جودت حيدر: رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

د. حسن الشلبي رئيس الجامعة الإسلامية الرئيس الفخري لرابطة جامعات لبنان                  جودت حيدر:

                                 رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

 

هناك حيث تقف على تلّة الشيخ، لتزفر زفراتٍ حملتها رئتاك، وملءُ حاضِنَيكَ الزمان والمكان، يتلاقيان وأنت ثالث نجواهما، يتخافران وأنت رقيب سرَّهما، يتواعدان وأنت الوعدُ والميعاد.
تسعى إليك سنابل القمح لأنها في يدك قوت الغرثى وتزحف إليك السهول علّها تسعد بتحية ودادٍ تُصلحُ البَوار.
يا أنتَ! أتحمل في حناياك مجدَ السالفين من دهرِ أسدٍ و مضرٍ، أم أنك تُرسلُ رسائلُ عِزٍّ إلى كلّ الشامخين في عصمةِ الزمان؟
خذنا إلى حيث كان الأمل يحتفلُ بكَ، فكنتَ غايَتَه وكان ميدانَك، مرةً يراك في المدى البعيد، وتارةً تراهُ في المدى القريبِ، تخفق
بكما الدنيا ويلهَجُ بكما الناس.
إن كل من يقف عند بوابة البقاع، في ظهر البيدر، أو يُطِلُّ عليه، ثمّ يرمي ببصره إلى ذلك البساط الذي تتجلّى فيه صنعة الخالق،
ينظُرُ إلى أُناسِهِ وهُم بين شقائقِ النعمان وزهر الجُلّنار، تُظَلّلهم أجنحةُ سحاباتِ الصيفِ وكادحُ البقاع تصدحُ مئذنةُ حَنجَرَتِه "لله
أكبر".


إنك يوم ركبتَ القطارَ وأنت لم تبلغ سنيّ عمرِك عددَ أصابعِ يدَيكِ؛ لم تكن لتركبَه لو لم تكن في مكامنِ نفسِكَ خَلَجاتٌ وثّاَبةٌ. ذهبتَ إلى منفى والدَيكَ لتنطلقَ نسرًا حرًا، يبسط جناحيه في علياء الفضاء، ويصرخ بالحرية في أعالي الشامخات.

إنك يومَ بعتَ معطَفَكَ، لم تَبِعهُ من أجل رغيفِ خبزٍ، أو لتسدّدَِ أجرةَ ذلك النزل المسمّى "فندقًا"، بل لأنّك لم تعد قادرًا، وأنت على نعومة أظافرك، أن تطيق ثوبًا من نسجٍ عثمانيّ.

وقد عُدتَ إلى بعلبك شامخًا فوقَ تيجانِ أعمدتها، ترقب حركة الناس من حولكَ، وهم يطوفون حولك، أو يرمقونك من بعد.
لقد رأوا فيك قَبَسًا من أملٍ ترجوه الأمّةُ.

وها قد طوَّفتَ البلادَ، وجُبت أرجاءها من بعلبك إلى أثينا، ومن نَينوى إلى نيويورك، ومن بابل إلى باريس، وخَبِرتَ أصنافَ البشَر، ودرَستَ أيامَ الناس، وتأمّلتَ أخبارَهم، ووعيتَ ومن ثَمّ وعيتَ أنّ الأمّة التي أنجبتكَ هي أمةٌ ليست عقيمةً. فقد أخرَجتَها بلِسانِكَ إلى لسانِ الإنكليز، لتعلّمهم أدب الحياة وتهزّ أسماعَهم "أننا لا نزال الفاتحين".
لقد كنتَ ناشراً وعيَ أمّتك بلسانِكَ، وكنتَ بعملِكَ موحّدًا بين أقطارِ هذه الأمّة. وما أنت إلا سليلُ أسرةٍ شَغَلَها التوحيد في العبادةِ والعمل. فكانت حيدريّةَ السعي، عروبيّةَ المضمار.


طوباكَ وقد تحَقّقَت لك أمنيتك في الحريّة.
طوباكَ وقد وَقفتَ على مطالع محمّد مهدي الجواهري تتلقّفُ أدَبَه.
طوباكَ وأنت تتمثّلُ العُظماءَ في فكركَ.
طوباكَ وأنت تُخَلٍّ د الأمجادَ بمعاني أدَبكَ.
فواحتكَ الغرّاءُ، دوحةُ كلِّ الماجدينَ،
الماهدينَ، الأطيبينَ، الخالدينَ
.

جودت حيدر: رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

د. حسن الشلبي رئيس الجامعة الإسلامية الرئيس الفخري لرابطة جامعات لبنان                  جودت حيدر:

                                 رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

 

هناك حيث تقف على تلّة الشيخ، لتزفر زفراتٍ حملتها رئتاك، وملءُ حاضِنَيكَ الزمان والمكان، يتلاقيان وأنت ثالث نجواهما، يتخافران وأنت رقيب سرَّهما، يتواعدان وأنت الوعدُ والميعاد.
تسعى إليك سنابل القمح لأنها في يدك قوت الغرثى وتزحف إليك السهول علّها تسعد بتحية ودادٍ تُصلحُ البَوار.
يا أنتَ! أتحمل في حناياك مجدَ السالفين من دهرِ أسدٍ و مضرٍ، أم أنك تُرسلُ رسائلُ عِزٍّ إلى كلّ الشامخين في عصمةِ الزمان؟
خذنا إلى حيث كان الأمل يحتفلُ بكَ، فكنتَ غايَتَه وكان ميدانَك، مرةً يراك في المدى البعيد، وتارةً تراهُ في المدى القريبِ، تخفق
بكما الدنيا ويلهَجُ بكما الناس.
إن كل من يقف عند بوابة البقاع، في ظهر البيدر، أو يُطِلُّ عليه، ثمّ يرمي ببصره إلى ذلك البساط الذي تتجلّى فيه صنعة الخالق،
ينظُرُ إلى أُناسِهِ وهُم بين شقائقِ النعمان وزهر الجُلّنار، تُظَلّلهم أجنحةُ سحاباتِ الصيفِ وكادحُ البقاع تصدحُ مئذنةُ حَنجَرَتِه "لله
أكبر".


إنك يوم ركبتَ القطارَ وأنت لم تبلغ سنيّ عمرِك عددَ أصابعِ يدَيكِ؛ لم تكن لتركبَه لو لم تكن في مكامنِ نفسِكَ خَلَجاتٌ وثّاَبةٌ. ذهبتَ إلى منفى والدَيكَ لتنطلقَ نسرًا حرًا، يبسط جناحيه في علياء الفضاء، ويصرخ بالحرية في أعالي الشامخات.

إنك يومَ بعتَ معطَفَكَ، لم تَبِعهُ من أجل رغيفِ خبزٍ، أو لتسدّدَِ أجرةَ ذلك النزل المسمّى "فندقًا"، بل لأنّك لم تعد قادرًا، وأنت على نعومة أظافرك، أن تطيق ثوبًا من نسجٍ عثمانيّ.

وقد عُدتَ إلى بعلبك شامخًا فوقَ تيجانِ أعمدتها، ترقب حركة الناس من حولكَ، وهم يطوفون حولك، أو يرمقونك من بعد.
لقد رأوا فيك قَبَسًا من أملٍ ترجوه الأمّةُ.

وها قد طوَّفتَ البلادَ، وجُبت أرجاءها من بعلبك إلى أثينا، ومن نَينوى إلى نيويورك، ومن بابل إلى باريس، وخَبِرتَ أصنافَ البشَر، ودرَستَ أيامَ الناس، وتأمّلتَ أخبارَهم، ووعيتَ ومن ثَمّ وعيتَ أنّ الأمّة التي أنجبتكَ هي أمةٌ ليست عقيمةً. فقد أخرَجتَها بلِسانِكَ إلى لسانِ الإنكليز، لتعلّمهم أدب الحياة وتهزّ أسماعَهم "أننا لا نزال الفاتحين".
لقد كنتَ ناشراً وعيَ أمّتك بلسانِكَ، وكنتَ بعملِكَ موحّدًا بين أقطارِ هذه الأمّة. وما أنت إلا سليلُ أسرةٍ شَغَلَها التوحيد في العبادةِ والعمل. فكانت حيدريّةَ السعي، عروبيّةَ المضمار.


طوباكَ وقد تحَقّقَت لك أمنيتك في الحريّة.
طوباكَ وقد وَقفتَ على مطالع محمّد مهدي الجواهري تتلقّفُ أدَبَه.
طوباكَ وأنت تتمثّلُ العُظماءَ في فكركَ.
طوباكَ وأنت تُخَلٍّ د الأمجادَ بمعاني أدَبكَ.
فواحتكَ الغرّاءُ، دوحةُ كلِّ الماجدينَ،
الماهدينَ، الأطيبينَ، الخالدينَ
.

جودت حيدر: رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

د. حسن الشلبي رئيس الجامعة الإسلامية الرئيس الفخري لرابطة جامعات لبنان                  جودت حيدر:

                                 رأوا فيه قبَسًا من أمل ترجوه الأمة

 

هناك حيث تقف على تلّة الشيخ، لتزفر زفراتٍ حملتها رئتاك، وملءُ حاضِنَيكَ الزمان والمكان، يتلاقيان وأنت ثالث نجواهما، يتخافران وأنت رقيب سرَّهما، يتواعدان وأنت الوعدُ والميعاد.
تسعى إليك سنابل القمح لأنها في يدك قوت الغرثى وتزحف إليك السهول علّها تسعد بتحية ودادٍ تُصلحُ البَوار.
يا أنتَ! أتحمل في حناياك مجدَ السالفين من دهرِ أسدٍ و مضرٍ، أم أنك تُرسلُ رسائلُ عِزٍّ إلى كلّ الشامخين في عصمةِ الزمان؟
خذنا إلى حيث كان الأمل يحتفلُ بكَ، فكنتَ غايَتَه وكان ميدانَك، مرةً يراك في المدى البعيد، وتارةً تراهُ في المدى القريبِ، تخفق
بكما الدنيا ويلهَجُ بكما الناس.
إن كل من يقف عند بوابة البقاع، في ظهر البيدر، أو يُطِلُّ عليه، ثمّ يرمي ببصره إلى ذلك البساط الذي تتجلّى فيه صنعة الخالق،
ينظُرُ إلى أُناسِهِ وهُم بين شقائقِ النعمان وزهر الجُلّنار، تُظَلّلهم أجنحةُ سحاباتِ الصيفِ وكادحُ البقاع تصدحُ مئذنةُ حَنجَرَتِه "لله
أكبر".


إنك يوم ركبتَ القطارَ وأنت لم تبلغ سنيّ عمرِك عددَ أصابعِ يدَيكِ؛ لم تكن لتركبَه لو لم تكن في مكامنِ نفسِكَ خَلَجاتٌ وثّاَبةٌ. ذهبتَ إلى منفى والدَيكَ لتنطلقَ نسرًا حرًا، يبسط جناحيه في علياء الفضاء، ويصرخ بالحرية في أعالي الشامخات.

إنك يومَ بعتَ معطَفَكَ، لم تَبِعهُ من أجل رغيفِ خبزٍ، أو لتسدّدَِ أجرةَ ذلك النزل المسمّى "فندقًا"، بل لأنّك لم تعد قادرًا، وأنت على نعومة أظافرك، أن تطيق ثوبًا من نسجٍ عثمانيّ.

وقد عُدتَ إلى بعلبك شامخًا فوقَ تيجانِ أعمدتها، ترقب حركة الناس من حولكَ، وهم يطوفون حولك، أو يرمقونك من بعد.
لقد رأوا فيك قَبَسًا من أملٍ ترجوه الأمّةُ.

وها قد طوَّفتَ البلادَ، وجُبت أرجاءها من بعلبك إلى أثينا، ومن نَينوى إلى نيويورك، ومن بابل إلى باريس، وخَبِرتَ أصنافَ البشَر، ودرَستَ أيامَ الناس، وتأمّلتَ أخبارَهم، ووعيتَ ومن ثَمّ وعيتَ أنّ الأمّة التي أنجبتكَ هي أمةٌ ليست عقيمةً. فقد أخرَجتَها بلِسانِكَ إلى لسانِ الإنكليز، لتعلّمهم أدب الحياة وتهزّ أسماعَهم "أننا لا نزال الفاتحين".
لقد كنتَ ناشراً وعيَ أمّتك بلسانِكَ، وكنتَ بعملِكَ موحّدًا بين أقطارِ هذه الأمّة. وما أنت إلا سليلُ أسرةٍ شَغَلَها التوحيد في العبادةِ والعمل. فكانت حيدريّةَ السعي، عروبيّةَ المضمار.


طوباكَ وقد تحَقّقَت لك أمنيتك في الحريّة.
طوباكَ وقد وَقفتَ على مطالع محمّد مهدي الجواهري تتلقّفُ أدَبَه.
طوباكَ وأنت تتمثّلُ العُظماءَ في فكركَ.
طوباكَ وأنت تُخَلٍّ د الأمجادَ بمعاني أدَبكَ.
فواحتكَ الغرّاءُ، دوحةُ كلِّ الماجدينَ،
الماهدينَ، الأطيبينَ، الخالدينَ
.