أهميَّة الشِّعر في تعليم اللُّغة العربية

صورة للدكتور ميشال كعدي

في سِرِّ الكلمةِ، أفرادٌ يَبْسطونَ سُلطانَهم الشِّعريَّ على العَصْرِ، وَيُثْبِتُونَ أنَّ الشِّعرَ مِفتاحُ القُلوُبِ والعقولِ، والنَّغَمُ في الآذَانِ. وإنَّما هُوَ اللّغةُ الأَرقى والأَسْمَى بينَ لُغاتِ الحَياةِ.

الشِّعرُ كلماتٌ مرموقةٌ على هَمْسٍ موسيقيٍّ، يُهَذِّبُ النَّفْسَ والجَوانيَّة، على قرارٍ ذَوقيٍّ، عَبْرَ مِزَقٍ من الحواسِّ الخمسِ وَوَميضِ الذّاتِ، وأُغنياتٍ تطولُ الرِّقاعَ، وأبعادَ العيونِ.

فوائد تدريس الشِّعر وحفظهِ

ما أعظمَ نِعْمَة الشِّعْر، يقول الشاعر جورج شكُّور1، وما أَقْرَبَها لإشاعة الطُمأنينةِ وامتلاك الأفئدة.

ولِأنَّ الشِّعر يضيء في عُمْر الإنسانِ، ويجلو الذَّوقَ والمَشاعِر، أوْصى كِبارُ المفكِّرين بتدريسه وحِفظه في مدارسنا، ثمّ أكَّدوا على ضرورته في الجامعات، ظنًّا منهم، أنَّه يَمْسَحُ غبارَ الحِقْدِ من النّفوسِ، ويُقَرِّبُ القلوبَ والأرواحَ، ويُرسِّخُ حُبَّ الموسيقى في الذَّاتِ البشريَّةِ، ويَعمَلُ على التلاقي والمحبَّةِ، وعبرَ هذا المفهوم أطلقَ الشَّاعر شكُّور شِعارَه الشَّهير: «عَلِّمُوا أبناءكم الشِّعر، فالشِّعر رُوحُ الأُمَّة».

ونظرًا لِتَراجُعِ العناية بتدريس الشِّعر وتحفيظه للنَّاشئة في كثيرٍ من مدارس لبنان والبلدان العربيَّة ضَعُفَت ذائقة التلامذة، وأَلْهَتْهم التكنولوجيا عن هذا الفنِّ الجميل الذي هو « ديوان العرب» ورائعة لغة الضّادِ. وضَعُفَ لفظُهم وإنشاؤهم حتى في الصُّفوف النِّهائية مِنَ المرحلة الثَّانويَّة، وَضَعُفتْ أَيضًا الموسيقى في القولِ والكَلِم وتناظُمِ  المقاييسِ، فاقتضت الحال  نهضة لغويَّة وأدبيَّة جديدة. وَمَن غيرُ الشُّعراء آباء لهذه النَّهضة؟

دقّة اختيار النصوص الشِّعرية

إزاءَ هذا الواقعِ، كان من الطبيعيّ، أنّ يُلاحِظَ الشَّاعر والمعلِّم جورج شكُّور، كما لاحظ كثيرٌ من زملائهِ ظاهرة الضعف في مدارسنا، فانتدب نفسه ليكون شريكًا في ورشةِ الإصلاح، وأعَدَّ سلسلةً من القصائد الجميلة بعنوان: « شِعرُنا الجميل» تتناسَبُ مع مستوى التلامذة في المراحل الأساسيةِ كلِّها بدءًا من مرحلة الرّوضة وحتى الصف التاسِع الأساسي، كما أنَّها تصلحُ أساسًا لِمكتبةٍ في المدارسِ وفي كُلِّ بيتٍ.

والجدير بالذكر أن المركز التربوي للبحوث والإنماء، قيَّم هذه السلسلة وأثنى على الجهود المبذولة من قِبَلِ مُعدِّها. فعملية اختيار النّصوص الشِّعرية ليست سهلة. وغالبًا ما يجد المعلِّم نفسه بحاجة ملحّة لقصيدة تناسب مستوى التلامذة وأعمارهم وتتلاءم مع محاور الكتاب المدرسي الوطني.

سلسلة كُتُب « شِعرُنا الجميل» بأَجزائها التِّسعة التي أعَدَّها شكُّور إلى جانب: «حبيبتي الحروف»، وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الخَطّ و« فَرح الألوان» وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الرَّسم، تُسِهمُ إسهامًا فعّالًا في النهضة التعليميَّة المَرجُوّة.

ولقد اختار الشَّاعر شكُّور مُنتخباتٍ من شِعر ثلاثة وتسعين شاعِرًا من لبنان والبلاد العربيَّة، بدءًا من أحمد شوقي والأخطل الصَّغير وسعيد عقل وأمين رزق وعمر أبو ريشة وسليمان العيسى وبدويّ الجبل، وإيليا ابو ماضي، ونزار قبَّاني ومحمَّد الهراوي، وصُولًا إلى باسمة بطولي، وأنطوان رَعْد وهدى ميقاتي، وجورج الحاج، وميشال كعدي وميشال جحا ونزار دندش، وبلقيس أبو الخدود، وجوزف هاشم وصالح الدّسوقي وريمون عازار وسلمان زين الدّين، على سبيل المثال لا الحصر.

وهذه بعضُ أمثلةٍ من الأَشعارِ المختارةِ، أَوَّلها مقطوعة للحَلْقةِ الأُولى مِنَ التَّعليمِ الأَساسيّ للشَّاعرِ أنطوان رعد:

أَرْسُــــمُ فَــوْقَ اللّـــــَوْحِ الأَخْضَـــــــرْ

فَلَّاحًـــــا، حَقْـــــــــــــــلًا وَمَعــــــــــــــاوِلْ

أَرْسُـــــــــمُ مِحْــــــــــراثًا وسَنابـــــــــــــــــلْ

وغِـــلالًا فـــــي حِضْــــنِ البَيْـــــــدَرْ

 

أَرْسُـــــــمُ فَوْقَ اللّــــــَوْحِ الأَخْضـــرْ

أطْفــــــــالًا، كُتـــــــــــبًا وحَمَائِــــــــــــــــمْ

أَرْسُــــــــــمُ أزهــــــــــــــــارًا وبَراعِـــــــــــــمْ

بِرَحيـــــــــــــقِ نَسائِمِــــها نَسْكَـــــــــــــــرْ

 

وللمرحلة التكميليَّة مقطوعة من قصيدة للشَّاعر جورج شكُّور عنوانها « وتاجُ النَّثْرِ جبرانُ»

هِمْ، يـــــــا زَمانُ، جَبينُ المَجْـــــدِ هَيْمانُ

 

هانِــــــي بِـــــيَ اثْنـــــــــانِ: لبنانٌ وجُبـْـــــــرانُ

لِلعَبْقرِيَّـــــــــــــــة بَعْــــدَ المَــــــوْتِ حُرْمَتُـــــهـــــــا

 

 وَلَـــــــوْ دَهاها بِلَيْـــــلِ العُمْــــــرِ حِرْمـــــانُ

وَمَــــنْ تُرَى هُــــــوَ لُبنانُ الَّــــــذي غَنِيَـــتْ

 

بــــــــــــه عُصُـــــــورٌ، وغَنَّـــــــاهُ سُلَيْمــــــــانُ ؟

شيءٌ مـــــن الغَيْبِ، لَوْحــــــاتٌ مُغازِلَـــــةٌ

 

حُلْــــــمَ الخَيــــــالِ غَــــــداةَ السِّحْرُ سَكْرانُ

واعْلَــــوْلِ، بَــــــعْــــدُ، هِبـــــــاتُ اللهِ طَيِّبـــــــةٌ

 

لُبنـــــــــــــانُ حُــــــبٌّ، وقَلْــــــــبُ اللهِ لُبنـــــــــانُ

هو القَصيدةُ مِــــــنْ نَظْمِ الإلــهِ غَــــــدَتْ

 

بِنْــــــتَ الـــــــتَّفَرُّدِ، مــــــا وَحْـــــيٌ وفنَّــــــانُ؟!

مُذْ كان لُبْنانُ عَرْشَ الشِّعرِ، كان بهِ

 

للنَّثـــــْرِ عَــــرْشٌ وتــــــاجُ النَّثــــْر جُبْــــــرانُ

فبمثلِ هذا الشِّعرِ تعْلُو النُّفُوسُ وتُرْهَفُ الأذواقُ والأحاسيسُ، وبخاصةٍ عند التلامذة على مقاعِدِ المدارسِ، أمَّا قَتْلُ الشِّعر أو تَغْييبُهُ عن المجتمع الإنسانيّ، فقد يُؤَدِّي إلى إسْفافٍ في كثيرٍ من أساليب لُغةِ التَّعاطي بينَ الناسِ ولغةِ الاجتماع، وقد بدا ذلك في ظُهُور برامج تلفزيونيَّة لا تليقُ بالإنسانيَّةِ والتَّهذيب، أقلّ ما يُقال فيها، إنَّ الذوق يَمُجُّها والأخلاق تَرْفُضُها، لأنَّها لَيسَتْ مِن شيَمِنا وعاداتِنا.

 وإن قَلَّ الشِّعرُ، قَلَّ الذَّوق، كما قال عُظَماءُ التّربية ونذكر منهم المغفور له البطريرك أغناطيوس هزيم الذي كان له يدٌ طوُلى في مجالِ التّربيةِ، ويجبُ ألاّ نغفلَ القيّمين على المناهج التعليميَّةِ في لبنان.

والشِّعرُ، إلى جانب كُلِّ ما ذَكَرنا، يَلُمُّ شَمْلَ الوطن والأُمَّة،  والعَلَمِ  الجامعِ حُبَّ المرْءِ للمَرْءِ، وَحُبَّ القِيَم والمُثُل والأرض والمواطنة، وهذا ما أَشَارَتْ إليه  قصيدة " العَلَم" للشّاعر ميشال كعدي ومنها:

مَـــــــلأَ الفَضَـــــاءَ تَمايُـــلاً وتَبَـــختُـــــــــرا

 

وَكَسَا المَدَى ثَوْبَ النَّضارَةِ أَخْضَـــــــرا

عَلَمـــي فَدَيْتُكَ كافْتِــــدائي مَوْطِنـــي

 

ورَفَعْتُ رَأسي تَحْتَ ظِلِّكَ في الــــوَرى

ولقد وقَفْــــتُ على وَفـــائِك مُهجتــي

 

وهَــــــــــواكَ بالشِّعْــــــر العَلــــيِّ اسْتأثَـــــــــــرا

يا جامعَ الأشتات من شعْبٍ غَدَا

 

بمجــــاهِــــلِ الدُّنيـــــــا البِعـــــادِ مُبَعْــــثــــــــــــرا

إنْ بِتًّ في قَلقٍ أو كنتَ مجهودًا، ذُقْ فَرَحًا، وشَجْوَ قَوْلٍ مُنَغَّمٍ، وَطِيبَ رُوحٍ، تَنسابُ على طَرَفِ رِيْشةٍ  وَلُوعٍ بالشِّعرِ والشُّعَراءِ وأَرَجِ القوافي، فتُفتَحُ لكَ خَزائنُ الشِّعْرِ الجَميلِ، على وَقْعِ اصْطِكاكِ الحُروفِ والعَرُوض التي يَحْرُسُها شاعِرُ «الجماليا» جورج شكّور، في مجموعةِ « شِعرُنا الجميل»...

من مؤلفاته:

زَهرة الجَماليا – دار الأخطل الصغير 1996.

وَحدَها القَمَر – دار الأخطل الصغير 1971.

مِرآة  ميــــــرا - دار الأخطل الصغير 2004.

عنهم وعنِّي - دار الأخطل الصغير 2009

ذَهَبُ الغَزَل - دار الأخطل الصغير 2013.

أهميَّة الشِّعر في تعليم اللُّغة العربية

صورة للدكتور ميشال كعدي

في سِرِّ الكلمةِ، أفرادٌ يَبْسطونَ سُلطانَهم الشِّعريَّ على العَصْرِ، وَيُثْبِتُونَ أنَّ الشِّعرَ مِفتاحُ القُلوُبِ والعقولِ، والنَّغَمُ في الآذَانِ. وإنَّما هُوَ اللّغةُ الأَرقى والأَسْمَى بينَ لُغاتِ الحَياةِ.

الشِّعرُ كلماتٌ مرموقةٌ على هَمْسٍ موسيقيٍّ، يُهَذِّبُ النَّفْسَ والجَوانيَّة، على قرارٍ ذَوقيٍّ، عَبْرَ مِزَقٍ من الحواسِّ الخمسِ وَوَميضِ الذّاتِ، وأُغنياتٍ تطولُ الرِّقاعَ، وأبعادَ العيونِ.

فوائد تدريس الشِّعر وحفظهِ

ما أعظمَ نِعْمَة الشِّعْر، يقول الشاعر جورج شكُّور1، وما أَقْرَبَها لإشاعة الطُمأنينةِ وامتلاك الأفئدة.

ولِأنَّ الشِّعر يضيء في عُمْر الإنسانِ، ويجلو الذَّوقَ والمَشاعِر، أوْصى كِبارُ المفكِّرين بتدريسه وحِفظه في مدارسنا، ثمّ أكَّدوا على ضرورته في الجامعات، ظنًّا منهم، أنَّه يَمْسَحُ غبارَ الحِقْدِ من النّفوسِ، ويُقَرِّبُ القلوبَ والأرواحَ، ويُرسِّخُ حُبَّ الموسيقى في الذَّاتِ البشريَّةِ، ويَعمَلُ على التلاقي والمحبَّةِ، وعبرَ هذا المفهوم أطلقَ الشَّاعر شكُّور شِعارَه الشَّهير: «عَلِّمُوا أبناءكم الشِّعر، فالشِّعر رُوحُ الأُمَّة».

ونظرًا لِتَراجُعِ العناية بتدريس الشِّعر وتحفيظه للنَّاشئة في كثيرٍ من مدارس لبنان والبلدان العربيَّة ضَعُفَت ذائقة التلامذة، وأَلْهَتْهم التكنولوجيا عن هذا الفنِّ الجميل الذي هو « ديوان العرب» ورائعة لغة الضّادِ. وضَعُفَ لفظُهم وإنشاؤهم حتى في الصُّفوف النِّهائية مِنَ المرحلة الثَّانويَّة، وَضَعُفتْ أَيضًا الموسيقى في القولِ والكَلِم وتناظُمِ  المقاييسِ، فاقتضت الحال  نهضة لغويَّة وأدبيَّة جديدة. وَمَن غيرُ الشُّعراء آباء لهذه النَّهضة؟

دقّة اختيار النصوص الشِّعرية

إزاءَ هذا الواقعِ، كان من الطبيعيّ، أنّ يُلاحِظَ الشَّاعر والمعلِّم جورج شكُّور، كما لاحظ كثيرٌ من زملائهِ ظاهرة الضعف في مدارسنا، فانتدب نفسه ليكون شريكًا في ورشةِ الإصلاح، وأعَدَّ سلسلةً من القصائد الجميلة بعنوان: « شِعرُنا الجميل» تتناسَبُ مع مستوى التلامذة في المراحل الأساسيةِ كلِّها بدءًا من مرحلة الرّوضة وحتى الصف التاسِع الأساسي، كما أنَّها تصلحُ أساسًا لِمكتبةٍ في المدارسِ وفي كُلِّ بيتٍ.

والجدير بالذكر أن المركز التربوي للبحوث والإنماء، قيَّم هذه السلسلة وأثنى على الجهود المبذولة من قِبَلِ مُعدِّها. فعملية اختيار النّصوص الشِّعرية ليست سهلة. وغالبًا ما يجد المعلِّم نفسه بحاجة ملحّة لقصيدة تناسب مستوى التلامذة وأعمارهم وتتلاءم مع محاور الكتاب المدرسي الوطني.

سلسلة كُتُب « شِعرُنا الجميل» بأَجزائها التِّسعة التي أعَدَّها شكُّور إلى جانب: «حبيبتي الحروف»، وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الخَطّ و« فَرح الألوان» وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الرَّسم، تُسِهمُ إسهامًا فعّالًا في النهضة التعليميَّة المَرجُوّة.

ولقد اختار الشَّاعر شكُّور مُنتخباتٍ من شِعر ثلاثة وتسعين شاعِرًا من لبنان والبلاد العربيَّة، بدءًا من أحمد شوقي والأخطل الصَّغير وسعيد عقل وأمين رزق وعمر أبو ريشة وسليمان العيسى وبدويّ الجبل، وإيليا ابو ماضي، ونزار قبَّاني ومحمَّد الهراوي، وصُولًا إلى باسمة بطولي، وأنطوان رَعْد وهدى ميقاتي، وجورج الحاج، وميشال كعدي وميشال جحا ونزار دندش، وبلقيس أبو الخدود، وجوزف هاشم وصالح الدّسوقي وريمون عازار وسلمان زين الدّين، على سبيل المثال لا الحصر.

وهذه بعضُ أمثلةٍ من الأَشعارِ المختارةِ، أَوَّلها مقطوعة للحَلْقةِ الأُولى مِنَ التَّعليمِ الأَساسيّ للشَّاعرِ أنطوان رعد:

أَرْسُــــمُ فَــوْقَ اللّـــــَوْحِ الأَخْضَـــــــرْ

فَلَّاحًـــــا، حَقْـــــــــــــــلًا وَمَعــــــــــــــاوِلْ

أَرْسُـــــــــمُ مِحْــــــــــراثًا وسَنابـــــــــــــــــلْ

وغِـــلالًا فـــــي حِضْــــنِ البَيْـــــــدَرْ

 

أَرْسُـــــــمُ فَوْقَ اللّــــــَوْحِ الأَخْضـــرْ

أطْفــــــــالًا، كُتـــــــــــبًا وحَمَائِــــــــــــــــمْ

أَرْسُــــــــــمُ أزهــــــــــــــــارًا وبَراعِـــــــــــــمْ

بِرَحيـــــــــــــقِ نَسائِمِــــها نَسْكَـــــــــــــــرْ

 

وللمرحلة التكميليَّة مقطوعة من قصيدة للشَّاعر جورج شكُّور عنوانها « وتاجُ النَّثْرِ جبرانُ»

هِمْ، يـــــــا زَمانُ، جَبينُ المَجْـــــدِ هَيْمانُ

 

هانِــــــي بِـــــيَ اثْنـــــــــانِ: لبنانٌ وجُبـْـــــــرانُ

لِلعَبْقرِيَّـــــــــــــــة بَعْــــدَ المَــــــوْتِ حُرْمَتُـــــهـــــــا

 

 وَلَـــــــوْ دَهاها بِلَيْـــــلِ العُمْــــــرِ حِرْمـــــانُ

وَمَــــنْ تُرَى هُــــــوَ لُبنانُ الَّــــــذي غَنِيَـــتْ

 

بــــــــــــه عُصُـــــــورٌ، وغَنَّـــــــاهُ سُلَيْمــــــــانُ ؟

شيءٌ مـــــن الغَيْبِ، لَوْحــــــاتٌ مُغازِلَـــــةٌ

 

حُلْــــــمَ الخَيــــــالِ غَــــــداةَ السِّحْرُ سَكْرانُ

واعْلَــــوْلِ، بَــــــعْــــدُ، هِبـــــــاتُ اللهِ طَيِّبـــــــةٌ

 

لُبنـــــــــــــانُ حُــــــبٌّ، وقَلْــــــــبُ اللهِ لُبنـــــــــانُ

هو القَصيدةُ مِــــــنْ نَظْمِ الإلــهِ غَــــــدَتْ

 

بِنْــــــتَ الـــــــتَّفَرُّدِ، مــــــا وَحْـــــيٌ وفنَّــــــانُ؟!

مُذْ كان لُبْنانُ عَرْشَ الشِّعرِ، كان بهِ

 

للنَّثـــــْرِ عَــــرْشٌ وتــــــاجُ النَّثــــْر جُبْــــــرانُ

فبمثلِ هذا الشِّعرِ تعْلُو النُّفُوسُ وتُرْهَفُ الأذواقُ والأحاسيسُ، وبخاصةٍ عند التلامذة على مقاعِدِ المدارسِ، أمَّا قَتْلُ الشِّعر أو تَغْييبُهُ عن المجتمع الإنسانيّ، فقد يُؤَدِّي إلى إسْفافٍ في كثيرٍ من أساليب لُغةِ التَّعاطي بينَ الناسِ ولغةِ الاجتماع، وقد بدا ذلك في ظُهُور برامج تلفزيونيَّة لا تليقُ بالإنسانيَّةِ والتَّهذيب، أقلّ ما يُقال فيها، إنَّ الذوق يَمُجُّها والأخلاق تَرْفُضُها، لأنَّها لَيسَتْ مِن شيَمِنا وعاداتِنا.

 وإن قَلَّ الشِّعرُ، قَلَّ الذَّوق، كما قال عُظَماءُ التّربية ونذكر منهم المغفور له البطريرك أغناطيوس هزيم الذي كان له يدٌ طوُلى في مجالِ التّربيةِ، ويجبُ ألاّ نغفلَ القيّمين على المناهج التعليميَّةِ في لبنان.

والشِّعرُ، إلى جانب كُلِّ ما ذَكَرنا، يَلُمُّ شَمْلَ الوطن والأُمَّة،  والعَلَمِ  الجامعِ حُبَّ المرْءِ للمَرْءِ، وَحُبَّ القِيَم والمُثُل والأرض والمواطنة، وهذا ما أَشَارَتْ إليه  قصيدة " العَلَم" للشّاعر ميشال كعدي ومنها:

مَـــــــلأَ الفَضَـــــاءَ تَمايُـــلاً وتَبَـــختُـــــــــرا

 

وَكَسَا المَدَى ثَوْبَ النَّضارَةِ أَخْضَـــــــرا

عَلَمـــي فَدَيْتُكَ كافْتِــــدائي مَوْطِنـــي

 

ورَفَعْتُ رَأسي تَحْتَ ظِلِّكَ في الــــوَرى

ولقد وقَفْــــتُ على وَفـــائِك مُهجتــي

 

وهَــــــــــواكَ بالشِّعْــــــر العَلــــيِّ اسْتأثَـــــــــــرا

يا جامعَ الأشتات من شعْبٍ غَدَا

 

بمجــــاهِــــلِ الدُّنيـــــــا البِعـــــادِ مُبَعْــــثــــــــــــرا

إنْ بِتًّ في قَلقٍ أو كنتَ مجهودًا، ذُقْ فَرَحًا، وشَجْوَ قَوْلٍ مُنَغَّمٍ، وَطِيبَ رُوحٍ، تَنسابُ على طَرَفِ رِيْشةٍ  وَلُوعٍ بالشِّعرِ والشُّعَراءِ وأَرَجِ القوافي، فتُفتَحُ لكَ خَزائنُ الشِّعْرِ الجَميلِ، على وَقْعِ اصْطِكاكِ الحُروفِ والعَرُوض التي يَحْرُسُها شاعِرُ «الجماليا» جورج شكّور، في مجموعةِ « شِعرُنا الجميل»...

من مؤلفاته:

زَهرة الجَماليا – دار الأخطل الصغير 1996.

وَحدَها القَمَر – دار الأخطل الصغير 1971.

مِرآة  ميــــــرا - دار الأخطل الصغير 2004.

عنهم وعنِّي - دار الأخطل الصغير 2009

ذَهَبُ الغَزَل - دار الأخطل الصغير 2013.

أهميَّة الشِّعر في تعليم اللُّغة العربية

صورة للدكتور ميشال كعدي

في سِرِّ الكلمةِ، أفرادٌ يَبْسطونَ سُلطانَهم الشِّعريَّ على العَصْرِ، وَيُثْبِتُونَ أنَّ الشِّعرَ مِفتاحُ القُلوُبِ والعقولِ، والنَّغَمُ في الآذَانِ. وإنَّما هُوَ اللّغةُ الأَرقى والأَسْمَى بينَ لُغاتِ الحَياةِ.

الشِّعرُ كلماتٌ مرموقةٌ على هَمْسٍ موسيقيٍّ، يُهَذِّبُ النَّفْسَ والجَوانيَّة، على قرارٍ ذَوقيٍّ، عَبْرَ مِزَقٍ من الحواسِّ الخمسِ وَوَميضِ الذّاتِ، وأُغنياتٍ تطولُ الرِّقاعَ، وأبعادَ العيونِ.

فوائد تدريس الشِّعر وحفظهِ

ما أعظمَ نِعْمَة الشِّعْر، يقول الشاعر جورج شكُّور1، وما أَقْرَبَها لإشاعة الطُمأنينةِ وامتلاك الأفئدة.

ولِأنَّ الشِّعر يضيء في عُمْر الإنسانِ، ويجلو الذَّوقَ والمَشاعِر، أوْصى كِبارُ المفكِّرين بتدريسه وحِفظه في مدارسنا، ثمّ أكَّدوا على ضرورته في الجامعات، ظنًّا منهم، أنَّه يَمْسَحُ غبارَ الحِقْدِ من النّفوسِ، ويُقَرِّبُ القلوبَ والأرواحَ، ويُرسِّخُ حُبَّ الموسيقى في الذَّاتِ البشريَّةِ، ويَعمَلُ على التلاقي والمحبَّةِ، وعبرَ هذا المفهوم أطلقَ الشَّاعر شكُّور شِعارَه الشَّهير: «عَلِّمُوا أبناءكم الشِّعر، فالشِّعر رُوحُ الأُمَّة».

ونظرًا لِتَراجُعِ العناية بتدريس الشِّعر وتحفيظه للنَّاشئة في كثيرٍ من مدارس لبنان والبلدان العربيَّة ضَعُفَت ذائقة التلامذة، وأَلْهَتْهم التكنولوجيا عن هذا الفنِّ الجميل الذي هو « ديوان العرب» ورائعة لغة الضّادِ. وضَعُفَ لفظُهم وإنشاؤهم حتى في الصُّفوف النِّهائية مِنَ المرحلة الثَّانويَّة، وَضَعُفتْ أَيضًا الموسيقى في القولِ والكَلِم وتناظُمِ  المقاييسِ، فاقتضت الحال  نهضة لغويَّة وأدبيَّة جديدة. وَمَن غيرُ الشُّعراء آباء لهذه النَّهضة؟

دقّة اختيار النصوص الشِّعرية

إزاءَ هذا الواقعِ، كان من الطبيعيّ، أنّ يُلاحِظَ الشَّاعر والمعلِّم جورج شكُّور، كما لاحظ كثيرٌ من زملائهِ ظاهرة الضعف في مدارسنا، فانتدب نفسه ليكون شريكًا في ورشةِ الإصلاح، وأعَدَّ سلسلةً من القصائد الجميلة بعنوان: « شِعرُنا الجميل» تتناسَبُ مع مستوى التلامذة في المراحل الأساسيةِ كلِّها بدءًا من مرحلة الرّوضة وحتى الصف التاسِع الأساسي، كما أنَّها تصلحُ أساسًا لِمكتبةٍ في المدارسِ وفي كُلِّ بيتٍ.

والجدير بالذكر أن المركز التربوي للبحوث والإنماء، قيَّم هذه السلسلة وأثنى على الجهود المبذولة من قِبَلِ مُعدِّها. فعملية اختيار النّصوص الشِّعرية ليست سهلة. وغالبًا ما يجد المعلِّم نفسه بحاجة ملحّة لقصيدة تناسب مستوى التلامذة وأعمارهم وتتلاءم مع محاور الكتاب المدرسي الوطني.

سلسلة كُتُب « شِعرُنا الجميل» بأَجزائها التِّسعة التي أعَدَّها شكُّور إلى جانب: «حبيبتي الحروف»، وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الخَطّ و« فَرح الألوان» وهي ثلاثة كُتُبٍ في تعليم الرَّسم، تُسِهمُ إسهامًا فعّالًا في النهضة التعليميَّة المَرجُوّة.

ولقد اختار الشَّاعر شكُّور مُنتخباتٍ من شِعر ثلاثة وتسعين شاعِرًا من لبنان والبلاد العربيَّة، بدءًا من أحمد شوقي والأخطل الصَّغير وسعيد عقل وأمين رزق وعمر أبو ريشة وسليمان العيسى وبدويّ الجبل، وإيليا ابو ماضي، ونزار قبَّاني ومحمَّد الهراوي، وصُولًا إلى باسمة بطولي، وأنطوان رَعْد وهدى ميقاتي، وجورج الحاج، وميشال كعدي وميشال جحا ونزار دندش، وبلقيس أبو الخدود، وجوزف هاشم وصالح الدّسوقي وريمون عازار وسلمان زين الدّين، على سبيل المثال لا الحصر.

وهذه بعضُ أمثلةٍ من الأَشعارِ المختارةِ، أَوَّلها مقطوعة للحَلْقةِ الأُولى مِنَ التَّعليمِ الأَساسيّ للشَّاعرِ أنطوان رعد:

أَرْسُــــمُ فَــوْقَ اللّـــــَوْحِ الأَخْضَـــــــرْ

فَلَّاحًـــــا، حَقْـــــــــــــــلًا وَمَعــــــــــــــاوِلْ

أَرْسُـــــــــمُ مِحْــــــــــراثًا وسَنابـــــــــــــــــلْ

وغِـــلالًا فـــــي حِضْــــنِ البَيْـــــــدَرْ

 

أَرْسُـــــــمُ فَوْقَ اللّــــــَوْحِ الأَخْضـــرْ

أطْفــــــــالًا، كُتـــــــــــبًا وحَمَائِــــــــــــــــمْ

أَرْسُــــــــــمُ أزهــــــــــــــــارًا وبَراعِـــــــــــــمْ

بِرَحيـــــــــــــقِ نَسائِمِــــها نَسْكَـــــــــــــــرْ

 

وللمرحلة التكميليَّة مقطوعة من قصيدة للشَّاعر جورج شكُّور عنوانها « وتاجُ النَّثْرِ جبرانُ»

هِمْ، يـــــــا زَمانُ، جَبينُ المَجْـــــدِ هَيْمانُ

 

هانِــــــي بِـــــيَ اثْنـــــــــانِ: لبنانٌ وجُبـْـــــــرانُ

لِلعَبْقرِيَّـــــــــــــــة بَعْــــدَ المَــــــوْتِ حُرْمَتُـــــهـــــــا

 

 وَلَـــــــوْ دَهاها بِلَيْـــــلِ العُمْــــــرِ حِرْمـــــانُ

وَمَــــنْ تُرَى هُــــــوَ لُبنانُ الَّــــــذي غَنِيَـــتْ

 

بــــــــــــه عُصُـــــــورٌ، وغَنَّـــــــاهُ سُلَيْمــــــــانُ ؟

شيءٌ مـــــن الغَيْبِ، لَوْحــــــاتٌ مُغازِلَـــــةٌ

 

حُلْــــــمَ الخَيــــــالِ غَــــــداةَ السِّحْرُ سَكْرانُ

واعْلَــــوْلِ، بَــــــعْــــدُ، هِبـــــــاتُ اللهِ طَيِّبـــــــةٌ

 

لُبنـــــــــــــانُ حُــــــبٌّ، وقَلْــــــــبُ اللهِ لُبنـــــــــانُ

هو القَصيدةُ مِــــــنْ نَظْمِ الإلــهِ غَــــــدَتْ

 

بِنْــــــتَ الـــــــتَّفَرُّدِ، مــــــا وَحْـــــيٌ وفنَّــــــانُ؟!

مُذْ كان لُبْنانُ عَرْشَ الشِّعرِ، كان بهِ

 

للنَّثـــــْرِ عَــــرْشٌ وتــــــاجُ النَّثــــْر جُبْــــــرانُ

فبمثلِ هذا الشِّعرِ تعْلُو النُّفُوسُ وتُرْهَفُ الأذواقُ والأحاسيسُ، وبخاصةٍ عند التلامذة على مقاعِدِ المدارسِ، أمَّا قَتْلُ الشِّعر أو تَغْييبُهُ عن المجتمع الإنسانيّ، فقد يُؤَدِّي إلى إسْفافٍ في كثيرٍ من أساليب لُغةِ التَّعاطي بينَ الناسِ ولغةِ الاجتماع، وقد بدا ذلك في ظُهُور برامج تلفزيونيَّة لا تليقُ بالإنسانيَّةِ والتَّهذيب، أقلّ ما يُقال فيها، إنَّ الذوق يَمُجُّها والأخلاق تَرْفُضُها، لأنَّها لَيسَتْ مِن شيَمِنا وعاداتِنا.

 وإن قَلَّ الشِّعرُ، قَلَّ الذَّوق، كما قال عُظَماءُ التّربية ونذكر منهم المغفور له البطريرك أغناطيوس هزيم الذي كان له يدٌ طوُلى في مجالِ التّربيةِ، ويجبُ ألاّ نغفلَ القيّمين على المناهج التعليميَّةِ في لبنان.

والشِّعرُ، إلى جانب كُلِّ ما ذَكَرنا، يَلُمُّ شَمْلَ الوطن والأُمَّة،  والعَلَمِ  الجامعِ حُبَّ المرْءِ للمَرْءِ، وَحُبَّ القِيَم والمُثُل والأرض والمواطنة، وهذا ما أَشَارَتْ إليه  قصيدة " العَلَم" للشّاعر ميشال كعدي ومنها:

مَـــــــلأَ الفَضَـــــاءَ تَمايُـــلاً وتَبَـــختُـــــــــرا

 

وَكَسَا المَدَى ثَوْبَ النَّضارَةِ أَخْضَـــــــرا

عَلَمـــي فَدَيْتُكَ كافْتِــــدائي مَوْطِنـــي

 

ورَفَعْتُ رَأسي تَحْتَ ظِلِّكَ في الــــوَرى

ولقد وقَفْــــتُ على وَفـــائِك مُهجتــي

 

وهَــــــــــواكَ بالشِّعْــــــر العَلــــيِّ اسْتأثَـــــــــــرا

يا جامعَ الأشتات من شعْبٍ غَدَا

 

بمجــــاهِــــلِ الدُّنيـــــــا البِعـــــادِ مُبَعْــــثــــــــــــرا

إنْ بِتًّ في قَلقٍ أو كنتَ مجهودًا، ذُقْ فَرَحًا، وشَجْوَ قَوْلٍ مُنَغَّمٍ، وَطِيبَ رُوحٍ، تَنسابُ على طَرَفِ رِيْشةٍ  وَلُوعٍ بالشِّعرِ والشُّعَراءِ وأَرَجِ القوافي، فتُفتَحُ لكَ خَزائنُ الشِّعْرِ الجَميلِ، على وَقْعِ اصْطِكاكِ الحُروفِ والعَرُوض التي يَحْرُسُها شاعِرُ «الجماليا» جورج شكّور، في مجموعةِ « شِعرُنا الجميل»...

من مؤلفاته:

زَهرة الجَماليا – دار الأخطل الصغير 1996.

وَحدَها القَمَر – دار الأخطل الصغير 1971.

مِرآة  ميــــــرا - دار الأخطل الصغير 2004.

عنهم وعنِّي - دار الأخطل الصغير 2009

ذَهَبُ الغَزَل - دار الأخطل الصغير 2013.