من اجل تحقيق النجاح الشامل والكامل في المؤسسات التربوية

نزيه رافع مدير مؤسسة العرفان التوحديةلن نتطرق في هذ المقال إلى الخطط التربوية وتشعباتها، ولن نتكلم عن تفاصيل الغايات والكفايات والاهداف الخاصة، وعن التعريف الاجرائي للتربية المدرسية التي تقول بأن التربية هي ضبط التعلم وتوجيهه نحو أهداف محددة، والسعي إلى تحقيقها على أيدي هيئة تعليمية معدة للتعليم إعداداً جيداً، وهيئة إدارية متقنة للإدارة وللتنظيم المدرسي، بواسطة منهج دراسي محكم التخطيط، وبمواد ووسائل مناسبة، وأصول وفنون وأساليب وطرائق صحيحة، في بيئة وتسهيلات وأبنية معدة لذلك. فهذه كلها من المسلمات التي لا خلاف حولها، وهي من صلب العملية التربوية الناجحة، ولكن السؤال الأهم هو: لماذ نقوّم العمل التربوي؟ وما هو الهدف من التقويم التشخيصي أو القبْلي أو التكويني أو الاستعلامي؟
سنحاول فيما يأتي الاضاءة على هذه المفاهيم، وعلى كيفية استخدامها في العملية التعليمية -التعلّمية في المدرسة، مقترحين بعض الحلول التي قد تسهم في انجاحها.

متى وكيف يتم التقويم التشخيصي؟
يتم هذا التقويم المستمر (continu) بواسطة اختبارات دورية (fréquentes) تقيس مدى التقدم (progrès) في المسار التعلّمي الجيد من هذه الاختبارات (أي تلك المصاغة بذهنية تكوينية (esprit formatif) لا تستند إلى معيار بل إلى محكات (critériée) لذا فهي من النوع المَحَكِّي (critères).
ليست الغاية من هذا التقويم مقارنة التلميذ برفيقه، وإنما تحديد مدى تقدم التلميذ (بالعودة إلى مَحَكَّات معينة) ومدى اكتسابه للاهداف التعليمية، وبالتالي مدى قدرته على الانتقال إلى وحدة تعليمية اخرى. ويتيح هذا النوع للمعلم أمرين في غاية الاهمية:

  • حاجة المتعلم إلى تعليم تعويضي (correctif)
  • تحديد نوعية هذا التعليم التعويضي (نوع الحاجة).

يصطدم المعلم دائماً بمشكلة الفوارق الفردية الموجودة في كل تعليم - تعلّم جماعي، بين مستويات المتعلمين ومكتسباتهم. وأكثر ما يشغل بال المعلم أمر ملء النقص الملاحظ لدى بعض المتعلمين، ويتم ذلك طبعاً بعد تحديد الهدف وموضوع النشاط ومحتوياته وبعد تحديد مستوى مداخلة المعلم بالرجوع إلى مكتسبات المتعلمين القَبْلية. ولذلك اعتمد '"فاندوفلد" (Vandevelde) على الاحتمالات التي يمكن للمعلم اللجوء إليها حيث من المفروض:

  • أن يقوم المعلم بملء النقص وذلك باعتماد حضور تعليمي كامل ومناسب لكل متعلم وخاصة لذوي الاحتياجات من المتعلمين.
  • أن يعتمد كل متعلم على مكتسباته المحصَّلة والمخزنة في ذاكرته في ملء النقص.
  • أن يسعى المتعلم لملء النقص من دون حضور تعليمي مباشر وباللجوء إلى المراجع والمصادر المناسبة.

واقترح فاندوفلد (Vandevelde) استناداً إلى هذه الاحتمالات الثلاثة، تصنيف طرائق التعليم- التعلّم بشكل مبتكر إلى ثلاث مجموعات من الطرائق التعليمية - التعلمية:


أ- طرائق ذات حضور تعليمي كامل

ويقوم فيها المعلم بسد النقص عند المتعلمين بحضور تعليمي كامل وملائم للاستعداد العقلي ولمكتسبات كل متعلم بحسب الشكل الاتي:
انطلاقاً من هذا الشكل نستنتج أنه يجب على المعلم أن يبذل جهداً ليساعد مجموعات المتعلمين ٢ و ٣ حتى يستطيعوا الوصول إلى مستوى مداخلته، يعبر عنه السهم من جهة المعلم باتجاه المتعلم، جدول

هذا ما يطيل مدة التعليم- التعلّم بحسب أهمية النقص المستنتج عند المتعلمين. هذا النوع من التعليم - التعلّم يخفّف من الرسوب المدرسي ويحد من سرعة تعلم المتعلمين "الأقوياء" ١ و ٤، ولا يناسب كثيراً الا في تعليم - تعلم يتطلب عمليات عقلية بسيطة كالإعادة والتقليد والفهم.
ب- طرائق ذات حضور تعليمي جزئي
ويقوم فيها المعلم بعملية التعليم - التعلّم غير آبه بالنقص الموجود عند بعض المتعلمين، وهنا يطلب إلى المتعلم تحمل مسؤولياته. ويعبر عن ذلك السهم من جهة المتعلم باتجاه مداخلة المعلم بحسب الشكل الاتي:
تتميز هذه الطرائق التعليمية - التعلّمية بكونها الأكثر استعمالاً (وبكل أسف) في الواقع المدرسي. وهي تقود إلى عمليات تصفية بين المتعلمين كما وتتطلب من هؤلاء تنمية عمليات عقلية معقدة للحاق بالمستوى المطلوب من دون ضمان حصول ذلك. يلجأ المعلم إلى هذه الطرائق إما بسبب ضغط المناهج، أو ضيق الوقت، أو كثرة عدد المتعلمين في الصف، أو استجابة لخيار مدرسة نخبوية، أو حتى لتعويد المتعلمين على نمط تعليم - تعلم يعكس واقع الحياة.

جدول 2


ج- طرائق بدون حضور تعليمي مباشر (حضور غير مباشر)
ويحصل فيها اكتساب المعلومات والقدرات باللجوء الى التعليم الذاتي استناداً الى مصادر ومراجع خارجية بحسب الشكل الآتي:


يندر وجود هذه الطرائق في المدرسة، ويقوم المعلم هنا بدور غير مباشر من خلال الحث على تنفيذ نشاط ما بالرجوع إلى مصادر ومراجع لتعويد المتعلم على الاستقلال في تعلمه. تحترم هذه الطرائق استعدادات كل متعلم وهي تنسجم مع نظرية تفريد التعلم بحيث يستطيع كل متعلم أن يحصل على الهدف مع تخصيص الوقت الذي يلائمه. عندما يلاحظ معلم المادة نقصاً عند المتعلمين في اكتساب كفايات معينة مطلوبة خلال عملية التعليم - التعلّم، ويحصل ذلك من خلال مواكبة تحصيل المتعلم والتقويم المتواصل عبر تقنيات التقويم الاستعلامي والتشخيصي والتكويني، ولدى اكتشاف ثغرات تعليمية وخاصة تلك المؤثرة سلبا على متابعة العملية بنجاح، يحدد المعلم استراتجيات مساعدة تعيد الأمور إلى نصابها وتسمح بمتابعة العملية التعليمية-التعلّمية مع كل المتعلمين بشكل عادي وبفاعلية أكبر. إن عدم الالتفات إلى المتعلمين المقصرين ومساعدتهم على حل مشاكلهم يراكم لديهم الصعوبات فتنمو وتكبر حتى تعيق نجاحهم، وهذا ما يسبب نشوء مجموعتين من المتعلمين في الصف الواحد: واحدة تواكب العملية وأخرى تتخلف عنها ولا تستطيع اللحاق بها. مما يضطر هذه الاخيرة أحياناً للتشويش والفوضى والتأثير السلبي على مجمل الصف. لذلك، لا بد للمعلم، ومن وجهة نظر تربوية وانسانية من التفكير بطرق وإجراءات تساعده على سد هذه الثغرات، والعمل على إيجاد مستويات متجانسة في الصف قدر الامكان وفي حدها الادنى عند المتعلمين، ولتحقيق ذلك لا بد من اللجؤ الى:
الدعم المدرسي والتعليم التعويضي (correctif)
حيث ان عملية التعليم - التعلّم تمتاز بالتراكمية والاستمرارية، وحيث ان هذه العملية تهدف إلى اكساب المتعلم معارف وقدرات ومهارات ومواقف محددة. وبما ان سرعة اكتساب هذه السلوكيات تختلف من متعلم إلى آخر. ولما كان هدف المدرسة العمل على إكساب المتعلمين، كل المتعلمين، الحد الأقصى من هذه السلوكيات، كان لزاماً عليها، وجزءًا من واجباتها، الاهتمام بالمقصرين منهم والأخذ بأيديهم للحاق بالركب رفعاً للمسؤولية وتأدية للواجب على أتم وجه، وتتم عملية الدعم من خلال:
١-دعم بالتغذية الراجعة:

  • زويد المتعلّم بالاختبار مصححاً والطلب إليه ملاحظة أخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم القيام بعملية تصحيح ذاتي لأخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم مقابلة التصحيح الذاتي مع الإجابات الصحيحة.

٢-دعم بالتكرار أو بنشاطات إضافية مكملة:

  • مراجعة المادة المعينة.
  • القيام بنشاطات وتمارين إضافية.
  • مراجعة المعلومات غير المحصّلة.
  • القيام بعمل إضافي بهدف إعادة تعلّم أو تعميق المكتسبات الخاصة بالمادة.

٣-دعم باعتماد استراتيجيات تعليم -تعلم جديدة.

  • اتخاذ اجراءات جديدة في تعليم المادة: تقسيم المحتوى إلى مراحل أكثر عدداً، استعمال وسائل حية، زيادة التحفيز...
  • اعتماد خطوات تعلم جديدة خاصة بالمعلومات والكفايات القَبْلية أو الحالية غير المكتسبة: الاهتمام بمتعلم واحد، تبني متعلم لآخر، تعلم بالرجوع إلى الكمبيوتر، طلب مساعدة معلم دعم من غير معلمي المادة، أو من معلمي المادة ذاتها...

وهكذا نكون قد أدينا لهذا المتعلم حقه في التعلم وفتحنا له باب النجاح لينطلق نحو المستقبل المشرق بكل ثقة واستقرار وسعادة.

المراجع:
١- د.هاشم عواضة، التخطيط في التعليم -التعلم، دار العلم للملايين، ٢٠٠٢
٢- د.زكريا محمد الظاهر وآخرون، مبادئ القياس والتقويم في التربية، توزيع دار قابس، بيروت، ٢٠٠٢
٣- د.حسان قبيسي، تقويم عام، محاضرات، الجامعة اللبنانية.

 

من اجل تحقيق النجاح الشامل والكامل في المؤسسات التربوية

نزيه رافع مدير مؤسسة العرفان التوحديةلن نتطرق في هذ المقال إلى الخطط التربوية وتشعباتها، ولن نتكلم عن تفاصيل الغايات والكفايات والاهداف الخاصة، وعن التعريف الاجرائي للتربية المدرسية التي تقول بأن التربية هي ضبط التعلم وتوجيهه نحو أهداف محددة، والسعي إلى تحقيقها على أيدي هيئة تعليمية معدة للتعليم إعداداً جيداً، وهيئة إدارية متقنة للإدارة وللتنظيم المدرسي، بواسطة منهج دراسي محكم التخطيط، وبمواد ووسائل مناسبة، وأصول وفنون وأساليب وطرائق صحيحة، في بيئة وتسهيلات وأبنية معدة لذلك. فهذه كلها من المسلمات التي لا خلاف حولها، وهي من صلب العملية التربوية الناجحة، ولكن السؤال الأهم هو: لماذ نقوّم العمل التربوي؟ وما هو الهدف من التقويم التشخيصي أو القبْلي أو التكويني أو الاستعلامي؟
سنحاول فيما يأتي الاضاءة على هذه المفاهيم، وعلى كيفية استخدامها في العملية التعليمية -التعلّمية في المدرسة، مقترحين بعض الحلول التي قد تسهم في انجاحها.

متى وكيف يتم التقويم التشخيصي؟
يتم هذا التقويم المستمر (continu) بواسطة اختبارات دورية (fréquentes) تقيس مدى التقدم (progrès) في المسار التعلّمي الجيد من هذه الاختبارات (أي تلك المصاغة بذهنية تكوينية (esprit formatif) لا تستند إلى معيار بل إلى محكات (critériée) لذا فهي من النوع المَحَكِّي (critères).
ليست الغاية من هذا التقويم مقارنة التلميذ برفيقه، وإنما تحديد مدى تقدم التلميذ (بالعودة إلى مَحَكَّات معينة) ومدى اكتسابه للاهداف التعليمية، وبالتالي مدى قدرته على الانتقال إلى وحدة تعليمية اخرى. ويتيح هذا النوع للمعلم أمرين في غاية الاهمية:

  • حاجة المتعلم إلى تعليم تعويضي (correctif)
  • تحديد نوعية هذا التعليم التعويضي (نوع الحاجة).

يصطدم المعلم دائماً بمشكلة الفوارق الفردية الموجودة في كل تعليم - تعلّم جماعي، بين مستويات المتعلمين ومكتسباتهم. وأكثر ما يشغل بال المعلم أمر ملء النقص الملاحظ لدى بعض المتعلمين، ويتم ذلك طبعاً بعد تحديد الهدف وموضوع النشاط ومحتوياته وبعد تحديد مستوى مداخلة المعلم بالرجوع إلى مكتسبات المتعلمين القَبْلية. ولذلك اعتمد '"فاندوفلد" (Vandevelde) على الاحتمالات التي يمكن للمعلم اللجوء إليها حيث من المفروض:

  • أن يقوم المعلم بملء النقص وذلك باعتماد حضور تعليمي كامل ومناسب لكل متعلم وخاصة لذوي الاحتياجات من المتعلمين.
  • أن يعتمد كل متعلم على مكتسباته المحصَّلة والمخزنة في ذاكرته في ملء النقص.
  • أن يسعى المتعلم لملء النقص من دون حضور تعليمي مباشر وباللجوء إلى المراجع والمصادر المناسبة.

واقترح فاندوفلد (Vandevelde) استناداً إلى هذه الاحتمالات الثلاثة، تصنيف طرائق التعليم- التعلّم بشكل مبتكر إلى ثلاث مجموعات من الطرائق التعليمية - التعلمية:


أ- طرائق ذات حضور تعليمي كامل

ويقوم فيها المعلم بسد النقص عند المتعلمين بحضور تعليمي كامل وملائم للاستعداد العقلي ولمكتسبات كل متعلم بحسب الشكل الاتي:
انطلاقاً من هذا الشكل نستنتج أنه يجب على المعلم أن يبذل جهداً ليساعد مجموعات المتعلمين ٢ و ٣ حتى يستطيعوا الوصول إلى مستوى مداخلته، يعبر عنه السهم من جهة المعلم باتجاه المتعلم، جدول

هذا ما يطيل مدة التعليم- التعلّم بحسب أهمية النقص المستنتج عند المتعلمين. هذا النوع من التعليم - التعلّم يخفّف من الرسوب المدرسي ويحد من سرعة تعلم المتعلمين "الأقوياء" ١ و ٤، ولا يناسب كثيراً الا في تعليم - تعلم يتطلب عمليات عقلية بسيطة كالإعادة والتقليد والفهم.
ب- طرائق ذات حضور تعليمي جزئي
ويقوم فيها المعلم بعملية التعليم - التعلّم غير آبه بالنقص الموجود عند بعض المتعلمين، وهنا يطلب إلى المتعلم تحمل مسؤولياته. ويعبر عن ذلك السهم من جهة المتعلم باتجاه مداخلة المعلم بحسب الشكل الاتي:
تتميز هذه الطرائق التعليمية - التعلّمية بكونها الأكثر استعمالاً (وبكل أسف) في الواقع المدرسي. وهي تقود إلى عمليات تصفية بين المتعلمين كما وتتطلب من هؤلاء تنمية عمليات عقلية معقدة للحاق بالمستوى المطلوب من دون ضمان حصول ذلك. يلجأ المعلم إلى هذه الطرائق إما بسبب ضغط المناهج، أو ضيق الوقت، أو كثرة عدد المتعلمين في الصف، أو استجابة لخيار مدرسة نخبوية، أو حتى لتعويد المتعلمين على نمط تعليم - تعلم يعكس واقع الحياة.

جدول 2


ج- طرائق بدون حضور تعليمي مباشر (حضور غير مباشر)
ويحصل فيها اكتساب المعلومات والقدرات باللجوء الى التعليم الذاتي استناداً الى مصادر ومراجع خارجية بحسب الشكل الآتي:


يندر وجود هذه الطرائق في المدرسة، ويقوم المعلم هنا بدور غير مباشر من خلال الحث على تنفيذ نشاط ما بالرجوع إلى مصادر ومراجع لتعويد المتعلم على الاستقلال في تعلمه. تحترم هذه الطرائق استعدادات كل متعلم وهي تنسجم مع نظرية تفريد التعلم بحيث يستطيع كل متعلم أن يحصل على الهدف مع تخصيص الوقت الذي يلائمه. عندما يلاحظ معلم المادة نقصاً عند المتعلمين في اكتساب كفايات معينة مطلوبة خلال عملية التعليم - التعلّم، ويحصل ذلك من خلال مواكبة تحصيل المتعلم والتقويم المتواصل عبر تقنيات التقويم الاستعلامي والتشخيصي والتكويني، ولدى اكتشاف ثغرات تعليمية وخاصة تلك المؤثرة سلبا على متابعة العملية بنجاح، يحدد المعلم استراتجيات مساعدة تعيد الأمور إلى نصابها وتسمح بمتابعة العملية التعليمية-التعلّمية مع كل المتعلمين بشكل عادي وبفاعلية أكبر. إن عدم الالتفات إلى المتعلمين المقصرين ومساعدتهم على حل مشاكلهم يراكم لديهم الصعوبات فتنمو وتكبر حتى تعيق نجاحهم، وهذا ما يسبب نشوء مجموعتين من المتعلمين في الصف الواحد: واحدة تواكب العملية وأخرى تتخلف عنها ولا تستطيع اللحاق بها. مما يضطر هذه الاخيرة أحياناً للتشويش والفوضى والتأثير السلبي على مجمل الصف. لذلك، لا بد للمعلم، ومن وجهة نظر تربوية وانسانية من التفكير بطرق وإجراءات تساعده على سد هذه الثغرات، والعمل على إيجاد مستويات متجانسة في الصف قدر الامكان وفي حدها الادنى عند المتعلمين، ولتحقيق ذلك لا بد من اللجؤ الى:
الدعم المدرسي والتعليم التعويضي (correctif)
حيث ان عملية التعليم - التعلّم تمتاز بالتراكمية والاستمرارية، وحيث ان هذه العملية تهدف إلى اكساب المتعلم معارف وقدرات ومهارات ومواقف محددة. وبما ان سرعة اكتساب هذه السلوكيات تختلف من متعلم إلى آخر. ولما كان هدف المدرسة العمل على إكساب المتعلمين، كل المتعلمين، الحد الأقصى من هذه السلوكيات، كان لزاماً عليها، وجزءًا من واجباتها، الاهتمام بالمقصرين منهم والأخذ بأيديهم للحاق بالركب رفعاً للمسؤولية وتأدية للواجب على أتم وجه، وتتم عملية الدعم من خلال:
١-دعم بالتغذية الراجعة:

  • زويد المتعلّم بالاختبار مصححاً والطلب إليه ملاحظة أخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم القيام بعملية تصحيح ذاتي لأخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم مقابلة التصحيح الذاتي مع الإجابات الصحيحة.

٢-دعم بالتكرار أو بنشاطات إضافية مكملة:

  • مراجعة المادة المعينة.
  • القيام بنشاطات وتمارين إضافية.
  • مراجعة المعلومات غير المحصّلة.
  • القيام بعمل إضافي بهدف إعادة تعلّم أو تعميق المكتسبات الخاصة بالمادة.

٣-دعم باعتماد استراتيجيات تعليم -تعلم جديدة.

  • اتخاذ اجراءات جديدة في تعليم المادة: تقسيم المحتوى إلى مراحل أكثر عدداً، استعمال وسائل حية، زيادة التحفيز...
  • اعتماد خطوات تعلم جديدة خاصة بالمعلومات والكفايات القَبْلية أو الحالية غير المكتسبة: الاهتمام بمتعلم واحد، تبني متعلم لآخر، تعلم بالرجوع إلى الكمبيوتر، طلب مساعدة معلم دعم من غير معلمي المادة، أو من معلمي المادة ذاتها...

وهكذا نكون قد أدينا لهذا المتعلم حقه في التعلم وفتحنا له باب النجاح لينطلق نحو المستقبل المشرق بكل ثقة واستقرار وسعادة.

المراجع:
١- د.هاشم عواضة، التخطيط في التعليم -التعلم، دار العلم للملايين، ٢٠٠٢
٢- د.زكريا محمد الظاهر وآخرون، مبادئ القياس والتقويم في التربية، توزيع دار قابس، بيروت، ٢٠٠٢
٣- د.حسان قبيسي، تقويم عام، محاضرات، الجامعة اللبنانية.

 

من اجل تحقيق النجاح الشامل والكامل في المؤسسات التربوية

نزيه رافع مدير مؤسسة العرفان التوحديةلن نتطرق في هذ المقال إلى الخطط التربوية وتشعباتها، ولن نتكلم عن تفاصيل الغايات والكفايات والاهداف الخاصة، وعن التعريف الاجرائي للتربية المدرسية التي تقول بأن التربية هي ضبط التعلم وتوجيهه نحو أهداف محددة، والسعي إلى تحقيقها على أيدي هيئة تعليمية معدة للتعليم إعداداً جيداً، وهيئة إدارية متقنة للإدارة وللتنظيم المدرسي، بواسطة منهج دراسي محكم التخطيط، وبمواد ووسائل مناسبة، وأصول وفنون وأساليب وطرائق صحيحة، في بيئة وتسهيلات وأبنية معدة لذلك. فهذه كلها من المسلمات التي لا خلاف حولها، وهي من صلب العملية التربوية الناجحة، ولكن السؤال الأهم هو: لماذ نقوّم العمل التربوي؟ وما هو الهدف من التقويم التشخيصي أو القبْلي أو التكويني أو الاستعلامي؟
سنحاول فيما يأتي الاضاءة على هذه المفاهيم، وعلى كيفية استخدامها في العملية التعليمية -التعلّمية في المدرسة، مقترحين بعض الحلول التي قد تسهم في انجاحها.

متى وكيف يتم التقويم التشخيصي؟
يتم هذا التقويم المستمر (continu) بواسطة اختبارات دورية (fréquentes) تقيس مدى التقدم (progrès) في المسار التعلّمي الجيد من هذه الاختبارات (أي تلك المصاغة بذهنية تكوينية (esprit formatif) لا تستند إلى معيار بل إلى محكات (critériée) لذا فهي من النوع المَحَكِّي (critères).
ليست الغاية من هذا التقويم مقارنة التلميذ برفيقه، وإنما تحديد مدى تقدم التلميذ (بالعودة إلى مَحَكَّات معينة) ومدى اكتسابه للاهداف التعليمية، وبالتالي مدى قدرته على الانتقال إلى وحدة تعليمية اخرى. ويتيح هذا النوع للمعلم أمرين في غاية الاهمية:

  • حاجة المتعلم إلى تعليم تعويضي (correctif)
  • تحديد نوعية هذا التعليم التعويضي (نوع الحاجة).

يصطدم المعلم دائماً بمشكلة الفوارق الفردية الموجودة في كل تعليم - تعلّم جماعي، بين مستويات المتعلمين ومكتسباتهم. وأكثر ما يشغل بال المعلم أمر ملء النقص الملاحظ لدى بعض المتعلمين، ويتم ذلك طبعاً بعد تحديد الهدف وموضوع النشاط ومحتوياته وبعد تحديد مستوى مداخلة المعلم بالرجوع إلى مكتسبات المتعلمين القَبْلية. ولذلك اعتمد '"فاندوفلد" (Vandevelde) على الاحتمالات التي يمكن للمعلم اللجوء إليها حيث من المفروض:

  • أن يقوم المعلم بملء النقص وذلك باعتماد حضور تعليمي كامل ومناسب لكل متعلم وخاصة لذوي الاحتياجات من المتعلمين.
  • أن يعتمد كل متعلم على مكتسباته المحصَّلة والمخزنة في ذاكرته في ملء النقص.
  • أن يسعى المتعلم لملء النقص من دون حضور تعليمي مباشر وباللجوء إلى المراجع والمصادر المناسبة.

واقترح فاندوفلد (Vandevelde) استناداً إلى هذه الاحتمالات الثلاثة، تصنيف طرائق التعليم- التعلّم بشكل مبتكر إلى ثلاث مجموعات من الطرائق التعليمية - التعلمية:


أ- طرائق ذات حضور تعليمي كامل

ويقوم فيها المعلم بسد النقص عند المتعلمين بحضور تعليمي كامل وملائم للاستعداد العقلي ولمكتسبات كل متعلم بحسب الشكل الاتي:
انطلاقاً من هذا الشكل نستنتج أنه يجب على المعلم أن يبذل جهداً ليساعد مجموعات المتعلمين ٢ و ٣ حتى يستطيعوا الوصول إلى مستوى مداخلته، يعبر عنه السهم من جهة المعلم باتجاه المتعلم، جدول

هذا ما يطيل مدة التعليم- التعلّم بحسب أهمية النقص المستنتج عند المتعلمين. هذا النوع من التعليم - التعلّم يخفّف من الرسوب المدرسي ويحد من سرعة تعلم المتعلمين "الأقوياء" ١ و ٤، ولا يناسب كثيراً الا في تعليم - تعلم يتطلب عمليات عقلية بسيطة كالإعادة والتقليد والفهم.
ب- طرائق ذات حضور تعليمي جزئي
ويقوم فيها المعلم بعملية التعليم - التعلّم غير آبه بالنقص الموجود عند بعض المتعلمين، وهنا يطلب إلى المتعلم تحمل مسؤولياته. ويعبر عن ذلك السهم من جهة المتعلم باتجاه مداخلة المعلم بحسب الشكل الاتي:
تتميز هذه الطرائق التعليمية - التعلّمية بكونها الأكثر استعمالاً (وبكل أسف) في الواقع المدرسي. وهي تقود إلى عمليات تصفية بين المتعلمين كما وتتطلب من هؤلاء تنمية عمليات عقلية معقدة للحاق بالمستوى المطلوب من دون ضمان حصول ذلك. يلجأ المعلم إلى هذه الطرائق إما بسبب ضغط المناهج، أو ضيق الوقت، أو كثرة عدد المتعلمين في الصف، أو استجابة لخيار مدرسة نخبوية، أو حتى لتعويد المتعلمين على نمط تعليم - تعلم يعكس واقع الحياة.

جدول 2


ج- طرائق بدون حضور تعليمي مباشر (حضور غير مباشر)
ويحصل فيها اكتساب المعلومات والقدرات باللجوء الى التعليم الذاتي استناداً الى مصادر ومراجع خارجية بحسب الشكل الآتي:


يندر وجود هذه الطرائق في المدرسة، ويقوم المعلم هنا بدور غير مباشر من خلال الحث على تنفيذ نشاط ما بالرجوع إلى مصادر ومراجع لتعويد المتعلم على الاستقلال في تعلمه. تحترم هذه الطرائق استعدادات كل متعلم وهي تنسجم مع نظرية تفريد التعلم بحيث يستطيع كل متعلم أن يحصل على الهدف مع تخصيص الوقت الذي يلائمه. عندما يلاحظ معلم المادة نقصاً عند المتعلمين في اكتساب كفايات معينة مطلوبة خلال عملية التعليم - التعلّم، ويحصل ذلك من خلال مواكبة تحصيل المتعلم والتقويم المتواصل عبر تقنيات التقويم الاستعلامي والتشخيصي والتكويني، ولدى اكتشاف ثغرات تعليمية وخاصة تلك المؤثرة سلبا على متابعة العملية بنجاح، يحدد المعلم استراتجيات مساعدة تعيد الأمور إلى نصابها وتسمح بمتابعة العملية التعليمية-التعلّمية مع كل المتعلمين بشكل عادي وبفاعلية أكبر. إن عدم الالتفات إلى المتعلمين المقصرين ومساعدتهم على حل مشاكلهم يراكم لديهم الصعوبات فتنمو وتكبر حتى تعيق نجاحهم، وهذا ما يسبب نشوء مجموعتين من المتعلمين في الصف الواحد: واحدة تواكب العملية وأخرى تتخلف عنها ولا تستطيع اللحاق بها. مما يضطر هذه الاخيرة أحياناً للتشويش والفوضى والتأثير السلبي على مجمل الصف. لذلك، لا بد للمعلم، ومن وجهة نظر تربوية وانسانية من التفكير بطرق وإجراءات تساعده على سد هذه الثغرات، والعمل على إيجاد مستويات متجانسة في الصف قدر الامكان وفي حدها الادنى عند المتعلمين، ولتحقيق ذلك لا بد من اللجؤ الى:
الدعم المدرسي والتعليم التعويضي (correctif)
حيث ان عملية التعليم - التعلّم تمتاز بالتراكمية والاستمرارية، وحيث ان هذه العملية تهدف إلى اكساب المتعلم معارف وقدرات ومهارات ومواقف محددة. وبما ان سرعة اكتساب هذه السلوكيات تختلف من متعلم إلى آخر. ولما كان هدف المدرسة العمل على إكساب المتعلمين، كل المتعلمين، الحد الأقصى من هذه السلوكيات، كان لزاماً عليها، وجزءًا من واجباتها، الاهتمام بالمقصرين منهم والأخذ بأيديهم للحاق بالركب رفعاً للمسؤولية وتأدية للواجب على أتم وجه، وتتم عملية الدعم من خلال:
١-دعم بالتغذية الراجعة:

  • زويد المتعلّم بالاختبار مصححاً والطلب إليه ملاحظة أخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم القيام بعملية تصحيح ذاتي لأخطائه.
  • -الطلب إلى المتعلم مقابلة التصحيح الذاتي مع الإجابات الصحيحة.

٢-دعم بالتكرار أو بنشاطات إضافية مكملة:

  • مراجعة المادة المعينة.
  • القيام بنشاطات وتمارين إضافية.
  • مراجعة المعلومات غير المحصّلة.
  • القيام بعمل إضافي بهدف إعادة تعلّم أو تعميق المكتسبات الخاصة بالمادة.

٣-دعم باعتماد استراتيجيات تعليم -تعلم جديدة.

  • اتخاذ اجراءات جديدة في تعليم المادة: تقسيم المحتوى إلى مراحل أكثر عدداً، استعمال وسائل حية، زيادة التحفيز...
  • اعتماد خطوات تعلم جديدة خاصة بالمعلومات والكفايات القَبْلية أو الحالية غير المكتسبة: الاهتمام بمتعلم واحد، تبني متعلم لآخر، تعلم بالرجوع إلى الكمبيوتر، طلب مساعدة معلم دعم من غير معلمي المادة، أو من معلمي المادة ذاتها...

وهكذا نكون قد أدينا لهذا المتعلم حقه في التعلم وفتحنا له باب النجاح لينطلق نحو المستقبل المشرق بكل ثقة واستقرار وسعادة.

المراجع:
١- د.هاشم عواضة، التخطيط في التعليم -التعلم، دار العلم للملايين، ٢٠٠٢
٢- د.زكريا محمد الظاهر وآخرون، مبادئ القياس والتقويم في التربية، توزيع دار قابس، بيروت، ٢٠٠٢
٣- د.حسان قبيسي، تقويم عام، محاضرات، الجامعة اللبنانية.