اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

       بقلم عُمر بو عرم رئيس قسم اللّغة العربية وآدابها      في المركز التربوي

اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

 

 

لقد ارتبط اسم الأستاذ عمر بو عرم باللّغُة العربيّةَ في أوساط التربية والتعليم. فهو يعمل في المركز التربوي للبحوث والإنماء منذ العام ١٩٨٢ . شارك، بصفة مقرّرِ ومنسّقِ، في وضع المناهج وتأليف الكتب. عمل أيضًا في نطاق التحصيل التعلّمُي والتّقَييم التربوي كما أشرف على خطط التّدَريب المناطقيّةَ، في إطار مشروع التّدَريب المستمرّ. يشارك ويشرف على وضع المناهج المطوَّرة لمرحلتي الروضة والحلقة الأولى وعلى التّطَبيق في المرحلة الاختبارية. لذلك تُعتبر مقالته محطّة هامّة يجب التوقّف عندها. إنّها بيت القصيد،
إذ لا يمكن الحفاظ على لُغة إلاّ من خلال تعليمها لأبنائنا.
الضّبط والتّدقيق اللّغُويّاَن، هما الوجه الآخر للأستاذ عمر بو عرم. فَبَصَماتُه موجودة على كلِّ صفحات الكتب والمقالات التي تصدر عن المركز التربوي. ينقّي، يُغربل وينخُل حتى لا تبقى زؤانةٌ واحدة.
الصّيِغَُ والمفرداتُ والتراكيبُ تخشى مِجْهَرَهُ. ''والمشكلة الكبرى'' هي عندما يُصِرُّ على استعمال الشدّةَ والحركات من دون استثناء. عبثًا تحاول. إنّك في حضرة اللّغُة. وفي حَضرةِ اللّغُة الأستاذ عمر لا يُساوِم!

                                            أسرة التحرير

وظائف اللّغُة ودلالاتها

اللّغُة أداة تواصل وفهم وإفهام. إنّهَا سبيل الفرد للتّعبير عن نفسه ووسيلة للتّعَامل مع الآخرين. هي عامل قُربى روحيّةَ بين النّاَطقين بها، وحَلْقَة تربط ماضي الشّعوب بحاضرها. إنّهَا عمليّةَ تكوينيّةَ وثيقة الصّ لِة بالفكر، بواستطها يؤخذ العلم، وبها يُحفظ؛ بفضلها تتفاعل الحضارات وتتطوّر المجتمعات. وهي إلى ذلك ذاكرة التاريخ ووعاء الثقافة وأساس الهويّة، والعنصر الأساسي في كل قوميّة، والمرآة التي ترى فيها كلّ أمّة مقوّمات شخصيّتها والوسيلة الفاعلة لصون وحدتها والحفاظ على حضارتها.
واللُّغة في حقيقة دورها الوظيفيّ رأس مال ترابط المجتمع الإنسانيّ وتنظيمه، فهي تربط بين الأفراد، وتربط بين الجماعات، أحاسيس ومشاعر ورؤى-إنها فعل القوّة الدائم في التواصل والتفاعل. وبفعل هذه العلاقة أصبح للّغُة تأثير بالغ في مناحي الحياة، إذ بها تُقنّنَ أصول الاجتماع.
فوق ذلك، فاللّغُة في وجود أيّةِ أمّة، أو مجتمع، تبقى ذلك المكتنز فعل تطوّر هذه الأمّةَ، أو ذاك المجتمع، تحفظ - في ما تحفظ - وجود الأمّةَ، في ما تدوّ نِه في بطون المعجمات، والسّيِر، والنُصوّص الأدبيّة والأمثال، والتاريخ... وحتى الخرافة. إنّها (للّغُة) نتاج الأزمنة الاجتماعية، لكن في صورة باقية إنّها: الكَلِم.
أمّا العنوان ''اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربوي في تعلّمُها '' فهو عنوان يحمل الكثير من المضامين ويُضيء على الكثير من الأبعاد، في بلدٍ، اللّغُة العربيّةَ فيه التزامٌ حضاريّ أصيل وأداة تفاعلٍ وإبداع مع الثقافات الأخرى، ما أدّى إلى إغناء الشخصيّةَ اللبنانيّةَ الفريدة التي تمتاز بعمق الثقافة الميثاقيّةَ التفاعليّةِ المجسّدِة لإرادة العيش المشترك نموذجًا يُحتذى بين سائر الشعوب.

 

أزمة متكلّمِي العربيّةَ

إن اللّغُة ليست مجرّد تعبير عن أفكار تكوّنت، بل هي جزء لا يتجزّأ من عمليّة التفكير نفسها، أو لنقل إن تطوير العلوم مرهون بتطوير اللّغُة. وهي نتيجة لها من الأهميّة والخطورة ما لا يحتاج منّا إلى بيان، لأنه في هذه الحالة يصبح محالاً أن يتغيّر للناس فكرٌ من دون أن تتغيّر اللّغُة في طرائق ووسائل استخدامها.

ولعلّ التحدّي الأوّل الذي يجبه اللّغُة والمجتمع معًا فهو أزمة متكلّمي العربيّةَ.
وأمّا بيان ذلك فهو صورٌ من القصور والضعف تمثّلت في ارتفاع معدّلات الأميّة، وانخفاض المحتوى العلميِّ والتقاني في الثقافة العامة، مع ما يشوب ذلك من تبعيّةَ، واتّساع الفجوة بين الإنتاج الثقافي الحديث، بأنواعه المختلفة، والقسم الأعظم من الجماهير الشعبيّة، وانخفاض المستويات التعليمية، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الإبداع... ما يجعلنا إزاء مجتمع يعيش واقعًا مغرّبًا، متخلّفًا، وتبعًا لهذا القصور الحضاري في الفكر، علمًا وثقافةً وفنّاً، نتساءل: هل هذا القصور راجع إلى طبيعة اللّغُة العربيّةَ نفسها، أم هو طارئ عليها من قبل المتكلّمين بها؟!من أعمال الفنان سمير صايغ
في الإجابة تُرانا نعود إلى تجربة فذّة، خاضتها العربيّةَ خوضًا ناجحًا، إذ احتوت صعود الأمّة إلى مسارح المعرفة في العصر الذهبي للدولة الإسلاميّة، دونما تعثّر، وما شكا عالم أو قارئ من قصور اللّغُة عن استيعاب متطلّبات تلك الحياة العامرة بتفتيق العلوم والفنون والآداب؟! لقد ارتقى فكر أولئك السابقين فاستجابت اللّغُة لرقيهم، وتطوّعت بما فيها من خصائص قابلة للنموّ والتزيّد، فكانت تتعاظم بتعاظم اللاّغين بها.
أمّا العزف على نغمة بداوة الفصحى وقصورها عن المستجدّ الحضاري، كل ذلك زعم لا يثبت أمام الحقيقة لعلم الاجتماع اللّغُويّ فلبّ المعضلة برمتها: اللاّغَي وليس اللّغُة.
ولعلّ الخطأ السائد في هذا الواقع مردّه في جانب أساسي منه إلى أن تعليم اللّغُة العربيّةَ تقتصر مسؤوليته على معلّمِي اللّغُة أنفسهم، ويكاد يُعفى من ذلك غيرهم من المعلّمين. كأنما اللّغُة مجرّد موضوع من موضوعات الدراسة، وليست أداة لتعلّم الموضوعات الأخرى جميعها.
ومع الخطأ في فهم العلاقات بين الموضوعات المدرَّسة عامّةً، وأثر ذلك في المسالة التي نعالج، إذ ينبغي مراعاة ما بينها من التداخل والترابط وصولاً إلى مبدأ وحدة المعرفة - أقول: فإنه خطأ لا يُغتفر بالنسبة إلى اللّغُة القوميّةَ، حيثما أريد لها أن تكون أداة التعلّم الرئيسة، مع ما تشتمل عليه من خبرات إنسانية، وما فيها من فكر ووجدان وعمل تتغلغل في شؤون الحياة العامة.

 

دور المركز التربوي في تعلّمُ العربيّةَ
بعد هذا العرض المُسْهَبِ نقول: إنّ الخوضَ في اللّغُة هو خوض في العالَمِ، لأنّ من يمتلك ناصيَةَ اللّغُة، يصبح قادرًا على أن يصنعَ شكلاً أو أكثر، من أشكالٍ لا تُحصى لهذا العالمِ، أيْ منجزاتِ الحضارة العالمية.
ولكن ثمّة أسئلة كثيرة تتصل باللّغُة العربيّةَ، وبعضها حافل بالقلق، نطرحه ونناقشه، متفكّرين في كيفيّة تعلّم هذه اللّغُة، وتمكين المتكلمين منها، ابتغاء رعايتها واستمرار إبداعاتها للأجيال المتعاقبة.

إنها دون شكّ لمهمّة خطيرة! ولا بدّ لنا من البحث الدائم عن السبل والوسائل التي من شأنها أن تساعد في تحقيق مبتغانا، بأن يتقن من أعمال الفنّان سمير الصايغ. أبناؤنا لُغتهم الأم، وأن يَرَوْا أنفسهم في مرآتها وهذا الأمر في غاية السهولة إذا ما عرفنا أن نحدّد صعوبات تعلّمُ العربيّةَ، وأن نأخذ بالشروط الكفيلة بتعلّمها.
إزاء واقع اللّغُة هذا، انطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء عند إعداد مناهج اللّغُة العربيّةَ من مبدأ أساسي قوامه أن اللّغُة العربيّةَ هي مورد الفكر والتعبير، وعليه فإنّ تعلُّمها قراءةً ومحادثةً وتحليلاً وتعبيرًا، يوظّفِ قدرات المتعلّم ومهاراته في علاقاته بالغير والتواصل معه، ذلك أن التمرّس بهذه اللّغُة، من خلال نصّ أدبيّ أصيل أو نصّ نقديّ موضوعيّ ينمّي الحاسّة الفنيّة عند المتعلّم ويغني استعداداته النقديّة المعلّلَة والسليمة. فإن احتاج إليها كانت حالاً، وإن استغنى عنها كانت جمالاً. ثم إنّ الكتب المدرسيّة التي أصدرها المركز التربوي هي تجسيدٌ حيّ وملموسٌ للمناهج الجديدة العائدة لمادّة اللّغُة العربيّةَ، حيث تتناول نصوصًا أدبيّة وتواصليّة سهلة وواضحة، بعيدة عن التعقيد الفكري والتقعّر اللّغُوي، مستمدّة من محيط المتعلّمِ وبيئته، ومن الثقافة الأدبية العربيّةَ، بحيث تنمّي قدراته الفكرية والسلوكيّة وتعزّز لديه القيم الروحيّة والأخلاقيّة وتشرّعِ في وجهه أبواب الآداب العالمية الواسعة، فيغتني محصوله الثقافي ويتعزّز ميله إلى المطالعة البنّاءة. أمّا من الناحية التقنية وأسسها المعتمدة لتنسيق الموضوعات وعرضها بشكل تدرّجي وفق محاور متنوّعة في كلّ مرحلة أو حلقة، فقد أكسب النّصوص ثروة تغذّى بها مكتسبات المتعلّم اللّغُوية وتدرُّجه الفكريّ، من السهل إلى الأقل سهولة، مع مراعاة التوازن بين وظيفة اللّغُة التواصليّة الإبلاغيّة والإبداعيّة الفنيّة والالتفات إلى القواعد الوظيفيّة في النصوص والتعبير وعدم الاكتفاء بالموضوع الإنشائي وتجاوزه، إلى التمرّس بتقنيات التعبير الشفهي والكتابي. هذا وتتقاطع أو تتكامل موضوعات النصوص مع بعض الموضوعات في مواد أخرى كالاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا، تأكيدًا لأهميّتها في الحياة، من دون اصطناع أو تصنّع، من أجل تكوين الرأي واتخاذ الموقف السليم منه.
هذا إلى جانب قراءة اللّوحات الفنية والصور والرسوم التي تزيّن صفحات الكتب، كوثيقة من الوثائق وليس كأداة زينة، فضلاً عن كيفية استعمال المعجم رغبة في الكشف عن الكلمات الصّعبة ومعرفة معناها الصحيح وإدراك مفهومها، وهي خطوةٌ أساسية نحو البحث.
أمّا في ما يتعلّق بطرائق التدريس فلقد ركّزت المناهج بشكلٍ عام ومناهج اللّغُة العربيّةَ بشكلٍ خاص على الطرائق الحديثة النّاشطة والفعّالة، وروعيت في تحديد خطوات الدروس على مستوى المضامين والتوجهات والأهداف في فروع اللّغُة العربيّةَ.

 

استراتيجيّاَت تعلّمُ العربيّةَ
ومن أجل تطبيق هذه الطرائق طُلِبَ في المناهج على أن يتمّ تعلّم اللّغُة العربيّةَ على أنّها وحدة مترابطة ومتكاملة في فروعها، واعتمد لذلك نظام الوحدات، كل وحدة تركّز على محور القراءة، فتتدرّج وتتكامل بحسب التدرّج الآتي:

  1. ١الأهداف التعلميّة من معارف ومهارات ومواقف، وتُحدّدَ أوّلاً لتقود عمليّة التعلّم في خطّها الصحيح. وهي تتناول ما تتناوله الأهداف المعرفيّة والذهنيّة والاجتماعيّة والتربويّة، والحركيّة واللُّغويّة التعبيريّة...
  2. الوسائل المعينة والأنشطة المرتبطة باستخدامها أوّلاً في التمهيد للدّرس أو التشويق، ثم ثانيًا في أثناء الدرس كما في امتداداته اللاحقة.المطبعة الأولى في لبنان
  3. المحادثة التمهيديّة أو الموطّئة التي تستثمر المكتسبات السابقة سبيلاً إلى الدخول في الموضوع وطرح المطبعة الأولى في لبنان.الإشكاليّة التي تخلق الحافز.
  4.  القراءة بنوعيها الصّامتة والجهريّة.
  5.  المحادثة التحليليّة التي ترتبط بالنص في دراسة الأفكار والأسلوب والبنية والمفاصل والمقارنة والمفاضلة والنقد والتقييم...
  6.  التطبيقات العملية شفويّاً وكتابيّاً من خلال تمارين متنوّعة ومتدرّجة في التحليل والتركيب.
  7.  القواعد والإملاء وتدريسهما في الحلقة الأولى يتمّ حدسيّاً بالمحاكاة من خلال دروس المحادثة والقراءة وتمارين التعبير. أمّا في الحلقات الأخرى فتنطلق دروس القواعد من النصّ المقروء وتوظّف في التعبير، وتكون في جميع الأحوال دروسًا وظيفيّة.
  8. اعتماد الفصحى لُغة التخاطب والنّقاش، ولاسيّما في الصفوف المتوسّطة والثانوية.
  9.  إصدار أدلّةَ التقييم ورفع كفاءة المعلّمين

ولقياس مدى عملانيّة الطرائق التربوية جميعها أصدر المركز التربوي أدلّة التقييم لجميع المواد بما فيها اللّغُة العربيّةَ، وعلى المستويات التعليمية جميعها (التعليم الأساسي والثانوي) وقد بُنيَ هذا الدليل على أساس نظرية التواصل في علم الألسنيّة، ووزع على مجالَي التواصل الشفهي والتواصل الكتابي. كذلك أنشأ المركز التربوي جهاز التّدَريب المستمرّ الذي يهدف إلى رفع كفاءة المعلّمين وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعلّميّة المتحرّكة والعمل على التكيّف بصورة أكثر مرونة ودقّة مع حاجاتهم المتنوّعة.

الحاجة إلى تطوير المناهج

هكذا نجد أنّ المناهج الجديدة بشكل عام ومناهج اللّغُة العربيّة، التي أعدّهَا المركز التربويّ،ُ على وجه الخصوص، قد خطت خطوات نوعيّة من حيث النظريّة والممارسة والتطبيق، لكنّها تحتاج إلى تعديل بعض محتوياتها وتصويب مسارها، وذلك بالإفادة من مراجعة ما اكتشف فيها من ثُغر في مرحلتها التجريبيّة الأولى،وهذا ما نصّت عليه خطّة النهوض التربويّ. وبالفعل فقد قام المركز التربويّ بتطوير مناهج الحلقة الأولى من التعليم الأساسيّ، معتمدًا مبدأ التربية التكامليّة، حيث تكون اللّغُة موضوع عناية عند تدريس سائر المواد التعليميّة، أي تعلّمُ هذه المواد من خلال دروس اللّغُة المختلفة، فيُزوَّد التلامذة انطلاقاً من دروس اللُّغة بكفايات لها علاقة بمواد العلوم والاجتماعيّات، ومختلف أنواع الفنون الجميلة.
ومن ميزات هذه التربية أيضًا تخفيف الحقيبة المدرسيّة، بحيث يتمّ فيها اعتماد ثلاثة كتب فقط: لُغة عربيّةَ، لُغة أجنبيّةَ، رياضيّات.

 

التحدّيات المرتقبة
نخلص إلى القول إن اللّغُة العربيّةَ اليوم أمام تحدّيات تعليميّة وحضاريّة، تملي علينا تطوير برامج تدريسها، والعمل على تطوير الآليات التربويّة، بحيث نوثّق علاقة أبنائنا باللُّغة العربيَّة، فيحبّونها ويقبلون عليها تعلّمًا واستزادة، قراءة وكتابة، وسيلة تعامل وحوار وإبداع، فنستعيد زمن النتاجات العلميّة وإنجازاتها الزّاهرة في الحضارة العربية.
إنّ لبنان المنفتح على الحضارات والثقافات العالميّة من منابعها اللّغُويّة مطلوب بقاؤه أكثر من أي وقت صلة الوصل المرتجاة بين عالمه العربي والعالم.
وحيث إنّ لبنان لسانٌ عربي، واللّغُة العربيّةَ ثقافة التزام حياتي، فعلى اللبنانيين أن يعملوا وفق هذا المفهوم ليكون لبنان أكثر استقرارًا ونموًّا وازدهارًا.
من الأصالة اللبنانية علينا أن ننطلق في دراسة اللّغُة العربيَّة، هذه اللُّغة التي استفاقت على أيدي الروَّاد اللّبَنانيين، علينا تحديد ما تعانيه هذه اللّغُة من صعوبات في ''تعلّمُها'' لننطلق بعد ذلك إلى تطويرها والمساهمة في نهضتها والعمل على استنهاض التلامذة لمواصلة رسالة لبنان الحضارية، واللّغُة العربيّةَ أساس في هذه الحضارة
.

اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

       بقلم عُمر بو عرم رئيس قسم اللّغة العربية وآدابها      في المركز التربوي

اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

 

 

لقد ارتبط اسم الأستاذ عمر بو عرم باللّغُة العربيّةَ في أوساط التربية والتعليم. فهو يعمل في المركز التربوي للبحوث والإنماء منذ العام ١٩٨٢ . شارك، بصفة مقرّرِ ومنسّقِ، في وضع المناهج وتأليف الكتب. عمل أيضًا في نطاق التحصيل التعلّمُي والتّقَييم التربوي كما أشرف على خطط التّدَريب المناطقيّةَ، في إطار مشروع التّدَريب المستمرّ. يشارك ويشرف على وضع المناهج المطوَّرة لمرحلتي الروضة والحلقة الأولى وعلى التّطَبيق في المرحلة الاختبارية. لذلك تُعتبر مقالته محطّة هامّة يجب التوقّف عندها. إنّها بيت القصيد،
إذ لا يمكن الحفاظ على لُغة إلاّ من خلال تعليمها لأبنائنا.
الضّبط والتّدقيق اللّغُويّاَن، هما الوجه الآخر للأستاذ عمر بو عرم. فَبَصَماتُه موجودة على كلِّ صفحات الكتب والمقالات التي تصدر عن المركز التربوي. ينقّي، يُغربل وينخُل حتى لا تبقى زؤانةٌ واحدة.
الصّيِغَُ والمفرداتُ والتراكيبُ تخشى مِجْهَرَهُ. ''والمشكلة الكبرى'' هي عندما يُصِرُّ على استعمال الشدّةَ والحركات من دون استثناء. عبثًا تحاول. إنّك في حضرة اللّغُة. وفي حَضرةِ اللّغُة الأستاذ عمر لا يُساوِم!

                                            أسرة التحرير

وظائف اللّغُة ودلالاتها

اللّغُة أداة تواصل وفهم وإفهام. إنّهَا سبيل الفرد للتّعبير عن نفسه ووسيلة للتّعَامل مع الآخرين. هي عامل قُربى روحيّةَ بين النّاَطقين بها، وحَلْقَة تربط ماضي الشّعوب بحاضرها. إنّهَا عمليّةَ تكوينيّةَ وثيقة الصّ لِة بالفكر، بواستطها يؤخذ العلم، وبها يُحفظ؛ بفضلها تتفاعل الحضارات وتتطوّر المجتمعات. وهي إلى ذلك ذاكرة التاريخ ووعاء الثقافة وأساس الهويّة، والعنصر الأساسي في كل قوميّة، والمرآة التي ترى فيها كلّ أمّة مقوّمات شخصيّتها والوسيلة الفاعلة لصون وحدتها والحفاظ على حضارتها.
واللُّغة في حقيقة دورها الوظيفيّ رأس مال ترابط المجتمع الإنسانيّ وتنظيمه، فهي تربط بين الأفراد، وتربط بين الجماعات، أحاسيس ومشاعر ورؤى-إنها فعل القوّة الدائم في التواصل والتفاعل. وبفعل هذه العلاقة أصبح للّغُة تأثير بالغ في مناحي الحياة، إذ بها تُقنّنَ أصول الاجتماع.
فوق ذلك، فاللّغُة في وجود أيّةِ أمّة، أو مجتمع، تبقى ذلك المكتنز فعل تطوّر هذه الأمّةَ، أو ذاك المجتمع، تحفظ - في ما تحفظ - وجود الأمّةَ، في ما تدوّ نِه في بطون المعجمات، والسّيِر، والنُصوّص الأدبيّة والأمثال، والتاريخ... وحتى الخرافة. إنّها (للّغُة) نتاج الأزمنة الاجتماعية، لكن في صورة باقية إنّها: الكَلِم.
أمّا العنوان ''اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربوي في تعلّمُها '' فهو عنوان يحمل الكثير من المضامين ويُضيء على الكثير من الأبعاد، في بلدٍ، اللّغُة العربيّةَ فيه التزامٌ حضاريّ أصيل وأداة تفاعلٍ وإبداع مع الثقافات الأخرى، ما أدّى إلى إغناء الشخصيّةَ اللبنانيّةَ الفريدة التي تمتاز بعمق الثقافة الميثاقيّةَ التفاعليّةِ المجسّدِة لإرادة العيش المشترك نموذجًا يُحتذى بين سائر الشعوب.

 

أزمة متكلّمِي العربيّةَ

إن اللّغُة ليست مجرّد تعبير عن أفكار تكوّنت، بل هي جزء لا يتجزّأ من عمليّة التفكير نفسها، أو لنقل إن تطوير العلوم مرهون بتطوير اللّغُة. وهي نتيجة لها من الأهميّة والخطورة ما لا يحتاج منّا إلى بيان، لأنه في هذه الحالة يصبح محالاً أن يتغيّر للناس فكرٌ من دون أن تتغيّر اللّغُة في طرائق ووسائل استخدامها.

ولعلّ التحدّي الأوّل الذي يجبه اللّغُة والمجتمع معًا فهو أزمة متكلّمي العربيّةَ.
وأمّا بيان ذلك فهو صورٌ من القصور والضعف تمثّلت في ارتفاع معدّلات الأميّة، وانخفاض المحتوى العلميِّ والتقاني في الثقافة العامة، مع ما يشوب ذلك من تبعيّةَ، واتّساع الفجوة بين الإنتاج الثقافي الحديث، بأنواعه المختلفة، والقسم الأعظم من الجماهير الشعبيّة، وانخفاض المستويات التعليمية، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الإبداع... ما يجعلنا إزاء مجتمع يعيش واقعًا مغرّبًا، متخلّفًا، وتبعًا لهذا القصور الحضاري في الفكر، علمًا وثقافةً وفنّاً، نتساءل: هل هذا القصور راجع إلى طبيعة اللّغُة العربيّةَ نفسها، أم هو طارئ عليها من قبل المتكلّمين بها؟!من أعمال الفنان سمير صايغ
في الإجابة تُرانا نعود إلى تجربة فذّة، خاضتها العربيّةَ خوضًا ناجحًا، إذ احتوت صعود الأمّة إلى مسارح المعرفة في العصر الذهبي للدولة الإسلاميّة، دونما تعثّر، وما شكا عالم أو قارئ من قصور اللّغُة عن استيعاب متطلّبات تلك الحياة العامرة بتفتيق العلوم والفنون والآداب؟! لقد ارتقى فكر أولئك السابقين فاستجابت اللّغُة لرقيهم، وتطوّعت بما فيها من خصائص قابلة للنموّ والتزيّد، فكانت تتعاظم بتعاظم اللاّغين بها.
أمّا العزف على نغمة بداوة الفصحى وقصورها عن المستجدّ الحضاري، كل ذلك زعم لا يثبت أمام الحقيقة لعلم الاجتماع اللّغُويّ فلبّ المعضلة برمتها: اللاّغَي وليس اللّغُة.
ولعلّ الخطأ السائد في هذا الواقع مردّه في جانب أساسي منه إلى أن تعليم اللّغُة العربيّةَ تقتصر مسؤوليته على معلّمِي اللّغُة أنفسهم، ويكاد يُعفى من ذلك غيرهم من المعلّمين. كأنما اللّغُة مجرّد موضوع من موضوعات الدراسة، وليست أداة لتعلّم الموضوعات الأخرى جميعها.
ومع الخطأ في فهم العلاقات بين الموضوعات المدرَّسة عامّةً، وأثر ذلك في المسالة التي نعالج، إذ ينبغي مراعاة ما بينها من التداخل والترابط وصولاً إلى مبدأ وحدة المعرفة - أقول: فإنه خطأ لا يُغتفر بالنسبة إلى اللّغُة القوميّةَ، حيثما أريد لها أن تكون أداة التعلّم الرئيسة، مع ما تشتمل عليه من خبرات إنسانية، وما فيها من فكر ووجدان وعمل تتغلغل في شؤون الحياة العامة.

 

دور المركز التربوي في تعلّمُ العربيّةَ
بعد هذا العرض المُسْهَبِ نقول: إنّ الخوضَ في اللّغُة هو خوض في العالَمِ، لأنّ من يمتلك ناصيَةَ اللّغُة، يصبح قادرًا على أن يصنعَ شكلاً أو أكثر، من أشكالٍ لا تُحصى لهذا العالمِ، أيْ منجزاتِ الحضارة العالمية.
ولكن ثمّة أسئلة كثيرة تتصل باللّغُة العربيّةَ، وبعضها حافل بالقلق، نطرحه ونناقشه، متفكّرين في كيفيّة تعلّم هذه اللّغُة، وتمكين المتكلمين منها، ابتغاء رعايتها واستمرار إبداعاتها للأجيال المتعاقبة.

إنها دون شكّ لمهمّة خطيرة! ولا بدّ لنا من البحث الدائم عن السبل والوسائل التي من شأنها أن تساعد في تحقيق مبتغانا، بأن يتقن من أعمال الفنّان سمير الصايغ. أبناؤنا لُغتهم الأم، وأن يَرَوْا أنفسهم في مرآتها وهذا الأمر في غاية السهولة إذا ما عرفنا أن نحدّد صعوبات تعلّمُ العربيّةَ، وأن نأخذ بالشروط الكفيلة بتعلّمها.
إزاء واقع اللّغُة هذا، انطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء عند إعداد مناهج اللّغُة العربيّةَ من مبدأ أساسي قوامه أن اللّغُة العربيّةَ هي مورد الفكر والتعبير، وعليه فإنّ تعلُّمها قراءةً ومحادثةً وتحليلاً وتعبيرًا، يوظّفِ قدرات المتعلّم ومهاراته في علاقاته بالغير والتواصل معه، ذلك أن التمرّس بهذه اللّغُة، من خلال نصّ أدبيّ أصيل أو نصّ نقديّ موضوعيّ ينمّي الحاسّة الفنيّة عند المتعلّم ويغني استعداداته النقديّة المعلّلَة والسليمة. فإن احتاج إليها كانت حالاً، وإن استغنى عنها كانت جمالاً. ثم إنّ الكتب المدرسيّة التي أصدرها المركز التربوي هي تجسيدٌ حيّ وملموسٌ للمناهج الجديدة العائدة لمادّة اللّغُة العربيّةَ، حيث تتناول نصوصًا أدبيّة وتواصليّة سهلة وواضحة، بعيدة عن التعقيد الفكري والتقعّر اللّغُوي، مستمدّة من محيط المتعلّمِ وبيئته، ومن الثقافة الأدبية العربيّةَ، بحيث تنمّي قدراته الفكرية والسلوكيّة وتعزّز لديه القيم الروحيّة والأخلاقيّة وتشرّعِ في وجهه أبواب الآداب العالمية الواسعة، فيغتني محصوله الثقافي ويتعزّز ميله إلى المطالعة البنّاءة. أمّا من الناحية التقنية وأسسها المعتمدة لتنسيق الموضوعات وعرضها بشكل تدرّجي وفق محاور متنوّعة في كلّ مرحلة أو حلقة، فقد أكسب النّصوص ثروة تغذّى بها مكتسبات المتعلّم اللّغُوية وتدرُّجه الفكريّ، من السهل إلى الأقل سهولة، مع مراعاة التوازن بين وظيفة اللّغُة التواصليّة الإبلاغيّة والإبداعيّة الفنيّة والالتفات إلى القواعد الوظيفيّة في النصوص والتعبير وعدم الاكتفاء بالموضوع الإنشائي وتجاوزه، إلى التمرّس بتقنيات التعبير الشفهي والكتابي. هذا وتتقاطع أو تتكامل موضوعات النصوص مع بعض الموضوعات في مواد أخرى كالاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا، تأكيدًا لأهميّتها في الحياة، من دون اصطناع أو تصنّع، من أجل تكوين الرأي واتخاذ الموقف السليم منه.
هذا إلى جانب قراءة اللّوحات الفنية والصور والرسوم التي تزيّن صفحات الكتب، كوثيقة من الوثائق وليس كأداة زينة، فضلاً عن كيفية استعمال المعجم رغبة في الكشف عن الكلمات الصّعبة ومعرفة معناها الصحيح وإدراك مفهومها، وهي خطوةٌ أساسية نحو البحث.
أمّا في ما يتعلّق بطرائق التدريس فلقد ركّزت المناهج بشكلٍ عام ومناهج اللّغُة العربيّةَ بشكلٍ خاص على الطرائق الحديثة النّاشطة والفعّالة، وروعيت في تحديد خطوات الدروس على مستوى المضامين والتوجهات والأهداف في فروع اللّغُة العربيّةَ.

 

استراتيجيّاَت تعلّمُ العربيّةَ
ومن أجل تطبيق هذه الطرائق طُلِبَ في المناهج على أن يتمّ تعلّم اللّغُة العربيّةَ على أنّها وحدة مترابطة ومتكاملة في فروعها، واعتمد لذلك نظام الوحدات، كل وحدة تركّز على محور القراءة، فتتدرّج وتتكامل بحسب التدرّج الآتي:

  1. ١الأهداف التعلميّة من معارف ومهارات ومواقف، وتُحدّدَ أوّلاً لتقود عمليّة التعلّم في خطّها الصحيح. وهي تتناول ما تتناوله الأهداف المعرفيّة والذهنيّة والاجتماعيّة والتربويّة، والحركيّة واللُّغويّة التعبيريّة...
  2. الوسائل المعينة والأنشطة المرتبطة باستخدامها أوّلاً في التمهيد للدّرس أو التشويق، ثم ثانيًا في أثناء الدرس كما في امتداداته اللاحقة.المطبعة الأولى في لبنان
  3. المحادثة التمهيديّة أو الموطّئة التي تستثمر المكتسبات السابقة سبيلاً إلى الدخول في الموضوع وطرح المطبعة الأولى في لبنان.الإشكاليّة التي تخلق الحافز.
  4.  القراءة بنوعيها الصّامتة والجهريّة.
  5.  المحادثة التحليليّة التي ترتبط بالنص في دراسة الأفكار والأسلوب والبنية والمفاصل والمقارنة والمفاضلة والنقد والتقييم...
  6.  التطبيقات العملية شفويّاً وكتابيّاً من خلال تمارين متنوّعة ومتدرّجة في التحليل والتركيب.
  7.  القواعد والإملاء وتدريسهما في الحلقة الأولى يتمّ حدسيّاً بالمحاكاة من خلال دروس المحادثة والقراءة وتمارين التعبير. أمّا في الحلقات الأخرى فتنطلق دروس القواعد من النصّ المقروء وتوظّف في التعبير، وتكون في جميع الأحوال دروسًا وظيفيّة.
  8. اعتماد الفصحى لُغة التخاطب والنّقاش، ولاسيّما في الصفوف المتوسّطة والثانوية.
  9.  إصدار أدلّةَ التقييم ورفع كفاءة المعلّمين

ولقياس مدى عملانيّة الطرائق التربوية جميعها أصدر المركز التربوي أدلّة التقييم لجميع المواد بما فيها اللّغُة العربيّةَ، وعلى المستويات التعليمية جميعها (التعليم الأساسي والثانوي) وقد بُنيَ هذا الدليل على أساس نظرية التواصل في علم الألسنيّة، ووزع على مجالَي التواصل الشفهي والتواصل الكتابي. كذلك أنشأ المركز التربوي جهاز التّدَريب المستمرّ الذي يهدف إلى رفع كفاءة المعلّمين وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعلّميّة المتحرّكة والعمل على التكيّف بصورة أكثر مرونة ودقّة مع حاجاتهم المتنوّعة.

الحاجة إلى تطوير المناهج

هكذا نجد أنّ المناهج الجديدة بشكل عام ومناهج اللّغُة العربيّة، التي أعدّهَا المركز التربويّ،ُ على وجه الخصوص، قد خطت خطوات نوعيّة من حيث النظريّة والممارسة والتطبيق، لكنّها تحتاج إلى تعديل بعض محتوياتها وتصويب مسارها، وذلك بالإفادة من مراجعة ما اكتشف فيها من ثُغر في مرحلتها التجريبيّة الأولى،وهذا ما نصّت عليه خطّة النهوض التربويّ. وبالفعل فقد قام المركز التربويّ بتطوير مناهج الحلقة الأولى من التعليم الأساسيّ، معتمدًا مبدأ التربية التكامليّة، حيث تكون اللّغُة موضوع عناية عند تدريس سائر المواد التعليميّة، أي تعلّمُ هذه المواد من خلال دروس اللّغُة المختلفة، فيُزوَّد التلامذة انطلاقاً من دروس اللُّغة بكفايات لها علاقة بمواد العلوم والاجتماعيّات، ومختلف أنواع الفنون الجميلة.
ومن ميزات هذه التربية أيضًا تخفيف الحقيبة المدرسيّة، بحيث يتمّ فيها اعتماد ثلاثة كتب فقط: لُغة عربيّةَ، لُغة أجنبيّةَ، رياضيّات.

 

التحدّيات المرتقبة
نخلص إلى القول إن اللّغُة العربيّةَ اليوم أمام تحدّيات تعليميّة وحضاريّة، تملي علينا تطوير برامج تدريسها، والعمل على تطوير الآليات التربويّة، بحيث نوثّق علاقة أبنائنا باللُّغة العربيَّة، فيحبّونها ويقبلون عليها تعلّمًا واستزادة، قراءة وكتابة، وسيلة تعامل وحوار وإبداع، فنستعيد زمن النتاجات العلميّة وإنجازاتها الزّاهرة في الحضارة العربية.
إنّ لبنان المنفتح على الحضارات والثقافات العالميّة من منابعها اللّغُويّة مطلوب بقاؤه أكثر من أي وقت صلة الوصل المرتجاة بين عالمه العربي والعالم.
وحيث إنّ لبنان لسانٌ عربي، واللّغُة العربيّةَ ثقافة التزام حياتي، فعلى اللبنانيين أن يعملوا وفق هذا المفهوم ليكون لبنان أكثر استقرارًا ونموًّا وازدهارًا.
من الأصالة اللبنانية علينا أن ننطلق في دراسة اللّغُة العربيَّة، هذه اللُّغة التي استفاقت على أيدي الروَّاد اللّبَنانيين، علينا تحديد ما تعانيه هذه اللّغُة من صعوبات في ''تعلّمُها'' لننطلق بعد ذلك إلى تطويرها والمساهمة في نهضتها والعمل على استنهاض التلامذة لمواصلة رسالة لبنان الحضارية، واللّغُة العربيّةَ أساس في هذه الحضارة
.

اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

       بقلم عُمر بو عرم رئيس قسم اللّغة العربية وآدابها      في المركز التربوي

اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربويّ في تعلّمُها

 

 

لقد ارتبط اسم الأستاذ عمر بو عرم باللّغُة العربيّةَ في أوساط التربية والتعليم. فهو يعمل في المركز التربوي للبحوث والإنماء منذ العام ١٩٨٢ . شارك، بصفة مقرّرِ ومنسّقِ، في وضع المناهج وتأليف الكتب. عمل أيضًا في نطاق التحصيل التعلّمُي والتّقَييم التربوي كما أشرف على خطط التّدَريب المناطقيّةَ، في إطار مشروع التّدَريب المستمرّ. يشارك ويشرف على وضع المناهج المطوَّرة لمرحلتي الروضة والحلقة الأولى وعلى التّطَبيق في المرحلة الاختبارية. لذلك تُعتبر مقالته محطّة هامّة يجب التوقّف عندها. إنّها بيت القصيد،
إذ لا يمكن الحفاظ على لُغة إلاّ من خلال تعليمها لأبنائنا.
الضّبط والتّدقيق اللّغُويّاَن، هما الوجه الآخر للأستاذ عمر بو عرم. فَبَصَماتُه موجودة على كلِّ صفحات الكتب والمقالات التي تصدر عن المركز التربوي. ينقّي، يُغربل وينخُل حتى لا تبقى زؤانةٌ واحدة.
الصّيِغَُ والمفرداتُ والتراكيبُ تخشى مِجْهَرَهُ. ''والمشكلة الكبرى'' هي عندما يُصِرُّ على استعمال الشدّةَ والحركات من دون استثناء. عبثًا تحاول. إنّك في حضرة اللّغُة. وفي حَضرةِ اللّغُة الأستاذ عمر لا يُساوِم!

                                            أسرة التحرير

وظائف اللّغُة ودلالاتها

اللّغُة أداة تواصل وفهم وإفهام. إنّهَا سبيل الفرد للتّعبير عن نفسه ووسيلة للتّعَامل مع الآخرين. هي عامل قُربى روحيّةَ بين النّاَطقين بها، وحَلْقَة تربط ماضي الشّعوب بحاضرها. إنّهَا عمليّةَ تكوينيّةَ وثيقة الصّ لِة بالفكر، بواستطها يؤخذ العلم، وبها يُحفظ؛ بفضلها تتفاعل الحضارات وتتطوّر المجتمعات. وهي إلى ذلك ذاكرة التاريخ ووعاء الثقافة وأساس الهويّة، والعنصر الأساسي في كل قوميّة، والمرآة التي ترى فيها كلّ أمّة مقوّمات شخصيّتها والوسيلة الفاعلة لصون وحدتها والحفاظ على حضارتها.
واللُّغة في حقيقة دورها الوظيفيّ رأس مال ترابط المجتمع الإنسانيّ وتنظيمه، فهي تربط بين الأفراد، وتربط بين الجماعات، أحاسيس ومشاعر ورؤى-إنها فعل القوّة الدائم في التواصل والتفاعل. وبفعل هذه العلاقة أصبح للّغُة تأثير بالغ في مناحي الحياة، إذ بها تُقنّنَ أصول الاجتماع.
فوق ذلك، فاللّغُة في وجود أيّةِ أمّة، أو مجتمع، تبقى ذلك المكتنز فعل تطوّر هذه الأمّةَ، أو ذاك المجتمع، تحفظ - في ما تحفظ - وجود الأمّةَ، في ما تدوّ نِه في بطون المعجمات، والسّيِر، والنُصوّص الأدبيّة والأمثال، والتاريخ... وحتى الخرافة. إنّها (للّغُة) نتاج الأزمنة الاجتماعية، لكن في صورة باقية إنّها: الكَلِم.
أمّا العنوان ''اللّغُة العربيّةَ واقعها ودور المركز التربوي في تعلّمُها '' فهو عنوان يحمل الكثير من المضامين ويُضيء على الكثير من الأبعاد، في بلدٍ، اللّغُة العربيّةَ فيه التزامٌ حضاريّ أصيل وأداة تفاعلٍ وإبداع مع الثقافات الأخرى، ما أدّى إلى إغناء الشخصيّةَ اللبنانيّةَ الفريدة التي تمتاز بعمق الثقافة الميثاقيّةَ التفاعليّةِ المجسّدِة لإرادة العيش المشترك نموذجًا يُحتذى بين سائر الشعوب.

 

أزمة متكلّمِي العربيّةَ

إن اللّغُة ليست مجرّد تعبير عن أفكار تكوّنت، بل هي جزء لا يتجزّأ من عمليّة التفكير نفسها، أو لنقل إن تطوير العلوم مرهون بتطوير اللّغُة. وهي نتيجة لها من الأهميّة والخطورة ما لا يحتاج منّا إلى بيان، لأنه في هذه الحالة يصبح محالاً أن يتغيّر للناس فكرٌ من دون أن تتغيّر اللّغُة في طرائق ووسائل استخدامها.

ولعلّ التحدّي الأوّل الذي يجبه اللّغُة والمجتمع معًا فهو أزمة متكلّمي العربيّةَ.
وأمّا بيان ذلك فهو صورٌ من القصور والضعف تمثّلت في ارتفاع معدّلات الأميّة، وانخفاض المحتوى العلميِّ والتقاني في الثقافة العامة، مع ما يشوب ذلك من تبعيّةَ، واتّساع الفجوة بين الإنتاج الثقافي الحديث، بأنواعه المختلفة، والقسم الأعظم من الجماهير الشعبيّة، وانخفاض المستويات التعليمية، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الإبداع... ما يجعلنا إزاء مجتمع يعيش واقعًا مغرّبًا، متخلّفًا، وتبعًا لهذا القصور الحضاري في الفكر، علمًا وثقافةً وفنّاً، نتساءل: هل هذا القصور راجع إلى طبيعة اللّغُة العربيّةَ نفسها، أم هو طارئ عليها من قبل المتكلّمين بها؟!من أعمال الفنان سمير صايغ
في الإجابة تُرانا نعود إلى تجربة فذّة، خاضتها العربيّةَ خوضًا ناجحًا، إذ احتوت صعود الأمّة إلى مسارح المعرفة في العصر الذهبي للدولة الإسلاميّة، دونما تعثّر، وما شكا عالم أو قارئ من قصور اللّغُة عن استيعاب متطلّبات تلك الحياة العامرة بتفتيق العلوم والفنون والآداب؟! لقد ارتقى فكر أولئك السابقين فاستجابت اللّغُة لرقيهم، وتطوّعت بما فيها من خصائص قابلة للنموّ والتزيّد، فكانت تتعاظم بتعاظم اللاّغين بها.
أمّا العزف على نغمة بداوة الفصحى وقصورها عن المستجدّ الحضاري، كل ذلك زعم لا يثبت أمام الحقيقة لعلم الاجتماع اللّغُويّ فلبّ المعضلة برمتها: اللاّغَي وليس اللّغُة.
ولعلّ الخطأ السائد في هذا الواقع مردّه في جانب أساسي منه إلى أن تعليم اللّغُة العربيّةَ تقتصر مسؤوليته على معلّمِي اللّغُة أنفسهم، ويكاد يُعفى من ذلك غيرهم من المعلّمين. كأنما اللّغُة مجرّد موضوع من موضوعات الدراسة، وليست أداة لتعلّم الموضوعات الأخرى جميعها.
ومع الخطأ في فهم العلاقات بين الموضوعات المدرَّسة عامّةً، وأثر ذلك في المسالة التي نعالج، إذ ينبغي مراعاة ما بينها من التداخل والترابط وصولاً إلى مبدأ وحدة المعرفة - أقول: فإنه خطأ لا يُغتفر بالنسبة إلى اللّغُة القوميّةَ، حيثما أريد لها أن تكون أداة التعلّم الرئيسة، مع ما تشتمل عليه من خبرات إنسانية، وما فيها من فكر ووجدان وعمل تتغلغل في شؤون الحياة العامة.

 

دور المركز التربوي في تعلّمُ العربيّةَ
بعد هذا العرض المُسْهَبِ نقول: إنّ الخوضَ في اللّغُة هو خوض في العالَمِ، لأنّ من يمتلك ناصيَةَ اللّغُة، يصبح قادرًا على أن يصنعَ شكلاً أو أكثر، من أشكالٍ لا تُحصى لهذا العالمِ، أيْ منجزاتِ الحضارة العالمية.
ولكن ثمّة أسئلة كثيرة تتصل باللّغُة العربيّةَ، وبعضها حافل بالقلق، نطرحه ونناقشه، متفكّرين في كيفيّة تعلّم هذه اللّغُة، وتمكين المتكلمين منها، ابتغاء رعايتها واستمرار إبداعاتها للأجيال المتعاقبة.

إنها دون شكّ لمهمّة خطيرة! ولا بدّ لنا من البحث الدائم عن السبل والوسائل التي من شأنها أن تساعد في تحقيق مبتغانا، بأن يتقن من أعمال الفنّان سمير الصايغ. أبناؤنا لُغتهم الأم، وأن يَرَوْا أنفسهم في مرآتها وهذا الأمر في غاية السهولة إذا ما عرفنا أن نحدّد صعوبات تعلّمُ العربيّةَ، وأن نأخذ بالشروط الكفيلة بتعلّمها.
إزاء واقع اللّغُة هذا، انطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء عند إعداد مناهج اللّغُة العربيّةَ من مبدأ أساسي قوامه أن اللّغُة العربيّةَ هي مورد الفكر والتعبير، وعليه فإنّ تعلُّمها قراءةً ومحادثةً وتحليلاً وتعبيرًا، يوظّفِ قدرات المتعلّم ومهاراته في علاقاته بالغير والتواصل معه، ذلك أن التمرّس بهذه اللّغُة، من خلال نصّ أدبيّ أصيل أو نصّ نقديّ موضوعيّ ينمّي الحاسّة الفنيّة عند المتعلّم ويغني استعداداته النقديّة المعلّلَة والسليمة. فإن احتاج إليها كانت حالاً، وإن استغنى عنها كانت جمالاً. ثم إنّ الكتب المدرسيّة التي أصدرها المركز التربوي هي تجسيدٌ حيّ وملموسٌ للمناهج الجديدة العائدة لمادّة اللّغُة العربيّةَ، حيث تتناول نصوصًا أدبيّة وتواصليّة سهلة وواضحة، بعيدة عن التعقيد الفكري والتقعّر اللّغُوي، مستمدّة من محيط المتعلّمِ وبيئته، ومن الثقافة الأدبية العربيّةَ، بحيث تنمّي قدراته الفكرية والسلوكيّة وتعزّز لديه القيم الروحيّة والأخلاقيّة وتشرّعِ في وجهه أبواب الآداب العالمية الواسعة، فيغتني محصوله الثقافي ويتعزّز ميله إلى المطالعة البنّاءة. أمّا من الناحية التقنية وأسسها المعتمدة لتنسيق الموضوعات وعرضها بشكل تدرّجي وفق محاور متنوّعة في كلّ مرحلة أو حلقة، فقد أكسب النّصوص ثروة تغذّى بها مكتسبات المتعلّم اللّغُوية وتدرُّجه الفكريّ، من السهل إلى الأقل سهولة، مع مراعاة التوازن بين وظيفة اللّغُة التواصليّة الإبلاغيّة والإبداعيّة الفنيّة والالتفات إلى القواعد الوظيفيّة في النصوص والتعبير وعدم الاكتفاء بالموضوع الإنشائي وتجاوزه، إلى التمرّس بتقنيات التعبير الشفهي والكتابي. هذا وتتقاطع أو تتكامل موضوعات النصوص مع بعض الموضوعات في مواد أخرى كالاجتماعيات والعلوم والتكنولوجيا، تأكيدًا لأهميّتها في الحياة، من دون اصطناع أو تصنّع، من أجل تكوين الرأي واتخاذ الموقف السليم منه.
هذا إلى جانب قراءة اللّوحات الفنية والصور والرسوم التي تزيّن صفحات الكتب، كوثيقة من الوثائق وليس كأداة زينة، فضلاً عن كيفية استعمال المعجم رغبة في الكشف عن الكلمات الصّعبة ومعرفة معناها الصحيح وإدراك مفهومها، وهي خطوةٌ أساسية نحو البحث.
أمّا في ما يتعلّق بطرائق التدريس فلقد ركّزت المناهج بشكلٍ عام ومناهج اللّغُة العربيّةَ بشكلٍ خاص على الطرائق الحديثة النّاشطة والفعّالة، وروعيت في تحديد خطوات الدروس على مستوى المضامين والتوجهات والأهداف في فروع اللّغُة العربيّةَ.

 

استراتيجيّاَت تعلّمُ العربيّةَ
ومن أجل تطبيق هذه الطرائق طُلِبَ في المناهج على أن يتمّ تعلّم اللّغُة العربيّةَ على أنّها وحدة مترابطة ومتكاملة في فروعها، واعتمد لذلك نظام الوحدات، كل وحدة تركّز على محور القراءة، فتتدرّج وتتكامل بحسب التدرّج الآتي:

  1. ١الأهداف التعلميّة من معارف ومهارات ومواقف، وتُحدّدَ أوّلاً لتقود عمليّة التعلّم في خطّها الصحيح. وهي تتناول ما تتناوله الأهداف المعرفيّة والذهنيّة والاجتماعيّة والتربويّة، والحركيّة واللُّغويّة التعبيريّة...
  2. الوسائل المعينة والأنشطة المرتبطة باستخدامها أوّلاً في التمهيد للدّرس أو التشويق، ثم ثانيًا في أثناء الدرس كما في امتداداته اللاحقة.المطبعة الأولى في لبنان
  3. المحادثة التمهيديّة أو الموطّئة التي تستثمر المكتسبات السابقة سبيلاً إلى الدخول في الموضوع وطرح المطبعة الأولى في لبنان.الإشكاليّة التي تخلق الحافز.
  4.  القراءة بنوعيها الصّامتة والجهريّة.
  5.  المحادثة التحليليّة التي ترتبط بالنص في دراسة الأفكار والأسلوب والبنية والمفاصل والمقارنة والمفاضلة والنقد والتقييم...
  6.  التطبيقات العملية شفويّاً وكتابيّاً من خلال تمارين متنوّعة ومتدرّجة في التحليل والتركيب.
  7.  القواعد والإملاء وتدريسهما في الحلقة الأولى يتمّ حدسيّاً بالمحاكاة من خلال دروس المحادثة والقراءة وتمارين التعبير. أمّا في الحلقات الأخرى فتنطلق دروس القواعد من النصّ المقروء وتوظّف في التعبير، وتكون في جميع الأحوال دروسًا وظيفيّة.
  8. اعتماد الفصحى لُغة التخاطب والنّقاش، ولاسيّما في الصفوف المتوسّطة والثانوية.
  9.  إصدار أدلّةَ التقييم ورفع كفاءة المعلّمين

ولقياس مدى عملانيّة الطرائق التربوية جميعها أصدر المركز التربوي أدلّة التقييم لجميع المواد بما فيها اللّغُة العربيّةَ، وعلى المستويات التعليمية جميعها (التعليم الأساسي والثانوي) وقد بُنيَ هذا الدليل على أساس نظرية التواصل في علم الألسنيّة، ووزع على مجالَي التواصل الشفهي والتواصل الكتابي. كذلك أنشأ المركز التربوي جهاز التّدَريب المستمرّ الذي يهدف إلى رفع كفاءة المعلّمين وتجديد خبراتهم ومساعدتهم على مواجهة الظروف التعلّميّة المتحرّكة والعمل على التكيّف بصورة أكثر مرونة ودقّة مع حاجاتهم المتنوّعة.

الحاجة إلى تطوير المناهج

هكذا نجد أنّ المناهج الجديدة بشكل عام ومناهج اللّغُة العربيّة، التي أعدّهَا المركز التربويّ،ُ على وجه الخصوص، قد خطت خطوات نوعيّة من حيث النظريّة والممارسة والتطبيق، لكنّها تحتاج إلى تعديل بعض محتوياتها وتصويب مسارها، وذلك بالإفادة من مراجعة ما اكتشف فيها من ثُغر في مرحلتها التجريبيّة الأولى،وهذا ما نصّت عليه خطّة النهوض التربويّ. وبالفعل فقد قام المركز التربويّ بتطوير مناهج الحلقة الأولى من التعليم الأساسيّ، معتمدًا مبدأ التربية التكامليّة، حيث تكون اللّغُة موضوع عناية عند تدريس سائر المواد التعليميّة، أي تعلّمُ هذه المواد من خلال دروس اللّغُة المختلفة، فيُزوَّد التلامذة انطلاقاً من دروس اللُّغة بكفايات لها علاقة بمواد العلوم والاجتماعيّات، ومختلف أنواع الفنون الجميلة.
ومن ميزات هذه التربية أيضًا تخفيف الحقيبة المدرسيّة، بحيث يتمّ فيها اعتماد ثلاثة كتب فقط: لُغة عربيّةَ، لُغة أجنبيّةَ، رياضيّات.

 

التحدّيات المرتقبة
نخلص إلى القول إن اللّغُة العربيّةَ اليوم أمام تحدّيات تعليميّة وحضاريّة، تملي علينا تطوير برامج تدريسها، والعمل على تطوير الآليات التربويّة، بحيث نوثّق علاقة أبنائنا باللُّغة العربيَّة، فيحبّونها ويقبلون عليها تعلّمًا واستزادة، قراءة وكتابة، وسيلة تعامل وحوار وإبداع، فنستعيد زمن النتاجات العلميّة وإنجازاتها الزّاهرة في الحضارة العربية.
إنّ لبنان المنفتح على الحضارات والثقافات العالميّة من منابعها اللّغُويّة مطلوب بقاؤه أكثر من أي وقت صلة الوصل المرتجاة بين عالمه العربي والعالم.
وحيث إنّ لبنان لسانٌ عربي، واللّغُة العربيّةَ ثقافة التزام حياتي، فعلى اللبنانيين أن يعملوا وفق هذا المفهوم ليكون لبنان أكثر استقرارًا ونموًّا وازدهارًا.
من الأصالة اللبنانية علينا أن ننطلق في دراسة اللّغُة العربيَّة، هذه اللُّغة التي استفاقت على أيدي الروَّاد اللّبَنانيين، علينا تحديد ما تعانيه هذه اللّغُة من صعوبات في ''تعلّمُها'' لننطلق بعد ذلك إلى تطويرها والمساهمة في نهضتها والعمل على استنهاض التلامذة لمواصلة رسالة لبنان الحضارية، واللّغُة العربيّةَ أساس في هذه الحضارة
.