في إطار الورشة الوطنية الكبرى لتحديث المناهج التربوية في لبنان، تواصل لجنة الفنون التشكيلية التي تنضوي تحت ميدان الفنون والثقافة عملها بالتعاون مع مجموعة من الخبراء في هذا المجال، لوضع رؤية تعليمية جديدة ترتكز على الإبداع، والانفتاح، والتكامل مع المواد الأخرى، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية.
وأوضحت كارمن شبيب، منسقة لجنة الفنون التشكيلية، أن اللجنة تضم نخبة من الخبراء المختصين في مختلف جوانب الفن التشكيلي، وهي تعمل اليوم ضمن ميدان الفنون، الذي يشمل المسرح والموسيقى أيضًا، لإنتاج منهج متكامل يُمكّن التلميذ من التعبير عن ذاته بحرية. وقالت: "نحن اليوم مجتمعون في لجنة الفنون التشكيلية، وهي حقل من ضمن ميدان شامل هو ميدان الفنون، لنُعدّ منهجًا يُعبّر فيه التلميذ عن نفسه بإبداع وصدق."
من جهتها، اعتبرت الدكتورة هناء عبدالخالق، عضو اللجنة، أن هذا التحديث يشكّل تغييرًا نوعيًا في بنية المنهج التربوي، إذ ينقل المتعلم من مستهلك سلبي للمحتوى إلى منتج فني واعٍ ومسؤول، قادر على التعبير عن هويته وقضاياه من خلال الفن. وأكدت أن المنهج الجديد يسعى إلى التشبيك بين الفنون وسائر المواد كالعربية والعلوم والتكنولوجيا، ما يمنح المتعلم رؤية متكاملة ووجدانية. وأضافت: "الفن ليس مجرد مادة دراسية، بل وسيلة للتعبير الشفهي، والكتابي، والبصري، ولابتكار حلول بصرية نابعة من تفاعل المتعلم مع مجتمعه."
أما الدكتور أكرم قانصو، عضو اللجنة، فلفت إلى أن المنهج السابق وُضع في أواخر التسعينيات، وقد آن الأوان لتطويره ضمن مصفوفة المدى والتتابع التي تعتمد على الكفايات والنواتج. وأوضح أن اللجنة تعمل على إدخال مفاهيم جديدة لم تكن واردة في السابق، كمفهوم الحقول المعرفية، والميدان المعرفي، إلى جانب التركيز على الحاجات المجتمعية والتكنولوجيا الحديثة. وقال: "نحن اليوم نعيد النظر في أهداف المنهج كي تعكس التغيرات الحاصلة في المجتمع والعالم، مع الحفاظ في الوقت ذاته على تنمية القدرات الإبداعية والعاطفية لدى المتعلم."
واختتمت رشا الشعّار، عضو اللجنة، بالتأكيد على أهمية التوازن بين الحفاظ على التراث والانفتاح على المستقبل. وقالت: "نعمل بخطّة ثابتة للحفاظ على تراثنا اللبناني وقيمنا الأصيلة، مع مراعاة المعايير العالمية والتكنولوجيا الحديثة. هدفنا إثراء المنهج بمهارات فنية وتقنية وجمالية، وعلمية، ونقدية، لأننا نؤمن بأن الفن هو لغة المستقبل، وهو الفضاء الذي ينطلق منه أبناؤنا للتعبير، والإبداع، وصناعة غدٍ مشرق."
وبين تطوير المضامين، وتعزيز الشراكة مع المجتمع، والتقاطع مع المعارف الأخرى، تواصل لجنة الفنون التشكيلية عملها لتقديم منهج فني يعكس تطلعات الجيل الجديد، ويحفظ في الوقت ذاته هوية لبنان الثقافية.