واقع تحصيل اللغة الأجنبية الأولى: قراءة في نتائج امتحانات الشهادة المتوسطة للسنوات الثلاث الأخيرة

د. عبد الفتاح خضر الثلاث الأخيرة رئيس مكتب البحوث التربوية المركز التربوي للبحوث والانماء

١- الموقع الرسمي والدور الفعلي للغة الأجنبية في النظام التعليمي في لبنان: مادة تعليمية ولغة تعليم وتعلم.
في نصوص المرسوم ١٠٢٢٧ الصادر في ٨ أيار ١٩٩٧ "تحديد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها" وملاحقه، تم تحديد الموقع الرسمي (statut) للغة الأجنبية بحيث يشكل إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل تفعيلاً للانفتاح على الثقافات العالمية وإغنائها والاغتناء بها ما يجعل مسألة امتلاك لغتين أجنبيتين، أولى وثانية، أحد المرتكزات الأساسية لتكوين مواطن قادر على ممارسة دوره الحضاري في المجتمع العالمي.

وقد ترجم هذا التوجه في تفاصيل المناهج على الوجه التالي:
أ- تلازم تعلم لغة أجنبية أولى (الانكليزية أو الفرنسية) مع تعلم اللغة العربية منذ مرحلة الروضة حيث نجد ضمن الأهداف اللغوية لهذه المرحلة أن باستطاعة الطفل أن:

  • يفهم ويستخدم مفردات وجملاً باللغة العربية الفصيحة المبسطة وبلغة أجنبية.
  • يردد العديّات والأناشيد والأشعار باللغتين العربية والأجنبية.

ب- تخصيص عدد من حصص التعليم للغة الأجنبية الأولى معادل لما هو مخصص للغة العربية في مراحل التعليم وحلقاته كافة.
ج- تخصيص عدد من الحصص (حصتين اسبوعياً) لتعليم لغة أجنبية ثانية ابتداءً من الصف السابع (الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي).
د- تعليم العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والمعلوماتية وغيرها باللغة الأجنبية الأولى: هذه المسألة هي أمر واقع حيث أنه لا يوجد نص ملزم بهذا الخصوص.

لقد تم وضع المناهج باللغات الثلاث: العربية والفرنسية والانكليزية، غير أنه لا تتوفر كتب بالعربية لتعليم الرياضيات والعلوم للمرحلتين المتوسطة والثانوية ولا يوجد طلب لتوفير مثل هذه الكتب أو اعتراض صريح على هذا الواقع القائم. على العكس من ذلك، هناك قبول صريح بهذا الواقع من قبل الأهل والمسؤولين على حدٍ سواء واستجابة من قبل المؤسسات التعليمية بالرغم من إدراك السلبيات الناتجة عن ذلك والتي لن نتطرق إليها في هذا السياق.
وهكذا فإن المرتبة التي تشغلها اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي تبدو في غاية الأهمية حيث أن امتلاكها يشكل أحد الأهداف الأساسية لهذا النظام، كما أن مستوى هذا الامتلاك ابتداءً من السنوات الأولى للدراسة يتحكم إلى حد كبير بقدرة التلاميذ على المتابعة حيث أن عليهم أن يتعلموا مواد أساسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء والتكنولوجيا والمعلوماتية والفلسفة والحضارات باللغة الأجنبية التي تتحول فعلياً من مادة تعليمية إلى لغة تعليم وتعلم يفترض بمستخدميها من المعلمين و المتعلمين، حسن الاستيعاب والتعبير بواسطتها مشافهة وكتابة داخل المدرسة وخارجها، ولاحقاً في الدراسات والتخصص أو في سوق العمل.

٢- مستوى التحصيل باللغة الأجنبية: مصداقية الامتحانات الرسمية
إن حجم الموارد المخصصة لتمكين الدور الفعلي المطلوب من اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي، من حصص تعليم لهذه اللغة وتعلم بواسطتها على مدى أكثر من اثنتي عشرة سنة، يسمح بتوقع أفضل مستويات التحصيل وامتلاك هذه اللغة، غير أن مثل هذه التوقعات تبدو شديدة التفاؤل عند النظر إلى الأداء الفعلي لنظامنا التعليمي بمختلف قطاعاته في مجال تعليم اللغات الأجنبية.

إن الشكوى بخصوص ضعف مستويات التحصيل تأتي من الأهل عندما يواجهون النتائج المدرسية لأطفالهم والصعوبات التي تعترض هؤلاء التلاميذ في التعامل مع فروضهم المنزلية الخاصة باللغة الأجنبية أو بالمواد التي يتم تدريسها باللغة الأجنبية وكذلك عند التحضير لامتحانات الشهادات الرسمية حيث يشتد القلق والخوف من تأثير هذه اللغة على نجاح المرشحين من ابنائهم.

وبالرغم من وجود عدد من المدارس الخاصة والرسمية (أحياناً) التي نجحت في تجاوز نسبي لمشكلة تعليم اللغة الأجنبية والتعلم بواسطتها إلا أن هذا لا يغير من الشكوى العامة من وضع اللغة الأجنبية وتأثير ذلك على نتائج التحصيل العامة للتلاميذ.

إن التساؤل حول ما إذا كانت الإمتحانات الرسمية تقيس مستوى التحصيل التعلمي حقيقةً ليس تساؤلاً مجانياً إذ إن الهدف من الامتحانات الرسمية هو إعطاء شهادات نجاح في نهاية المراحل التعليمية للتخرج أو المتابعة من خلال إخضاع الممتحنين لمسابقة وحيدة في كل من مواد الامتحان وضمن وقت محدود وهي بذلك تهمل النتائج المدرسية ولا تعترف بها ولا تأخذها بالاعتبار لمنح هذه الشهادات بالرغم من أن النتائج المدرسية توفر مبدئياً معطيات أكثر شمولية فيما يخص أداء التلامذة ومستويات تحصيلهم.

إن الامتحانات الرسمية تتم ضمن آليات وشروطٍ لا توفر بالضرورة مستوى كافياً من الموثوقية لجهة ضمان عدم وجود ما يمكن تسميته ب ''عوامل تحيز'' أو انحراف عن الدقة والحيادية المطلوبتين، وذلك لدى وضع الاسئلة من قبل لجان الامتحانات لجهة تشكيل اللجان واختيار المواضيع وصياغتها وتحديد الإجابات الصحيحة والمقبولة، وعند تقديم الامتحانات لجهة ضبط محاولات الغش الفردية وغير الفردية وتوفير جو ملائم وغير ضاغط، للخاضعين للامتحان كافة، وأيضاً عند تصحيح المسابقات حيث التعامل مع الإجابات بتفاصيلها وتوزيع النقاط وكسورها عليها يخضع بالضرورة لمعطيات ذاتية خاصة بالمصححين ابتداءً بمعارفهم الأكاديمية وخبرتهم في التقويم وخلفياتهم الثقافية وغيرها وأوضاعهم النفسية وحالة التعب أو الإجهاد الذي يعانون منه عند التصحيح، وأخيراً يمكن للمداولات التي تتم عند الاختلاف بين المصححين، حول مسابقات فردية أو حول إشكالات عامة مرتبطة بالإجابات وتثقيلها وصلاحية أو عدم صلاحية بعض المسائل المطروحة، والتي تظهر بنتيجة الإمتحانات، يمكن لهذه المداولات أن تعزز عوامل الانحراف عن الحيادية ما يؤثر على نتائج الممتحنين كأفراد، وأحياناً كمجموعات منتمية الى مدارس بعينها، أو قطاع مدرسي بعينه، وذلك سلباً أو إيجاباً.

بالرغم من كل هذه المسائل وغيرها مما يمكن إثارته للاعتراض على استخدام نتائج الامتحانات الرسمية لتحليل الواقع التربوي وتحديداً مستويات التحصيل في نهاية المراحل، فإن عدم القيام بذلك يشكل تغاضياً عن حقيقة القبول العام بقيمة الامتحانات الرسمية والشهادات المعطاة بنتيجتها ودورها الضامن والناظم لمستويات ''دنيا'' من التحصيل تسمح للناجحين فيها بالمتابعة وتلزم مؤسسات التعليم بقبولهم للمراحل الأعلى.

غير أن التساؤل الأهم بنظرنا هو حول ماهية ما تعكسه نتائج الامتحانات الرسمية وما يمكن للمحللين التربويين أن يتلمسوه من خلالها رغم وجود عوامل عديدة، ذكرت سابقاً، تساهم في التشويش والشوشرة على دقة القياس وحياديته وبالتالي موثوقيته.

إن تحليل النتائج بشكل إجمالي يشمل الممتحنين جميعاً ويمكّن من تجاوز مفاعيل التشويش، بمقدار مايكون هذا التشويش ذا طبيعة عشوائية، ويبقي على المظاهر العامة الأكثر استقراراً والمرتبطة بمكوّنات النظام التربوي والمتغيرات المعبرة عن عناصر التحكم الأبرز في أداء وفعالية وتميز كل من هذه المكوّنات وانعكاسها في النتائج العامة.

إن المسلّمَة الأساسية لهذا العرض هي في كون نتائج الامتحانات الرسمية التي تمت معالجتها احصائياً تعكس صورة حقيقية جديرة بالإعتبار عن الواقع التربوي وأداء النظام التربوي وهذه المعالجة لم تقتصر على نتائج اللغة الأجنبية الأولى بالرغم من أن العرض الحالي مخصص لهذا الجانب من النتائج تحديداً.

٣- نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة بحسب القطاع (رسمي-خاص) والجنس (ذكور-إناث)
أ- بين الانكليزية والفرنسية: توضيح الصورة.
تستفيد اللغتان الفرنسية والإنكليزية حصراً من تسمية وموقع "لغة أجنبية أولى" في مدارس لبنان مع حضور متزايد للغة الإنكليزية (راجع العدد ٣١ من المجلة التربوية- ت2 2004 ص 60)  تجاوز ثلث الملتحقين بالتعليم العام بحسب احصاءات العام الدراسي 2003-2004.
يسود الاعتقاد أن اللغة الفرنسية أكثر صعوبة من اللغة الانكليزية لناحية التعلم، وبالتالي فمن المتوقع أن تكون نتائج تحصيل اللغة الإنكليزية أفضل من نتائج اللغة الفرنسية.
 إن نتائج امتحانات العام 2003/2004، ، كما هي مبينة على المصور "1" الذي يعطي النسبة المئوية من علامات المرشحين الواقعة ضمن حيز من علامتين (مثلاً: ١٥.٥ ٪ من المرشحين/لغة فرنسية حازوا علامة تعادل أو تفوق العشرة (10) ودون الاثنتي عشرة (12) وهذه النتيجة تتمركز على العلامة (11) في المصور حيث سُلّم العلامات على عشرين (20)، لا تتوافق مع الاعتقاد السائد المذكور سابقاً ويمكن ملاحظة ما يأتي:

  1. نسبة مرشحي اللغة الإنكليزية تتجاوز 1/3 المرشحين بقليل، ما ينسجم مع نسبة حضور كل من اللغتين في المدارس.
  2. توزيع النتائج في الحالتين لا يتبع التوزيع التقليدي (أي الشكل الناقوسي (distribution en forme de cloche) المعتاد عند معالجة عينة كبيرة العدد والمتوقع شرط أن تكون عوامل التشويش والشوشرة (fluctuations) على المعدل الوسطي عشوائية وغير متحيزة ما يشير إلى وجود عوامل تحكم بشكل التوزيع وانحرافه مرتبطة بخصوصيات النظام التربوي وتركيبه وبالامتحانات نفسها وعدم خلوها من عوامل التحّيز.
  3. يظهر التدقيق بكل توزيع على حدة أنه توزيع مركب ما يدل على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين (كما هو مبين في توزيع النتائج بحسب القطاعين الرسمي والخاص).
  4. تتقارب المعدلات الوسطية لنتائج اللغة الفرنسية (20/802) واللغة الانكليزية (20/707) لدورة 2003/2004 مع رجحان كفة اللغة الفرنسية في العلامات التي تفوق 20/12.

إن هذه النتائج مستقرة نسبياً كما يبين تحليل نتائج العامين 2001/2002 و 2002/2003 مع ملاحظة أن نتائج العام 2001/2002 كانت ملفتة لناحية الهبوط النسبي للمعدلات الوسطية العامة باللغة الأجنبية.
هذا الاستقرار النسبي للنتائج، على مدى ثلاث دورات، مع تدني المعدلات الوسطية وتقاربها للغتين الفرنسية والانكليزية يسمح بالتأكيد أن العوامل المؤدية إلى مثل هذه النتائج متشابهة في الحالتين بالرغم من وجود فروقات جوهرية في المقاربة المنهجية لتعليم كل من اللغتين.

ب- النتائج بحسب القطاع: تدني نتائج القطاع الرسمي وعدم تجانس نتائج القطاع الخاص.

كما ذكرنا أعلاه، يدل التدقيق في المصور "1" على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين وهكذا فإن إعادة معالجة النتائج حسب القطاعات التي يأتي منها هؤلاء المرشحون تبين بوضوح أن نتائج القطاع الرسمي تنفصل عن نتائج القطاع الخاص (المصورين ٢ و ٣) بحيث يختلف شكل التوزيع لكل منهما وكذلك المعدلات الوسطى المحققة ويمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

  1. تتمحور نتائج القطاع الرسمي حول معدل وسطي متدنٍ (20/6047) مع ميل التوزيع لصالح العلامات الأدنى.الأدنى.
  2. تتمحور نتائج القطاع الخاص حول معدل وسطي أعلى (20/9028)  مع شكل مركب للتوزيع .
  3. يحقق ما بين 43٪ الى 46٪ من مرشحي القطاع الخاص علامة فوق 10/20 بينما تهبط هذه النسبة الى ما بين 11٪ و 14٪ الرسمي وذلك للعامين 2002/2003 و 2003/2004
  4. يتسم توزيع نتائج القطاع الخاص بالتركيب ما يشير إلى عدم تجانس يعكس وجود أكثر من مكوّن ضمن القطاع الخاص، وتبدو نتائج المكوّن الأقل كفاءة قريبة من نتائج القطاع الرسمي.

ج- النتائج بحسب الجنس (ذكور - إناث): تفوق الإناث.
يظهر المصوران (٤ و ٥) نتائج اللغة الأجنبية للذكور والإناث بغض النظر عن القطاع التعليمي ما يتسبب بالأشكال المركبة لتوزيع العلامات في كل من المصورين.

إن النتيجة الواضحة هي تفوّق نتائج الإناث على الذكور بما يقارب فارق نقطة واحدة بين المعدلات الوسطية، تشكل ما يقارب ١٢ ٪ من المعدل الوسطي، وهو فارق كبير نسبياً خاصة أن هذا الفارق يعكس بشكل أساسي تفوقاً للإناث لناحية العلامات الأعلى.

إن هذه النتيجة تبدو منسجمة مع نتائج تحصيل الإناث عامة وفي مجال اللغات خاصة والتي تظهرها نتائج الدراسات على المستوى العالمي.


٤- ترابط نتائج المواد العلمية مع نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة: بين التوقعات والنتائج المحققة.
إن دراسة الترابط الإحصائي بين متغيرين أو أكثر يجب أن تتم مع الانتباه إلى جملة من التحفظات الوجيهة قبل بناء استنتاجات على نتائج الدراسة ومن هذه التحفظات:

  1.  إن وجود ترابط إحصائي ظاهر بين متغيرين لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية بينهما (مثلاً: قد يكون مستوى الأداء الذهني والمثابرة لدى التلميذ سبباً لنتائجه الجيدة (أو السيئة) في اللغة العربية واللغة الأجنبية مما يوجد علاقة ظاهرة بين هذه النتائج ولا نستطيع التأكيد على وجود ارتباط سببي بينهما).
  2. إن عناصر الشوشرة والتشويش وعوامل التحّيز التي تؤثر على قياس موثوق لمستويات التحصيل تضعف من مستوى الارتباط بين النتائج، وبالتالي فإن ضعف الإرتباط لا يعني غياب العلاقة إنما يظهر طغيان العناصر المشوشة عليها.

من ناحية أخرى، قد لايلتفت واضعو أسئلة امتحانات المواد العلمية باللغة الأجنبية إلى احتواء صياغاتهم على مفردات وتراكيب لغوية غير مألوفة من الممتحنين أو من فئة معينة من هؤلاء مما يشكل عاملاً غير مساعد لفهمهم المطلوب وللإجابات الصحيحة. كما أن كفاية التواصل المطلوبة في امتحانات المواد العلمية تقتضي امتلاكاً متفاوت المستوى للغة التعبير الأجنبية يرتفع أو ينخفض بحسب خصوصيات المخزون اللغوي المستخدم لكل مادة واحتياجات الإجابة عن الأسئلة المطروحة ما يؤثر مباشرة على نتائج الممتحنين في هذه المواد.

في كلتا الحالتين، يشتد مستوى الارتباط مع مستوى وتنوع المخزون اللغوي المطلوب تحريكه بشكل يمكّن من استيعاب الأسئلة والإجابة عنها وهو يتحدد بحسب طبيعة كل مادة واحتياجاتها، وفي هذا الإطار يتفق الحس العام لدى المعلمين والتربويين على ترتيب مستوى المخزون، وبالتالي مستوى الارتباط كما يأتي (من الأدنى إلى الأعلى): رياضيات/فيزياء/كيمياء/علوم الحياة، مع إمكانية تعادل الترابط للكيمياء والفيزياء أو حتى تغيير الترتيب بينهما.

إن عدم التطابق مع الترتيب المذكور يمكن أن ينتج بسهولة عن المبالغة في استعمال مفردات غير مألوفة أو صياغات غير واضحة في مسابقات المواد ذات الارتباط الأدنى نظرياً أوعن إعطاء وزن زائد للشروحات المفصلة والمحاججة وتبرير الإجابات ما يرفع من مستوى المتطلبات اللغوية في الحالات المحددة التي يحصل فيها ذلك، وهذا يشوش على انتظام النتائج واستقرارها لعدم استقرار نسق امتحانات كل مادة على حدة وعدم احترام القواعد والشروط نفسها لوضع مسابقات المواد المعنية كافة، لناحية الصياغات كما لناحية الصعوبة.

يظهر المصور(6) معامل الترابط الإحصائي بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ومواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة للدورات الأولى الثلاث الأخيرة 2001/2002، 2002/2003، 2003/2004). وقد أضيف معامل الترابط مع نتائج اللغة العربية للمقارنة.

تظهر النتائج انسجاماً مع ما هو متوقع لناحية ارتفاع مستوى الارتباط بحسب الترتيب المنتظر بالرغم من أن نتائج 2002/2003 تظهر تبادل المنزلة بين الكيمياء والفيزياء وهو ما يمكن تفسيره على ضوء الملاحظات السابقة.

إضافة إلى ذلك، يظهر المصور نفسه أن مستوى الترابط بين نتائج اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى، (وهو بالضرورة ترابط غير سببي ناتج عن المستوى العام لأداء كل تلميذ كون تعليم اللغة الأجنبية يتم على قاعدة الفصل واستبعاد الاستعانة باللغة العربية بشكل منهجي) يعادل مستوى الترابط بين نتائج الرياضيات واللغة الأجنبية الأولى في الدورتين الأخيرتين ما ينسجم مع الفكرة السائدة عن تجاوز حاجز اللغة الأجنبية فيما يخص الرياضيات نظراً لطبيعة هذه المادة وخصوصية تعليمها واعتمادها على لغة خاصة اصطلاحية ومقتصدة في الإنشاء.


الخلاصة
أظهر تحليل نتائج امتحانات اللغة الأجنبية الأولى، سواءٌ الفرنسية أو الإنكليزية، تدني المعدلات الوسطية وبالتالي تدني مستوى التحصيل لتلامذة القطاع الرسمي وقسم من القطاع الخاص حيث يظهر هذا القطاع الأخير قطاعاً غير متجانس لناحية نتائج اللغة الأجنبية ما يعطي لتدني مستوى التحصيل بعداً غالباً لاتحد من انتشاره نتائج قسم محدود من المدارس الخاصة.

كما أظهر هذا التحليل الترابط الموجود بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ونتائج المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة وتناسب هذا الارتباط مع مستوى وطبيعة الموارد اللغوية المطلوب توفرها لكل مادة .

إن ظهور مثل هذا الترابط واستقراره بالرغم مما يعتري الامتحانات من عوامل تشويش وجوانب قصور متغيرة من سنة إلى سنة يجعل منه نتيجة ذات أهمية خاصة لايجوز الالتفاف على تبعاتها أو تجاهلها إذ إنها تظهر كنتيجة ملتصقة بأداء النظام التربوي وليس كناتج عرضي متقلب لنظام امتحانات رسمية ضعيف الانضباط والاتساق الداخلي والموثوقية.

إن هذه النتائج تطرح مسألة تكافؤ الفرص بين المتعلمين في مرحلة التعليم الأساسي حيث لايوفر النظام التعليمي المستوى المطلوب من التحصيل في مجال اللغة الأجنبية الأولى ما ينعكس سلباً على نتائج تحصيل المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة.

إن الدور الموكل للغة الأجنبية الأولى يجب أن يؤخذ بالاعتبار في بنية المناهج وأهدافها بشكل صريح أي كلغة تعليم وتعلم، ما يوسع من دائرة الأهداف المتوخاة ويخصصها وينظمها كما ينعكس على المواصفات والكفايات المطلوبة من معلمي اللغات الأجنبية والمواد التي يتم تدريسها بهذه اللغات .

المصور (1)

المصور 1

 

 

 

 

 

 

 

 

المصور (2)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003-2004 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

 

 

 

 

 

 

 

المصور (3)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

المصور (4)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2004/2003 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (5)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (6)

الترابط الاحصائي بين نتائج المواد العلمية ونتائج اللغة الاجنبية الاولى / امتحانات الشهادة المتوسطة لثلاث سنوات متتالية

 

واقع تحصيل اللغة الأجنبية الأولى: قراءة في نتائج امتحانات الشهادة المتوسطة للسنوات الثلاث الأخيرة

د. عبد الفتاح خضر الثلاث الأخيرة رئيس مكتب البحوث التربوية المركز التربوي للبحوث والانماء

١- الموقع الرسمي والدور الفعلي للغة الأجنبية في النظام التعليمي في لبنان: مادة تعليمية ولغة تعليم وتعلم.
في نصوص المرسوم ١٠٢٢٧ الصادر في ٨ أيار ١٩٩٧ "تحديد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها" وملاحقه، تم تحديد الموقع الرسمي (statut) للغة الأجنبية بحيث يشكل إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل تفعيلاً للانفتاح على الثقافات العالمية وإغنائها والاغتناء بها ما يجعل مسألة امتلاك لغتين أجنبيتين، أولى وثانية، أحد المرتكزات الأساسية لتكوين مواطن قادر على ممارسة دوره الحضاري في المجتمع العالمي.

وقد ترجم هذا التوجه في تفاصيل المناهج على الوجه التالي:
أ- تلازم تعلم لغة أجنبية أولى (الانكليزية أو الفرنسية) مع تعلم اللغة العربية منذ مرحلة الروضة حيث نجد ضمن الأهداف اللغوية لهذه المرحلة أن باستطاعة الطفل أن:

  • يفهم ويستخدم مفردات وجملاً باللغة العربية الفصيحة المبسطة وبلغة أجنبية.
  • يردد العديّات والأناشيد والأشعار باللغتين العربية والأجنبية.

ب- تخصيص عدد من حصص التعليم للغة الأجنبية الأولى معادل لما هو مخصص للغة العربية في مراحل التعليم وحلقاته كافة.
ج- تخصيص عدد من الحصص (حصتين اسبوعياً) لتعليم لغة أجنبية ثانية ابتداءً من الصف السابع (الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي).
د- تعليم العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والمعلوماتية وغيرها باللغة الأجنبية الأولى: هذه المسألة هي أمر واقع حيث أنه لا يوجد نص ملزم بهذا الخصوص.

لقد تم وضع المناهج باللغات الثلاث: العربية والفرنسية والانكليزية، غير أنه لا تتوفر كتب بالعربية لتعليم الرياضيات والعلوم للمرحلتين المتوسطة والثانوية ولا يوجد طلب لتوفير مثل هذه الكتب أو اعتراض صريح على هذا الواقع القائم. على العكس من ذلك، هناك قبول صريح بهذا الواقع من قبل الأهل والمسؤولين على حدٍ سواء واستجابة من قبل المؤسسات التعليمية بالرغم من إدراك السلبيات الناتجة عن ذلك والتي لن نتطرق إليها في هذا السياق.
وهكذا فإن المرتبة التي تشغلها اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي تبدو في غاية الأهمية حيث أن امتلاكها يشكل أحد الأهداف الأساسية لهذا النظام، كما أن مستوى هذا الامتلاك ابتداءً من السنوات الأولى للدراسة يتحكم إلى حد كبير بقدرة التلاميذ على المتابعة حيث أن عليهم أن يتعلموا مواد أساسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء والتكنولوجيا والمعلوماتية والفلسفة والحضارات باللغة الأجنبية التي تتحول فعلياً من مادة تعليمية إلى لغة تعليم وتعلم يفترض بمستخدميها من المعلمين و المتعلمين، حسن الاستيعاب والتعبير بواسطتها مشافهة وكتابة داخل المدرسة وخارجها، ولاحقاً في الدراسات والتخصص أو في سوق العمل.

٢- مستوى التحصيل باللغة الأجنبية: مصداقية الامتحانات الرسمية
إن حجم الموارد المخصصة لتمكين الدور الفعلي المطلوب من اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي، من حصص تعليم لهذه اللغة وتعلم بواسطتها على مدى أكثر من اثنتي عشرة سنة، يسمح بتوقع أفضل مستويات التحصيل وامتلاك هذه اللغة، غير أن مثل هذه التوقعات تبدو شديدة التفاؤل عند النظر إلى الأداء الفعلي لنظامنا التعليمي بمختلف قطاعاته في مجال تعليم اللغات الأجنبية.

إن الشكوى بخصوص ضعف مستويات التحصيل تأتي من الأهل عندما يواجهون النتائج المدرسية لأطفالهم والصعوبات التي تعترض هؤلاء التلاميذ في التعامل مع فروضهم المنزلية الخاصة باللغة الأجنبية أو بالمواد التي يتم تدريسها باللغة الأجنبية وكذلك عند التحضير لامتحانات الشهادات الرسمية حيث يشتد القلق والخوف من تأثير هذه اللغة على نجاح المرشحين من ابنائهم.

وبالرغم من وجود عدد من المدارس الخاصة والرسمية (أحياناً) التي نجحت في تجاوز نسبي لمشكلة تعليم اللغة الأجنبية والتعلم بواسطتها إلا أن هذا لا يغير من الشكوى العامة من وضع اللغة الأجنبية وتأثير ذلك على نتائج التحصيل العامة للتلاميذ.

إن التساؤل حول ما إذا كانت الإمتحانات الرسمية تقيس مستوى التحصيل التعلمي حقيقةً ليس تساؤلاً مجانياً إذ إن الهدف من الامتحانات الرسمية هو إعطاء شهادات نجاح في نهاية المراحل التعليمية للتخرج أو المتابعة من خلال إخضاع الممتحنين لمسابقة وحيدة في كل من مواد الامتحان وضمن وقت محدود وهي بذلك تهمل النتائج المدرسية ولا تعترف بها ولا تأخذها بالاعتبار لمنح هذه الشهادات بالرغم من أن النتائج المدرسية توفر مبدئياً معطيات أكثر شمولية فيما يخص أداء التلامذة ومستويات تحصيلهم.

إن الامتحانات الرسمية تتم ضمن آليات وشروطٍ لا توفر بالضرورة مستوى كافياً من الموثوقية لجهة ضمان عدم وجود ما يمكن تسميته ب ''عوامل تحيز'' أو انحراف عن الدقة والحيادية المطلوبتين، وذلك لدى وضع الاسئلة من قبل لجان الامتحانات لجهة تشكيل اللجان واختيار المواضيع وصياغتها وتحديد الإجابات الصحيحة والمقبولة، وعند تقديم الامتحانات لجهة ضبط محاولات الغش الفردية وغير الفردية وتوفير جو ملائم وغير ضاغط، للخاضعين للامتحان كافة، وأيضاً عند تصحيح المسابقات حيث التعامل مع الإجابات بتفاصيلها وتوزيع النقاط وكسورها عليها يخضع بالضرورة لمعطيات ذاتية خاصة بالمصححين ابتداءً بمعارفهم الأكاديمية وخبرتهم في التقويم وخلفياتهم الثقافية وغيرها وأوضاعهم النفسية وحالة التعب أو الإجهاد الذي يعانون منه عند التصحيح، وأخيراً يمكن للمداولات التي تتم عند الاختلاف بين المصححين، حول مسابقات فردية أو حول إشكالات عامة مرتبطة بالإجابات وتثقيلها وصلاحية أو عدم صلاحية بعض المسائل المطروحة، والتي تظهر بنتيجة الإمتحانات، يمكن لهذه المداولات أن تعزز عوامل الانحراف عن الحيادية ما يؤثر على نتائج الممتحنين كأفراد، وأحياناً كمجموعات منتمية الى مدارس بعينها، أو قطاع مدرسي بعينه، وذلك سلباً أو إيجاباً.

بالرغم من كل هذه المسائل وغيرها مما يمكن إثارته للاعتراض على استخدام نتائج الامتحانات الرسمية لتحليل الواقع التربوي وتحديداً مستويات التحصيل في نهاية المراحل، فإن عدم القيام بذلك يشكل تغاضياً عن حقيقة القبول العام بقيمة الامتحانات الرسمية والشهادات المعطاة بنتيجتها ودورها الضامن والناظم لمستويات ''دنيا'' من التحصيل تسمح للناجحين فيها بالمتابعة وتلزم مؤسسات التعليم بقبولهم للمراحل الأعلى.

غير أن التساؤل الأهم بنظرنا هو حول ماهية ما تعكسه نتائج الامتحانات الرسمية وما يمكن للمحللين التربويين أن يتلمسوه من خلالها رغم وجود عوامل عديدة، ذكرت سابقاً، تساهم في التشويش والشوشرة على دقة القياس وحياديته وبالتالي موثوقيته.

إن تحليل النتائج بشكل إجمالي يشمل الممتحنين جميعاً ويمكّن من تجاوز مفاعيل التشويش، بمقدار مايكون هذا التشويش ذا طبيعة عشوائية، ويبقي على المظاهر العامة الأكثر استقراراً والمرتبطة بمكوّنات النظام التربوي والمتغيرات المعبرة عن عناصر التحكم الأبرز في أداء وفعالية وتميز كل من هذه المكوّنات وانعكاسها في النتائج العامة.

إن المسلّمَة الأساسية لهذا العرض هي في كون نتائج الامتحانات الرسمية التي تمت معالجتها احصائياً تعكس صورة حقيقية جديرة بالإعتبار عن الواقع التربوي وأداء النظام التربوي وهذه المعالجة لم تقتصر على نتائج اللغة الأجنبية الأولى بالرغم من أن العرض الحالي مخصص لهذا الجانب من النتائج تحديداً.

٣- نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة بحسب القطاع (رسمي-خاص) والجنس (ذكور-إناث)
أ- بين الانكليزية والفرنسية: توضيح الصورة.
تستفيد اللغتان الفرنسية والإنكليزية حصراً من تسمية وموقع "لغة أجنبية أولى" في مدارس لبنان مع حضور متزايد للغة الإنكليزية (راجع العدد ٣١ من المجلة التربوية- ت2 2004 ص 60)  تجاوز ثلث الملتحقين بالتعليم العام بحسب احصاءات العام الدراسي 2003-2004.
يسود الاعتقاد أن اللغة الفرنسية أكثر صعوبة من اللغة الانكليزية لناحية التعلم، وبالتالي فمن المتوقع أن تكون نتائج تحصيل اللغة الإنكليزية أفضل من نتائج اللغة الفرنسية.
 إن نتائج امتحانات العام 2003/2004، ، كما هي مبينة على المصور "1" الذي يعطي النسبة المئوية من علامات المرشحين الواقعة ضمن حيز من علامتين (مثلاً: ١٥.٥ ٪ من المرشحين/لغة فرنسية حازوا علامة تعادل أو تفوق العشرة (10) ودون الاثنتي عشرة (12) وهذه النتيجة تتمركز على العلامة (11) في المصور حيث سُلّم العلامات على عشرين (20)، لا تتوافق مع الاعتقاد السائد المذكور سابقاً ويمكن ملاحظة ما يأتي:

  1. نسبة مرشحي اللغة الإنكليزية تتجاوز 1/3 المرشحين بقليل، ما ينسجم مع نسبة حضور كل من اللغتين في المدارس.
  2. توزيع النتائج في الحالتين لا يتبع التوزيع التقليدي (أي الشكل الناقوسي (distribution en forme de cloche) المعتاد عند معالجة عينة كبيرة العدد والمتوقع شرط أن تكون عوامل التشويش والشوشرة (fluctuations) على المعدل الوسطي عشوائية وغير متحيزة ما يشير إلى وجود عوامل تحكم بشكل التوزيع وانحرافه مرتبطة بخصوصيات النظام التربوي وتركيبه وبالامتحانات نفسها وعدم خلوها من عوامل التحّيز.
  3. يظهر التدقيق بكل توزيع على حدة أنه توزيع مركب ما يدل على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين (كما هو مبين في توزيع النتائج بحسب القطاعين الرسمي والخاص).
  4. تتقارب المعدلات الوسطية لنتائج اللغة الفرنسية (20/802) واللغة الانكليزية (20/707) لدورة 2003/2004 مع رجحان كفة اللغة الفرنسية في العلامات التي تفوق 20/12.

إن هذه النتائج مستقرة نسبياً كما يبين تحليل نتائج العامين 2001/2002 و 2002/2003 مع ملاحظة أن نتائج العام 2001/2002 كانت ملفتة لناحية الهبوط النسبي للمعدلات الوسطية العامة باللغة الأجنبية.
هذا الاستقرار النسبي للنتائج، على مدى ثلاث دورات، مع تدني المعدلات الوسطية وتقاربها للغتين الفرنسية والانكليزية يسمح بالتأكيد أن العوامل المؤدية إلى مثل هذه النتائج متشابهة في الحالتين بالرغم من وجود فروقات جوهرية في المقاربة المنهجية لتعليم كل من اللغتين.

ب- النتائج بحسب القطاع: تدني نتائج القطاع الرسمي وعدم تجانس نتائج القطاع الخاص.

كما ذكرنا أعلاه، يدل التدقيق في المصور "1" على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين وهكذا فإن إعادة معالجة النتائج حسب القطاعات التي يأتي منها هؤلاء المرشحون تبين بوضوح أن نتائج القطاع الرسمي تنفصل عن نتائج القطاع الخاص (المصورين ٢ و ٣) بحيث يختلف شكل التوزيع لكل منهما وكذلك المعدلات الوسطى المحققة ويمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

  1. تتمحور نتائج القطاع الرسمي حول معدل وسطي متدنٍ (20/6047) مع ميل التوزيع لصالح العلامات الأدنى.الأدنى.
  2. تتمحور نتائج القطاع الخاص حول معدل وسطي أعلى (20/9028)  مع شكل مركب للتوزيع .
  3. يحقق ما بين 43٪ الى 46٪ من مرشحي القطاع الخاص علامة فوق 10/20 بينما تهبط هذه النسبة الى ما بين 11٪ و 14٪ الرسمي وذلك للعامين 2002/2003 و 2003/2004
  4. يتسم توزيع نتائج القطاع الخاص بالتركيب ما يشير إلى عدم تجانس يعكس وجود أكثر من مكوّن ضمن القطاع الخاص، وتبدو نتائج المكوّن الأقل كفاءة قريبة من نتائج القطاع الرسمي.

ج- النتائج بحسب الجنس (ذكور - إناث): تفوق الإناث.
يظهر المصوران (٤ و ٥) نتائج اللغة الأجنبية للذكور والإناث بغض النظر عن القطاع التعليمي ما يتسبب بالأشكال المركبة لتوزيع العلامات في كل من المصورين.

إن النتيجة الواضحة هي تفوّق نتائج الإناث على الذكور بما يقارب فارق نقطة واحدة بين المعدلات الوسطية، تشكل ما يقارب ١٢ ٪ من المعدل الوسطي، وهو فارق كبير نسبياً خاصة أن هذا الفارق يعكس بشكل أساسي تفوقاً للإناث لناحية العلامات الأعلى.

إن هذه النتيجة تبدو منسجمة مع نتائج تحصيل الإناث عامة وفي مجال اللغات خاصة والتي تظهرها نتائج الدراسات على المستوى العالمي.


٤- ترابط نتائج المواد العلمية مع نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة: بين التوقعات والنتائج المحققة.
إن دراسة الترابط الإحصائي بين متغيرين أو أكثر يجب أن تتم مع الانتباه إلى جملة من التحفظات الوجيهة قبل بناء استنتاجات على نتائج الدراسة ومن هذه التحفظات:

  1.  إن وجود ترابط إحصائي ظاهر بين متغيرين لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية بينهما (مثلاً: قد يكون مستوى الأداء الذهني والمثابرة لدى التلميذ سبباً لنتائجه الجيدة (أو السيئة) في اللغة العربية واللغة الأجنبية مما يوجد علاقة ظاهرة بين هذه النتائج ولا نستطيع التأكيد على وجود ارتباط سببي بينهما).
  2. إن عناصر الشوشرة والتشويش وعوامل التحّيز التي تؤثر على قياس موثوق لمستويات التحصيل تضعف من مستوى الارتباط بين النتائج، وبالتالي فإن ضعف الإرتباط لا يعني غياب العلاقة إنما يظهر طغيان العناصر المشوشة عليها.

من ناحية أخرى، قد لايلتفت واضعو أسئلة امتحانات المواد العلمية باللغة الأجنبية إلى احتواء صياغاتهم على مفردات وتراكيب لغوية غير مألوفة من الممتحنين أو من فئة معينة من هؤلاء مما يشكل عاملاً غير مساعد لفهمهم المطلوب وللإجابات الصحيحة. كما أن كفاية التواصل المطلوبة في امتحانات المواد العلمية تقتضي امتلاكاً متفاوت المستوى للغة التعبير الأجنبية يرتفع أو ينخفض بحسب خصوصيات المخزون اللغوي المستخدم لكل مادة واحتياجات الإجابة عن الأسئلة المطروحة ما يؤثر مباشرة على نتائج الممتحنين في هذه المواد.

في كلتا الحالتين، يشتد مستوى الارتباط مع مستوى وتنوع المخزون اللغوي المطلوب تحريكه بشكل يمكّن من استيعاب الأسئلة والإجابة عنها وهو يتحدد بحسب طبيعة كل مادة واحتياجاتها، وفي هذا الإطار يتفق الحس العام لدى المعلمين والتربويين على ترتيب مستوى المخزون، وبالتالي مستوى الارتباط كما يأتي (من الأدنى إلى الأعلى): رياضيات/فيزياء/كيمياء/علوم الحياة، مع إمكانية تعادل الترابط للكيمياء والفيزياء أو حتى تغيير الترتيب بينهما.

إن عدم التطابق مع الترتيب المذكور يمكن أن ينتج بسهولة عن المبالغة في استعمال مفردات غير مألوفة أو صياغات غير واضحة في مسابقات المواد ذات الارتباط الأدنى نظرياً أوعن إعطاء وزن زائد للشروحات المفصلة والمحاججة وتبرير الإجابات ما يرفع من مستوى المتطلبات اللغوية في الحالات المحددة التي يحصل فيها ذلك، وهذا يشوش على انتظام النتائج واستقرارها لعدم استقرار نسق امتحانات كل مادة على حدة وعدم احترام القواعد والشروط نفسها لوضع مسابقات المواد المعنية كافة، لناحية الصياغات كما لناحية الصعوبة.

يظهر المصور(6) معامل الترابط الإحصائي بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ومواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة للدورات الأولى الثلاث الأخيرة 2001/2002، 2002/2003، 2003/2004). وقد أضيف معامل الترابط مع نتائج اللغة العربية للمقارنة.

تظهر النتائج انسجاماً مع ما هو متوقع لناحية ارتفاع مستوى الارتباط بحسب الترتيب المنتظر بالرغم من أن نتائج 2002/2003 تظهر تبادل المنزلة بين الكيمياء والفيزياء وهو ما يمكن تفسيره على ضوء الملاحظات السابقة.

إضافة إلى ذلك، يظهر المصور نفسه أن مستوى الترابط بين نتائج اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى، (وهو بالضرورة ترابط غير سببي ناتج عن المستوى العام لأداء كل تلميذ كون تعليم اللغة الأجنبية يتم على قاعدة الفصل واستبعاد الاستعانة باللغة العربية بشكل منهجي) يعادل مستوى الترابط بين نتائج الرياضيات واللغة الأجنبية الأولى في الدورتين الأخيرتين ما ينسجم مع الفكرة السائدة عن تجاوز حاجز اللغة الأجنبية فيما يخص الرياضيات نظراً لطبيعة هذه المادة وخصوصية تعليمها واعتمادها على لغة خاصة اصطلاحية ومقتصدة في الإنشاء.


الخلاصة
أظهر تحليل نتائج امتحانات اللغة الأجنبية الأولى، سواءٌ الفرنسية أو الإنكليزية، تدني المعدلات الوسطية وبالتالي تدني مستوى التحصيل لتلامذة القطاع الرسمي وقسم من القطاع الخاص حيث يظهر هذا القطاع الأخير قطاعاً غير متجانس لناحية نتائج اللغة الأجنبية ما يعطي لتدني مستوى التحصيل بعداً غالباً لاتحد من انتشاره نتائج قسم محدود من المدارس الخاصة.

كما أظهر هذا التحليل الترابط الموجود بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ونتائج المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة وتناسب هذا الارتباط مع مستوى وطبيعة الموارد اللغوية المطلوب توفرها لكل مادة .

إن ظهور مثل هذا الترابط واستقراره بالرغم مما يعتري الامتحانات من عوامل تشويش وجوانب قصور متغيرة من سنة إلى سنة يجعل منه نتيجة ذات أهمية خاصة لايجوز الالتفاف على تبعاتها أو تجاهلها إذ إنها تظهر كنتيجة ملتصقة بأداء النظام التربوي وليس كناتج عرضي متقلب لنظام امتحانات رسمية ضعيف الانضباط والاتساق الداخلي والموثوقية.

إن هذه النتائج تطرح مسألة تكافؤ الفرص بين المتعلمين في مرحلة التعليم الأساسي حيث لايوفر النظام التعليمي المستوى المطلوب من التحصيل في مجال اللغة الأجنبية الأولى ما ينعكس سلباً على نتائج تحصيل المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة.

إن الدور الموكل للغة الأجنبية الأولى يجب أن يؤخذ بالاعتبار في بنية المناهج وأهدافها بشكل صريح أي كلغة تعليم وتعلم، ما يوسع من دائرة الأهداف المتوخاة ويخصصها وينظمها كما ينعكس على المواصفات والكفايات المطلوبة من معلمي اللغات الأجنبية والمواد التي يتم تدريسها بهذه اللغات .

المصور (1)

المصور 1

 

 

 

 

 

 

 

 

المصور (2)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003-2004 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

 

 

 

 

 

 

 

المصور (3)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

المصور (4)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2004/2003 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (5)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (6)

الترابط الاحصائي بين نتائج المواد العلمية ونتائج اللغة الاجنبية الاولى / امتحانات الشهادة المتوسطة لثلاث سنوات متتالية

 

واقع تحصيل اللغة الأجنبية الأولى: قراءة في نتائج امتحانات الشهادة المتوسطة للسنوات الثلاث الأخيرة

د. عبد الفتاح خضر الثلاث الأخيرة رئيس مكتب البحوث التربوية المركز التربوي للبحوث والانماء

١- الموقع الرسمي والدور الفعلي للغة الأجنبية في النظام التعليمي في لبنان: مادة تعليمية ولغة تعليم وتعلم.
في نصوص المرسوم ١٠٢٢٧ الصادر في ٨ أيار ١٩٩٧ "تحديد مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وأهدافها" وملاحقه، تم تحديد الموقع الرسمي (statut) للغة الأجنبية بحيث يشكل إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل تفعيلاً للانفتاح على الثقافات العالمية وإغنائها والاغتناء بها ما يجعل مسألة امتلاك لغتين أجنبيتين، أولى وثانية، أحد المرتكزات الأساسية لتكوين مواطن قادر على ممارسة دوره الحضاري في المجتمع العالمي.

وقد ترجم هذا التوجه في تفاصيل المناهج على الوجه التالي:
أ- تلازم تعلم لغة أجنبية أولى (الانكليزية أو الفرنسية) مع تعلم اللغة العربية منذ مرحلة الروضة حيث نجد ضمن الأهداف اللغوية لهذه المرحلة أن باستطاعة الطفل أن:

  • يفهم ويستخدم مفردات وجملاً باللغة العربية الفصيحة المبسطة وبلغة أجنبية.
  • يردد العديّات والأناشيد والأشعار باللغتين العربية والأجنبية.

ب- تخصيص عدد من حصص التعليم للغة الأجنبية الأولى معادل لما هو مخصص للغة العربية في مراحل التعليم وحلقاته كافة.
ج- تخصيص عدد من الحصص (حصتين اسبوعياً) لتعليم لغة أجنبية ثانية ابتداءً من الصف السابع (الحلقة الثالثة من التعليم الأساسي).
د- تعليم العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والمعلوماتية وغيرها باللغة الأجنبية الأولى: هذه المسألة هي أمر واقع حيث أنه لا يوجد نص ملزم بهذا الخصوص.

لقد تم وضع المناهج باللغات الثلاث: العربية والفرنسية والانكليزية، غير أنه لا تتوفر كتب بالعربية لتعليم الرياضيات والعلوم للمرحلتين المتوسطة والثانوية ولا يوجد طلب لتوفير مثل هذه الكتب أو اعتراض صريح على هذا الواقع القائم. على العكس من ذلك، هناك قبول صريح بهذا الواقع من قبل الأهل والمسؤولين على حدٍ سواء واستجابة من قبل المؤسسات التعليمية بالرغم من إدراك السلبيات الناتجة عن ذلك والتي لن نتطرق إليها في هذا السياق.
وهكذا فإن المرتبة التي تشغلها اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي تبدو في غاية الأهمية حيث أن امتلاكها يشكل أحد الأهداف الأساسية لهذا النظام، كما أن مستوى هذا الامتلاك ابتداءً من السنوات الأولى للدراسة يتحكم إلى حد كبير بقدرة التلاميذ على المتابعة حيث أن عليهم أن يتعلموا مواد أساسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء والتكنولوجيا والمعلوماتية والفلسفة والحضارات باللغة الأجنبية التي تتحول فعلياً من مادة تعليمية إلى لغة تعليم وتعلم يفترض بمستخدميها من المعلمين و المتعلمين، حسن الاستيعاب والتعبير بواسطتها مشافهة وكتابة داخل المدرسة وخارجها، ولاحقاً في الدراسات والتخصص أو في سوق العمل.

٢- مستوى التحصيل باللغة الأجنبية: مصداقية الامتحانات الرسمية
إن حجم الموارد المخصصة لتمكين الدور الفعلي المطلوب من اللغة الأجنبية الأولى في نظامنا التعليمي، من حصص تعليم لهذه اللغة وتعلم بواسطتها على مدى أكثر من اثنتي عشرة سنة، يسمح بتوقع أفضل مستويات التحصيل وامتلاك هذه اللغة، غير أن مثل هذه التوقعات تبدو شديدة التفاؤل عند النظر إلى الأداء الفعلي لنظامنا التعليمي بمختلف قطاعاته في مجال تعليم اللغات الأجنبية.

إن الشكوى بخصوص ضعف مستويات التحصيل تأتي من الأهل عندما يواجهون النتائج المدرسية لأطفالهم والصعوبات التي تعترض هؤلاء التلاميذ في التعامل مع فروضهم المنزلية الخاصة باللغة الأجنبية أو بالمواد التي يتم تدريسها باللغة الأجنبية وكذلك عند التحضير لامتحانات الشهادات الرسمية حيث يشتد القلق والخوف من تأثير هذه اللغة على نجاح المرشحين من ابنائهم.

وبالرغم من وجود عدد من المدارس الخاصة والرسمية (أحياناً) التي نجحت في تجاوز نسبي لمشكلة تعليم اللغة الأجنبية والتعلم بواسطتها إلا أن هذا لا يغير من الشكوى العامة من وضع اللغة الأجنبية وتأثير ذلك على نتائج التحصيل العامة للتلاميذ.

إن التساؤل حول ما إذا كانت الإمتحانات الرسمية تقيس مستوى التحصيل التعلمي حقيقةً ليس تساؤلاً مجانياً إذ إن الهدف من الامتحانات الرسمية هو إعطاء شهادات نجاح في نهاية المراحل التعليمية للتخرج أو المتابعة من خلال إخضاع الممتحنين لمسابقة وحيدة في كل من مواد الامتحان وضمن وقت محدود وهي بذلك تهمل النتائج المدرسية ولا تعترف بها ولا تأخذها بالاعتبار لمنح هذه الشهادات بالرغم من أن النتائج المدرسية توفر مبدئياً معطيات أكثر شمولية فيما يخص أداء التلامذة ومستويات تحصيلهم.

إن الامتحانات الرسمية تتم ضمن آليات وشروطٍ لا توفر بالضرورة مستوى كافياً من الموثوقية لجهة ضمان عدم وجود ما يمكن تسميته ب ''عوامل تحيز'' أو انحراف عن الدقة والحيادية المطلوبتين، وذلك لدى وضع الاسئلة من قبل لجان الامتحانات لجهة تشكيل اللجان واختيار المواضيع وصياغتها وتحديد الإجابات الصحيحة والمقبولة، وعند تقديم الامتحانات لجهة ضبط محاولات الغش الفردية وغير الفردية وتوفير جو ملائم وغير ضاغط، للخاضعين للامتحان كافة، وأيضاً عند تصحيح المسابقات حيث التعامل مع الإجابات بتفاصيلها وتوزيع النقاط وكسورها عليها يخضع بالضرورة لمعطيات ذاتية خاصة بالمصححين ابتداءً بمعارفهم الأكاديمية وخبرتهم في التقويم وخلفياتهم الثقافية وغيرها وأوضاعهم النفسية وحالة التعب أو الإجهاد الذي يعانون منه عند التصحيح، وأخيراً يمكن للمداولات التي تتم عند الاختلاف بين المصححين، حول مسابقات فردية أو حول إشكالات عامة مرتبطة بالإجابات وتثقيلها وصلاحية أو عدم صلاحية بعض المسائل المطروحة، والتي تظهر بنتيجة الإمتحانات، يمكن لهذه المداولات أن تعزز عوامل الانحراف عن الحيادية ما يؤثر على نتائج الممتحنين كأفراد، وأحياناً كمجموعات منتمية الى مدارس بعينها، أو قطاع مدرسي بعينه، وذلك سلباً أو إيجاباً.

بالرغم من كل هذه المسائل وغيرها مما يمكن إثارته للاعتراض على استخدام نتائج الامتحانات الرسمية لتحليل الواقع التربوي وتحديداً مستويات التحصيل في نهاية المراحل، فإن عدم القيام بذلك يشكل تغاضياً عن حقيقة القبول العام بقيمة الامتحانات الرسمية والشهادات المعطاة بنتيجتها ودورها الضامن والناظم لمستويات ''دنيا'' من التحصيل تسمح للناجحين فيها بالمتابعة وتلزم مؤسسات التعليم بقبولهم للمراحل الأعلى.

غير أن التساؤل الأهم بنظرنا هو حول ماهية ما تعكسه نتائج الامتحانات الرسمية وما يمكن للمحللين التربويين أن يتلمسوه من خلالها رغم وجود عوامل عديدة، ذكرت سابقاً، تساهم في التشويش والشوشرة على دقة القياس وحياديته وبالتالي موثوقيته.

إن تحليل النتائج بشكل إجمالي يشمل الممتحنين جميعاً ويمكّن من تجاوز مفاعيل التشويش، بمقدار مايكون هذا التشويش ذا طبيعة عشوائية، ويبقي على المظاهر العامة الأكثر استقراراً والمرتبطة بمكوّنات النظام التربوي والمتغيرات المعبرة عن عناصر التحكم الأبرز في أداء وفعالية وتميز كل من هذه المكوّنات وانعكاسها في النتائج العامة.

إن المسلّمَة الأساسية لهذا العرض هي في كون نتائج الامتحانات الرسمية التي تمت معالجتها احصائياً تعكس صورة حقيقية جديرة بالإعتبار عن الواقع التربوي وأداء النظام التربوي وهذه المعالجة لم تقتصر على نتائج اللغة الأجنبية الأولى بالرغم من أن العرض الحالي مخصص لهذا الجانب من النتائج تحديداً.

٣- نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة بحسب القطاع (رسمي-خاص) والجنس (ذكور-إناث)
أ- بين الانكليزية والفرنسية: توضيح الصورة.
تستفيد اللغتان الفرنسية والإنكليزية حصراً من تسمية وموقع "لغة أجنبية أولى" في مدارس لبنان مع حضور متزايد للغة الإنكليزية (راجع العدد ٣١ من المجلة التربوية- ت2 2004 ص 60)  تجاوز ثلث الملتحقين بالتعليم العام بحسب احصاءات العام الدراسي 2003-2004.
يسود الاعتقاد أن اللغة الفرنسية أكثر صعوبة من اللغة الانكليزية لناحية التعلم، وبالتالي فمن المتوقع أن تكون نتائج تحصيل اللغة الإنكليزية أفضل من نتائج اللغة الفرنسية.
 إن نتائج امتحانات العام 2003/2004، ، كما هي مبينة على المصور "1" الذي يعطي النسبة المئوية من علامات المرشحين الواقعة ضمن حيز من علامتين (مثلاً: ١٥.٥ ٪ من المرشحين/لغة فرنسية حازوا علامة تعادل أو تفوق العشرة (10) ودون الاثنتي عشرة (12) وهذه النتيجة تتمركز على العلامة (11) في المصور حيث سُلّم العلامات على عشرين (20)، لا تتوافق مع الاعتقاد السائد المذكور سابقاً ويمكن ملاحظة ما يأتي:

  1. نسبة مرشحي اللغة الإنكليزية تتجاوز 1/3 المرشحين بقليل، ما ينسجم مع نسبة حضور كل من اللغتين في المدارس.
  2. توزيع النتائج في الحالتين لا يتبع التوزيع التقليدي (أي الشكل الناقوسي (distribution en forme de cloche) المعتاد عند معالجة عينة كبيرة العدد والمتوقع شرط أن تكون عوامل التشويش والشوشرة (fluctuations) على المعدل الوسطي عشوائية وغير متحيزة ما يشير إلى وجود عوامل تحكم بشكل التوزيع وانحرافه مرتبطة بخصوصيات النظام التربوي وتركيبه وبالامتحانات نفسها وعدم خلوها من عوامل التحّيز.
  3. يظهر التدقيق بكل توزيع على حدة أنه توزيع مركب ما يدل على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين (كما هو مبين في توزيع النتائج بحسب القطاعين الرسمي والخاص).
  4. تتقارب المعدلات الوسطية لنتائج اللغة الفرنسية (20/802) واللغة الانكليزية (20/707) لدورة 2003/2004 مع رجحان كفة اللغة الفرنسية في العلامات التي تفوق 20/12.

إن هذه النتائج مستقرة نسبياً كما يبين تحليل نتائج العامين 2001/2002 و 2002/2003 مع ملاحظة أن نتائج العام 2001/2002 كانت ملفتة لناحية الهبوط النسبي للمعدلات الوسطية العامة باللغة الأجنبية.
هذا الاستقرار النسبي للنتائج، على مدى ثلاث دورات، مع تدني المعدلات الوسطية وتقاربها للغتين الفرنسية والانكليزية يسمح بالتأكيد أن العوامل المؤدية إلى مثل هذه النتائج متشابهة في الحالتين بالرغم من وجود فروقات جوهرية في المقاربة المنهجية لتعليم كل من اللغتين.

ب- النتائج بحسب القطاع: تدني نتائج القطاع الرسمي وعدم تجانس نتائج القطاع الخاص.

كما ذكرنا أعلاه، يدل التدقيق في المصور "1" على وجود أكثر من تجمع ضمن جمهور المرشحين وهكذا فإن إعادة معالجة النتائج حسب القطاعات التي يأتي منها هؤلاء المرشحون تبين بوضوح أن نتائج القطاع الرسمي تنفصل عن نتائج القطاع الخاص (المصورين ٢ و ٣) بحيث يختلف شكل التوزيع لكل منهما وكذلك المعدلات الوسطى المحققة ويمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

  1. تتمحور نتائج القطاع الرسمي حول معدل وسطي متدنٍ (20/6047) مع ميل التوزيع لصالح العلامات الأدنى.الأدنى.
  2. تتمحور نتائج القطاع الخاص حول معدل وسطي أعلى (20/9028)  مع شكل مركب للتوزيع .
  3. يحقق ما بين 43٪ الى 46٪ من مرشحي القطاع الخاص علامة فوق 10/20 بينما تهبط هذه النسبة الى ما بين 11٪ و 14٪ الرسمي وذلك للعامين 2002/2003 و 2003/2004
  4. يتسم توزيع نتائج القطاع الخاص بالتركيب ما يشير إلى عدم تجانس يعكس وجود أكثر من مكوّن ضمن القطاع الخاص، وتبدو نتائج المكوّن الأقل كفاءة قريبة من نتائج القطاع الرسمي.

ج- النتائج بحسب الجنس (ذكور - إناث): تفوق الإناث.
يظهر المصوران (٤ و ٥) نتائج اللغة الأجنبية للذكور والإناث بغض النظر عن القطاع التعليمي ما يتسبب بالأشكال المركبة لتوزيع العلامات في كل من المصورين.

إن النتيجة الواضحة هي تفوّق نتائج الإناث على الذكور بما يقارب فارق نقطة واحدة بين المعدلات الوسطية، تشكل ما يقارب ١٢ ٪ من المعدل الوسطي، وهو فارق كبير نسبياً خاصة أن هذا الفارق يعكس بشكل أساسي تفوقاً للإناث لناحية العلامات الأعلى.

إن هذه النتيجة تبدو منسجمة مع نتائج تحصيل الإناث عامة وفي مجال اللغات خاصة والتي تظهرها نتائج الدراسات على المستوى العالمي.


٤- ترابط نتائج المواد العلمية مع نتائج اللغة الأجنبية الأولى في امتحانات الشهادة المتوسطة: بين التوقعات والنتائج المحققة.
إن دراسة الترابط الإحصائي بين متغيرين أو أكثر يجب أن تتم مع الانتباه إلى جملة من التحفظات الوجيهة قبل بناء استنتاجات على نتائج الدراسة ومن هذه التحفظات:

  1.  إن وجود ترابط إحصائي ظاهر بين متغيرين لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية بينهما (مثلاً: قد يكون مستوى الأداء الذهني والمثابرة لدى التلميذ سبباً لنتائجه الجيدة (أو السيئة) في اللغة العربية واللغة الأجنبية مما يوجد علاقة ظاهرة بين هذه النتائج ولا نستطيع التأكيد على وجود ارتباط سببي بينهما).
  2. إن عناصر الشوشرة والتشويش وعوامل التحّيز التي تؤثر على قياس موثوق لمستويات التحصيل تضعف من مستوى الارتباط بين النتائج، وبالتالي فإن ضعف الإرتباط لا يعني غياب العلاقة إنما يظهر طغيان العناصر المشوشة عليها.

من ناحية أخرى، قد لايلتفت واضعو أسئلة امتحانات المواد العلمية باللغة الأجنبية إلى احتواء صياغاتهم على مفردات وتراكيب لغوية غير مألوفة من الممتحنين أو من فئة معينة من هؤلاء مما يشكل عاملاً غير مساعد لفهمهم المطلوب وللإجابات الصحيحة. كما أن كفاية التواصل المطلوبة في امتحانات المواد العلمية تقتضي امتلاكاً متفاوت المستوى للغة التعبير الأجنبية يرتفع أو ينخفض بحسب خصوصيات المخزون اللغوي المستخدم لكل مادة واحتياجات الإجابة عن الأسئلة المطروحة ما يؤثر مباشرة على نتائج الممتحنين في هذه المواد.

في كلتا الحالتين، يشتد مستوى الارتباط مع مستوى وتنوع المخزون اللغوي المطلوب تحريكه بشكل يمكّن من استيعاب الأسئلة والإجابة عنها وهو يتحدد بحسب طبيعة كل مادة واحتياجاتها، وفي هذا الإطار يتفق الحس العام لدى المعلمين والتربويين على ترتيب مستوى المخزون، وبالتالي مستوى الارتباط كما يأتي (من الأدنى إلى الأعلى): رياضيات/فيزياء/كيمياء/علوم الحياة، مع إمكانية تعادل الترابط للكيمياء والفيزياء أو حتى تغيير الترتيب بينهما.

إن عدم التطابق مع الترتيب المذكور يمكن أن ينتج بسهولة عن المبالغة في استعمال مفردات غير مألوفة أو صياغات غير واضحة في مسابقات المواد ذات الارتباط الأدنى نظرياً أوعن إعطاء وزن زائد للشروحات المفصلة والمحاججة وتبرير الإجابات ما يرفع من مستوى المتطلبات اللغوية في الحالات المحددة التي يحصل فيها ذلك، وهذا يشوش على انتظام النتائج واستقرارها لعدم استقرار نسق امتحانات كل مادة على حدة وعدم احترام القواعد والشروط نفسها لوضع مسابقات المواد المعنية كافة، لناحية الصياغات كما لناحية الصعوبة.

يظهر المصور(6) معامل الترابط الإحصائي بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ومواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة للدورات الأولى الثلاث الأخيرة 2001/2002، 2002/2003، 2003/2004). وقد أضيف معامل الترابط مع نتائج اللغة العربية للمقارنة.

تظهر النتائج انسجاماً مع ما هو متوقع لناحية ارتفاع مستوى الارتباط بحسب الترتيب المنتظر بالرغم من أن نتائج 2002/2003 تظهر تبادل المنزلة بين الكيمياء والفيزياء وهو ما يمكن تفسيره على ضوء الملاحظات السابقة.

إضافة إلى ذلك، يظهر المصور نفسه أن مستوى الترابط بين نتائج اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى، (وهو بالضرورة ترابط غير سببي ناتج عن المستوى العام لأداء كل تلميذ كون تعليم اللغة الأجنبية يتم على قاعدة الفصل واستبعاد الاستعانة باللغة العربية بشكل منهجي) يعادل مستوى الترابط بين نتائج الرياضيات واللغة الأجنبية الأولى في الدورتين الأخيرتين ما ينسجم مع الفكرة السائدة عن تجاوز حاجز اللغة الأجنبية فيما يخص الرياضيات نظراً لطبيعة هذه المادة وخصوصية تعليمها واعتمادها على لغة خاصة اصطلاحية ومقتصدة في الإنشاء.


الخلاصة
أظهر تحليل نتائج امتحانات اللغة الأجنبية الأولى، سواءٌ الفرنسية أو الإنكليزية، تدني المعدلات الوسطية وبالتالي تدني مستوى التحصيل لتلامذة القطاع الرسمي وقسم من القطاع الخاص حيث يظهر هذا القطاع الأخير قطاعاً غير متجانس لناحية نتائج اللغة الأجنبية ما يعطي لتدني مستوى التحصيل بعداً غالباً لاتحد من انتشاره نتائج قسم محدود من المدارس الخاصة.

كما أظهر هذا التحليل الترابط الموجود بين نتائج اللغة الأجنبية الأولى ونتائج المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة وتناسب هذا الارتباط مع مستوى وطبيعة الموارد اللغوية المطلوب توفرها لكل مادة .

إن ظهور مثل هذا الترابط واستقراره بالرغم مما يعتري الامتحانات من عوامل تشويش وجوانب قصور متغيرة من سنة إلى سنة يجعل منه نتيجة ذات أهمية خاصة لايجوز الالتفاف على تبعاتها أو تجاهلها إذ إنها تظهر كنتيجة ملتصقة بأداء النظام التربوي وليس كناتج عرضي متقلب لنظام امتحانات رسمية ضعيف الانضباط والاتساق الداخلي والموثوقية.

إن هذه النتائج تطرح مسألة تكافؤ الفرص بين المتعلمين في مرحلة التعليم الأساسي حيث لايوفر النظام التعليمي المستوى المطلوب من التحصيل في مجال اللغة الأجنبية الأولى ما ينعكس سلباً على نتائج تحصيل المواد التي يتم تدريسها بهذه اللغة.

إن الدور الموكل للغة الأجنبية الأولى يجب أن يؤخذ بالاعتبار في بنية المناهج وأهدافها بشكل صريح أي كلغة تعليم وتعلم، ما يوسع من دائرة الأهداف المتوخاة ويخصصها وينظمها كما ينعكس على المواصفات والكفايات المطلوبة من معلمي اللغات الأجنبية والمواد التي يتم تدريسها بهذه اللغات .

المصور (1)

المصور 1

 

 

 

 

 

 

 

 

المصور (2)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003-2004 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

 

 

 

 

 

 

 

المصور (3)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- رسمي / خاص

المصور (4)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2004/2003 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (5)

الشهادة المتوسطة - الدورة الاولى 2003/2002 - مادة اللغة الاجنبية- ذكور / إناث

المصور (6)

الترابط الاحصائي بين نتائج المواد العلمية ونتائج اللغة الاجنبية الاولى / امتحانات الشهادة المتوسطة لثلاث سنوات متتالية