توقيعُ ولاءٍ للبنان - بطاقة تقنيّة في مادّتي الأدب والتربية الوطنية
نبذة عن البروفسور منيف موسى
من مواليد بلدة الميّة وميّةَ (قضاء صيدا). أستاذ وناقد وشاعر ونحّات يحمل عدة شهادات دكتوراه. له عشرات المؤلفات الأكاديميّة والمجموعات الشعرية. تُرجم شِعره إلى اللغتين الفرنسية والإنكليزيّة. أستاذ زائر في جامعات وطنيّة وأجنبية. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات في لبنان والعالم.
المجلة التربوية
توقيعُ ولاءٍ للبنان
لبنان خُلد الخلود، موطن بِكْر، ضمّات تاريخ من أمجاد. أنت الجمال، لك في الحروف لَون، أبهى ما فيها لونها الأخضر.
أنت حرف من صيدون، وكتابٌ من جبيل، وشراع من طبرجا، وضربة مجذاف من صور. تحمل إلى البعيد البعيد، وإلى القريب القريب انفتاحًا جديدًا وحروفًا نزعتَها من صميمك هي للإنسانيّة نبراس حضارة ونور هداية.
لبنان، أنت حلم العذارى، وأنشودة التاريخ في بال "تمّوز"... أنت الجمال على إطلالة عشتروت، وبك قوّة ومحبّة في طلعة "أدونيس"... أنت أسطورة تدحرجتْ حروفها من عرش الشمس، وحبّات نور من القمر، فجاءت حقيقة واقعيّة في جبل مُلهَم وتيار فكر من شعر "عبقر".
لبنان أنت في الوادي المقدّس، وعلى أدراج “أفقا”، وفي شلالات "قاديشا" و "جعيتا" أنغام سَمفونيّة الجمال على قيثارة ربّة الشِّعر والفنّ.
أنت لحن الأزل في نشيد الأناشيد. بك تجسّدت ملاحم أجدادنا. ومنك حكمة شعب وديمقراطيّة سلام في مسيرة الأمم!
أنت الكمال يا لبنان، في هيكل التاريخ. من جبالك تدفّق الفكر شعاعات نور في حقل المعرفة. تعطى ما تعجز عنه أصابع الزمان، بوركتَ علَم الحرف تبشّر ببشارات الحضارة، من عندنا. من أنامل الحوريّات، أنت نسيج يدي إلهة ارتضت أن يكون سلّم بيتها من لبنان. فسكنتْ جبل الرب، وأطلقت حنجرتها الذهبيّة النغم. أغنية الأرز فوق وهاد سحيقة في محراب قدسك عند أقدام وادي الجماجم، فكانت سحرًا وروعةً وأخذًا.
فوق قممك الشمّاء نجمةٌ لا تغرب عن سمائها الحلوة، وفي حفنات ترابك المقدّس، يا وطن الإباء، زهور يانعة وشلوح زنبق وسوسن وعنبر تزيدك بهجة وجمالاً... وبأرضك المعطاء انتصب الأرز والسنديان والشربين، فكان منها هيكل على اسم الرب... منك يا لبنان، انطلق عمالقة الحرية، قُدّتَ سواعدهم من جلاميد صخورك، فكنتَ نبوغ "فنّان" أعطى لك روح الانطلاق.
اللازَوَرْد، ولآلئ المَرجان، والأرجوان، منك يا بلادي، تحملها غصون الأرز فوق أمواج بحر الحضارة، تدفعها أشرعة الفكر من شواطئنا كِبْرًا وتِيهًا وعظمة.
لبنان، أنت صنو لله في شرع العلاء في كماله، ولله محبّة، وأنت محبّة في كتب الأنبياء. وفي مجامر قدس محراب الجمال، يتعالى بخورك طيوبًا يعطّر الدروب، أمام العذارى وهنّ ناشدات نشيدك السرمديّ فوق هامة التاريخ.
منك يا بلادي انطلق أوّل إنسان يبني الدنيا، أنتِ الدنيا في سِفر الخلود!
لبنان، أنت الأخيلة الفتيّة التي تنبض بالشباب، والتي تحمل الرسالة اللبنانية إلى العالم.
بوركتَ يا بلد العطاء، بوركتَ مزارًا يَؤمّهُ كلُّ مُحبّ للجمال. بوركتَ كرسيّ مجدٍ وعرش ألوهة، بوركتَ بيتًا للفصحاء!
بوركتَ يا لبنان، يا وطني العظيم!
البروفسور منيف موسى
الهدف التَّعليمي : إدراك التّلامذة معنى الوطنيَّة وقدسيّتَها المدّة : حصّتان (50 د. للحصّة الواحدة)
المستوى: الصفوف الثانوية الوسائل التعليميَةّ :نصّ توقيع ولاءٍ للبنان
1- الموضوع: دراسة تحليليّةَ لمفهوم الوطنيّةَ من خلال النّصَ.
أ – قدسيّة الوطن تتوافر في فِقَر النّصَ كلّها:
- لبنان خالد، هو موطن التاريخ والمجد. وطن الاخضرار الدائم، فأرزه رمز هذا الاخضرار، لذلك وَضَع اللبنانيّون الأرزة في صدر علمهم، رمزًا للخلود والديمومة.
- لبنان وطن الجمال، ساحلاً وجبلاً، سفوحًا وهضابًا، وسهولاً وأودية.
- لبنان بلد الحضارة والحرف والعِلْم .. منه انطلق قدموس يعلّم العالم الأبجديّة وفيه كانت أوّل مدرسة حقوقيّة للشرائع في عاصمته بيروت ... وفينيقيا "لبنان قديمًا" موطن السلم والديمقراطيّة.
وسفن لبنان عبر التاريخ أنشأت مستعمرات تجاريّة وتعليم. ولم يكن لبنان في تاريخه بلد حرب، بل بلد سلام.
* يناقش المعلّم هذه القضايا ويبيّن دور لبنان الحضاريّ في مختلف دروب الحضارة وأنواعها، ليتوصّل مع التّلامذة إلى إبراز رسالة لبنان الوطنيّة والعالميّة عبر مفهوم الوطنيّة الصحيحة الصادقة في خدمة الوطن ودوره الرّياديّ.
ب - يطلب المعلّم إلى التّلامذة تبيان دور الشّباب المقيم والمنتشر في تعريف لبنان إلى العالم في بلاد الانتشار اللّبُنانيّ واستقطاب الشُّعوب تجاه لبنان. وذلك عَبْر التذكير بأنّ:
- لبنان بلدّ مُقدّس جميل مسالم هَمُّه العِلْم والمعرفة والسلام وقد ورد ذكره في الكتاب المُقدّسَ 70 مرّة. وورد ذكر الأرز 75 مرّة. مثلما وَرَد ذكرُهُ في حديث نبويّ حيث ورد: “ أنّ رسول لله (ص)، قال: أربعة جبال من جبال الجَنّةَ، قيل: يا رسولَ لله: فما الأجبل؟ قال: جبل أُحُد يُحبّنُا ونحبّهُ، والطّوُر جبل من جبال الجنّة، ولبنان جبل من جبال الجنّةَ. (والجبل الرَّابع ساقط من هذه الرّوِاية في جميع النّسُخ).
ومن هنا قال كاتب النّصَّ: "لبنان، أَنْت صنو لله في شرع العلاء في كماله. ولله محبّةَ. وأنْتَ محبّة في كُتُبِ الأنبياء ...إلى "منك يا بلادي انطلق أوّل إنسان يبني الدّنُيا، أنتِ الدّنُيا في سِفْر الخلود".
لذلك على الشّباب اللّبنانيّ مقيمًا ومغتربًا القيام برسالة لبنان في مختلف الميادين. فالولاء للوطن يعني الانتماء روحيّاً وفكريّاً وجسديّاً إليه والعمل في سبيله والجهاد من أجل عزَّته وسيادته وكرامته واستقلاله. وهذه من أهم مرتكزات "الوطنيّة".
ولذا قال المؤلّف "لبنان أنْتَ الأَخْيَلة الفتيّة التي تنبض بالشَّباب، والّتي تحمل الرسالة اللبنانيّة إلى العالم".
- "الوطنيّة" تعني الإبداع، والعمل والعطاء والبذل والعلم والإسهام في حركة الحضارة الإنسانيّة. ومن هنا قال الكاتب: "بُوركت يا بلد العطاء، بُوركت مزارًا يؤُمّهُ كلُّ مُحبّ للجمال، بُوركت كرسيّ مجدٍ وعرش أُلوهة،بُوركت بيتًا للفصحاء”.
ج – "والوطنيّة" تعني أيضًا الاندماج بالوطن والتماهي فيه. فالوطن كيان، والمواطن كيان. لذلك كانت الطبيعة مظهرًا من مظاهر التغنّي بالوطن، حيث الجمال مجسّد في: "إطلالة عشتروت ... وقوة أدونيس ومحبّتَه ... وعرش الشَّمس ... وحبّاَت نور من القمر ..." فكان لبنان جبلاً ملهمًا .
وليعزِّز المؤلّفِ فكرة "الوطنيّة" جمالاً، يعمد إلى ذكر بعض جمالات الطبيعة المتمظهرة في الأزهار والأشجار والنباتات: "... في حفنات ترابك المُقدّس، يا وطن الإباء، زهور يانعة، وشلوح زنبق وسوسن وعنبر تزيدك بهجةً وجمالاً ... وبأرضك المعطاء انتصب الأرز والسنديان والشربين..."
2- تحفيز التّلَامذة على التعلّقُ بالوطن من خلال أسلوب الكاتب:
أسلوب الكاتب أسلوب أدبيّ وجدانيّ يرتكز على معطيات تاريخيّة وحضاريّة وعلميّة هي من صفات الوطن اللبنانيّ وسماته الأصيلة.
جاء الأسلوب متينًا رشيقًا جميلاً واضح الجمل والمفردات والتعابير، على إيقاع متوازن من دون إطناب. حيث تُشكِّل فواصل الجمل الرَّنّةَ الموسيقيّةَ في بناء الفِقَر. فجاءت بِنِية النّصَّ الأدبيّة بِنية فنيّةَ تألفها العين والأُذن، فلا سَرْدَ في النّصَّ يثير الملل. ولا غموض مُنغلقًا على الفهم. ونلاحظ فيه الدّقِة في استعمال الألفاظ للمعاني من أجل جماليّةَ الصُّورة الأدبيّةَ الفنيّة. فظهر لبنان من خلال النّصَّ وطنًا عظيمًا جميلاً كأنّه لوحة رسّام ماهر، أو قطعة موسيقى من عازف عبقريّ. فتأمّل قول الكاتب: "لبنان أَنْتَ ... أنغام سمفونيّة الجمال على قيثارة رّبّةَ الشِّعْر والفنّ".
٣ – وفي بلاغة الكاتب صُوَر بيانيّة وبديعيّة مختصرة، مكتنزة، من حيث التّشابيه والاستعارات والكنايات والمقابلات. والملاحظ غياب أدوات التشبيه ووجوهه، حيث يدخل المؤلف في حيّز المجاز والرمز، على أناقة فنيّة بلاغيّة. فنجد هَمّ الكاتب من خلال أسلوبه "هَرمونيّة" الحواس الخمس جميعًا مشاركة في العمليّة الكتابيّة الفنيّة. باعتبار أنّ النّصَّ كيان بنائيّ فنيّ متكامل هو صورة عن صاحبه. الغاية الفنيّة البعيدة في الأسلوب هنا "جماليّة النّصَّ الأدبيّ" لأنّ الأدب فنّ وجمال .. فجاء نصّ البروفسور موسى بأسلوب سهل ممتنع يقدّم مفهوم "الوطنيّة" بطريقة سائغة لا تعقيد فيها ولا نفور. بل هي أيضًا طريقة محكمة الأداء. حيث جاء النّصَّ عمارة فنيّة جميلة قريبة من الذّوَق الجماليّ الأدبيّ. فكانت "الوطنيّة" موضوع النّصَّ صورة بهيّة جميلة كلبنان.
4- يكلّف المعلّم التّلامذة كتابة نصّ شبيه بالنّصّ المدروس يتناول (حسب اختيار كل تلميذ) :
أ - واجبات المواطن تجاه الوطن.
ب- الواجبات المتبادلة بين الدّولة ومؤسساتها والمواطن.
ج- مفهوم السّيادة والاستقلال.
أو : في الِفقرَة من "منك يا بلاديِ..... الرسالة اللبنانية إلى العالم" يطرح الكاتب قضية الانتشار اللبناني في العالم وتحفيز العالم إلى زيارة لبنان.
ما رأيك في موضوع الهجرة : سلبياتها وإيجابياتها.