المدرسة المرحّ بِة مفهوم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم
المدرسة المرحّبِة
مفهوم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم
المدرسة بيئة اجتماعية يندمج الجميع داخِلها ويفيدون من
تعايشهم معًا
شهدت نهاية القرن العشرين تحّوُلاً في مفهوم التربية المختصة، من النموذج الطبي أو النموذج التشخيصي - العلاجي للتربية المختصة، الذي يركَّز على التعرُّف إلى المشكلة ويحدّدَ وسائل التأهيل والعلاج المناسبين لها، إلى النموذج التربوي أو النموذج التعليمي الذي يُبنى على مصادر وقدرات الفرد نفسه ويركز على الإمكانيات وليس على القيود... و ينظر إلى المدرسة كبيئة اجتماعية يندمج في داخلها الجميع ويفيدون من تعايشهم معًا.
ينطلق مفهوم الدمج من التربية الخاصة التي تهتمّ بتأمين البيئة التعليمية الأقل تقيّدًا والتي توفَرّ للتلامذة من ذوي الاحتياجات الخاصة قدرًا كبيرًا من الحرية بحيث يتمكّن التلميذ من أن يعيش بشكل طبيعي يتوافق مع قدراته وإمكانياته وحاجاته الخاصة وذلك بحسب القانون 220 المتعلَقّ بحقوق الأشخاص المعوّقين في لبنان، الوارد في المرسوم رقم 1834 والصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 حزيران 2000 . وقد قضى القانون رقم 220 المتعلّق بحقوق الأشخاص المعوّقين في لبنان (القسم السابع)، المادة 60 تحت عنوان "الانتساب إلى المؤسّسات التربوية" بأن "لا تشكَّل الإعاقة بحدَ ذاتها عائقًا من دون طلب الانتساب أو الدخول إلى أية مؤسسة تربوية أو تعليمية، رسميّة أو خاصة، من أي نوع كانت". كما أقرّت المادة 62 الحق في تأمين الشروط الفضلى التي تسمح بالمشاركة في الحصص التعليمية والامتحانات الرسميّة كافة. وهذا ما ينسجم مع إعلان التعليم للجميع، ومع ما أُطلِق في دكار في خلال المنتدى العالمي للتربية العام 2000، ومع ما توصّلت إليه التوجهات التربوية في العالم، التي تدعو إلى دمج التلامذة من ذوي الاحتياحات الخاصة في الصفوف النظامية.
من هذا المنطلق فإن الدمج يعني أن تتحمل المدرسة:
- مسؤولية أخلاقية تتحق من خلالها تأمين فرص المساواة والإنصاف لجميع التلامذة مهما اختلفت احتياجاتهم.
- تزويد كل التلامذة بالمعارف نفسها لكي يتعلّم المُدمَج مع أقرانه في بيئة تربوية طبيعية متكاملة يتم فيها إثراء خبراتهم التعليمية.
- إيجاد بيئة طبيعية في الصف وفي المدرسة كي يتعلّم التلامذة من بعضهم بعضًا، وزيادة إحساسهم بالعناية بعضهم ببعض وتكوين اتجاهات وقِيَم مجتمعيّة مفيدة.
وبذلك فإنّ جميع التلامذة يجب أن يكونوا جزءًا من المسار الطبيعي والعادي تربويّاً واجتماعيّاً ومهنيّاً. تتم عملية الدمج وفقًا لإجراءات التقويم والتشخيص الضروريتين لتحديد نوعية ودَرَجة الصعوبات التعلّمية ودرجتها، على اعتبار أن المعيار الأساس للتشخيص هو التباين بين مستوى الأداء الفعلي للتمليذ والمستوى المتوقّع عبر تطبيق اختبارات ومقاييس الذكاء والاختبارات التحصيلية المقنّنَة، واختبارات خاصة لتشخيص أنواع مختلفة من "الإفراط الحركي وضعف الانتباه، والتوحّدُ، واختبارات خاصة لمرحلة التدخًّل المبكر من سن الولادة حتى سن الثالثة".
ولمواكبة الاحتياجات الفردية لكل تلميذ يتم إعداد الخطة التربوية الفردية وتعديل المنهج وطرائق التدريس. والتعديلات يجب أن تنصب على أنواع التكييف التي يتبعها المعلّمون لتوفير وسائل ومستويات من الدعم الذي يحتاجه التلامذة لإنجاز مهمة أو مهارة معيّنة، والتي لن يتوصلوا إلى تحقيقها من دون هذا الدعم بسبب الاحتياجات الفردية. ومن الممكن أن تكون هذه التعديلات من ضمن البرنامج اليومي أو آنية، قصيرة أو طويلة الأجل، فردية أو ضمن مجموعات صغيرة، وينقسم التعديل إلى:
- تعديل في محتوى الدروس.
- تعديل في شكل أو طريقة عرض الدرس.
- تعديل في أسئلة الامتحان.
إن نسبة دمج التلامذة في الصفوف مرتبطة بنسبة التعديلات الأكاديمية لمنهج التعليم. كلّما كان التعديل أقل كانت نسبة تواجدهم في الصفوف العادية مرتفعة، حينئذٍ يحظى هؤلاء التلامذة باهتمام أكبر خارج الصفوف وداخل المدرسة. ففي مرحلة الروضة والمرحلة الابتدائية الأولى يكون الدمج محدودًا، أما في المراحل العليا فقد تتراوح نسبته بين الثلاثين والخمسين بالمئة.
وبالإضافة إلى التعليم الأكاديمي النظامي، يقوم الدمج على تقديم الخدمات المساندة من علاج نطق، علاج حِسّ- حَرَكي، وعلاج طبيعي، خدمات الصحة النفسية... إلخ ويقوم بتقديم هذه الخدمات المعالجون الأخصائيون بشكل فردي أو ضمن مجموعات. ويختلف توفير هذه الخدمات بحسب الحالات الفردية للتلامذة، على أن لا تقلّ عن مرّتين في الأسبوع وتتراوح مدة الجلسة بين 30 و 40 دقيقة.
أخيراً نقول:
إن التلامذة من ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني وكل واحد منهم هو كأي إنسان في هذا الوطن.... يحملون اسمه ويتنشقون هواءه ويحترمون وجوده..... ويسهمون في حفظ تاريخه وبناء مستقبله.... بالعقل.... بالساعد... وبالوجدان... إلا انهم وهم يخطون سبيل المستقبل على مقاعد الدراسة يحتاجوننا.... يحتاجون إلى دعمنا، ومساندتنا حتى نزيل العقبات التي تؤخَّر وصولهم إلى الهدف بشكل طبيعي... لذا علينا أن نتذكر أنّ قدرة الأطفال الكامنة في ذواتهم ليست من اختيارهم ... معًا لكي نعطيهم الفرصة.