامل والمؤثرات التربوية والإدارية الأخرى التي تجعل من تطبيق الأنشطة واختيار الاستراتيجيات أمراً عملانياً سهلاً من الممكن تنفيذه.

المراجع

1 . Educational psychology, A contemporary approach. What teachers need to now about assessment Gary Borich, Partin Tombary. Second edition, United States 1997.

2. Evaluating students' learning, act of teaching. Donald Qruickshank, Kim Metcalf. Second edition. Mcgrawhill College 1999.

3. Handbook of guidance, 2005 edition. The professional standards for qualified teacher status and requirements for initial teacher training. London, TTA 2005.

 

4. محمد صبحي حسنين، التقويم والقياس في التربية البدنية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي 1979

5. د. نعيم عطيه، التقويم التربوي الهادف، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1970.

6. س. لندفل، أساليب الاختبار والتقويم في التربية والتعليم، ترجمة عبد الملك الناشف والدكتور سعيد التلّ. المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر، بيروت 1968.

http://www.google.free-onlinedictionary

تقييم الأنشطة التدريبية ضمن المشروع

حنا عوكر رئيس دائرتي الإعداد والتدريب المركز التربوي للبحوث والإنماء

 

إن تعميم ثقافة أي مشروع ذي طابع تربوي تعليمي يتطلب العمل الجدي الرصين على مستوى الأهداف الواضحة المحددة والممكنة التحقيق، وعلى مستوى المناهج والمضامين والطرائق في أثناء التنفيذ وعلى مستوى التقييم الموضوعي بعد الانتهاء للتأكد من جودته وحسن نتائجه ومحصلاته لاعتماده في المدارس أو لتحسين مساره، من أجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة على المستويات الفكرية والاجتماعية والوطنية لدى طلاب هذه المدارس.

 

 

لقد طُرِحَ مشروع التربية من أجل التنمية المستدامة عالمياً كمسار إنساني شامل في مشاريع الأمم المتحدة، وأُنيطت مسؤولية تحقيق أهدافه بالأمم أهدافه والأوطان المختلفة بغية الحفاظ على الموارد الطبيعية وحمايتها، وعلى خلق توجهات فكرية اقتصادية واجتماعية، والعمل على تثبيت سلوكيات سليمة تجاه المجتمع والذات والبيئة المحيطة والعالمية، وذلك من خلال توعية عامة شاملة بالاستناد إلى مقاييس وإجراءات ترفع قدرات الأفراد وكفاياتهم وتخلق توجهات ومواقف إيجابية تتسم بالحس الوطني والعالمي والمسؤولية الفردية والجماعية، والعمل التعاوني؛ وترتكز على الحوار والتفاهم واستخدام المستجدات العلمية والتكنولوجية ضمن هذا الإطار.

وقد قام المركز التربوي للبحوث والإنماء بدوره الرائد ضمن هذا المشروع، فاعتمد ''فريق العمل'' في مرحلة تجريبية اختيار عناوين عامة من صميم مفاهيم التنمية المستدامة وقدّمَ رزمًا تربوية عدة تتلاءم مع هذه العناوين، وجعل لها أهدافاً واقعية ممكنة التحقيق وصاغ أنشطة تربوية مترابطة ذات بناء تربوي متماسك لتحقيق تلك الأهداف. ووضع لتقويم كل رزمة، استمارة تقييم ركزت على عوامل عدة اعتبرت أساسية للحكم على مدى صحة هذه الأنشطة وفاعليتها وفي خلق توجهات جديدة لدى المتعلمين، وإكساب سلوكيات سليمة لتحقيق التواصل الإيجابي والتفاعل في ما بينهم ومع البيئة المحيطة المادية والاجتماعية.

وسنعرض في هذه المقالة تحليلاً لنتائج تقييم هذه الرزم، علماً بأنه تعذّرَ تطبيق أكثر من رزمتين خلال العام الدراسي، وذلك لعوامل عدة، أهمها الإجراءات الإدارية الروتينية، وآليات التوزيع التي اتبعت، والوقت الذي استهلك في حلحلة تشبيكات إدارية ولوجستية تنظيمية، بالإضافة إلى الامتحانات الرسمية والمدرسية، ومسؤوليات المعلمين في تنفيذ المناهج المطلوبة.

فالتقييم عمل أو إجراء يهدف إلى تحديد قيمة شيء معيّن أو تثنية، أو تقدير قيمة شيء ما، أو عملية تهدف إلى تحديد قيمة شيء بواسطة التقدير أو البحث. كما يشير الموقع الإلكتروني  Free-online dictionary إلى أن التقييم هو عملية تحليل ومقارنة التقدم الحقيقي إزاء الخطط المرسومة والهادفة إلى تطوير خطط التطبيق المستقبلية.

ونستنتج من التعريفات العديدة للتقييم، أنه وسيلة أو إجراء يهدف إلى إعطاء قيمة لشيء معين أو الحكم عليه بالاستناد إلى معايير معينة، أو الحكم على نقاط القوة والضعف في مشروع ما أو عمل ما بغية التركيز على النقاط الجيدة وتصحيح أو تعديل المسار بعد التعرف إلى نواحي الضعف وإجراء التكييفات أو التعديلات المناسبة لها وفاقًا للخطط المرسومة.

والتقييم على أنواع، تشخيصي أو تمهيدي أولي يطبق في المراحل الأولى، وتكويني يستخدم أثناء التنفيذ لإجراء التصحيحات الفورية والمتابعة، والنهائي أو التجميعي (Summative) لإصدار أحكام أو قرارات نهائية بعد الانتهاء من المشروع أو الوحدة أو الفصل الدراسي.

واعتمد المشروع على نوعين مهمين من التقييم وهما التكويني حيث كانت مهمة المعلم ودوره بالإضافة إلى الأدوار الأخرى، أن يقيم ويقدر الصعوبات التي واجهت تلامذته والأخطاء التي اقترفوها، وأن يصحح مباشرة أو يعالج المشكلات من أجل تصحيح التعليم والتعلم في الصف، والاستمرار في إعطاء الدرس أو النشاط وتأمين التفاعل في جو بيئي صفي مستقر وهادئ، والنوع الثاني هو التجميعي أو النهائي لإصدار الأحكام النوعية والكمية من خلال التعرف إلى الأعداد والأرقام والإحصاءات والجداول لتكوين فكرة عن كمية ما حققناه أي الناحية النوعية من جهة أخرى.

استناداً لكل ذلك، وبصورة خاصة المبادئ والمرتكزات الأساسية للتعليم الفاعل (Active Learning)، تركَّز التقييم في الاستمارة الموجودة في نهاية كل رزمة على رأي المعلمات والمعلمين الذين شاركوا في تنفيذ الأنشطة حول عناصر التعلم الفاعل الآتية:

  • ملاءمة عدد الأنشطة الواردة في الرزمة لمستوى المادة.
  • الصعوبات التي واجهها المعلم في أثناء تنفيذ الأنشطة على مستوى الصف من خلال تغذية راجعة سريعة (feed-back)
  • مدى ملاءمة مضامين الأنشطة لمستويات التلامذة الفكرية والاجتماعية والانفعالية.
  • مدى ارتباط الأنشطة بالمواضيع الواردة في الكتب المدرسية.
  • صحة المستندات ووضوحها ومدى ارتباطها بالأهداف المحددة لكل نشاط.
  • مدى قدرة المعلم على حسن تطبيق الأنشطة واستثمارها بشكل إيجابي.
  • مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة ومضامينها لتنامي المعرفة الأكاديمية والمهاراتية.
  • المهارات والاتجاهات التي حاولت الأنشطة أن تكسبها للتلامذة.
  • مدى ما حققته هذه الأنشطة من أهداف...

وإذا تناولنا الرزمة التعليمية الأولى تحت عنوان ''حرائق الإحراج والغابات''، معتمدين تحليل البطاقات التقييمية المتعلقة بها، والنتائج الإحصائية التي توصلنا إليها لظهرت فوراً وبشكل إيجابي مدى أهمية هذه الأنشطة وضرورة أن تعتمد فوراً في عمليات التعليم والتعلم من دون أي تأخير.

ولقد بينت الإحصاءات ما يأتي:

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بعدد الأنشطة ومدى ملاءمتها لمستوى المادة جاءت على الشكل الآتي:

1,87 كثيرة

75,65 معتدلة

13,5 قليلة

 

وتدل هذه النسب بوضوح على أن ثلثي المعلمين الذين أجابوا عن هذا السؤال أفادوا بأنها معتدلة؛ أي أنها كانت مناسبة تماماً لمستوى المادة، ولم تتجاوز المستوى المطلوب. أما الأرقام الإحصائية الأخرى فإنها تعود في أسبابها إلى شخصية المعلم وخبرته ومدى إلمامه بتطبيق الأنشطة ومعرفته بالمادة ومفاهيمها.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بوجود صعوبات حالت دون تنفيذ الأنشطة، جاءت لصالح الأنشطة، التي راعت الوقت المخصص لها ومستويات المتعلمين، وأتت على الشكل الآتي:

33 الوقت غير كاف

7 صعوبة النشاط

60 لا صعوبات تذكر

وبالنسبة إلى الوقت، فإنه يطرح المشكلة الأهم والأخطر لدى المعلمين، إذ يشير معظمهم إلى أن الوقت غالباً ما يداهمهم، ويقرع الجرس أحياناً قبل الانتهاء من الدرس أو إكساب المفاهيم. وبِرأينا فإن هذه المشكلة يمكن حلها إذا تدرب المعلمون على ''إدارة الوقت'' أي على استغلال الوقت المخصص لهم وللتعلم وللأنشطة بشكل موضوعي ومن دون السماح لعنصر الوقت باستغلالهم والاستيلاء على الدقائق المعدودة المخصصة لهم.

  • إن الأجوبة عن السؤال المتعلق بالنشاط ومستوى ملاءمته للنمو الفكري والاجتماعي للمتعلمين، جاءت لصالح الأنشطة التي اعتمدت في الرزمة بشكل عام، وأتت على الشكل الآتي:

80 ٪ لصالح تلاؤم الأنشطة مع مستويات التلامذة

19 ٪ أعلى من مستوى التلامذة

1 ٪ أقل من مستوى التلامذة

ويعزى ذلك إلى أن عمليات التخطيط وبناء الأنشطة التي تمت على مستوى كل حلقة وكل صف، أخذت بالاعتبار مضمون الكتاب المدرسي والمفاهيم الجديدة الملائمة التي تطرحها التنمية المستدامة والتدرج المنطقي في بناء الأنشطة معتمدين المقاربة البنائية والبنائية/الاجتماعية في معظمها. كما أنها شدّدَت على خبرات المتعلمين السابقة، وجذب انتباههم، ورفع مستوى دافعيتهم للاندماج في النشاط من خلال القصص والصور والرسوم والتمارين الحسية والتطبيقية المناسبة لهم، والاعتماد على ربط المفاهيم بعضها ببعض وتعزيزها بالأعمال التعلمية الفردية والجماعية.

أما نسبة 19 ٪ التي تشير إلى أن الأنشطة فوق مستوى المتعلمين، فإنها تعود ولا شك إلى الفروقات الفردية بين المتعلمين، وإلى المستويات المتباينة بينهم، بالإضافة الى إمكانية وجود أفراد ذوي صعوبات تعلمية يحتاجون إلى دعم خاص ورعاية واهتمام لم تتوافر لهم في الأنشطة المقترحة في الرزم التعليمية التي نحن بصددها.

وهكذا فإن عملية تصميم الأنشطة وبنائها، جاءت مرتكزة على المحور الأساسي للرزمة، حيث تُرجمت الأهداف العامة المتوخاة الى أهداف إجرائية وسلوكية، جعلت من الدمج أو الارتباط بين مضمون المادة الأكاديمية من جهة ومضمون النشاط عملية سهلة وموضوعية من جهة أخرى.

  •  لقد دلّت الإجابات أيضا على ارتباط الأنشطة التعلمية بالموضوع لمطروح، وجاءت مرتفعة نوعاً ما لصالح الأنشطة وذلك على الشكل الآتي:

5,77 مرتبطة

18,5 لا جواب

4 بعض الأنشطة غير مرتبطة

وتبيّنَ هذه النسب حسن التخطيط في عملية بناء الأنشطة، ولاسيما في صياغة الأهداف التعلمية وتعيين المحتوى أو المضمون المناسب لتحقيق هذه الأهداف، وتحديد الوسائل التربوية والمستندات والوثائق المعنية. فالترابط عملية معقدة تتطلب إدراكاً شاملاً للموضوع وعناصره وتفاصيله، وتحديد الأسلوب أو الطريقة والوسيلة التي يمكن اتباعها أو استخدامها لتوضيح العناصر وتفسيرها والوصول إلى الهدف المرتجى.

أما بالنسبة إلى الأرقام الأخرى، فإنها دلت على أن بعض الأنشطة شددت على مهارات أخرى أكثر من تركيزها على المهارات اللغوية المطلوبة في أنشطة اللغة كالتشديد على بعض العمليات الحسابية مثلاً في نشاط لغوي يهدف إلى رفع الكفايات اللغوية في مجال التنمية المستدامة أو الأحراج والغابات.

  • ودلت الأجوبة حول مدى استثمار الأنشطة من قبل المعلمين على أن الاستثمار كان كافياً بشكل ممتاز، إذ جاءت على الشكل الآتي:

83 بشكل كاف

0,1 غير كاف

16 وسط

وتبين هذه النسب المرتفعة قدرة المعلمين على استثمار الأنشطة لصالح المتعلمين، أي قدرتهم على إجراء عمليات التعليم والشرح والتوضيح وإكساب المهارات والمفاهيم الضرورية التي تهدف الأنشطة الى تحقيقها. كما توضح بأن بناء الأنشطة كان متناغماً ومتماسكاً ومتدرجاً، وجاءت الوسائل مترابطة كما كانت التمارين التعلمية والتقييمية مناسبة تماماً، حيث سهلت جميعها قدرة المعلم على التكيف بشكل ملائم مع المعطيات الموجودة أمامه من دون أن يواجه صعوبات تربوية أو لوجستية ذات أهمية. ولو أن هذه العناصر كانت مفقودة تماماً أو انها تفتقر إلى التدرج والتناسب والتناغم والترابط لكانت نظرة المعلم متغيرة تماماً وجاء عمله متعثراً غير فعَّال في تطبيق الأنشطة أو استثمارها بشكل صحيح.

  • أما الأجوبة عن مدى تحقيق الأنشطة لأهدافها فقد جاءت على الشكل الآتي:

52 إلى حد بعيد

26 وسط

 10 مقبول

12 لا جواب

وإذا اعتبرنا الإجابات التي اعتمدت ''إلى حد بعيد'' و''وسط'' و''مقبول'' بأنها إيجابية، لجاءت النتائج جيدة تماماً، وتخطت نسبة 88 ٪. وتدل هذه النتائج الإحصائية الكمية على أن أكثر من ثلث المعلمين تقريباً أفادوا بأن الأنشطة حققت أهدافها، ما يعني توافر الانسجام والترابط بين أهداف النشاط من جهة ومضمونه والوسائل التربوية المعينة والتمارين التابعة له من جهة أخرى. ويعزى ذلك الى ان التخطيط لوضع الأنشطة أو بنائها كان عملاً موضوعياً وتربوياً وفّر المستلزمات الضرورية لتحقيق أهداف تربوية وتعلمية تفرعَّت بين المعرفية والمهاراتية والانفعالية.

  • وفي ما يتعلق بالإجابات عن مدى ملاءمة الصور والمستندات والرسومات للأنشطة ولمستوى الأطفال،

فقد دلت نسبة 54 ٪ على أنها واضحة ومناسبة وهي نتائج لا باس بها، لكن نسبة ٢0 ٪ وجدتها غير واضحة، ويعود السبب في ذلك كما دلت نتائج تحليل الاقتراحات المقدمة ولاسيما على الرزمة الثانية بموضوع ''صحتي ثروتي'' على أن الصور والرسومات كانت تفتقر إلى الألوان، علماً بأن واضعي الأنشطة طالبوا بذلك، لكن اعتماد التصوير الطباعي للرزم قبل توزيعها أدى إلى صدورها باللونين الأسود والأبيض فقط من دون الألوان الأخرى. ووصلت نسبة الذين طالبوا بجعل الصور والرسومات والمستندات واضحة وملونة الى 48 ٪ تقريباً.

أما عن مدى تفاعل التلامذة مع الأنشطة الواردة في الرزم التعليمية، فقد جاءت على الشكل الآتي:

تفاعل ايجابي 69 ٪

لا جواب 30 ٪

سلبي 1 ٪

 

وتدل هذه النتائج على جدية في التفاعل مع الأنشطة، لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار النتائج التي أوردناها سابقاً حول استثمار الأنشطة، وملاءمة الصور والمستندات، والصعوبات التي أعاقت حسن التطبيق، ومدى تحقيق الأنشطة للأهداف المرسومة ؛ حيث تتكامل جميعها لمصلحة الأنشطة التي رمت -بحسب النظرية البنائية / الاجتماعية التي ارتكزت إليها- إلى تحقيق تفاعل التلامذة واندماجهم في وضعيات تعلمية تتحدى تفكيرهم وتثير تساؤلاتهم وتفسح المجال أمامهم واسعاً للمقارنة والتحليل والربط أي إلى استخدام عمليات عقلية عليا عديدة ومعقدة.

ويمكننا أن نشير إلى أن الذين لم يجيبوا عن هذا السؤال - وهي نسبة دالة إحصائية نوعاً ما لم يدركوا ربما ما المقصود بتفاعل المتعلمين، وكان من الأجدى تفسيرها أو تبسيطها كاستخدام كلمة "شاركوا" أو "عملوا" أو "نفذوا"  النشاط مسرورين ولربما تجاهلوا أهمية هذا السؤال، لكن النسبة العالية التي نالها السؤال المتعلق باستثمار النشاط تبيّنَ إلى حد ما نسبة تفاعل التلامذة مع الأنشطة المرصودة في الرزمة. وهنا نجد أنفسنا أمام خيارات مهمة وهي ضرورة تدريب المعلمين على هذه الرزم وإقامة ندوات ومحاضرات لنشر الوعي حول أهميتها وآليات تنفيذها.

وحول السؤال المتعلق بإكساب المتعلمين مهارات واتجاهات (attitudes) جديدة، جاءت الأجوبة مرتفعة إلى حد كبير، ونالت الإجابة "نعم" في الرزمة الثانية من المشروع نسبة 94 ٪ تقريباً.

وتدل هذه النسبة على أن الأنشطة حققّتَ تغيرات مهمة في الميادين الحركية السلوكية والمعرفية والانفعالية، وهي مهارات واتجاهات يتعذر قياسها في هذه المقالة، لكننا نشير إلى بعض المهارات الإيجابية التي حاولت الأنشطة تحقيقها في:

  • جذب انتباه المتعلمين وتوعيتهم على الأمور الصحية.
  • إكسابهم عادات وسلوكيات صحية سليمة.
  • الانتباه إلى النظافة الشخصية ونظافة المأكولات للحفاظ على الذات من الأمراض والمشاكل الصحية.
  • الشعور بالتعاطف مع فقراء العالم.
  • اتخاذ قرارات مهمة على صعيد صحتهم كأفراد وعلى صعيد صحة المجتمع والتغذية بصورة عامة.
  • المشاركة في محاربة التلُّوث واستعمال المبيدات الضارة بالصحة والمجتمع والبيئة.
  • المساهمة في الحملات والأنشطة الهادفة إلى الحفاظ على بيئة نظيفة وسليمة.

إن المقاربة التربوية المتبعة في هذه الأنشطة والمرتكزة على مبادئ التبسيط والوضوح والتدرُّج، والمنطلقة من معارف المتعلمين ومدركاتهم نحو مفاهيم صحيحة وجديدة والمستندة إلى وسائل ووثائق ونصوص لتتحدى تفكيرهم وتمارين تطبيقية لترسيخ المعلومات الجديدة وإنتاج ما هو مطلوب منهم،أسهمت ولا شك في الوصول إلى مثل هذه النسبة عند المعلمين حول رأيهم بالمكتسبات الجديدة والذي يطمح معدّو مناهج التعليم في معظم أنحاء العالم إلى تحقيقها.

 

الاقتراحات والتوصيات

وأخيراً، أتت المقترحات والتوصيات من المعلمين عامة غير مرتبطة بنشاط معين، كما كانت أسئلة التقييم في الاستمارة المرفقة، أي أنها توجهت نحو الرزمة التعليمية ككل من دون أن تركز على تحليل كل نشاط بمفرده كما كنا نتمنى ونرجو، لذلك، نرى بأن اقتراحاً معيناً قد تناول نشاطاً ما في الرزمة لا يطول نشاطاً آخر ربما يكون مستوفيا للشروط التي ذكرها الاقتراح؛ وهذا ما يؤكد الحاجة مرة أخرى إلى ضرورة التحقق من كل نشاط بمفرده. وجاءت الاقتراحات العامة كما يأتي:

  • أن تنطلق الأنشطة من بيئة المتعلمين المادية والاجتماعية لتتوسع بعد ذلك إلى البيئة الإنسانية ككل، نظراً لتأثير العوامل البيئية والاجتماعية على الطفل ونموه وتعلمه.
  • أن تتضمن الأنشطة وسائل وصورًا ملونّةَ، واضحة، مشوقة، ومستندات ونصوصًا قصيرة بلغة سهلة غير مطوَّلة أو معقدة، كي لا تستهلك وقتاً وتفرض إشكاليات لا جدوى منها.
  • أن تقترح الأنشطة زيارات وأنشطة لاصفية خارج إطار الصف والمدرسة، مثل إلقاء المحاضرات، وحضور الندوات، وتنفيذ مسرحيات، وكتابة سيناريوهات أو صنع ملصقات عامة، وزيارات ميدانية إلى مراكز اجتماعية وصحية وبيئية زراعية ... الخ
  • تخصيص الوقت المناسب لتنفيذ الأنشطة أو بالأحرى لتنفيذ الرزمة التعليمية ككل نظراً لتكامل المفاهيم وترابطها مع المواد الأكاديمية المختلفة من جهة ولإعطاء الوقت المناسب للمعلم لإدارة صفه وإدارة المجموعات المقترح تشكيلها في نماذج الأنشطة من جهة أخرى .
  • أن تراعي الرزمة ومضمون الأنشطة محاور ومواضيع المنهج الرسمي لاسيما في ما يتعلق بالتزامن بين موضوع الرزمة ومحتوى المنهج، وان تخصص لكل صف دراسي وليس لحلقة معينة.
  • زيادة عدد الأنشطة لاسيما الموجهة إلى الحلقة الثالثة واعتماد رزمة تعليمية لكل صف، بحيث تكون الأهداف والمستلزمات والطرائق وغيرها من عناصر التعلم متوافرة لتحقيق مكتسبات خاصة تتلاءم مع أهداف المناهج وتتزامن مع مضامين الكتب المقررَّة للصف المقصود.

وهكذا، نستنتج بأن معظم الاقتراحات المقدمة من المعلمين والمعلمات الذين نفذوا أنشطة الرزم التعليمية لصالح مشروع التربية على التنمية المستدامة، تمحورت حول عوامل مساندة ومساعدة على تطبيق الأنشطة بجدية وفعالية، فتناولت الحلقة والصف والوقت وزيادة عدد الأنشطة والزيارات اللاصفية، بالإضافة إلى ترابط هذه الأنشطة مع البيئة الاجتماعية والمادية المحيطة لجعلها أكثر تشويقاً وجذباً للمعلمين كي ينخرطوا فيها.

وبكلمة أخيرة، وبما أن الهدف النهائي لهذه الرزم هو محاولة دمجها في المناهج التربوية التعليمية بصورة نهائية لجعلها مستديمة كما يتضح ذلك من عنوانها وتحديدها وواقعها، فإننا نقترح أن تختار الجهات المسؤولة ولاسيما الجهات الرسمية في االمركز التربوي إلى اختيار استراتيجية من استراتيجيات الدمج واعتمادها كخطة عمل في المرحلة القادمة، آخذين بالاعتبار النتائج أو المحصلات التي قدمتها المرحلة التجريبية ألأولى من اختبار الرزم التعليمية واعتمادها في تصحيح المسار المعتمد وإعادة النظر بالأنشطة وأهدافها ومضامينها وبالعوامل والمؤثرات التربوية والإدارية الأخرى التي تجعل من تطبيق الأنشطة واختيار الاستراتيجيات أمراً عملانياً سهلاً من الممكن تنفيذه.

المراجع

1 . Educational psychology, A contemporary approach. What teachers need to now about assessment Gary Borich, Partin Tombary. Second edition, United States 1997.

2. Evaluating students' learning, act of teaching. Donald Qruickshank, Kim Metcalf. Second edition. Mcgrawhill College 1999.

3. Handbook of guidance, 2005 edition. The professional standards for qualified teacher status and requirements for initial teacher training. London, TTA 2005.

 

4. محمد صبحي حسنين، التقويم والقياس في التربية البدنية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي 1979

5. د. نعيم عطيه، التقويم التربوي الهادف، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1970.

6. س. لندفل، أساليب الاختبار والتقويم في التربية والتعليم، ترجمة عبد الملك الناشف والدكتور سعيد التلّ. المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر، بيروت 1968.

http://www.google.free-onlinedictionary