الانترنت والأطفال بين الفوائد والمحاذير

غريس صوان مدربة معلوماتية - المركز التربوي للبحوث والإنماءالإنترنت والأطفال

بين الفوائد والمحاذير

 

مع تطوّر الطبيعة الديناميكيّة والتفاعليّة للإنترنت لم يعد هناك أيّ خلاف حول أهميّة شبكة الإنترنت وفوائدها الجمّة في مختلف الحقول ولمختلف الأعمار لاسيما وأن المدارس بدأت تلحظ ضمن مناهجها الدراسية مادة المعلوماتية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسيلة تعليمية/ تعلّميّة مهمّة ومعاصرة مستمدة من بيئة التلميذ الاجتماعيّة.

لذا سوف تتناول هذه المقالة تأثيرات كل من الاستخدام الجيّد والاستخدام السيّئِ للإنترنت في الأطفال والمراهقين، بُغية تأمين بيئة أكثرسلامة وأمانًا لهم على الشبكة، من خلال العمل على تثقيفهم وتوجيههم بين دهاليز هذا العالم الشاسع المسمّى الإنترنت، ومعرفة متى يجب وضع الحدود الفاصلة وفرض القيود الآمنة لحمايتهم من الاستخدام السلبي والمنحرف لها، وكذلك لتقييم مدى استفادتهم منها وتشجيعهم على استغلالها بطرق إيجابية تساعد على تنمية معارفهم ومهاراتهم وتوسيع خبراتهم.

 

فوائد الاستخدام الجيّد للإنترنت على الأطفال:

يستخدم الإنترنت أكثر من ملياري شخص حول العالم  لغايات متنوعة منها اكتساب المهارات، التجارة، التسوّق، تبادل المعلومات، التسلية والترفيه، تتبّع الأخبار والتواصل. وإنّ اقبال الأطفال على استخدام الإنترنت يتميّز بمرونة وحماس أكثر منه لدى الكبار، فالطفل لديه فضول بطبيعته وهذه الأداة ترضي فضوله لما تُوفّره له من ألعاب ومعلومات.

تُعتبر شبكة الإنترنت مصدرًا غنيًا للحصول على المعلومات والمعارف، وهي عبارة عن أداة تعليمية محفّزة ومسلّية للأطفال، حيث يمكن مشاهدة المعارف المفيدة وتعلّمُها وحلّ المسائل من خلال الألعاب والبرامج التثقيفية والشبكات الاجتماعية، ناهيك عن كونها مصدرًا للتواصل بين الأشخاص ما يوفّر فرصًا للتعلّمُ من طريق تبادل المعلومات والمعارف والأفكار وإمكانية عرض التساؤلات على عدد كبير من الخبراء والباحثين في مختلف المواضيع التي تتصل بالمقررات الدراسية.

وتخلق الشبكة جوًا من التفاعل والمشاركة بفضل ما توفّره من وسائل للتواصل الاجتماعي مع الأقران والأصدقاء والعائلة داخل أو خارج النطاق الجغرافي الذي يعيش فيه الطفل عبر البريد الإلكتروني والرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية وغيرها...

كما تنمّي مهارات البحث، التحليل، الاستنتاج، التفكيرالنقدي، الإنتاج الإبداعي والقدرة على التفكير السليم والتعلّم الذاتي من خلال أساليب البرمجة التي تتّسم بالمنطقية والتخطيط السليم من جهة وما تقّدمه من مواضيع ومعلومات وبين ما يكتشفه الطفل بنفسه من جهة أخرى، إضافة إلى تنمية مهارات استخدام الحاسوب في المشكلات والمواقف التعلّميّة، كما تخلق هواية المطالعة لدى الطفل وتحسّنِها بفضل احتوائها على عدد لا منتاهي من المواقع ذي النوعية العالية، التصميم المميّز، والمثيرة للاهتمام والفضول، ما يجعل من تصفّحها مصدرًا للتمتع والتسلية واكتساب المعرفة.

تؤمّن الشبكة أيضًا بيئة تعلّم محفّزة ومثيرة للطلاب مستمدّة من واقعهم الاجتماعي اذ تُشركهم في التعبير عن آرائهم من طريق الشبكات الاجتماعية والمدوّنات ومنتديات المناقشة التي توفّر لهم إمكانية التدوين عن مواضيع اهتماماتهم ومناقشة القضايا ووجهات النظر والمشاركة في طلب المشورة وتقديمها.

 

سلامة الأطفال على الإنترنت:

بما أنه لا توجد ضوابط في هذا المحيط، فيمكن أن يتعرض المستخدم للمضايقات وفي بعض الحالات يؤدي الاستخدام الخاطئ للإنترنت إلى حصول ضرر.

وهنا لابدّ أن نفهم حسنات استخدام الإنترنت ومساوئه ومناقشتها مع أطفالنا، ومتابعة بعض المبادئ التوجيهية، لكي يستمتعوا بتجربة أكثر أمانًا وسلامة على الإنترنت.

يمكن تقسيم سلامة الأطفال على الشبكة إلى أربعة أنواع:

1- السلامة الجسدية: وتشمل السلامة من كل تعرّض لأذى وعنف جسدي مثل:

التحرّش بالأطفال:

في أثناء تصفّحُ الإنترنت، يقوم الأطفال، ولا سيّما من هم في سن ما قبل المراهقة أو المراهقة، بتكوين صداقات والتعرف إلى أشخاص جدد من خلال الشبكات الإجتماعية مثل Facebook وغرف الدردشة (Chatting room) والمراسل الفوري (Instant messenger) المثيرة بالنسبة إليهم، وذلك بسبب سمة التخفي والسرية التي تتمّيز بها وميلهم إلى عنصر المغامرة التي تُعتبر جزءًا من عملية النمو التي يواجهها الوالدان في الجوانب كافة المتعلقة بسلامة الطفل بما فيها الإنترنت، لذا منهم لا يتوانون عن التحّدُث مع أشخاص غرباء قد يكونون منحرفين، وقد يؤدي الاتصال المباشر بين الطفل والغريب على الشبكة إلى الكشف عن معلومات قد تُعرّضه أو تعرّض أسرته إلى خطر شخصي وأحيانًا يتم إغراء هؤلاء الأطفال للالتقاء بهم خارج الفضاء الافتراضي.

يمكن للقاءات من هذا النوع أن تهدّد سلامة الطفل، فالمتحرّشون بالأطفال يستخدمون بشكل خاص غرف الدردشة والمنتديات وبرامج المراسلة الفورية لكسب ثقة الطفل، لانتزاع معلومات شخصية عنه بطرق ماكرة، ولترتيب لقاء معه وجهًا لوجه بهدف الاستغلال الجنسي.

علامات تنبّهِ بأن الطفل يتعرَّض للاستدراج من قبل متحرّشِ:

  • الاضطراب والسرّيّة التي يُظهرها الطفل عندما تفاجئه وهو يستخدم الإنترنت مثل: غلق الشاشة إذا ما اقتربت منه فجأة أو أي سلوك آخر يدلّ على أنه لا يريدك أن تعرف شيئًا عن أنشطته على الشبكة.
  • تمضية الكثير من الوقت في غرف الدردشة.
  • القيام باتصالات هاتفية وتلقّيِ اتصالات أو رسائل نصيّةَ من أرقام غريبة لا تعرفها.
  • تلقّيِ بريد أو طرد من خارج البلاد أو من أشخاص غرباء.

على الطفل أن يفهم أن المسألة ليست مسألة مراقبة ولا مسألة ثقة وإنما هي مسألة اهتمام بسلامته فحسب، شأنها شأن منعه من قيادة الدراجة في أماكن خطرة.

 

2- السلامة النفسية: وتشمل السلامة من المضايقات والتهديدات والتعرُّض لمحتوى مزعج مثل:

أ- التعرُّض إلى محتوى غير لائق:

إن محتوى الإنترنت غير خاضع للرقابة تمامًا، لذا يمكن أن يتعرض الأطفال إلى محتوى غير لائق بسبب انتشار محتويات إباحية، عنصرية، عنيفة، مشجعة على الانتحار وتعاطي المخدرات والكحول ومروّجة لعلاجات ومستحضرات مضرّة بالصحة وغير معترف بها طبيّاً، بالإضافة إلى البيع غير المشروع للأسلحة والبضائع المسروقة والمخدّرات، والعثور على أنواع خطرة من المعلومات التي تشجع على تحضير المخدرات وتعاطيها من خلال استخدام الكحول، أو معلومات حول إعداد المتفجرات وذلك عبر المواقع الإلكترونية، البريد الإلكتروني، غرف الدردشة، الرسائل الفورية والمنتديات.

هناك الكثير من الأساليب التي تهيّئِ لحماية الأطفال من التعرّض للمواقع غير المرغوب بها مثل المواقع الإباحية وغيرها من المواقع غير المناسبة، ومن هذه الوسائل نذكر البرامج التي تتيح رقابة أبوية على الإنترنت والتي تُستخدم لمنع برامج ومواقع معينة وصدّهِا.

ب- المضايقة والابتزاز:

قد يتعرّض الأطفال إلى محتويات مزعجة، مهينة، محرجة أو عدوانية في رسائل البريد الإلكتروني أو في غرف الدردشة، وتتحوّل هذه المواقع إلى أماكن خطرة إذ لا يمكن أن نعرف هوية جميع المشاركين في المحادثة، لذا فمن السهل ابتزاز أو مضايقة شخص ما من طريق تشويه صورة ما له أو التهديد بنشر معلومات شخصية أو صور محرجة بهدف الابتزاز مثلاً، وعندما يتجاوز الأمر حدّه ينبغي إبلاغ الشرطة.

ليس من الضروري أن يكون الطفل هو الضحية دائمًا، بل يمكن أن يكون هو من يقوم بإرسال التهديدات، لذا عليه أن يعرف بأن هذا السلوك غير مقبول وله عواقب منزلية وقانونية، حتى ولو حاول إخفاء هويته الحقيقية فينبغي أن يعي أنه توجد طرق عدة لتعقب الفاعل والكشف عن قناعه.

ج- التنمّر السيبراني (Cyberbullying):

لم تقتصر ممارسة التنمّر على البيئة الواقعية، بل امتدّت إلى فضاء الإنترنت والتجمعات الافتراضية. البلطجة السيبرانية أو التنمّر السيبراني هو عندما يقوم طفل أو مراهق بالإساءة إلى طفل أو مراهق آخر من طريق إرسال: تهديدات، رسائل أو صور عدائية، الإفصاح عن معلومات شخصية وحساسة، تَعمّدُ استبعاد الضحية من مجموعة معيّنة على الشبكة، شنّ حملات ضده، المضايقة، الإحراج، السخرية، الإهانة وتشويه السمعة، مستخدمًا الإنترنت وذلك من خلال المواقع الاجتماعية مثل Facebook، غرف الدردشة، منتديات النقاش (Discussion forum)، البريد الإلكتروني، الرسائل الفورية، الهواتف المحمولة، صفحات الويب والمدوّنات (Blogs)...

وبعضهم قد يسيء أو يعتدي على الطفل حتى يشعر بالإحباط ويفقد احترامه لذاته وثقته بنفسه، ويمكن لأيّ طفل أن يفعل ذلك مع الآخرين وذلك لأنه يشعر بأنه محمي وراء الشاشة.

 

3- سلامة السمعة: وتشمل سلامة السمعة من التشهير على الصُعُد الاجتماعية والمهنية والقانونية والأكاديمية مثل:

أ - Sexting

ال Sexting هو تبادل المراهقين في ما بينهم رسائل تتضمن عبارات جنسية فاضحة، أو تمرير صور خلاعية  ملابس داخلية أو ملفات فيديو قصيرة لمشاهد إباحية لهم أو لزملائهم من طريق الهاتف المحمول أو الإنترنت البريد الإلكتروني، أو الفايس بوك... وهذه أفعال يعاقب عليها القانون كما لها تداعيات نفسية وخيمة:

العواقب القانونية: إن أخذ أو إرسال أو تمرير أو الاحتفاظ بصور خلاعية أو ملفات فيديو على الهاتف المحمول أو الإنترنت يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية بتهمة إنتاج أو توزيع أو حيازة مواد إباحية الطفل (Child pornography ).

العواقب النفسية: نذكر منها تشويه السمعة، التشهير، الشعور بالإحراج، العزلة الاجتماعية... لا سيما في حال تم نشر هذه الملفات على الشبكة أو تم إرسالها إلى الأصدقاء، المعارف أوالأقارب ويعود السبب في أكثر الأحيان إلى الرغبة في الانتقام بعد فسخ علاقة غرامية أو خلاف بين أصدقاء.

أ- انتهاك القوانين:

هناك الكثير من المواد الموجودة على الشبكة تملك حقوق الطبع والنشر منها الموسيقى والرسومات والفيديو والنصوص، لذا فإن عملية إعادة نشر أو طباعة هذه المواد أو تقديم نسخ منها للأصدقاء أو استخدام هذه النصوص في المشاريع المدرسية من دون إذن المالك ومن دون الاستشهاد بالمصادر الصحيحة تُعَدّ انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية والأدبية، وبما أن هذا الفعل هو غير قانوني فإنه يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية.

ب- محاذير سياسية:

تقوم بعض الجماعات المتطرفة أو المنظمات باستغلال حماس المراهقين كوسيلة لتحقيق أهداف قومية وسياسية معيّنة من طريق المحتويات والأفكار التي تبثّها على مواقعها، لذا يجب علينا التوضيح للأطفال أنه ليس بالضرورة أن يكون كلّ ما ينشر على الشبكة صحيحًا وأن لا ينجرّوا أو يتحزَّبوا لأفكار وتيارات سياسية معيّنة ، وأن ندرّبهم على التفكير السليم والمنطقي وتوقّع الغايات من كل محتوى.

 

4- سلامة الهوية والمعلومات الشخصية والممتلكات

أ- استغلال المعلومات الشخصية:

يوجد عدد كبير من المتحرّشِين بالأطفال والقراصنة والمتربّصِين والمواقع والمنظمات التجارية التي تسعى لانتزاع معلومات شخصية منهم، مثل الاسم، العمر،عنوان المنزل او المدرسة، عنوان البريد الإلكتروني، رقم الهاتف، رقم بطاقة الائتمان والحساب المصرفي، معلومات متعلقة بالبنية الجسدية، صور... مستخدمة أساليب متنوعة وماكرة منها مثلاً: ضرورة التسجيل في مسابقة ما أو تعبئة نماذج من أجل الحصول على جوائز أو الحصول على حق تحميل برامج أو ألعاب أو إرسال السيرة الذاتية للحصول على فرص عمل... وفي حال ضرورة التسجيل علينا مساعدة الأطفال على اختيار اسم مستخدم، ومعلومات وهميةّ، حيث لا يكشفان عن أية معلومات شخصيّة تخصّهم.

في أغلب الأحيان يُستخدم هذا النوع من المعلومات لأغراض تجارية، وفي الحالات الأكثر خطورة لإغراء الأطفال واستغلالهم وارتكاب جرائم جنسية ومالية وسرقة الهوية والحسابات الشخصية على الإنترنت مثل حساب البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية .

ب- النصب والاحتيال:

من أشهر أنواع جرائم النصب والاحتيال والخدع التي تنتشر على الإنترنت ويجب أن نحذّرِ منها نذكر:

ـ البريد الإلكتروني المزوّر (Scam): هو بريد خادع يُرسل من طريق شخص لا تعرفه في الغالب، تكون هوية المرسل مزورة، لذا يكون من الصعب معرفة الشخص الذي قام بإرساله، يأتي على شكل رسالة تفيد بالفوز أو بربح جائزة ...والهدف من ذلك هو الحصول على بيانات خاصة بالضحية بهدف النصب أو الاستغلال.

ـ تزوير صفحات المواقع: بحيث تظهر صفحة الموقع مطابقة للصفحة الرسمية لموقع آخر، وفي حال كانت الصفحة تزويرًا لموقع حساس )موقع إلكتروني لمصرف مثلاً(، فإن المستخدم المخدوع قد يُدخل بيانات حسابه في الصفحة المزورة ما يؤدي إلى سرقة هذه المعلومات. لذا تذكَّر جيّدًا أن لا تستخدم البريد الإلكتروني لمعالجة معاملات مصرفية وحسابات مالية.

ـ خداع المعاملات المالية: حيث يَعِدُ الطرف المخادع، من طريق رسالة بريد إلكتروني أو رسائل نصية قصيرة (SMS ) من طريق الهواتف النقالة، الطرف المخدوع بنسبة كبيرة من ثروة وهمية مقدرة بالملايين شرط أن يقوم المستخدم المخدوع أولاً ببعض الترتيبات لاستلام هذه الأموال. تتضمن هذه الترتيبات الاتصال برقم هاتفي معيّن للاستفسار عن الجائزة أو إرسال مبلغ من المال إلى الطرف الأول لسبب ما أو للحصول على رقم الحساب المصرفي منها.

ج- البرمجيات الماكرة أو الخبيثة (Malware):

توجد أنواع عدة من البرمجيات الماكرة او الخبيثة فمنها ما هو مبرمج بهدف التسلل إلى نظام الحاسوب من أجل التجسس والقرصنة واستغلال المعلومات الشخصية الحساسة، مثل حصان طروادة (Trojan horse ) ومنها ما هو مبرمج بهدف تدمير أو تعطيل أداء الحاسوب مثل الفيروسات.

ما إن يتمّ تثبيت البرمجية الخبيثة فإنه من الصعب جدّاً إزالتها. يتراوح أذاها بحسب درجة البرمجية من إزعاج بسيط كعرض بعض النوافذ الإعلانية غير المرغوب بها إلى أذىً خطير يتطلب إعادة تهيئة (Format ) القرص الصلب على سبيل المثال وقد تصل إلى حدّ سرقة الهوية والمعلومات الشخصية لا سيما المالية والمصرفية.

 

قواعد تساعد على تأمين بيئة أكثر أمانًا للأطفال على الشبكة

انّ منع الأطفال من استخدام الإنترنت ليس الطريق الأمثل لحمايتهم، فهذه الطريقة لا تحلّ شيئًا؛ لا سيما وأنّ الطفل أو المراهق يستطيع استخدام الإنترنت خارج المنزل مع أصدقائه أو في مقاهي الإنترنت أو في مدرسته أو على الهواتف الخلوية وغيرها من التقنيات الحديثة.

فهل نسمح لأبنائنا باستخدام شبكة الإنترنت في عقر دارنا، أو نجعلهم يختلسون الفرص لاستخدامها بعيدًا عن أعيننا؟ لذا من المستحسن على الأهل أن يتفقوا مع أطفالهم على النّقاط الآتية:

1- الحيطة والحذر:

من بديهيّات أو أساسيّات سلامة استخدام الإنترنت:

  • عدم إعطاء معلومات شخصيّة مثل الاسم، العمر، المدرسة، العنوان...
  • التّأكّد من استخدام أدوات الخصوصيّة (Privacy settings ) على سبيل المثال: عدم تشارك الصّور والمعلومات مع الغرباء.
  • الاحتفاظ بسرّيّة كلمة المرور (Password).
  • عدم الدّردشة مع الغرباء.
  • عدم فتح أو استقبال رسائل بريديّة  (E-mails) من الغرباء.
  • حضّ الأطفال على إخبار شخصٍ راشد فور شعورهم بعدم الارتياح .

 

2-  مراقبة أنشطة الأطفال على الشّبكة والتّحكّم بها:

  • استخدام برمجيّات المراقبة الأبويّة (Parental control) المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه.

 

ملاحظة:

من أجل الاستعلام عن خدمة الحماية العائلية (Family protection) على الإنترنت التابعة لأوجيرو:

من أجل تحميل برامج تصفية محتويات وبرامج مراقبة أبوية:
ـ وضع الحاسوب ولا سيما وصلة الإنترنت في مكانٍ عامّ في المنزل وليس في غرفة نوم الأطفال.
ـ الاتفاق مع الأطفال على طبيعة المواقع المسموح زيارتها.
ـ وضع قواعد لاستخدام الإنترنت وذلك من خلال تنظيم وقت استخدام الشّبكة والمدّة المسموح بها.
ـ الاتفاق مع الأطفال على مبادئ التّحميل (Download) وقواعده: نوعية الموسيقى- الأفلام- الألعاب ... المسموح بها.

 

3- الالتزام بالقواعد الأخلاقيّة على الإنترنت:
وذلك من خلال الطلب إلى الأطفال أن:
ـ يُحافظوا على سمعة رقميّة جيّدة.
ـ لا ينشروا محتوى أو صورًا محرجة للآخرين ومن دون علمهم أو موافقتهم.
ـ لا يخرقوا قوانين الملكيّة الفكريّة وقواعد الآداب العامة المتعارف عليها اجتماعيّاً وأن يستشهدوا بالمصادر بالشّكل الصّحيح.
ـ لا يقوموا بنشر أو تدوين أي تعليق مسيء للآخرين.
ـ لا ينضمّوا إلى مجموعات مسيئة للآخرين أو مسيئة للمعتقدات والأديان والتي تروّج لأفكار وقضايا تتنافى مع الأخلاق والآداب مثل العنصرية، العنف، الشيطانية، الإرهاب، السادية، التشجيع على تعاطي المخدرات والانتحار... وكذلك لا يؤيّدوا هذه المجموعات.

 

4- فتح باب الحوار والتّواصل:
ويتمّ ذلك من خلال محاورة الأطفال حول:
ـ مراكز اهتماماتهم على الشّبكة ونوعيّة المواقع التي يزورونها عادة.
ـ الأشخاص الّذين يدردشون معهم.
ـ رفض الإنجرار وراء تصرّفات الأصدقاء غير المقبولة من طريق إخبارهم أن ما يقوم به هؤلاء لا يُعدّ بالضرورة صحيحًا.

"مطوية سلامة أطفالنا علىالأنترنيت" التي تم إنتاجها بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية والمركز التربوي للبحوث والإنماء

 

5-  التّعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها:
من الضّروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفيّة التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل، من خلال تحذيرهم أن:
ـ لا يأخذوا مديح بعض الأشخاص الغرباء على محمل الجدّ.
ـ لا ينبهروا بوعود الغرباء ولا يمتثلوا لإغراءاتهم كالمال، والهدايا، والحنان...
ـ لا يُجيبوا عن الأسئلة المتعلقة بالبنية الجسدية  (القامة، الوزن، لون العينين، السن...).
ـ لا يشعروا بالرّهبة من الأشياء المُريبة وأن يُعلموكم فورًا بذلك.
ـ المحافظة على سلامتهم على الإنترنت لن توقعهم في مشاكل كحرمانهم من استعمال الحاسوب.

 

6- الحرص على حماية الحاسوب الشّخصي:
تأكّدوا من استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشّخصيّة مثل برامج جدران النّار (Firewall ) الموجودة في الحاسوب ... وتحديثها دوريّاً.
وأخيرًا يتعيّن أن تكون رسائل السلامة على الإنترنت حسنة التوقيت، وحساسة ثقافيّاً، وتُضاهي قِيَم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الطفل.
فالمبدأ الراسخ يقضي بترشيد استخدام الإنترنت عند الأطفال ويكمن في احترام حقهم في الوصول إلى التكنولوجيا والإنترنت وحضّهم على استغلال الشبكة بطرق إيجابية ومفيدة وممارسة مواطنيتهم الرقمية بكل مسوؤلية بعيدًا عن الرقابة البوليسية والمقاربة السلبية.

الانترنت والأطفال بين الفوائد والمحاذير

غريس صوان مدربة معلوماتية - المركز التربوي للبحوث والإنماءالإنترنت والأطفال

بين الفوائد والمحاذير

 

مع تطوّر الطبيعة الديناميكيّة والتفاعليّة للإنترنت لم يعد هناك أيّ خلاف حول أهميّة شبكة الإنترنت وفوائدها الجمّة في مختلف الحقول ولمختلف الأعمار لاسيما وأن المدارس بدأت تلحظ ضمن مناهجها الدراسية مادة المعلوماتية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسيلة تعليمية/ تعلّميّة مهمّة ومعاصرة مستمدة من بيئة التلميذ الاجتماعيّة.

لذا سوف تتناول هذه المقالة تأثيرات كل من الاستخدام الجيّد والاستخدام السيّئِ للإنترنت في الأطفال والمراهقين، بُغية تأمين بيئة أكثرسلامة وأمانًا لهم على الشبكة، من خلال العمل على تثقيفهم وتوجيههم بين دهاليز هذا العالم الشاسع المسمّى الإنترنت، ومعرفة متى يجب وضع الحدود الفاصلة وفرض القيود الآمنة لحمايتهم من الاستخدام السلبي والمنحرف لها، وكذلك لتقييم مدى استفادتهم منها وتشجيعهم على استغلالها بطرق إيجابية تساعد على تنمية معارفهم ومهاراتهم وتوسيع خبراتهم.

 

فوائد الاستخدام الجيّد للإنترنت على الأطفال:

يستخدم الإنترنت أكثر من ملياري شخص حول العالم  لغايات متنوعة منها اكتساب المهارات، التجارة، التسوّق، تبادل المعلومات، التسلية والترفيه، تتبّع الأخبار والتواصل. وإنّ اقبال الأطفال على استخدام الإنترنت يتميّز بمرونة وحماس أكثر منه لدى الكبار، فالطفل لديه فضول بطبيعته وهذه الأداة ترضي فضوله لما تُوفّره له من ألعاب ومعلومات.

تُعتبر شبكة الإنترنت مصدرًا غنيًا للحصول على المعلومات والمعارف، وهي عبارة عن أداة تعليمية محفّزة ومسلّية للأطفال، حيث يمكن مشاهدة المعارف المفيدة وتعلّمُها وحلّ المسائل من خلال الألعاب والبرامج التثقيفية والشبكات الاجتماعية، ناهيك عن كونها مصدرًا للتواصل بين الأشخاص ما يوفّر فرصًا للتعلّمُ من طريق تبادل المعلومات والمعارف والأفكار وإمكانية عرض التساؤلات على عدد كبير من الخبراء والباحثين في مختلف المواضيع التي تتصل بالمقررات الدراسية.

وتخلق الشبكة جوًا من التفاعل والمشاركة بفضل ما توفّره من وسائل للتواصل الاجتماعي مع الأقران والأصدقاء والعائلة داخل أو خارج النطاق الجغرافي الذي يعيش فيه الطفل عبر البريد الإلكتروني والرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية وغيرها...

كما تنمّي مهارات البحث، التحليل، الاستنتاج، التفكيرالنقدي، الإنتاج الإبداعي والقدرة على التفكير السليم والتعلّم الذاتي من خلال أساليب البرمجة التي تتّسم بالمنطقية والتخطيط السليم من جهة وما تقّدمه من مواضيع ومعلومات وبين ما يكتشفه الطفل بنفسه من جهة أخرى، إضافة إلى تنمية مهارات استخدام الحاسوب في المشكلات والمواقف التعلّميّة، كما تخلق هواية المطالعة لدى الطفل وتحسّنِها بفضل احتوائها على عدد لا منتاهي من المواقع ذي النوعية العالية، التصميم المميّز، والمثيرة للاهتمام والفضول، ما يجعل من تصفّحها مصدرًا للتمتع والتسلية واكتساب المعرفة.

تؤمّن الشبكة أيضًا بيئة تعلّم محفّزة ومثيرة للطلاب مستمدّة من واقعهم الاجتماعي اذ تُشركهم في التعبير عن آرائهم من طريق الشبكات الاجتماعية والمدوّنات ومنتديات المناقشة التي توفّر لهم إمكانية التدوين عن مواضيع اهتماماتهم ومناقشة القضايا ووجهات النظر والمشاركة في طلب المشورة وتقديمها.

 

سلامة الأطفال على الإنترنت:

بما أنه لا توجد ضوابط في هذا المحيط، فيمكن أن يتعرض المستخدم للمضايقات وفي بعض الحالات يؤدي الاستخدام الخاطئ للإنترنت إلى حصول ضرر.

وهنا لابدّ أن نفهم حسنات استخدام الإنترنت ومساوئه ومناقشتها مع أطفالنا، ومتابعة بعض المبادئ التوجيهية، لكي يستمتعوا بتجربة أكثر أمانًا وسلامة على الإنترنت.

يمكن تقسيم سلامة الأطفال على الشبكة إلى أربعة أنواع:

1- السلامة الجسدية: وتشمل السلامة من كل تعرّض لأذى وعنف جسدي مثل:

التحرّش بالأطفال:

في أثناء تصفّحُ الإنترنت، يقوم الأطفال، ولا سيّما من هم في سن ما قبل المراهقة أو المراهقة، بتكوين صداقات والتعرف إلى أشخاص جدد من خلال الشبكات الإجتماعية مثل Facebook وغرف الدردشة (Chatting room) والمراسل الفوري (Instant messenger) المثيرة بالنسبة إليهم، وذلك بسبب سمة التخفي والسرية التي تتمّيز بها وميلهم إلى عنصر المغامرة التي تُعتبر جزءًا من عملية النمو التي يواجهها الوالدان في الجوانب كافة المتعلقة بسلامة الطفل بما فيها الإنترنت، لذا منهم لا يتوانون عن التحّدُث مع أشخاص غرباء قد يكونون منحرفين، وقد يؤدي الاتصال المباشر بين الطفل والغريب على الشبكة إلى الكشف عن معلومات قد تُعرّضه أو تعرّض أسرته إلى خطر شخصي وأحيانًا يتم إغراء هؤلاء الأطفال للالتقاء بهم خارج الفضاء الافتراضي.

يمكن للقاءات من هذا النوع أن تهدّد سلامة الطفل، فالمتحرّشون بالأطفال يستخدمون بشكل خاص غرف الدردشة والمنتديات وبرامج المراسلة الفورية لكسب ثقة الطفل، لانتزاع معلومات شخصية عنه بطرق ماكرة، ولترتيب لقاء معه وجهًا لوجه بهدف الاستغلال الجنسي.

علامات تنبّهِ بأن الطفل يتعرَّض للاستدراج من قبل متحرّشِ:

  • الاضطراب والسرّيّة التي يُظهرها الطفل عندما تفاجئه وهو يستخدم الإنترنت مثل: غلق الشاشة إذا ما اقتربت منه فجأة أو أي سلوك آخر يدلّ على أنه لا يريدك أن تعرف شيئًا عن أنشطته على الشبكة.
  • تمضية الكثير من الوقت في غرف الدردشة.
  • القيام باتصالات هاتفية وتلقّيِ اتصالات أو رسائل نصيّةَ من أرقام غريبة لا تعرفها.
  • تلقّيِ بريد أو طرد من خارج البلاد أو من أشخاص غرباء.

على الطفل أن يفهم أن المسألة ليست مسألة مراقبة ولا مسألة ثقة وإنما هي مسألة اهتمام بسلامته فحسب، شأنها شأن منعه من قيادة الدراجة في أماكن خطرة.

 

2- السلامة النفسية: وتشمل السلامة من المضايقات والتهديدات والتعرُّض لمحتوى مزعج مثل:

أ- التعرُّض إلى محتوى غير لائق:

إن محتوى الإنترنت غير خاضع للرقابة تمامًا، لذا يمكن أن يتعرض الأطفال إلى محتوى غير لائق بسبب انتشار محتويات إباحية، عنصرية، عنيفة، مشجعة على الانتحار وتعاطي المخدرات والكحول ومروّجة لعلاجات ومستحضرات مضرّة بالصحة وغير معترف بها طبيّاً، بالإضافة إلى البيع غير المشروع للأسلحة والبضائع المسروقة والمخدّرات، والعثور على أنواع خطرة من المعلومات التي تشجع على تحضير المخدرات وتعاطيها من خلال استخدام الكحول، أو معلومات حول إعداد المتفجرات وذلك عبر المواقع الإلكترونية، البريد الإلكتروني، غرف الدردشة، الرسائل الفورية والمنتديات.

هناك الكثير من الأساليب التي تهيّئِ لحماية الأطفال من التعرّض للمواقع غير المرغوب بها مثل المواقع الإباحية وغيرها من المواقع غير المناسبة، ومن هذه الوسائل نذكر البرامج التي تتيح رقابة أبوية على الإنترنت والتي تُستخدم لمنع برامج ومواقع معينة وصدّهِا.

ب- المضايقة والابتزاز:

قد يتعرّض الأطفال إلى محتويات مزعجة، مهينة، محرجة أو عدوانية في رسائل البريد الإلكتروني أو في غرف الدردشة، وتتحوّل هذه المواقع إلى أماكن خطرة إذ لا يمكن أن نعرف هوية جميع المشاركين في المحادثة، لذا فمن السهل ابتزاز أو مضايقة شخص ما من طريق تشويه صورة ما له أو التهديد بنشر معلومات شخصية أو صور محرجة بهدف الابتزاز مثلاً، وعندما يتجاوز الأمر حدّه ينبغي إبلاغ الشرطة.

ليس من الضروري أن يكون الطفل هو الضحية دائمًا، بل يمكن أن يكون هو من يقوم بإرسال التهديدات، لذا عليه أن يعرف بأن هذا السلوك غير مقبول وله عواقب منزلية وقانونية، حتى ولو حاول إخفاء هويته الحقيقية فينبغي أن يعي أنه توجد طرق عدة لتعقب الفاعل والكشف عن قناعه.

ج- التنمّر السيبراني (Cyberbullying):

لم تقتصر ممارسة التنمّر على البيئة الواقعية، بل امتدّت إلى فضاء الإنترنت والتجمعات الافتراضية. البلطجة السيبرانية أو التنمّر السيبراني هو عندما يقوم طفل أو مراهق بالإساءة إلى طفل أو مراهق آخر من طريق إرسال: تهديدات، رسائل أو صور عدائية، الإفصاح عن معلومات شخصية وحساسة، تَعمّدُ استبعاد الضحية من مجموعة معيّنة على الشبكة، شنّ حملات ضده، المضايقة، الإحراج، السخرية، الإهانة وتشويه السمعة، مستخدمًا الإنترنت وذلك من خلال المواقع الاجتماعية مثل Facebook، غرف الدردشة، منتديات النقاش (Discussion forum)، البريد الإلكتروني، الرسائل الفورية، الهواتف المحمولة، صفحات الويب والمدوّنات (Blogs)...

وبعضهم قد يسيء أو يعتدي على الطفل حتى يشعر بالإحباط ويفقد احترامه لذاته وثقته بنفسه، ويمكن لأيّ طفل أن يفعل ذلك مع الآخرين وذلك لأنه يشعر بأنه محمي وراء الشاشة.

 

3- سلامة السمعة: وتشمل سلامة السمعة من التشهير على الصُعُد الاجتماعية والمهنية والقانونية والأكاديمية مثل:

أ - Sexting

ال Sexting هو تبادل المراهقين في ما بينهم رسائل تتضمن عبارات جنسية فاضحة، أو تمرير صور خلاعية  ملابس داخلية أو ملفات فيديو قصيرة لمشاهد إباحية لهم أو لزملائهم من طريق الهاتف المحمول أو الإنترنت البريد الإلكتروني، أو الفايس بوك... وهذه أفعال يعاقب عليها القانون كما لها تداعيات نفسية وخيمة:

العواقب القانونية: إن أخذ أو إرسال أو تمرير أو الاحتفاظ بصور خلاعية أو ملفات فيديو على الهاتف المحمول أو الإنترنت يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية بتهمة إنتاج أو توزيع أو حيازة مواد إباحية الطفل (Child pornography ).

العواقب النفسية: نذكر منها تشويه السمعة، التشهير، الشعور بالإحراج، العزلة الاجتماعية... لا سيما في حال تم نشر هذه الملفات على الشبكة أو تم إرسالها إلى الأصدقاء، المعارف أوالأقارب ويعود السبب في أكثر الأحيان إلى الرغبة في الانتقام بعد فسخ علاقة غرامية أو خلاف بين أصدقاء.

أ- انتهاك القوانين:

هناك الكثير من المواد الموجودة على الشبكة تملك حقوق الطبع والنشر منها الموسيقى والرسومات والفيديو والنصوص، لذا فإن عملية إعادة نشر أو طباعة هذه المواد أو تقديم نسخ منها للأصدقاء أو استخدام هذه النصوص في المشاريع المدرسية من دون إذن المالك ومن دون الاستشهاد بالمصادر الصحيحة تُعَدّ انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية والأدبية، وبما أن هذا الفعل هو غير قانوني فإنه يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية.

ب- محاذير سياسية:

تقوم بعض الجماعات المتطرفة أو المنظمات باستغلال حماس المراهقين كوسيلة لتحقيق أهداف قومية وسياسية معيّنة من طريق المحتويات والأفكار التي تبثّها على مواقعها، لذا يجب علينا التوضيح للأطفال أنه ليس بالضرورة أن يكون كلّ ما ينشر على الشبكة صحيحًا وأن لا ينجرّوا أو يتحزَّبوا لأفكار وتيارات سياسية معيّنة ، وأن ندرّبهم على التفكير السليم والمنطقي وتوقّع الغايات من كل محتوى.

 

4- سلامة الهوية والمعلومات الشخصية والممتلكات

أ- استغلال المعلومات الشخصية:

يوجد عدد كبير من المتحرّشِين بالأطفال والقراصنة والمتربّصِين والمواقع والمنظمات التجارية التي تسعى لانتزاع معلومات شخصية منهم، مثل الاسم، العمر،عنوان المنزل او المدرسة، عنوان البريد الإلكتروني، رقم الهاتف، رقم بطاقة الائتمان والحساب المصرفي، معلومات متعلقة بالبنية الجسدية، صور... مستخدمة أساليب متنوعة وماكرة منها مثلاً: ضرورة التسجيل في مسابقة ما أو تعبئة نماذج من أجل الحصول على جوائز أو الحصول على حق تحميل برامج أو ألعاب أو إرسال السيرة الذاتية للحصول على فرص عمل... وفي حال ضرورة التسجيل علينا مساعدة الأطفال على اختيار اسم مستخدم، ومعلومات وهميةّ، حيث لا يكشفان عن أية معلومات شخصيّة تخصّهم.

في أغلب الأحيان يُستخدم هذا النوع من المعلومات لأغراض تجارية، وفي الحالات الأكثر خطورة لإغراء الأطفال واستغلالهم وارتكاب جرائم جنسية ومالية وسرقة الهوية والحسابات الشخصية على الإنترنت مثل حساب البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية .

ب- النصب والاحتيال:

من أشهر أنواع جرائم النصب والاحتيال والخدع التي تنتشر على الإنترنت ويجب أن نحذّرِ منها نذكر:

ـ البريد الإلكتروني المزوّر (Scam): هو بريد خادع يُرسل من طريق شخص لا تعرفه في الغالب، تكون هوية المرسل مزورة، لذا يكون من الصعب معرفة الشخص الذي قام بإرساله، يأتي على شكل رسالة تفيد بالفوز أو بربح جائزة ...والهدف من ذلك هو الحصول على بيانات خاصة بالضحية بهدف النصب أو الاستغلال.

ـ تزوير صفحات المواقع: بحيث تظهر صفحة الموقع مطابقة للصفحة الرسمية لموقع آخر، وفي حال كانت الصفحة تزويرًا لموقع حساس )موقع إلكتروني لمصرف مثلاً(، فإن المستخدم المخدوع قد يُدخل بيانات حسابه في الصفحة المزورة ما يؤدي إلى سرقة هذه المعلومات. لذا تذكَّر جيّدًا أن لا تستخدم البريد الإلكتروني لمعالجة معاملات مصرفية وحسابات مالية.

ـ خداع المعاملات المالية: حيث يَعِدُ الطرف المخادع، من طريق رسالة بريد إلكتروني أو رسائل نصية قصيرة (SMS ) من طريق الهواتف النقالة، الطرف المخدوع بنسبة كبيرة من ثروة وهمية مقدرة بالملايين شرط أن يقوم المستخدم المخدوع أولاً ببعض الترتيبات لاستلام هذه الأموال. تتضمن هذه الترتيبات الاتصال برقم هاتفي معيّن للاستفسار عن الجائزة أو إرسال مبلغ من المال إلى الطرف الأول لسبب ما أو للحصول على رقم الحساب المصرفي منها.

ج- البرمجيات الماكرة أو الخبيثة (Malware):

توجد أنواع عدة من البرمجيات الماكرة او الخبيثة فمنها ما هو مبرمج بهدف التسلل إلى نظام الحاسوب من أجل التجسس والقرصنة واستغلال المعلومات الشخصية الحساسة، مثل حصان طروادة (Trojan horse ) ومنها ما هو مبرمج بهدف تدمير أو تعطيل أداء الحاسوب مثل الفيروسات.

ما إن يتمّ تثبيت البرمجية الخبيثة فإنه من الصعب جدّاً إزالتها. يتراوح أذاها بحسب درجة البرمجية من إزعاج بسيط كعرض بعض النوافذ الإعلانية غير المرغوب بها إلى أذىً خطير يتطلب إعادة تهيئة (Format ) القرص الصلب على سبيل المثال وقد تصل إلى حدّ سرقة الهوية والمعلومات الشخصية لا سيما المالية والمصرفية.

 

قواعد تساعد على تأمين بيئة أكثر أمانًا للأطفال على الشبكة

انّ منع الأطفال من استخدام الإنترنت ليس الطريق الأمثل لحمايتهم، فهذه الطريقة لا تحلّ شيئًا؛ لا سيما وأنّ الطفل أو المراهق يستطيع استخدام الإنترنت خارج المنزل مع أصدقائه أو في مقاهي الإنترنت أو في مدرسته أو على الهواتف الخلوية وغيرها من التقنيات الحديثة.

فهل نسمح لأبنائنا باستخدام شبكة الإنترنت في عقر دارنا، أو نجعلهم يختلسون الفرص لاستخدامها بعيدًا عن أعيننا؟ لذا من المستحسن على الأهل أن يتفقوا مع أطفالهم على النّقاط الآتية:

1- الحيطة والحذر:

من بديهيّات أو أساسيّات سلامة استخدام الإنترنت:

  • عدم إعطاء معلومات شخصيّة مثل الاسم، العمر، المدرسة، العنوان...
  • التّأكّد من استخدام أدوات الخصوصيّة (Privacy settings ) على سبيل المثال: عدم تشارك الصّور والمعلومات مع الغرباء.
  • الاحتفاظ بسرّيّة كلمة المرور (Password).
  • عدم الدّردشة مع الغرباء.
  • عدم فتح أو استقبال رسائل بريديّة  (E-mails) من الغرباء.
  • حضّ الأطفال على إخبار شخصٍ راشد فور شعورهم بعدم الارتياح .

 

2-  مراقبة أنشطة الأطفال على الشّبكة والتّحكّم بها:

  • استخدام برمجيّات المراقبة الأبويّة (Parental control) المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه.

 

ملاحظة:

من أجل الاستعلام عن خدمة الحماية العائلية (Family protection) على الإنترنت التابعة لأوجيرو:

من أجل تحميل برامج تصفية محتويات وبرامج مراقبة أبوية:
ـ وضع الحاسوب ولا سيما وصلة الإنترنت في مكانٍ عامّ في المنزل وليس في غرفة نوم الأطفال.
ـ الاتفاق مع الأطفال على طبيعة المواقع المسموح زيارتها.
ـ وضع قواعد لاستخدام الإنترنت وذلك من خلال تنظيم وقت استخدام الشّبكة والمدّة المسموح بها.
ـ الاتفاق مع الأطفال على مبادئ التّحميل (Download) وقواعده: نوعية الموسيقى- الأفلام- الألعاب ... المسموح بها.

 

3- الالتزام بالقواعد الأخلاقيّة على الإنترنت:
وذلك من خلال الطلب إلى الأطفال أن:
ـ يُحافظوا على سمعة رقميّة جيّدة.
ـ لا ينشروا محتوى أو صورًا محرجة للآخرين ومن دون علمهم أو موافقتهم.
ـ لا يخرقوا قوانين الملكيّة الفكريّة وقواعد الآداب العامة المتعارف عليها اجتماعيّاً وأن يستشهدوا بالمصادر بالشّكل الصّحيح.
ـ لا يقوموا بنشر أو تدوين أي تعليق مسيء للآخرين.
ـ لا ينضمّوا إلى مجموعات مسيئة للآخرين أو مسيئة للمعتقدات والأديان والتي تروّج لأفكار وقضايا تتنافى مع الأخلاق والآداب مثل العنصرية، العنف، الشيطانية، الإرهاب، السادية، التشجيع على تعاطي المخدرات والانتحار... وكذلك لا يؤيّدوا هذه المجموعات.

 

4- فتح باب الحوار والتّواصل:
ويتمّ ذلك من خلال محاورة الأطفال حول:
ـ مراكز اهتماماتهم على الشّبكة ونوعيّة المواقع التي يزورونها عادة.
ـ الأشخاص الّذين يدردشون معهم.
ـ رفض الإنجرار وراء تصرّفات الأصدقاء غير المقبولة من طريق إخبارهم أن ما يقوم به هؤلاء لا يُعدّ بالضرورة صحيحًا.

"مطوية سلامة أطفالنا علىالأنترنيت" التي تم إنتاجها بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية والمركز التربوي للبحوث والإنماء

 

5-  التّعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها:
من الضّروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفيّة التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل، من خلال تحذيرهم أن:
ـ لا يأخذوا مديح بعض الأشخاص الغرباء على محمل الجدّ.
ـ لا ينبهروا بوعود الغرباء ولا يمتثلوا لإغراءاتهم كالمال، والهدايا، والحنان...
ـ لا يُجيبوا عن الأسئلة المتعلقة بالبنية الجسدية  (القامة، الوزن، لون العينين، السن...).
ـ لا يشعروا بالرّهبة من الأشياء المُريبة وأن يُعلموكم فورًا بذلك.
ـ المحافظة على سلامتهم على الإنترنت لن توقعهم في مشاكل كحرمانهم من استعمال الحاسوب.

 

6- الحرص على حماية الحاسوب الشّخصي:
تأكّدوا من استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشّخصيّة مثل برامج جدران النّار (Firewall ) الموجودة في الحاسوب ... وتحديثها دوريّاً.
وأخيرًا يتعيّن أن تكون رسائل السلامة على الإنترنت حسنة التوقيت، وحساسة ثقافيّاً، وتُضاهي قِيَم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الطفل.
فالمبدأ الراسخ يقضي بترشيد استخدام الإنترنت عند الأطفال ويكمن في احترام حقهم في الوصول إلى التكنولوجيا والإنترنت وحضّهم على استغلال الشبكة بطرق إيجابية ومفيدة وممارسة مواطنيتهم الرقمية بكل مسوؤلية بعيدًا عن الرقابة البوليسية والمقاربة السلبية.

الانترنت والأطفال بين الفوائد والمحاذير

غريس صوان مدربة معلوماتية - المركز التربوي للبحوث والإنماءالإنترنت والأطفال

بين الفوائد والمحاذير

 

مع تطوّر الطبيعة الديناميكيّة والتفاعليّة للإنترنت لم يعد هناك أيّ خلاف حول أهميّة شبكة الإنترنت وفوائدها الجمّة في مختلف الحقول ولمختلف الأعمار لاسيما وأن المدارس بدأت تلحظ ضمن مناهجها الدراسية مادة المعلوماتية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كوسيلة تعليمية/ تعلّميّة مهمّة ومعاصرة مستمدة من بيئة التلميذ الاجتماعيّة.

لذا سوف تتناول هذه المقالة تأثيرات كل من الاستخدام الجيّد والاستخدام السيّئِ للإنترنت في الأطفال والمراهقين، بُغية تأمين بيئة أكثرسلامة وأمانًا لهم على الشبكة، من خلال العمل على تثقيفهم وتوجيههم بين دهاليز هذا العالم الشاسع المسمّى الإنترنت، ومعرفة متى يجب وضع الحدود الفاصلة وفرض القيود الآمنة لحمايتهم من الاستخدام السلبي والمنحرف لها، وكذلك لتقييم مدى استفادتهم منها وتشجيعهم على استغلالها بطرق إيجابية تساعد على تنمية معارفهم ومهاراتهم وتوسيع خبراتهم.

 

فوائد الاستخدام الجيّد للإنترنت على الأطفال:

يستخدم الإنترنت أكثر من ملياري شخص حول العالم  لغايات متنوعة منها اكتساب المهارات، التجارة، التسوّق، تبادل المعلومات، التسلية والترفيه، تتبّع الأخبار والتواصل. وإنّ اقبال الأطفال على استخدام الإنترنت يتميّز بمرونة وحماس أكثر منه لدى الكبار، فالطفل لديه فضول بطبيعته وهذه الأداة ترضي فضوله لما تُوفّره له من ألعاب ومعلومات.

تُعتبر شبكة الإنترنت مصدرًا غنيًا للحصول على المعلومات والمعارف، وهي عبارة عن أداة تعليمية محفّزة ومسلّية للأطفال، حيث يمكن مشاهدة المعارف المفيدة وتعلّمُها وحلّ المسائل من خلال الألعاب والبرامج التثقيفية والشبكات الاجتماعية، ناهيك عن كونها مصدرًا للتواصل بين الأشخاص ما يوفّر فرصًا للتعلّمُ من طريق تبادل المعلومات والمعارف والأفكار وإمكانية عرض التساؤلات على عدد كبير من الخبراء والباحثين في مختلف المواضيع التي تتصل بالمقررات الدراسية.

وتخلق الشبكة جوًا من التفاعل والمشاركة بفضل ما توفّره من وسائل للتواصل الاجتماعي مع الأقران والأصدقاء والعائلة داخل أو خارج النطاق الجغرافي الذي يعيش فيه الطفل عبر البريد الإلكتروني والرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية وغيرها...

كما تنمّي مهارات البحث، التحليل، الاستنتاج، التفكيرالنقدي، الإنتاج الإبداعي والقدرة على التفكير السليم والتعلّم الذاتي من خلال أساليب البرمجة التي تتّسم بالمنطقية والتخطيط السليم من جهة وما تقّدمه من مواضيع ومعلومات وبين ما يكتشفه الطفل بنفسه من جهة أخرى، إضافة إلى تنمية مهارات استخدام الحاسوب في المشكلات والمواقف التعلّميّة، كما تخلق هواية المطالعة لدى الطفل وتحسّنِها بفضل احتوائها على عدد لا منتاهي من المواقع ذي النوعية العالية، التصميم المميّز، والمثيرة للاهتمام والفضول، ما يجعل من تصفّحها مصدرًا للتمتع والتسلية واكتساب المعرفة.

تؤمّن الشبكة أيضًا بيئة تعلّم محفّزة ومثيرة للطلاب مستمدّة من واقعهم الاجتماعي اذ تُشركهم في التعبير عن آرائهم من طريق الشبكات الاجتماعية والمدوّنات ومنتديات المناقشة التي توفّر لهم إمكانية التدوين عن مواضيع اهتماماتهم ومناقشة القضايا ووجهات النظر والمشاركة في طلب المشورة وتقديمها.

 

سلامة الأطفال على الإنترنت:

بما أنه لا توجد ضوابط في هذا المحيط، فيمكن أن يتعرض المستخدم للمضايقات وفي بعض الحالات يؤدي الاستخدام الخاطئ للإنترنت إلى حصول ضرر.

وهنا لابدّ أن نفهم حسنات استخدام الإنترنت ومساوئه ومناقشتها مع أطفالنا، ومتابعة بعض المبادئ التوجيهية، لكي يستمتعوا بتجربة أكثر أمانًا وسلامة على الإنترنت.

يمكن تقسيم سلامة الأطفال على الشبكة إلى أربعة أنواع:

1- السلامة الجسدية: وتشمل السلامة من كل تعرّض لأذى وعنف جسدي مثل:

التحرّش بالأطفال:

في أثناء تصفّحُ الإنترنت، يقوم الأطفال، ولا سيّما من هم في سن ما قبل المراهقة أو المراهقة، بتكوين صداقات والتعرف إلى أشخاص جدد من خلال الشبكات الإجتماعية مثل Facebook وغرف الدردشة (Chatting room) والمراسل الفوري (Instant messenger) المثيرة بالنسبة إليهم، وذلك بسبب سمة التخفي والسرية التي تتمّيز بها وميلهم إلى عنصر المغامرة التي تُعتبر جزءًا من عملية النمو التي يواجهها الوالدان في الجوانب كافة المتعلقة بسلامة الطفل بما فيها الإنترنت، لذا منهم لا يتوانون عن التحّدُث مع أشخاص غرباء قد يكونون منحرفين، وقد يؤدي الاتصال المباشر بين الطفل والغريب على الشبكة إلى الكشف عن معلومات قد تُعرّضه أو تعرّض أسرته إلى خطر شخصي وأحيانًا يتم إغراء هؤلاء الأطفال للالتقاء بهم خارج الفضاء الافتراضي.

يمكن للقاءات من هذا النوع أن تهدّد سلامة الطفل، فالمتحرّشون بالأطفال يستخدمون بشكل خاص غرف الدردشة والمنتديات وبرامج المراسلة الفورية لكسب ثقة الطفل، لانتزاع معلومات شخصية عنه بطرق ماكرة، ولترتيب لقاء معه وجهًا لوجه بهدف الاستغلال الجنسي.

علامات تنبّهِ بأن الطفل يتعرَّض للاستدراج من قبل متحرّشِ:

  • الاضطراب والسرّيّة التي يُظهرها الطفل عندما تفاجئه وهو يستخدم الإنترنت مثل: غلق الشاشة إذا ما اقتربت منه فجأة أو أي سلوك آخر يدلّ على أنه لا يريدك أن تعرف شيئًا عن أنشطته على الشبكة.
  • تمضية الكثير من الوقت في غرف الدردشة.
  • القيام باتصالات هاتفية وتلقّيِ اتصالات أو رسائل نصيّةَ من أرقام غريبة لا تعرفها.
  • تلقّيِ بريد أو طرد من خارج البلاد أو من أشخاص غرباء.

على الطفل أن يفهم أن المسألة ليست مسألة مراقبة ولا مسألة ثقة وإنما هي مسألة اهتمام بسلامته فحسب، شأنها شأن منعه من قيادة الدراجة في أماكن خطرة.

 

2- السلامة النفسية: وتشمل السلامة من المضايقات والتهديدات والتعرُّض لمحتوى مزعج مثل:

أ- التعرُّض إلى محتوى غير لائق:

إن محتوى الإنترنت غير خاضع للرقابة تمامًا، لذا يمكن أن يتعرض الأطفال إلى محتوى غير لائق بسبب انتشار محتويات إباحية، عنصرية، عنيفة، مشجعة على الانتحار وتعاطي المخدرات والكحول ومروّجة لعلاجات ومستحضرات مضرّة بالصحة وغير معترف بها طبيّاً، بالإضافة إلى البيع غير المشروع للأسلحة والبضائع المسروقة والمخدّرات، والعثور على أنواع خطرة من المعلومات التي تشجع على تحضير المخدرات وتعاطيها من خلال استخدام الكحول، أو معلومات حول إعداد المتفجرات وذلك عبر المواقع الإلكترونية، البريد الإلكتروني، غرف الدردشة، الرسائل الفورية والمنتديات.

هناك الكثير من الأساليب التي تهيّئِ لحماية الأطفال من التعرّض للمواقع غير المرغوب بها مثل المواقع الإباحية وغيرها من المواقع غير المناسبة، ومن هذه الوسائل نذكر البرامج التي تتيح رقابة أبوية على الإنترنت والتي تُستخدم لمنع برامج ومواقع معينة وصدّهِا.

ب- المضايقة والابتزاز:

قد يتعرّض الأطفال إلى محتويات مزعجة، مهينة، محرجة أو عدوانية في رسائل البريد الإلكتروني أو في غرف الدردشة، وتتحوّل هذه المواقع إلى أماكن خطرة إذ لا يمكن أن نعرف هوية جميع المشاركين في المحادثة، لذا فمن السهل ابتزاز أو مضايقة شخص ما من طريق تشويه صورة ما له أو التهديد بنشر معلومات شخصية أو صور محرجة بهدف الابتزاز مثلاً، وعندما يتجاوز الأمر حدّه ينبغي إبلاغ الشرطة.

ليس من الضروري أن يكون الطفل هو الضحية دائمًا، بل يمكن أن يكون هو من يقوم بإرسال التهديدات، لذا عليه أن يعرف بأن هذا السلوك غير مقبول وله عواقب منزلية وقانونية، حتى ولو حاول إخفاء هويته الحقيقية فينبغي أن يعي أنه توجد طرق عدة لتعقب الفاعل والكشف عن قناعه.

ج- التنمّر السيبراني (Cyberbullying):

لم تقتصر ممارسة التنمّر على البيئة الواقعية، بل امتدّت إلى فضاء الإنترنت والتجمعات الافتراضية. البلطجة السيبرانية أو التنمّر السيبراني هو عندما يقوم طفل أو مراهق بالإساءة إلى طفل أو مراهق آخر من طريق إرسال: تهديدات، رسائل أو صور عدائية، الإفصاح عن معلومات شخصية وحساسة، تَعمّدُ استبعاد الضحية من مجموعة معيّنة على الشبكة، شنّ حملات ضده، المضايقة، الإحراج، السخرية، الإهانة وتشويه السمعة، مستخدمًا الإنترنت وذلك من خلال المواقع الاجتماعية مثل Facebook، غرف الدردشة، منتديات النقاش (Discussion forum)، البريد الإلكتروني، الرسائل الفورية، الهواتف المحمولة، صفحات الويب والمدوّنات (Blogs)...

وبعضهم قد يسيء أو يعتدي على الطفل حتى يشعر بالإحباط ويفقد احترامه لذاته وثقته بنفسه، ويمكن لأيّ طفل أن يفعل ذلك مع الآخرين وذلك لأنه يشعر بأنه محمي وراء الشاشة.

 

3- سلامة السمعة: وتشمل سلامة السمعة من التشهير على الصُعُد الاجتماعية والمهنية والقانونية والأكاديمية مثل:

أ - Sexting

ال Sexting هو تبادل المراهقين في ما بينهم رسائل تتضمن عبارات جنسية فاضحة، أو تمرير صور خلاعية  ملابس داخلية أو ملفات فيديو قصيرة لمشاهد إباحية لهم أو لزملائهم من طريق الهاتف المحمول أو الإنترنت البريد الإلكتروني، أو الفايس بوك... وهذه أفعال يعاقب عليها القانون كما لها تداعيات نفسية وخيمة:

العواقب القانونية: إن أخذ أو إرسال أو تمرير أو الاحتفاظ بصور خلاعية أو ملفات فيديو على الهاتف المحمول أو الإنترنت يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية بتهمة إنتاج أو توزيع أو حيازة مواد إباحية الطفل (Child pornography ).

العواقب النفسية: نذكر منها تشويه السمعة، التشهير، الشعور بالإحراج، العزلة الاجتماعية... لا سيما في حال تم نشر هذه الملفات على الشبكة أو تم إرسالها إلى الأصدقاء، المعارف أوالأقارب ويعود السبب في أكثر الأحيان إلى الرغبة في الانتقام بعد فسخ علاقة غرامية أو خلاف بين أصدقاء.

أ- انتهاك القوانين:

هناك الكثير من المواد الموجودة على الشبكة تملك حقوق الطبع والنشر منها الموسيقى والرسومات والفيديو والنصوص، لذا فإن عملية إعادة نشر أو طباعة هذه المواد أو تقديم نسخ منها للأصدقاء أو استخدام هذه النصوص في المشاريع المدرسية من دون إذن المالك ومن دون الاستشهاد بالمصادر الصحيحة تُعَدّ انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية والأدبية، وبما أن هذا الفعل هو غير قانوني فإنه يعرّض الفاعل للملاحقة القانونية.

ب- محاذير سياسية:

تقوم بعض الجماعات المتطرفة أو المنظمات باستغلال حماس المراهقين كوسيلة لتحقيق أهداف قومية وسياسية معيّنة من طريق المحتويات والأفكار التي تبثّها على مواقعها، لذا يجب علينا التوضيح للأطفال أنه ليس بالضرورة أن يكون كلّ ما ينشر على الشبكة صحيحًا وأن لا ينجرّوا أو يتحزَّبوا لأفكار وتيارات سياسية معيّنة ، وأن ندرّبهم على التفكير السليم والمنطقي وتوقّع الغايات من كل محتوى.

 

4- سلامة الهوية والمعلومات الشخصية والممتلكات

أ- استغلال المعلومات الشخصية:

يوجد عدد كبير من المتحرّشِين بالأطفال والقراصنة والمتربّصِين والمواقع والمنظمات التجارية التي تسعى لانتزاع معلومات شخصية منهم، مثل الاسم، العمر،عنوان المنزل او المدرسة، عنوان البريد الإلكتروني، رقم الهاتف، رقم بطاقة الائتمان والحساب المصرفي، معلومات متعلقة بالبنية الجسدية، صور... مستخدمة أساليب متنوعة وماكرة منها مثلاً: ضرورة التسجيل في مسابقة ما أو تعبئة نماذج من أجل الحصول على جوائز أو الحصول على حق تحميل برامج أو ألعاب أو إرسال السيرة الذاتية للحصول على فرص عمل... وفي حال ضرورة التسجيل علينا مساعدة الأطفال على اختيار اسم مستخدم، ومعلومات وهميةّ، حيث لا يكشفان عن أية معلومات شخصيّة تخصّهم.

في أغلب الأحيان يُستخدم هذا النوع من المعلومات لأغراض تجارية، وفي الحالات الأكثر خطورة لإغراء الأطفال واستغلالهم وارتكاب جرائم جنسية ومالية وسرقة الهوية والحسابات الشخصية على الإنترنت مثل حساب البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية .

ب- النصب والاحتيال:

من أشهر أنواع جرائم النصب والاحتيال والخدع التي تنتشر على الإنترنت ويجب أن نحذّرِ منها نذكر:

ـ البريد الإلكتروني المزوّر (Scam): هو بريد خادع يُرسل من طريق شخص لا تعرفه في الغالب، تكون هوية المرسل مزورة، لذا يكون من الصعب معرفة الشخص الذي قام بإرساله، يأتي على شكل رسالة تفيد بالفوز أو بربح جائزة ...والهدف من ذلك هو الحصول على بيانات خاصة بالضحية بهدف النصب أو الاستغلال.

ـ تزوير صفحات المواقع: بحيث تظهر صفحة الموقع مطابقة للصفحة الرسمية لموقع آخر، وفي حال كانت الصفحة تزويرًا لموقع حساس )موقع إلكتروني لمصرف مثلاً(، فإن المستخدم المخدوع قد يُدخل بيانات حسابه في الصفحة المزورة ما يؤدي إلى سرقة هذه المعلومات. لذا تذكَّر جيّدًا أن لا تستخدم البريد الإلكتروني لمعالجة معاملات مصرفية وحسابات مالية.

ـ خداع المعاملات المالية: حيث يَعِدُ الطرف المخادع، من طريق رسالة بريد إلكتروني أو رسائل نصية قصيرة (SMS ) من طريق الهواتف النقالة، الطرف المخدوع بنسبة كبيرة من ثروة وهمية مقدرة بالملايين شرط أن يقوم المستخدم المخدوع أولاً ببعض الترتيبات لاستلام هذه الأموال. تتضمن هذه الترتيبات الاتصال برقم هاتفي معيّن للاستفسار عن الجائزة أو إرسال مبلغ من المال إلى الطرف الأول لسبب ما أو للحصول على رقم الحساب المصرفي منها.

ج- البرمجيات الماكرة أو الخبيثة (Malware):

توجد أنواع عدة من البرمجيات الماكرة او الخبيثة فمنها ما هو مبرمج بهدف التسلل إلى نظام الحاسوب من أجل التجسس والقرصنة واستغلال المعلومات الشخصية الحساسة، مثل حصان طروادة (Trojan horse ) ومنها ما هو مبرمج بهدف تدمير أو تعطيل أداء الحاسوب مثل الفيروسات.

ما إن يتمّ تثبيت البرمجية الخبيثة فإنه من الصعب جدّاً إزالتها. يتراوح أذاها بحسب درجة البرمجية من إزعاج بسيط كعرض بعض النوافذ الإعلانية غير المرغوب بها إلى أذىً خطير يتطلب إعادة تهيئة (Format ) القرص الصلب على سبيل المثال وقد تصل إلى حدّ سرقة الهوية والمعلومات الشخصية لا سيما المالية والمصرفية.

 

قواعد تساعد على تأمين بيئة أكثر أمانًا للأطفال على الشبكة

انّ منع الأطفال من استخدام الإنترنت ليس الطريق الأمثل لحمايتهم، فهذه الطريقة لا تحلّ شيئًا؛ لا سيما وأنّ الطفل أو المراهق يستطيع استخدام الإنترنت خارج المنزل مع أصدقائه أو في مقاهي الإنترنت أو في مدرسته أو على الهواتف الخلوية وغيرها من التقنيات الحديثة.

فهل نسمح لأبنائنا باستخدام شبكة الإنترنت في عقر دارنا، أو نجعلهم يختلسون الفرص لاستخدامها بعيدًا عن أعيننا؟ لذا من المستحسن على الأهل أن يتفقوا مع أطفالهم على النّقاط الآتية:

1- الحيطة والحذر:

من بديهيّات أو أساسيّات سلامة استخدام الإنترنت:

  • عدم إعطاء معلومات شخصيّة مثل الاسم، العمر، المدرسة، العنوان...
  • التّأكّد من استخدام أدوات الخصوصيّة (Privacy settings ) على سبيل المثال: عدم تشارك الصّور والمعلومات مع الغرباء.
  • الاحتفاظ بسرّيّة كلمة المرور (Password).
  • عدم الدّردشة مع الغرباء.
  • عدم فتح أو استقبال رسائل بريديّة  (E-mails) من الغرباء.
  • حضّ الأطفال على إخبار شخصٍ راشد فور شعورهم بعدم الارتياح .

 

2-  مراقبة أنشطة الأطفال على الشّبكة والتّحكّم بها:

  • استخدام برمجيّات المراقبة الأبويّة (Parental control) المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه.

 

ملاحظة:

من أجل الاستعلام عن خدمة الحماية العائلية (Family protection) على الإنترنت التابعة لأوجيرو:

من أجل تحميل برامج تصفية محتويات وبرامج مراقبة أبوية:
ـ وضع الحاسوب ولا سيما وصلة الإنترنت في مكانٍ عامّ في المنزل وليس في غرفة نوم الأطفال.
ـ الاتفاق مع الأطفال على طبيعة المواقع المسموح زيارتها.
ـ وضع قواعد لاستخدام الإنترنت وذلك من خلال تنظيم وقت استخدام الشّبكة والمدّة المسموح بها.
ـ الاتفاق مع الأطفال على مبادئ التّحميل (Download) وقواعده: نوعية الموسيقى- الأفلام- الألعاب ... المسموح بها.

 

3- الالتزام بالقواعد الأخلاقيّة على الإنترنت:
وذلك من خلال الطلب إلى الأطفال أن:
ـ يُحافظوا على سمعة رقميّة جيّدة.
ـ لا ينشروا محتوى أو صورًا محرجة للآخرين ومن دون علمهم أو موافقتهم.
ـ لا يخرقوا قوانين الملكيّة الفكريّة وقواعد الآداب العامة المتعارف عليها اجتماعيّاً وأن يستشهدوا بالمصادر بالشّكل الصّحيح.
ـ لا يقوموا بنشر أو تدوين أي تعليق مسيء للآخرين.
ـ لا ينضمّوا إلى مجموعات مسيئة للآخرين أو مسيئة للمعتقدات والأديان والتي تروّج لأفكار وقضايا تتنافى مع الأخلاق والآداب مثل العنصرية، العنف، الشيطانية، الإرهاب، السادية، التشجيع على تعاطي المخدرات والانتحار... وكذلك لا يؤيّدوا هذه المجموعات.

 

4- فتح باب الحوار والتّواصل:
ويتمّ ذلك من خلال محاورة الأطفال حول:
ـ مراكز اهتماماتهم على الشّبكة ونوعيّة المواقع التي يزورونها عادة.
ـ الأشخاص الّذين يدردشون معهم.
ـ رفض الإنجرار وراء تصرّفات الأصدقاء غير المقبولة من طريق إخبارهم أن ما يقوم به هؤلاء لا يُعدّ بالضرورة صحيحًا.

"مطوية سلامة أطفالنا علىالأنترنيت" التي تم إنتاجها بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية والمركز التربوي للبحوث والإنماء

 

5-  التّعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها:
من الضّروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفيّة التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل، من خلال تحذيرهم أن:
ـ لا يأخذوا مديح بعض الأشخاص الغرباء على محمل الجدّ.
ـ لا ينبهروا بوعود الغرباء ولا يمتثلوا لإغراءاتهم كالمال، والهدايا، والحنان...
ـ لا يُجيبوا عن الأسئلة المتعلقة بالبنية الجسدية  (القامة، الوزن، لون العينين، السن...).
ـ لا يشعروا بالرّهبة من الأشياء المُريبة وأن يُعلموكم فورًا بذلك.
ـ المحافظة على سلامتهم على الإنترنت لن توقعهم في مشاكل كحرمانهم من استعمال الحاسوب.

 

6- الحرص على حماية الحاسوب الشّخصي:
تأكّدوا من استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشّخصيّة مثل برامج جدران النّار (Firewall ) الموجودة في الحاسوب ... وتحديثها دوريّاً.
وأخيرًا يتعيّن أن تكون رسائل السلامة على الإنترنت حسنة التوقيت، وحساسة ثقافيّاً، وتُضاهي قِيَم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الطفل.
فالمبدأ الراسخ يقضي بترشيد استخدام الإنترنت عند الأطفال ويكمن في احترام حقهم في الوصول إلى التكنولوجيا والإنترنت وحضّهم على استغلال الشبكة بطرق إيجابية ومفيدة وممارسة مواطنيتهم الرقمية بكل مسوؤلية بعيدًا عن الرقابة البوليسية والمقاربة السلبية.