تَسبّب وباء كورونا في تغييرٍ كبير في روتين حياتنا اليوميّة، ويتحمّل الأطفال وطأة هذه التّغييرات.
قد تكون العودة إلى المدرسة مصدر فرح للعديد من المتعلّمين، أمّا بالنسبة للآخرين فيُمكن أن تؤدّي إلى القلق أو الخوف. فيما يأتي بعض النّصائح لمساعدة الأبناء في التّعامل مع المشاعر المعقّدة الّتي يمكن أن تسبّبها العودة إلى المدرسة.
نصيحة رقم 1: تدريب الطّفل على التّعامل مع الضّغوط النّفسيّة
إنّ الضّغط النّفسيّ الّذي يشعر به بعض الأطفال بشكل طبيعيّ عند دخول المدرسة، أو بدء عام دراسي جديد لا بدّ أنّه سيكون أكبر خلال جائحة كورونا. يمكن للآباء مساعدة أبنائهم في التّكيّف بشكل جيّد مع هذا الموقف الجديد من خلال إجراء محادثة مفتوحة حول مخاوفهم، والاستماع لكلّ الأفكار الّتي تراودهم حتّى لو كانت في نظر الكبار غير ذات أهميّة، وإعلامهم بأنّه من الطّبيعي الشّعور بالقلق. وعلى الآباء ألّا يتردّدوا بالبوح لأبنائهم أنّهم هم أيضًا أحيانًا يشعرون بالقلق إزاء الوضع الحاليّ إلّا إنّه مع اتّخاذ الإجراءات الوقائيّة اللّازمة ستكون الأمور على ما يُرام.
نصيحة رقم 2: الحدّ من توتّر الأبناء لدى العودة إلى المدرسة خلال التّعليم المدمج بعد انقطاع طويل.
قد يشعر الأطفال بالتّوتّر أو التّردّد في العودة إلى المدرسة، خاصّة إذا كانوا يتعلّمون في المنزل لعدّة أشهر. أنصح الآباء بأن يُصارحوا أبناءهم بالتّغييرات الّتي سيختبرونها في المدرسة، مثل الحاجة إلى ارتداء معدّات واقية مثل القناع، وعدم الاقتراب جسديًّا من أصدقائهم ومعلّميهم. قد يُشكّل هذا الأمر إرباكًا للأطفال الصّغار، لذا من الضّروري تشجيعهم على التّفكير في طرائق أخرى للتّواصل مع رفقائهم ومعلّميهم، والحفاظ على الاتّصال بعيدًا عن التّلامس الجسديّ. مع التّأكيد على الإيجابيّات المترتّبة على هذه العودة والمتمثّلة في رؤية الأصدقاء والمعلّمين من جديد وتعلّم أمور جديدة.
نصيحة رقم 3: مواجهة صعوبة تعامل الأبناء مع القناع خلال اليوم الدّراسيّ.
قد يجد الأطفال صعوبة في ارتداء القناع طوال اليوم أثناء وجودهم في المدرسة، وقد يشعرون بالضّيق أو الإحباط عند ارتدائه، خاصّة عند الجري أو الّلعب، وهذا أمر طبيعيّ. على الأهل التّحدّث مع أبنائهم حول هذا الأمر مع إبداء تعاطفهم تجاه ما يشعر به الأطفال، والتّأكيد لهم أنّهم يتفهّمون قلقهم بشأن فيروس كورونا، لذا هم مستعدّون للاستماع إلى مخاوفهم، وهواجسهم وعواطفهم. ومن المهمّ في هذه الفترة طمأنة الأطفال من خلال إخبارهم عمّا يقوم به المعنيّون من أجل حماية الأفراد والمجتمع بشكلٍ عام، وفي الوقت نفسه التّأكيد على أهمّيّة المسؤوليّة الفرديّة والاجتماعيّة الّتي تقع على عاتق كلّ فرد من خلال اتّباع الخطوات الموصى بها للوقاية.
نصيحة رقم 4: مواجهة قلق الآباء إزاء عودة الأبناء إلى المدرسة.
قد يشعر الكثير من الآباء بالقلق من فكرة عودة الأبناء إلى المدرسة في ظلّ تزايد انتشار الفيروس في البلاد، الأمر الّذي قد يجعلهم متوتّرين وعصبيّين أحيانًا. لذا نقول من المهمّ أن يتحلّى الآباء بالهدوء والتّحدّث مع الأبناء بأسلوب متفهّم للتّحقّق من قدرتهم على التّعامل مع الموقف.
كما ننصح أولياء الأمور بالحفاظ على هدوئهم واتّزانهم، إذ غالبًا ما يمتصّ الأطفال عواطف الكبار من حولهم، بما في ذلك آباؤهم ومعلّموهم. لذلك من المهم أن يتمكّنوا من إدارة مشاعرهم جيّدًا وأن يظلّوا هادئين، وأن يستمعوا إلى مخاوف أبنائهم.
نصيحة رقم 5: حماية الأبناء من التنمّر خلال التعلّم عن بُعد
إذا كان الطفل خائفًا من التعرّض للتنمّر في المدرسة أو عبر الإنترنت، فمن المهم أن يكون هناك شخص بالغ موثوق به، يُمكنه أن يلجأ إليه في أي وقت عندما يحتاجه. أنصح الآباء بالتحقّق مع أبنائهم كل يوم وطرح عليهم أسئلة حول يومهم المدرسي وأنشطتهم عبر الإنترنت ومشاعرهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأطفال قد لا يُعبّرون عن مشاعرهم بالكلام، لذا من المهم الانتباه لأي سلوك قلق أو سلوك عدواني لأنّه قد يكون بمثابة مؤشّر إلى وجود خطأ ما.
نصيحة رقم 6: التنظيم المادّي للتعلّم عن بُعد
في فترة التعلّم عن بُعد قد يشعر بعض المتعلّمين أنّهم غير مُطالَبين بالالتزام بأي أنظمة مدرسيّة، أو قواعد تضبط سلوكهم التعليمي اليوميّ. وهنا نودّ أن نؤكّد على الآباء ضرورة تخصيص مكان محدّد لكل ابن منفصل عن الآخر، إن أمكن ذلك، على أن يكون هذا المكانهو نفسه المعتمد يوميًّا أثناء التعلّم عن بُعد، حيث لا يتنقّل الطفل من غرفة إلى أخرى يوميًّا. شرط أن يتم اختيار غرفة هادئة، ووضعيّة جلوس مريحة. مع التأكيد على عدم مشاركة الأهل الحصص التعليميّة مع الأبناء. وإضافةً إلى حثّ الأبناء على عدم المشاركة في التعليم عن بُعد بالملابس المخصّصة للنوم، والاستيقاظ قبل بدء الحصّة بوقتٍ كافٍ وتناول الفطور ممّا يُعزّز قدرتهم على التركيز والانتباه.
نصيحة رقم 7: ممارسة التمارين الرياضيّة
في فترة التعلّم عن بُعد وبسبب البقاء لفترات طويلة خلف شاشة أجهزة الكمبيوتر يُصبح المتعلّمون أكثر عُرضة للإصابة بمتلازمة العين الرقميّة، والشعور بالصّداع والوهن، وآلام في الظهر وأسفل الرقبة. لذا أنصح الآباء بحثّ أبنائهم على أخذ قسط من الراحة بين الحصّة والأخرى، والقيام ببعض التمارين الرياضيّة البسيطة، خاصّةً وأنّ للرياضة دورًا فعّالاً في خفض مستوى الكورتيزول في الدم، الأمر الذي يحفّز الذاكرة والقدرة على مواجهة الضغوط، والحدّ من القلق والتوتّر.
بقلم بروفيسور رشا عمر تدمري
أستاذ علم النّفس التّربوي في الجامعة اللّبنانيّة